ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2013, 11:31 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
شرح حديث اللهم اكفني بحلالك عن حرامك

شرح حديث اللهم اكفني بحلالك عن حرامك





قال الترمذي في سننه

حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سيار عن أبي وائل ، عَن عليٍّ ، أنَّ مُكاتبًا جاءَهُ فقالَ:
إنِّي قد عَجزتُ عَن كتابتي فأعنِّي ، قالَ : ألا أعلِّمُكَ كلِماتٍ علَّمَنيهنَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لو كانَ عَليكَ مثلُ جَبلِ صيرٍ دينًا أدَّاهُ اللَّهُ عَنكَ ، قالَ : قُل :" اللَّهمَّ اكفني بِحلالِكَ عن حرامِكَ ، واغنِني بِفَضلِكَ عَن من سواكَ"
الراوي: شقيق بن سلمة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3563 - خلاصة حكم المحدث: حسن

مكتبة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله،الإلكترونية

والدرر السنية
-شرح غريب الحديث:
«مكاتبتي»: المكاتبة والكتابة؛ أن يكاتب السَّيِّد عبدَه على مالٍ يؤدِّيه منجَّمًا (مفرَّقًا)، فإذا أدَّاه صار حرًّا(6)، والمكاتَب اسم مفعول؛ لأنَّ المكاتبة تقع عليه.
«ألا»: حرف استفتاح يأتي على خمسة أوجه(7)، ويراد به هنا العرض والتَّحضيض وتنبيه المخاطب على الكلام الآتي ذكره.
«صِير»: ذكره أكثرهم بلفظ «صير»، وعند الحاكم والبيهقي «صَبِير» بإثبات الباء الموحَّدة(8).
«صِير»: بكسر الصَّاد؛ جبل ببلاد طيء، و«صبير» جبل باليمن(9)، وذكره خرج مخرج المبالغة، يعني مهما كان ذلك الدَّيْن، حتَّى ولو فرض أنَّه مثل الجبل.
«أدَّاه الله عنك»: قضاه عنك وأعانك على تسديده.
«اللَّهمَّ»: منادى حُذفت منه ياء النِّداء وعوِّض عنها الميم، وجُعلت الميم بعد لفظ الجلالة تيمُّنًا وتبرُّكًا بالابتداء بلفظ الجلالة واختير لفظ الميم دون غيره من الحروف للدَّلالة على الجمع؛ كأنَّ الدَّاعي يجمع قلبه على ربِّه عزوجل ، وعلى ما يريد أن يدعو به(10).
«اكفني»: ارزقني الكفاية من الحلال والاستغناء عن الحرام.
«أغنني»: اجعلني غنيًّا بفضلك ورزقك.
-المعنى الإجمالي للحديث:
جاء الرَّجل يطلب الإعانة الماليَّة لوفاء دينه وإنهاء مكاتبته والتَّخلُّص من رقِّه، فعلَّمه أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه هذا الدُّعاء العظيم لاحتمال أنَّه لم يكن عنده مال، فردَّه ردًّا حسنًا؛ عَملاً بقوله تعالى: ï´؟قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًىï´¾ [البقرة:263]، أو أنَّه أرشده إليه إشارةً إلى أنَّ الأولى والأصلح له أن يستعين بالله على أدائها، ولا يتَّكل على غيره، وهذا أحسن، وينصره قوله: «وَأَغْنِنِي بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ»(11)، أضفْ إلى ذلك أنَّ المسؤول هو أمير المؤمنين، فيمكن أن يعينه من بيت المال؛ لكنَّه رضي الله عنه أرشده إلى الأفضل والأولى، كما أنَّه أراد أن يعلِّمه هذا الدُّعاء حرصًا منه على تبليغ حديث رسول الله ح، ونفعه به.

(1) «التَّقريب» (1/472).

(2) «تهذيب التهذيب» (2/486)، وانظر «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (1/474).

(3) «الجرح والتعديل» (5/212).

(4) «تهذيب التهذيب» (2/487).

(5) «تهذيب التهذيب» (2/142).

(6) «النهاية في غريب الحديث» (4/253).

(7) «القاموس المحيط» (1349).

(8) وفي نسخةٍ للتِّرمذي: «ثَبِير»، وأظنُّه تصحيفًا؛ لأنَّه لا أصل له في شيء من المصادر السَّالفة الذِّكر.

(9) «النهاية في غريب الحديث» (3/9)، «فيض القدير» (3/143).

(10) «الشرح الممتع» لابن عثيمين (2/87).

(11) انظر «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (10/9).
هنا

يُؤخذ من هذا الحديث فوائدُ عظيمة، وأصولٌ جليلة:

*فوائد الحديث*
يؤخذ من هذا الحديث فوائد عظيمة، وأصول جليلة:

الفائدة الاولى:
التوكل على الله حقًّا، والاستعانة به صدقًا على قضاء الدَّين والوفاء به، قال الله تعالى: "
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " [سورة الطلاق:2]، قال قتادة: "من حيث لا يرجو ولا يُؤَمِّل" [تفسير الطبري 46/23].
وقال تعالى:"
وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا " الطلاق: 4هنا
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "

- "لو أنَّكم كنتُم توَكلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكلِه لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا"

الراوي: عمر بن الخطاب المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2344 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

فالتوكل على الله عز وجل من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق ويُتوسل بها لقضاء الدَّين، قال بعض السلف: "بحسبك من التوسل إليه أن يعلم من قلبك حُسن توكُّلك عليه، فكم من عبدٍ من عباده قد فوَّض إليه أمره فكفاه منه ما أهمَّه، ثم قرأ: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ " [جامع العلوم والحكم 407/2]، ثم لابد مع التوكل من السعي الصادق، والعمل بالأسباب المشروعة، واتخاذ التدابير اللازمة، وطرح الكسل والبطالة.
ومن أخلصَ في نيته وتوكله، وصدق في سعيه وهمَّته أدَّى عنه ربُّه وقُضي دَيْنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
مَن ادَّانَ أموالَ النَّاسِ يريدُ أداءَها أدَّى اللهُ عنهُ ومَن أخذَها يريدُ إتلافَها أتلفَهُ اللهُ"
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 352 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

الفائدة الثانية:
التوجه إلى الله تعالى وإنزال الحوائج به، ففضله عظيم، ورزقه كريم، قال الله تعالى: "
وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " [سورة النساء:32]هنا، وقال "فَإِذَافَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ " [سورة الشرح: 7،8]، أي ارغب إليه وحده ولا ترغب إلى غيره، وجاء في وصيَّته صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ "
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

"، أي اسأله ولا تسأل أحدًا سواه، "لأن السُؤال فيه إظهار الذُّلِّ من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضّرّ ونيل المطلوب وجلب المنافع ودر المضارّ، ولا يصلح الذُّلُّ والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة" [قاله ابن رجب في جامع العلوم 395/1].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "

"مَن نزلتْ به فاقةٌ فأنزلَها بالناسِ ؛ لم تُسَدَّ فاقتُه ، ومَن نزلتْ به فاقةٌ فأنزلَها باللهِ ؛ فيُوشِكُ اللهُ له بِرزقٍ عاجلٍ أو آجلٍ ".
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1637 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

فعلى المدين أن يُوطِّن نفسه على سؤال ربِّه والرَّغبة في فضله، ويَدَعَ سؤال العبد الضعيف الذي إذا أعطى منَّ، وإذا أحسن استعبد، إلا من رحم الله تعالى.
قال عطاء: جاءني طاووس رحمه الله فقال لي: "يا عطاء، إيَّاك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، وجعل دونك حجابًا، وعليك بطلب حوائجك إلى من بابُه مفتوح لك إلى يوم القيامة طلب منك أن تدعوَه، ووعدك بالإجابة" [حلية الأولياء 11/4].
ومن أصبح وأمسى لا يرجو إلا ربَّه ولا يرغب إلا فيما عنده كان غنيًّا قنوعًا، وعاش سعيدا عزيزا.

الفائدة الثالثة:
فضيلة هذا الدعاء وأهميته في قضاء الدَّين، فالداعي يدعو ربه الرزاق ذا القوة المتين ان يزقه الكفاية من الحلال، والاستغناء بفضله عمَّن سواه.
فمن حرص على هذا الدعاء وواظب عليه محقِّقًا شروط الإجابة مجتنبا موانعها، كفاه الله وأغناه وأدَّى عنه وأعانه، مهما عَظُمَ ذلك الدَّين، فخزائنه عز وجل لا تنفد، ورزقه لا ينقص، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "
- إنَّ يمينَ اللهِ مَلْآَى ، لا يُغيضُها نفقةٌ ، سَحَّاءُ اللَّيلَ و النهارَ ، أرأيتُم ما أنفق منذ خلقَ السمواتِ و الأرضَ ؟ فإنه لم يُغَضْ مما في يمينِه ، و عرشُه على الماء ، و بيده الأخرى القبضُ ، يرفعُ و يخفِضُ"
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2277 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
ومن رزقه الله من فضله لم يحتج إلى غيره.... اهـ.

ـ الفائدةالرَّابعة:
فضيلة الحلال الطَّيِّب ورذالة الحرام الخبيث، إذ أنَّ البركة والخير في الأوَّل ولو كان قليلاً، والمحقُ والشَّرُّ في الثَّاني ولو كان كثيرًا، قال الله تعالى: ﴿قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [المائدة:100].
«والصَّحيح أنَّ اللَّفظ عامٌّ في جميع الأمور، يتصوَّر في المكاسب، والأعمال، والنَّاس، والمعارف من العلوم وغيرها؛ فالخبيث من هذا كلِّه لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة وإن كثر، والطَّيِّب وإن قلَّ نافعٌ جميلُ العاقبة»(21).
وقال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276].
المحقُ هو الذَّهاب والنَّقص ورفع البركة، ويُربي هنا الزيادة والنَّماء والبركة، فالله عزوجل: «يمحق مكاسب المُرَابِين، ويُرْبي صدقات المنفقين، عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق؛ أنَّ الإنفاق ينقص المال وأنَّ الرِّبا يزيده، فإنَّ مادَّة الرِّزق وحصول ثمراته من الله تعالى، وما عند الله لا ينال إلاَّ بطاعته وامتثال أمره، فالمتجرِّئ على الرِّبا، يعاقبه بنقيض مقصوده، وهذا مشاهد بالتَّجرِبَة: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلا﴾ [النساء:122](22)»، فعلى العبد أن يسعى لكسب الحلال الطَّيِّب، ويرضى بما قسم الله له منه، ولا يغترَّ بكثرة الخبيث، فإنَّ عاقبته إلى قُلٍّ.
ـالفائدةالخامسة:
ينبغي للعالم والمفتي والنَّاصح إرشادُ النَّاس إلى اللُّجوء إلى الله والفرار إليه والاعتصام به وتوحيده ودعائه، والرَّغبة فيما عنده، وقطع تعلُّقهم بالعباد وسؤالهم واستشرافهم لأموالهم، وهذا الَّذي فعله أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه حيث أرشد السَّائل إلى أفضل ممَّا طلب، ودلَّه على خير ممَّا سأل، أرشده إلى التَّوجُّه إلى الله عزوجل وسؤاله الكفاية والغنى من فضله.
ومثل هذا؛ حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»(23).
علَّمه هذا الدُّعاء وأرشده إلى التَّوجُّه إلى ربِّ الأرض والسَّماء الَّذي يكشف الضُّرَّ، ويشفي، وهو الشَّافي لا شفاء إلاَّ شفاؤه، شفاءً لا يغادر سَقَمًا، فقال ذلك؛ فشفاه الله وعافاه، جاء في رواية «الموطَّأ» لهذا الحديث (1686): «فَقُلْتُ ذَلِكَ؛ فَأَذْهَبَ اللهُ مَا كَانَ بي، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ».
وقد عَمِي عن هذا أولئك الرُّقاة المرتزقة ـ فضلاً عن غيرهم من المشعوذين ـ الَّذين لا همَّ لهم إلاَّ الاستحواذ على النَّاس واستغلال جهلهم وابتزاز أموالهم، فيفرحون بمجيئهم إليهم واكتظاظ محلاَّتهم بهم، والله المستعان على ما يفعلون.
ـ الفائدةالسَّادسة:
ينبغي للمفتي والمعلِّم تذكير المتعلِّم أنَّه يريد نفعه وتعليمه وإيصال الخير إليه ويعرض عليه ذلك ابتداءً ليكون أوقع في نفسه فيشتدَّ تشوُّقه إليه وتُقبل نفسه عليه، فهو مقدِّمة استرعى بها نفسه لتفهيم ما يسمع ويقع منه بموقع»(24)، فالمكاتب لمَّا طلب الإعانة قال له عليٌّ رضي الله عنه: «ألا أعلِّمك كلمات»، فتأمَّل كيف عرض عليه أن يعلِّمه تلك الكلمات المباركات لعلَّ الله ينفعه بها، وهذه طريقة نافعة جدًّا في التَّعليم والدَّعوة إلى الله تعالى.
وقريب من هذا قول الله عزوجل لنبيِّه موسى ؛: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات: 17- 19]، أتى بـ «هل» الدَّالَّة على العرض والمشاورة الَّتي لا يشمئزُّ منها أحد»(25).
وفي السُّنَّة الشَّريفة شيءٌ كثير من هذا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح كلامه بقوله: «أَلاَأُخْبرُكُمْ»، «أَلاَأَدُلُّكُمْ»، «أَلاَأُنَبِّئُكُمْ»(26)، لإثارة انتباههم، وتشويقهم لكلامه، حتَّى تُقْبِلَ عليه نفوسهم وتعيه قلوبهم.
والله الموفِّق، لا إله إلاَّ هو، ولا ربَّ سواه، والحمد لله ربِّ العالمين.

(12) «تفسير الطبري» (23/46).

(13) رواه أحمد (1/30) والتِّرمذي (2344)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5254).

(14) «جامع العلوم والحكم» (2/407).

(15) رواه أحمد (2/361)، والبخاري (2387).

(16) قاله ابن رجب في «جامع العلوم» (1/395).

(17) رواه الترمذي (2326)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح غريب»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (6566).

(18) «حلية الأولياء» (4/11).

(19) «حلية الأولياء» (9/233).

(20) رواه البخاري (7419) ومسلم (993).

(21) قاله القرطبي في «تفسيره» (6/327).

(22) قاله السَّعدي، ملحق تفسيره (959).

(23) أخرجه مسلم (2202).

(24) قاله المناوي في «فيض القدير» (3/143 ـ 144).

(25) «تفسير السعدي» (506).

(26) افتح «صحيح الجامع الصغير» للعلامة الألباني : على هذه الحروف تجد كنزًا عظيما.

* منقول من (مجلة الإصلاح العدد 19)




منقول بتصرف

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-03-2014 الساعة 02:30 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-03-2013, 12:37 PM
الصورة الرمزية الأخت المسلمة
الأخت المسلمة الأخت المسلمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 275
جزاكم الله خيراً و نفع بكم معلمتى الغالية .
__________________
قد يراك البعضُ تقياً و قد يراك آخرون مجرماً ، و قد يراك آخرون كذا أو كذا
لكن الحقيقة أنك أنت أدرى بنفسك ،السرُ الوحيدُ الذى لايعلمه غيرُك ، هو سر علاقتك بربك
فلا يغرنك المادِحون و لايضُرنّك القادِحون لِأن الحقيقة تقول :
بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-03-2013, 06:52 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050

آمين وإياكم حبيبتي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-03-2013, 06:59 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
التحذير من الدين
والترغيب في احتراز المسلم منه
جاءت الشريعة الإسلامية بالتشديد في أمر الدين ، والتحذير منه ، والترغيب في احتراز المسلم منه ، ما أمكنه ذلك :
إذ الدين مانع من مغفرة الذنب وإن كانت الخاتمة شهادة في سبيل الله
ففي صحيح مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
أنه قام فيهم فذكر لهم ( أنَّ الجهادَ في سبيلِ اللهِ والإيمانَ باللهِ أفضلُ الأعمالِ ) فقام رجلٌ فقال : يا رسولَ اللهِ ! أرأيتَ إن قُتلتُ في سبيلِ اللهِ تكفَّرُ عني خطاياي ؟ فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( نعم . إن قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ ، وأنت صابرٌ مُحتسبٌ ، مُقبلٌ غيرُ مُدبرٍ ) ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( كيف قلتَ ؟ ) قال : أرأيتَ إن قُتلتُ في سبيلِ اللهِ أَتكفَّرُ عني خطايايَ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّمَ ( نعم . وأنت صابرٌ مُحتسبٌ ، مُقبلٌ غيرُ مُدبرٍ . إلا الدَّينَ . فإنَّ جبريلَ عليه السلامُ ، قال لي ذلك ) .
الراوي: أبو قتادة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1885- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية



وعن جابر رضي الله عنه قال توفي رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقلنا تصلي عليه؟ فخطا خطوة ثم قال أعليه دين؟ قلنا ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة فأتيناه فقال أبو قتادة :الديناران علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوفى الله حق الغريم وبرىء منهما الميت ،قال :نعم .فصلى عليه ثم قال بعد ذلك بيومين ما فعل الديناران قلت إنما مات أمس قال فعاد إليه من الغد فقال قد قضيتهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن بردت جلدته"
رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم والدارقطني وقال الحاكم صحيح الإسناد ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه باختصار قال الحافظ ( صحيح ) قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين ثم نسخ ذلك
صحيح الترغيب والترهيب/ تحقيق الألباني/ج:2/كتاب البيوع وغيرها/
حديث رقم : 1812


"مَن حالَتْ شَفاعَتُهُ دونَ حَدٍّ من حُدودِ اللهِ ، فَقدْ ضَادَّ اللهَ في أمْرِهِ ، ومَن ماتَ وعليهِ دَيْنٌ فلَيسَ بِالدِّينارِ والدِّرهَمِ ، ولكِنْ بِالحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ ، ومَن خَاصَمَ في باطِلٍ وهُو يَعلَمُهُ ، لَمْ يَزلْ في سَخَطِ اللهِ حتى يَنْزِعَ ، ومَن قال في مُؤمِنٍ ما ليس فيه ، أسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الخَبالِ ، حتى يَخرُجَ مِمَّا قال ، ولَيسَ بِخارِجٍ الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6196-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية


فهذه النصوص المخيفة تحمل المرء على التحرز من الديون وإن يُسرت له وزينت في دعايات المصارف ودور التمويل والتقسيط .

وعن عائشة رضي الله عنها
" أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَدْعو في الصلاةِ : اللَّهُمَّ إني أعوذُ بك مِن عَذابِ القَبر، وأعوذُ بك مِن فِتنَةِ المَسيحِ الدَّجَّالِ، وأعوذُ بك مِن فِتنَةِ المَحْيا وفِتنَةِ المَماتِ، اللَّهُمَّ إني أعوذُ بك مِنَ المَأثَمِ والمَغْرَمِ . فقال له قائِلٌ : ما أكثَرَ ما تَستَعيذُ مِنَ المَغرَمِ ؟ فقال : "إنَّ الرجلَ إذا غَرِمَ، حدَّثَ فكَذَبَ، ووعَدَ َفأخْلَفَ"
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 832- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية


"كنَّا جلوسًا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فرَفَعَ رأسَه إلى السماءِ ، ثم وضَعَ راحتَه على جبهتِه ، ثم قال :" سبحان اللهِ ! ماذا نزَلَ مِن التَشْدِيدِ ؟ فسَكَتْنَا ، وفَزِعْنَا ، فلما كان مِن الغدِ سأَلْتُه : يا رسولَ اللهِ ، ما هذا التشديدُ الذي نزَلَ ؟ فقال :" والذي نفسي بيدِه، لو أن رجلًا قُتِلَ في سبيلِ اللهِ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، وعليه دَيْنٌ ، ما دخَلَ الجنةَ حتى يُقْضَى عنه دَيْنُه".
الراوي: محمد بن جحش المحدث:الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 4698 - خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (4/547) :
" وفي هذا الحديث إشعار بصعوبة أمر الدين وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورة " انتهى .

"نفسُ المؤمنِ معلَّقةٌ بِدَينِه حتَّى يُقضَى عنهُ" الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1078 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/164) :
" قوله : ( نفس المؤمن معلقة ) قال السيوطي : أي محبوسة عن مقامها الكريم . وقال العراقي : أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا " انتهى .

لم يأت كل هذا التشديد في أمر الدين إلا لما فيه من المفاسد على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع .
أما على مستوى الفرد فيقول القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/417) :
" قال علماؤنا : وإنما كان شينا ومذلة لما فيه من شغل القلب والبال ، والهم اللازم في قضائه ، والتذلل للغريم عند لقائه ، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه ، وربما يعد من نفسه القضاء فيخلف ، أو يحدث الغريم بسببه فيكذب ، أو يحلف له فيحنث ، إلى غير ذلك ، وأيضا فربما قد مات ولم يقض الدين فيرتهن به ،...ا.هـ

وانطلاقا مما سبق اشترط العلماء لجواز الدين شروطا ثلاثة :
1- أن يكون المستدين عازما على الوفاء .
2- أن يعلم أو يغلب على ظنه قدرته على الوفاء .
3- أن يكون في أمر مشروع .
يقول ابن عبد البر في "التمهيد" (23/238) :
" والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة ، والله أعلم ، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به ، أو قدر على الأداء فلم يؤد ، أو ادَّانه في غير حق ، أو في سرف ومات ولم يؤده .
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرةٍ ، ومات ولم يترك وفاء ، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله " انتهى .

ومن ابتلي بالدين بالشروط السابقة سيعينه الله في أدائها
قال صلى الله عليه وسلم
"مَنْ أخذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها ، أدَّى اللهُ عنْهُ ، و مَنْ أخذها يريدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللهُ"
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5980 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


وفي السنة النبوية مجموعة من الأدعية التي جاءت بخصوص الاستعانة بالله على قضاء الدين ، وهي :

أتت فاطمةُ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ تسألُهُ خادمًا فقالَ لَها : ما عندي ما أعطيكِ . فرجَعت فأتاها بعدَ ذلِكَ فقالَ : الَّذي سألتِ أحبُّ إليكِ أو ما هوَ خيرٌ منهُ ؟ فقالَ لَها عليٌّ : قولي لَا بل ما هوَ خيرٌ منهُ فقالَت : فقالَ : قولي :" اللَّهمَّ ربَّ السَّماواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ مُنْزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ العظيمِ أنتَ الأوَّلُ فليسَ قبلَكَ شيءٌ وأنتَ الآخرُ فليسَ بعدَكَ شيءٌ وأنتَ الظَّاهرُ فليسَ فوقَكَ شيءٌ وأنتَ الباطنُ فليسَ دونَكَ شيءٌ اقضِ عنَّا الدَّينَ وأغنِنا منَ الفقرِ. الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3104 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

قال الترمذي في سننه
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سيار عن أبي وائل ، عَن عليٍّ ، أنَّ مُكاتبًا جاءَهُ فقالَ:
إنِّي قد عَجزتُ عَن كتابتي فأعنِّي ، قالَ : ألا أعلِّمُكَ كلِماتٍ علَّمَنيهنَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لو كانَ عَليكَ مثلُ جَبلِ صيرٍ دينًا أدَّاهُ اللَّهُ عَنكَ ، قالَ : قُل :" اللَّهمَّ اكفني بِحلالِكَ عن حرامِكَ ، وأغنِني بِفَضلِكَ عَن سواكَ"
الراوي: شقيق بن سلمة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3563 - خلاصة حكم المحدث: حسن

مكتبة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله،الإلكترونية

والدرر السنية


مقتبس من هنا بتصرف

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-19-2013 الساعة 06:38 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-05-2013, 02:58 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : " أَلا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْنًا لأَدَّى اللهُ عَنْكَ ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ : اللَّهُمَّ مَالِكُ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، رَحْمَانُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، تُعْطِيهُمَا مَنْ تَشَاءُ ، وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ" .

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1821-خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية

في المعجم الصغير للطبراني (558)
قال الهيتمي في مجمع الزوائد (10/186) : رواه الطبراني في الصغير ورجاله ثقات

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-05-2013 الساعة 03:08 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-05-2013, 03:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
تعقيب

"الاستغفار"
الديون أصبحت آفة العصر
الكثير من الناس قد غرق في همها
لا أعلم هل هو نزعة للبركة ؟
أم هو قلة الصبر حتى تــُـفرج ؟
أم هو كثرة المسئوليات مع قلة المورد .

أود أن أضيف .. أهمية الاستغفار ..
يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
"وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ" (52)
هود / هنا


﴿وَيَـٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًۭا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا۟ مُجْرِمِينَ ﴿٥٢﴾

{ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ } عما مضى منكم { ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } فيما تستقبلونه، بالتوبة النصوح، والإنابة إلى الله تعالى.
فإنكم إذا فعلتم ذلك { يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } بكثرة الأمطار التي تخصب بها الأرض، ويكثر خيرها.
{ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ } فإنهم كانوا من أقوى الناس، ولهذا قالوا:

{ من أشد منا قوة } ؟ ، فوعدهم أنهم إن آمنوا، زادهم قوة إلى قوتهم.
{ وَلَا تَتَوَلَّوْا } عنه، أي: عن ربكم { مُجْرِمِينَ } أي: مستكبرين عن عبادته، متجرئين على محارمه.
تفسير السعدي


﴿لا تُخيفُوا أنفُسَكم بالدَّينِ
الراوي: عقبة بن عامر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7259
خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية


﴿لا تُخِيفوا أنفسَكم بعد أمْنِها . قالوا : وما ذاك يا رسولَ اللهِ ؟ قال : الدَّيْنُ .
الراوي: عقبة بن عامر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1797
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 12-03-2013 الساعة 05:07 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-12-2013, 05:13 AM
أم خالد أم خالد غير متواجد حالياً
عضوة جديدة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 22
افتراضي

بارك الله فيك معلمتنا الغاليه
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-20-2013, 03:31 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
حبيبتي أم خالد
جزاك الله خيرا وفيك بارك

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-20-2013, 04:32 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
هدي الإسلام في المدين المعسر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
على المدين المعسر أن يسعى دائباً في سداد دينه ولا يتغافل عن حقوق الآخرين، فكثير من الناس يدعي الإعسار ليأكل أموال الناس ظلماً، والنبي صلى الله عليه وسلم حذّر المدين الذي يأخذ أموال الناس بنية عدم السداد

ومن ابتلي بالدين بالشروط السابقة سيعينه الله في أدائها
قال صلى الله عليه وسلم
"مَنْ أخذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها ، أدَّى اللهُ عنْهُ ، و مَنْ أخذها يريدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللهُ"

الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5980 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


"وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍۢ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۢ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" هنا

سورة البقرة - الجزء3 - الآية280 - الصفحة47

"من أنظرَ معسرًا كانَ لَه بِكلِّ يومٍ صدقةٌ ومن أنظرَه بعدَ حلِّهِ كانَ لَه مثلُه في كلِّ يومٍ صدقةٌ"
الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1977-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية


"من أنظرَ مُعسرًا أو وضعَ لَهُ ، وقاهُ اللَّهُ من فَيحِ جَهَنَّمَ ، ألا إنَّ عملَ الجنَّةِ حزنٌ بربوةٍ - ثلاثًا - ألا إنَّ عملَ النَّارِ سَهْلٌ بشهوةٍ ، والسَّعيدُ مَن وُقيَ الفتنَ ، وما مِن جَرعةٍ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن جَرعةِ غَيظٍ يَكْظِمُها عبدٌ ، ما كظمَها عبدٌ للَّهِ إلَّا ملأَ اللَّهُ جَوفَهُ إيمانًا"
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/415-خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]
الدرر السنية

"من نفَّس عن غريِمه ، أو محا عنه ، كان في ظلِّ العرشِ يومَ القيامةِ" الراوي: أبو قتادة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6576-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية




أتى اللهُ بعبدٍ من عبادِه ، آتاه اللهُ مالًا . فقال له : ماذا عملتَ في الدنيا ؟ ( قال : ولا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا ) قال : يا ربِّ ! آتيتَني مالَكَ . فكنت أبايعُ الناسَ . وكان من خُلُقي الجوازُ . فكنت أتيسَّر على الموسرِ وأُنظِرُ المُعسرَ . فقال اللهُ : أنا أَحَقُّ بذا منك . تجاوَزوا عن عبدي ) . فقال
عقبةُ بنُ عامرٍ الجُهَنِيُّ ، وأبو مسعودٍ الأنصاريُّ : هكذا سمعناه من في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1560
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-20-2013 الساعة 05:06 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-03-2013, 05:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050


حتى لا تغرق في الديون
عادل بن محمد آل عبد العالي

مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

أما بعد :
راية ارتفعت على رؤوس عدد من الناس ، وظاهرة انتشرت في عدد من البيوت .. إنها الديون التي كبلت أيدي الكرماء ، وأخافت قلوب الأمناء .. داءٌ لابد من الوقوف في وجهه قبل أن يستفحل فلا يُبقي أحداً .

لقد تكاثرت الديون على الناس حتى انتهى ببعضهم الأمر إلى السجون أو إلى لجنة تبيع الممتلكات لتُعيد للدائنين أموالهم أو بعضها .
بل تكاثرت الديون حتى أُنشئت مكاتب لتحصيل الديون من هذا وذاك ممن يُماطلون أو لعجز يختفون ويتهربون .

المحاكم الشرعية تستقبل الشكاوى ، وتتابع القضايا ، والظاهرة مستمرة ، فماذا عسانا أن نفعل ؟
إن أقل ما يمكن فعله في هذا الشأن هو توعيةُ الناس وتذكيرهم بخطورة الديون على أنفسهم حاضراً ومستقبلاً .. ويشترك في ذلك العلماء والمصلحون من الدعاة والخطباء وأهل الخبرة ، ولعل هذه الرسالة (( حتى لا تغرق في الديون )) تفي ببعض الذكرى وقد ضمنتها وصايا عديدة اقتبستها من كلام العلماء ومجالس الفضلاء واستفادتها من تجربة المجربين وصيحات النادمين (1) ، والله أسأل أن ينفع بها المسلمين وأن يتقبلها ربي في كفة الحسنات اللهم آمين ... وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتبـــه
عادل بن محمد آل عبد العالي
أمام وخطيب جامع السلام بالدمام
5 صفر 1416 هـ
حتى لا تغرق في الديون
بين يديك – أخي القارئ – أضع هذه الوصايا ، أنصح بها نفسي وأياك حتى لا نعض أصابع الندم عاجلاً أو آجلاً من ديونٍ قد غرقنا فيها إلى عيون رؤوسنا أو أقل من ذلك بقليل .

الوصية الأولى : استشعر الأحاديث المفزعة في عاقبة الديون :
لقد جاء في السنة النبوية أحاديث صريحة في سوء عاقبة من مات وفي ذمته دين لأحد من الناس ، ومن ذلك :

ما رواه عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أُتي برجل ليصلي عليه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – (( صلوا على صاحبكم ، فإن عليه ديناً )) .
وفي رواية : (( لعل على صاحبكم ديناً )) ؟ قالوا : نعم ، ديناران فتخلف - صلى الله عليه وسلم – وقال : (( صلوا على صاحبكم )) .
قال أبو قتادة : هو عليَّ [ أي الدين الذي على الميت ] .
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( بالوفاء )) فصلى عليه (2) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه )) (3) .
قال الصنعاني : (( وهذا الحديث من الدلائل على أنه لا يزال الميت مشغولاً بدينه بعد موته ففيه حث على التخلص عنه قبل الموت وأنه أهم الحقوق وإذا كان هذا في الدَّين المأخوذ برضا صاحبه فكيف بما أُخذ غصباً ونهباً وسلباً )) (4) .

وعن عبدالله بن عمرو قال ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يُغفرُ للشهيد كل ذنب إلا الدين )) (5) .

وعن أبي قتادة قال : جاء رجل إلى رسول الله فقال : (( يا رسول الله ، أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر ، أيكفر الله عني خطاياي ؟ )) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (( نعم )) فلما ولى الرجل ، ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أمر به ، فنودي له فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( كيف قلت ؟ )) فأعاد عليه قوله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( نعم إلا الدين كذلك قال لي جبريلُ عليه السلام )) (6) .

وعن محمد بن جحش قال : (( كنا جلوساً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع راحته على جبهته ، ثم قال : (( سبحان الله ماذا نُزل من التشديد ؟ )) فلما كان من الغد .. سألته : ما هذا التشديد الذي نُزل ؟ فقال : (( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً قُتل في سبيل الله ثم أُحيِيَ ثم قُتل ثم أُحيي ثم قتل وعليه دينٌ ما دخل الجنة حتى يُقضى عنه دينه ))(7) .
وجاء في رواية أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( إن فلاناً مأسورٌ بدينه عن الجنة فإن شئتم فافدوه وإن شئتم اسلموه إلى عذاب الله )) .

إلى غير ذلك من أحاديث يتذكر المسلم معها أن الأولى به أن يُعرض عن الاستدانة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، ويسارع لسداد ما عليه ليلقى الله سالماً غير نادم .

الوصية الثانية : لا تقترض إلا مضطراً :
إن الواقع يشهد أن كثيراً من الناس يقترض دون اضطرار لذلك ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم أن اقترض ، اقترض طعاماً احتاجه ، ورهن درعه عند المُدين ليضمن براءة ذمته ، فعن عائشة رضي الله عنها (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد )) (8) .

قال ابن المنير : (( وجه الدلالة منه أنه – صلى الله عليه وسلم – لو حضره الثمن ما أخره ، وكذا ثمن الطعام لو حضره لم يرتب في ذمته ديناً ، لما عُرف من عادته الشريفة من المبادرة إلى إخراج ما يلزم إخراجه )) (9) .

ولعل من فوائد الرهن أنه يدعو المستدين إلى أن يكون جادّاً في سداد دينه مُعجلاً غير مؤجل .

وما ذُكر ، يدعونا للرضى بالقليل والقناعة بالموجود وعدم التكلف برفاهية زائدة أو بمظاهر زائفة ، كما قال تعالى : {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} .

حُدثتُ أن عدداً من الإخوان أغنياء رزقهم الله مالاً وفيراً إلا واحداً منهم ، فلما قام أولئك ببناء قصور كبيرة ، سارع هذا ليلحق بصنيعهم فأغرق نفسه بالديون تكلفاً ثم مرت الشهور ، وذاق مرارة الدين فأصيب بضائقةٍ نفسية ، حتى أنه نُقل عنه أنه أصبح لا يغادر بيته إلا شذراً ، يكاد أن يهلك من حسراته وندمه .

وفي هذا يقول الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - : إني لأعجب من قوم مدينين عليهم ديون كثيرة ، ثم يذهب أحدهم يستدين ، يشتري من فلان أو فلان أثاثاً للبيت زائداً عن الحاجة ، يشتري كساءً أو فرشاً للدرج ... وهو فقير عليه ديون .. هذا سفهٌ ، سفهٌ في العقل وضلال في الدين ... )) (10) .

الوصية الثالثة : اتق الله قبل الدَّين ومعه :
فإن العبد إذا اتقى الله وأراد أن يأخذ مالاً ليرفع ضيقاً عن نفسه وأهله ، وصدق العزم في رده عند تيسره لقي من الله الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر قال الله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [ الطلاق: من الآية4] .
وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } [ الطلاق: من الآية2- 3] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال (( من أخذ أموال الناس يُريدُ اداءها أدّى الله عنه ، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله )) (11) .
قال ابن حجر : ( أتلفه الله ) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا وذلك في معاشه أو في نفسه ، وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين ، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة )) (12) .

فمن لم يتق الله في الدَّين الذي عليه وماطل ، لقي من الله عنتاً وتلفاً والجزاء من جنس العمل ، فإن أحسن في القضاء أدَّاهُ الله عنهُ في الدنيا قبل الآخرة قال - صلى الله عليه وسلم - : (( ما من مسلم يدانُ ديناً ، يعلمُ الله منْهُ أنَّهُ يريدُ أداءهُ إلا أدَّاه الله عنهُ في الدنيا )) (13) .

وحسب المؤمن رهبة من مماطلة الناس في أموالهم ما جاء عن صهيب الخير عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : (( أيُّما رجُلٍ يدينُ ديناً ، وهو مُجمعُ أن لا يوفيهُ إيَّاهُ لقي الله سارقاً )) (14) .

الوصية الرابعة : الديون همّ بالليل وذل بالنهار :
إن كثيراً من الرجال أريقت مياه وجوههم واختفوا عن أعين الناس خوفاً من عتاب الدائنين ، وهروباً من كلماتهم الساخنة .. ومن ذلك ما رواه الطحاوي عن عقبة بن عامر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( لا تخيفوا الأنفس بعْد أمنْها )) قالوا : يا رسول الله ، وما ذاك ؟ قال : (( الدينُ )) (15) .

لذا ، ينبغي على المرء أن يستشعر أن الدين مذلة للرجال ، كما جاء في الأثر : (( الدين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار )) .. قال القرطبي : قال علماؤنا : (( وإنما كان شيناً ومذلة لما فيه من شُغلِ القلبِ والبال والهمِّ اللازم في قضائه والتذللِ للغريم عند لقائه ، وتحمُّلِ منته بالتأخير إلى حين أوانه )) (16) . وقد ذكر في الأثر صور من ذلك أيضاً :
جاء أبو قتادة – رضي الله عنه – إلى رجل قد استدان منه ديناً ... جاء إليه ليتقاضاه في أحد الأيام فما كان من هذا المقترض إلا أن اختفى عن ناظريه واختبأ عنه .. وقُدر أن يخرج صبيٌ من دار ذلك المقترض ، فسأله أبو قتادة عن أبيه ؟ فقال الصبي : هو في البيت يأكل خزيرةً - نوع من الطعام – فنادى أبو قتادة بأعلى صوته : يا فلان أخرج فقد أخبرتُ أنك هاهنا ... فخرج ... فقال له : ما يُغيبك عني ؟ قال الرجل : إني معُسرٌ وليس عندي ما أسدد به ديني . فاستحلفه أبو قتادة أنه معسرٌ .. فحلف الرجلُ على ذلك .

فبكى أبو قتادة أن يصل الأمر بأخيه إلى هذه الحالة البائسة . فقال بعد ذلك : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة )) (17) .

حُدثتُ أن رجلاً تكاثرت عليه الديون حتى زادت على المليونين من الريالات وبالطبع تتابع الطُراق عليه ، ووجهت إليه الكلمات اللاذعة حتى بلغ به الأمر أن فرّ من بيته وترك أهله لسنة كاملة !! فكانت المضايقات تتابع على أبنه الصغير حتى أُصيب بضائقة نفسية سيئة .. والبقية تأتي !!- إلا أن يتداركهم الله برحمته - .

الوصية الخامسة : إياك وخداع البنوك :
ترفع البنوك بين الحين والآخر إعلانات تتضمن التشجيع على الاقتراض ، ويزعمون أن هذه القروض تجعل حياتك أكثر رفاهية ، فما عليك إلا أن توفر الشروط وتقوم بتعبئة النموذج المُعد لذلك ثم تكون النقود بين يديك لتتصرف بها بحريةٍ كاملة . وهذه البنوك إنما تشجع على الديون لأنها تتكسب من ذلك أموالاً طائلة ، وبخاصة أنها إنما تقرض بفوائد ربوية تتضاعف بمرور الزمن ، وهذا الأسلوب الاستثماري .

أولاً : مما حرمه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – .
قال تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [ آل عمران:130] .
وقال – صلى الله عليه وسلم – : (( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشدُ من ستٍ وثلاثين زنية )) (18) .
وقد لعن عليه الصلاة والسلام : آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه: (( هم سواء )) (19).

ثانياً : هذا القرض المالي الذي يفرح به المقترض لأيام معدودة يسبب له ضعفاً في إيمانه ، واضطراباً في قلبه . يقول الدكتور عمر الأشقر : (( الربا يُحدث آثاراً خبيثة في نفس متعاطيه ، وتصرفاته وأعماله وهيئته ، ويرى بعض الأطباء أن الاضطرابُ الاقتصادي الذي يولدُّ الجشع الذي لا تتوفر أسبابه الممكنة يسبب كثيراً من الأمراض التي تُصيب القلب ، فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر ، أو الذبحة الصدرية أو الجلطة الدموية ، أو النزيف في المخ ، أو الموت المفاجئ ..
وقد قرر الدكتور عبدالعزيز إسماعيل عميد الطب الباطني في كتابه ( الإسلام والطب الحديث ) أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب ... (20) .
وما قيل ليس من باب المبالغة بل الديون الحاصلة من قروض الربا تأتي بأكثر من ذلك!

ثالثاً : إن القروض الشخصية التي تقدمها هذه البنوك ربحها الدائم للبنوك فحسب يقول الدكتور ( شاخت ) مدير بنك الرايخ الألماني : (( إن الدائن المرابي ( أي البنك ) يربح دائماً في كلِّ عملية ، بينما المدينُ معرضٌ للربح والخسارة ، ومن ثم فإن المال كلُهُّ في النهاية لابد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً .. )) (21) .

والمعادلة في ذلك لا يطول حسابها .. يقول المراغي في تفسيره : (( الربا يُسهلُ على المقترضين أخذ المال من غير بدلِ حاضر ويزينُ لهم الشيطانُ إنفاقه في وجوه الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها ، ويغريهم بالمزيد من استدانة ، ولا يزال يزداد ثقل الدين على كواهلهم حتى يستغرق أموالهم فإذا حلَّ الأجل لم يستطيعوا الوفاء ، وطلبوا تأجيل الدين ، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدَّين يزداد يوماً بعد يوم ، حتى يستولي الدائنون قسراً على كلِّ ما يملكون ، فيصبحون فقراء مُعدمين ، وصدق الله : { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } ... )) (22) .

الوصية السادسة : أغلال البطاقات ! .
يشارك كثير من الناس في بطاقات تحت مسميات مختلفة، ومنها ما يُسمى بـ ((البطاقة الائتمانية )) والمشترك فيها يتحصل على خدمة خلاصتها أن حامل البطاقة يشتري ما يريد حاضراً وتقوم الجهةُ المُمولة للبطاقة بتسديد قيمة الفاتورة لصاحب المتجر بعد حين، وظاهرُ هذه الخدمة الرحمة، ولكن إذا علمت أن للمشترك زمناً محدداً للسداد للبنك أو الشركة ، فإذا انقضى هذا الزمن تضاعف المبلغ عليه بزيارة ربوية كلما تأخر .. عند ذلك يتبين للمشترك خطورتها ، ويتبين أن هؤلاء الذين يتعاملون بهذه البطاقات وقعوا في محذورين :
المحذور الأول : أنهم سيسرُفون في المصايف ، وسيغرقون في الديون ما دام غيرهم يدفع عنهم .
المحذور الثاني : أنهم إن لم يسددوا فوراً فإنهم سيقعون في الربا . - والعياذ بالله -(23).
وحاصل ما ذكرنا تكاثر الديون وهذا ما يُراد الهروب منه ، والفرار عنه .

الوصية السابعة : فِرَّ من التقسيط فرارك من الأسد :
إن اندفاع الناس إلى التقسيط أصبح ظاهرة ، والحق أنها ظاهرةٌ غير صحيحة البتة ، فلا يليق بالمجتمع المسلم أبداً أن يغرق في الديون ، كما يحدث بالفعل في مجتمعات أُخرى .. إن مرارة التقسيط تُعلم قطعاً بعد الخوض في تجربته ، فإن المشتري بالتقسيط يرى أن الشركة تأكله من فوقه إلى أسفل قدميه ، وهو للوهلة الأولى لا يدرك ذلك بالطبع فيخوض مع الخائضين .

ولنأخذ مثلاً الشركات التي تبيع السيارات الجديدة بالتقسيط ، فهم أولاً : لا يبيعون السيارة بثمنها في السوق وإنما بسعرها في البطاقة الجمركية ، ومعلومٌ أنه أعلى وأكبر غالباً ، ثم يجعلون الزيادة المالية على السعر الأعلى ولذلك تكون الزيادة ضخمة نسبياً ، وكلما ازداد الأجل بُعداً كلما أزداد الثمن الكلي على المشتري فانظر ماذا ترى .. ؟

الوصية الثامنة : احذر المفاهيم الخاطئة :
إن من المفاهيم الخاطئة عند فئة من الناس – وهم قليل – ما صاغه أحدهم سؤالاً قُدم بين يدي فضيلة الشيخ محمد العثيمين ونصه كما يلي : (( ما رأيك في فئة من الناس يرون أن من لا دين عليه ، عنده نقصٌ في رجولته ، بل إن من دينه قليلٌ تناله سخريتهم فيقولون : فلانٌ دينه دين عجوز ، مع أنهم يستدينون بنية عدم الوفاء ؟ فكان جواب الشيخ : (( أقول أن هذا بلا شك خطأ ، وأن العز والذل تبع الدَّين وعدمه ، فمن لا دين عليه فهو العزيز ومن عليه دين فهو الذليل ، لأنه في يوم من الأيام قد يطالبه الدائن ويحبسه ، وما أكثر المحبوسين الآن في السجون ، بسبب الديون التي عليهم ، فهذا القائل – بهذا المفهوم الخاطئ – لاشك أنه سخيف العقل ، وأنه ضال في كلامه .. ولكن الذي يظهر أنه كالإنسان المريض يُحبُّ أن يمرض جميع الناس .. فهو مريضٌ بالدَّين ويريد أن يستدين جميع الناس حتى يتسلى بهم .... ))(24) .

فحري بالعاقل ألا يلتفت لهؤلاء من قريب ولا من بعيد .

الوصية التاسعة : اللهم إني أعوذ بك من ضلع الدينِ :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثرُ من الدعاء ويطلب السلامة من ضلع الدين فعن أنس رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في دعاءٍ ذكره : (( اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن والعجز الكسل والجُبن والبُخل وضلع الدَّين وغلبة الرجال )) (25) . قال القرطبي : قال العلماء: (( ضلع الدَّين هو الذي لا يجد دائنه من حيث يؤديه ))(26) .
وكم من الناس من هو كذلك ... وما أكثر من لا يجد أموالاً تتناسب مع ضخامة الدين عليه . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يدعو في الصلاة ويقول : (( اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم )) – أي الدَّين – فقال رجلٌ : يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ من المغرم !! قال – صلى الله عليه وسلم – : (( إن الرجل إذا غِرم كذب ، ووعد فأخلف )) (27) .

وعلى هذا ، فحري بمن أصيب ببلاء الديون أن يعتصم بالله ويدعوه بهذه الأدعية المأثورة ، وقال المهلب : (( يستفاد من هذا الحديث سد الذارئع ، لأنه – صلى الله عليه وسلم – استعاذ من الدَّين لأنه في الغالب ذريعة إلى الكذب في الحديث والخلف في الوعد مع مالصاحب الدين عليه من المقال )) ا.هـ (28) .

الوصية العاشرة : أكرم الضيف دون إسراف :
كما أن الشرع أمرنا بإكرام الضيف والحفاوة به .. أمرنا كذلك بعدم الإسراف والتبذير قال الله تبارك تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} .
وقال تعالى : { وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} .
وقال تعالى : { وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} .
وقال تعالى : { وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً}.
ولا عجب أن كثيراً من الناس يعلمون هذه الآيات وقد يرددونها ، ولكن نزولاً عند العادات والتقاليد تجدهم يُكلفون أنفسهم مالا يطيقون في أمور هي من الإسراف بمكان ، وحاصل ذلك الغرق في الديون .

حُدثت أن رجلاً انتقل وزوجته إلى مدينة بعيدة عن أهله وعشيرته ، وكان ذلك من أجل وظيفة متواضعة تغنيه عن السؤال . فلما استقر به المقام ، برزت له مشكلة لا حل لها بادي الرأي ... وخلاصتها أن أهل قريته كلما جاءوا إلى هذه المدينة توجهوا إليه – وهو بالطبع – مطالب عند ذلك بذبح الذبيحة والذبيحتين إكراماً لهم وحفاوة بقدومهم .. يقول هذا الرجل : (( فأصبحت أقبض الراتب من هنا .. فأنفقه على استضافة هذا وذاك )) ومرت به الشهور وهو على هذه الحال ، فما كان منه إلا أن قدَّم استقالته من تلكم الوظيفة ... ورجع إلى قريته هروباً من الإحراج الذي يؤدي به إلى الغرق في الديون غداً أو بعد غد .

الوصية الحادية عشرة : لا تكلف نفسك مالا تطيق :
يتردد في المجالس أن رجلاً استدان ليقضي شهر رمضان في جوار بيت الله الحرام وآخر استدان الآلاف من الريالات ليصل أرحامه في منطقة بعيدة وليحضر زواج ابنتهم ... وهؤلاء وأمثالهم في الحقيقة يكلفون أنفسهم مالا يطيقون ومن ثم يغرقون في الديون من حيث لا يشعرون ، ولو أنهم رفقوا بأنفسهم ما حصلت لهم المشقة هذه ، وقد أمرنا الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- بما نطيق وما عداه يسقط بالعذر بعدم الاستطاعة .. قال تعالى : {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} .
وقال – صلى الله عليه وسلم – : (( عليكم بما تطيقون )) . الحديث (29) .
وقال – صلى الله عليه وسلم – : (( سددوا وقاربوا )) الحديث .

وقد جعل الشرع الفرائض على عظم مكانتها مقيدة بالقدرة ، وخذ مثلاً لذلك ركناً من أركان الإسلام وهو الحج يقول الله تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } وعدد من العلماء يفتون بسقوط الحج عن الفقير المستدين حتى ينقضي دينه(30) فكيف بعد ذلك بالنوافل والمستحبات ؟!

الوصية الثانية عشرة : الدَّين أحقُّ بالحرج :
يتحرجُ البعضُ من أخذ الزكاة المشروعة ، بينما لا يتحرجون من أخذ الأموال ديناً في ذمتهم ، مع أنهم من يستحقون الزكاة – وهذا خطأ – فالدَّين أحقُّ بالحرج ، والزكاة حق للفقراء على الأغنياء ، أوجبه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – رحمةً ورفقاً من هؤلاء بأولئك وأحسب أن من أقرب الصور لذلك ما يفعله بعض الشباب من الغرق في الديون من أجل الزواج مع أنهم في وضعٍ يستحقون به الزكاة كما أفتى بذلك كثيرٌ من أهل العلم .
يقول الشيخ محمد العثيمين – حفظه الله - : (( إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج وليس عنده شيء وليس له أبٌ ينفق عليه ويُزوِّجُه فإن له أن يأخذ من الزكاة ، ويجوز للغني أن يُعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها ... ))(31) .

الوصية الثالثة عشرة : دراسة الجدوى قبل الوقوع بالبلوى :
لمجرد أن فلاناً من الناس نجح في مشروع تجاري تجد آخرين يجمعون الأموال من هنا وهناك ثم يتسابقون للقيام بنفس المشروع ، وغالباً ما تكون عاقبتهم الخسارة ومن ثمَّ غرقهم في الديون . ولا شك أن التوفيق بيد الله إلا أن عدم دراستهم للجدوى الاقتصادية سببٌ من أسباب فشلهم فينبغي النظر إلى حاجة الناس وعدد المنافسين في السوق ومناسبة الموقع ومجموع التكاليف الشهرية .. وهكذا أما أن يستقرض المرء ويتورط فهذا مما لا يفعله عاقل ولا يقول به من الأكياس قائل ..

الوصية الرابعة عشرة : ليكن تسديد الديون همك الأول :
إن مما يساعد على تقليل الديون بل القضاء عليها ، التخطيط لسدادها والجدولة الشهرية لذلك ، والقاعدة في هذا أن (( سدد الديون بالتقسيط ولا تستقلل المدفوع )) ، وفي ذلك فوائد منها ؛ ستحافظ على ما يتوفر بين يديك من مال لسداد الديون ، ثم إنك – إن شاء الله – ستنتهي من الديون في أقرب فرصة ، ويذهب عنك همُّها وغمُّها ومتى كان سداد الديون همَّك الأول استغنيت عن الكماليات والترف الزائف أو أقللت منه وفي كلٍّ خير .

وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( لو كان لي مثلُ أحد ذهباً ما يسرُّني أن لا يُمرَّ عليَّ ثلاثٌ وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرصدُهْ لدين )) (32) .

ويجب أن تشارك الزوجة زوجها في الضراء كما أنها تشاركه في السراء ، ولذا فإنه ينبغي على الزوج أن يُخبرها بوضعه المالي وظروفه العصبية ، والزوجة العاقلة ستدرك أن عليها أن تقوم بترشيد المصروفات وتقليل الإنفاق والبذخ مراعاةً لظروف زوجها ، ولو استدعى الأمر إبلاغ الأبناء الكبار بذلك فلا بأس لتجتمع الأسرة جميعاً في الخروج من هذا الحرج العظيم .

أخيراً ، الوصايا والنصائح في هذا الباب كثيرة فأكتفي بما ذكرت حتى لا يطول بنا المقام ، والله تعالى أعلم .


----------------------
(1) أصل هذه الرسالة محاضرة ألقيتها في جامع السلام بالدمام بتاريخ 12/6/1415 هـ ، وقد تتابع الطلب بجعلها رسالة ليسهل الاستفادة منها ، فكان ما طلب الأحبة بحمد الله ومنته .
(2) رواه الترمذي ، وابن ماجه ، انظر صحيح الترمذي 854 (1/310) ، الألباني ، ط. مكتب التربية وانتهى الأمر إلى ما قاله - صلى الله عليه وسلم – (( فمن توفي من المؤمنين وترك ديناً ، فعليَّ قضاؤه )) .. صحيح الترمذي (1/311 ) .
(3) رواه الترمذي وابن ماجه . انظر صحيح الترمذي 860 (1/312 ) .
(4) سبل السلام ، (2/188 ) ، ط. دار الكتاب العربي .
(5) رواه مسلم .
(6) صحيح النسائي 2958 (2/663 ) ، الألباني ، ط . مكتب التربية .
(7) رواه النسائي بإسناد حسن .
(8) رواه البخاري ، الفتح (5/53) ،ط . دار الفكر .
(9) رواه البخاري ، الفتح (5/53) ،ط . دار الفكر .
(10) لقاء الباب المفتوح . طبعة دار الوطن .
(11) رواه البخاري في صحيحه ، فتح الباري (5/54) ، ط ، دار الفكر .
(12) فتح الباري ( 5/54 ) .
(13) من حديث ميمونة رضي الله عنها عند ابن ماجه ، صحيح ابن ماجه 1952 (2/52) للألباني ، ط . مكتب التربية .
(14) صحيح ابن ماجة 1954 (2/52 ) .
(15) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي (3 /416 ) .
(16) المصدر السابق ، ( 3/ 417 ) .
(17) أصل الحديث في صحيح مسلم .
(18) رواه الأمام أحمد ، وصححه الألباني .
(19) أصل الحديث في صحيح مسلم .
(20) الربا وأثرهً على المجتمع الإنساني ، ص 104 ، طبعة مكتبة المنار الثانية . ( باختصار يسير ) .
(21) المصدر السابق ، عن (( في ظلال القرآن )) ( 3 / 341 ) – طبعة دار الشروق .
(22) المصدر السابق ، عن تفسير المراغي ( 3/58 ) .
(23) سُئل الشيخ ابن عثيمين – حفظه الله – عن هذه الباقات الائتمانية فكان جوابه : (( هذه المعاملة حرامٌ لأنها معاملة على التزام الربا ... )) انظر لقاء الباب المفتوح (17 / 41 ) طبعة دار الوطن .
(24) اللقاء الشهري ، )( 9 /21 ) ، طبعة دار الوطن ، ( باختصار يسير ) .
(25) رواه البخاري في صحيحه .
(26) الجامع لأحكام القرآن ، (3 / 416 ) .
(27) فتح الباري ( 5/ 61 ) .
(28) المصدر السابق .
(29) صحيح البخاري ، ( 1/16 ) كتاب الإيمان وسلم (1 / 542 ) كتاب صلاة المسافرين .
(30) وبهذا يفتي الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، انظر لقاء الباب المفتوح ، وفي المسألة تفصيل .
(31) لقاء الباب المفتوح . طبعة دار الوطن .
(32) رواه البخاري في صحيحه ، الفتح ( 5 /55 ) .




هنا

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 02:59 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology