العشــر مـن ذي الحجــة
توطئـــة :
--------
مـن نِعـم الله ، أنـه سـبحانه مَـنُّ علينـا بفضائـل عظيمـة ونفحـات يعيهـا كـل ذي عقـل فطـن حـذر .
* قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" افعلـوا الخيـرَ دهركـم ، وتعرضـوا لنفحـاتِ رحمـة الله ، فـإن لله نفحـاتٍ مـن رحمتـه ، يصيـب بهـا مـن يشـاء مـن عبـاده ، وسـلوا الله أن يسـتر عوراتِكـم ، وأن يؤمِّـن رَوعاتِكـم "
أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في سلسلة
الأحاديث الصحيحة / ج : 4 / حديث رقم : 1890 / ص : 511 .
إلـى مـن فاتهـم
أن يُغفــر لهــم فـي رمضـان فظلــوا تائهيـن ، ومـن الهـدى محروميـن ... مازالـت فـرص النجـاة سـانحة ، وأبـواب المغفــرة واسـعة ، والأمـل فـي الفـوز يتجـدد ، وفـي الآخــرة نعيـم الجنـة ينتظـر .
لقـد مـر علينـا شـهر رمضـان منـذ فتـرة وجيــزة ، مــر كأنـه يـوم واحـد وليـس ثلاثيـن يومًـا ،
وهـا هـي نفحـة أخـرى مـن نفحـات الخيـر التـي منحهـا الله عـز وجـل لعبـاده
الذيـن لـم يلحقـوا بركـب رمضـان ، فالقافلـة مـا زالـت تنتظـر مَـنْ يُسْـرِع الخطـى كـي يصـل إليهـا ويحصّـل الخيـر الجزيـل والأجـر الوفيـر . إنهـا دعـوة لنـدرك مـا فاتنـا فـي مواسـم مضـت ولـم نسـتثمرها .
فهـا هـو رمضـان يمضـي ، ولكـن قـف ، هنـاك نفحـة تلـو الأخـرى .
بعـد رمضـان شـوال وماله
هـل اغتنمـت الفرصـة وتعرضـت للنفحـة بحقهــا .
إذا كنـت قصـرت فـي حسـن العبـادة أو ..... . قـف !!
هنـاك نفحـة قـد نغفـل عنهـا ونظلـم أنفسـنا .
فظلـم النفـس الـذي هـو تـرك طاعـة الله ، وتـرك الانقيـاد لامتثـال
أوامـره ، واجتنـاب نواهيـه ، محـرم بنـص القـرآن الكريـم ،
وأيضـًا ظلـم النـاس بعضهـم لبعـض محـرم علـى الـدوام . ولكنـه
فـي شهـر ذي القعـدة ، وبقيـة الأشـهر الحـرم أشـد تحريمـًا .
فالمشـروع فـي هـذا الشـهرالحرام :
1ـ تـرك ظلـم النفـس :
وذلـك بالاتبـاع وفعـل المأمـورات والبعـد عـن المحرمـات والمنهيـات .
2 ـ تـرك ظلـم العبـاد :
فظلمهـم يكـون بشـتمهم وقذفهـم ، وأكـل أموالهـم ، وسـفك دمائهـم ، واغتيابهـم ، والسـعي بينهـم بالفسـاد ..... حتـى يلقـى الله مفلسـًا .
* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" أتـدرون مـا المفلـس ؟ " . قالـوا : المُفلـسُ فينـا مـن لا درهـم لـه ولا متــاع .
فقـال : إن المفلـس مـن أمتـي ، يأتـي يـوم القيامـة بصــلاةٍ وصيـام وزكـاةٍ ، ويأتـي قـد شـتم هـذا ، وقـذف هـذا ، وأكـل مـال هـذا ، وسـفك دم هـذا ، وضـرب هـذا . فيُعطـى هـذا مـن حسـناته وهـذا مـن حسـناته . فـإن فَنِيـت حسـناتُهُ ، قبـل أن يُقْضَـى مـا عليـه . أخـذ مـن خطاياهـم فطُرحـت عليـه ثـم طُـرح فـي النـار " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 )ـ تحريم الظلم / حديث رقم : 59 ـ ( 2581 ) / ص : 659 .
