ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 08-27-2020, 09:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣2️⃣

✍فإنهما كانا متحابين!

🌳بينما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُشرفُ على دفن شُهداء غزوة أُحدٍ قال: ادفنوا عمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام في قبرٍ واحدٍ فإنهما كانا متحابين!
على أن الموت ليس فِراقاً، جميعنا سنموتُ نهاية المطاف، الفِراق الحقيقي أن يكون أحدنا في الجنة والآخر في النار!
▪️ومن أجمل ما قرأتُ قول أحدهم عن جدته، قال: كانتْ تُوقظنا لصلاة الفجر، وتقول انهضوا لا نُريد أن ينقُصَ في الجنة منا أحد!

▪️من أحبَّكَ حقاً هو الذي خافَ عليكَ من النار، ويا لحُبِّ إبراهيم لآزر وهو يقول له: "يا أبتِ إني أخاف أن يمسَّكَ عذابٌ من الرحمن"!

🔸وٱنظُرْ لجمال قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فإنهما كانا مُتحابين!
ما أجمل أن يُعرف الإنسان بين الناس بصفاته العذبة، أن يُعرف بالمُحب، والشهم، والكريم، والنبيل، إذا ذُكر اسمه لمعتْ صورة وجهه في أذهان السامعين كأنها قلب أحمر كذلك الذي نضعه وراء العبارات الجميلة التي نكتبها!

ترجمَ الذهبيُّ رحمه الله في سِيَرِ أعلام النُّبلاء لمحمد بن ميمون فقال: أبو حمزة السُّكري، محمد بن ميمون المَرْوَزِي، ولم يكن يبيعُ السُّكر، وإنما سُمِّيَ بالسُّكري لحلو كلامه!
👈🏻فيا تُرى لو أراد الذين يعرفوننا أن يستبدلوا أسماءنا بصفاتنا التي نُعاملهم بها فماذا عساها تكون؟!
ماذا سيختار الأبوان لنا اسماً، الابن البار المرضيُّ المُبارك، أم الابن العاق الفظُّ السليط؟!
ماذا ستختار الزوجة اسماً لنا، الزوج الحنون الكريم المُتسامح، أم الزوج العنيف القاسي؟!
ماذا سيختار الزوج لكِ اسماً، الحنونة المُحبة الكريمة الصبورة، أم سليطة اللسان قاسية القلب جارحة الكلام؟!
ماذا سيختارُ الجار لكَ اسماً، الشهمُ المعطاء المُسالم، أم الغادر الجشِع سيء الخُلق؟!
ماذا سيختار زملاء العمل لكَ اسماً، حافظ السر الأمين المُهذب المُؤدب، أم الواشي والفاضح؟!
أسماؤنا لنا أما صفاتنا فللناس، وهم الذين يضعون لنا صفةً بناءً على تعاملنا معهم، ويوماً ما سترحل الأسماء وتبقى الصفات، فاتركوا وراءكم من يترحم عليكم!
رد مع اقتباس
  #82  
قديم 08-28-2020, 11:04 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣3️⃣

✍إنَّ لي فيهم نسباً!

كانتْ القبيلةُ في الجاهلية إذا بُشِّرتْ بميلادِ شاعرٍ فيها أضرمتْ النارَ في مضاربِها ثلاث ليالٍ احتفاءً، فالشاعرُ في ذلك الوقت هو وزارة إعلام القبيلة! وعن الشِّعر قالوا: كان العرب ولم يكُن لهم من علمٍ غيره! وهذا من بابِ بيانِ سطوةِ الشِّعرِ، وأهميتِه، وشغفِهم به، وإلا فقد عرف فيهم الطب، والاستدلال بالنجوم للمسير، واتِّباع الأثر، وكثير من الذكاء والفراسة!

🌳ولأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعرفُ منزِلَةَ الشِّعرِ في العرب، وأنَّ المعركة مع قُريش ليستْ معركة سيوف فقط، قال: اهجوا قريشاً، فإنه أشدُّ عليهم من رشقِ النّبلِِ!
فأرسلَ إلى عبد الله بن رواحة، وقال له: اهجُهُم!
فهجاهم، ولكن هجاءه لم يُرضِ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم!
فأرسلَ إلى كعب بن مالك، فلم يجِد شِعره يفي بالغرض!
ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخلَ عليه قال حسان عن نفسه: قد آن لكم أن تُرسلوا إلى الأسدِ الضاربِ بِلِسانه! ثم قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي بعثكَ بالحقِّ لأفرينَّهم بلساني فريَ الأديم!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا تعجَلْ، فإنَّ أبا بكرٍ أعلمُ قُريشٍ بأنسابها، وإنَّ لي فيهم نسباً حتى يلخِّصَ لكَ نسبي!
فذهبَ حسانُ إلى أبي بكر، ثم رجعَ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: يا رسول الله، قد لخَّصَ لي أبو بكر نسَبَكَ، لأسُلَّنَّكَ منهم كما تُسَلُّ الشعرة من العجين!
فهجاهم حسَّان، ورضيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هجاءه، وقال له مُشجعاً: اهجُهُم وروح القُدس معك!

♦️الشَّاهد في القصة أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على عدائه مع قُريش، لم يهُن عنده نسبه وقرابته ورحمه، ورغم أنَّ القضيةَ كفرٌ وإيمانٌ حيث لا مُواربة ولا مُجاملة، إلا أن الأصيلَ لا يَذُمُّ عرضَه، ولا يهجو رحمَه، إنما يهجو الفكرةَ المشركةّ، والنهجَ الأعوج! وسبب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ لي فيهم نسباً، هو أن الذي هجاه هو ابن عمه أبو سُفيان بن الحارث بن عبد المُطلب، فخشيَ أن يطال هجاء حسان عمّه، وجده، وأرحامه، وكان حسَّان على قدر المسؤولية والإبداع!

♦️في قضيةِ الشركِ والإيمانِ لم يهُنْ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نسبه ورحمه، ونحن اليوم نجد أن العائلة إذا اختلف أفرادها على شيءٍ من الدنيا نشروا أعراض بعضهم البعض بين الناس، وفي مواقعِ التواصلِ، وفجروا في الخصومة، وتناولوا الأحياء والأموات دون أدنى وازعٍ من ضميرٍ ولا أخلاق!
أن يُطالِبَ الإنسان بحقه شيء، وأن يكون بذيئاً، قليلَ أصلٍ وأخلاقٍ ودينٍ شيءٌ آخر، إن الغاية لا تُبرر الوسيلة، نحن أُمَّةُ الأخلاقِ، وفي ديننا طُهر الغاية تُحتم البحث عن طهر الوسيلة!

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 08-28-2020 الساعة 11:19 PM
رد مع اقتباس
  #83  
قديم 08-30-2020, 10:16 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣4️⃣

✍🏻 اِطرح متاعكَ في الطريق!

🌳عن الصحاح فقد روى الطبرانيُّ أنَّ رجلاً جاء إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يشكو أذيَّةَ جاره له، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: اِذهبْ فاصْبِرْ!
ثم عاد بعد فترةٍ يشكو جاره مرةً أخرى، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: اِذهبْ فاصْبِرْ!
ثم في الثالثة قال له: اِذهبْ فاطرحْ متاعكَ في الطريق!

فذهبَ الرَّجلُ وأخرجَ أثاث بيته إلى الطريق، فجعلَ الناسُ يسألونه عن فِعلته، فيُخبرهم أنه فعلَ هذا للأذى الذي أصابه من جاره! فجعلَ الناس يلعنونه، ويدعون عليه!
فجاء جار السوء إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: يا رسول الله لقيتُ سوءاً من الناس
فقال له: وما لقيتَ؟
فقال: يلعنونني!
فقال له: لقد لعنكَ اللهُ قبل الناس!
فقال: عاهدتك الله أني لا أعود
فأرسل َالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الجار المظلوم يقول له: اِرفَعْ متاعك َفقد كُفيتَ!

👈🏻وفي الحَديثِ: عِظَمُ حقِّ الجارِ، والتَّحذيرُ من إيذائِه.
🔸وعن حسنِ الجوار،
عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة في أهله فلما جاء قال أهديتم لجارنا اليهودي أهديتم لجارنا اليهودي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه


وجاه رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن فلانة، وذكرَ من كثرة صيامها وصلاتها وصدقتها، ثم قال غير أنها تُؤذي جيرانها
فقال: هي في النار!
وذكر له امرأة أخرى، وحدَّثه عن قلة صيامها وصلاتها وصدقتها، يعني النوافل، غير أنها تُحسن إلى جيرانها
فقال: هي في الجنة!

👈🏻والآن إلى مربط الفَرس: اِطرَح متاعكَ في الطريق!
الأصل في التعامل مع الناس السِّتر، واحتمال الأذى، فلا نشيعُ ذنبَ أحدٍ ومعصيته، ونصبر على ما نلقى منهم، ولكن أحياناً يبلغ السيل الزُّبى! وتفوقُ الإساءة القدرة على الاحتمال خصوصاً عندما تكون عبارة عن إساءات متكررة، فإنَّ وقتها الساكت عن الحق شيطان أخرس، والراضي بالظُّلم ليس حليماً بقدر ما هو جبان!
🗯️ إن بعض الناس يفهمون الصبر والتغاضي ضعفاً، ويفهمون الترفع عن رد الإساءة عجزاً، فيتمادون في الإساءة، عندها يجب أن تُخرج َ متاعكَ إلى الطريق، ليس بالحرف وإنما بالمعنى! فإخراج المتاع إلى الطريق له وسائل شتى!
الشكوى إلى القضاء هي إخراج متاعٍ إلى الطريق، والحديث مع وجهاء الحارة والحي هو إخراج متاع إلى الطريق، ووسائل التواصل الاجتماعي هي أيضاً طريق!
رد مع اقتباس
  #84  
قديم 09-02-2020, 01:06 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣5️⃣

✍🏻إن الله أمرني أن أقرأ عليك!

🌴تخيَّلْ أن يُقال لكَ: قد قال مديرُكَ أنك موظف رائع، لا شكَّ أنك ستفرح، أما إذا قيل لكَ أن الوزير قالَ عنك أنك بارع في مجالك ومن أهل الاختصاص، فلا شكَّ أنك ستمتلئ رضىً وتفخر بنفسك! أما لو قيل لكَ أن الملكَ أو الرئيس ذكرَ اسمكَ في مجلسه لرُبما نبتتْ لكَ أجنحة وشعرتَ أنَّ هذه الدنيا كلها لا تتسع لفرحك! والآن تخيَّلْ، تخيَّلْ فقط أن يُقال لكَ إنَّ الله تعالى قد ذكرَ اسمكَ!
ما أردتُ منك أن تتخيله قد حدث لأحدهم فعلاً! استدعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُبيَّ بن كعبٍ وقال له: إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليكَ "لم يكن الذين كفروا"
فقال أُبيُّ: وسمَّاني لكَ؟
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: نعم، سمَّاكَ لي!
فجعلَ أُبيُّ يبكي، وكان حتى آخر لحظات عمره يقول: أنا الذي سمَّاني ربي!

لماذا أُبيُّ بن كعبٍ تحديداً وأبو بكر وعثمان وعلي أفضلُ منه؟
هذا لأن أُبيَّ بن كعبٍ كان أقرأ الصَّحابة لكتاب الله، لهذا كان من الطبيعي أن أبا بكرٍ لما أراد جمع المصحف بعد حروب الرِّدة أن يجعل أُبَيَّاً من ضمن اللجنة التي أُوكِل إليها جمعه. وعندما أراد عثمان أن يجمع القرآن الجَمعة النهائية التي هي عليها اليوم أن يجعل أُبيَّاً في لجنة جمعه!
إنَّ هذه الدنيا اختصاص بالدرجة الأولى، أبو بكر أفضل من أُبي بن كعب بالجُملة ولكن أُبيَّاً أُعطيَ حظاً من القرآن لم يُعطه أبو بكر!
وعُمر أفضل من خالد بالجُملة ولكن خالداً أعلم من عُمر بالحرب!
وعُثمان بن عفان أفضل من معاذ بن جبلٍ بالجُملة ولكنَّ مُعاذاً أعلم بالحلال والحرام من عثمان!
وعليُّ بن أبي طالب أفضل من أبي هُريرة بالجُملة ولكن أبا هريرة أكثر حفظاً للحديث من علي!
وهذا الإسلام العظيم بلغَ ذروة مجده وقوته لأنه كان يضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، أي بحسب المجال الذي هو بارع فيه، لم يكن عند النبي شكٌّ أن أبا بكر أفضل من خالد، ولكنه وضع خالداً على رأس الجيش لأنَّ خالداً أعرفُ من أبي بكر بأُمور الحرب! وعندما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي ذر: يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحبُّ لكَ ما أُحبُّ لنفسي، لا تأمَّرَنَّ على اثنين، ولا تولَّينَ مالَ يتم! لم يَذُمَّ أبا ذرٍّ أو يتهمه في دينه، الأمر له علاقة بشخصية أبي ذر، وتركيبته النفسية وطبعه ليس إلا! فقد كان أبو ذر صاحب منطق ورأساً في الزهد والصدق والعلم والعمل قوِّالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنه: "ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ من رجل أصدق لهجةً من أبي ذر"!

إنَّ الذي يُصلي الصلوات الخمس في المسجد رجل مبارك ومحترم، ولكن هذا لا يعني أنه يصلح أن يكون وزيراً ويتولَّى شؤون العامة!
والذي يحفظُ القرآن عن ظهر قلب، رجل نقي تقي، ولكن هذا لا يعني أنه يصلحُ أن يكون قائداً للجيش!
التقوى والأخلاق والصلاح صفات مطلوبة في الناس بغض النظر عن أي منصب يتولونه، ولكن ابحثْ أولاً عن براعة الأشخاص وخبرتهم بالعمل الذي تريدُ أن تُحملهم مسؤوليته، ثم بعدها فاَضِلْ بينهم بالتقوى والصلاح والسعي إلى المساجد، أما أن يُعطى التقيُّ عملاً لا دراية له به فهو ظلم له وللناس!

••••••
رد مع اقتباس
  #85  
قديم 09-02-2020, 11:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣7️⃣

✍🏻عجِب الله من صنيعكما!

🌳أتى رجل إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: إني مجهود.
فأرسلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بعض نسائه يسألها إن كان عندها طعامٌ في البيت حتى يأتيَ بالضيفِ، فقالتْ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء! فأرسل إلى زوجاته جميعاً، حتى قُلْنَ كُلُّهُنَّ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لجُلسائه: من يضيفُ هذا الليلة رحمه الله؟
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله!

فانطلقَ به إلى بيته، وقال لزوجته: هذا ضيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهيِّئي له الطعام.
فقالتْ: ما عندي إلا طعام أولادي!
فقال لها: نوِّمي أولادك، ثم ضعي الطعام، فإذا مدَّ يده ليأكل فقومي إلى السِّراج فأطفئيه، ثم تعالي نوهمه أننا نأكل معه حتى يكفيه الطعام فيشبع!
ففعلت مثلما أمرها، فشبعَ الضيف، وباتا جائعين!
فلما أصبح غدا إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: عجِب الله من صنيعكما! وأنزل فيكما قرآناً: " ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون"!

الدنيا دولاب والزمن دوار، اليوم معكَ مال وغداً قد لا تجده، واليوم لا تجده وغداً قد تثرى! لا الفقر عيب ولا الغِنى سُبة، المهم هي أخلاق المرء في غناه أو فقره، المهم ما في قلبه لا ما في جيبه! تخيَّلوا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجِد في بيت واحدة من زوجاته طعاماً يقري به ضيفه! إياك أن تعتقد أن الفقر عقوبة، أو أن الغِنى جائزة، كل ما في الأمر أن الدُّنيا امتحان، فإياك أن ترسب مهما كانتْ أسئلة الامتحان!

النبيلُ هو الذي يبادر ليسُدَّ حاجة غيره ولا يحرجه فيظهر بمظهر المُقصِّر! من النُّبلِ إذا علمتَ بمرض أحدٍ في بيت جارٍ فقيرٍ أن تُعينه دون أن يطلب، أنتَ تعرفُ حاله، وبعضُ الناس تمنعه كرامته أن يطلب، وأجمل العطاء هو الذي يرحمُ الكرامة ويحفظُ ماء الوجه!

من النُّبلِ إذا أُقيم عزاءٌ لفقراء تعرفهم أن تساهم معهم في تكاليفِ العزاء، أو أن تشتري لهم بعض حاجياته ومُتطلباته كي لا تحرجهم أمام الناس فيظهرون بمظهر المُقصِّر والمحتاج، هذا لا يدخل في باب الصدقة فقط وإنما في باب السِّتر أيضاً، ويا لحب اللهِ للسِّتيرين من عباده!

العطاءُ أدبٌ أيضاً، فأن تحرمَ إنسان من صدقتك أفضل من أن تُعطيه إياها على ملأ فتجرح كرامته وتشعره بالحرج، وٱنظُرْ لأدب الأنصاري عندما علِم أن الطعام قليل، طلبَ من زوجتِه أن تُطفئَ السِّراج لأن الضيف سيشعر بالحرج ولن يأكل لو رأى أن الطعام لا يكفي للجميع!
رفعُ الحرج من جبر الخواطر، وجبر الخواطر عبادة!

••••••
رد مع اقتباس
  #86  
قديم 09-04-2020, 12:12 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣8️⃣
✍🏻حبسهم العذر!

🌳في طريق عودة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من غزوة تبوك، قال لأصحابه: "إنَّ في المدينة رجالاً ما سِرتُم مسيراً، ولا قطعتُم وادياً إلا كانوا معكم، وشركوكم في الأجرِ حبسَهُم العُذر"!

♦️نِيَّةُ المؤمنِ خيرٌ من عملِه، وعملُ المنافقِ خيرٌ من نيته!
كم صلَّى ابن سلول خلف النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجد فلم تنفعْه صلاته لأن هذا العمل الجميل كان خلفه نية قبيحة!
وكم قالَ الأخنس بن شريق الثقفي كلاماً جميلاً ولكنَّ قلبه كان فاسداً، فنزلَ فيه قول الله تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام"!
وكم أظهرَ الجد بن قيس الورع، حتى أنه تذرَّع بعدم الخروج للجهاد خشية أن يرى نساء الروم فيفتنوه عن دينه، حتى عرَّى الله ورعه الكاذب فقال فيه: "ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا…"!
⬅️صلاةٌ لم تنفعْ، وكلامٌ حَسَنٌ لم يشفعْ، وورعٌ لم يرفَعْ، ذلك أن القلوب فاسدة، وإن الله ينظرُ إلى القلوب!

⬅️بالمُقابل حرِمَ بعض الصحابة من تلك الغزوة، فكتبَ الله سبحانه لهم الأجر كاملاً!
المريض الذي كان يتقلَّبُ على فراشه ويتحسَّرُ كيف فاتته تلك الغزوة، وأنه لو كان صحيحاً لشاركَ فيها، كتبَ الله له أجر الغزوة، وما سارَ الصحابة مسيراً، إلا وكان له من الأجر مثل ما كان لهم!
الفقيرُ الذي كان يتجرَّعُ بمرارةٍ بقاءه في المدينة لأنه لم يجدْ ثمن ناقةٍ يُسافرُ عليها، وأنه لو كان معه لما تخلَّف، نظرَ اللهُ إلى قلبه، وعَلِمَ صدقَ ما فيه، فأعطاه الأجر غير منقوص، كان الصحابة يقطعون الوديان، ويُكابدون حرَّ الشمس، وهو في بيته يُشاركُهم في الأجر!

▪️كلُّ مريضٍ مُتعثِّرٍ يُجمع له مال وأنتَ لا تستطيع أصلِحْ نِيَّتَكَ أنكَ لو كان معكَ ما ترددتَ في المشاركة، وإن عَلِمَ الله صدقكَ كتبَ لكَ أجر المشاركين، ولكن إياكَ أن يُغنيك لاحقاً ليمتحنكَ، فيراكَ تتخلَّف!
▪️كلُّ مظلومٍ لم تستطِعْ أن ترفعَ عنه الظلم لضعفكَ وعجزكَ، أصلِح نِيتكَ أنكَ لو كنتَ قادراً لقُمْتَ بنجدته، وإن علِمَ اللهُ صدقكَ فسيكتبُ لكَ الأجر كاملاً، ولكن إياك أن يُعطيك القدرة بعد ذلك ليمتحنك فيراك ترسبُ!

🌾وإلى كل الذين كانوا قد عزموا على الحج هذا العام، فحبسهم العذر، وما نزل بالناس من مرض، فأبشروا بأجر بلا مشقة، فإن المرء يبلغ بالنية ما يبلغه بالعمل، وما أرحمك يا الله.

••••
رد مع اقتباس
  #87  
قديم 09-04-2020, 09:41 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

8️⃣9️⃣

✍🏻لو مُرجَت بماء البحر!

🔸إن الإيمان لا يلغي طبائع الناس وإنما يُؤدِّبها، ولا يمحو غرائزهم وإنما يُهذِّبها، الإيمان لم يُلْغِ عاطفة الأبوة عند نوحٍ عليه السلام حين غرقَ ابنه، فسألَ الله عنه، فلما نهاه انتهى! وعمر بن الخطاب الصَّلب شديد الطَّبع في الجاهلية، بقيَ صلباً حازماً في الإسلام، ولكن الفارق حين تتحول الشِدَّة في الباطل إلى شِدَّة في الحق، وهنا تكمُنُ عَظَمَةِ الإيمان!
لا يستطيع الإنسان أن يخرجَ من قفصِ بشريته مهما بلغ من الإيمان عتياً، مهما كانتْ الزوجة مُؤمنة ستغار من ضرتها، الأمر لا علاقة له بالإيمان بقدر ما له علاقة بهذه النفسِ البشريةِ التي جبلَنا الله سُبحانه عليها!

🌳 كانتْ أُمُّنا عائشة جالسةً يوماً مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالتْ له: حسبكَ من صفية كذا وكذا! أي أنها قصيرة القامة!
فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا عائشة لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَتْ بماءِ البحرِ لمزجته!
رغمَ أن صفية قصيرة فعلاً ولم تتجنَّ عائشة عليها، إلا أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عدَّ ذلك غيبةً عظيمةً،
💨فقد سبقَ وأن عرَّفَ الغيبة بقوله: الغيبة ذكركَ أخاك بما يكره!
فقال رجل: يا رسول الله أرأيتَ إن كان في أخي ما قلتُ فيه؟
فقال له: إن كان فيه ما قلتَ فيه فقد اغتبْتَه، وإن لم يكُنْ فيه فقد بهتَّه!

🔸يعتقدُ الناسُ أنهم وهم يغتابون الآخرين أن لا شيء في الأمر طالما هي حقائق! وكأن الحقيقة تُبيح لكَ أن تأكلَ لحوم الناس!
▪️تجدُ المجالس ضيافتها لحوم الناس، يُقرمشونها للتسلية، وإشباع حاجة الفضول والثرثرة! لا يَسلم منهم دين فلان ودنياه، ولا عرض فلانة وحياتها، وكأنهم رُقباء على الناس، وهؤلاء في الأغلب إذا أردتَ أن تنتقدَ أحوالَهم لا تعرف من أين تبدأ!

▪️أما عن البُهتان فحدِّثْ ولا حرج!
كم من زواجٍ أُلغِيَ فقط لأن أحدهم ألَّفَ للخاطب قصة عن المخطوبة هي منها براء براءة الذئبِ من دمِ يوسف عليه السَّلام!

وكم من صدقة قُطِعتْ عن فقيرٍ مُحتاجٍ فقط لأن رجلاً ضيِّق الصدر والقلب أخبر المُتصدِّق أن فلاناً ليس فقيراً وأنه يشتري ويصرف هذا فقط لأنه رآه يوماً حاملاً ربطة خبز لأولاده، أو شاهده عند الجزار أو بائع الخضار! يريدُ هذا الباهت أن يدفنَ الناس أحياء!
رد مع اقتباس
  #88  
قديم 09-05-2020, 10:15 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

9️⃣0️⃣

✍🏻عند اللهِ أنت غال!


🌳 كان رجلٌ من البادية اسمه "زاهر" يحضرُ إلى المدينة، فيبيعُ فيها ما أحضره معه من البادية، ويشتري من المدينة ما يلزم أهله، وكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يحبّه ويلاطفه، وكان زاهرٌ إذا جاء المدينة أحضرَ معه هديةً للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فإذا أرادَ العودة إلى البادية جهزه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأهداه! وكان يقول عنه: إنّ زاهراً باديتنا، ونحن حاضروه! أي أنه يُحضر لنا من البادية ما يلزمنا، ونحن نُعطيه من المدينة ما يلزمه!
وكان زاهر هذا دميم الوجه، ولكنه كان يملكُ قلباً كأنه قطعة سُكَّرٍ! وكان مرةً مُنشغلاً ببيعِ بضاعته، فجاء النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ورائه دون أن يشعر فاحتضنه من الخلف يُريدُ أن يمازحه، فجعلَ زاهرٌ يقول: من هذا؟ أَفلتني!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ممازحاً يُريدُ منه أن يعرف أنه هو: من يشتري العبد؟
فقال زاهر: يا رسول الله، إذاً واللهِ تجدني كاسداً!
فقال له: لكن عند اللهِ أنتَ غالٍ!

♦️كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أكثر الناس هماً، على عاتقه همُّ هداية البشرية إلى دين ربها، وهمُّ السياسة والحروب والمعاهدات، وهمُّ شؤون الناس والزكاة والصدقات، ولكنه لم يسمح لهذه الهُموم كلها أن تسلبَ منه شيئاً من لُطفه وإنسانيته، لديه وقت لكل شيء، زوج مثاليٌّ، وأبٌ حنونٌ، وجَدٌّ مُحبٌّ، وجارٌ لطيفٌ، وصاحبٌ وفيٌّ! بل لديه وقت أن يتعرَّف إلى بائع مُتجوِّل يأتي من البادية، بل لديه وقت أن ينتبه لأدق التفاصيل، فكان يقبل هديته كرماً منه، ثم يرد الهدية إذا حان موعد الرحيل، بل وأكثر من هذا إنه يُمازح ويُلاطف، يُمسكه من خلفه كما نفعل نحن حين نُغمض عيون أحبتنا ونسألهم من نحن، فما بالنا يمشي أحدنا بهمٍّ واحدٍ، أو ربما منصب مرموق، كأنه يحمل الأرض على كتفيه، في البيت جلَّاد، ومع الجيران فظ، ومع المعارف غليظ، الأمر أهون من هذا بكثير،
👈🏻فقبل أن تكون موظفاً ناجحاً، وإنساناً ثرياً، كُنْ إنساناً، لا يوجد شيء أروع من هذا!

♦️لا يهمُّ من أنتَ عند الناس، المهم من أنتَ عند الله! كان زاهر عند الناس لا يُذكر، بل إنه كان يعرفُ أنه لو كان عبداً وأراد سيده أن يبيعه فلن يجد من يشتريه، ولكن سيِّد الناس أخبره أنه عند الله غالٍ! ليستْ الخسارة أن يضعكَ الناس دونَ قدركَ وأنتَ عند الله مرموق، ولكن الخسارة أن يرفعكَ الناس فوقَ قدرك وأنتَ عند الله رخيص!
لا يضُرك إن جهلكَ الناس، حسبُكَ من الشُّهرة أنك إذا رفعتَ يديكَ إلى السماء تدعو، قالت الملائكة يا رب صوت معروف من عبدٍ معروف!
لا يضُرك إن متَّ بسيطاُ ثم نُسيتَ فلم تُفتقد، يكفيك أن يبكيك ممشاك إلى المسجد، ومكان سجودك، يكفيك أن يفتقدَكَ بسيطٌ كنتَ تبتسمُ في وجهه، ومسكينٌ كنتَ تتعاهده بالصَّدقة!
لا يضُرك إذا كرهكَ البعض لأنك لم تُجارِهِم في معصية، ولم تبِعْ دينك ومبادئك لرضاهم، يكفيك أن تعمل ليرضى الله، ثم يُنادي يا جبريل إني أحبُّ فلاناً فأحبَّه!

••••••
رد مع اقتباس
  #89  
قديم 09-07-2020, 12:31 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

9️⃣1️⃣

✍🏻هلَّا تركت الشيخ في بيته؟!

🌳وأخيراً فُتِحتْ مكة، الرَّجُلُ الذي نزلَ يوماً وحيداً من الغار يرتجِفُ من هول الوحي صار أُمة، والذي خرجَ رفقةَ أبي بكرٍ مُهاجراً تحت جنح الظلام بعد أن قررتْ قُريش قتله ها هو اليوم يدخل مكة في وضح النهار ومن أبوابها الأربعة! وجلستْ قُريشُ بين يديه تنتظرُ القصاص، ما تُراه يَفعل بهم، هؤلاء الذين كذَّبوه في دعوتِه، وآذوه في نفسِه، الذين وضعوا على رأسه سلى الجزور وهو ساجد عند الكعبة، وحاصروه في الشِّعب، واتهموه بالكذبِ والسحرِ والجنونِ ثم توَّجُوا كل ذلك بأن جمعوا من كل قبيلةٍ رجلاً ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرَّق دمه بين القبائل! ولكنه لم يثأرْ لنفسِهِ أبداً، فلم يزِدْ على أن قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء!

▪️ويذهبُ أبو بكر إلى بيته، ويأتي بأبيه أبي قحافة الطاعن في السِّن الذي لا تكاد تحمله قدماه ولم يكُن قد أسلمَ بعد، رغبةً أن يدعو له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيُسلم، فلما رآه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لأبي بكر: هلَّا تركتَ الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟!
فقال أبو بكر: يا رسول الله هو أحقُّ أن يمشيَ إليكَ من أن تمشيَ أنتَ إليه!
فأجلسَهُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين يديه، ومسحَ على صدره، وقال له: أَسْلِمْ!
فأسلم أبو قُحافة، وبكا أبو بكر، الرجل الذي أسلم على يديه كبار الصحابة، وجاءت بعظماء الإسلام لديه أكرمَه الله بإسلامِ أبيه، والجزاءُ من جنس العمل!

🔸وانظُرْ لأدبِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يهُن عليه أن يُؤتى بأبي قحافة لِكِبَرِ سِنه، ويُخبرُ أنه كان على استعدادٍ أن يذهبَ هو إليه بنفسه! وكان دائماً يُشفقُ على كبار السن ويُكرمُهم، وكان يقول: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المُسلم"!
وجاءَ شيخٌ كبيرٌ في السن يُريدُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلم يُوسِّعوا له ليصل إليه، فقال لهم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويُوقر كبيرنا"!

▪️تعاملْ مع كل شيخٍ على أنه والد أو جد، ومع كل عجوزٍ على أنها والدة أو جدة، فالإنسان في آخر عمره ينظرُ في ضعفه ومرضه وعجزه ويتحسَّرُ على ما فاتَ من مجدِه وقوتِه، فيشعرُ بانكسارٍ في قلبه وإن لم يبح به، ولا شيء يرحمُ هذا الانكسار سوى التَّوقير الذي يجده مِمّّن حوله! وجبرُ الخواطرِ عِبادة

•••••
رد مع اقتباس
  #90  
قديم 09-08-2020, 12:07 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

9️⃣2️⃣

✍🏻ما بقيَ منها؟!

🌳ذُبحتْ شاةٌ في بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمرَ أهله أن يتصدَّقوا منها، وخرج من بيته لبعضِ شأنه، فلما عاد سأل عائشة رضي الله عنها: ما بقيَ منها؟
فقالتْ: ما بقيَ منها إلا كتفها
فقال لها: بقيتْ كلها إلا كتفها!

🔸جوابٌ عظيمٌ من رجلٍ عظيمٍ كان يُخبر الناس دوماً أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأنه اليوم زراعة ولا حصاد، وأن الآخرة حصاد بلا زرع!
كان لا يترك مناسبة إلا استغلها ليُخبر أن الدنيا فانية، وأن الآخرة باقية، فها هو حوارٍ زوجي عادي يدور مثله في كل البيوت، زوج يسأل زوجته عن مصروف البيت وطعامه، ولكنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يجعل من الحوار العادي مُناسبة لدرسٍ غير عادي!
إنه يسأل عائشة سؤال الدنيا: ما بقيَ منها؟
فتُجيبه جواب الدنيا: ما بقيَ منها إلا كتفها!
فيُعقِّب على كلامها بدرسٍ من دروس الآخرة: 👈🏻بقيتْ كلها إلا كتفها!

▪️المالُ الذي نحمله بين أيدينا ليس لنا! إنه للبقالة، ومحطة البنزين، وفاتورة الكهرباء، ولبائع الثياب، وفرن الخبز، ومحلات الأدوات المنزلية، ومن ثم للورثة، مالنا الحقيقي هو ما ندَّخره عند الله اليوم لنجده عنده هناك غداً!
كتفُ الشاة سيُؤكل ويذهب، ولكن ما خرج من لحم الشاة صدقة وحده سيبقى عند الله، هناك في بنك الآخرة الذي تعهَّده رب العزة بكرمه،
💡 وفيه يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: من تصدَّق بعَدْلِ/مقدار تمرة من كسبٍ طيِّب، ولا يقبل اللهُ إلا الطيِّب، فإنَّ الله يقبلها بيمينه ثم يُربيها لصاحبها كما يُربِّي أحدكم فَلُوَّه/الحصان الصغير، حتى تكون مثل الجبل!
يا له من بنك، ويا له من ادخار، مقدار تمرة من حلال تتصدقُ بها تريدُ وجه الله، يأخذها الرحمن بيمينه، ويُنميها لكَ، فإذا وقفتَ بين يديه غداً وجدتها كالجبل!
عندما نام السلطان سليمان القانوني على فراش الموت قال لمن حوله: عندما أموتُ أخرجوا يديَّ من التابوت ليرى الناس أن حتى السلطان يخرج من الدنيا خاليَ اليدين!

تصدقوا فليس للأكفان جيوب!
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 03:20 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology