وفي ذلك العام ولد النبي -عليه الصلاة والسلام.
هذه القصة أو هذه الحادثة فيها دوس، دروس وعبر كثيرة جدًا،
ما هي الدروس التي نستفيدها من حادثة الفيل؟
1---أولًا: بيان شرف الكعبة {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 96].
وكيف أن مشركي العرب كانت تعظم الكعبة وتقدسها، ولا يقدمون عليها شيء، وتعود هذه المنزلة للكعبة عند العرب إلى بقايا من ديانة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
2---كذلك من الدروس: التضحية في سبيل المقدسات، والحفاظ عليها، فقد خرج كما أشرت بعض ملوك العرب إلى أبرهة ليصدوه، ولكن -كما قلت- غلب من غلب منهم، وأسر من أسر.
فالدفاع عن المقدسات غريزة في النفس، والتضحية عنها فطرة في الإنسان.
3----كذلك في قول عبد المطلب: "سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى الله بينه وبينه فوالله ما لنا بهم قوة"،
هذا تقرير دقيق لحقيقة المعركة بين الله وأعدائه،
فمهما كانت قوة العدو وحشوده فإنها لا تستطيع الوقوف لحظة واحدة أمام قدرة الله -سبحانه وتعالى- وبطشه ونقمته، هو سبحانه واهب الحياة وسالبها في أي وقت يشاء، هو المحيي وهو المميت.
4---كذلك رأينا تعظيم العرب لبيت الله الحرام الذي تكفل بحفظه وحمايته من عبث المفسدين وكيد الكائدين.
قال العلماء:كانت حادثة الفيل من شواهد النبوة،
دلالة من دلالتها، فإنه الله -سبحانه وتعالى- حفظ البيت الحرام من أبرهة أن يهدمه لما اقتربت بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-
الذي سينير التوحيد في مكة، وسيرد العرب إلى ما كانوا عليه من دين أبيهم إبراهيم -عليه السلام.
{قد عرفنا أن الله تعالى حفظ البيت الحرام من أبرهة الحبشي، وهناك حديث يقول أن الذي سيخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، فلماذا لن يحفظ الله البيت من هذا الرجل كما حفظه من أبرهة؟}.
الحديث " يُخَرِّبُ الكعبةَ ذو السُّوَيقَتَينِ من الحبشةِ ".
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1596- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
السويقتان: تثنية ساق، ساق وساق سويقتين.
يقول -عليه الصلاة والسلام: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة»
، يعني رجل نحيف جدًا، وساقتيه رفيعة جدًا، حبشي أيضًا، وأبرهة كان حبشي، هذا الرجل يتمكن من هدم الكعبة آخر الزمان وينقضها حجرًا حجرًا
.
سؤال------. أبرهة الحبشي لما قصد هدم الكعبة، الله أهلكه وجنده، وحفظ الكعبة، طيب كيف يُمَكِّن الله -عز وجل- هذا الحبشي الآخر في آخر الزمان من هدم الكعبة؟ لماذا لا يحفظها كما حفظها من أبرهة؟
الجواب: أن الله -سبحانه وتعالى- حفظ الكعبة من أبرهة وجيشه في هذا الزمان لما كان يُنتظر من بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-
الذي قال الله فيه هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]،
فحفظ الله البيت في ذلك الزمان من أبرهة لما أراد بالناس من الخير والرحمة، كما قال في حق النبي -عليه الصلاة والسلام-
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
أما ذلك الحبشي الآخر ذو السويقتين الذي في آخر الزمان سيهدم الكعبة،
فهدم الكعبة علامة من علامات الساعة الكبرى، وللساعة علامات كبرى يقول العلماء: كالعقد المنظوم.
ساعة أن تظهر العلامة الأولى تجد العلامة الثانية والخامسة والسابعة والعاشرة ظهرت، ثم ينفخ في الصور وتنتهي الدنيا.
ففي آخر الزمان لما يقل أهل الخير ويقل أهل التوحيد ويبقى في الأرض شرارها
كما قال -عليه الصلاة والسلام: «لا تقومُ السَّاعةُ على أحدٍ يقول: اللَّهُ، اللَّهُ
»
الراوي: أنس بن مالك المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 148-خلاصة حكم المحدث: صحيح ،
فلما لم يبقَ في الأرض من أهل التوحيد أحد، ولم يبقَ فيها إلا شرارها فلم يعد لبقاء الكعبة فائدة، فيسلط الله هذا الحبشي فيهدمها ليزداد إثمًا بتلك الجريمة التي يرتكبها، ويُعذَّب بذلك في النار، والله تعالى أعلم.
ونكمل بمشاركة جديدة بفضل الله