ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-22-2013, 10:18 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
افتراضي أقسام مخالطة الناس ( نقلا من كتاب التفسير القيم للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى

أقسام مخالطة الناس


نقلا من كتاب
التفسير القيم
للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى


قال رحمه الله :

وأما فضول المخالطة : فهي الداء العضال الجالب لكل شر . وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة ، وكم زرعت من عداوة ، وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ، ففي فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة ، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ، ويجعل الناس فيها أربعة أقسام : متى خلط أحد الأقسام بالآخر ، ولم يميز بينهما دخل عليه الشر .

أحدها : من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة ، فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام ، وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر ، وهم العلماء بأمره ، ومكايد عدوه ، وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه ، فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كل الربح .

القسم الثاني : من مخالطته كالدواء ، يحتاج إليه عند المرض . فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته ، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش ، وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والإستشارة والعلاج للأدواء ونحوها ، فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من القسم
الثالث : وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه .
فمنهم من مخالطته كالداء العضال ، والمرض المزمن ، وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا . ومع ذلك فلا بد من أن تخسر عليه الدين والدنيا أو أحدهما . فهذا إذا تمكنت منك مخالطته واتصلت ، فهي مرض الموت المخوف .
ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربه عليك ، فإذا فارقك سكن الألم .
ومنهم من مخاطته حمى الروح . وهو الثقيل البغيض العقل ، الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ، ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها ، بل إن تكلم فكلامه كالعصى تنزل على قلوب السامعين ، مع إعجابه بكلامه وفرحه به . فهو يحدث من فيه كلما تحدث ، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس ، وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض . ويذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال : ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر .
ورأيت يوما عند شيخنا قدس الله روحه رجلا من هذا الضرب والشيخ يحمله ، وقد ضعف القوى عن حمله ، فالتفت إلي وقال : مجالسة الثقيل حمى الربع . ثم قال : لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى ، فصارت لها عادة . أو كما قال .
وبالجملة : فمخالطة كل مخالف حمى الروح ، فعرضية ولازمة . ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب . وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف ، حتى يجعل الله له من أمره فرجا ومخرجا .
القسم الرابع : من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم . فإن اتفق لآكله الترياق ، وإلا فأحسن الله فيه العزاء . وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله . وهم أهل البدع والضلالة ، الصادون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الداعون إلى خلافها ، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ، فيجعلون البدعة سنة ، والسنة بدعة ، والمعرف منكرا ، والمنكر معروفا .
إن جردت التوحيد بينهم قالوا : تنقصت جناب الأولياء الصالحين .
وإن جردت المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أهدرت اللأئمة المتبوعين .
وإن وصفت الله بما وصف به نفسه ، وبما مصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير غلو ولا تقصير قالوا : أنت من المشبهين .
وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف ونهيت بما نهى الله عنه ورسوله من المنكر ، قالوا أنت من المفتنين .
وإن اتبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا : أنت من أهل البدع المضلين .
وإن انقطعت إلى الله تعالى ، وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا ، قالوا أنت من الملبسين .
وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم ، فأنت من الخاسرين ، وعندهم من المنافقين .
فالحزم كل الحزم : التماس مرضات الله تعالى ورسوله بإغضابهم وأن
لا تشتغل بأعتابهم ، ولا باستعتابهم ، ولا تبالي بذمهم ولا بغضهم ، فإنه عين كمالك كما قيل :

وإذا أتتك مذمتي من ناقص
()()()()
فهي الشهادة لي بأني فاضل


وقال آخر :
وقد زادني حبا لنفسي أنني
()()()()
بغيض إلى كل امرئ غير طائل


فمن أيقظ بواب قلبه وحارسه من هذه المداخل الأربعة التي هي أصل بلاء العالم ، وهي فضول النظر ، والكلام ، والطعام ، والمخالطة . واستعمل ما ذكرناه من الأسباب التسعة التي تحرزه من الشيطان ، فقد أخذ بنصيبه من التوفيق ، وسد على نفسه أبواب جهنم وفتح عليها أبواب الرحمة ، وانغمر ظاهره وباطنه .

ويوشك أن يحمد عند الممات عاقبة هذا الدواء ، فعند الممات يحمد القوم التقى ،
وفي الصباح يحمد القوم السرى ، والله الموفق ، لا رب غيره ، ولا إله سواه . إهــ

( التفسير القيم ص:28ـ31)
طبع دار الكتب العلمية

منقـــول

__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم




رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 10:24 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology