فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف ؛
كما قال ابن القيم في النونية
أسماؤُهُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها *** مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان ِ
ثانياً
" أن الاسم لا يُشتق من أفعال
الله ؛
فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب
والكاره والغاضب
أما صفاته ؛
فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب
ونحوها من تلك الأفعال
لذلك قيل : باب الصفات أوسع من باب الأسماء "
[مدارج السالكين 3/415]
ثالثاً
أن
أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته
تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها
لكن تختلـف في التعــبد والدعاء
فيتعبد
الله بأسمائـه
فنقول : عبد الكريم ، وعبد الرحـمن ، وعبد العزيز
لكن لا يُتعبد بصفاته ؛
فلا نقول : عبد الكرم ، وعبد الرحمـة ، وعبد العزة ؛
كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه
فنقول : يا رحيم ! ارحمنا ، ويا كريم! أكرمنا
ويا لطيف! الطف بنا
لكن لا ندعو صفاته فنقول
يا رحمة الله! ارحمينا ، أو : يا كرم
الله
أو :يا لطف
الله
ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف ؛
فالرحمة ليست هي
الله ، بل هي صفةٌ لله
وكذلك العزة ، وغيرها ؛
فهذه صفات لله ، وليســـت هي الله
ولا يجوز التعبد إلا لله
ولا يجوز دعاء إلا
الله ؛
لقولـه تعالى
( يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شــَيْئًا )
النور : 55
وقوله تعالى
( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
غافر :60
وغيرها من الآيات
" انتهى من "
"صفات
الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة"
ص 17
وأما الفرق بين باب الأسماء والصفات
وباب الأخبار فمن وجهين
الأول : أن الأسماء والصفات توقيفية
فلا يوصف الله تعالى
إلا بما وصف به نفسه
أو وصفه به رسوله صلى
الله عليه وسلم
وفي الإخبار يجوز أن يخبر
عن الله تعالى
بما لم يرد في الكتب والسنة مما يصح معناه
كقولهم : قديم الإحسان ، واسع الجود
والثاني
أن أسماءه سبحانه حسنى ، وصفاته علا
كما قال
( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
الأعراف/180
وقال : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
النحل/60
والحسنى : تأنيث الأحسن
أي أسماؤه بالغة في الحسن غايته
والمثل الأعلى : الوصف الأعلى
قال الشوكاني في "فتح القدير" (4/314)
"
قال الخليل : المثل الصفة
أي وله الوصف الأعلى في السموات والأرض "
انتهى
أما الأخبار
فيجوز أن يخبر عن
الله تعالى بما لا نقص فيه
وإن لم يتضمن أعلى الكمال
كالإخبار عن
الله بأنه قديم وموجود وشيء
قال تعالى
( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ )
الأنعام/19
قال ابن القيم رحمه
الله
" ويجب أن تعلم هنا أموراً
أحدها : أن ما يدخل في باب الإخبار
عنه
تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته
كالشيء والموجود والقائم بنفسه
فإنه يخبر به عنه
ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا
الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة
إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه
بل يطلق عليه منها كمالها
وهذا كالمريد والفاعل والصانع
فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه
ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق
بل هو الفعال لما يريد
فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة
ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا
الثالث : أنه لا يلزم من الإخبار
عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق
كما غلط فيه بعض المتأخرين
فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر
تعالى الله عن قوله ؛
فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه
منها إلا أفعال مخصوصة معينة
فلا يجوز أن يسمى بأسمائها ...
السابع : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي
وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا
كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه
فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه
هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض
ما لم يرد به السمع
الثامن : أن الاسم إذا أطلق
عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل
فيخبر به عنه فعلا ومصدرا
نحو السميع البصير القدير
يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة
ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو
( قد سمع الله )
( فقدرنا فنعم القادرون )
هذا إن كان الفعل متعديا
فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو
الحي ، بل يطلق عليه الاسم والمصدر
دون الفعل ..."
انتهى من "بدائع الفوائد" (1/170)
والله أعلم