هـل اغتنمـت الفرصـة وتعرضـت للنفحـة بحقهـا .
إذا كنـت قصـرت فـي حسـن العبـادة أو ..... . قـف !!
هنـاك نفحـة قـد نغفـل عنهـا ونظلـم أنفسـنا .
شـهر ذي الحجـة مـن الأشـهر الحـرم ، واجتمعـت فيـه أمهـات العبـادة ، فيـه أيـام أفضـل أيـام الدنيـا .
فمـن حكمـة الله تعالـى ودلائـل ربوبيتـه ووحدانيتـه ، وصفـات
كمالـه ، تخصيـص بعـض مخلوقاتـه بمزايـا وفضائـل ، وتفضيـل
بعـض الأزمنـة والأمكنـة على بعـض في تعظيـم الأجـور، وكثـرة الفضائـل .
ومـن هـذه المواسـم ؛ والنفحــات العظيمـة ، مـا شـهد النبــي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنهـا أفضــل أيـام الدنيـا ألا وهـي عشـر ذي الحجـة .
* فعـن جابـر ـ رضي الله عنه ـ ، قـال : قـال صلـى الله عليـه وسـلم :
" أفضـل أيـام الدنيـا أيـام العشـر " (1) .
تخريج السيوطي : ( رواه : البزار ) / وصححه الشيخ الألباني في : في صحيح الجامع الصغير
وزيادته / مرتب على الحروف الهجائية / ج : 1 / حديث رقم : 1133 / ص : 253 .
===============
( 1 ) أيــام العشــر : أي عشـر ذي الحجـة .
وترجـع أفضليتهـا ؛ لاجتمـاع أمهـات العبـادة فيهـا .
فيض القدير شرح الجامع الصغير للأحاديث النبوية بالترتيب ... / ج :2 / ص : 71 / بتصرف .
فلمـا كانـت هـذه العشـر محـلاً لأمهـات العبـادة مـن الصـلاة والصيـام والصدقـة والحـج والنحـر والتكبيـر؛ والتهليـل ..... ، وليـس ذلـك لغيرهـا ، فعلـى المسـلم الفطـن ؛ أن يسـارع بتعميرهـا بمـا يقـدر عليـه مـن الطاعـات .
فاليـوم تسـتطيع أن تفـوز بهـذا الأجـر الكبيـر ، فهـذه العبـادات مـن صـلاة وصيـام وصدقـة واسـتغفار ودعـاء وإعانـة للمحتـاج وذكـر لله عـز وجـل ، ..... ، كلهـا فـي هـذه الأيـام هـي أثقـل فـي ميزانـك مـن الجهـاد فـي سـبيل الله . فالعمـل الصالـح فـي هـذه العشـر : أحـب ، و أزكـى عنـد الله عـز وجـل ، و أعظـم أجـراً ، عمـا فـي سـواها .
* فعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ
قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " مـا مـن أيـام العمـل الصالـح فيهـن أحـبُّ إلـى الله مـن هـذه الأيـام العشـر " . فقالـوا ولا الجهـاد فـي سـبيل الله ؟ . فقـال صلـى الله عليه وسلم : " ولا الجهـاد فـي سـبيل الله ، إلا رجـلٌ خـرج بنفسـه ومالـه ولـم يرجـع مـن ذلـك بشـيء " .
سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : الصوم عن رسول الله ... / ( 52 ) ـ باب : ما جاء في العمل في أيام العشر/ حديث رقم : 757 / ص: 187 / صحيح .
* وعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ ،
عـن النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ قـال : " مـا مـن عمـل أزكـى عنـد الله عـز وجـل ، ولا أعظـم أجـراً مـن خيـر يعملـه فـي عشـر الأضحـى ، قيـل : ولا الجهـاد فـي سـبيل الله ؟ قـال : ولا الجهـاد فـي سـبيل الله عـز وجـل إلا رجـل خـرج بنفسـه ومالـه فلـم يرجـع مـن ذلـك بشـيء " .
صحيح البخاري / ( 13 ) ـ كتاب : العيدين / ( 11 ) ـ باب : فضل العمل في أيام التشريق / حديث رقم : 969 / ص : 111 .
أنتظروني
من دروس معلمتنا الحبيبه أم أبي التراب