ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-02-2011, 05:29 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي من جوامع الكلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جوامع الكلم

*******
خص الله نبيه صلى الله عليه وسلم
بجملة من الخصائص ,من أهمها , أنه أوتي
جوامع
الكلم
وخواتمه وفواتحه , واختصر له الكلام اختصاراً ,
فجمع الله له المعاني الكثيرة في ألفاظ يسيرة , وجعل ذلك من أدلة نبوته
, وأعلام رسالته , ليسهل على السامعين حفظه , ولا يشق عليهم حمله وتبليغه
, وكل هذا من الحفظ الذي تكفّل الله به لهذا الدين .

قال الأمام مسلم فى صحيحه:


حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ قَالَا
:

أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال :حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
:

( قَالَ :رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ


وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ
وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ
خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ ) (1)

******
قال الزهري

" وبلغني أن جوامع الكلم
أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب
قبله في الأمر الواحد
والأمرين أو نحو ذلك " .
وجوامع الكلم التي بعث بها نبينا عليه الصلاة والسلام ,
تشمل ما جاء في القرآن من الآيات الجامعة , كقوله عز وجل :
{إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى
وينهى عن الفحشاء وا
لمنكر والبغي }(2)
فإن هذه الآية لم تترك خيراً إلا أمرت به ولا شراً إلا نهت
عنه , وهي مما بعث به صلى الله عليه وسلم .
وتشمل أيضا ما جاء في كلامه صلى الله عليه وسلم مما هو مروي
في كتب السنة
, والمقصود هنا الكلام على النوع الثاني ,
وهو جوامع الكلم النبوي .

وقد وردت عن الأئمة المتقدمين
عدة أقوال
في تحديد أصول الأحاديث النب
وية أو الأحاديث الجامعة
التي يدور عليها الدين , فمن ذلك ما جاء عن

الإمام أحمد -رحمه الله -
أنه قال :
" أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث :
حديث عمر : (
إنما الأعمال بالنيات ),
وحديث عائشة : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ),
وحديث النعمان بن بشير : ( الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّن )
*****
وقال الإمام أبو داود :

"نظرت في الحديث المسند فإذا هو أربعة آلاف حديث ,
ثم نظرت فإذا مدار أربعة آلا
ف الحديث على أربعة أحاديث ,
حديثِ النعمان بن بشير : ( الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّن ), وحديث عمر : ( إنما الأعمال بالنيات ),
وحديث أبي هريرة : ( إن الله
طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ......... الحديث )
, وحديث : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ,
قال : فكل حديث
من هذه الأربعة ربع العلم ".
وأنشد بعضهم :
عمدة الدين عندنا كلمات أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد
ودع ما ليس يعنيك واعمل بنية
ويعني بقوله " ازهد " حديث : (ازهد في الدنيا يحبك الله ....الحديث ) .
وقد اجتهد أهل العلم في جمع تلك الأحاديث الجوامع ,
وصنفوا في ذلك المصنفات , حتى جاء الإمام النووي- رحمه الله
-,
فجمع اثنين وأربعين حديثاً جامعاً عليها مدار الدين , وهي التي عرفت فيما بعد "بالأربعين النووية" ,
واشتهرت هذه الأربعين
وأقبل الناس على حفظها
ونفع الله بها ,
ببركة نية صاحبها وحسن قصده ,
وقد شرحها الحافظ ابن رجب الحنبلي شرحا نفيساً
في كتابه جامع العلوم وا
لحكم , وزاد عليها ثمانية أحاديث تمام الخمسين .
*******
فينبغي على المسلم أن يعتني بهذه الأحاديث حفظا
وفهما ودراسة , وأن يجعلها من أوائل الأحاديث التي يُربَّى عليها الأطفال والناشئ
ة , وسنعرض في المواضيع القادمة بعض هذه الأحاديث بشيء من التفصيل والشرح , والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

(1)صحيح مسلم - فضلت على الأنبياء بست

(2)( النحل 90 )


منقول

يتبع بإذن الله

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 04-25-2011 الساعة 01:50 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-04-2011, 12:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

من أحاديث
الاربعين النووية


حديث
((ذَهَبَ أَهْلُ
الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ))

********
قال مسلم فى صحيحه:
حدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ
قال:
حَدَّثَنَا
مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ
قال:
حَدَّثَنَاوَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ
يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ
عَنْ
أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ
( أَنَّ نَاسًا مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ
أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ
يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي
وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ
وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ

قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ
إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً
وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً
وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً
وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً
وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ
وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍصَدَقَةٌ
وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صدَقَةٌ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ
وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْ
رٌ
قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ
أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا
وِزْرٌ
فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ
كَانَ لَهُ أَجْرًا )
(1)
******
الشرح
يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها
ما يكفل للإنسان عيشا
رغيدا
وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن
هذه الحياة على اتساعها وج
مال
ما فيها مآلها إلى الفناء ،
كالزهرة اليانعة
في البستان ، سرعان ما تذبل
وتسقط أوراقها

وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون
مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس
على طاعة الله ، والتسابق
في ميادين الخير .

ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ،
وتطلعهم الأسمى ،
فشمّروا عن سواعد الجد
،
وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ،
بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ،
ونفوس قد تاقت
إلى نعيمها الدائم ،
فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه
إلى الله ويدنيه
من رحمته
كان أول الممتثلين له ،
عملا بقوله تعالى :
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
}(2)

********
ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام
ونحوها مقدورة من أغلب الناس ،
إلا أن الصدقة
بالمال مقصورة
على أغنياء المسلمين
القادرين على بذله والجود به ،
ومن هنا دخل الحزن قلوب
فقراء الصحابة ،
إذ فاتهم هذا المضمار
من مضامير الخير ، وكلما
سمعوا آية
أو حديثا يحث الناس على البذل
والصدقة ، ويبيّن فضلها
وما أعد الله لأهلها ،
حزّ ذلك في
نفوسهم ،
فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
شاكين له ،

ولنعش معا لحظات ماتعة
مع هذا الموقف العظيم
الذي
يرويه لنا
أبو ذر رضي الله عنه .
لقد قال الصحابه :
" يا رسول الله ،
ذهب أهل الدثور
بالأجور "
، ولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد
لإخوانهم ، أو
طمعا في الثراء ،
ولكنه خرج مخرج الغبطة
وتمني حصول
الخير ،
ليحوزوا المرتبة التي امتاز
بها الأغنياء ، ونظير هذا
حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى.
قال البخارى فى صحيحه:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ قَالَ :
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ :
سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ :
حَدَّثَنِي
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَلَى
غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ:
سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ
( قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ
رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ
عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْ
حَقِّ وَرَجُلٌ
آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي
بِهَا وَيُعَلِّمُهَا(3)
******
وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم
ما يدور في
نفوس أصحابه
من اللهفة إلى الخير ، فعالج ذلك
الموقف بكل حكمة ، وبيّن
لهم سعة
مفهوم الصدقة ، فإنها ليست مقصورة
على المال فحسب ،

بل تشمل كل أنواع الخير ،
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم

( إن بكل تسبيحة صدقة ) .
*********
إن ذكر الله تعالى من التكبير
والتسبيح والتهليل والتحميد ،
هو من الباقيات الصالحات التي
ذكرها الله تعالى في قوله :
{ والباقيات الصالحات خير
عند ربك ثوابا وخير أملا
}
(4)

، وقد وردت نصوص كثيرة تدل
على فضل الذكر
قال الترمذي فى سننه:
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قال:
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي
هِنْدٍ
زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ
عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا
عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ
وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَ
رِقِ
وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا
عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ
وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا:
بَلَى
قَالَ:
ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى

(5)
وفي حديث آخر
قال الامام مسلم فى صحيحه:
حدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ قال :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ قال:
حَدَّثَنَا
رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
(
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَسِيرُ فِي طَرِيقِ
مَكَّةَ جُمْدَانُ فَقَالَ:
سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ
سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ
قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:
الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ).(6)
فذكر الله من أعظم صدقات
العبد على نفسه .

وفي الجانب الآخر :
فإن دعوة الناس إلى
التزام الأوامر
وترك النواهي
إنما هو صدقة متعدية
إلى أفراد المجتمع ، ودليل على
خيرية هذه الأمة ، كما قال الله
عزوجل في كتابه :

{ كُنْتُمْ خَيْرَأُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ
خَيْرًا لَهُمْ
مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )
(7)
، وهذا النوع من الصدقة واجب
على كل أفراد الأمة
كلٌّ بحسبه ،
علاوة على أنه ضمان لسلامتها
وتصحيح مسارها .

ويجدر بنا أن نشير إلى
أن أبواب الخير
غير مقصورة على
ما ورد في الحديث ،
بل وردت أعمال أخرى
أخذت وصف
الصدقة :
منها التبسم في وجه الأخ ،
وعزل الشوكة أ
و الحجر
عن طريق الناس ،
وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم ،
وإرشاد الأعمى ا
لطريق ،
والسعي في حاجة الملهوف ،
ونفقة الرجل على أهله ،
بل كل ما هو داخل في لفظة
( المعروف ) يعتبر
صدقة من الصدقات
إما على النفس أو على المجتمع .

ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ،
حينما رتّب الأجر والثواب على
ما يمارسه الإنسان في يومه وليلته
مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ،
وذلك إذا أخلص في
ه النية لربه ،
واحتسب الأجر والثواب ،
فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء
إذا أتى أهله ،
ونوى بذلك
إعفاف نفسه
وأهله عن الحرام ، والوفاء بحق زوجته ،
وطلب الذرية الصالحة التي تكون
ذخرا له بعد موته ،
فإنه يؤجر على هذه النيّة .

وهكذا يتسع مفهوم الصدقة
ليشمل العادات التي يخلص أصحابها
في نياتهم ، فهي دعوة إلى احتساب الأجر
عند كل عمل ،
واستحضار الني
ة الصالحة
عند ممارسة الحياة اليوميّة ،
نسأل الله أن يعيننا على طاعته .

(1)صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - كل معروف صدقة

(2) ( آل عمران : 133 )
(3)صحيح البخاري - كِتَاب الْعِلْمِ - بَاب الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ
(4)( الكهف : 46 )
(5)الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3377
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(6)صحيح مسلم - كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ - إذا تلقاني عبدي بشبر تلقيته بذراع
(7)آل عمران : 110

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 04-25-2011 الساعة 02:06 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-13-2011, 02:41 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

حديث:بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ
*******
قال البخارى
فى صحيحه:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ:
أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ
عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاقَالَ :
قَالَ :
(رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ)(1)

الشرح
*******
الإسلام في حقيقته هو اتباع الرسل عليهم السلام
فيما بعثهم الله به من الشرائع في كل زمان ، فهم الطريق
لمعرفة مراد الله من عباده ،
فكان الإسلام لقوم موسى أن يتبعوا ما جاء به من التوراة ،
وكان الإسلام لقوم عيسى اتباع ما أنزل عليه من الإنجيل ،
وكان الإسلام لقوم إبراهيم اتباع ما جاء به من البينات والهدى ، حتى جاء
خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ،
فأكمل الله به الدين ، ولم يرتض لأحد من البشر أن يتعبده
بغير دين الإسلام الذي بَعث به رسوله ،
يقول الله عزوجل :
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَالإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
(2)

، فجميع الخلق بعد محمد صلى الله عليه وسلم ملزمون باتباع
هذا الدين ، الذي ارتضاه الله لعباده أجمعين .

ومن طبيعة هذا الدين - الذي ألزمنا الله باتباعه -
أن يكون دينا عالميا ، صالحاً لكل زمان ومكان ،
شمولياً في منهجه ، متيناً في قواعده ،
راسخاً في مبادئه ؛
ومن هنا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي
بين أيدينا بالبناء القوي ،
والصرح العظيم ،
ثم بين في الحديث الأركان التي يقوم عليها صرح الإسلام .

وأول هذه الأركان وأعظمها كلمة التوحيد بطرفيها:
" لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " ،
فهي المفتاح الذي يدخل به العبد إلى رياض الدين ،
ويكون به مستحقاً لجنات النعيم ،
أما الطرف الأول منها " لا إله إلا الله " فمعناه أن تشهد
بلسانك مقرا بجنانك بأنه لا يستحق أحد العبادة
إلا الله تبارك وتعالى ،
فلا نعبد إلا الله ، ولا نرجو غيره ، ولا نتوكل إلا عليه ،
فإذا آمن العبد بهذه الكلمة ملتزمًا بما تقتضيه
من العمل الصالح، ثبته الله وقت الموت،
وسدد لسانه حتى تكون آخر ما يودع به الدنيا،
قال البخارى
فى صحيحه:
حدثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قال: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
(
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي أَوْ قَالَ بَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ
مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ )
(3).


أما شهادة أن محمداً رسول الله ، فتعني أن تؤمن بأنه
مبعوث رحمة للعالمين ، بشيراً ونذيراً إلى الخلق كافة ،
كما يقول الله سبحانه :
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ
جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(4)
******
ومن مقتضى هذه الشهادة أن تؤمن
بأن شريعته ناسخة لما سبقها من الأديان ؛
قال مسلم فى صحيحه:
(حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ
ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ )(5)
ومن مقتضاها أن تؤمن وتعتقد أن كل من لم
يصدّق بالنبي صلى الله عليه وسلم
ولم يتّبع دينه ، فإنه خاسر في الدنيا والآخرة ،
ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ،
سواء أكان متبعا لديانة منسوخة أو محرفة أخرى ،
أم كان غير متدين بدين ،
فلا نجاة في الآخرة إلا بدين الإسلام ،
واتباع خير الأنام عليه الصلاة والسلام .
ومن الملاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل
الشهادتين ركنا واحد ؛
وفي ذلك إشارة منه إلى أن العبادة لا تتم إلا بأمرين ، هما :
الإخلاص لله :
وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله ،
والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى
الشهادة بأنه رسول الله .
******

الركن الثاني :
إقامة الصلاة المفروضة على العبد ، فالصلاة صلة بين
العبد وربه ، ومناجاة لخالقه سبحانه ،
وهي الزاد الروحي الذي يطفيء لظى النفوس المتعطشة
إلى نور الله ، فتنير القلب ، وتشرح الصدر .

وللصلاة مكانة عظيمة في ديننا ؛ إذ هي
الركن الثاني من أركان الإسلام ،
وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة ،
وقد فرضها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في
أعلى مكان وصل إليه بشر ،
وفي أشرف الليالي ، ففي ليلة الإسراء في السماء السابعة ،
جاء الأمر الإلهي بوجوبها ،
فكانت واجبة على المسلم في كل حالاته ،
في السلم والحرب ، والصحة والمرض ،
ولا تسقط عنه أبداً إلا بزوال العقل .

وكذلك فإنها العلامة الفارقة بين المسلم والكافر ،
يدل على ذلك
ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه ،
قال الاما م مسلم فى صحيحه:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ قَالَ :
يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ :
سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ (
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
إِنَّ بَيْنَالرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ )
(6) .



التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 04-13-2011 الساعة 03:24 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-13-2011, 01:55 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

وثالث هذه الأركان :
إيتاء الزكاة
******
وهي عبادة مالية فرضها الله
سبحانه وتعالى
على عباده ، طهرة لنفوسهم من البخل ،
ولصحائفهم من الخطايا ، كيف لا ؟
وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ
بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ
سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
)
(7)
كما أن فيها إحسانا إلى الخلق ،
وتأليفا بين قلوبهم ، وسدا لحاجتهم ،
وإعفافا للناس عن ذل السؤال .
وفي المقابل :
إذا منع الناس زكاة أموالهم كان ذلك سببا
لمحق البركة من الأرض ،
مصداقاً لحديث بريدة رضي الله عنه :
(
ما منع قوم الزكاة ؛ إلا ابتلاهم الله بالسنين)(8)
وقد توعد الله سبحانه وتعالى
مانعي الزكاة بالعذاب الشديد في الآخرة ،
فقال تعالى :
{
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَاآتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ
مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
}(9)

، وقد جاء في صحيح مسلم في شرح قوله تعالى :
{
ي
ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ
وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ
أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وَالَّذِينَ يَكْنِـزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا
يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }(10)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا
مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ
لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ
يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ
مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى
بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا
بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ
فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ
وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
فَالْإِبِلُ قَالَ وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي
مِنْهَا حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا إِذَا
كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفَرَ
مَا كَانَتْ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا
وَاحِدًا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا
كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ
مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى
سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قِيلَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ قَالَ:
وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا
إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ
قَرْقَرٍ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ
وَلَا جَلْحَاءُ وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ
بِأَظْلَافِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا
رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
خَمْسِينَ أَلْفَ
)(11)
، فكان عقابه من الله بماله الذي
بخل به على العباد .
******
الركن الرابع :
صيام رمضان
وهو موسم عظيم ،
يصقل فيه
المسلم إيمانه ، ويجدد فيه عهده مع الله ،
وهو زاد إيماني قوي
يشحذ همته ليواصل السير في درب
الطاعة بعد رمضان ،
ولصيام رمضان فضائل عدّة ،
فقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن صامه إيمانا
واحتسابا
بغفران ما مضى من ذنوبه ،
، وحسبُك من فضله أن أجر صائمه
غير محسوب بعدد .
*******
الركن الخامس:
الحج
إلى بيت الله الحرام ،
وقد فرض في السنة التاسعة للهجرة ،
يقول الله تعالى :
{
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
عَنِ الْعَالَمِينَ
}(12)

، وقد فرضه الله تعالى تزكية للنفوس ،
وتربية لها على معاني العبودية والطاعة،
فضلاً على أنه
فرصة عظيمة لتكفير الذنوب ، فقد جاء في الحديث :
قال البخارى فى صحيحه:
(
حَدَّثَنَا آدَمُ قال : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ :سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ
رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ
)(13)
*******
وعلى هذه الأركان الخمسة ،
قام صرح الإسلام العظيم ، نسأل الله سبحانه
أن يوفقنا لكل ما فيه رضاه ،
وأن يصلح أحوالنا ،
إنه ولي ذلك والقادر عليه


(1)صحيح البخاري
- كِتَاب الْإِيمَانِ
بَاب قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ

(2)(آل عمران : 85 )
(3)صحيح البخاري
- كِتَاب الْجَنَائِزِ
- بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَنَائِزِ وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ


(4)الأعراف:158


(5)صحيح مسلم
- كِتَاب الْإِيمَانِ -
ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله
آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا

(6)صحيح مسلم
- كِتَاب الْإِيمَانِ
- إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي

(7)( التوبة : 103 )


(8)الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي
المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الترغيب
- الصفحة أو الرقم: 763
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
(9)( آل عمران : 180 )


(10)( التوبة : 34 )
(11)صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ
(12)آل عمران : 97

(13)صحيح البخاري
- كِتَاب الْحَجِّ
لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور

يتبع بإذن الله
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-24-2011, 02:38 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ والْإِيمَانِ بِالقَدَرِ

الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ والْإِيمَانِ بِالقَدَرِ
قال مسلم فى صحيحه:

حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قال : حَدَّثَنَ
ا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ح قال: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ
قال حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنْ
ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ:
كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ
مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ
فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ
فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ
فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي
سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ
فَقُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ
وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ

قَالَ :فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ

( ثُمَّ قَالَ :
حَدَّثَنِي أَبِي
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ
إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ
حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ
وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ:رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْإِسْلَامُ
أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ
وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ
وَتَصُومَ رَمَضَانَ
وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا

قَالَ :صَدَقْتَ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ:فَأَخْبِرْنِي عَنْ
الْإِيمَانِ
قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ
قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ
الْإِحْسَانِ
قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ
قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ
السَّاعَةِ
قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ
أَمَارَتِهَا
قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ

قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)

صحيح مسلم
- كِتَاب الْإِيمَانِ
- بَاب بَيَانِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ والْإِيمَانِ بِالقَدَرِ
رقم الحديث:9
الصفحة:36

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 07-17-2011 الساعة 12:03 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-24-2011, 02:42 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

شرح الحديث

إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ : الرجل هنا مبهم، وهو رجل في شكله لكن حقيقته أنه مَلَك.

شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَاب شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ :أي حسن الهيئة

لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ : أَثَرُ السَّفَرِ لأن ثيابه بيضاء وشعره أسود ليس فيه غبار ولاشعث السفر.

فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ : أي وضع جبريل عليه السلام ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم. ،

وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ: عَلَىَ فَخِذَيْهِ أي فخذي هذا الرجل ( جبريل)، وليس على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من شدة الاحترام

وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ : أي تقرّ وتعترف بلسانك وقلبك أنّه لا إله إلاّ الله ، فلا يكفي اللسان، بل لابد من اللسان والقلب، قال الله عزّ وجل: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(الزخرف: الآية86)

وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ ، : لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: إني رسول الله مع أن السياق يقتضيه لأنه يخاطبه، لكن إظهاره باسمه العلم أوكد وأشد تعظيماً.

َتُقِيْمَ الصَّلاةَ : أي تأتي بها قائمة تامة معتدلة ،

وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ : تؤتي بمعنى تعطي، والزكاة هي المال الواجب بذله لمستحقه من الأموال الزكوية تعبداً لله، وهي الذهب والفضة والماشية والخارج من الأرض وعروض التجارة.


وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ : أي تمسك عن المفطرات تعبداً لله تعالى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وأصل الصيام في اللغة: الإمساك.
ورمضان هو الشهر المعروف مابين شعبان وشوال.

وَتَحُجَّ البَيْتَ : أي تقصد البيت لأداء النسك في وقت مخصوص تعبداً لله تعالى إن استطاع المرء إليه سبيلا .

قَالَ: صَدَقْتَ :أي أخبرت بالحق، والقائل هو جبريل عليه السلام،

قَالَ عُمَرُ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلهُ وَيُصَدِّقُه:ووجه العجب أن السائل عادة يكون جاهلاً، والمصدّق يكون عالماً فكيف يجتمع هذا وهذا، ومثاله: لوقال قائل: فلانٌ قدم من المدينة، فقال بعضهم:صدقت، فمقتضى ذلك أنه عالم، فكيف يسأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول صدقت؟ هذا محل عجب،

قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ الإِيمَانِ: أي فأخبرني يامحمد عن الإيمان؟
والإيمان في اللغة: هو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول والإذعان وهو مطابق للشرع.

قَالَ:أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ:الإيمان بالله يتضمن أربعة أشياء:

الأول : الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى.
الثاني : الإيمان بانفراده بالرّبوبية، أي تؤمن بأنه وحده الرّب وأنه منفرد بالربوبية، والرب هو الخالق المالك المدبر.
الثالث : إيمان بانفراده بالألوهية، وأنه وحده الذي لا إله إلا هو لاشريك له، فمن ادعى أن مع الله إلهاً يُعبد فإنه لم يؤمن بالله، فلابد أن تؤمن بانفراده بالألوهية، وإلا فما آمنت به.
الرابع : أن تؤمن بأسماء الله وصفاته بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولاتعطيل ولاتكييف، ولا تمثيل، فمن حرّف آيات الصفات أو أحاديث الصفات فإنه لم يحقق الإيمان بالله .

وَمَلائِكَتِهِ:بدأ بالملائكة قبل الرسل والكتب لأنهم عالم غيبي،
أما الرسل والكتب فعالم محسوس، فالملائكة لا يظهرون بالحس إلا بإذن الله عزّ وجل ، وقد خلق الله الملائكة من نورٍ،
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايحتاجون إلى أكل وشرب، ولهذا قيل إنهم صمدٌ أي ليس لهم أجواف،
فلا يحتاجون إلى أكل ولا شرب، فنؤمن أن هناك عالماً غيبياً هم الملائكة.
وهم أصناف، ووظائفهم أيضاً أصناف حسب حكمة الله عزّ وجل كالبشر أصناف ووظائفهم أصناف.

وَكُتُبِهِ :جمع كتاب بمعنى: مكتوب والمراد بها الكتب التي أنزلها الله عزّ وجل على رسله لأنه ما من رسول إلا أنزل الله عليه كتاباً كما قال الله عزّ وجل : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النبيينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) (البقرة:213)

وَرسُلِهِ:أي أن تؤمن برسل الله عزّ وجل ، والمراد بالرسل من البشر
وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ولما التقى بهم في الإسراء أَمَّهم في الصلاة، فإبراهيم إمام الحنفاء صلى وراء محمد صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أنه لايقدم في الإمامة إلا الأفضل،فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل أولي العزم.

واليوم الآخِرِ: هو يوم القيامة، وسمي آخراً لأنه آخر مراحل بني آدم وغيرهم أيضاً، فالإنسان له أربع دور، في بطن أمه، وفي الدنيا، وفي البرزخ، ويوم القيامة وهو آخرها.

وَتُؤْمِنُ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرّهِ: وهنا أعاد صلى الله عليه وسلم الفعل: (تؤمن) لأهمية الإيمان بالقدر، لأن الإيمان بالقدر مهم جداً وخطير جداً

ثم قال: أخْبِرْني عَنِ الإِحْسَانِ : الإحسان هو بذل الخير والإحسان في حق الخالق: بأن تبني عبادتك على الإخلاص لله تعالى والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلما كنت أخلص وأتبع كنت أحسن. وأما الإحسان للخلق: فهو بذل الخير لهم من مال أوجاه أو غير ذلك

أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، : وعبادة الله لا تتحقق إلابأمرين وهما: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي عبادة الإنسان ربه سبحانه كأنه يراه. عبادة طلب وشوق وعبادة الطلب والشوق يجد الإنسان من نفسه حاثاً عليها، لأنه يطلب هذا الذي يحبه، فهو يعبده كأنه يراه، فيقصده وينيب إليه ويتقرّب إليه سبحانه وتعالى.

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ : أي: اعبده على وجه الخوف ولاتخالفه، لأنك إن خالفته فإنه يراك فتعبده عبادة خائف منه، هارب من عذابه وعقابه، وهذه الدرجة عند أهل العبادة أدنى من الدرجة الأولى.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، : أماراتها أي علاماتها وأشراطها ،،

وأشراط الساعة قسّمها العلماء إلى ثلاثة أقسام:
1 . أشراط مضت وانتهت
2. أشراط لم تزل تتجدد وهي الوسطى
3 . أشراط كبرى تكون عند قرب قيام الساعة


و علامات الساعة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث :

أَنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبّتَهَا: الأمة هي الرقيقة التي تسبى في الحروب بين المسلمين والكفار عندما تؤخذ كغنيمة، ولكن كيف تلد الأمة سيدتها ؟
الأمة يجوز لسيدها أن ينكحها، فإذا حملت هذه الأمة وولدت بنتاً، تكون هذه البنت بنت من السيد، فتكون سيدة، وتكون سيدة لأمها، فأمها لا زالت أمة لم تتحرر، لكن البنت حرة لأنها بنت السيد، وهذا لا يحبذه الإسلام، ومن المستحب أن تعتق هذه السيدة حتى لا تكون هناك فوارق طبقية.

وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ : يعني ليس لهم نعال،

العُرَاةَ: أي ليس لهم ثياب تكسوهم وتكفيهم،

العَالَةَ : أي ليس عندهم ما يأكلون من النفقة أو السكنى أو ما أشبه ذلك، عالة أي فقراء
رِعَاءَ الشَّاءِ : الذين همهم رعي الغنم

يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ : أي يكونون أغنياء حتى يتطاولون في البنيان أيهم أطول.
وهل المراد بالتطاول ارتفاعاً، أو جمالاً، أو كلاهما؟

الجواب: كلاهما، أي يتطاولون في البنيان أيهم أعلى، ويتطاولون في البنيان أيهم أحسن،
وهم في الأول فقراء لا يجدون شيئاً، لكن تغير الحال بسرعة مما يدل على قرب الساعة.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-24-2011, 02:44 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

من فوائـــــد هذا الحديــــث الهامّة :

1. أن الملائكة عليهم السلام يمكن أن يتشكلوا بأشكال غير أشكال الملائكة، لأن جبريل أتى بصورة هذا الرجل كما جاء في الحديث.
فإن قال قائل:وهل هذا إليهم، أو إلى الله عزّ وجل ؟
فالجواب: هذا إلى الله عزّ وجل ، بمعنى: أنه لايستطيع الملك أن يتزيَّى بزيّ الغير إلا بإذن الله عزّ وجل .

2 . فضيلة الإسلام،وأنه ينبغي أن يكون أول ما يسأل عنه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
أرسل الرسل للدعوة إلى الله أمرهم أن يبدؤوا قبل كل شيء بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

3 . الانتقال من الأدنى إلى الأعلى، فالإسلام بالنسبة للإيمان أدنى، لأن كل إنسان يمكن أن يسلم ظاهراً،
كما قال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) (الحجرات: الآية14)
لكن الإيمان - اللهم حقق إيماننا- ليس بالأمر الهين فمحله القلب والاتصاف به صعب.

4 . بين النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق أسئلة جبريل أصول هذا الدين، فالدين مراتب:
المرتبة الأولى الإسلام
المرتبة الثانية الإيمان
والمرتبة الثالثة الإحسان

ومن الممكن أن نجعلها ثلاث دوائر:·

الدائرة الكبرى الإسلام، هذه الدائرة الكبرى تمثل الأعمال الظاهرة
فالإسلام أن تستسلم وتنقاد لله عزّ وجلّ، فتخلص هذه العبادات لله سبحانه وتعالى، وهذه الأركان هي الأسس، وإلا فالأعمال كثيرة،
كبر الوالدين، وصلة الأرحام، والتعامل بالأخلاق الفاضلة، والصدقات، والإنفاق بأنواعه، والعمرة، وعمل الخير بأنماطه المتعددة،
فالإسلام إذًا شعب، ولذلك اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأسس، وسيأتينا تفصيلها في حديث الثالث لابن عمر.

·الدائرة الأخص أو الأكثر خصوصية الإيمان، الإيمان يمثل الأعمال الباطنة، ولكن يظهر أثرها على الجوارح
الدائرة الثالثة وهي أخص من الدائرتين، وهي الإحسان، والإحسان هو الإتقان
ويمثل الإحسان أعلى درجات الدين، أعلى درجات العبودية لله جلّ وعلا، كما يمثل أعلى درجات التعامل بين الإنسان
وبين الخلق، كما بينا في الدرس السابق والإحسان درجتان:
- الدرجة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه، أي تستشعر أنك ترى الله سبحانه وتعالى.
- الدرجة الثانية: أن تستشعر بأن الله يراك.

5 . وكذلك مراتب الدين تزيد وتنقص :
الدين مراتب، فهو يزيد وينقص، ولذلك المصلي قد يصلي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ويخرج من صلاته له
ربعها، له نصفها، له ثلثها، له عشرها، وكذلك كما ذكرنا في تعريف الإيمان، وقلنا إنه قولٌ وعمل واعتقادٌ
يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.

6 . أن الساعة لا يعلمها أحد إلا الله عز وجل ،لأن أفضل الرسل من الملائكة سأل أفضل الرسل من البشر عنها،
فقال: ما المَسْؤولُ عَنْهَا بَأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ.
ويترتب على هذه الفائدة أنه لو صدَّق أحد من الناس شخصاً ادعى أن الساعة تقوم في الوقت الفلاني،
فإنه يكون كافراً، لأنه مكذب للقرآن والسنة.

7 . أن الإسلام غير الإيمان،لأن جبريل عليه السلام قال: أخبرني عن الإسلام وقال: أخبرني عن الإيمان وهذا يدل على التغاير.
وهذه المسالة نقول فيها ما قال السلف:
إن ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام،قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(الصف: الآية13) بعد أن ذكر (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ)(الصف: الآية11) قال: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف:13.
وإن ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان، فقوله تعالى:
(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )(المائدة: الآية3) يشمل الإيمان، وقوله تعالى:
(فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ )(آل عمران: الآية20) يشمل الإيمان.

- أما إذا ذكرا جميعاً فيفترقان ،ويكون الإسلام بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وعمل الجوارح،
والإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها. مثاله: هذا الحديث الذي معنا، ويدل على التفريق قول الله عزّ وجل:
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )(الحجرات: الآية14).

منقول


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-01-2011, 02:38 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

شرح حديث الدين النصيحة



قال ابى داود فى سننه:

حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا سهيل بن أبي صالح
عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري قال
قال :
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة
قالوا لمن يا رسول الله قال لله وكتابه ورسوله وأئمة المؤمنين
وعامتهم وأئمة المسلمين وعامتهم )(1)


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

النصيحة :

هي بذل النصح للغير،والنصح معناه

أن الشخص يحب لأخيه الخير،ويدعوه إليه،ويبينه له، ويرغبه فيه،
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم
الدين النصحية ،
فقال:
" الدين النصيحة " ثلاث مرات، قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال :
" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"

وضد النصيحة

المكر والغش والخيانة والخديعة.

قال الله تعالى



والواجب على المؤمنين أن يكونوا كما قال الله عزّ وجلّ :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ)(2)
وهم إخوة في الدين، والأخوة في الدين أقوى من الأخوة
في النسب، بل إن الأخوة في النسب مع عدم الدين ليست بشيء،ولهذا
قال الله - عزّ وجلّ - لنوح لما قال

( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ )(3)

قال تعالى :
( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (4)

أما المؤمنون فإنهم وإن تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم، فإنهم إخوة مهما كان ،

والأخ لابد أن يكون ناصحاً لأخيه ،
مبدياً له الخير ، مبيناً ذلك له، داعياً له.

والنصيحة لله- عزّ وجلّ-
تكون
بالإخلاص لله تعالى،
والتعبد له محبة وتعظيماً ؛
لأن الله عزّ وجلّ يتعبد له العبد محبة .

فيقوم بأوامره
طلباً للوصول إلى محبته عزّ وجل،
وتعظيماً فينتهي عن محارمه خوفاً منه سبحانه وتعالى.

ومن النصيحة لله:
أن يكون الإنسان دائماً
ذاكراً لربه بقلبه ولسانه وجوارحه،
أما القلب فإنه لا حدود لذكره،
والإنسان يستطيع أن يذكر الله بقلبه على كل حال،
وفي كل ما يشاء، وفي كل ما يسمع؛
لأن في كل شيء لله تعالى آية تدل على
وحدانيته وعظمته وسلطانه،
فيفكر في خلق السماوات والأرض،
ويفكر في الليل والنهار، ويفكر في آيات الله من الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وغير ذلك ،
فيحدث هذا ذكراً لله عزّ وجلّ في قلبه.

ومن النصيحة لله
أن تكون غيرته لله فيغار لله عزّ وجلّ إذا انتهكت محارمه،
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا،
فإنه عليه الصلاة والسلام كان
لا ينتقم لنفسه أبداً ،
مهما قال الناس فيه، لا ينتقم لنفسه،ولكنه
إذا انتهكت محارم الله صار أشد الناس انتقاماً ممن ينتهك حرمات الله تعالى، فيغار الإنسان على ربه؛
فلا يسمع أحداً يسب الله أو يشتم الله أو يتسهزىء بالله
إلا غار من ذلك وأنكر عليه حتى ولو رفع أمره لولي
الأمر ؛لأن هذا من النصيحة لله عزّ وجلّ.؟

ومن النصيحة لله :
أن يذب عن دين الله تعالى الذي شرعه
لعباده،فيبطل كيد الكائدين،
ويرد على الملحدين الذين يعرضون الدين
وكأنه قيود
تقيد الناس عن حرياتهم، والحقيقة أن الدين قيود حرية؛
لأن الإنسان يتقيد لله عزّ وجلّ، وبالله ،
وفي دين الله، ومن لم يتقيد بهذا تقيد للشيطان؛
وفي خطوات الشيطان ،
لأن النفس همامه دائماً،
فلا تسكن نفس أحد أبداً، بل لابد أن تكون لهما همم
في أي شيء: إما في خير ، وإما شر.

قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(5)
فالحاصل أن الإنسان يتعبد لله عزّ وجلّ لا للنفس ولا للشيطان، حتى يتحرر من القيود التي تضره ولا تنفعه.

ومن النصيحة لله عزّ وجلّ :
وأيضا أن يكون باثاً دين الله في عباد الله؛
لأن هذا مقام الرسل كلهم،
فهم دُعاة إلى الله يدعون الناس إلى الله عزّ وجلّ،
كما قال الله تعالى عنهم :
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ

وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةَُ) (ا6)
وقوله تعالى: (فَمِنْهُمْ)
أي من الأمة التي بعث فيها الرسول.

نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم





ثم قال صلى الله عليه وسلم :
"ولكتابه"
يعني أيضاً من الدين النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ ،
وهذا يشمل كتاب الله الذي نزل
على محمد صلى الله عليه وسلم، والذي أُنزل من قبل،
والنصيحة لهذه الكتب بتصديق أخبارها،
أي أن ما أخبرت به يجب أن نصدقه.
أما بالنسبة للقرآن فظاهر؛لأن القرآن- ولله الحمد-
نُقل بالتواتر

من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا
وإلى أن يرفعه الله عزّ وجلّ في آخر الزمان،
يقرؤه الصغير والكبير، وأما الكتب السابقة فإنها قد حرفت وغيرت وبدّلت ،

لكن ما صحّ منها فإنه يجب تصديق خبره واعتقاد صحة حكمه،
لكننا لسنا متعبدين بأحكام الكتب السابقة
إلا بدليل من شرعنا.

ومن النصيحة لكتاب الله:

أن يدافع الإنسان عنه، يدافع من حرفه تحريفاً لفظيّاً ،
أو تحريفاً معنويّاً ، أو من زعم أن فيه نقصاً،
أو أن فيه زيادة، فالرافضة مثلاً يدّعون أن القرآن فيه نقص،
وأن القرآن الذي نزل على محمد أكثر من هذا الموجود بين أيدي المسلمين.

فخالفوا بذلك إجماع المسلمين،
والقرآن - ولله الحمد- لم ينقص منه شيء،
ومن زعم أنه قد نقص منه شيء؛
فقد كذّب قوله تعالى
:" (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (7) ،
فالله عزّ وجلّ تكفل بحفظه،
ومن ادعى أنه قد نقص حرفاً واحداً اختزل منه؛
فقد كذّب الله عزّ وجلّ،
فعليه أن يتوب ويرجع إلى الله من هذه الردة.
ومن النصيحة لكتاب الله:
أن ينشر الإنسان معناه بين المسلمين؛
المعني الصحيح الموافق لظاهره، بحيث لا يكون فيه تحريف ولا تغيير،

فإذا جلس مجلساً فإن من الخير والنصيحة لكتاب الله

أن يأتي بأية من كتاب الله عزّ وجلّ يبينها للناس، ويوضح معناها،
ولا سيما الآيات التي تكثر قراءتها بين المسلمين؛ مثل الفاتحة،
فإن الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة؛

للإمام والمأموم والمنفرد، فيحتاج الناس إلى معرفتها ، فإذا فسره
ا بين يدي الناس وبيّنها لهم؛ فإن هذا من النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ.

ومن النصيحة لكتاب الله:
أن تؤمن بأن الله تعالى تكلم بهذا القرآن حقيقة،

وأنه كلامه عزّ وجلّ؛ الحرف والمعنى،
ليس الكلام الحروف دون المعاني،
ولا المعاني دون الحروف،

بل إنه كلام الله لفظاً ومعنىً تكلم به وتلقاه منه جبريل عليه السلام،
ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم ،
وقد قال الله تعالى:
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)
(عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)
(بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(8)
وتأمل كيف قال:
(عَلَى قَلْبِكَ )
مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يسمعه بأذنيه،
ولكن الأذن إن لم يصل مسموعها إلى القلب؛ فإنه لا يستقر في النفس،
فلا يستقر في النفس إلا ما وصل إلى القلب عن طريق الأذن،
أو عن طريق الرؤيا بالعين،
أو المس باليد ، أو الشم بالأنف، أو الذوق بالفم،
فالمهم القرار وهو القلب، ولهذا قال
(عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)
وعلى هذا فليس من النصيحة أن يقول القائل:
إن هذا القرآن عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، أو أن يقول :
إنه خلق من مخلوقات الله ،
أو ما أشبه ذلك، بل من النصيحة أن تؤمن بأنه كلام الله حقا:
اللفظ والمعنى.

ومن النصيحة لكتاب الله عزّ وجل
أن يقوم الإنسان باحترام هذا القرآن العظيم،
فمن ذلك أن لا يمس القرآن إلا وهو طاهر
من الحدثين: الأصغر والأكبر،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يمسّ القرآن إلا طاهر"(9)
أو من وراء حائل؛ لأن من مس من وراء حائل فإنه لم يمسه في الواقع،
وينبغي لا على سبيل الوجوب أن لا يقرأ القرآن ولو
عن ظهر قلب إلا متطهراً ؛
لأن هذا من احترام القرآن.
ومن النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ :


أن لا تضعه في موضع يمتهن فيه، ويكون وضعه فيه امتهاناً له،
كمحل القاذورات وما أشبه ذلك،

وأما وضع المصحف على الأرض الطاهرة الطيبة،
فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه ؛
لأن هذا ليس فيه امتهان للقرآن، ولا إهانة له، وهو يقع كثيراً من الناس
إذا كان يصلي ويقرأ من المصحف وأراد السجود
يضعه بين يديه، فهذا لا يعد امتهاناً ولا إهانة للمصحف فلا بأس به ،
والله اعلم.




وأما الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ولرسوله" والنصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
تتضمن أشياء:
الأول: الإيمان التام برسالته،
وأن الله تعالى أرسله إلى جميع الخلق: عربهم وعجمهم، بل إنسهم وجِنّهم ،
قال الله تعالى ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(النساء: 79)، وقال تعالى :
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)
(الفرقان:1)، والآيات في هذا كثيرة،

فتؤمن بأن محمداً رسول الله إلى جميع الخلق من جن وإنس.

~~~~~~~~~~
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
تصديق خبره، وأنه صادق مصدوق صادق فيما يخبر به،
مصدوق فيما أخبر به من الوحي، فما كذب ولا كذَّب صلى الله عليه وسلم .
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
صدق الاتباع له، بحيث لا تتجاوز شريعته ولا تنقص عنها،
فتجعله إمامك في جميع العبادات،
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام هذه الأمة وهو متبوعها،

ولا يحل لأحد أن يتبع سواه،

إلا من كان واسطة بينه وبين الرسول،
بحيث يكون عنده من علم السنة ما ليس عندك،
فحينئذ لا حرج أن تتبع هذا الرجل بشرط أن تكون معتقداً بأنه
واسطة بينك وبين الشريعة،
لا أنه مستقل؛ لا أحد يستقل بالتشريع

إلا الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الله ،
أما من سواه فهو مبلّغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية" [268].

ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
~~~~~~~~~~
الذب عن شريعته وحمايتها،
فالذب عنها بأن لا ينتقصها أحد،

والذب عنها بأن لا يزيد فيها أحد ما ليس منها ،
فتحارب أهل البدع القولية والفعلية والعقدية؛
لأن البدع كلها باب واحد كلها حقل واحد، كلها ضلالة،

كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" كل بدعة ضلالة"
[269] لا يستثنى من هذا بدعة قولية ولا فعليه ولا عقدية،

كل ما خالف هدي النبي صلى الله علي وسلم
وما جاء به في العقيدة أو في القول أو في العمل فهو بدعة،

~~~~~~~~~
فمن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أن تحارب أهل البدع بمثل ما يحاربون به السنة؛
إن حاربوا بالقول فبالقول، وإن حاربوا بالفعل فبالفعل، جزاء وفاقأً ؛

لأن هذا من النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن النصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم

احترام أصحابه وتعظيمهم ومحبتهم ؛

لأن صحب الإنسان لا شك أنهم خاصته من الناس وأخص الناس به ،
ولهذا كان الصحابة- رضي الله عنهم- خير القرون؛

لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فمن سبّ الصحابة أو أبغضهم، أو لمزهم،

أو أشار إلى شي يبهتهم فيه،
فإنه لم ينصح للرسول صلى الله عليه وسلم

، وإن زعم أنه ناصح للرسول فهو كاذب،
كيف تسب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتبغضهم
وأنت تحب الرسول صلى الله عليه وسلم وتنصح له؟
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: الإيمان لابن تيمية - الصفحة أو الرقم: 60
خلاصة حكم المحدث: حسن
[270] فإذا كان

أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يسبهم الساب المفترى الكذاب

فإنه في الحقيقة قد سبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ،
ولم ينصح له، بل هو في الحقيقة قدح في الشريعة؛
لأن حملة الشريعة إلينا هم الصحابة رضي الله عنهم،
فإذا كانوا أهلاً للسبّ والقدح لم يوثق بالشريعة؛
لأن نقلتها أهل ذم وقدح،
بل إن سبّ الصحابة رضي الله عنهم
- سبّ لله عزّ وجلّ- نسأل الله العافية-
وقدح في حكمته أن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم
ولحمل دينه من هم أهلٌ للذم والقدح، إذاً من النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم
محبة أصحابه واحترامهم وتعظيمهم ، فهذا من الدين.

الرابع : قال " ولأئمة المسلمين" الأئمة جمع إمام ،
والمراد بالإمام من يقتدي به ويؤتمر بأمره،

وينقسم إلى قسمين :
إمامة في الدين ،
وإمامة في السلطة.
فالإمامة في الدين: هي بيدي العلماء ، فالعلماء هم أئمة الدين

الذين يقودون الناس لكتاب الله ،

ويهدونهم إليه، ويدلونهم على شريعة الله ،
قال الله تبارك وتعالى في دعاء عباد الرحمن
( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)
(الفرقان:74)، هم ما سألوا الله إمامة السلطة والإمارة،

بل سألوا الله إمامة الدين؛ لأن عباد الرحمن لا يريدون السلطة على الناس

ولا يطلبون الإمارة، بل قد قال الرسول صلى الله عليه وسلم

لعبد الرحمن بن سمرة- رضي الله عنه -

" لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها،
وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها"ا
لراوي: عبدالرحمن بن سمرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 5399
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(1)لكنهم يسألون إمامة الدين، التي قالهم الله عنها:
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)

(السجدة:24) فقال: (ائِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا).
والنصح لآئمة المسلمين في الدين والعلم ،

وهو أن يحرص الإنسان على تلقي ما عندهم من العلم،
فإنهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أمته،

فيحرص على تلقى العلم منهم بكل وسيلة،

وقد كثرت الوسائل في وقتنا ولله الحمد من كتابة وتسجيل وتلقّ وغير ذلك، فليحرص على تلقي العلم من العلماء ،
وليكن تلقيه على وجه التأني لا على وجه التسرع؛

لأن الإنسان إذا تسرع في تلقي العلم فربما يتلقاه على غير ما ألقاه إليه شيخه
وقد أدب الله النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأدب ،
فقال تعالى (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)
(إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة:16-19) ،

لأن النبي صلى الله وعليه وسلم كان يبادر جبريل عليه السلام

إذا ألقى عليه القرآن فيقرأ،
فقال الله تعالى(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)
يعني لا تحرك اللسان- ولا سراً - حتى ينتهي جبريل من القراءة ،

ثم بعد ذلك اقرأه.
(فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:18-19) ،
تكفل الربّ عزّ وجلّ ببيانه يعني أنك لن تنساه ،
مع أن المتوقع أن الإنسان إذا سكت حتى ينتهي الملقي من إلقائه ربما ينسى بعض الجمل ،
لكن قال الله عزّ وجلّ:( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) .
ومن النصح أيضاً لعلماء المسلمين :
أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم وزلاتهم وما يخطئون فيه؛
لأنهم غير معصومين، قد يزلون وقد يخطئون،

وكل بني آدم خطاء،
وخير الخطائين التوابون،
ولا سيما من يتلقى العلم فإنه لا يجب أن يكون
أبلغ الناس في تحمل الأخطاء التي يخطئ بها شيخه،
وينهه عليها، فكم من إنسان انتفع من تلاميذه؛ ينبهونه على بعض الشيء؛
على الخطأ العلمي، أو على الخطأ العملي،
وعلى أخطاء كثيرة؛ لأن الإنسان بشر.
لكن الشيء المهم أن لا يكون حريصاً على تلقي الزلات ،
فإنه جاء في الحديث :
"- يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ،
لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ،
ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته
الراوي: أبو برزة الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4880
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
" [271]، هذا وهم
مسلمون عامة فيكف بالعلماء.
إن الذين يلتقطون زلات العلماء
ليشيعوها ليسوا مسيئين للعلماء شخصياً وحسب،
بل مسيئون للعلماء شخصياً،
ومسيئون إلي علمهم الذي يحملونه،

ومسيئون إلي شريعة التي تتلقى من جهتهم ؛

لأن العلماء إذا لم يثق الناس فيهم،
وإذ اطلعوا على عوراتهم التي قد لا تكون عورات
إلا على حسب نظر هذا المغرض،
فإنه تقل ثقتهم بالعلماء وبما عندهم من العلم،
فيكون في هذا جناية على الشرع الذي يحملونه
من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
لذلك من نصيحتك لأئمة المسلمين من أهل العلم أن

تدافع عن عوراتهم، وأن تسترها ما استطعت،
وأن لا تسكت إذا سمعت شيئاً بل نبّه العالم ،
وابحث معه واسأله، ربما ينقل عنه أشياء غير صحيحة،
وقد نُقل عنا وعن غيرنا أشياء غير صحيحة،

لكن الناس- نسأل الله العافية-

إذا كان لهم هوى وأحبوا شيئاً وعرفوا أحداً
من أهل العلم يقبل الناسُ قوله، نسبوه لهذا العالم،
ثم إذا سألت نفس الذي نسب إليه القول،
قال أبداً ما قلت كذا، وقد يخطئ السائل مثلاً في صيغة السؤال،

فيجب العالم على قدر السؤال ويفهمه السائل على حسب ما في
نفسه هو، فيحصل الخطأ وقد يجيب العالم بالصواب

بعد فهم السؤال لكن يفهمه السائل على غير وجهه فيخطئ في النقل.
وعلى كل حال من النصيحة لأئمة المسلمين
في العلم والدين أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم،
بل يلتمس العذر لهم،
اتصل وقل سمعت عنك كذا وكذا هل هذا صحيح فإذا قال :

نعم ، قل : أظن أن هذا خطأٌ غلط حتى يبين لك
وربما يشرح شيئاً لا تعرفه وتظن أنه أخطأ فيه،

وربما قد خفي عليه شيء فتنبهه أنت،
وتكون مشكوراً على هذا،
وقد قال أول إمام في الدين والسلطة في هذه الأمة
بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر رضي الله عنه،
حيث خطب أول خطبة ، قال للناس وهو يخاطبهم يتحدث عن نفسه:
إن اعوججت فأقيموني. وذلك لأن الإنسان بشر.
فقوّم أخاك ولا سيما أهل العلم،
لأن العالم خطره عظيم، الخطر الزللي،
والخطر الرفيع، لأن كلمة الخطر تكون للعلو والنزول ،
فهو خطره عظيم، إن أصاب هدى الله على يده خلقاً كثيراً،

وإن أخطأ ضلّ على يد خلق كثير فزلة العالم من أعظم الزلات.
ولهذا أقول: يجب أن نحمي أعراض علمائنا، وأن ندافع عنهم ،
وأن نلتمس العذر لأخطائه من ولا يمنع هذا أن نتصل بهم،
وأن نسألهم ، وأن نبحث معهم، وأن نناقشهم حتى نكون
مخلصين ناصحين لأئمة المسلمين.
النوع الثاني من أئمة المسلمين: أئمة السلطة وهم الأمراء،

والأمراء في الغالب أكثر خطأ من العلماء ؛
لأنه لسطته قد تأخذه العزة بالإثم فيريد
أن يفرض سلطته على الصواب والخطأ،

فالغالب من أئمة المسلمين في السلطة وهم الأمراء أن الخطأ
فيهم أكثر من العلماء إلا ما شاء الله.
والنصيحة لهم هي أن نكف عن مساوئهم،
وأن لا ننشرها بين الناس،
وأن نبذل لهم النصيحة ما استطعنا،
بالمباشرة إذا كنا نستطيع أن نباشرهم
أو بالكتابة إذا كنا لا نستطيع،
أو بالاتصال بمن يتصل بهم إذا كانا لا نستطيع الكتابة؛
لأنه أحياناً لا يستطيع الإنسان الكتابة لهم،
ولو كتب لم تصل إلى المسؤول ،
فيتصل بأحدٍ يتصل بالمسؤول وينبهه، فهذا من النصح.
أما نشر مساوئهم فليس فيه عدوان شخصي عليهم فقط،
بل هو عدوان شخصي عليهم وعلى الأمة جميعاً؛
لأن الأمة إذا امتلأت صدورها من الحقد
على وُلاة أمورها عصت الولاة، ونابذتهم،
وحينئذ تحصل الفوضى، ويسود الخوف، ويزول الأمن،
فإذا بقيت هيبة ولاة الأمور في الصدور صار لهم هيبة،
وحميت أوامرهم ونظمهم التي لا تخالف الشريعة.

فالمهم أن أئمة المسلمين تشمل النوعين، أئمة الدين وهم العلماء،
وأئمة السلطان وهم الأمراء، وإن شئت فقل أئمة البيان، وأئمة السلطان،
وأئمة البيان وهم العلماء الذين يبيّنون للناس ،
وأئمة السطان وهم الأمراء الذين ينفذون شريعة الله بقوة السلطان،
إذاً أئمة المسلمين سواء أئمة العلم والبيان،
أو أئمة القوة والسلطان يجب علينا أن نناصحهم،
وأن نحرص على بذل النصيحة لهم، في الدفاع عنهم وستر معايبهم،
وعلى أن نكون معهم إذا أخطئوا في بيان ذلك الخطأ لهم بيننا وبينهم؛
لأنه ربما نعتقد أن هذا العالم مخطئ أو أن هذا الأمير مخطئ
وإذا ناقشناه تبين لنا أنه غير مخطئ، كما يقع هذا كثيراً.
كذلك أيضاً ربما تنقل لنا هذه الأشياء عن العالم أو عن الأمير على غير وجهها،
وإما لسوء القصد من الناقل؛
لأن بعض الناس- والعياذ بالله - يحب تشهير السوء بالعلماء وبالأمراء ،
فيكون سيىء القصد ينقل عليهم ما لم يقولوه،
وينسب إليهم ما لم يفعلوه، فإذا سمعنا عن عالم أو عن أمير ما نرى أنه خطأً
فلابد من تمام النصيحة مناقشته، وبيان الأمر وتبيُّنه حتى نكون على بصيرة.


~~~~~~~~~~~~
أما آخر الحديث فيقول:" وعامتهم" يعني النصح لعامة المسلمين، وقدم الأئمة على العامة؛
لأن الأئمة إذا صلحوا صلحت العامة؛ فإذا صلح الأمراء صلحت العامة،
وإذا صلح العلماء صلحت العامة،
لذلك بدأ بهم، وليُعلم أن أئمة المسلمين لا يّراد بهم الآئمة الذين لهم الإمامة العظمى،
ولكن يُراد به ما هو أعم، فكل من له إمرة ولو في مدرسة فإنه يعتبر من أئمة المسلمين،
إذا نوصح وصلح، صلح من تحت يده.
والنصيحة لعامة المسلمين بأن تحب لهم ما تجبُ لنفسك،
وأن ترشدهم إلى الخير،
وأن تهديهم إلى الحق إذا ضلوا عنه،
وأن تذكرهم به إذا نسوه،
وأن تجعلهم لك بمنزلة الأخوة ؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:" المسلم أخو المسلم"[272] ،
وقال :" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضه بعضاً " [273]،
وقال :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى" [274]،
فأنت إذا أحسست بألم في أطرف شيء من أعضائك،
فإن هذا الألم يسري على جميع البدن،
كذلك ينبغي أن تكون للمسلمين هكذا،
إذا اشتكى أحد من المسلمين فكأنما الأمر يرجع إليك أنت.
وليُعلم أن النصيحة هي مخاطبة الإنسان سراً بينك وبينه؛
لأنك إذا نصحته سراً بينك وبينه أثرت في نفسه، وعلم أنك ناصح،
لكن إذا تكلمت أمام الناس عليه ؛
فإنه قد تأخذه العزة بالإثم فلا يقبل النصيحة،
وقد يظن أنك إنما تريد الانتقام منه
وتوبيخه و وحطّ منزلته بين الناس فلا يقبل ،
لكن إذا كانت النصيحة بينك وبينه
صار لها ميزانٌ كبير عنده وقيمة ،
وقبل ذلك،
والله المسؤول أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.

منقول من رياض الصالحين
باب النصيحة

(1)الراوى:تميم الدارى المحدث: الالبانى المصدر:سنن ابى داود حديث رقم :4944 خلاصة حكم المحدث: صحيح

2(الحجرات :10)
3(هود: 45)
4(هود :46 )
5(الذريات :56)
6(النحل : 36 ) ،
(7)(الحجر:9 )
(8)(الشعراء:192، 195)،
(9)الراوي: عبدالله بن عمر
المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الجامع -
الصفحةأو الرقم: 7780
خلاصة حكم المحدث: صحيح

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 05-05-2011 الساعة 12:47 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 09:09 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology