ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى المعتقد الصحيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 11-26-2019, 04:42 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
Haedphone

صفة نعيم القبر وعذابه


حديث البراء بن عازب
"خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رءوسِنا الطَّيرُ، وفي يدِهِ عودٌ ينْكتُ بِهِ في الأرضِ، فرفعَ رأسَهُ، فقالَ: استَعيذوا باللَّهِ من عذابِ القبرِ مرَّتينِ، أو ثلاثًا، زادَ في حديثِ جريرٍ ها هنا وقالَ: وإنَّهُ ليسمَعُ خفقَ نعالِهم إذا ولَّوا مدبرينَ حينَ يقالُ لَهُ: يا هذا، مَن ربُّكَ وما دينُكَ ومن نبيُّكَ ؟ قالَ هنَّادٌ: قالَ: ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلِسانِهِ فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم ؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ ،زادَ في حديثِ جريرٍ: فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ "يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا" فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ قالَ: فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ .
قالَ: وإنَّ الْكافرَ فذَكرَ موتَهُ قالَ: وتعادُ روحُهُ في جسدِهِ، وياتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ؛ فيقولانِ: من ربُّكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ، قالَ: فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها ،قالَ: ويضيَّقُ عليْهِ قبرُهُ حتَّى تختلِفَ فيهِ أضلاعُهُ، زادَ في حديثِ جريرٍ قالَ: ثمَّ يقيَّضُ لَهُ أعمى أبْكَمُ معَهُ مِرزبَةٌ من حديدٍ لو ضُرِبَ بِها جبلٌ لصارَ ترابًا، قالَ: فيضربُهُ بِها ضربةً يسمَعُها ما بينَ المشرقِ والمغربِ إلَّا الثَّقلينِ فيَصيرُ ترابًا، قالَ: ثمَّ تعادُ فيهِ الرُّوحُ
"
الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 4753 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.



قال اللهِ عزَّ وجَلَّ"يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"إبراهيم: 27، أي: يُوفِّقُ اللهُ الذينَ آمَنوا به في الدُّنيا ويَهديهِم إلى صَوابِ الجَوابِ والحَقِّ في الدُّنيا، وعندَ السُّؤال في القَبرِ، وعِند اللهِ تعالى.

«إلا الثَّقلَين»، أي: يَسمَعُ صُراخَه كُلُّ الخَلائقِ إلَّا الإنسَ والجِنَّ؛ فإنَّ اللهَ جعَلَ بينهما وبين هذا العذابِ حِجابًا فلا يَسْمعونَه.
«فَيصيرُ تُرابًا»، من شِدَّة الضَّربةِ التي تَسحَقُه فَيتَحوَّلُ إلى تُرابٍ، قال «ثُمَّ تُعادُ فيه الرُّوحُ»؛ وذلك لِيعادَ له العَذابُ.
وفي الحديثِ: التَّنبيهُ إلى فَضلِ الإيمان ومَغبَّةِ الكُفرِ في القَبرِ وبَعدَ المَوتِ.
وفيه: بيانُ أنَّ في القَبر نَعيمًا للمُؤمنِ، وعَذابًا للكافِرِ.
الدرر.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الاطمئنان إلى ما أخبر به الله عز وجل ، وأخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يصدق بذلك على الوجه الذي أراده الله عز وجل ، وإن خفي على العبد بعض المعنى ، فلله الحكمة البالغة سبحانه

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-28-2022 الساعة 02:52 AM
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 02-28-2022, 02:53 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
Haedphone


*وَالإيمَانُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْمًا؛فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ،كَمَا جَاءَ في الأَثَرِ،كَيْفَ شَاءَ اللهُ وَكَمَا شَاءَ،إِنَّمَا هُوَ الإيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
الشرحاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ حَيَاتَنَا هَذِهِ زَائِلَةٌ لا مَحَالَةَ وَأَنَّنَا إِلَى رَبِّنَا صَائِرُونَ، وَإِلَى خَالِقِنَا رَاجِعُونَ، إِنَّنَا سَوْفَ نُحْشَرُ جَمِيعًا إِنْسًا وَجِنًّا، عَرَبًا وَعَجمًا، مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا، بَلْ حَتَّى الدَّوَابُ واَلْهَوَامُ وَالْوُحُوشُ وَالطُّيُورُ تُحْشَرُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى"وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ"الأنعام:38.
إِنَّهُ مَوْقِفٌ عَصِيبٌ؛ إِنَّهُ يَوْمٌ يَشِيبُ فِيهِ الصَّغِيرُ، وَيَخَافُ فِيهِ الْكَبِيرُ"فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا"المزمل:17.إِنَّهُ يَوْمٌ تُسْقِطُ الْحَامِلُ فِيهِ حَمْلَهَا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَتَنْشَدِهُ الْمَرْأَةُ عَنْ طِفْلِهَا مِنْ عِظَمِ الْكَرْبِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ"الحج:1-2.إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَحْصُلُ فِيهِ الكَثِيرُ مِنَ الْكُرُوبِ وَالأَهْوَالِ، وَلا يَنْجُو إِلَّا مَنْ عَرَفَ اللهَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَوَحَّدَهُ، وَأَطَاعَهُ، وَاتَّبَعَ رُسَلَهَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ، وَآخِرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.ثُمَّ إِنَّ اللهَ يُرِيحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَصِيبِ بِشَفَاعَةِ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ.هنا-الشفاعة في لغة العرب:مشتقة من الشفع الذي هو غير الوتر، أي أن الشفع هو الزوج الذي هو عكس الوتر عند الإطلاق، تقول: أعطيتك كتابًا ثم شفعته بآخر، أي صار ما معك زوجًا بعد أن كان وترًا.

الشفاعة في الشرع:
هي التوسط للغير في جلب المنفعة أو دفع المضرة.
وهي قسمان :
القسم الأول:الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا .
فالشفاعة في أمور المعاملات التي تكون بين الناس تنقسم إلى قسمين باختصار:
الأول:شفاعة جائزة: وهي ما يكون في مقدور العبد واستطاعته القيام به ؛ فهذه جائزةبشرطين : أن تكون في شيء مباح، أن لا يعتمد بقلبه في تحقيق المطلوب ودفع المكروه إلا على الله وحده ،وهي الشفاعة الحسنة التي يتم التوصل بها إلى إيصال الحق لصاحبه دون أن يكون في ذلك ظلم لطرف آخر،بصيغة أخرى الشفاعة الحسنة هي الوساطة في إيصال الخير أو دفع الشر سواء كانت بطلب من المنتفع أم لا.
وأن يعلم أن هذا الشافع لا يعدو كونه سببًا أَذِنَ الله به، وأن النفع والضر بيد الله وحده.
"اشْفعوا تُؤجَروا فإنِّي لأريدُ الأمرَ فأؤخرَه كيما تَشْفعوا فتُؤجَروا , فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ قال : اشْفعوا تُؤجروا"الراوي : معاوية بن أبي سفيان- المحدث : الوادعي- المصدر : الشفاعة- الصفحة أو الرقم:306- خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح.

وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أوْ طُلِبَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويَقْضِي اللَّهُ علَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما شَاءَ".الراوي : أبو موسى الأشعري - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: .1432

كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَؤُوفًا رحيمًا بالنَّاسِ، وكان يَسعى في قَضاءِ الحَوائجِ والتَّوسُّطِ للنَّاسِ فيها بالحقِّ والعدلِ؛ ليُعلِّمَ أُمَّتَه التعاوُنَ على البِرِّ والتقْوى.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو موسى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا جاءَه السَّائلُ المحتاجُ لطلبِ الصَّدقةِ، أو جاءَه صاحبُ الحاجةِ يَطلُبُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضاءَها له، ومساعدتَه عليها، يقولُ: اشفَعُوا تُؤجَروا، أي: يكُنْ لكم في ذلك الأجرُ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والمرادُ بالشَّفاعةِ هنا: هي التي تَكونُ في أمورِ الدُّنيا، وفي إعانةِ الإنسانِ على ما فيه خَيرٌ له في دُنْياه، فيَسعى المسلِمُ لأخيه المسلِمِ في حاجتِه وطلَبِها له، والتَّوسُّطِ فيها طالَما فيها خيرٌ يُعينُه على دِينِه ودُنياه، ما لم تكُنْ تلك الحاجةُ مَعصيةً أو إسقاطَ حدٍّ مِن حدودِ اللهِ تعالَى، أمَّا مَا عدا ذلك مِن الحاجاتِ -كإنظارِ المُعسِرِ، وإعانةِ المَدِينِ، والإصلاحِ بيْنَ متخاصِمَينِ- فبادِروا إلى السَّعي عِندي في ذلك
.وقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"ويَقْضي اللهُ على لِسانِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما شاءَ" يعني: أنَّ ما قدَّره اللهُ وقَضاهُ واقعٌ؛ فإنْ قدَّر تحقيقَ الرَّغبةِ فإنَّها ستقَعُ، وإنْ قدَّر عدَمَ تحقيقِها فإنَّها لا تقَعُ، وكلُّ شَيءٍ بقضاءِ اللهِ وقدَرِه، والأجرُ للشَّفيعِ لا يَتوقَّفُ على تَحقُّقِ الغرَضِ مِن الشَّفاعةِ؛ فهو مأجورٌ لِمُجرَّدِ السَّعيِ.
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في الشَّفاعةِ والسَّعيِ في قَضاءِ حَوائجِ النَّاسِ.
وفيه: إثباتُ القَضاءِ والقدَرِ.الدرر.ومعنى الحديث إذا جاءكم المحتاج ولديكم القدرة على تقديم المساعدة بالمال أو الطعام أو النفس أو الكلمة التي تقولها تبتغي بها وجه الله فافعلوا فلكم الأجر سواء أقضيت أو لم تُقْضَ.هنا-
هذا يدل على أن الشفاعة مندوبة، وقوله صلى الله عليه وسلم" تُؤْجَرُوا"موافق لقوله -تبارك وتعالى" مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا"النساء:58"، فهو يؤجر سواء كان الأمر المطلوب قد تحقق تحصيله أو لم يتحقق، فأجره على الله، ويكون قد بذل الأسباب، وأعان أخاه المسلم، وحصل بذلك على الأجر.

*ضروب من الشفاعة الحسنة:وتَنتظِم الشفاعة الحسنة بالتحريض على الصَّدقات للفقراء والمساكين، وتفريج الكربات عن المكروبين، وقضاء الحاجات لأصحابها ولا سيما العاجزين.ومن ذلك التوسُّط في الإقالة من بيع لمضطرٍّ- وهي رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين -، والإنظار إلى ميسرة في دَين على مُعسِر، وأما التوسُّط في تخفيف الدَّين عن المدين، أو إبرائه منه، أو تأديته عنه من غير مَنٍّ ولا أذى - فذلك من كرائم الشفاعات وعظائم المروءات -هنا.ومن الشفاعات الجائزة: شفاعته - صلى الله عليه وسلم في بريرة:وهي أَمَةٌ كانت تخدُم أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وكانت عائشة تُعينها على تحريرها من الرقِّ، فلما عُتِقت وهي تحت زوجها مُغيث، وكان عبدًا لآل المغيرة من بني مخزوم - أضحى لها الخيار شرعًا، أن تُفارِقه، وقد فعلت.
عن عبد الله بن عباس"أنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كانَ عَبْدًا يُقَالُ له مُغِيثٌ، كَأَنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي ودُمُوعُهُ تَسِيلُ علَى لِحْيَتِهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِعبَّاسٍ: يا عَبَّاسُ، ألَا تَعْجَبُ مِن حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، ومِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا !فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو رَاجَعْتِهِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قالَ:إنَّما أنَا أشْفَعُ ،قالَتْ: لا حَاجَةَ لي فِيهِ.صحيح البخاري .وفي الحديث:أنَّ مَن يَسألُ مِن الأُمورِ ممَّا هوَ غير واجِبٍ عليه فِعلُه فَلَهُ رَدُّ سائِلِه، وَتَرْكُ قَضاءِ حاجَتِه، وإنْ كانَ الشَّفيعُ سُلطانًا أو عالِمًا أو شَريفًا.الدرر.

الثاني:شفاعة غير جائزة:وهي ما لا يكون في مقدور العبد ، وطاقته ووسعه كطلب الشفاعة من الأموات وأصحاب القبور وهذا محرم.


و تكون في أمر غير شرعي، أو فيها ظلم لطرف آخر، وقد انتظم هذين القسمين قوله تعالى"مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا"النساء:85.
ومن أمثلة الشفاعة السيئة :
"أنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُها إلى أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسامَةُ فيها، تَلَوَّنَ وجْهُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، قالَ أُسامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كانَ العَشِيُّ قامَ رَسولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُها، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بَعْدَ ذلكَ وتَزَوَّجَتْ قالَتْ عائِشَةُ: فَكانَتْ تَأْتي بَعْدَ ذلكَ فأرْفَعُ حاجَتَها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ."الراوي : عروة بن الزبير - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4304 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.في الحَديثِ: النَّهْيُ عن الشَّفاعةِ في الحُدودِ إذا بَلَغَت السُّلطانَ.
وَفيه: تَركُ الرَّحمةِ فيمَن وجَبَ عليه الحَدُّ.
وَفيه: أنَّ أحكامَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ يَستَوي فيها الشَّريفُ والوَضيعُ. الدرر.أما الشفاعة في الحدود التي لم تبلُغ الحد، أو في الحد قبل أن يبلُغ الحاكم، ولا سيما الشفاعة لأرباب المروءة والحياء، الذين لم يستمرئوا العيوب، ولم يُصِرُّوا على الذنوب، فإنها تدخل في سَتر العورات، وإقالة العثرات، والإصلاح بين الناس، وتلك من مكارم الأخلاق.
قال صلى الله عليه وسلم " "تعافُّوا الحدودَ فيما بينَكُم ، فما بلغَني مِن حدٍّ فقد وجبَ"الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4376 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
الشرح:حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على إرْساءِ مبْدأِ العفْوِ بين المسلِمين فيما يقَعُ بيْنهم من ظُلْمِ بعْضِهم لبعْضٍ، فأمَرَ بالعفْوِ، ورغَّبَ فيهِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "تَعافوا الحُدودَ فيما بيْنكم"، أي: تَجاوزوا عنها، فلا ترْفَعوها إليَّ للتَّقاضِي، "فمَا بلَغَني"، أي: وصَلَ إليَّ "مِن حدٍّ فقدْ وجَبَ"، أي: لازِمٌ عليَّ إقامَتُه.
وفي الحَديثِ:أنَّ الحدودَ إذا رُفِعتْ للحاكِمِ أو للقاضي؛ فإنَّها تلزمُ وتجبُ، ولا يصحُّ العفوُ فيها.الدرر-
فإذا تاب الجاني قبل القدرة عليه، وقبل بلوغ الحاكم الأمر، سقط عنه الحد الواجب لله، ولزمه الحق الواجب للآدمي من قصاص أو مال مسروق، أو قذف، أو دية ونحو ذلك؛ لأن التوبة تَجُبّ ما قبلها من حقوق واجبة لله تعالى.
قال الله تعالى"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ*إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ*المائدة: 33- 34.كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي/ حكم توبة الجاني - هنا -
وإذا كانت التوبة قبل القدرة عليه، تمنع من إقامة الحد في الحرابة، فغيرها من الحدود -إذا تاب من فعلها، قبل القدرة عليه- من باب أولى
.تفسير الشيخ السعدي رحمه الله.
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 02-28-2022, 02:54 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
Haedphone

*القسم الثاني : الشفاعة التي تكون في الآخرة ـ يوم القيامة ـ .
فأما الشفاعة التي تكون في الآخرة فهي نوعان :
🍃النوع الأول: الشفاعة الخاصة:
وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق وهي أقسام :
أولها: الشفاعة العظمى:
وهي من المقام المحمود الذي وعده الله إياه ، في قوله تعالى " وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا"سورة الإسراء:
79. وهي الأولى، التي يشفع فيها عند الله عز وجل، ليأتي لفصل القضاء، وهي التي يرغب إليه فيها الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم.
وحقيقة هذه الشفاعة
إِنَّهُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَجْمَعُ اللهُ الْخَلْقَ، وَيَلْحَقُهُمْ مِنْ الشِّدَّةِ مَا لا يُطَاقُ وَلا يُحْتَمَلُ.إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَحْصُلُ فِيهِ الكَثِيرُ مِنَ الْكُرُوبِ وَالأَهْوَالِ، وَلا يَنْجُو إِلَّا مَنْ عَرَفَ اللهَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَوَحَّدَهُ، وَأَطَاعَهُ.
فأهل الموقف حينما يوقف الناس بين يدي الله للحساب حفاة لا نعال لهم، عراة لا ثياب عليهم، غرلًا غير مختونين، بُهمًا ليس معهم شيء، ويشتد الحرُّ، وتدنو الشمسُ من الرؤوسِ، ويزادُ في حرارتِها فيكون يومًا عصيبًا، فيموج الناسُ بعضهم إلى بعضٍ.
قال صلى الله عليه وسلم "إنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ حُفاةً عُراةً مُشاةً غُرْلًا." صحيح البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم"يُبعثُ الناسُ حُفاةً عُراةً غُرلًا ، قد ألجَمهم العَرَقُ ، وبلَغَ شُحومَ الآذانِ، فقلتُ : يُبصِرُ بعضُنا بعضًا ؟ قال : شُغِلَ الناسُ ،لكلِّ امرىءٍ منهم يومئِذٍ شأنٌ يُغنِيِه"الراوي : سودة بنت زمعة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب- حسن لغيره.

".....ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ "الحديث. رواه البخاري :4343 - ومسلم : 287 .
قال القرطبي رحمه الله تعالى" وقوله :
أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ ، فيقال.يا محمدُ، أَدخِل الجنة من أمتِكَ من لا حساب عليه ، هذا يدل على أنه شُفِّع فيما طلبه من تعجيل حساب أهل الموقفِ، فإنه لما أُمِر بإدخال من لا حساب عليه من أمته، فقد شُرِع في حساب من عليه حِساب من أمته وغيرهم" انتهى من"المفهم" 1 / 437.

وقال صلى الله عليه وسلم "يَحشُرُ اللهُ العبادَ -أو الناسَ- عُراةً غُرلًا بُهمًا، قلنا: ما بُهمًا؟ قال: ليس معهم شَيءٌ، فيُناديهم بصوتٍ يَسمَعُه مَن بَعُدَ - أحسَبُه قال: كما يَسمَعُه مَن قَرُبَ- أنا المَلِكُ لا يَنبغي لأحَدٍ من أهلِ الجَنَّةِ يدخُلُ الجَنَّةَ، وأحَدٌ من أهلِ النارِ يطلُبُه بمَظلمَةٍ، ولا يَنبغي لأحَدٍ من أهلِ النارِ يدخُلُ النارَ، وأحَدٌ من أهلِ الجَنَّةِ يطلُبُه بمَظلمَةٍ قُلتُ: وكيف؟ وإنَّما نأتي اللهَ عُراةً بُهمًا؟ قال: بالحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ."الراوي : عبدالله بن أنيس - المحدث : شعيب الأرناؤوط- المصدر : تخريج العواصم والقواصم -الصفحة أو الرقم: 3/ 222 - خلاصة حكم المحدث : حسن
الشرح:إِنَّ اللهَ يُرِيحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَصِيبِ بِشَفَاعَةِ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشَّفَاعَةَ الْعُظْمَى، بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ عَنْهَا أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَخَافُ وَيُحْجِمُ عَنِ الإِقْدَامِ عَلَى الشَّفَاعَةِ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْقِفِ وَهَوْلِ الْمَطْلَعِ.
فيشفع صلى الله عليه وسلم لجميع الخلق حين يؤخِّر اللهُ الحسابَ فيطول بهم الانتظار في أرض المحشر يوم القيامة فيبلغ بهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد، يتمنون التحول من هذا المكان ، فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم : لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول"أنا لها" صحيح مسلم. فيشفع لهم في فصل القضاء ، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

*قال البخاري في صحيحه:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، قال:حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ وَقَالَ : إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ ، حَتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ ، ثُمَّ بِمُوسَى ، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قال:حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ : فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الخَلْقِ ، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ البَابِ ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا ، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ "صحيح البخاري/كتاب الزكاة/ باب من سأل الناس تكثرا/حديث رقم 1416.
قَوْله: وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ : يحْتَمل التَّعْلِيق حَيْثُ لم يضفه إِلَى نَفسه وَلم يقل: زادني.جامع السنة وشروحها-
فَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ ، فَتُوزَنُ بِهَا أَعْمَالُ الْعِبَاد"‏فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ"المؤمنون‏:‏ 102‏:‏ 103‏‏‏.‏ وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ، وَهِيَ صَحَائِفُ الأَعْمَالِ، فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ مِنْ وَّراءِ ظَهْرِهِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"‏وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كَتَابَكَ كفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا‏"الإسراء‏:‏ 13‏:‏ 14‏‏‏.‏
وَيُحَاسِبُ اللهُ الخَلائِقَ، وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ؛ كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ‏.‏ وَأَمَّا الْكُفَّارُ؛ فَلا يُحَاسَبُونَ مُحَاسَبَةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ؛ فَإِنَّهُ لاَ حَسَنَاتَ لَهُمْ، وَلَكِنْ تُعَدُّ أَعْمَالُهُمْ، فَتُحْصَى، فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا وَيُقَرَّرُونَ بِهَا‏.‏
وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ، وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ، وَمِنْهُم مَن يَمُرُّ كَالْبَرْقِ، وَمِنْهُم مَن يَمُرُّ كَالرِّيحِ، ومِنْهُم مَن يَمُرُّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ، وَمِنْهُم مَن يَمُرُّ كَرِكَابِ الإِبِلِ، ومِنْهُم مَن يَعْدُو عَدْوًا، وَمِنْهُم مَن يَمْشِي مَشْيًا، وَمِنْهُم مَن يَزْحَفُ زَحْفًا، وَمَنْهُم مَن يُخْطَفُ خَطْفًا وَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ؛ فَإِنَّ الْجِسرَ عَلَيْهِ كَلاَلِيبُ تَخْطِفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِم، فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ ونجا من السقوط في النار؛ استحق دخول الْجَنَّةَ‏.‏ فَإِذَا عَبَرُوا عَلَيْهِ؛ وَقَفُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصَّ لِبَعْضِهِم مِن بَعْضٍ، فَإِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا؛ أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ‏.
‏وهذه هي
الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 02-28-2022, 02:55 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
4


ثانيها :
الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:

- بعد عبور الصراط-يجري نحو ما جرى من تدافع وتراجع الأنبياء عن الشفاعة في ذلك، فيشفع أيضًا لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وفي كل ذلك إظهار لشرفه صلى الله عليه وسلم، وإعلاء لقدره، وإظهار لكرمه على ربه.هنا-
عن حذيفةَ وأبي هريرة رضيَ اللهُ عنهما:قالا:قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
"يَجْمَعُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى النَّاسَ، فَيَقُومُ المُؤْمِنُونَ حتَّى تُزْلَفَ لهمُ الجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فيَقولونَ: يا أبانا، اسْتَفْتِحْ لنا الجَنَّةَ، فيَقولُ: وهلْ أخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلَّا خَطِيئَةُ أبِيكُمْ آدَمَ، لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، اذْهَبُوا إلى ابْنِي إبْراهِيمَ خَلِيلِ اللهِ، قالَ: فيَقولُ إبْراهِيمُ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، إنَّما كُنْتُ خَلِيلًا مِن وراءَ وراءَ، اعْمِدُوا إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الذي كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، اذْهَبُوا إلى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ ورُوحِهِ، فيَقولُ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَيَقُومُ فيُؤْذَنُ له، وتُرْسَلُ الأمانَةُ والرَّحِمُ، فَتَقُومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ يَمِينًا وشِمالًا، فَيَمُرُّ أوَّلُكُمْ كالْبَرْقِ قالَ: قُلتُ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي أيُّ شيءٍ كَمَرِّ البَرْقِ؟ قالَ: ألَمْ تَرَوْا إلى البَرْقِ كيفَ يَمُرُّ ويَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وشَدِّ الرِّجالِ، تَجْرِي بهِمْ أعْمالُهُمْ ونَبِيُّكُمْ قائِمٌ علَى الصِّراطِ يقولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حتَّى تَعْجِزَ أعْمالُ العِبادِ، حتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فلا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلَّا زَحْفًا، قالَ: وفي حافَتَيِ الصِّراطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بأَخْذِ مَنِ اُمِرَتْ به، فَمَخْدُوشٌ ناجٍ، ومَكْدُوسٌ في النَّارِ." والذي نَفْسُ أبِي هُرَيْرَةَ بيَدِهِ إنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا."الراوي : أبو هريرة وحذيفة بن اليمان - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 195 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-
*قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
"يُجْمَعُ الناسُ يومَ القيامةِ" ....إلى ، أن قال : فيُعْطَوْنَ نُورَهم على قَدْرِ أعمالِهم ، وقال : فمنهم مَن يُعْطَى نُورَه مِثْلَ الجبلِ بينَ يَدَيْهِ ، ومنهم مَن يُعْطَى نُورَه فوقَ ذلك ، ومنهم مَن يُعْطَى نُورَه مِثْلَ النخلةِ بيمينِهِ ، ومنهم مَن يُعْطَى دون ذلك بيمينِه ، حتى يكونَ آخِرُ مَن يُعْطَى نُورَه على إبهامِ قَدِمِه ، يُضِيءُ مَرَّةً ويُطْفِئُ مَرَّةً ، وإذا أضاء قَدَّمَ قَدَمَه ، وإذا طفِئَ قام ، قال فيَمُرُّ ويَمُرُّونَ على الصراطِ ، والصراطُ كحَدِّ السَّيْفِ ، دَحْضٌ ، مَزَلَّةٌ ، فيُقالُ لهم ، امْضُوا على قَدْرِ نورِكم ، فمنهم مَن يَمُرُّ كانْقِضاضِ الكوكبِ ، ومنهم مَن يَمُرُّ كالرِّيحِ ، ومنهم مَن يَمُرُّ كالطَّرْفِ ، ومنهم مَن يَمُرُّ كشَدِّ الرَّحْلِ ، يَرْمُلُ رَمَلًا ، فيَمُرُّونَ على قَدْرِ أعمالِهِم ، حتى يَمُرَّ الذي نورُه على إبهامِ قَدَمِه ، تَخِرُّ يَدٌ ، وتَعْلَقُ يَدٌ ، وتَخِرُّ رِجْلٌ ، وتَعْلَقُ رِجْلٌ ، وتُصِيبُ جوانبَه النارُ فيَخْلُصُونَ ، فإذا خَلَصُوا قالوا : الحمدُ للهِ الذي نَجَّانا منكِ بعدَ أن أَرَانَاكِ ، لقد أعطانا اللهُ ما لم يُعْطَ أَحَدٌ"الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : شرح الطحاوية-الصفحة أو الرقم: 415 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر.
اللهم سلم سلم
"فيَخلُصُوا، فإذا خَلَصوا قالوا: الحمْدُ للهِ الذي نجَّانا منكِ بعدَ الذي أراناكِ، لقد أعْطَانا اللهُ ما لم يُعطِ أحدًاأي: فإذا تَحقَّقوا أنَّهم قد نَجَوا منها يَحمَدون اللهَ عزَّ وجلَّ على هذه النِّعمةِ العظيمةِ، ويَتصوَّرون أنَّ أحدًا مِن الناسِ لم يفُزْ بمِثلِها؛ وهذا مِن شِدَّةِ الأهوالِ التي وُصِفَت، وشِدَّةِ الخوفِ مِن السُّقوطِ والخُلودِ في النارِ.
وفي الحديثِ: دَعوةٌ إلى الإكثارِ مِن العمَلِ الصالحِ؛ للفوزِ والنَّجاةِ مِن النارِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن الأعمالِ السَّيِّئةِ التي تُهلِكُ أصحابَه.

*وقال صلى الله عليه وسلم:
"
فيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فأكُونُ أوَّلَ مَن يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بأُمَّتِهِ، ولَا يَتَكَلَّمُ يَومَئذٍ أحَدٌ إلَّا الرُّسُلُ، وكَلَامُ الرُّسُلِ يَومَئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وفي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قالوا: نَعَمْ، قالَ: فإنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غيرَ أنَّه لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَن يُوبَقُ بعَمَلِهِ، ومِنْهُمْ مَن يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو،"الحديث.صحيح البخاري.
شرح الحديث:يوضَعُ الصِّراطُ بين ظَهْرانَيْ جهنَّمَ، فيكونُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أوَّلَ مَن يقطَعُ مسافةَ الصِّراطِ مِن الرُّسُلِ عليهم الصَّلاة والسَّلامُ، وأمَّتُه معه، ويكونُ دعاءُ الرُّسُلِ حينئذٍ: اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ؛ شفقةً منهم على الخَلْقِ، وفي جهنَّمَ كلاليبُ، جمعُ كَلُّوبٍ، مِثْلُ شَوْكِ السَّعدانِ، وهو نبتٌ له شَوْكٌ مِن جيِّدِ مراعي الإبلِ، يُضرَبُ به المثَلُ، فتخطَفُ النَّاسَ بسرعةٍ، بسببِ أعمالِهم السَّيِّئةِ، أو على حسَبِ أعمالِهم، فمنهم مَن يُوبَقُ، أي: يُهلَكُ، ومنهم مَن يُخَرْدَلُ، أي: يُقطَّعُ صِغارًا كالخَرْدَلِ، والمعنى: أنَّه تُقطِّعُه كلاليبُ الصِّراطِ حتَّى يَهوِيَ إلى النَّارِ، ثمَّ يُنجِّي اللهُ تعالى منها مَن كان يعبُدُ اللهَ وحده، وهم المؤمنون الخُلَّصُ...الدرر.
فمن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فإن أهل الجنة إذا عَبَرُوا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يُهَذَّبُوا ويُنَقُّوا ثم يُؤذَن لهم في دخول الجنة فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
قال الشيخ العثيمين في شرحه للعقيدة الواسطية:
وذلك أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط؛ وقفوا على قنطرة، فيقتص لبعضهم من بعض وهذا القصاص غير القصاص الذي كان في عرصات القيامة، بل هو قصاص أخص، يطهر الله فيه القلوب، ويزيل ما فيها من أحقاد وضغائن؛ فإذا هُذِّبُوا ونُقوا ؛ أُذِنَ لهم في دخول الجنة.
ولكنهم إذا أتوا إلى الجنة؛ لا يجدونها مفتوحة كما يجد ذلك أهل النار؛ فلا تفتح الأبواب ، حتى يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها، فيدخل كل إنسان من باب العمل الذي يكون أكثر اجتهادًا فيه من غيره، وإلا ؛ فإن المسلم قد يدعى من كل الأبواب.

وهو صريح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"يجمعُ اللهُ الناسَ يومَ القيامَةِ ، فيقومُ المؤمنونَ حينَ تُزْلَفُ لهم الجنةُ ، فيأتونَ آدمَ ، فيقولونَ : يا أبانا ! استفتِحْ لنا الجنةَ ، فيقولُ : وهلْ أخرجَكُمْ مِنَ الجنةِ إلَّا خطيئةُ أبيكم آدمَ ، لستُ بصاحبِ ذلِكَ ، اذهبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ اللهِ...." الحديث.
وفيه"
فيأتونَ محمدًا ، فيقومُ فيؤذَنُ له.." الحديث.صحيح الجامع.
*عن عبادة بن الصامت قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"
مَن قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وأنَّ عِيسَى عبدُ اللهِ، وابنُ أمَتِهِ، وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ منه، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وأنَّ النَّارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللَّهُ مِن أيِّ أبْوابِ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةِ شاءَ." صحيح مسلم.

*عن أبي هريرة رضي الله عنه "أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِن أبْوَابِ الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ" فَقالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ ما علَى مَن دُعِيَ مِن تِلكَ الأبْوَابِ مِن ضَرُورَةٍ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوَابِ كُلِّهَا؟" قالَ: نَعَمْ وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ."صحيح البخاري.


قالَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " إذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بقَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ،فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيَا حتَّى إذَا نُقُّوا وهُذِّبُوا، أُذِنَ لهمْ بدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجَنَّةِ أدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنْيَا."الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2440 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
شرح الحديث :في هذا الحديثِ مَشْهَدٌ مِن مَشاهِدِ يومِ القِيامَةِ المَهُولَةِ العَظِيمَةِ، حَيْثُ يُحبَسُ المؤمنون بعدَ أن يَتجاوزوا الصِّراطَ ويُنَجِّيَهم الله تعالى بفضلِه ورحمتِه مِن النارِ، فتُوقِفُهم الملائكةُ على قَنْطَرَةٍ أو جِسْرٍ بينَ الجنَّة والنارِ، فيَتقاصُّونَ مَظالِمَ كانت بَيْنَهم في الدُّنيا، يعني: يَقْتَصُّ المظلومُ مِن ظالِمِه حقَّه الَّذِي اعتدَى عليه في الدُّنيا، حتَّى إذا طُهِّروا وتخلَّصوا من حقوقِ الناس أُدخِلوا الجنَّةَ، وهم أعرَفُ بمنازِلِهم فيها مِن أهلِ الدُّنيا بمنازلِهم.
وفي الحديثِ: التَّحذِيرُ مِن المظالِمِ، والتَّأْكِيدُ على أنَّه ما مِن حَقٍّ إلَّا سَيرجِعُ لِصاحِبِه يومَ القِيامَةِ؛ فَلْنَعْمَلْ لِمِثْلِ هذا اليومِ العظيمِ. الدرر .

قال صلى الله عليه وسلم:
"مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2449 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية.
شرح الحديث:حرَّم اللهُ تعالى الظُّلمَ على نفْسِه، وجَعَله محرَّمًا بينَ عِبادِه، وتوعَّد الظالمين بالقِصاصِ منهم والعذابِ، فإنْ أَفْلَتَ الظالِمُ في الدُّنيا بظُلمِه، فلا مَفَرَّ له يَومَ القِيامةِ ولا مَلْجَأَ له مِن الله، حَيْثُ لا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ؛ ولذلك أمَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كلَّ مَن ظلَم أحدًا في عِرْضِه أو شيءٍ آخَرَ: أن يَتحلَّلَه، يعني: يَطلُب منه أن يُحِلَّه ويُسامِحَه؛ لأنَّه إن لم يَفعَلْ ذلك أخَذ هذا المظلومُ مِن حَسناتِه يومَ القيامةِ، فإنْ لم يكن له حسناتٌ وُضِع من سيِّئاتِ هذا المظلومِ على الظالِمِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ من مَغَبَّةِ الظُّلمِ وعاقبتِه.الدرر.

وهذا الذي يأخذ الناس حسناته، ثم يقذفون فوق ظهره بسيئاتهم هو المفلس، كما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم.
"أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2581 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
في الحَديثِ: بيانُ مَعنى الْمُفلِسِ الحقيقيِّ، وهو مَنْ أخَذَ غُرماؤُه أعمالَه الصَّالحةَ.
وفيه إشعارٌ بِأنَّه لا عَفوَ ولا شفاعةَ في حقوقِ العبادِ إلَّا أنْ يَشاءَ اللهُ، فَيُرضِي المظلومَ بِمَا أرادَ.
وفيه: أنَّ القِصاصَ يأتي على جميعِ الحسناتِ، حتَّى لا يُبقي منها شيءٌ.الدرر.

ثم من ينجو بعد القصاص على القنطرة يفوز بدخول الجنة.
"أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 196 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر -"أنَا أكثرُ الأنبياءِ تَبَعًا" أي: أَتْباعًا مُؤمنينَ به وبِرِسالتِهِ، يومَ القيامةِ.
"وأنا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ" أي: يَدُقُّ ويَسْتَفْتِحُ، بابَ الجنَّةِ، أي: لِيَفتحَ له حارِسُها، وهذا إعلامٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّه أَوَّلُ مَنْ يَدخُلُها.-الدرر -
"آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 197- خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-
فيقولُ الخازِنُ عندما يَسمعُ اسمَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بِكَ أُمِرْتُ لا أَفتحُ لأَحدٍ قَبْلكَ، أي: لا أَفتحُ الجنَّةَ لأحدٍ قَبْلكَ حتَّى يكونَ أنتَ أَوَّلَ مَنْ يَفتحُها، وهذا إعلامٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه أَوَّلُ مَنْ يَدخُلُها.الدرر-
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 02-28-2022, 02:56 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
y


ثالثها : شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:
سَأَل العَبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ رضِي اللهُ عنه رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له"يَا رَسولَ اللَّهِ، هلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بشيءٍ، فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ؟ قالَ: نَعَمْ، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ."الراوي : العباس بن عبدالمطلب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6208 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر-
"هو في ضَحْضَاحٍ مِن نارٍالضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب، ويقال أيضًا لما قرب من الماء، وهو ضد الغمرة، والمعنى: أنه خفف عنه العذاب...
«
لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ» أي: في الطَّبَقِ الذي في قَعْرِ جَهَنَّمَ، والنارُ سَبْعُ دَرَكاتٍ، سُمِّيتْ بذلك لأنَّها مُتَدارِكة مُتَتابِعة بعضُها فوقَ بعضٍ.

فأعمام الرسول عليه الصلاة والسلام عشرة ، أدرك الإسلام منهم أربعة ؛ فبقي اثنان على الكفر وأسلم اثنان :

ـ فالكافران هما : أبو لهب : وقد أساء إلى النبى صلى الله عليه وسلم إساءة عظيمة ، وأنزل الله فيه وفي امرأته سورة كاملة في ذمهما ووعيدهما - سورة المسد .
والآخر:أبو طالب :وقد أحسن إلى الرسول إحسانًا مشهورًا،
وكان من حكمة الله عز وجل أن بقي على كفره؛ لأنه لولا كفره؛ ما حصل هذا الدفاع عن الرسول عليه الصلاة ، بل كان يؤذي كما يؤذَى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن بجاهه العظيم عند قريش وبقائه على دينهم صاروا يعظمونه وصار للنبي عليه الصلاة والسلام جانب من الحماية بذلك.
ولكنه مات كافرًا:
فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ "أنَّ أبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، دَخَلَ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِنْدَهُ أبو جَهْلٍ، فَقَالَ" أيْ عَمِّ، قُلْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ" فَقَالَ أبو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: يا أبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ، حتَّى قَالَ آخِرَ شيءٍ كَلَّمَهُمْ بهِ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، ما لَمْ أُنْهَ عنْه ،فَنَزَلَتْ"ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهمْ أنَّهُمْ أصْحَابُ الجَحِيمِ"التوبة: 113. ونَزَلَتْ"إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ" القصص:56" صحيح البخاري.
واللذان أسلما هما العباس وحمزة ، وهو أفضل من العباس ، حتى لقبه الرسول عليه الصلاة والسلام أسد الله ، وقُتِلَ شهيدًا في أُحد رضي الله عنه وأرضاه ، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء.
*قال صلَّى الله عليه وسلَّم "سيدُ الشهداءِ عندَ اللهِ يومَ القيامَةِ حمزةُ بنُ عبدِ المطلِبِ" صحيح الجامع للشيخ الألبان رحمه الله.

أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بالعَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فقالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إليكَ بعَمِّ نَبِيِّنَا فاسْقِنَا، قالَ: فيُسْقَوْنَ.
الراوي : أنس بن مالك –صحيح البخاري.
فإنَّا نَتوسَّلُ إليك بِعَمِّ نَبيِّنا، أي: بدُعائِه واستِسقائِه، فَاسْقِنا، وأَنزِلْ علينا المطَرَ، وكان إذا فَعَلَ عمَرُ ذلك أنْزَلَ اللهُ تعالَى المطَرَ عليهم بِاستِسقاءِ العبَّاسِ رَضيَ اللهُ عنه.


*عن العباس بن عبدالمطلب"قلتُ يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئًا أسألُهُ اللَّهَ. قال "سلِ اللَّهَ العافِيةَ" فمَكثتُ أيَّامًا ثمَّ جئتُ فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئًا أسألُهُ اللَّهَ، فقالَ لي" يا عبَّاسُ يا عمَّ رسولِ اللَّهِ سلِ اللَّهَ العافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ"صحيح سنن الترمذي للألباني.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 02-28-2022, 02:57 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
Haedphone

🍃النوع الثاني: الشفاعة العامة:
وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين والصالحين.

فيشفع فيمن استحق النار ؛ أي: من عصاة المؤمنين.
وهذه لها صورتان : يشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
وهي أقسام:

أولاها: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار في أن يخرجوا منها . والأدلة على هذا القسم كثيرة جدًا منها :
ما جاء في صحيح مسلم: 269 : من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا "فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما مِنكُم مِن أحَدٍ بأَشَدَّ مُنا شَدَةً لِلَّهِ في اسْتِقْصاءِ الحَقِّ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَومَ القِيامَةِ لإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ في النَّارِ، يقولونَ: رَبَّنا كانُوا يَصُومُونَ معنا ويُصَلُّونَ ويَحُجُّونَ، فيُقالُ لهمْ: أخْرِجُوا مَن عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ علَى النَّارِ، فيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدِ أخَذَتِ النَّارُ إلى نِصْفِ ساقَيْهِ، وإلَى رُكْبَتَيْهِ"
.....إلى أن قال "
فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قدْ عادُوا حُمَمًا" الحديث .الدرر-

ثانيها: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها، وهذه قد يستدل لها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ علَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا، إلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ"أخرجه مسلم : 1577 .

إن الصلاة على الميت هدفها الأساسي الدعاء للميت، وهو مقبل على ظلمة القبر وعلى ما قدم من عمل.
فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.
وفي الحديثِ: أنَّ المُصلِّين عَلى الميِّتِ شُفعاءُ فيهِ.
وفيهِ: حثُّ المُسلمينَ عَلى الصَّلاةِ عَلى الميِّتِ وتَكثيرِ العَددِ.

وفي الحديث حصول شفاعة المؤمنين لإخوانهم قبل يوم القيامة، وذلك في الدنيا، وهي استشفاعهم إلى الله تعالى في الصلاة على من مات منهم بالرحمة والغفران والتجاوز .هنا-
ومعنى :شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ : أي قبل دعاءهم له بالرحمة ، والمغفرة .
وهذه الشفاعة تشمل الصغائر والكبائر، وهذا من فضل الله ورحمته، فمن قبل الله شفاعة الشافعين فيه ، واستجاب دعاءهم له ، كان ذلك من أسباب مفغفرة ذنوبه التي مات عليها ، من غير توبة. لكن تحقق الاستجابة في الشخص المعين : مرده إلى الله جل جلاله ، ولا يعني ذلك أنه تجب له الجنة بتلك الشفاعة؛ فقد يغفر الله بسبب شفاعة هؤلاء المصلين ذنوب هذا العبد، وقد يتبقى عليه ما قد يعاقب عليه في الآخرة، أو يعفو الله عنه، عفا الله عنا وعنكم بمننه وكرمه .موقع الإسلام سؤال وجواب.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في بيان الأسباب التي من أجلها تزول عقوبة الذنوب :
" دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِ ، مِثْلُ صَلَاتِهِمْ عَلَى جِنَازَتِهِ ....... . وَهَذَا دُعَاءٌ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْمَغْفِرَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ الَّذِي اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَكُفِّرَتْ عَنْهُ الصَّغَائِرُ وَحْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَغْفُورٌ لَهُ عِنْدَ الْمُتَنَازِعِينَ . فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلْمَيِّتِ ." انتهى من "مجموع الفتاوى" 7/498.

وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، فالدعاء ينفع الله به الحي والميت جميعًا، فالحي الذي يصلي على الجنازة له قيراط من الأجر لو صلى عليها، والميت ينفعه الله بهذا الدعاء الذي يدعو به الأحياء، ويشفعهم الله فيه.
قال صلى الله عليه وسلم "مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، وكانَ معهُ حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ويَفْرُغَ مِن دَفْنِهَا، فإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، ومَن صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيرَاطٍ" الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 47 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر.

ثالثها: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة .
ومثال ذلك ما رواه مسلم رحمه الله :1528: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأبي سلمة فقال "
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ".صحيح مسلم.
فهذه شفاعة في الدنيا من حي للمتوفى تنفعه في الآخرة
أيضًًا.

رابعها : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أناس من أمته الجنة بغير حساب :
وهذا النوع ذكره بعض العلماء واستدل له بحديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة وفيه "ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ " رواه البخاري :4343 - ومسلم : 287 .

"إِنَّ ربِّي وعَدَنِي أنْ يُدْخِلَ مِنَ أُمَّتي الجنةَ سبعينَ ألفًا بغيرِ حِسابٍ ، ثُمَّ يُتْبِعُ كلَّ أَلْفٍ - ب- ِسبعينَ ألفًا ، ثُمَّ يَحْثِي بِكَفِّهِ ثلاثَ حَثَياتٍ . فَكَبَّرَ عمرُ ! فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إِنَّ السَّبْعِينَ الألفَ الأُوَلَ يُشَفِّعُهُمُ اللهُ في آبائِهِمْ وأُمَّهاتِهمْ وعَشَائِرِهِمْ ، وأرْجو أنْ يَجْعَلَ أُمَّتي أَدْنَى الحثياتِ الأَوَاخِرِ "الراوي : عتبة بن عبد السلمي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الموارد- الصفحة أو الرقم: 2234 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح-الدرر-

ثُمَّ يَحْثِي بِكَفِّهِ ثلاثَ حَثَياتٍ: وكم عدد كلّ حثية من حثيات الرّب العظيم الكريم الرؤوف الرحيم ؟؟ نسأل الله أن يجعلنا في تلك الأعداد برحمته.

وأرْجو أنْ يَجْعَلَ أُمَّتي أَدْنَى الحثياتِ الأَوَاخِرِ: لسعة فضله ولأن العدد الأول السبعون ألف ... لا يسع أمته كلها صلى الله عليه وسلم لذا دعا أن تكون أمته لها نصيب في الحثيات الأخيرة الواسعة بفضله سبحانه.

*عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لَيَدْخُلَنَّ مِن أُمَّتي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِئَةِ أَلْفٍ، لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ."صحيح البخاري.

أول زمرة تدخل من هذه الأمة الجنة هي القمم الشامخة في الإيمان والتُّقى والعمل الصالح والاستقامة على الدين الحق، يدخلون الجنة صفًا واحدًا، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، صورهم على صورة القمر ليلة البدر.
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا منهم .
.
*ويخرج الله من النار أقوامًا بغير شفاعة ، بل بفضله ورحمته :
الله تعالى يخرج من عصاة المؤمنين من شاء بغير شفاعة ، وهذا من نعمته؛ فإن رحمته سبقت غضبه، فيشفع الأنبياء والصالحون والملائكة وغيرهم، حتى لا يبقى إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج من النار من يخرج بدون شفاعة ، حتى لا يبقى في النار إلا أهلها الذين هم أصحاب النار، فقد روى الشيخان البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم".....فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قدْ عادُوا حُمَمًا، فيُلْقِيهِمْ في نَهَرٍ في أفْواهِ الجَنَّةِ يُقالُ له: نَهَرُ الحَياةِ، فَيَخْرُجُونَ كما تَخْرُجُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ" الحديث. صحيح مسلم.

وليس معنى هذا أن الله يخرجهم من النار وهم كفار؛ بل المعنى أنهم لم يعملوا خيرًا سوى الشهادتين ولولاهما لما خرجوا؛ شأنهم شأن غيرهم من الكفار. - هنا-
حُمَمًا : أي : صاروا سود الأجساد كالحمم ، وهو الفحم .انظر " النهاية في غريب الحديث " 444/1.
الحِبَّةُ: بكسر الحاء ، وهي بزر البقول والعشب ، تنبت في البراري وجوانب السيول .
حَمِيلِ السَّيْلِ: فبفتح الحاء وكسر الميم , وهو ما جاء به السيل من طين أو غثاء ومعناه : محمول السيل , والمراد التشبيه في سرعة النبات وحسنه وطراوته .
انظر " شرح مسلم " للنووي 3 / 22 ، 23



شفاعة الشهداء:
"للشَّهيدِ عِندَ اللَّهِ ستُّ خصالٍ : يُغفَرُ لَه في أوَّلِ دَفعةٍ ويَرى مقعدَه منَ الجنَّةِ ويُجارُ مِن عذابِ القبرِ ويأمنُ منَ الفَزعِ الأكبرِ ويُوضعُ علَى رأسِه تاجُ الوقارِ الياقوتةُ مِنها خيرٌ منَ الدُّنيا وما فِيها ويزوَّجُ اثنتَينِ وسبعينَ زَوجةً منَ الحورِ العينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ مِن أقاربِه"الراوي : المقدام بن معدي كرب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 1663 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 02-28-2022, 02:58 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
y

* المتن:وَالإيمَانُ أَنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ خَارِجٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ،وَالأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ،وَالإيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ،وَأَنَّ عِيسَى -ابْنَ مَرْيَمَ-عَلَيْهِ السَّلامُ– يَنْزِلُ،فَيَقْتُلَهُ بِبَابِ لُدٍّ.
الشرح:

هذا من الإيمان بالغيب، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الأمور المستقبلة الغيبية؛ فلابد أن نؤمن ونصدق بها، وذلك لثبوتها بالسنة من طرق متواترة في أحاديث صحيحة، فمن الإيمان بالغيب الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور المستقبلة الغيبية.
وخروج المسيح الدجال هو الشرط الثاني من شروط الساعة الكبرى، والشرط الأول من أشراط الساعة الكبار خروج المهدي. موقع حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية .

يومُ القيامةِ حَقٌّ آتٍ لا رَيبَ فيه، وقد مضى قَدَرُ اللهِ عزَّ وجَلَّ أن يأتيَ هذا اليومَ على النَّاسِ بَغتةً، ومِن رحمتِه سُبحانَه بالعِبادِ أن أقام لهم علاماتٍ تدُلُّهم على قُربِ وُقوعِها.
وأشراط الساعة قسمها العلماء إلى قسمين: أشراط صغرى، وأشراط كبرى ،
الصغرى أولها بعثة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-
"بُعِثْتُ أنا والسَّاعَةُ كَهاتَيْنِ". قالَ: وضَمَّ السَّبَّابَةَ والْوُسْطَى.الراوي : أنس بن مالك - صحيح مسلم.
أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا."الراوي : عوف بن مالك الأشجعي - صحيح البخاري .
من أشراط الساعة الصغرى موته عليه الصلاة والسلام، ومنها فتح بيت المقدس :

في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة كما ذهب إلى ذلك أئمة السير، فقد ذهب عمر رضي الله عنه بنفسه, وصالح أهلها، وفتحها، وطهرها من اليهود والنصارى.البداية والنهاية:
7/55-57.
ومنها الحروب والفتن ، ومنها إمارة الصبيان والأحداث، ومنها إضاعة الأمانة، وإسناد الأمور إلى غير أهلها، ومنها إماتة الصلاة، ومنها كثرة شرب الخمور، ومنها ظهور القينات والمعازف، ومنها فشو الربا والزنا.ومنها انشقاق القمر:ا
تفق العلماء على أن القمر قد انشق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن انشقاقه إحدى المعجزات الباهرة، وقد صرح القرآن بهذا في قوله تعالى" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ "القمر:1-2.
فيجب علينا أن نؤمن بأن المسيح الدجال خارج، وأنه يخرج في آخر الزمان ، مكتوب بين عينيه كافر ،يقرأها كل مسلم، كاتب وغير كاتب،ويجب علينا أن نؤمن بكل الأحاديث الصحيحة الواردة فيه وأن نصدق بها تصديقًا جازمًا .
وأنه فتنة يفتتن بها خلق كثير، ويثبت الله أهل الحق فلا يفتتنون به، ويعلمون أنه كذاب، ولذلك سمي دجالًا يعني: كثير الكذب وعظيم الدجل.المكتبة الشاملة.كتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد - ابن جبرين-

وأنه رجل شاب أحمر ، قصير ، أفحج جعد الرأس ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بناتئة - منتفخة وبارزة - ولا جحراء - غائرة - كأنها عنبة طافئة .
وعينه اليسرى عليها ظفرة - لحمة تنبت عند المآقي - غليظة . ومكتوب بين عينيه " ك ف ر " بالحروف المقطعة ، أو " كافر " بدون تقطيع ، يقرؤها كل مسلم ، كاتب وغير كاتب .ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له .
"ما بُعِث نبيٌّ إلَّا قد أنذر أمَّتَه الدَّجَّالَ الأعورَ الكذَّابَ ، ألا وإنَّه أعورُ ، وإنَّ ربَّكم ليس بأعورَ ، وإنَّ بين عينَيْه مكتوبًا كافرٌ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4316 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

"ذَكَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَوْمًا بيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ ليسَ بأَعْوَرَ، ألَا إنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. وأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ في المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ ما يُرَى مِن أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، واضِعًا يَدَيْهِ علَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وهو يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فَقالوا: هذا المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا ورَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أعْوَرَ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَن رَأَيْتُ بابْنِ قَطَنٍ، واضِعًا يَدَيْهِ علَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ قالوا: المَسِيحُ الدَّجَّالُ."الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3439 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

في هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما:

ذَكَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَوْمًا بيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، أي: وهو جالسٌ في وسْطِ النَّاسِ، والمرادُ: أنَّه جَلسَ بينهم مُستظهرًا لا مُستَخفيًا، والمسيحُ الدَّجَّالُ: هو الذي يَظهرُ في آخِرِ الزَّمانِ ويدَّعِي الألُوهيَّةِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ ليسَ بأعورَ؛ لأنَّها صفُة نقْصٍ ولا تَليقُ به سبحانه، ألَا إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ أعورُ العينِ اليُمْنى كأنَّ عينَه عِنبةٌ طافيةٌ، أي: بارزةٌ، أو ذَهبَ نورُها، ثم إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى في مَنامِه أنَّه عندَ الكعبةِ، وقد رأى رجلًا آدَمَ، أي: أسمرَ، كأحسنِ ما يُرى من أُدْمِ الرِّجالِ، تَضرِبُ لُمَّتُه بينَ منكِبَيْه: واللُّمَّة: هي الشَّعرُ إذا جاوَزَ شَحْمَ الأُذنينِ، ورَجَّلُ الشَّعرَ: أي: قدْ سرَّحَه ودهَنَه، وقد كان رأسُه يَقْطُرُ ماءً، فسألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنه: مَن يكونُ؟ فأُخبِرَ أنه المسيحُ عِيسى عليه السَّلام، ثُمَّ رأى رَجلًا وراءَه جَعْدًا قَطَطًا، أي: شديدُ جُعودةِ الشَّعرِ، أعورَ العينِ اليُمْنى، وشبَّهَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بابنِ قَطَنٍ، وهو عبدُ العُزَّى بنُ قَطَنِ بنِ عَمرٍو الجاهليُّ الخُزاعيُّ، وأمُّه هالةُ بنتُ خُويلدٍ أختُ خديجةَ رضِي اللهُ عنها، وكان هذا الرَّجُلُ الذي رآه واضعًا يَديه على منكِبَي رَجُلٍ يَطوفُ بِالبيتِ، فسألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَنْ هذا؟ فأُخبِرَ بأنَّه المسيحُ الدَّجَّال.الدرر.

الدجال رجل من بني آدم ، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به ، وتحذيرهم من شره ، حتى إذا خرج عرفه المؤمنون فلا يفتنون به ، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس ، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة . نسأل الله العافية .
ومن هذه الصفات :
أنه رجل شاب أحمر ، قصير ، أفحج جعد الرأس ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بناتئة - أي ليست منتفخة وبارزة - ولا جحراء - غائرة - كأنها عنبة طافئة .
وعينه اليسرى عليها ظفرة - لحمة تنبت عند المآقي - غليظة . ومكتوب بين عينيه " ك ف ر " بالحروف المقطعة ، أو " كافر " بدون تقطيع ، يقرؤها كل مسلم ، كاتب وغير كاتب .
ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له . الإسلام سؤال وجواب .

"الدَّجَّالُ أعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى، جُفالُ الشَّعَرِ، معهُ جَنَّةٌ ونارٌ، فَنارُهُ جَنَّةٌ وجَنَّتُهُ نارٌ.
"الراوي : حذيفة بن اليمان - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2934 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-
قال صلى الله عليه وسلم"لأنا أعْلَمُ بما مع الدَّجَّالِ منه، معهُ نَهْرانِ يَجْرِيانِ، أحَدُهُما رَأْيَ العَيْنِ، ماءٌ أبْيَضُ، والآخَرُ رَأْيَ العَيْنِ، نارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أدْرَكَنَّ أحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الذي يَراهُ نارًا ولْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ منه، فإنَّه ماءٌ بارِدٌ، وإنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ، عليها ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كاتِبٍ وغَيْرِ كاتِبٍ. "الراوي : حذيفة بن أسيد الغفاري - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2934 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر.

"لأنا أعْلَمُ بما مع الدَّجَّالِ منه"، أيْ: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعْلَم بما يكونُ مَع الدَّجالِ مِن فِتَنٍ وآياتٍ أَكْثَرَ مِن الدَّجالِ نَفْسِه. "معهُ نَهْرانِ يَجْرِيانِ، أحَدُهُما رَأْيَ العَيْنِ، ماءٌ أبْيَضُ"، أيْ: نَهْرٌ تَراهُ العَينُ أنَّه ماءٌ أبيضُ فيما يَظْهَرُ لها، "والآخَرُ رَأْيَ العَينِ نَارٌ تأجَّجُأيْ: نارٌ تَتلهَّبُ وتَشتَعِلُ، وهذا فيما يَظْهَرُ للنَّاسِ أيضًا، وليس كلُّ ذلك على حقيقتِه؛ "فإمَّا أَدْرَكَنَّ أحدٌ فليأتِ النَّهرَ الذي يَراهُ نَارًاأيْ: مَن أَدْرَكَ هذا الزَّمانَ فلْيَذْهبْ إلى النَّهرِ الذي يَراهُ نارًا، "وليُغمضْ"، أيْ: عَيْنَيهِ؛ وهذا حتَّى لا تَخْدَعُه العينُ فيَرْجِع، وفي إغماضِها تَثبيتٌ للقلبِ، "ثُم ليُطَأطِئْ رَأسَه"، أيْ: يُخفِض رأسَه "فيَشْرَبَ منه؛ فإنَّه ماءٌ باردٌ" على عَكْسِ ما يَراهُ بعَيْنِه.وفيه: أنَّ عدَم التعرُّضِ للفِتنِ- كإغماضِ العَينِ- مِن أسبابِ السَّلامةِ منها.
ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما لَبْثُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، ...............الحديث "الراوي : النواس بن سمعان الأنصاري - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2937 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر.
"ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ".الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 158 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر.

"حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ فَكانَ فِيما حَدَّثَنَا به أنْ قالَ: يَأْتي الدَّجَّالُ، وهو مُحَرَّمٌ عليه أنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتي بالمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِ يَومَئذٍ رَجُلٌ هو خَيْرُ النَّاسِ، أوْ مِن خَيْرِ النَّاسِ، فيَقولُ أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجَّالُ، الذي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدِيثَهُ، فيَقولُ الدَّجَّالُ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُ هذا، ثُمَّ أحْيَيْتُهُ هلْ تَشُكُّونَ في الأمْرِ؟ فيَقولونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فيَقولُ حِينَ يُحْيِيهِ: واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَومَ، فيَقولُ الدَّجَّالُ: أقْتُلُهُ فلا أُسَلَّطُ عليه.الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1882 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-

يأتي بعضَ السِّباخِ- جمعُ سَبَخَةٍ بفتحتينِ- وهي الأرضُ الرَّملةُ الَّتي لا تُنبِتُ؛ لملوحتِها، وهذه الصِّفةُ خارجَ المدينةِ مِن غيرِ جهةِ الحرَّةِ؛ إذ لا يستطيعُ دخولَ طُرقِ المدينة؛ لأنَّها محرَّمةٌ عليه أن يدخُلَها، ومحروسةٌ بالملائكة.

فإذا جاء إلى سِباخِها، خرَج إليه رجلٌ، هو خيرُ النَّاسِ يومَئذ، أو مِن خيرِهم، يخرُجُ إليه ليناظِرَه ويبيِّنَ فسادَه عن علمٍ، فإذا رأى الدَّجَّالَ علِم أنَّه هو؛ لعلمِه بصفتِه الَّتي أخبَر عنها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيقولُ له"أشهَدُ أنَّك الدَّجَّالُ الَّذي حدَّثنا عنك رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حديثَه" فيقولُ الدَّجَّالُ لِمَن اغتَرَّ به مِن الكفَّارِ والمُنافِقين: "أرأيتَ إن قتَلْتُ هذا، ثمَّ أحيَيْتُه، هل تشكُّونَ في الأمرِ؟، فيقولون:لا، فيقتُلُه الدَّجَّالُ، ثمَّ يُحْييه، وذلك بإذنِ اللهِ؛ اختبارًا للعبادِ، وليتميَّزَ الخبيثُ مِن الطَّيِّبِ، فلا يَزيدُذلك الشَّابَّ إلَّا ثباتًا على الحقِّ، فيقولُ حين يحييه "واللهِ ما كنتُ قطُّ أشَدَّ بصيرةً منِّي اليومَ"؛ وذلك لأنَّه رأى علامةً أخرى ممَّا ذكَره رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من صفاتِ الدَّجَّالِ.
أقْتُلُهُ فلا أُسَلَّطُ عليه:أي: فلا أستطيعُ قتلَه، أو يقولُ لبعضِ أعوانِه آمِرًا له"اقتُلْه" فلا يسلَّطُ عليه، أي: لا يستطيعُ قتلَه.
وفي الحديثِ: فَضلُ العِلمِ، وأنَّه مِن أسبابِ البصيرةِ بالفِتَنِ، والثَّباتِ على الحقِّ وقتَ وقوعِها.- الدرر-
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-28-2022, 02:59 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
Haedphone

"يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ، مَسالِحُ الدَّجَّالِ، فيَقولونَ له: أيْنَ تَعْمِدُ؟ فيَقولُ: أعْمِدُ إلى هذا الذي خَرَجَ، قالَ: فيَقولونَ له: أوَ ما تُؤْمِنُ برَبِّنا؟ فيَقولُ: ما برَبِّنا خَفاءٌ، فيَقولونَ: اقْتُلُوهُ، فيَقولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أليسَ قدْ نَهاكُمْ رَبُّكُمْ أنْ تَقْتُلُوا أحَدًا دُونَهُ، قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ به إلى الدَّجَّالِ، فإذا رَآهُ المُؤْمِنُ، قالَ:يا أيُّها النَّاسُ هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ به فيُشَبَّحُ، فيَقولُ: خُذُوهُ وشُجُّوهُ، فيُوسَعُ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قالَ: فيَقولُ: أوَ ما تُؤْمِنُ بي؟ قالَ: فيَقولُ: أنْتَ المَسِيحُ الكَذّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ به فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ مِن مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بيْنَ رِجْلَيْهِ، قالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقولُ له: قُمْ، فَيَسْتَوِي قائِمًا، قالَ: ثُمَّ يقولُ له: أتُؤْمِنُ بي؟ فيَقولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلَّا بَصِيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّه لا يَفْعَلُ بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فيُجْعَلَ ما بيْنَ رَقَبَتِهِ إلى تَرْقُوَتِهِ نُحاسًا، فلا يَسْتَطِيعُ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: فَيَأْخُذُ بيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ به، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أنَّما قَذَفَهُ إلى النَّارِ، وإنَّما أُلْقِيَ في الجَنَّةِ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:هذا أعْظَمُ النَّاسِ شَهادَةً عِنْدَ رَبِّ العالَمِينَ".الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث: مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2938 خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر-
*إمكانات الدجال التي تسبب الفتنة:
-سرعة انتقاله في الأرض:
".....قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ"الحديث "الراوي : النواس بن سمعان الأنصاري - صحيح مسلم-الدرر.
"كالغَيْثِ" والمرادُ به: الغَيْمُ، أي: يُسرِعُ في الأرضِ إسراعَ الغَيْمِ "اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ" أي: جاءَتْه الرِّيحُ مِن خَلْفِه،



وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيجول في أقطار الأرض ولا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة والمدينة
"ليسَ مِن بَلَدٍ إلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إلَّا مَكَّةَ، والمَدِينَةَ، ليسَ له مِن نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلَّا عليه المَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ ومُنَافِقٍ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 1881 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر- مقتبس من هنا .
لنْ يَستطيعَ دُخولَ مكَّةَ والمدينةَ؛ إذ ليس هناك طَريقٌ أو فَجٌّ مِن فِجاجِهما إلَّا وعليه صُفوفٌ مِن الملائكةِ تَحرُسُه.

- جنته وناره:ومما يفتن الدجال به الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار أو معه ما يشبه نهرا من ماء ونهرا من نار وواقع الأمر ليس كما يبدو للناس فإن الذي يرونه نارا إنما هو ماء بارد وحقيقة الذي يرونه ماء باردا نار"معهُ جَنَّةٌ ونارٌ، فَنارُهُ جَنَّةٌ وجَنَّتُهُ نارٌ." الحديث.الراوي : حذيفة بن اليمان - صحيح مسلم-الدرر-
-استجابة الجماد والحيوان لأمره".....فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ،"الحديث. صحيح مسلم - الدرر.

سَارِحَتُهم"، أي: مَوَاشِيهم "أَطْوَلَ ما كانت ذُرًا"، أي: أَسْنِمَةً، "وأَسْبَغَه"، أي: أكمَلَه "ضُرُوعًا" والضَّرْعُ مِن الحيوان بِمَنْزِلَةِ الثَّدْيِ مِنَ المرأةِ، "وأَمَدَّهُ"، أي: أَطْوَلَه أو أَوْسَعَه "خَوَاصِرَ"، وهي أطرافُ البَطْن.
وختامًا: نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من فتنة المسيح الدجال ، آمين .
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 02-28-2022, 03:00 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
y

* المتن:.......وَأَنَّ عِيسَى -ابْنَ مَرْيَمَ-عَلَيْهِ السَّلامُ– يَنْزِلُ،فَيَقْتُلَهُ بِبَابِ لُدٍّ.
قال صلى الله عليه وسلم "فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ،..."الحديث. صحيح مسلم .
الشرح:
"فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ
" يعني: ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ «واضِعًا كَفَّيْهِ على أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأْطَأَ رأسَه قَطَرَ، وإذا رَفَعَه تَحَدَّرَ»، أي: نَزَلَ قَطْرَةً بعدَ قَطْرَةً «منه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤِ»، والجُمَانُ: حَبَّاتٌ مصنوعةٌ مِن الفِضَّةِ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ الكِبَارِ، والمُرادُ: يَتحدَّر منه الماءُ أو العَرَقُ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ في الصَّفَاءِ والحُسْنِ، «فلا يَحِلُّ» أي: لا يُمْكِنُ ولا يَقَعُ «لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إلَّا مات، ونَفَسُه يَنتهِي حيثُ يَنتهِي طَرْفُه، فيَطْلُبُه»، أي: فيَطْلُبُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ «حتَّى يُدْرِكَه ببابِ لُدٍّ» اسمِ قَرْيَةٍ في فِلَسْطِينَ «فيَقْتُلُه، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى بنَ مَرْيَمَ قومٌ قد عَصَمَهم الله منه، فيَمْسَحُ عن وُجوهِهم»، أي: يَرْحَمُهم ويُواسِيهم ويَتَلطَّف بهم «ويحدِّثهم بدَرَجاتِهم في الجَنَّةِ، فبَيْنما هو كذلك إذ أَوْحَى الله إلى عِيسَى: إنِّي قد أَخْرَجْتُ عِبَادًا لي لا يَدَانِ»، أي: لا قُدرةَ ولا طاقةَ «لأحدٍ بقتالِهم، فحَرِّزْ عِبَادِي»، أي: ضُمَّهُم واجْمَعْهُم «إلى الطُّورِ» واجْعَلْه حِرْزًا لهم، والطُّورُ: جَبَلٌ معروفٌ في سَيْنَاءَ، «ويَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وهم مِن كُلِّ حَدَبٍ»الدرر السنية.

" إذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّهُمْ، فإذا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذابَ كما يَذُوبُ المِلْحُ في الماءِ، فلوْ تَرَكَهُ لانْذابَ حتَّى يَهْلِكَ، ولَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بيَدِهِ، فيُرِيهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِهِ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2897 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر.

الشرح:إذْ أُقيمَتِ الصَّلاةُ، أي: وقتُ إقامةِ المؤذنِ لِلصَّلاةِ، فَينزلُ عيسى ابنُ مَريمَ عليه السلام، أي: مِنَ السَّماءِ على مَنارةِ مَسجدِ دِمشقَ فَيأتي القُدسَ فَأَمَّهم، أي: أَمَّ عِيسى المسلمينَ في الصَّلاةِ فَإِذا رآه، أي: رأى عِيسى عدُوُّ اللهِ، أي: الدَّجَّالُ ذَابَ، أي: شرَعَ في الذَّوبانِ كما يَذوبُ الملحُ في الماءِ فلو تَرَكه، أي: لَو تَركَ عِيسى الدَّجَّالُ ولم يقتُلْه لَانْذابَ حتَّى يَهلِكَ، أي: بِنفسِه بِالكلِّيَّةِ، ولكنْ يقتلُه اللهُ بِيدِه، أي: بِيدِ عيسى عليه السلام فَيُريهم دَمَه، أي: دمَ الدَّجَّالِ في حرْبَتِه: وهي رُمحٌ صغيرٌ.
في الحديثِ: إخبارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ الغَيبيَّاتِ.
لدرر.
والسر في ذوبان الدجال إذا رأى عيسى - عليه السلام - هو أن الله أعطى لنَفَسِ عيسى رائحة خاصة إذا وجدها الكافر مات.مداد. لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعْضَكُمْ علَى بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِه الأُمَّةَ."الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 156 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر-

*فائدة:
يلاحظ أن الحديث الأول أثبت إمامة عيسى عليه السلام للمسلمين ،والحديث الثاني نفى إمامة عيسى عليه السلام للمسلمين: فهل عيسى عليه السلام يصلي بالمسلمين في آخر الزمان؟أم المهدي طبقًا للحديثين وكلاهما في صحيح مسلم؟
الجواب: هذه مسألة خلافية بين أهل السنة والجماعة،والخلاف فيها سائغ، ولكن هناك جمع بين الحديثين ورد في كتاب الديباج على شرح صحيح مسلم وهو:
أن عيسى عليه السلام لما نزل المنارة ببابِ لُدٍّ قيل أنه كان هو الإمام طبقًا للحديث الأول الذي ينصُّ على إمامته "
إذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّهُمْ ".
ولما ذهبوا لبيت المقدس أراد عيسى عليه السلام أن يوضح أنه جاء مؤكدًا لشريعةِ محمد صلى الله عليه وسلم ،فأمر المهديَّ أن يكون هو الإمام تكرُمةً لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
وبذلك وضح أنه وقعت صلاتان،الصلاة الأولى عند نزول عيسى وكان هو الإمام .والصلاة الثانية في بيت المقدس وحينها صلى بهم المهديّ.ا.هـبالمعنى وليس بالنص نقلًا عن الشيخ أبي عبد الرحمن حفظه الله.
وقيل : أن إمامة عيسى عليه السلام ،هي من باب الحث على الإمامة وليست هي الإمامة الفعلية، لأن العرب تطلق الإمامة أو اسم الإمامة أحيانًا على الفعل نفسه ،فكأن عيسى عليه السلام حث على أن المهديّ هو الذي يؤمهم ،فكان هذا الأمر منه عند العرب يُعَد بمثابة الفعل.نفس المصدر السابق.ا.هـ.


فبعد مكث الدجال هذه المدة ينزل عيسى بن مريم من السماء، وهو الشرط الثالث من أشراط الساعة الكبار، ينزل واضعًا كفيه على جناح ملكين عند المنارة البيضاء دمشق في وقت صلاة الفجر، فإذا نزل عيسى بن مريم - عليه السلام - صار فردًا من أفراد الأمة المحمدية، فيحكم بشريعة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، لأن كل نبي أخذ الله عليه الميثاق لئن بعث محمدٌ وأنت حي لتتبعنه، قال الله تعالى"وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ "آل عمران:81.
حلقات جامع شيخ الإسلم ابن تيمية .
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 02-28-2022, 03:01 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,050
y

المتن: وَالإيمَانُ:قَوْلٌ وَعَمَلٌ،يَزِيدُ وَيَنْقُصُ،كَمَا جَاءَ في الخَبَرِ-أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ،إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا-،-وَمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ- وَ- لَيْسَ مِنَ الأَعْمِالِ شَيءٌ تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلا الصَّلاةُ-مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ كَافِرٌ،وَقَدْ أَحَلَّ اللهُ قَتْلَهُ.
الشرح:

تعريف الإيمان اصطلاحًا:
الإيمان:قول باللسان، اعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.صالح الفوزان .
الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو "الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح". فهو يتضمن الأمور الثلاثة.مجموع فتاوى و رسائلالشيخ محمد صالح العثيمينالمجلدالاول - باب الإيمان والإسلام.

* الإقرار بالقلب: المراد به اعتقاده وتصديقه وإيقانه وإقراره بأركان الإيمان وبكل ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما جاء في حديث جبريل "قال: ما الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره"رواه مسلم.
*وقول اللسان: المراد به التكلم بكلمة الإسلام والإقرار بلوازمها.
وهي الشهادة بأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" صحيح البخاري

قال الشيخ: عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله"من شهد أن لا إله إلا الله " أي من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها; كما قال الله تعالى"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَظ°هَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " محمد:19. ، وقوله" وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" الزخرف 86. أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه:من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالإجماع . فتح المجيد.

*وعمل الجوارح: والمراد بعمل الجوارح: الالتزام العملي الظاهر بفعل الواجبات، وترك المحرمات من حيث هي جنس سواء العملية أو القولية.

*الإيمان قولٌ باللسان واعتقادٌ بالقلب؛ وعملٌ بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي، دليل الزيادة قوله- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا"الأنفال 3،2.
"
وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " التوبة:124.
دلَّ على أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية والدليل على ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»صحيح مسلم، وفي رواية "لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ"صحيح مسلم، وفي قوله في حديث أن اللهَ - جَلَّ وَعَلَا - يقول للملائكة"يقولُ اللَّهُ: مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ فأخْرِجُوهُ"صحيح البخاري، أدنى من مثقال حبة من خردلٍ من إيمان .الشيخ الفوزان.هنا.


*الإيمان والإسلام
الدين ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى‏:الإسلام‏.‏‏‏ وأعلى منها‏:الإيمان، وأعلى من الإيمان الإحسان‏.‏ كما جاء ذلك في حديث جبريل - عليه الصلاة والسلام - حين سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذه المراتب، وأجابه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مرتبة‏.‏‏ وفي النهاية قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه‏‏ "‏هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم‏" .‏
"كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: ما الإيمَانُ؟ قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. قالَ: ما الإسْلَامُ؟ قالَ: الإسْلَامُ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، ولَا تُشْرِكَ به شيئًا، وتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ. قالَ: ما الإحْسَانُ؟ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ، قالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ: ما المَسْئُولُ عَنْهَا بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وسَأُخْبِرُكَ عن أشْرَاطِهَا: إذَا ولَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا، وإذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإبِلِ البُهْمُ في البُنْيَانِ، في خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ" لقمان: 34. الآيَةَ، ثُمَّ أدْبَرَ فَقالَ: رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شيئًا، فَقالَ: هذا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ."الراوي : أبو هريرة: صحيح البخاري .الدرر.

والإسلام والإيمانإذا ذكرا معًاافترقا‏.فصار للإسلام معنى خاص وللإيمان معنى خاص‏.‏ كما في حديث جبريل .فعلى هذا يكون الإسلام هو الانقياد الظاهري، والإيمان هو الانقياد الباطني هذا إذا ذُكِرَا جميعًا‏.‏ أما إذا ذُكِرَ الإسلامُ وحدَهُ أو الإيمانُ وحدَهُ، فإنه يدخل أحدهما في الآخر، إذا ذكر الإسلام فقط دخل فيه الإيمان‏.‏ وإذا ذكر الإيمان فقط دخل فيه الإسلام‏.‏ لهذا يقول أهل العلم‏:‏ إنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا‏.‏‏‏ فالإيمان عند أهل السنة والجماعة‏:‏ هو عمل بالأركان وقول باللسان وتصديق بالجنان‏.‏‏ ويدخل فيه الإسلام، يكون قولًا باللسان وعملًا بالأركان وتصديقًا بالجنان‏.إذا ذكر وحده. .الشيخ الفوزان. هنا .
*ذهب عامة أهل السُّنَّة إلى أنَّ الإيمان الشَّرعي: هو اعتقاد وقول وعمل، قال الإمام محمد بن إسماعيل بن محمد الفضل التيمي الأصبهاني رحمه الله "والإيمان في لسان الشرع هو التصديق بالقلب، والعمل بالأركان"شرح النووي على صحيح مسلم: 1/146.
وقال الإمام البغوي رحمه الله وهو من أئمة أهل السُّنَّة "اتفق الصحابة والتابعون ومن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان، وقالوا إن الإيمان قول وعمل، وعقيدة". شرح السُّنَّة: 1/38-39.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الأم "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركنا أن الإيمان قول وعمل ونية، لا يُجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر".شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 5/ 886.
وروى الإمام اللالكائي رحمه الله تعالى عن البخاري أنَّه قال: "لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت واحدًا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص". شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 1/176.

ولا فرق بين قول العلماء إنَّ الإيمان قول وعمل، أو قول وعمل ونية، أو قول وعمل واعتقاد؛ والسَّبب أنَّ هذا من اختلاف التَّنوع وليس من اختلاف التَّضاد، فَمَن قال مِن السَّلف: إنَّ الإيمان قول وعمل، أراد قول القلب واللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح، فإذا قال: الإيمان قول وعمل يقصد كل ذلك.
ومن قال: قول وعمل ونية، فالقول عنده يتناول الاعتقاد، وهو قول القلب وقول اللسان، وأما العمل قد لا يُفهم منه النِّية عمل القلب، فزاد ذلك في التَّعريف.
*فخلاصة ما سبق: أنَّ الإيمانَ حقيقةٌ مُركَّبةٌ من قولٍ وعملٍ، وأن القول قسمان: قول القلب: وهو الاعتقاد، وقول اللسان: وهو نطق كلمة الإسلام.
والعمل قسمان:عمل القلب وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح كالصلاة وغيرها.الإيمان مفهومه وشروطه للشيخ محمد صالحالمنجد.

*هذه الدنيا هي دار الابتلاء والامتحان، فهي مختبرٌ، يُبتلى فيها الإنسانُ بما يزيد إيمانه، وبما ينقص إيمانه، فتارةً يتلو القرآن، ويتدبر القرآن، ويُكثر من ذكر الله؛ فيزيد إيمانه، وتارةً يصحب الأخيار، ويستفيد من علمهم وصحبتهم الطيبة؛ فيزداد إيمانه، ويُجاهد في سبيل الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو الناس إلى الخير؛ فيزداد إيمانه، وتارةً يُبتلى بجُلساء سوءٍ، بالغفلة عن الله، بالإقبال على زهرة العاجلة؛ فيضعف الإيمان، وينقص إيمانه.
فالإنسان في هذه الدار بين مدٍّ وجزرٍ، فكلما شُغل بآخرته وبالأعمال الصَّالحة زاد إيمانه، وكلما شُغل بضدِّ ذلك نقص إيمانه.

فعلى المؤمن أن يحذر أسبابَ النقص، وليجتهد في أسباب الزيادة، وذلك بالإقبال على القرآن الكريم والسنة المُطهرة، والاستكثار من الطاعات، وأنواع الذكر، والاستغفار، والتوبة، وصحبة الأخيار، والحذر من قرب الأشرار وصحبة الأشرار، والحذر من الغفلة، وطاعة النفس الأمَّارة بالسوء، والإقبال على الملذَّات والشهوات، مُتناسيًا أمر الآخرة، وأمر الجنة والنار، ولا حول ولا قوة إلا بالله.الشيخ ابن باز رحمه الله.
و مما يزيد الإيمان:
*طلب العلم الشرعي:
قال تعالى "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"فاطر:28. فالعلم طريق للخشية التي هي علامة لما وقر في القلب من إيمان.

*التأمل في آيات الله الكونية ومخلوقاته جل وعلا:
فإن العبد إذا تفكر في آيات الله تعالى في هذا الكون عرف عظمة الله تعالى فازداد إيمانه.
إنَّ التأمل في آيات الله الكونية ، والنظر في مخلوقات الله المتنوعة العجيبة، من سماء وأرض، وشمس وقمر، وكواكب ونجوم، وليل ونهار، وجبال وأشجار، وبحار وأنهار، وغير ذلك من مخلوقات الله التي لا تعد ولا تحصى، لمن أعظم دواعي الإيمان، وأنفع أسباب تقويته.
تأمل هذا الهواء اللطيف المحبوس بين السماء والأرض يدرك بحس اللمس عند هبوبه، يدرك جسمه ولا يرى شخصه فهو يجري بين السماء والأرض، والطير محلقة فيه سابحة بأجنحتها كما تسبح حيوانات البحر في الماء، وتضطرب جوانبه وأمواجه عند هيجانه كما تضطرب أمواج البحار.
ثم تأمل هذه البحار المكتنفة للأقطار التي هي خلجان من البحر المحيط الأعظم بجميع الأرض حتى أن المكشوف من الأرض والجبال والمدن بالنسبة إلى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم، وبقية الأرض مغمورة بالماء، ولولا إمساك الرب تبارك وتعالى له بقدرته ومشيئته وحبسه الماء لطفح على الأرض وعلاها كلّها.
وتأمل خلق الحيوانات على اختلاف صفاته وأجناسه وأشكاله ومنافعه وألوانه وعجائبه المودعة فيه، فمنه الماشي على بطنه ومنه الماشي على رجليه، ومنه الماشي على أربع، ومنه ما جعل سلاحه في رجليه وهو ذو المخالب، ومنه ما جعل سلاحه المناقير كالنسر والرخم والغراب، ومنه ما جعل سلاحه الأسنان، ومنه ما جعل سلاحه القرون يدافع عن نفسه.
*قراءة القرآن وتدبره: قال تعالى"وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا"الأنفال: ظ¢.
الإكثار من ذكر الله تعالى :
ويدل على ذلك : قال تعالى "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"الرعد: ظ¢ظ¨.

حضور مجالس الذكر والحرص عليها :
لحديث حنظلة الأُسيدي قال " قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم " وما ذاك ؟ " قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيرًا ، فقال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة " رواه مسلم
والضيعات : هي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة .
وقال معاذ بن جبل لأحد أصحابه يتذاكر معه " اجلس بنا نؤمن ساعة " رواه البخاري في صحيحه معلقًا . انظر الفتح المجلد الأول كتاب الإيمان باب بني الإسلام على الخمس.

الإكثار من النوافل والطاعات:
فكلما أكثر العبد من النوافل نال ثمرات كثيرة منها محبة الله له ومعيته فلا يصدر من جوارحه إلا ما يرضي الله جل وعلا ،وإذا نال العبد هذه الثمرات زاد إيمانه.
إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وماتَرَدَّدْتُعنشَيءٍأنافاعِلُهُتَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ."الراوي : أبو هريرة -صحيح البخاري .

فليجتهد العبد ويكثر من النوافل في الصيام والصلاة والذكر وسائر أعمال البر .
سؤال الله تعالى زيادة الإيمان وتجديده:
إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى : أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ
الراوي : عبدالله بن عمرو -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم:1590- خلاصة حكم المحدث : صحيح
"إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكمأي: يَبْلَى ويَضْعُفُ في قَلْبِ المُسْلِمِ
ويكونُ ذلك بسَببِ الفُتور في العِبادةِ أو ارتكابِ المعاصي وانغِماسِ النَّفسِ في بَعضِ شَهواتِها، "كما يَخْلَقُ الثَّوبُ"، أي: مِثْلَ الثَّوْبِ الجَديدِ الذي يَبْلى بطُولِ استخدامِهِ؛ "فاسْأَلوا اللهَ تعالى" بالدُّعاءِ والأعْمالِ الصَّالحةِ والقِيامِ بالفرائضِ وأعمال التطوُّعِ التي تَعمُرُ القَلبَ بالإيمانِ، والصَّدقاتِ والنفقةِ على المحتاجِينَ، والتَّفكُّرِ في آياتِ اللهِ الشرعيَّةِ والكونيَّةِ، وكَثرةِ الذِّكرِ والاستغفارِ ولُزومِ مَجالِسِ الذِّكرِ والعِلمِ
وبضد أسباب زيادة الإيمان نعرف أسباب نقصانه ، أسأل الله أن يزيدنا إيمانًا ويجدده في قلوبنا .
عبدالله بن حمود الفريح




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 07:01 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology