أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له من يُذكرُ به
"إنَّ ممَّا تذكرونَ من جلالِ اللهِ التسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ ينعطِفْنَ حولَ العرشِ لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحلِ تُذكِّرُ بصاحبِها أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له أو لا يزالَ له من يُذكرُ به"الراوي : النعمان بن بشير - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3086 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
الشرح:
ذِكْرُ اللهِ تعالى بقلْبٍ خاشعٍ له فضْلٌ كَبيرٌ، وقد حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تَرطيبِ الألْسِنةِ بذِكْرِ اللهِ، وتَعميرِ القُلوبِ به.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال "إنَّ ممَّا تذكُرونَ مِن جَلالِ اللهِ"، أي: تَعظيمِه "التَّسبيحَ"، وهو قولُ: سُبحانَ اللهِ، وما شابَه ذلك، "والتَّهليلَ" وهو قولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، "والتَّحميدَ" وهو قولُ: الحمدُ للهِ، "يَنْعَطِفْنَ حَولَ العرْشِ"، أي: هؤلاء الكلماتُ والجُمَلُ الأربعُ يَمِلْنَ ويَدُرْنَ حولَه، والمُرادُ طَوافُهنَّ حَولَ العرشِ، "ولهنَّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحلِ"، أي: صَوتٌ يُشْبِهُ صَوتَ النَّحلِ؛ مِن كثرةِ تَكرارِ هذه الكلماتِ وتَرديدِها، "تُذَكِّرُ بصاحبِها"، أي: تذكُرُ أنَّ قائلَها فلانٌ، في المَقامِ الأعلى، وفي هذا أعظَمُ حَضٍّ على الذِّكْرِ بهذه الألفاظِ، "أَمَا يُحِبُّ أحدُكم أنْ يكونَ له- أو لا يزالَ له- مَن يُذَكِّرُ به"، أي: عندَ اللهِ وحَولَ عرْشِه.
وهذا مِن الحَثِّ على الاستكثارِ مِن هذا الذِّكْرِ؛ فالتَّسبيحُ: تنزيهٌ للهِ عن كلِّ ما لا يليقُ به، والتَّحميدُ: إثباتٌ لأنواعِ الكمالِ للهِ في أسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه، والتَّهليلُ: إخلاصٌ وتوحيدٌ للهِ وبَراءةٌ مِن الشِّركِ، والتَّكبيرُ: إثباتٌ لعَظَمَةِ اللهِ، وأنَّه لا شيءَ أكبَرُ منه؛ فاشتمَلَتْ هذه الجملُ على جُملةِ أنواعِ الذِّكْرِ مِن التَّنزيهِ والتَّحميدِ والتَّوحيدِ والتَّمجيدِ، ودِلالتُها على جميعِ المَطالِبِ الإلهيَّةِ إجمالًا. ولهذه الكلماتِ فَضائلُ عَظيمةٌ أُخرَى، ومِن ذلك: أنَّهنَّ مُكفِّراتٌ للذُّنوبِ، وأنَّهنَّ غَرْسُ الجنَّةِ تُغْرَسُ لقائلِها.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على ذِكْرِ اللهِ بهذه الكلماتِ.
وفيه: بيانُ فضْلِ الذِّكْرِ.الدرر السنية.