ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-12-2014, 04:16 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034

مراحل الطلب
وقد
كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .

ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ،
ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) .
وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) .
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .
وكانوا مع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛ وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَا مُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
......... وهكذا كانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِ الصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فهل من عودةٍ إلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ، وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَ ولا فَهْمَ .وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ، سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ ؟ واللهُ الْمُستعانُ .
......... وقالَ الحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (م سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُ صاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه ) . قلتُ : أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذي يَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ، زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لا يَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلا فلا يَتَعَنَّ ) اهـ .
هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
وقد كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ، ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) .
وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّاتِ السِّتِّ وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ )
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .

الشيخ:
يقول رحمه الله وأطال حياته في طاعته يقول: (ففي التوحيد: ثلاثة الأصول وأدلتها والقواعد الأربع ثم كشف الشبهات ثم كتاب التوحيد أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) هذا في توحيد العبادة يعني يبدأ بالأصغر فالأصغر، ثلاثة الأصول تدور عليها من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ أربعة قواعد أيضا تدور على قوله تعالى: { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
كشف الشبهات شبهات بعض أهل الشرك التي أوردوها وأجاب عنها الشيخ رحمه الله بما تيسر وفي توحيد الأسماء والصفات العقيدة الواسطية التي ألقها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهي من أخصب كتب العقيدة وأحسن كتب العقيدة وسميت الواسطية نسبة إلى واسط لأن بعض قضاتها قدم إلى الشيخ رحمه الله وطلب منه أن يكتب ملخصا في عقيدة السلف فكتب هذه العقيدة المباركة. كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
قال : (ثم الحموية ثم التدمرية) والحموية والتدمرية: رسالتان أوسع من العقيدة الواسطية لكنها أجمع منهما لأنه ذكر فيها الأسماء والصفات والكلام على الإيمان باليوم الآخر وطريقة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك فهي أجمع من التدمرية والحموية لكن التدمرية والحموية تمتازان بأنهما أوسع منها في باب الصفات يقول : (فـ) الفاء للترتيب (الطحاوية مع شرحها) . وهي معروفة وصارت شائعة منتشرة بين الناس الآن حيث قررت في الجامعة .
(في النحو الآجرومية) كتاب صغير في النحو لكنه مبارك وجامع، مقسم، سهل وأنا أنصح به كل مبتدئ في النحو أن يقرأها، كذلك أيضا ملحة الإعراب للحريري ثم قطر الندى لابن هشام وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل هكذا قال الشيخ بكر لكني أقول الآجرومية ثم (...) إلى الألفية أما أن نحشوا أذهاننا بكتب تعتبر كالتكرار لأولها فلا حاجة (ملحة الإعراب) هذه نظم فيها بيت مشهور عند الناس وهو قوله:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العملية بالذات فيها سبق إذا انتهت قال
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور، كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العلمية (...) فيما سبق إذا انتهى قال:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
المهم أنا أختار الآجرومية ثم ألفية ابن مالك احفظها واستشرحها من رجل عالم بالنحو وفيها الخير الكثير، في الحديث الأربعين النووية وهذا طيب هذا الكتاب طيب لأن فيه آدابا ومنهجا جيدا وقواعد مفيدة جدا في حديث واحد يمكن أن يبني الإنسان حياته عليه (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) هذه قاعدة لو جعلتها هي الطريق الذي تمشي عليه وتسير لكانت كافية وفي النطق (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) فهي من أحسن ما ألف، ثم عمدة الأحكام للمقدسي ثم بلوغ المرام ) وأرى أن يقتصر على بلوغ المرام لأن عمدة الأحكام داخلة في بلوغ المرام أكثر أحاديثه موجودة في بلوغ المرام، بلوغ المرام أوسع منه وأشد تحريرا لكن:
إذا لم تستطع شيء فدعه = وجاوزه إلى ما تستطيع
إذا قال: أنا ما أستطيع أني أحفظ بلوغ المرام لاسيما وأن فيه رواه فلان وصححه فلان وضعفه فلان هذه (...)
قلنا له إذا لم تستطع شيئا فدعه عندك عمدة الأحكام زبدة، أي ساعة تريد أن تستدل خذ حديثا منها ولا حاجة أن تبحث عن صحته لأن أحاديثه منتخبة من البخاري ومسلم، (والمنتقى للمجد بن تيمية رحمهم الله) المنتقى أكبر من بلوغ المرام بكثير لكنه أضعف منه من حيث بيان مرتبة الحديث لا يذكر رحمه الله بيان مرتبة الحديث . نعم.
قال : (فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها) ما هي الأمهات الست؟ البخاري، ومسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، وسميت أمهات لأنها مرجع الأحاديث ولهذا قال بعض العلماء: إذا رأيت حديثا في غير الأمهات فلا تحكم عليه حتى تحرره تخريجا لأن هذه الأمهات هي التي اشتهرت بين المسلمين وأخذوها وتلقوها بالقبول وإن كان فيها الضعيف وربما الموضوع أيضا، لكن اشتهرت واعتبرت عند المسلمين .
في المصطلح: نخبة الفكر لابن حجر، ثم ألفية العراقي رحمه الله) نخبة الفكر أظنها ثلاث صفحات تقريبا لكنها نخبة، يعني الإنسان إذا فهمها تماما وأتقنها تغني عن كتب كثيرة في المصطلح لأنها مضبوطة تماما وله طريقة غريبة في تأليفها وهي السبر والتقسيم، أكثر المؤلفات يأتي الكلام مرسلا يعني سلسلا لكن هو رحمه الله اخترع هذه الطريقة الخبر إما أن يكون له طرق محصورة بعدد أو غير محصورة والمحصورة بعدد كذا وكذا وكذا ثم (...) فتجد أن الإنسان إذا قرأها يجد نشاطا لأنها مبنية على إثارة العقل وأنا أشير على كل الطلبة أن تحفظوها لأنها خلاصة (...) نعم.
يقول: (ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) ألفية العراقي مطولة لكن أرى أن الإنسان يقتصر على فهمها وأنه لا حاجة إلى حفظها ثم قد يكون هناك متون أهم منها.
(وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ).
ثلاثتها يعني بذلك عمدة الفقه، المقنع، المغني.
لكن غيره ذكر أربعة وهي العمدة، ثم المقنع، ثم الكافي ثم المغني.
كفى الناس بالكافي وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
ذكرت هذه الأربع في البيتين (...) فالعرب تقرأ القصيدة أكثر من خمسين بيتا ثم ينصرفون وقد حفظوها. نعم أعيدها؟ يقول:
كفى الناس بالكافي -يغني الموفق- وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
أو قال: وأغنى بمغني الفقه من كان عالما نسيت أنا . (...)
(وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ) قفزة جيدة الورقات ورقات صغيرة لكن بعد هذا إلى روضة الناظر الفرق بينهما كبير لكن هناك كتب مختصرة في أصول الفقه وجيدة يمكن أن يعتمد الإنسان عليها وربما تغنيه أيضا عن روضة الناظر وأصول الفقه هي عبارة عن قواعد وضوابط يتوصل الإنسان بها إلى معرفة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
(وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) أما الرحبية فهي للرحبي وشروحها متعددة والفوائد الجلية للشيخ عبد العزيز بن باز لكن أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية، البرهانية أجمع من الرحبية من وجه وأوسع معلوماتا من وجه آخر ففي مقدمتها ذكر الحقوق المترتبة على التركة .. أو المرتبة في التركة من بعد موت الإنسان يعني المتعلقة بالتركة ذكرها ولم تذكر في الرحبية ذكر أركان الإرث وشروط الإرث ولم تذكر في الرحبية ذكر (...) وذوي الأرحام ولم تذكر في الرحبية على أنها أخصر من الرحبية وأجمع، في باب الثلثين الرحبي ذكر أربعة أبيات والبرهاني ذكر بيتا واحدا فقال:
الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
بيت واحد
(الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
كل واحد له النصف إذا صار معها نظيرها صار لهما الثلثان ( طيب ) ولها شرح لابن سلوم مطول ومختصر مفيد جدا ولذلك أنا أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية من الوجوه التي ذكرتها . نعم.
في التفسير يقول : (تفسير ابن كثير) وهو جيد بالنسبة للتفسير بالآثر لكنه قليل الفائدة بالنسبة لأوجه الإعراب والبلاغة وخير ما قرأت في أوجه الإعراب والبلاغة (الكشاف) للزمخشري وكل من بعده فهم عيال عليه أحيانا تجد عبارة الزمخشري منقولة نقلا، لكن تفسير الزمخشري فيه بلايا من جهة العقيدة لأنه معتزلي .
في أصول التفسير: (المقدمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) معروفة المقدمة في التفسير وهي كتاب مختصر جيد مفيد.
(في السيرة النبوية مختصرها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأصلها لابن هشام وفي زاد المعاد لابن القيم رحمه الله) لكن السيرة النبوية المختصرة والأصل مجرد تاريخ أما زاد المعاد فإنه تاريخ وفقه، فقه من السيرة قد يكون في التوحيد وقد يكون في الفقه في الأمور العملية.
(وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى) .
(العناية بأشعارها كالمعلقات السبع) المعلقات السبع قصائد من أجمع القصائد وأحسنها وأروعها اختارتها قريش لتعلق في الكعبة ولهذا تسمى المعلقات ولما ذكر ابن كثير رحمه الله اللامية لأبي طالب قال: هذه اللامية يحق أن تكون مع المعلقات لأنها أقوى منها وأعظم وفيها يقول أبو طالب:
لقد علموا أن ابننا لا مكذب = لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
يعني الرسول عليه الصلاة والسلام وهذه شهادة للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه صادق لكن هذه الشهادة من أبي طالب لم تستلزم القبول والإذعان فلذلك لم تنفعه، وخذل عند موته بل كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: قل لا إله إلا الله ولكن لم يقل نسأل الله العافية.
يقول أيضا (القراءة في القاموس) لكن هل نقرأ في القاموس أو نراجع القاموس ؟ الثاني نراجع . أما نقرأ القاموس مهما قرأت ما تستفيد الفائدة المرجوة، لكن فيه مقدمات مشروحة جيدة في الصرف لو قرأها الإنسان يكون ذلك طيبا.
وهكذا من مراحل الطلب في الفنون.
(...)
سؤال: عندنا هنا من أصعب العلوم على أكثر الشباب علم اللغة (النحو والصرف) ودائما المشايخ ينصحوننا بأن نبدأ بالنحو في علم اللغة ولكن كثير من الشباب يتكاسل ولا يستمر فهل يبدأ بغيره قبله، كالفقه والأصول والمصطلح؟
الجواب: نعم ، لا بأس أن يبدأ بغيره قبله ولا يضر، كم من علماء فقهاء يشار إليهم بالأصابع يلحنون في فقههم لكن لا شك أن علم العربية يعينك على فهم القرآن والسنة ويجمل كلامك لأنك لو سمعت رجلا يقول: جاء زيدا راكبٌ، مججت هذا الكلام مع أن المعنى واضح عنده هو، وكثير من الناس يضيق صدره جدا إذا سمع قارئًا يلحن، ولكن قل للإخوان: إن النحو كما قاله مشائخنا عن النحو بابه من حديد وجوفه من قصب يعني أنه سهل ادخل الباب والباقي يكون سهلا عليك ، وهذه حقيقة لاسيما إذا وفق الإنسان لمعلم يكثر ضرب الأمثلة فإنه يسهل عليه علم النحو.
السؤال الثاني : كما بينتم حفظكم الله أن قراءة الشعر تقوي الجانب اللغوي عند الطالب، ما حكم قراءة أشعار العرب وفيها من الغزل وغيره ؟
جواب الشيخ :
أما الإنسان الذي لا يحركه هذا الغزل ، فلا بأس .
وأما الذي يحركه ويخشى على نفسه منه فليتجنبه.
سؤال : ما حكم وضع القرآن الآن في بدالة الهاتف بحيث يكون في وقت الانتظار أو وقت تحويل مكالمة إلى مكالمة يسمع المتصل شيء من القرآن أو أحيانا شريط موعظة أو غيره ؟
جواب الشيخ :
أما القرآن فلا أرى ذلك ، لأن هذا ابتذال للقرآن حيث نقضي به غرضا فقط ، ثم قد يستمع إليه من لا يقدره ولا يعظمه ويكرهه، لكن من الممكن أن تضع حكمة من الحكم . أو إذا كنت في مصلحة أو جهة تبين عمل هذه الجهة أو المؤسسة في أثناء الانتظار .
سؤال لأحد التجار: يقول إن عنده بضاعة من سراويل الرجال فوق الركبة قليلا وكذلك أغراض للنساء يمكن أن تستخدم داخل البيت ويمكن أن تستخدم خارج البيت يعني إذا استخدمت خارج البيت تكون فتنة وأما داخل البيت فتكون للزوج أو بين النساء فهل يجوز له أن يبيع مثل هذه الأغراض؟
الجواب: الشيء الذي يخشى أن يكون فتنة لا يجوز ، وأما السروال القصير للرجال فإذا كان من عادة الناس أن يلبسوا فوقه قميصا ساترا فلا بأس ، أما إذا كانوا لا يلبسون إلا قمصا خفيفة يتبين من ورائها لون الجلد فإنه لا يبيع هذه السراويل إلا على من تستر منه ما بين السرة والركبة.
(...)
سؤال: (...)
الجواب: أما المسألة الأولى فلا بد أن يكون للقصر ولي يتصرف بما يراه أنفع ، من قسم المال أو إبقائه على ما هو عليه وكل إنسان منهم يحتاج يعطى ما يحتاجه لكن يقيد من نصيبه وليس من الجميع. وأما الثانية فإنه إذا تنازل الأب فله أن يرجع لأن الأب يجوز له أن يرجع في هبته لابنه وأما الأم فليس لها أن ترجع (...) الجد ليس له أن يرجع ولا الأم.

سؤال: (...)
الجواب: إذا لم يكن لم ولي فوليهم القاضي.

سؤال: (...)
الجواب: هل آتاك الله علما؟ هل هو وحي؟ (...) يعني ما آتاه مثله في وجوب العمل ولهذا قال: (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) فأراد عليه الصلاة والسلام أنه مثله في العمل أي في وجوب العمل. (...) المماثلة متعذرة ليس مثل القرآن لا في الإعجاز ولا في الاحترام ولا في تحريمه على الجنب (...) لأن الرجل يقول: (ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) يعني ولا ألتفت للسنة، فقال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) (...) الرسول ما أوحي إليه فيها أشياء حكم بها وأنكرها الله عليه (...) بالعكس الأصل أن ما قاله ليس بوحي إلا ما دل عليه الدليل، لكن إقرار الله له يجعله حجة بمنزلة الوحي.

القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:

.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .

وكانوامع ذلكيَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِالقَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَامُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
الشيخ :
الشيخ بكر يتحدث عن الطلب في قطرنا ، وليس عن الطلب عموما ، ولهذا هذه الكتب التي عينها إنما هي في قطرنا وقد يكون ما يساويها أو يشابهها في الأقطار الأخرى على هذا النمط.
وأما قوله: (يركزون على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله) ، فهذا صحيح ، غالب المتأخرين يركزون عليهما ، وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يحثنا على قراءتهما ، أي قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لأن فيهما من التحقيق والتحرير والتقعيد ما لا يوجد في غيرهما.
وتحس وأنت تقرأ بأن كلامهما ينبع من القلب ، ولهذا يؤثر في زيادة الإيمان .
وأما تمثيله أيضا بتاريخ ابن جرير وابن كثير ، فهذا أيضا عند المراجعة لا بأس ، أما كون الإنسان يجعله قراءة يقرؤها فهذا طويل ربما يقطع عليه وقتا كثيرا .
وقوله: (كتب أئمة الدعوة) ، المراد بهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وبنوه وأحفاده ، ومن تتلمذ عليهم .
المتن :
......... وهكذاكانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِالضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِالصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُللهِ ربِّ العالمينَ .فهلمن عودةٍإلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ،وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَولا فَهْمَ.
الشيخ :
لا حول ولا قوة إلا بالله، قوله وفقه الله : الاعتماد على هذه المتون الأصيلة لا على المذكرات ، هذا صحيح ، لأن المذكرات قد يكون واضعها ممن لا يعرف من هذا الفن إلا معرفة سطحية ، فتجده يلتمس كلمات من هذا وكلمات من هذا وكلمات من هذا ، ولا يكون الكلام محررا متناسقا ، لكن هذه الكتب القديمة الأصيلة محررة متناسقة مخدومة.
وكذلك أيضا الحفظ هو الأصل ، علم بلا حفظ يزول سريعًا ، وكانوا بالأول يلعبون علينا لما كنا في الطلب ، يقولون لا تتعب نفسك في حفظ المتن عليك بالفهم ، الفهم الفهم، لكن وجدنا أننا ضائعون إذا لم يكن عندنا حفظ .
ما نفعنا الله تعالى إلا بما حفظنا من المتون ، ولولا أن الله نفعنا بذلك لضاع علينا علم كثير، فلا تغتر بمن يقول الفهم ، ولهذا هؤلاء الدعاة إلى الفهم لو سألتهم أو ناقشتهم لوجدتهم ضحلاء، ليس عندهم إلا علم ضحل ، (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} .

القارئ : وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ،سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ، واللهُ الْمُستعانُ.

الشيخ: قوله: (خلو التلقين) : يعني تلقين العلم ، (من الزغل والشوائب والكدر ، سير على منهاج السلف) ، يعني ينبغي للعالم والمتعلم أن يكون التعليم والتعلم منهما خاليا من هذه العيوب، بل ينبغي أن يكون صافيا ، بحيث يكون المعلم يريد بذلك إيصال العلوم إلى الطلاب دون الاستعلاء عليهم أو إظهار علمه عليهم أو ما أشبه ذلك ، ويكون التلميذ كذلك واثقا مطمئنا إلى ما يقوله معلمه، لأنه إذا كان يتعلم منه يقول أنا أتعلم الآن ولكن إذا خرجت أبحث عن عالم آخر فكأنه لم يأخذ عن هذا العالم أخذ واثق ، أو (...) وهذا يضيعه بلا شك .
لكن إذا أخذ عن العلم أخذ مستفيد واثق ، ثم بعد ذلك إذا كبر وترعرع في العلم وصار عنده ملكة ، فلا مانع أن يخالف شيخه فيما يرى أن الصواب في خلافه . لكن مادام في زمن الطلب فليتكأ على من يتعلم على يديه وليأخذ كلامه بثقة واطمئنان ، حتى يرسخ، أما أن يأخذ ويقول: إذا خرج أبحث مع أناس أو مع طلاب علم هذا لا يصح أبدا ولا يستقيم للطالب طلب على هذا الوجه.
القارئ:
وقالَالحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (المتوفى سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُصاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍجَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه. (قلتُ: أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذييَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ،زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لايَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلافلا يَتَعَنَّ ) اهـ.
الشيخ :
هذه ثقيلة من الذهبي رحمه الله ، لو بقينا على كلام الحافظ عثمان بن خرزاد لكان أحسن.. يعني أهون علينا.
- الأمانة جزء من الدين ، فتدخل في قوله : (تحتاج إلى عقل جيد ودين).
- والضبط داخل في الحفظ ، يعني حذق الشيء بمعنى فهمه وأدركه جيدا. كم يبقى من الخمس؟ يبقى ثلاثة لكن دخل علينا أكثر من الثلاثة، - يحتاج إلى أن يكون تقيا ، هذا صحيح، والتقوى رأس كل عبادة وهي الأصل، والتقوى هي فعل أوامر الله واجتناب نواهيه لأن بذلك تكون الوقاية من عذاب الله.
- ذكيا يعني ليس غبيا ، ضد الذكاء الغباء بأن يكون عنده فطنة وكم من إنسان حافظ وليس بذكي ، وكان رجل ممن سبق حافظا جدا، سريع الحفظ، بطيء النسيان ، حفظ (الفروع) لابن مفلح ، وهي ثلاث مجلدات كبار، وهو حاوي لجميع الوفاق والخلاف وكان يحفظه كما يحفظ الفاتحة ، لكن لا يفهم منه شيئا لأنه غير ذكي ، فكانوا يلقبونه بحمار الفروع : لقوله تعالى : {كمثل الحمار يحمل أسفارا } لكن لا ينتفع به وكانوا يأتون إليه على اعتبار أنه نسخة ، إذا اختلفوا في شيء راجعوه ، ماذا قال ابن مفلح في المسألة الفلانة؟ ، ثم يسرد لهم، فيكون مراجعة، يعني كتاب مراجعة، فبعض الناس يكون عنده حفظ قوة حافظة ، إدراكا وإبقاء ولكن ليس عنده ذكاء .
وبعض الناس بالعكس ذكاءه متوقد لكن ليس عنده حافظة .
- نحويا لغويا : النحوي هو الذي يعتني بالإعراب والبناء وهذا يختص بأواخر الكلمات، اللغوي يدخل فيه من تعلم علم الصرف وعلم مفردات اللغة ، وعلى هذا فلا بد من مراجعة كتب النحو : كتب الصرف وكتب اللغة كالقاموس ولسان العرب وغير ذلك .
- زكيا تقيا : الزكي والتقي معناهما متقارب ، فإن ذكرا فينبغي أن يحمل التقي على من ترك المحرمات والزكي على من قام بالمأمورات .
ويعجبني أن أذكر لكم كلمة قالها شيخ الإسلام رحمه الله في أهل الكلام قال: (إنهم أوتوا فهوما وما أوتوا علوما) يعني عندهم فهم لكن ليس عندهم علم . (وأوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء ). يعني أذكياء لكن ليسوا أزكياء.
- حييّا : لكن بشرط : أن لا يمنعه حياؤه من طلب العلم ، ولهذا قال بعضهم : لا ينال العلم حيي ولا مستكبر . يكون حيي ولكن لا يمنعه ذلك من أن يطلب الحق.
قالت أم سليم للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟) قال : ((نعم إذا هي رأت الماء)).
- سلفيا : يعني يأخذ بطريقة السلف في العقيدة والأدب والعمل والمنهج وفي كل شيء لأن السلف هم صدر هذه الأمة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )).
(يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد )، ونعزي أنفسنا بأن المجلدات عندهم قليلة ، أي قد تكون خمسين صفحة عندهم مجلدا ، فإن كان هذا هو المراد فلعل الله أن يعيننا عليه ، وإن كان المراد بالمجلد أنه ستمائة صفحة ، فالواحد منا لو يبقى ليلا ونهارا ما أظنه يكتب مائتي مجلد . مائتي مجلد * ستين صفحة كم؟ اثنا عشر ألف.
وقوله : (ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ)، ومن الذي عنده مكتبة بها خمسمائة مجلد؟!
على كل حال هم يقولون على قدر حالهم ونقول : الله المستعان .
(وألا يفتر عن طلب العلم إلى الممات) : هذا صحيح ، يعني أن طالب العلم يجب أن لا يفتر ، لأنه إذا عود نفسه الفتور والكسل اعتاد ذلك ،

ومن طلب العلا سهر الليالي

لا تفتر، ويقال : أعط العلم كلك تدرك بعضه ، وأعطه بعضك يفتك كله .
العلم يحتاج إلى تعب وعناء ، لكني أقول لكم: إن الإنسان إذا ترعرع في العلم سهل عليه أن يعلم أشياء قد لا تكون في بطون الكتب . لا سيما مع النية الخالصة وإرادة الحق والحكم بشرع الله فإن الله تعالى يهبه علما لا يطرأ على باله ، ولا يجده في بطون الكتب، وكثيرا ما نقف عند مسألة من المسائل في الكتب في مظانها ولا نجدها، ثم إذا فكرنا في آية من كتاب الله أو في حديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدنا الحل ، لأن بركة القرآن والسنة لا يضاهيها أي بركة ، يقول: (بنية خالصة وتواضع) ، التواضع هذا من أهم ما يكون ، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التواضع للحق وللخلق ، من أهم شيء لطالب العلم التواضع ، لأن التواضع خلق من الأخلاق العظيمة التي قال الله تعالى فيها لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { وإنك لعلى خلق عظيم } فأعظم الناس تواضعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أشرفهم مقاما عند الله ورتبة، قال : (وإلا فلا يتعن) ، يعني لا يتعب نفسه إن لم يتصف بهذا فلا يتعب نفسه ، ولكن نقول عفا الله عنك يا ذهبي، ارجع إلى قول الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } ولنعامل الناس بما يمكن أن يقوموا به ، وإلا لنفر الناس ، لو قلنا للطالب يكفيك أن تكتب مائتي مجلد بيديك، هذه كفاية ، والأكمل خمسمائة أو ستمائة ، وله يكفيك أن يكون عندك من الدواوين خمسمائة مجلد ، والأكمل ألف مجلد، يعني لو قلنا للطالب هكذا لثقل عليه الطلب ، لكن نقول: يكفيك أن تكتب بيديك ما تقدر عليه بشرط أن يكون عندك حرص ونشاط في طلب العلم ، والله الموفق .
(...)
سؤال: (...) شريط يشمل أحاديث فقط
الجواب: الأحاديث بارك الله فيك أهون لكن عندكم من الحكم الكثيرة ارجعوا إلى ديوان المتنبي ارجعوا إلى روضة العقلاء تجدون من الحكم ما يملأ البدالة والبدالتين.

هنا

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

الشيخ:
ذكر المؤلف حال علماء هذه البلاد وكيف كانوا يسيرون ، وابتدأ بعلم المعتقد والتوحيد لأنّ التوحيد يقدم على غيره من الفنون وذلك لأنه أصل الأصول ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من دعاه أول ما يعلمه إفراد الله بالعبادة ، ولأنّ هذا هو الذي يجعل الإنسان من أهل دين الإسلام ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل المعلمين يأمرهم بأن يبتدؤوا بهذا الأصل قال : (يا معاذ إنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله) ، وفي رواية (إلى شهادة أن لا إله إلا الله) .
ذكر المؤلف الكتب المؤلفة في هذا وهي كتب نافعة قيمة وكثير منها محل عناية أهل العلم في كثير من الأقطار.
قال المؤلف : (وكانوا مع ذلك -أي: مع دراستهم للمتون وتفهمها- يأخذون بجرد المطولات) أي : بقراءتها بدون شرحها وقد يعلقون تعليقا خفيفا على شيء من هذه المطولات ، و أدركنا ممن يقرأ المطولات وتُجرد في مجالسه كالشيخ عبد العزيز بن باز غفر الله له.
ومثّل المؤلف بالكتب التي كانت تدرس: (بتاريخ ابن جرير ، وتفسير بن جرير ، وتاريخ بن كثير ، وتفسير بن كثير ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية) ، فإنهم كانوا يحرصون على قراءتها ويبذلون من أوقاتهم من أجل تعلمها ، (وكتب أئمة الدعوة وفتاواهم لا سيما محرراتهم في الاعتقاد) ، وأعطيكم فائدة متعلقة بهذا وهي أنّ أهل العقيدة الصحيحة يبارك الله لهم في أذهانهم و فهومهم ، ولذلك تجد عندهم من الفوائد مالا تجده عند غيرهم ، فيكون عندهم من الاختصار في اللفظ ما ليس عند غيرهم ، فالأقوال القليلة عندهم تدل على المعاني الكثيرة ، و ذلك أنهم لما جردوا عباداتهم لله وجردوا مقاصدهم لله بارك الله في علومهم ، وبارك الله في أقوالهم ، ولذلك كلما كان الإنسان صاحب معتقد صحيح فإنّ الله جل وعلا يجعلك تستفيد منه أكثر من الاستفادة من غيره ، ولهذا انظر إلى كتب الشيخ محمد قرأنا منها كتابين في الأسبوعين الماضيين ألفاظ مختصرة تدل على معان كثيرة ، وهذا من بركة ما آتاه الله لذلك الإمام غفر الله له ، ثم إنه ينبهك إلى جزئيات تكون منطلقا لك في حياتك كلها بكلام سهل يسير لا تجد مثل هذه التنبيهات عند غيرهم ، و عند غيرهم تجد الكلام كثيرا طويلا وفائدته وزبدته قليلة ، ولذلك كان من فضل الله جل وعلا على هذه البلاد أن جعل فيها من العلماء من يكون محل ثقة عند العالم الإسلامي ككل ، وذلك أنهم ينطلقون في علمهم من معتقد صحيح ويؤسسون علمهم على أصول صحيحة وقواعد للتعلم صحيحة ، وكذلك يستندون ويعتمدون في كلامهم على أدلة شرعية واضحة من القرآن والسنة ونحوهما.
ثم ذكر المؤلف كيف كان أولئك يشغلون جميع أوقاتهم بالتعلم فكانت الأوقات كلها عامرة في الطلب ومجالس العلم ، ذكر المؤلف صفتهم في هذا والناظر في تراجمهم يجد هذا واضحا جليا ، فحينئذ لا ينبغي للإنسان أن يلتفت إلى هذه المشغلات التي تشغله من أنواع الألعاب أو أنواع المجالس أو أنواع الأحاديث الجانبية في غير طلب العلم الشرعي ، ثم ذكر المؤلف ما هم فيه من هذه الحلقات من أدب جم وتقدير فيما بينهم وعزة نفس للإنسان ، بحيث لا يذهب إلى سفاسف الأمور ، (مع التزامهم بطريقة ونهج سلفنا الصالح ولذلك أدركوا) يعني: أنّ أهل هذه البلاد أصبح فيهم علماء أدركوا ، وصار منهم في عداد الأئمة في العلم جمع غفير ، ولذلك لا زال أهل العلم يستندون إلى أقوال علماء هذه البلاد ويرجعون إليهم ، وهذا من فضل الله جل وعلا ، وحينئذ طالب المؤلف بالعودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة وأن يُرجع إلى كتب أهل العلم ، أما الكلام والحديث والمحاضرات العامة و التي ليس لها أساس ومنهج فإنها لا تضبط ، وبالتالي ينبغي أن نرجع في دروسنا إلى المتون العلمية حتى نضبط العلوم ونعرفها ، وأما الكلام الذي يكون بدون رجوع إلى كلام أهل العلم فإنه لا ينضبط ولا يؤسس طالبا للعلم ، لأنه يحفظ ما في هذه المذكرات وينساها بعد مرور أوقات الاختبار فيها ، أو بعد مضي زمن ثم بعد ذلك يصبح هو والعامي في مرتبة واحدة ، و لكن من ضبط العلم بمراجعة متونه وأصوله ، فإنه حينئذ يتمكن من ذلك العلم ، ولذلك أيضا نعرف مواطن بحث المسائل ، ومن هنا لا ينبغي أن نعتمد على مجرد الفهم وينبغي أن يكون لنا طريقة في حفظ الأصول الشرعية كتابا وسنة ومتون أهل العلم فإنه بمضي الوقت يضيع الفهم ويبقى الحفظ ، فالحفظ إذا بقي استعدت الفهم لأنّ الآلة عندك موجودة ، ولكن إذا كان عندك فهم ولم يكن عندك الأصل فإنّ المفهوم يضيع وتكون عندك الآلة لكن ليس عندك الأصل الذي ترجع إليه في الفهم.
قال : (وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر سير على منهاج السلف) ، الزغل : ما يكون من الشوائب في أنواع الأقمشة والقطن ونحوه ، الشوائب : ما يدخل في أنواع الحبوب من السنبل أو القشرة هذه يقال لها شوائب ، و الكدر : هذا غالبا يكون في المياه الشيء غير الصافي ، فينبغي أن تكون المتون والكتب التي نقرأها خالية من مثل هذا ، وهذه المذكرات قالها إنسان وتكلم بها لكنه مرات يتكلم بكلمة ويَنِدّ ذهنه يريد أن يتكلم بكلمة فتخرج منه كلمة أخرى ، وتجدون هذا عند كثير من المعلمين والمدرسين بينما الكتب حرص أصحابها على ضبطها ثم بعد ذلك وُجد أناس كثر يتدارسونها وينبهون على ما فيها من مثل هذا ، بخلاف هذه المذكرات فإنها لا تشتمل على مثل هذا ، ولازال سلفنا وأئمتنا يسيرون على هذه الطريقة بمراجعة المتون العلمية ، فحينئذ لا ينبغي أن تغرنا مثل هذه الدعايات التي تُنَفِرّ من كتب أهل العلم المتقدمين .
ذكر المؤلف صفات طالب صفات راوي الحديث وصاحب الحديث:
أولها : (العقل الجيد) الذي يعرف به عواقب الأمور ويميز به بين المتشابهات ،
و(يحتاج إلى دين وورع) بحيث لا يعتمد على الظنة ، أو يكون كاذبا في حديثه أو يعتمد على رواية من لا يصح أن يعتمد على روايته .
والثالث : يحتاج إلى (الضبط) وهو تمام الحفظ .
والرابع : يحتاج إلى (حذاقة بالصناعة) ، معرفة القواعد التي يسار عليها في التعلم مع (وجود الأمانة) لكي لا يدخل في العلم ما ليس منه ، وينبغي أن يعرف بذلك حتى يوثق بكلامه ، فمن لم يعرف بأنه أمين لم يعتمد على قوله ، وذكر المؤلف أيضا كلام الذهبي فقال : (الأمانة جزء من الدين) ، بحيث يرجع بعض هذه الصفات السابقة الخمس إلى بعضها فالأمانة راجعة إلى الدين ، والضبط راجعة إلى الحفظ ، قال : ينبغي أن يكون (تقيا) وهو التقوى الٌإقدام على الطاعة والهرب من المعصية لله من أجل الآخرة ، وأن يكون (ذكيا) يعرف حقائق الأمور وضوابطها ، (نحويا) يعرف قواعد ضبط أواخر الكلمات (لغويا) يفهم معاني الكلام ، (زكيا) يعني طاهرا ليس في نفسه خبث ولا طوية غير محمودة ، (حييا) يستحي مما لا يليق به (سلفيا) سائرا على نهج سلفنا الصالح يبتعد عن البدع وعن أهلها ، (يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد) يعني أنّ طالب العلم حتى يصل يكتب بيديه مائتي مجلد من الفوائد ، ومن أنواع العلم ، (ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد) ، فإذا قرأ خمس مائة مجلد وكتب مائتي مجلد من الفوائد فقد أحرز العلم ، وتأهل للتعليم ، وعليه أيضا (ألا يفتر من طلب العلم) أي لا يتوقف يستمر ولا يمل (إلى الممات) إذا توقف وظن أنه قد علم أصبح ينتقل إلى الجهل ، ولابد أن يكون ذلك (بنية خالصة لله) لا يريد الدنيا ولا يريد مراءاة الخلق ولا يريد أن يكون له سمعة عندهم (وتواضع) بحيث لا يترفع ولا يتكبر ، قال المؤلف : (وإلا فلا يتعن) في هذه الكلمة في النفس ما فيها وذلك أنّ طلب العلم قربة وعبادة ، فلو فرضنا أنّ إنسانا كان بليد الذهن أو كان حفظه ضعيفا لا ينبغي أن يكون ذلك صادا له عن التعلم ، لأنّ كل حرف يتعلمه يؤجر به عند الله جل وعلا ، فحينئذ كيف يفوت على نفسه هذا الأجر ، ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، ولا يشترط في هذا أن يكون صاحب عقل جيد ، ولا أن يكون صاحب حفظ وضبط ، ولا أن يكون حاذقا للصناعة، فبمجرد تعلمه يؤجر ولو لم يكن قادرا على الحفظ ، فهذه الصفات ينبغي أن نحرص على تحصيلها ، وإذا لم نتمكن من تحصيلها كاملة فلا يعني أن يكون ذلك صارفا لنا عن التعلم.
أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ،
اللهم يا حي يا قيوم فهمنا وعلمنا اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين ،
اللهم علمنا طرائق التعلم وفقهنا في ذلك وعرفنا بمراتبه واجعلنا ممن يتدرج في تعلمه ،
اللهم اجعلنا من أهل الرفق والتأمل والثبات والتثبت وأبعدنا عن مجالس اللغو و الهيشات هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السائل : فضيلة شيخنا .......
الشيخ : هذا شيء يتعلق بالدرس ؟ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس هذا مجلس تعلم وليس مجلس فتيا ، حينئذ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس ، فهمتم هذه الفائدة في مجلس التعلم نفرق بينه وبين مجلس الفتيا فنحن هنا نتعلم وبالتالي انظر ما يتعلق بموضوع بحثنا و دراستنا فأورده ، و مالا يتعلق به فإنه يكون من خلط العلوم بعضها ببعض.

السائل : أحسن الله إليكم شيخنا .....
الشيخ : الكلمة استبدل العبارة بالكلمة ، نعم ، والجملة ، نعم ، يقول النبي الله صلى الله عليه وسلم : (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل ما خلا الله باطل) ما قال عبارة ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم شيخُنا .....
الشيخ مصححا : شيخَنا لأنّ شيخَنا منادى لتكون منادى مضاف وتكون منصوبة

السائل : أحسن الله إليكم شيخَنا ......
الشيخ : كما تقدم أوردت عليكم ثلاث أو أربع صفات ، الأولى : الخطأ في نطق الكلمات ، والثانية : عدم معرفة معاني المصطلحات ، و الثالثة : الخلط بين المسائل و إدخال بعضها في بعض ، والرابعة : الخلط في أقوال أهل العلم بدون معرفة منشأ الخلاف وتحرير محل النزاع ، نعم ، هذه علامات الشيخ الصحفي الذي يأخذ من الصحف ولا يكون عنده إتقان للعلم ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم ......
الشيخ : إني أنصحك بإعادة دراستها ففيها من الفوائد ما لا تعرفه من المرة الأولى ولا من الدراسة الأولى ، فدراستك لهذه المتون مرة أخرى ينتج عنه ضبط ما أخذته ، وينتج عنه معرفة فوائد جديدة لم تعرفها في المرة الأولى ، وينتج عنه أيضا معرفة والقواعد الأصول العلمية في مسائل المعتقد ، خصوصا هذين الكتابين أخص بالذكر هذين الكتابين كشف الشبهات ومسائل الجاهلية فإنّ فيهما من الفائدة والعلم الكبير مالا يدركه الإنسان في الغالب من دراسته مرة واحدة ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم .....
الشيخ : كما تقدم أنه يتعلم العربية ليتكلم بها في أول أمره لتكون سليقة في كلامه ، ثم بعد ذلك يتعلم القرآن ، و بتعلمه للقرآن يكون قد عرف شيئا من لغة العرب و أساليب كلامها ، ثم يعود فيعرف قواعد النحو ويعرف القواعد المتعلقة بالبلاغة ونحو ذلك ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم .......
الشيخ : التدرج في القواعد الفقهية الأصل فيه أن يؤتى بعالم متقن فينتقل معه من كتاب إلى كتاب ، و بفضل الله عز وجل علينا في القواعد الفقهية أننا كنا ندرس أولا قواعد متن المنظومة للشيخ ابن سعدي ، وقد يسر الله جل وعلا طبع أحد الشروح التي شرحناها لهذه المنظومة ، ثم بعد ذلك يقرأ في كتاب ابن سعدي اختصار قواعد ابن رجب تحفة أهل الطلب هو كتاب جيد ومتين ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى مطولاته كقواعد ابن رجب ونحوه ، هذا تدرج سرنا عليه مع طلابنا ، وهناك من يتدرج بتدرج آخر وكل على طريقته ومنهجه ، في الأصول أيضا تدرجنا بكتاب الورقات ، ثم بعد ذلك قواعد الأصول ، ثم بعد ذلك المختصر لابن اللّحام ، ثم بعد ذلك ما يتعلق بروضة الناظر .
نسأل الله عز و جل أن يزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا اللهم يا حي يا قيوم نسألك أن تهدي ولاة أمورنا لكل خير ، وأن تجعلهم من أسباب الهدى والتقى و الصلاح و السعادة ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هنا

*إجابات على أسئلة طلاب العهد / الشيخ عبد
العزيز الداخل

السؤال الأول : قال الشيخ العلامة إبن عثيمين رحمه الله ( وفي الفقه : زاد المستقنع) ينصح به لدراسة الفقه للمبتدئين .
والذي أعرفه إن زاد المستقنع ( على الفقه الحنبلي) فلماذا يدرس ؟ لماذا لايدرس كتاب يعتمد على الدليل فقط دون رأي مذهبي خاصة للمبتدئين ؟
فإذا ذهبنا إلى بلاد تدرس الفقه الشافعي ، كيف يمكن التنسيق بينهما (الفقه الحنبلي) و( الفقه الشافعي) علماً إني مبتدء وبلادي تدرس الفقه الشافعي ، وانا أحب أن أدرس الكتاب الذي يعتمد على الدليل فقط ؟ فكيف يتم التنسيق ؟
الجواب : الواجب علينا جميعا اتباع الدليل ولا يجوز ترك ما جاء عن الله تعالى وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول شخص كائناً من كان.
ومِن مسائل الفقه مسائل بينة قد أجمع عليها أهل العلم ، ومنها مسائل اختلفوا فيها، واختلفت طرق ترجيحهم ، ومن أشهر العلماء الذين تلقت الأمة فقههم بالقبول الأئمة الأربعة ، وقد اعتنى العلماء بتدوين فقههم ورتبوا المؤلفات فيها للمتعلمين ، فدراسة الطالب لمتن فقهي من هذه المتون مع التنبيه على بعض ما ترجح للشارح فيه خلاف ما قرره مؤلف المتن أيسر من أن يؤلف كل عالم منهجاً لتدريس الفقه فتكثر المؤلفات جداً وتختلف المناهج وتتفرق على الطلاب فتتعسر عليهم الدراسة، ولذلك جرى عمل كثير من الفقهاء على اعتماد هذه المتون مع اتباع الدليل فيما ترجح لهم.
ولذلك تجد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو الذي أوصى بهذه الوصية يرجح خلاف ما في زاد المستقنع في مسائل كثيرة اتباعاً للدليل.

هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 07-22-2015 الساعة 11:42 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-12-2014, 04:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
افتراضي

17 - تلَقِّي العِلْمِ عن الأشياخِ :

الأصلُ في الطلَبِ أن يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ، والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟ .
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها الحاذِقِ .
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ الْمِصرِيِّ الطبيبِ ( م سنة 453 هـ ) وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ الْمُعَلِّمِ وهي التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ بزَوَغَانِ البصَرِ ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ : ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا من مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ... )اهـ .
والدليلُ المادِّيُّ القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ، مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ، وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ من الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( م سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ : كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَاقَاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَ في الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ .
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :


مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِفيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ

وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـاغوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
هنا

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:
الأمر السابع عشر: تلقي العلم عن الأشياخ
الأصلُ في الطلَبِ أن يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ، والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟
الشيخ :
هذا أيضاً مما ينبغي لطالب العلم مراعاته , أن يتلقى العلم عن الأشياخ لأنه يستفيد بذلك فائدتين : بل أكثر .
الفائدة الأولى : اختصار الطريق بدلا من أن يذهب يقلب في بطون الكتب وينظر ما هو القول الراجح , وما سبب رجحانه ؟ وما هو القول الضعيف ؟ وما سبب ضعفه ؟ بدلا من ذلك يمد المعلم هذه لقمة سائغة، يقول : واختلف العلماء في كذا على قولين أو ثلاثة أو أكثر , والراجح كذا , والدليل كذا . وهذا لا شك أنه نافع لطالب العلم .
الفائدة الثانية : السرعة . يعني سرعة الإدراك , لأن الإنسان إذا كان يقرأ على عالم فإنه يدرك بسرعة أكثر مما لو ذهب يقرأ في الكتب , لأنه إذا ذهب يقرأ في الكتب ربما يردد العبارة أربع أو خمس مرات لا يفهمها, وربما فهمها أيضا على وجه خطأ غير صحيح .
الفائدة الثالثة : الرابطة بين طالب العلم ومعلمه , فيكون ارتباط بين أهل العلم من الصغر إلى الكبر .
فهذه من فوائد تلقي العلم على الأشياخ , لكن سبق أن قلنا أن الواجب أن يختار الإنسان من العلماء من هو ثقة أمين قوي أمين , يعني عنده علم وإدراك ليس علمه سطحياً , وعنده أمانة , وكذلك أيضاً إذا كان عنده عبادة فإن الطالب يقتدي بمعلمه .

القارئ :
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها الحاذِقِ .

الشيخ :
هذا صحيح وقد قيل : إن من كان دليله كتاباً خطأه أكثر من صوابه .
هذا فهو الغالب بلا شك , لكن قد يندر من الناس من يكرس جهوده تكريساً ولا سيما إذا لم يكن عنده من يتلقى العلم عنده , فيعتمد اعتماداً كاملاً على الله عزوجل ويدأب ليلا ونهارا ويحصل من العلم ما يحصل وإن لم يكن له شيخ .

القارئ :
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ الْمِصرِيِّ الطبيبِ وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ المُُُعَلِّمِ وهي التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ بزَوَغَانِ البصَرِ ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ : ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ) اهـ
والدليلُ المادِّيُّ القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ، مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ، وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ عن الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( المتوفى سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ : كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلقاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَت الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ.
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :
مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِ = فيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ
وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )

الشيخ :
هذه الكلمات فيها ما أشرنا إليه من قبل , أن الأخذ عن العلماء والمشايخ أفضل من الأخذ من الكتب , وبين فيما نقله هنا في الرد على ابن بطلان . قال : ( يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم , وهي معدومة عند المعلم وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم النقط ) وكانوا فيما سبق يكتبون بلا نقط فيخطئ الإنسان , فمثلاً ربما تجد كلمة ( بز ):
اشتريت بزا بصاع من تمر بدون مقابضة . إذا لم يكن فيها نقطه ( برا ) ومعلوم أنك إذا اشتريت برا بتمر بدون مقابضة فالبيع غير صحيح , فتختلف الأحكام باختلاف النقط , كذلك الغلط بزوغان البصر يعني يزيغ بصره فيرى الكلمة على صورة غير حقيقتها لا سيما إذا كان الكتاب ليس جيدا , فمثلا بعض الناس إذا كتب كلمة زين ربط طرف النون بطرفها الأول فتكون كأنها زيوه أليس كذلك؟ فيحصل الخطأ كذلك ( قلة الخبرة بالإعراب , والإعراب له أثر في تغيير المعنى . فإذا قرأ مثلا: (وكلم اللهَ موسى تكليما) وهو إنسان لا يعرف الإعراب والكلمة ما شكلت، ربما يقول: (وكلم اللهَ موسى تكليما) فيختلف المعنى اختلافا عظيما، (أو فساد الموجود منه) في علم الإعراب و( إصلاح الكتاب , وكتابة ما لا يقرأ , وقراءة ما لا يكتب) كل هذا يعتري من يأخذ العلم عن الكتاب , كذلك ( مذهب صاحب الكتاب ) ربما يكون مذهبه مذهب معتزلي أو جهمي أو غيره وأنت لا تدري , وكذلك ( سقم النسخ , رداءة النقل , إدماج القارئ مواضع المقاطع) , وكل هذا خلل عظيم (إدماج القارئ مواضع المقاطع) يعني معناه أن الكلمة لا بد أن تقف عليها , فيأتي القارئ ليقرأ الكتاب فيقرأها مع ما بعدها فيختلف المعنى ( وخلط مبادئ التعليم ) بحيث لا يميز بعضها عن بعض , بمعنى أن
الكاتب قد لا يكون متقناً فيغلط هذا مع هذا , والمبتدئ لا يعرف (ذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة) وهو لا يدري مثلا تأتيك كلمة في المصطلح ( معضل، منقطع ) ما معنى المعضل؟ إذا لم يكن عنده علم أشكل عليه هذا الشيء .
يقول : ( ألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالنوروس ), هذه العباره لا بد أن تفهم! ما هو النوروس ؟ طائر؟ والله ما أدري , لأن الطائر ما يكون ألفاظ يونانية فلعله اسم لعلم من العلوم
يقول : ( فهذه كلها معوقة عن العلم , وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم وإذا كان الأمر على هذه الصورة فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه وهو ما أردنا بيانه )
ثم نقل عن بعض العلماء أنه قال : ( لا تأخذ العلم من صحفي ولا عن مُصحفي يعني لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف , ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف) .
وهذا كله فيما إذا كانت الكتب التي يقرأ منها ليس فيها بيان , أما إذا كان فيها بيان , كالموجود الآن من المصاحف والحمد لله فهو واضح ما فيه إشكال ،
يعني معناه أن الإنسان يلحق كلمة غير مكتوبة ظنا منه أن المعنى لا يتم إلا بها فيقرأ ما ليس مكتوبا
فيه أيضاً الأبيات التي ذكر:
من لم يشافه عالماً بأصوله = فيقينه في المشكلات ظنون
يعني إذا وردت المشكلة وقال الحكم كذا وكذا يقيناً فهو ظن حتى يقول أنا عالم .
أما:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ


من هو الغمر : الصغير.
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
( توما الحكيم ) : مشهور بالغباوة لكنه يدعي العلم وقال على حاله بعض الشعراء :
حمار الحكيم توما = لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب
أفهمتم ؟
يقول : لو أنصف الدهر - طبعاً الكلمة هذه غير مقبولة لكن هذا الشاعر يقولها.
(كنت أركب) يعني هذا الحمار يركب على صاحبه وليس العكس.
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب

وهنا يقول :
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ= ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )


هنا

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد : نواصل ما كنا ابتدأنا بقراءته من كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى .

القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : قال المؤلف غفر الله له و لشيخنا
السابع عشر تلقي العلم عن الأشياخ:
الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ ، و المثافنة للأشياخ ، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب ، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق ، وهو المعلم أما الثاني عن الكتاب ، فهو جماد ، فأنّـى له اتصال النسب؟
وقد قيل:"من دخل في العلم وحده ؛ خرج وحده " ؛ أي : من دخل في طلب العلم بلا شيخ ؛ خرج منه بلا علم ، إذ العلم صنعة ، وكل صنعة تحتاج إلى صانع ، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.
وهذا يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم ؛ إلا من شذ مثل: علي بن رضوان المصري الطبيب (م سنة 453هـ) ، وقد رد عليه علماء عصره ومن بعدهم.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمته له :
"ولم يكن له شيخ ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب ، وصنّف كتاباً في تحصيل الصناعة من الكتب ، وأنها أوفق من المعلمين ، وهذا غلط"اهـ.
وقد بسط الصفدي في الوافي الرد عليه ، وعنه الزبيدي في "شرح الإحياء " عن عدد من العلماء معللين له بعدة علل ؛ منها ما قاله ابن بطلان في الرد عليه.
السادسة : يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم ، وهى معدومة عند المعلم ، وهى التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ ، والغلط بزوغان البصر ، وقلة الخبرة بالإعراب ، أو فساد الموجود منه ، وإصلاح الكتاب ، وكتابة ما لا يقرأ ، وقراءة ما لا يكتب ، ومذهب صاحب الكتاب ، وسُقم النسخ ، ورداءة النقل ، وإدماج القارئ مواضع المقاطع ، وخلط مبادئ التعليم ، وذكر ألفاظ مصطلح عليه في تلك الصناعة ، وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة ، كالنوروس ، فهذه كلها معوقة عن العلم ، وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم ، وإذا كان الأمر على هذه الصورة ، فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه ، وهو ما أردنا بيانه ، قال الصَّفَدي : ولهذا قال العلماء : لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي ، يعنى : لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف "ا هـ.
والدليل المادي القائم على بطلان نظرة ابن رضوان : أنك ترى آلاف التراجم والسير على اختلاف الأزمان ومر الأعصار وتنوع المعارف ، مشحونة بتسمية الشيوخ والتلاميذ ومستقل من ذلك ومستكثر ، وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في "العُزّاب " من "الإسفار " لراقمه.
وكان أبو حيان محمد يوسف الأندلسي (م سنة 745 هـ) إذا ذكر عنده ابن مالك ، يقول:"أين شيوخه ؟".
"وقال الوليد : كان الأوزاعي يقول : كان هذا العلم كريماً يتلاقاه الرجال بينهم ، فلما دخل في الكتب ، دخل فيه غير أهله.
وروى مثلها ابن المبارك عن الأوزاعي.
ولا ريب أنّ الأخذ من الصحف وبالإجازة يقع فيه خلل ، ولا سيما في ذلك العصر ، حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل ، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، ولا يقع مثل ذلك في الأخذ من أفواه الرجال ، وكذلك التحديث من الحفظ يقع فيه الوهم ، بخلاف الرواية من كتاب محرر " اهـ. و لابن خلدون مبحث نفيس في هذا ، كما في "المقدمة " له.
ولبعضهم :
من لم يشافه عالماً بأصوله ... ... فيقينه في المشكلات ظنون
وكان أبو حيان كثيراً ما ينشد:
يظن الغمر أنّ الكتب تهدى ... ... أخاً فهم لإدراك العلوم
وما يدرى الجهول بأنّ فيها ... ... غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ... ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى ... ... تصير أضل من "توما الحكيم"

الشيخ :
ذكر المؤلف ها هنا الأدب السابع عشر من آداب طالب العلم وهو أن يتلقى طالب العلم ، العلم عن الأشياخ ، وذلك أنّ هذا العلم ينقله سلف الأمة إلى خلفها بالنقل والرواية ، و لذلك فإنّ من أدب طلب العلم أخذه عن العلماء والأشياخ لا تلقيه من الكتب ، وذلك لعدد من الأسباب :
أول هذه الأسباب : أنّ ما يكتب في الكتب تختلف قدرات الناس في معرفة كيفية تشكيله و قراءته ، فإذا درسه على معلم نبّه إلى الأخطاء التي تقع في طريقة نطق هذه الكلمات ، ومثال هذا : عند قراءتنا لهذا الكتاب نجد أننا نخطئ في طريقة نطق بعض الكلمات ، فيأتي الشيخ و ينبه عليها سواء نبه عليها مباشرة أو أعاد نطقها مرة أخرى ، بحيث تستقر الكلمة على طريقة نطق الشيخ ، وضربنا لذلك أمثلة.
الأمر الثاني : التمييز بين أنواع الروايات فإنّ الروايات منها ما هو صحيح ومنها ما ليس بكذلك.
الأمر الثالث : متعلق بالقدرة على فهم التراتيب من الكلام ، فإنّ المرء إذا قرأ الكتاب وحده قد يُدخل جملة في جملة ، ومن ثَمَّ ينتقض عليه المعنى الذي أراده المؤلف.
الأمر الرابع : أنّ الطالب إذا تلقى العلم عن شيخه استفاد من سمته و من هديه ، وبالتالي أثّر في سلوكه.
الأمر الخامس : أنَّ الطالب قد يشكل عليه مسائل ، فإذا كان الشيخ عنده سأله عن تلك المسائل المشكلة ، وإذا لم يكن عنده شيخ فإنه حينئذ لن يتمكن من إتقان جميع الكتاب ، وكم من مرة وجدنا أخطاء مطبعية في الكتب ، فإذا كان عند الإنسان شيخ أرشده إلى الخطأ في ذلك الكتاب ، و إذا لم يكن عنده شيخ فإنه قد يظن أنَّ ما في الكتاب صواب ، وهو من الأخطاء الإملائية أو الطباعية.
الأمر السادس : أنَّ هناك مصطلحات تختلف ما بين موطن وموطن آخر ، فإذا قرأ الإنسان العلم على شيخ بيَّن له معاني تلك المصطلحات .
قال المؤلف : (الأصل في الطلب ) الأصل يراد به القاعدة المستمرة ، (أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ) جمع أستاذ ، (والمثافنة للأشياخ) بأن يأتي عندهم قريبا منهم حتى يكون ثِفنُه قريب من ثِفنِه ، و الثفن في الأصل ما يكون في صدر البعير من الجسم البارز في صدره ، قال : (والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف) جمع صحيفة ، (وبطون الكتب والأوّل الذي هو التلقي عن الأشياخ ، من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق وهو المعلم) لأنّ الحي إذا أخذ عن الحي استفاد منه حياة ، (أما الثاني فهو أخذ عن الكتاب وهو جماد) ومن ثَمّ لا يكون هناك اتصال بالنسب ، والمراد بالنسب هنا سلسلة الرواية والإسناد ، لأنك إذا أخذت الكتاب من شيخك اتصل الإسناد حتى يصل إلى الشيخ الأعلى قال : (من دخل في العلم وحده) أي بلا شيخ ، (خرج منه وحده) أي بلا علم ، لو دخلت في المطبخ وأنت لا تحسن الطبخ ووجدت أنواع ما يجهز به الطعام ، حينئذ لن تتمكن من الطبخ إلا أن يكون عندك طباخ ماهر يرشدك إلى كيفية الطبخ ، هكذا في العلم عندك مؤلفات وعندك كتابات متنوعة ، ما هو الأنسب لك ؟ وكيف تتعلم ؟ وما الكتب المناسبة لك ؟ وما هي مبادئ العلوم التي يحسن أن تبتدئ بها ؟ لا يمكن أن تعرفه بنفسك.
ابن رضوان عالم من علماء مصر طبيب يقول : بأنه يُرَغِّب في تحصيل العلم من الكتب ، ولذلك رد العلماء عليه ، ومن هنا قال عنه الذهبي : (لم يكن له شيخ) ، (صَنَّف كتاب في تحصيل الصناعة من الكتب وأنها أوفق من المعلمين) وهذه الطريقة (غلط) ، ولعل مثل ذلك إنما يكون في أصحاب المهن والعلوم الأخرى ، ابن رضوان هذا طبيب ولذلك يظن أنه سيحصل العلم الشرعي بطريق القراءة من الكتب ، الزَّبيدي شرح الإحياء وهو من علماء اليمن وله تحقيقات وكتب كثيرة ، قال : (في الكتاب أشياء تصد عن العلم) من مثل الأخطاء المطبعية وأخطاء النسّاخ ، واشتباه الحروف بعضها مع بعض ، واحتمالية زوغان البصر تجد الإنسان يقرأ ثم يطمر سطرا من زوغان بصره ، وقد يكون يقرأ ويجد كلمة فينتقل إلى نفس الكلمة في السطر الذي بعدها ، ومن ثَمَّ يؤدي إلى معنى مغاير للمعنى الذي يريده المؤلف.
قال كذلك قد يكون في الكتاب : (مذهب صاحب الكتاب) وسيتبعه المقلد القارئ بدون أن يعرف هل هو مذهب صواب أو مذهب خطأ ، وقد يكون في النقولات شيء من الملحوظات فكم من عالم ومؤلف وفقيه أراد أن ينقل من غيره فحصل تغيير فيما يُنقل ، وكذلك قد (يدمج القارئ مواضع المقاطع) فيٌدخل جملة في جملة ، (ويخلط في مبادئ التعليم) ، وذكر أيضا المصطلحات التي يمكن أن تكون خاصة بفن فيجهلها القارئ فيكون ذلك صادا له عن الاستمرار في التعلم بينما من كان عنده معلم فإنه لا تنطلي عليه هذه الأمور ، قال العلماء : (لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي) ، الصحفي : من أخذ علمه من الصحف ، و المصحفي : من أخذ قراءته من المصحف ، ولابد من شيخ يقرأ الإنسان عليه ، ولذلك تواتر عند علماء الأمة أنَّ الإنسان يبحث عن أشياخ له ، وقد ألّف جماعات كثر مؤلفات في معاجم شيوخهم ، وقد أوصل بعضهم شيوخه إلى ألف شيخ.
انقطاع في التسجيل
يقول : إنّ كون العلم في الكتب يجعل غير المتأهلين ينقلون في الحديث عن مسائل العلم ، وهذا مشاهد خصوصا في عصرنا فلما وجدت هذه الأشرطة وهذه الضواغط التي تضغط المكتبات العلمية في الأشرطة ، فاكتفى أناس بها ولم يطلبوا العلم عن العلماء ، فكان ذلك سببا من أسباب ولوج غير المؤهلين في الحديث في علوم الشرع فخبَّطوا ، وجاءوا بكلام لا يستسيغه صاحب دين أو صاحب عقل ، قال : (ولا ريب أنّ الأخذ من الصحف و بالإجازة يقع فيه خلل) الرواية بالإجازة نوع من أنواع الرواية ، الرواية لها مراتب :
الرتبة الأولى : أن يقرأ الشيخ والتلميذ يسمع عنه ، وهذه يقال لها قراءة الشيخ.
الثاني : أن يقرأ التلميذ والشيخ يسمع فيُثبت السماع أو يسكت ، وهذه يقال لها القراءة على الشيخ ، أو يسميها البعض العرض.
الثالث : الإجازة بأن يرويَ عن كتبه التي أجاز له الرواية عنها ، يقول : أجيز لك أن تروي عني الحديث الفلاني ، فهذه إجازة لم يسمع بها جميع الحديث لا بقراءة الشيخ ولا بقراءة التلميذ.
قال : (ولاسيما في ذلك العصر حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل) إذا لم يأخذ الإنسان عن شيخه فقد يقع في أخطاء بسبب تغير النُقط أو بتغير الشكل فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، تعرفون نماذج من هذا قرأ بعضهم (المؤمن كيس قطن) ، وقرأ الآخر فقال : (الحية السوداء دواء من كل داء) ، من أين وقع ؟ وقع الخطأ من عدم اختيار الشكل الذي يُقرأ عليه ، ثم ذكر أشعارا لبعضهم تدل على نفس المعنى ، نعم.


هنا

*إجابات على أسئلة طلاب العهد / الشيخ
عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : ما معني مثافنة الأشياخ ؟
الجواب :مثافنة الأشياخ أي ملازمتهم حتى يستخرج ما عندهم من العلم، قال أبو زيد الأنصاري: (ثافنت الرجل مثافنة أي صاحبته حتى لا يخفى علي شيء من أمره).

السؤال الثاني : ما معنى (ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ)
ليست هي الإجازة المشهورة الآن .. صحيح !!
الجواب : مراده بالإجازة أي من دون سماع وعرض على الشيخ .

السؤال الثالث :
عند ذكر المعوقات التي تصد عن أخذ العلم من الكتب، من تلك المعوقات:
قراءة ما لا يكتب، وكتابة ما لا يقرأ.
نرجو منكم توضيح هذه العبارة.
الجواب :
قوله: (وكتابة ما لا يُقرأ، وقراءة ما لا يكتب) يريد به أن من الألفاظ ما ينطق ولا يكتب ويصعب ضبطه بالوصف ولا يمكن تحصيله إلا بالتلقي من الشيخ سماعاً ، ومثال ذلك: الروم والإشمام والإشباع والإدغام
ومنها ما يكتب ولا ينطق كواو عمرو وألف واو الجماعة وغيرها.
وهذا الكلام أراد به ابن بطلان بيان أهمية التلقي عن الشيخ وأنه لا يغني عنه التلقي المباشر من الكتب.

وهذه المسألة حصل فيها إفراط وتفريط، والحق هو التوسط والاعتدال.
فمن غلا وأفرط لم يصحح للطالب أن يتلقى علماً إلا عن طريق السماع من الأشياخ.
ومن فرَّط وتساهل حث الطالب على التلقي من الكتب مباشرة بلا منهج علمي ولا إشراف من شيخ.

والطريقة الأولى خطأ وتشدد وحرمان للطالب من الاستفادة من كتب أهل العلم ، وتطويل مملّ لأمد التحصيل عليه حتى تمضي عليه مدة نهمته في الطالب وهو مقتصر على السماع لا يبحث ولا يقرأ وإنما يتلقى العلم بالتلقين كالصبيان ، وينتظر فراغ الشيخ له حتى يعطيه النزر اليسير من وقته أو يجمعه مع جماعة من الطلاب فيلقي عليهم الدرس، وقد يكون لدى الشيخ من الأخطاء ما لا يتفطن له الطالب إلا بالبحث والقراءة والدراسة الجادة وعرض كلام الشيخ على كلام الشراح الآخرين والموازنة بينها حتى يحذق فهم الباب الذي يدرسه وتزول عنه الإشكالات العارضة.
والطريقة الثانية مضيعة للطالب ومظنة للانحراف في الفهم والمنهج لأن التلقي المباشر من الكتب بلا عالم يشرف عليه ويوجهه ويجيبه على ما يشكل عليه ويرتب له درجات التعلم حتى يشتد عوده في العلم فيضبط الأصول ويفهم المسائل بالدلائل ثم ينطلق في القراءة في كتب أهل العلم انطلاق الماهر الحاذق البصير بما يأتي وما يذر.
فمن ضيع الإشراف في أول طلبه لم تؤمن عليه مخاطر الانحراف والخطأ في الفهم والمنهج، ومن تشدد واقتصر على السماع فرط في علم كثير، وضيع على نفسه أوقاتاً كثيرة.

السؤال الرابع : ما الفرق بين السماع والاستماع ؟
الجواب :
إذا جمع اللفظان فيراد بالسماع ما كان دون قصد من السامع بل يبلغه الصوت فيسمعه من غير قصد للإنصات إليه، وقد يميز الكلام وقد لا يميزه، كلهم يسمى سامعاً.
وأما الاستماع فيراد به قصد السماع ويكون معه إنصات
ومن ذلك قول الفقهاء: (ويسن سجود التلاوة للمستمع دون السامع).


السؤال الخامس : لم أفهم هذه العبارة( لا تأخذ العلم من صحفي ولا عن مُصحفي)
الجواب : المقصود بهذا الكلام أن طالب العلم يتلقى العلم بالمشافهة أي من أفواه المشايخ وليس من مجرد الكتب
فلا تأخذ العلم من صحفي أي ممن أخذ العلم من الصحف فقط فلم يجالس العلماء
ولا تأخذ العلم من مصحفي أي أخذ القرآن من مصحف ولم يأخذه من أفواه المشايخ.

السؤال السادس : المصحف هو القرآن والصحف ؟
الجواب :
المقصود بالصحف الأوراق وهي كناية عن الكتب ، ولعل المؤلف أراد السجع فأتى بهما على حرف واحد

السؤال السابع : قال الشيخ بكر أبو زيد ( وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في (العزاب) من( الإسفار) لراقمه).
س : ما المقصود بقوله: كما في (العزاب) من (الإسفار) لراقمه.

الجواب : يريد أن له كتاباً اسمه (الإسفار) وقد ذكر فيه فصلاً عن العزاب من أهل العلم.
وهذا الكتاب كان قد طبع باسم: (الإسفار عن النظائر والأسفار) في طبعته الأولى، ثم اختصر الشيخ اسمه في الطبعات اللاحقة فسماه (النظائر) وقد ذكر فيه فصولا منها التراجم الذاتية، والعلماء الذين تحولوا من مذهب إلى مذهب، والعزاب من العلماء وغيرهم، والمكثرين من الشيوخ، والمكثرين من الزواج، والذين ماتوا ولم يعقّبوا، وسرد قائمة بأسماء كلّ نوع من هذه الأنواع.
والكتاب هنا لمن أراد الاطلاع عليه.


هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-12-2014 الساعة 04:38 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-12-2014, 06:48 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
*فـائـدة*
تذكر كثير من المعاجم اللغوية :

أن الأمهات فيمن يعقل ، وال
أُمَّات فيما لايعقل ،

وبما أن الكتب غير عاقلة ، فجمعها يكون :
أُمَّات ،

ولكن ابن جني وغيره أجازوا جمع الجميع على

أُمَّات أوأُمَّهات ( للعاقل وغير العاقل ) .

هنا


*.*.*.*.*.*.*

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين

قوله: «أُمُّهات الأولاد» يقال: أمهات في بني آدم،
وأُمَّات في الحيوان،
تقول: أمات السخال ولا تقل: أمهات،
وإنما يقال: أمهات في بني آدم،
قال الله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}}
[النساء: 23]

هنا

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-26-2014, 03:05 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
الفصلُ الثالثُ
أدَبُ الطالبِ مع شيخِه
18 – رعايةُ حُرْمَةِ الشيخِ :
بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ بل لا بُدَّ من شيخٍ تُتْقِنُ عليه مفاتيحَ الطلَبِ ؛ لتَأْمَنَ من العِثارِ والزَّلَلِ ؛ فعليك إذنْ بالتَّحَلِّي برعايةِ حُرْمَتِه ؛ فإنَّ ذلك عُنوانُ النجاحِ والفلاحِ والتحصيلِ والتوفيقِ ، فليكنْ شيخُك مَحَلَّ إجلالٍ منك وإكرامٍ وتقديرٍ وتَلَطُّفٍ ، فخُذْ بِمَجَامِعِ الآدابِ مع شيخِك في جلوسِك معه ، والتحَدُّثِ إليه ، وحسْنِ السؤالِ والاستماعِ ، وحُسْنِ الأدَبِ في تصَفُّحِ الكتابِ أمامَه ومع الكتابِ وتَرْكِ التطاوُلِ والمماراةِ أمامَه ، وعدَمِ التقَدُّمِ عليه بكلامٍ أو مَسيرٍ أو إكثارِ الكلامِ عندَه ، أو مُداخَلَتِه في حديثِه ودَرْسِه بكلامٍ منك ، أو الإلحاحِ عليه في جَوابٍ ؛ متَجَنِّبًا الإكثارَ من السؤالِ ، لا سِيَّمَا مع شُهودِ الملإِ ، فإنَّ هذا يُوجِبُ لك الغُرورَ وله الْمَلَلَ .
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به : وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا ؟ .
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .

....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :
أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ، وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .
وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ ( م سنةَ 1380هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الشيخ :
آداب الطالب مع شيخه وهذه من أهم الآداب لطالب العلم , أن يعتبر شيخه معلما مربيا , معلما يلقي إليه العلم، مربيا يلقي إليه الآداب .
والتلميذ إذا لم يثق بشيخه في هذين الأمرين فإنه لن يستفيد منه الفائدة المرجوة , مثلا إذا كان عنده شك في علمه , كيف ينتفع ؟ إن أي مسألة ترد على لسان الشيخ سوف لا يقبلها حتى يسأل ويبحث , وهذا خطأ في التقدير من وجه وخطأ في التصرف من وجه آخر , أما كونه خطأ في التقدير فإن الشيخ المفروض فيه أنه لن يجلس للتعليم إلا وهو يرى أنه أهل لذلك , وأن التلميذ أيضا لم يأت إلى هذا الشيخ الا وهو يعتقد أنه أهل .
أما في المنهج فلأن الطالب إذا سار هذا المسير وسلك هذا المنهج , سوف يبني علمه على شفا جرف هار .
لأن نفسه قلقة ليس واثقا كل الثقة من هذا الشيخ الذي قرأ عليه فلذلك يضيع عليه الوقت ويضيع عليه التحصيل .
وقول الشيخ: (بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ) سبق الكلام عليه وأنه يرى أنه لا بد من القراءة على شيخ , بل لا بد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب لتأمن من العثار والزلل , فعليك إذن بالتحلي برعاية حرمته , فإن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق وهذا كما قال الشيخ واضح، (فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف) كل هذا صحيح , فهل نحن عملنا بذلك ؟والله ما أدري!!
لكن إذا كان الطالب يمر بشيخه ولا يسلم , هل هذا عمل ؟ لا هذا ليس بأدب, بل إنه إذا حاذى شيخه مرّ مر السحاب وعجل ليدرك هذا ليس من الآداب، نحن نذكر لما كنا طلبة إذا رأينا شيخنا من بعيد نقف ونسلم وإذا كنا مثلا عند دخول المسجد نمكنه من أن يدخل قبلنا، وأنا شخصيا لا أريد هذا، لا أريد أن تقفوا لي وأدخل قبلكم إن كان حقا لي فأنا مسامح، لكن أريد السلام الذي أمر الرسول بإفشاءه , كذلك بعض الناس يمر مع زميله منكم أنتم أيها الطلبة يمر مع زميله ثم يقنع برأسه هكذا كأنه يسبح في الماي فهذا غلط أيضا، أعجبني أحد الإخوة كان يمر من الصف خارجا من المسجد ولا يمر بواحد من الطلبة ولو كان بعيدا إلا سلم عليه هذا جيد، لكن كونه يمشي إلى جنبك هذا من اليمين وهذا من اليسار ثم يتلاقيان أنا في نفسي أنه لم يسلم أحدهم على الآخر لأني لا أسمع صوتا ولا أرى حركة وهذا غلط والله غلط , ينبغي لطالب العلم ولا سيما مع أقرانه أن يكون على أحسن الآداب .
يقول كذلك أيضا: (خذ بمجامع الآداب مع شيخك في جلوسك معه) , وهذا صحيح , اجلس جلسة المتأدب , يعني مثلا لا تمد رجليك ولا يديك لأن هذا سوء أدب , ولا تجلس متكئا , هذا أيضا سوء أدب لا سيما في مكان الطلب , أما إذا كنت في مكان جلوس عادي فالأمر أهون كذلك أيضا في التحدث إليه , لا تتحدث إلى شيخك وكأنما تتحدث مع قرينك , لا يستقيم هذا، تحدث إليه تحدث الابن إلى أبيه , باحترام وتواضع . لكن يا جماعة هذا ليس بالنسبة لي معكم أنا لا يهمني خاطبوني كأني أحد أقرانكم لا يهمني لكن فقط الشيء الذي لا بد منه لا بد منه.
يقول: (حسن السؤال والاستماع)، حسن السؤال والحمد لله حسب ما أرى أنكم تحسنون السؤال، لا أحد يسأل بلا استئذان وهذا طيب وإذا سأل يسأل بهدوء ورفق والحمد لله، هذا طيب , وبعضكم أيضا يقول أحسن الله إليك مثلا وما أشبه ذلك كل هذا والحمد لله أنتم على مستو جيد فيه (يقول التحدث إليه وحسن السؤال والاستماع) حسن الاستماع أيضا مهم بحيث يكون قلبك وقالبك متجها إلى محدثك، معلمك , لا تكن جالسا ببدنك سائرا بقلبك , في غير الدرس , لأن هذا يفوت عليك خير كثير، وأنت جالس الآن، وقتك لا بد أن يكون مملوكا لهذا الدرس.
وهل من علامات حضور القلب تشخيص العين ؟ لا . ليس من العلامات لكنه قد يكون قرينة- وإن كان قرينة هشة-
كذلك أيضا حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب , لا بد إذا تصفحت الكتاب يكون برفق أولا تأدبا مع الشيخ والثاني رفقا بالكتاب لئلا يتمزق . ولهذا قال: أمامه ومع الكتاب .
(وترك التطاول والمماراة أمامه) , والتطاول في الواقع ليس أمرا محسوسا مدركا بالحس الظاهر , لكن النفس تشعر بأن هذا السائل متطاول , وقد يكون هذا لسوء ظن وقد يكون لفراسة , لكن التطاول معروف . كذلك المماراة، المماراة يعني يجادل الشيخ، ثم إذا أجاب قال: وإذا كان كذا وإذا أجاب قال: وإذا كان كذا، مثلا يسألك عن مسألة من المسائل تجيبه ثم يأتي بمسألة فرضية، تجيبه على هذا الفرض فيأتي بفرض آخر أضيق من الأول هذه مماراة ليس لها داعي، الشيء الذي يمكن إيراده وهو إيراد صحيح هذا واضح إنه يورد ليزيل الإشكال أما أن يصل إلى المماراة لا.
(كذلك عدم التقدم عليه بكلام أو مسير) , الله المستعان , عدم التقدم عليه بكلام وهذا الحمد لله عندكم موجود، إلا أنه أحيانا بعض الحداث منكم يجيب قبل أن أتكلم أنا، ولكني ربما أقول أتريد أن أنزل عن هذا لك؟ فليتحمل مني، فعلى كل حال لا ينبغي للطالب أن يتقدم بين يدي الشيخ بكلام (أو مسير) أيضا , المسير هذا والحمد لله فيكم أدب منه لكن وفيكم شذوذ ومن ذلك أنه إذا تقدم الشيخ مثلا ليخرج من المسجد وكان حذاء الطالب عن يمين الشيخ والطالب عن يساره خطى الشيخ من الإمام ليأخذ الحذاء , هذا تقدم في المسير أم لا ؟ تقدم في المسير وإعاقة لسير الشيخ , كأنه يقول للشيخ: انتظر حتى أعبر وأمر هذا أيضا ليس من الأدب الطيب . وأنا مسامحكم فيه.
يقول أيضا: (أو إكثار الكلام عنده) إكثار الكلام عنده فيه تفصيل ، فالمجالس تختلف إذا كان مجلس علم ومجلس جد فلا تكثر لكن إذا كان مكان نزهة , فهذا لا بأس أن يأتي أحد ويكثر الكلام ويوسع صدر الشيخ وصدر الحاضرين ليس فيه مانع.
كذلك أيضا: (أو مداخلة في حديثه ودرسه بكلام منك) , المداخلة معناها أن الشيخ يتكلم، مستمرا في كلامه فتأتي أنت وتدخل في كلامه , لتقطع الكلام , هذا لا يصح لا في الدرس ولا خارج الدرس , لأنه من سوء الأدب . أو الإلحاح عليه في الجواب , مثلا إذا سأل الشيخ وقال له الشيخ انتظر , أعاد قال: انتظر، أعاد، قال: انتظر، ربما بعض الناس يقول : جاوب , وهو يقول انتظر ... هذا أيضا غلط إذا قال انتظر، فانتظر حتى يقول لك هو: ما سؤالك؟ ولا تلح عليه .
كذلك أيضا متجنبا الإكثار من السؤال , لأن بعض الناس يحب الإكثار من السؤال وقد يكون في غير موضوع الدرس.
فيقول الشيخ: (لا تكثر , لا سيما مع شهود الملأ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل) , صحيح مثلا في مجلس كبير تبدأ تسأل وتسأل , بعض الناس حتى إذا جلسوا على المائدة أكثروا من الأسئلة على الشيخ , هذا يسأل وإذا انتهى الثاني يسأل وإذا انتهى الثالث يسأل والرابع يسألأ فيخرج الشيخ لم يأكل الطعام , وهؤلاء مستريحين لأنه يسأل السؤال ويبدأ يأكل والثاني يسأل السؤال ويبدأ يأكل والشيخ مسكين مشتغل بالأجوبة ولهذا لا حرج على الشيخ في هذه الحال أن يقول: إذا حضر الهرس بطل الدرس .
القارئ:
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
الشيخ :
سبحان الله , هذه آداب عامة , لا تناديه باسمه , لا تقل يا محمد يا عبد الله يا علي، مجردا أو مع لقبه مثل يا شيخ عبد الله يا شيخ علي يا شيخ محمد، لا تفعل هذا بل قد يقال حتى ولا بلقبه , لا تقول يا شيخ . قل: ما تقول أحسن الله إليك وما أشبه ذلك.
أو يقولك بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ.
طيب وهل يقال مثل ذلك بالنسبة لمناداة الأب ؟
يعني لا تناديه باسمه؟ , نعم، وهل تخبر عنه باسمه , تقول قال: قال فلان ؟ وقع عن الصحابة أنهم يسمون آباءهم , فيقول ابن عمر : قال عمر ,وما أشبه ذلك من الكلام.
فيقال: إن الخبر أهون من النداء , لأنك لو تنادي أباك فتقول : يا فلان , صار من سوء الأدب، لكن لو تقول : قال فلان , وهو مشهور بعلم , أو إمارة أو ما أشبه ذلك , فإنه لا يعد ذلك سوء أدب , فلكل مقام مقال .
وباب الطلب يجب أن يكون أشد في الاحترام .
يقول : (ولا تخاطبه بتاء الخطاب)
يعني مثلا لا تقول : قلت كذا وكذا أنت قلت كذا وكذا، قلت في الدرس الماضي كذا وكذا , لأن هذه فيها إساءة أدب وفيها إشعار بأنك لم ترض قوله , إذًا ماذا نقول ؟ قلنا كذا وكذا، مر علينا في كذا وكذا ، أما قلت كذا وكذا، فهذا لا يليق مع الشيخ.
(أو تناديه من بعد من غير اضطرار) , كأن يكون الشيخ في آخر الشارع وتقول يا فلان يا فلان , لا يصلح، متى أناديه؟ أسرع إليه لتصل فإذا وصلت فلا بأس , (إلا من ضرورة) إذا كان هناك ضرورة بحيث يكون عليه خطر هو، أمامه مثلا حفرة أمامه سيارات، أمامه أشياء يخاف عليه منها فهنا لا بأس أن تناديه من بعيد، أو أنت مضطر إليه، قد تكون ضرورة له أو لمن ناداه، قد تكون أنت مثلا تناديه من بُعد تريد أن يساعدك في شيء من الأشياء هذا لا بأس به .
القارئ :
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
الشيخ :
هذه الآية , للعلماء في تفسيرها قولان :
القول الاول : لا تنادوه باسمه , كما ينادي بعضكم بعضا , وهذا ما ساقه المؤلف أبو بكر من أجله .
والثاني : لا تجعلوا دعاؤه إياكم كدعاء بعضكم بعضا بل عليكم أن تجيبوه , وأن تمتثلوا أمره وتجتنبوا نهيه , بخلاف غيره , فغيره إذا دعاك إن شئت أجبه وإن شئت لا تجبه . يعني إذا قال يا فلان فإن شئت أجبه، وإن شئت لا تجبه. لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعاك يجب أن تجيبه ولهذا قال العلماء: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا الإنسان وهو في صلاة , وجب عليه أن يجيبه ولو قطعها .
ففي الآية قولان لأهل العلم، فعلى القول بأن المعنى لا تنادوه باسمه كما ينادي بعضكم بعضا تكون دعاء مضافة إلى الفاعل أم إلى المفعول؟ إلى المفعول , يعني لا تجعلوا دعاؤكم الرسولَ كدعاء بعضكم بعضا، وإذا قلنا دعاء الرسول يعني إذا دعاكم الرسول فأجيبوه , تكون مضافة إلى الفاعل , يعني لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم كدعاء بعضكم بعضا , بناء على القاعدة التفسيرية أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين لا منافاة بينهما فإنها تحمل على المعنيين , هل يمكن أن نحملها هنا على المعنيين ؟ نعم يمكن أن نحملها على المعنيين .
القارئ :
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
الشيخ :
الأبوة الطينية : لا تقول لأبيك من النسب يا فلان . فكذلك أبوك في العلم لا تقل له يا فلان .
ولم يقل الشيخ بكر أن تقول لوالدك بالنسب، قال بالأبوة الطينية، إشارة إلى حقارته بالنسبة لأب العلم , للمعلم .
القارئ :
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به.
الشيخ :
هذا أيضا مهم , أن تبدي السرور من الدرس , والإفادة به , وأن ترتقبه بفارغ الصبر , أما أن تتململ , مرة تقلب الكتاب ومرة تخطط بالأرض ومرة تطلع المسواك تتسوك , ومرة تزين الغترة، وما أشبه ذلك هذا معناه الملل , فاللذي ينبغي أن الإنسان يفرح وأنه نزل في رياض يجني ثمارها .
القارئ :
وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا؟ .
الشيخ :
ولكن إذا بدا وهم أو خطأ من الشيخ , هل تسكت أو تنبهه ؟ وإذا نبهته فهل تنبهه في مكان الدرس ؟ أو في مكان آخر ؟
هذا يجب التزام الأدب فيه .
نقول : لا يجوز لك أن تسكت على الخطأ لأن هذا ضرر عليك وعلى شيخك , فإنك إذا نبهته على الخطأ وانتبه أصلح الخطأ .
كذلك الوهم , قد يتوهم ، قد يسبق لسانه إلى كلمة لا يريدها فلا بد من التنبيه , ولكن يبقى هل أنبهه في مكان الدرس أو إذا خرج؟ ينظر هنا للقرائن، قد تقتضي الحال أن تنبهه في الدرس , مثل الحال الآن تقتضي أن تنبهوننا في الدرس، لأن عندنا الحين كل واحد ما شاء الله معه مسجل فإذا لم يصلح الخطأ في حينه نشر هذا العلم على خطأ , فلا بد من التنبيه في مكان الدرس, أما لو كان المسألة ليس يسمع هذا الوهم أو هذا الخطأ إلا الطلاب , فإن من الأليق أن لا تنبه الشيخ في مكان الدرس , بل إذا خرج تلتزم الأدب معه وتمشي معه وتقول : سمعت كذا وكذا فلا أدري أوهمت أنا في السمع أم أن الشيخ أخطأ ؟ مثلا ، إذن التنبيه على الخطأ والوهم حكمه واجب ولا بد منه، لأن السكوت إضرار بالطالب وإضرار بالمعلم .
لكن أين يكون التنبيه؟ حسب ما تقتضيه الحال .
وعلى كل حال فكما قال الشيخ لا ينبغي للإنسان أن يسقط الشيخ من عينه بخطأ من ألف إصابة , أما لو كان كثير الخطأ، كل ما يتكلم به خطأ فهنا لا ينبغي أن يكون شيخا، هذا ينبغي أن يكون متعلما قبل أن يكون معلما.
القارئ :
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
الشيخ :
هذا صحيح , بعض الناس يقصد امتحان الشيخ , فيأتي بأسئلة معضلة ويراوغ فيها، كل ما أجاب الشيخ من جواب يقول طيب وإذا كان كذا، قال فإذا كان كذا فالحكم كذا، قال وإذا كان كذا، ويصعده مائة درجة بهذه التقديرات، ويقول: أنظر هل يضجر ويمل ويغضب؟ , فما رأيكم لو غضب الشيخ في هذه الحال؟ يحق له ذلك؟ نعم، طيب لو ضرب الطالب؟ هذا شيء ينظر فيه.
القارئ :
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
الشيخ :
الله أكبر، كذلك أيضا إذا بدا لك أن تنتقل إلى شيخ آخر , أو أن تتعلم من شيخ آخر علما آخر غير ما تتعلمه عند شيخك فإنه من الأدب أن تستأذن للفائدة التي ذكرها الشيخ بكر لأنه ادعى لحرمته وأملك لقلبه في محبتك والعطف عليك , ثم إنه قد يعلم عن هذا الشيخ الذي أنت تريد الذهاب إليه ما لا تعلمه أنت , فينصحك, ويقول احذر منه أو لا تذهب إليه لأن كثيرا من الشباب الصغار قد يغترون بأسلوب أحد من الناس وبيانه وفصاحته فيظنونه ذاك الرجل العظيم لكنه على خطأ , فلهذا استئذان الشيخ له فوائد . منها ما ذكره الشيخ بكر ومنها ما أشرنا إليه الآن أنه قد يكون عند شيخك من العلم عن هذا الشيخ الذي تريد أن تذهب إليه ما ليس عندك فينصحك ويبين لك، كذلك أيضا إذا أراد الأنسان أن يسافر مثلا ويعرف من شيخه أنه يتفقد الطلاب , وأنه ينشغل قلبه إذا فقد أحدا ولا سيما إن كان من الحريصين , فينبغي أن تؤذنه , وتقول إنني سأسافر . حتى لا ينشغل قلبه أو يتهمك بالخمول والكسل والملل وما أشبه ذلك .
القارئ :
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .
....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :

أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ،
وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .


الشيخ:
اعيذك بالله ... هذه الجملة يريد بها التحذير من هذا , صنيع الأعاجم والطرقية والمبتدعة الخلفية من الخضوع الخارج عن آداب الشرع , من لحس الأيدي , هذا ما سمعنا به ، لحس الأيدي أن يخرج الإنسان لسانه ويلحس اليد لكن تقبيل الأيدي لا بأس به ما لم يخرج إلى حد الإفراط والزيادة, وتقبيل الأكتاف هذا ليس مذموما على كل حال ولا محمودا بكل حال , عندما يأتي الإنسان من سفر مثلا فلا بأس أن يقبل جبهته وهامته وكذلك أكتافه , لأنه لا يضر إلا إذا اقتضى ذلك انحناءه .
(القبض على اليمين باليمين والشمال عند السلام) , هذا أيضا لا نرى فيه بأسا فإن ابن مسعود رضي الله عنه , قال : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه .
وهذا يدل على أنه يجوز أن يقبض الكف بين كفين , وإذا اعتاد الناس أن يفعلوا ذلك عند السلام فلا حرج , لأنه ليس فيه نهي , صحيح أن المصافحة باليد مع اليد فقط , لكن هذا من باب إظهار الشفقة والإكرام . لا نرى أن في ذلك بأسا.
الانحناء عند السلام حقا هذا خلق ذميم ينهى عنه لأنه ورد النهي عن ذلك .
و(استعمال الألفاظ الرخوة المتخاذلة : سيدي مولاي) , هذه ليس لها داعي , والحقيقة أن الشيخ سيد بالنسبة لتلميذه لكن لا ينبغي أن يتخاذل أمامه , حتى يقول سيدي أو يقول مولاي ولكن مع ذلك هو جائز من حيث الشرع , إلا أنه يقال بالنسبة للعبد المملوك يقوله لسيده المالك , كما جاء في الحديث (وليقل سيدي ومولاي).

القارئ :


وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
الشيخ :
يعني أحالنا على هذا الكتاب المسمى (البصائر) , فإنه فائق السياق ، لا أعرف الكتاب هذا ولا طالعته .
هنا
*************
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
هذا هو الأدب الثامن عشر من آداب طالب العلم وهو من أدب الطالب مع شيخه ، وتقدم معنا قسمان :
الأول : أدب الطالب فيما يتعلق بنفسه.
الثاني : الآداب المتعلقة بكيفية الطلب والتلقي.
الأول من آداب الطالب مع شيخه : رعاية حرمة الشيخ ، وذلك لأنّ الله جل وعلا رفع من شأن المعلمين وهذا معلم فهو يعلمك ، فقد استفدت منه علما فهو صاحب فضل عليك ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، ثم الأمر الآخر أنّ الشيخ يبث العلم ، فعندما تحُفظ حرمته وتُراعى يكون ذلك سببا من أسباب تلقي العلم عنه ، فإذا لم تُراعى حرمته وتمّ احتقاره أو إهماله لم يعرفه الناس ، ولم يأخذوا من علمه ، ويختار الشيخ المتقن ليأمن من العثار ويأمن من الزلل ، قال المؤلف : (فليكن شيخك محل إجلال منك) يعني تقدير واحترام (وإكرام وتقدير وتلطف) والتقدير معرفة المقدار ، والتلطف يعني تسهيل النفس وتخفيضها عند مقابلته ، ويكون هذا في طريقة الجلوس وطريقة الحديث وفي اختيار الأسئلة ، وفي (حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه) ، وفي( ترك التطاول) يعني معرفة أنّ للنفس فضلا على الآخرين ، أو (و ترك المماراة) أيضا وهو الحديث العقيم والمناقشة غير الهادفة ، وكذلك من آداب التلميذ مع شيخه (عدم التقدم عليه بكلام) إذا جاءت مسألة ينتظر فلا يتكلم حتى يتكلم شيخه ، وإذا بدأ في المجلس يبتدئ الشيخ قبل تلميذه ، وهكذا أيضا في المسير فلا يتقدم عليه بالسير ، (ولا يكثر الكلام عند شيخه) لئلا يشوش عليه ، ولئلا يكون صارفا لفهمه عن فهم كلام شيخه ، قال وعدم التقدم عليه يشمل أيضا عدم معارضته والرد عليه أو (الإلحاح عليه في جواب) إذا سُئل فسكت فإنه يحافظ الأدب معه فلا يسأل مرة أخرى ، ويتجنب (الإكثار من السؤال) لعله أن يأتي في كلام شيخه فيما يأتي ، خصوصا إذا كان هناك جماعة يشاهدون الموقف ، فإنه حينئذ يكون حفظ الأدب مع الشيخ أولى ، إذا لم يحافظ الإنسان على هذه الآداب فقد يظن أنّ في نفسه زودة و أنه عنده علم ليس عند شيخه ، فيورثه ذلك الغرور ، و يورث الشيخ الملل منه.
وهكذا يناديه بما يكون أحب إلى نفسه من الأسماء التي فيها إجلال له ومعرفة لحقه ، كذلك يجتنب الطالب أن ينادى على شيخه من مكان بعيد ، وإذا كان الشيخ بعيدا فلا تناده حتى تقرب منه فتكلمه فتناديه ، وذلك لأنه إذا كان بعيدا فناديته قد يكون ذلك سببا من أسباب جرأة الناس عليه ، وهكذا أيضا إذا خاطبه الإنسان عن بعد ، فإنه سيتطلب منه أن يرفع صوته بالجواب ، وهذا من الأمور غير المستحسنة عند العرب ، هكذا أيضا (لا تناده باسمه) لأنه لا يحسن أن تنادي والدك باسمه وهكذا أيضا الأب من التعلم.
كذلك مجلس الشيخ يحفظ الإنسان الأدب فيه ويوقره ويظهر للشيخ ولغيره أنه قد استفاد من هذا الدرس وأنه فرحٌ به وهكذا ،كذلك إذا وقع من الشيخ خطأ لأنّ الشيخ غير معصوم ، فحينئذ لا ينبغي به أن يشهر به ، ولا أن يسقط من عينه فإنّ هذا سبب من أسباب الحرمان من العلم ، لأنّ ما من أحد إلا و قد يقع في الزلل ، وهكذا أيضا يجتنب الإنسان ما يؤدي إلى نُفرة الشيخ وعدم تقبله الكلام منك ، ولهذا صور :
الصورة الأولى : مطالبة الشيخ بأن يتحدث في مسائل لم يجتهد فيها ، والإلحاح عليه في ذلك.
الثاني : تكرار السؤال على الشيخ ليتحدث في أمور يرى الشيخ عدم الجواب فيها من باب السياسة الشرعية ، كذلك إذا كان الشيخ يخشى من عقوبة قد لا يتكلم ، إما عاقبة سيئة للناس أو يوجد خصومة بينهم فالشيخ سيترك ذلك ، فعندما تلح لطلب الحديث منه فإنك تحرجه في مثل ذلك ، ومما ذكره الشيخ هنا أن يقوم التلاميذ بامتحان شيخهم ليعرفوا قدرته على التحمل أو يصبر أو ما يصبر فهذا أيضا يخالف الأدب ، فإن قال قائل : قد وجد اختبارات للمحدثين فيما مضى فتلك الإختبارات ليس من تلميذ لشيخه ، ثم إنّ تلك الامتحانات لفائدة بمعرفة الصادق من الكاذب في الرواية ، فهذه الإختبارات توصل طالب العلم إلى درجة التلقي منه ، وأما من ثبت تحريته قبل ذلك فلا يحسن أن تطرح عليه هذه المسائل المشكلة ، نعم .
قال : (وإذا بدا لك الانتقال من شيخ إلى شيخ آخر) فاستأذن الشيخ الأول حفاظا لحرمته ، ولتبقى المودة بينك وبين شيخك ويستمر في العطف عليك ، ذكر المؤلف ماذا يسمى المعلم ؟ بعضهم يقول : (أبوك من الرضاعة الأدبية) ، وبعضهم يقول : (هذه الأبوة الدينية ) هذا كلام في المصطلحات ، قال المؤلف : (اعلم أنه بقدر رعاية حرمة الشيخ) يكون نجاحك وفلاحك ، وكلما تركت حرمة الشيخ أدى بك ذلك إلى الإخفاق وعدم الاستفادة ، وهناك ثلاثة إن لم يكرموا لم يعطوا منهم : المعلم ، نعم.
ثم قال : وانتبه فإنّ كونك تحفظ الأدب مع الشيخ لا يعني أن تغلوَ فيه من مثل لحس يده أو تقبيلها ، أو تقبيل الكتف فهذه كلها ليست مشروعة ، ولا يقال بأنّ هذا من التلقي على المشايخ ، لأنّ هذه الأفعال غير محمودة في الشرع ومثله أيضا الانحناء عند السلام والتخضع في الكلام ، نعم.
هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 11-21-2014 الساعة 04:53 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-07-2014, 03:40 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
1أَنْشَدَ الخطابي:
حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا ... حَقًّا وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ
فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُ حُجَجِهِمْ فَأَيُّ لَغْوٍ بَاطِلٍ وَحَشْوٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا؟
وَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَنْسُبُوا إلَى الْحَشْوِ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؟ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عِلْمًا وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَسَكِينَةً؛ وَهُمْ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ؛ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ؛ وَهُمْ بِالْحَقِّ يُوقِنُونَ لَا يَشُكُّونَ وَلَا يَمْتَرُونَ. فَأَمَّا مَا أُوتِيَهُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَخَوَاصُّهُمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْهُدَى: فَأَمْرٌ يَجِلُّ عَنْ الْوَصْفِ. وَلَكِنْ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَئِمَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَهَذَا ظَاهِرٌ مَشْهُودٌ لِكُلِّ أَحَدٍ... "
"
2
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 39 ) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ( 40 ) )

هَذَانِ مَثَلَانِ ضَرَبَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَوْعَيِ الْكُفَّارِ ، كَمَا ضَرَبَ لِلْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّلِ " الْبَقَرَةِ " مِثْلَيْنِ نَارِيًّا وَمَائِيًا ، وَكَمَا ضَرَبَ لِمَا يَقَرُّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ فِي سُورَةِ " الرَّعْدِ " مَثَلَيْنِ مَائِيًّا وَنَارِيًّا ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

فَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ : فَهُوَ لِلْكُفَّارِ الدُّعَاةِ إِلَى كُفْرِهِمُ ، الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ ، وَلَيْسُوا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى شَيْءٍ ، فَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَالسَّرَابِ الَّذِي يُرَى فِي الْقِيعَانِ مِنَ الْأَرْضِ عَنْ بُعْدٍ كَأَنَّهُ بَحْرٌ طَامٌّ . [ ص: 71 ] وَالْقِيعَةُ : جَمْعُ قَاعٍ ، كَجَارٍ وَجِيرَةٍ . وَالْقَاعُ أَيْضًا : وَاحِدُ الْقِيعَانِ ، كَمَا يُقَالُ : جَارٌ وَجِيرَانٌ . وَهِيَ : الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمُتَّسِعَةُ الْمُنْبَسِطَةُ ، وَفِيهِ يَكُونُ السَّرَابُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ . وَأَمَّا الْآلُ فَإِنَّمَا يَكُونُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، يُرَى كَأَنَّهُ مَاءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا رَأَى السَّرَابَ مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْمَاءِ ، حَسِبَهُ مَاءً فَقَصَدَهُ لِيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ ( لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) ، فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يَحْسَبُ أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ عَمَلًا وَأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ شَيْئًا ، فَإِذَا وَافَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَاسَبَهُ عَلَيْهَا ، وَنُوقِشَ عَلَى أَفْعَالِهِ ، لَمْ يَجِدْ لَهُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ قَدْ قُبِلَ ، إِمَّا لِعَدَمِ الْإِخْلَاصِ ، وَإِمَّا لِعَدَمِ سُلُوكِ الشَّرْعِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) [ الْفَرْقَانِ : 23 ] .

وَقَالَ هَاهُنَا : ( وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ،وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنَّهُ يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْيَهُودِ : مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ : كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ : كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ، مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبَّنَا ، عَطِشْنَا فَاسْقِنَا . فَيُقَالُ : أَلَا تَرَوْنَ؟ فَتُمَثَّلُ لَهُمُ النَّارُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَيَنْطَلِقُونَ فَيَتَهَافَتُونَ فِيهَا .
يرجع لألفاظ الحديث في الدرر السنية

تفسير ابن كثير
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-28-2014, 02:00 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
الفصلُ الرابعُ
أدَبُ الزَّمَالةِ
القارئ :
23- احْذَرْ قَرينَ السَّوءِ :
كما أنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ فإنَّ ( أَدَبَ السَّوءِ دَسَّاسٌ ) إذ الطَّبيعةُ نَقَّالَةٌ ، والطِّباعُ سَرَّاقَةٌ ، والناسُ كأسرابِ الْقَطَا مَجْبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ مُعاشَرَةَ مَن كان كذلك ؛ فإنه العَطَبُ ، ( والدفْعُ أسْهَلُ من الرفْعِ ).
وعليه فتَخَّير للزَّمالةِ والصداقةِ مَن يُعينُك على مَطْلَبِكَ ، ويُقَرِّبُك إلى رَبِّكَ ، ويُوافِقُكَ على شَريفِ غَرَضِكَ ومَقْصِدِكَ ، وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ .
الشيخ العثيمين:
هذه الكلمات مأخوذة من قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كحامل المسك) (ومثل الجليس السوء كنافخ الكير )
فعليك باختيار الصديق الصالح الذي يدلك على الخير ويبينه لك ويحثك عليه ويبين لك الشر ويحذرك منه , وإياك وجليس السوء , فإن المرء على دين خليله , وكم من إنسان مستقيم قُيد له شيطان من بني آدم فصده عن الاستقامة , وكم من إنسان جائر قاسي يُسر له من يدله على الخير بسبب الصحبة .
وبناء على ذلك نقول : إذا كان في مصاحبة الفاسق سبب لهدايته فلا بأس أن تصحبه, وتدعوه إلى بيتك , وتأتي إلى بيته تخرج معه للتمشي بشرط أن لا يقدح ذلك في عدالتك عند الناس , وكم من إنسان فاسق هداه الله تعالى بما يسر له من صحبة الخير .
وقول الشيخ بكر وفقه الله : الناس كأسراب القطا سبق أن هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو حقيقة فالناس يتبع بعضهم بعضا.
وقوله: ( الدفع أسهل من الرفع ) هذه قاعدة فقهية ذكرها ابن رجب رحمه الله في القواعد الفقهية أن الدفع أسهل من الرفع وفي معناها قول الأطباء : الوقاية أسهل من العلاج , لأن الدفع ابتعاد عن الشر وأسبابه , لكن إذا نزل الشر صار من الصعب أن يرفعه الإنسان .
لا هذا غلط هذا من وحي الشيطان أن يقع الإنسان في عرض العلماء، إذا وقع الإنسان في أعراض العلماء فإن معتد ظالم وليست غيبة العلماء كغيبة العامة لأن غيبة العلماء فيها مفسدة خاصة ومفسدة عامة، المفسدة الخاصة بالنسبة لهذا العالم، والمفسدة العامة بالنسبة لما يحمله من علم فإن الناس إذا سقط الإنسان من أعينهم لم يقبلوا منه صرفا ولا عدلا فيكون في هذا جناية على الشريعة التي يحملها هذا العالم والإنسان الناصح هو الذي إذا رأى من أحد من العلماء أو طلبة العلم أو عامة الناس إذا رأى ما ينكره أن يتصل بالعالم أو طالب العلم أو العامي ويتبين الأمر فقد يكون ما تظنه أنت خطأ وقد يكون صوابا لا لعين هذا الفعل ولكن لما يلابسه من أحوال تستدعي أن يقوله هذا العالم أو أن يفعله هذا العالم لأنه قد يكون الشيء منكرا في حد ذاته لكن يفعله بعض الناس لمصلحة أكبر لهذا نرى أن أولئك الذين يقعون في أعراض العلماء أنهم قد جنوا على العلماء وعلى ما يحملونه من علم والواجب توقيظ العالم لا سيما العالم الذي عرف بأنه يريد الحق ويجتهد في طلبه ولكنه قد يزل وهذا أمر لا يسلم منه البشر (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:

وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ .

القسم الأول: صديقُ مَنْفَعَةٍ .

القسم الثاني: صديقُ لَذَّةٍ .

القسم الثالث: صديقُ فَضيلةٍ.

فالأَوَّلان مُنقَطِعان بانْقِطاعِ مُوجِبِهما ؛ الْمَنْفَعَةِ في الأَوَّلِ ، واللَّذَّةِ في الثاني .

وأمَّا الثالثُ فالتعويلُ عليه ، وهو الذي باعِثُ صداقتِه تَبادُلُ الاعتقادِ في رُسوخِ الفَضائلِ لدَى كلٍّ منهما . وصديقُ الفَضيلةِ هذا ( عُمْلَةٌ صَعبةٌ ) يَعِزُّ الْحُصولُ عليها .

ومن نَفيسِ كلامِ هِشامِ بنِ عبدِ الملِكِ قولُه : ( ما بَقِيَ من لَذَّاتِ الدنيا شيءٌ إلا أخٌ أَرْفَعُ مَؤُونَةَ التحَفُّظِ بَيْنِي وبَيْنَهُ ) اهـ

ومن لَطيفِ ما يُقَيَّدُ قولُ بعضِهم : ( العُزْلَةُ من غيرِ عَيْنِ العِلْمِ زَلَّةٌ، ومن غيرِ زايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ )

الشيخ :

يعني العزلة: احذف العين: تكون زلة، والثاني من غير زاي الزهد: علة، يعني احذف الزاي تكون علة، إذا لا بد من علم ولا بد من زهد، قبل أن ينعزل الإنسان عن الناس . طيب هؤلاء الأصدقاء , قسمهم إلى ثلاثة أصدقاء :

صديق منفعة : وهو الذي يصادقك مادام ينتفع منك بمال أو جاه أو غير ذلك , فإذا انقطع الانتفاع فهو عدوك لا يعرفك ولا تعرفه .. وما أكثر هؤلاء , ما أكثر الذين يلمزون في الصدقات إن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون , صديق لك حميم ترى أنه من أعز الناس عندك وأنت من أعز الناس عنده يسألك يوما من الأيام يقول : اعطني كتابك أقرأ به . فتقول : والله الكتاب أنا محتاجه اليوم أعطيك إياه غداً فينتفخ عليك ويعاديك . هل هذا صديق ؟ هذا صديق منفعة (...)

والثاني . صديق لذة : يعني لا يصادقك إلا لأنه يتمتع بالجلوس إليك والمحادثات والمآنسات والمسامرات , ولكنه لا ينفعك ولا تنتفع منه أنت , كل واحد منكم لا ينفع الآخر . ليس إلا ضياع وقت فقط . هذا أيضاً احذر منه أن يُضيع أوقاتك .

والثالث . صديق فضيلة : .يحملك على ما يزين وينهاك عن ما يشين ويفتح لك أبواب الخير ويدلك عليه وإذا زللت نبهك على وجه لا يخدش كرامتك , هذا هو صديق الفضيلة
كلمة صديق منفعة من أوسع هذه الأقسام , لأن المنافع كثيرة جدا , فإذا رأيت هذا الرجل لا يصادقك إلا حيث ينتظر منفعتك فاعلم أنه عدو وليس بصديق, كذلك صديق اللذة الذي يشغلك ويلهيك , بالتمتع بالسمر وإضاعة الوقت في الخروج للمنتزهات وغير ذلك أيضا هذا لا خير فيه .
الذي يجب أن تعض عليه بالنواجذ هو صديق الفضيلة . يحملك على كل فضيلة وينهاك عن كل رزيلة (...) نحن الآن بدأنا تقسيم الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام: صديق منفعة وصديق لذة وصديق فضيلة، وقلنا استمسك بغرز صديق الفضيلة.
هنا

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ:
من فضل الله عزوجل علينا أن أخذنا شيئا من آداب طالب العلم، وكنا قد أخذنا ثلاثة أقسام:
الأول: أدب الطالب في نفسه.
والثاني: في كيفية الطلب والتلقي.

والثالث: في أدب الطالب مع شيخه.
ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل في الحديث في ذلك، من خلال معرفة أدب طالب العلم تجاه زملائه.
ونقرأ في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبدالله أبي زيد رحمه الله تعالى.

القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :

الفصلُ الرابعُ (أدَبُ الزَّمَالةِ)
23-احْذَرْ قَرينَ السَّوءِ :
كما أنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ فإنَّ ( أَدَبَ السَّوءِ دَسَّاسٌ ) إذالطَّبيعةُ نَقَّالَةٌ ، والطِّباعُ سَرَّاقَةٌ ، والناسُ كأسرابِ الْقَطَا مَجْبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ مُعاشَرَةَ مَن كان كذلك ؛ فإنه العَطَبُ ، ( والدفْعُ أسْهَلُ من الرفْعِ).
وعليه فتَخَّير للزَّمالةِ والصداقةِ مَن يُعينُك على مَطْلَبِكَ ، ويُقَرِّبُك إلى رَبِّكَ ، ويُوافِقُكَ على شَريفِ غَرَضِكَ ومَقْصِدِكَ ، وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ :
صديقُ مَنْفَعَةٍ .
صديقُ لَذَّةٍ .
صديقُ فَضيلةٍ.
فالأَوَّلان مُنقَطِعان بانْقِطاعِ مُوجِبِهما ؛ الْمَنْفَعَةِ في الأَوَّلِ ، واللَّذَّةِ في الثاني .
وأمَّا الثالثُ فالتعويلُ عليه ، وهوالذي باعِثُ صداقتِه تَبادُلُ الاعتقادِ في رُسوخِ الفَضائلِ لدَى كلٍّ منهما .وصديقُ الفَضيلةِ هذا ( عُمْلَةٌ صَعبةٌ ) يَعِزُّ الْحُصولُ عليها .
ومن نَفيسِ كلامِ هِشامِ بنِ عبدِ الملِكِ ( م سنةَ125هـ ) قولُه : ( ما بَقِيَ من لَذَّاتِ الدنيا شيءٌ إلا أخٌ أَرْفَعُ مَؤُونَةَ التحَفُّظِ بَيْنِي وبَيْنَهُ ) اهـ .
ومن لَطيفِ ما يُقَيَّدُ قولُ بعضِهم : ( العُزْلَةُ من غيرِ عَيْنِ العِلْمِ زَلَّةٌ، ومن غيرِ زايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ) .
الشيخ:
هذا هو الأدب الثالث والعشرون لطالب العلم.
اختيار القرين الذي يعين الإنسان في طلب العلم ، والبعد عن قرين السوء ، الذي يُشغل الإنسان عن طلب العلم ، وقد جاءت النصوص الشرعية بالترغيب في اختيار قرناء صالحين يعينون الإنسان على الخير.
كما جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يُحذيك ، وإما أن تبتاع منه –يعني تشتري- ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كمثل نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة"

وفي سنن أبي داود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"
وقد قال جل وعلا: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
ومن هنا جاءت الشريعة في الترغيب في اختيار الأصدقاء الطيبين ، والمرء يستفيد من اثنين في مسألة القدوة:

من يراه مثلا له فحينئذ يقتدي به ، ومن هنا جاءت الشريعة بالأمر بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )
وكذلك فيما يتعلق بالأصدقاء ؛ فإنّ الصديق يُؤخذ من أخلاقه من حيث لا يشعر المرء ، والناس عندما يتعاونون على الحق والخير يجتمعون على ذلك ، وإذا انعزل الإنسان ولم يجد له معاونا على الخير قد تضعف نفسه ، لكن إذا وجد أخا له كلما ضعفت نفس أحدهما ، قوّته القوّة الموجودة في نفس الآخر ، وبالتالي يؤدّون ويستمرون على العمل الصالح.
ومن ذلك طلب العلم ، فإنّ النفس ملولة، فإذا وجدت طالبا يعينك على طلب العلم ، حينئذ كلما ملّت نفسك انتقلت إلى زميلك ليقوم بتنشيط نفسك على طلب العلم ، ثم إنّ إبقاء النفس على حال واحدة يجعلها تملّ ، وذلك أنّ المرء إذا قرأ وحده وذاكر وحده تمل نفسه ، فإذا وجد أصدقاء خير يذاكر معهم ، مرة يذاكر وحده ، فإذا ملّت النفس انتقل إلى قرنائه فذاكر معهم.
قال المؤلف: (فإنّ العرق دسّاس) يعني أنّ العرق ولو كان خفيا فإنه يسحب ويؤثر على ما يرتد إليه ذلك العرق ، وقد ورد هذا في حديث كثير من أهل العلم يقولون بأنه لا يعوّل عليه ، وهذا في الزوجة ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر باختيار الزوجة التي في منبت طيب ، وذكر أنّ العرق دسّاس ، لكن أهل العلم يقولون بأنّ هذا خبر لا يعوّل عليه.
قال: (فإنّ أدب السوء دساس) يعني أنّ صديق السوء سيؤثر على صديقه.
قال: (إذ الطبيعة نقالة) يعني أنّ الطبائع والأخلاق تنتقل من شخص إلى شخص.
(والطباع سراقة) يعني أنّ النفوس تقتدي بمن حولها ، وتفعل مثل أفعالها ، ولو من حيث لا تشعر.

(والناس مجبولون على تشبه بعضهم ببعض فاحذر معاشرة من كان كذلك) يعني من كان سيئا.
(فإنه العطب) يعني سبب الهلاك ، دنيا وآخرة ، والدفع بترك صحبة هؤلاء ، أسهل من الرفع ؛ الذي هو مصاحبتهم ثم قطع تلك الصحبة.
فقبل أن تصاحبهم امنع نفسك من مصاحبتهم ، فإنّ نفسك إذا تعلقت معهم ، قد تعجز عن قطع تلك الصحبة.
ونضرب لذلك أمثلة :
المثال الأول: أصحاب المخدرات والخمور ، إذا صاحبهم الإنسان ، فإنهم سيجرّونه إلى فعلهم شيئا فشيئا ، حتى يُبتلى بهذا الأمر ، ويكون مماثلا لهم ، وإن كان في الأول يقول : لن أقدم على فعل هذه الأمور، لكنه مع الزمن تضعف نفسه قليلا قليلا.

مثال آخر : أصحاب المعاصي ، فإنهم يجرّون صاحبهم على معاصيهم كالفواحش ، والنظر في وجوه النساء والتلذذ بالحديث معهن ، فإنّ من صاحب من كان كذلك أصبح مثلهم.
(وعليه) يعني بناء على ما سبق.
(فتخيّر للزمالة والصداقة من يُعينك على مطلبك) يعني على الهدف الذي تقصده.
(ويقرّبك إلى ربك) بحيث يكون معينا لك على طاعة الله ، ومن أعظم أنواع الطاعة كما سبق طلب العلم.
فاختر الصديق الذي يعينك على التقرب إلى رب العزة والجلال ، بأن يكون معينا لك على طلب العلم ، وبالتالي تتوافق الأهداف عندك وعنده ، أما إذا كان يهدف لشيء وأنت تهدف إلى شيء آخر ، فحينئذ لن يكون بينكما تلك الألفة ، إلا أن تنجرف إلى غرضه ، أو ينجرف إلى مقصدك.
ثم قسم المؤلف الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام :

(الأول: صديق المنفعة) مثال ذلك ؛ شخص بينك وبينه تجارة ، هذا صديق منفعة‍‍، فحينئذ هذه الصداقة لا حرج على الإنسان فيها ، لكنها مرتبطة بهذه المنفعة إذا انقطعت التجارة انقطعت تلك الصحبة ، وهذا ليس من المحبة الإيمانية في شيء.
النوع (الثاني : صديق لذّة) كمن اجتمعوا على جلسة ، أو على لعب ، أو على لهو ، هؤلاء أصدقاء لذّة ، إذا كان عندهم لذّة أو ملّوا منها انقطعت صداقتهم ، وقد تكون تلك اللّذة لذّة مباحة ، وقد تكون لذّة محرمة فيعظم الإثم بها.
وقطع تلك الصداقة أولى للعبد في دنياه وآخرته ، لأنها وإن كانت لذّة مباحة ، إلا أنها تضيّع وقت العبد ، وتشغله عن الهدف الذي خلق من أجله.

(النوع الثالث: صديق الفضيلة) وهو الذي اجتمعت معه على اكتساب فضائل سواء كانت تلك الفضائل ؛ فضائل عملية ، كاجتماعهم على صوم أو صلاة أو اعتكاف في مسجد أو نحو ذلك ، أو كانت فضائل علمية ، كطلب علم عند شيخ أو عالم.
فالصديقان الأولان تنقطع صداقتهما بانقطاع موجب تلك الصداقة ، أي موجِب بكسر الجيم هو السبب ، بينما الموجَب بفتح الجيم هو الأثر ، فالموجِب بكسر الجيم هو السبب ، والموجَب بفتح الجيم هو الأثر ، فإذا انقطعت المنفعة عند الأول انقطعت الصداقة ، وإذا انقطعت اللذة عند الثاني انقطعت الصداقة ، والصداقة فيهما ليست من أسباب الأجر والثواب ،
أما الثالث فالتعويل عليه وبمجرد تلك الصداقة يحصل الأجر العظيم ، وقد جاء في الحديث : "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وذكر منهم : رجلين تحابّا في الله اجتمعا عليه –يعني على الله محبة وإيمانا ليعين بعضهما بعضا على طاعة الله- رجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه" يعني لمّا جاءهما سبب التفرق كانا على المحبّة الإيمانية الأولى ، وهذا التفرّق قد يكون في سفر وقد يكون في موت وقد يكون بسبب آخر من الأسباب.
قال : (وأما الثالث فالتعويل عليه ، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما) فالسبب في هذه الصداقة رغبة كل منهما أن يتبادلا في الخير ، وأن يعين بعضهما بعضا في رسوخ الفضائل.
وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : "وجبت محبتي للمتحابّين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ"
قال: (وصديق الفضيلة هذا "عملة صعبة") يعني أننا لا نجدها في كل وقت، وأنها عسيرة الحصول.
(يعز الحصول عليها) يعني يندر.‍

ثم جاء بكلام الخليفة هشام بن عبدالملك :
(ما بقي من لذات الدنيا شيء إلا أخ أرفع مؤونة التحفظ بيني وبينه)
قال المؤلف : (العزلة من غير عين العلم زلة)كلمة العزلة ، يعني انفراد الإنسان وحده ، إذا حُذِفت منها العين أصبحت زلة ، ولذلك إذا اعتزل لابد منه أن يكون معه علم.
كذلك كلمة العزلة ؛ إذا حُذِف منها الحرف الثاني وهو الزاي ، زاي الزهد ، أصبحت علة ، فالعزلة لابد فيها من علم وزهد.
أما إذا انعزل الإنسان وحده وكان غير عالم ، أصبح عنده جهل ، ومن ثَمّ يؤدّي ذلك إلى ضلال بكونه يتقرّب إلى الله بطرائق جاهلية، بطرائق الجهّال.

وكذلك العزلة وانفراد الإنسان وحده إذا لم يكن معه زهد فإنه مرض ، وهو سبب من أسباب الأمراض النفسية التي ترد على الإنسان.
والعزلة في الأصل غير محمودة وغير مرغوب فيها ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالط الناس فينصح ، ويعلّم ، ويعطي ، ويتكرّم ، ويفعل الخير مع غيره.نعم.

هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 12-28-2014 الساعة 02:09 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-03-2015, 05:09 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
الفصلُ الخامسُ
آدابُ الطالبِ في حياتِه العِلْمِيَّةِ

24- كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
القارئ :
الفصل الخامس آداب الطالب في حياته العلمية:
الأمر الرابع والعشرون- كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
من سجايا الإسلامِ التَّحَلِّي بكِبَرِ الْهِمَّةِ ؛ مرْكَزِ السالِبِ والموجِبِ في شَخْصِك ، الرقيبِ على جوارِحِك ، كِبَرُ الْهِمَّةِ يَجْلُبُ لك بإذْنِ اللهِ خَيْرًا غيرَ مَجذوذٍ ، لتَرْقَى إلى دَرجاتِ الكَمالِ ، فيُجْرِيَ في عُروقِك دَمَ الشَّهَامةِ ، والرَّكْضَ في مَيدانِ العِلْمِ والعَمَلِ ، فلا يَراكَ الناسُ وَاقِفًا إلا على أبوابِ الفضائلِ ولا باسطًا يَدَيْكَ إلا لِمُهِمَّاتِ الأمورِ .

الشيخ :
وهذا من أهم ما يكون، أن يكون الإنسان في طلب العلم له هدف ليس مراده مجرد قتل الوقت بهذا الطلب بل يكون له همة , ومن أهم همم طالب العلم أن يريد القيادة والإمامة للمسلمين في علمه , ويشعر أن هذه درجة هو يرتقي إليها درجة درجة حتى يصل إليها , وإذا كان كذلك فسوف يرى أنه واسطة بين الله عز وجل وبين العباد في تبليغ الشرع , هذه مرتبة ثانية , وإذا شعر بهذا الشعور فسوف يحرص غاية الحرص على اتباع ما جاء في الكتاب والسنة معرضاً عن آراء الناس , إلا أنه يستأنس بها ويستعين بها على معرفة الحق , لأن ما تكلم به العلماء رحمهم الله من العلم لا شك أنه هو الذي يفتح الأبواب لنا , وإلا لما استطعنا أن نصل إلى درجة أن نستنبط الأحكام من النصوص أو نعرف الراجح من المرجوح وما أشبه ذلك .
فالمهم أن يكون الإنسان عنده همة , وهو بإذن الله إذا نوى هذه النية فإن الله سبحانه وتعالى سيعينه على الوصول إليها .

القارئ :
والتَّحَلِّي بها يَسْلُبُ منك سَفاسِفَ الآمالِ والأعمالِ ، ويَجْتَثُّ منك شَجرةَ الذُّلِّ والهوانِ والتمَلُّقِ والْمُداهَنَةِ فَكَبِيرُ الْهِمَّةِ ثابتُ الْجَأْشِ ، لا تُرْهِبُهُ المواقِفُ ، وفاقِدُها جَبانٌ رِعديدٌ ، تُغْلِقُ فَمَه الفَهَاهَةُ .

الشيخ :
هذا صحيح . التحلي بعلو الهمة يسلب عنك سفاسف الآمال والأعمال .
الآمال : هي أن يتمنى الإنسان الشيء دون السعي في أسبابه , فإن المؤمن كيس فطن لا تلهه الآمال , بل ينظر الأعمال ويرتقب النتائج .
وأما من تلهيه الآمال ويقول : إن شاء الله أقرأ هذا , أراجع هذا , الآن أستريح وبعد ذلك أراجع . أو تلهيه الآمال بما يحدث للإنسان أحياناً , يتصفح الكتاب من أجل مراجعة مسألة من المسائل ثم يمر به في الفهرس أو في الصفحات مسائل تلهيه عن المقصود الذي من أجله فتح الكتاب ليراجع وهذا يقع كثيراً , فينتهي الوقت وهو لم يراجع المسألة التي من أجلها صار يراجع هذا الكتاب أو فهرس هذا الكتاب فإياك والآمال المخيبة . اجعل نفسك قوي العزيمة عالي الهمة . وقد مر علينا أحاديث تدل على أن العناية بالمقصود قبل كل شيء. مثل عتبان بن مالك جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى بيته ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى فواعده النبي عليه الصلاة والسلام فأعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم طعاما وأخبر الجيران بذلك فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما وصل البيت أخبره عتبان بما صنعه ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال أرني المكان الذي تريد أن أصلي فيه فأراه المكان وصلى قبل أن يأكل الطعام وقبل أن يجلس إلى القوم لأنه جاء لغرض فلا تشتغل عن الغرض الذي تريده بأشياء لا تريدها من الأصل لأن هذايضيع عليك الوقت وهو من علو الهمة.

القارئ :
ولا تَغْلَطْ فتَخْلِطْ بينَ كِبَرِ الْهِمَّةِ والكِبْرِ ؛ فإنَّ بينَهما من الفَرْقِ كما بينَ السماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ .
كِبَرُ الْهِمَّةِ حِلْيَةُ وَرَثَةِ الأنبياءِ ، والكِبْرُ داءُ الْمَرْضَى بعِلَّةِ الْجَبابِرَةِ البُؤَسَاءِ .

الشيخ :
(كبر الهمة) إن الإنسان يحفظ وقته ويعرف كيف يصرفه ولا يضيع الوقت بغير فائدة , وإذا جاءه إنسان يرى أن مجالسته فيها إهمال وإلهاء عرف كيف يتصرف .
( وأما كبر النفس ) فهو الذي يحتقر غيره ولا يرى الناس إلا ضفادع ولا يهتم وربما يصعر وجهه-
صَعَّرَ خَدَّهُ : أمالَهُ عُجْباً وكِبْراً ، { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ }: تُعرض بوجهك تكَبُّرًا هنا-وهو يخاطبهم فكما قال الشيخ بكر: بينهما كما بين السماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع .

القارئ :
فيا طالبَ العلْمِ ! ارْسُمْ لنفسِكَ كِبَرَ الْهِمَّةِ ، ولا تَنْفَلِتْ منه ، وقد أَوْمَأَ الشرْعُ إليها في فِقْهِيَّاتٍ تُلابِسُ حياتَك ؛ لتكونَ دائمًا على يَقَظَةٍ من اغتنامِها ، ومنها إباحةُ التيَمُّمِ للمُكَلَّفِ عندَ فَقْدِ الماءِ وعدَمُ إلزامِه بقَبولِ هِبَةِ ثَمَنِ الماءِ للوُضوءِ ؛ لما في ذلك من الْمِنَّةِ التي تَنالُ من الْهِمَّةِ مَنَالًا وعلى هذا فقِسْ ، واللهُ أَعْلَمُ .

الشيخ :
يعني من علو الهمة أن لا تكون متشوفاً لما في أيدي الناس , لأنك إذا تشوفت ومَنَّ الناسُ عليك ملكوك؛ لأن المنة ملك للرقبة في الواقع.
لو أعطاك الإنسان قرشاً لوجد أن يده أعلى من يدك كما جاء في الحديث : ( اليد العليا خير من اليد السفلى)
واليد العليا هي المعطية , والسفلى هي الآخذة , لا تبسط يدك للناس ولا تمد كفك إليهم.
إذا كان الإنسان عادم الماء لو وهب له الماء لم يلزمه قبوله بل يعدل إلى التيمم خوفاً من المنة مع أن الوضوء بالماء فرض للقادر عليه , ولهذا فرق الفقهاء رحمهم الله بين أن تجد من يبيعه ومن يهديه .
فقالوا : من يبيعه اشتر منه وجوباً لأنه لا منة له , حيث أنك تعطيه العوض . ومن أهدى عليك لا يلزمك قبوله . من أجل أن منته تقطع رقبتك , ولكن إذا كان الذي أهدى الماء لا يمن عليك به , بل يرى أنك أنت المان عليه بقبوله , أو من جرت العادة بأنه لا منة بينهم مثل الأب مع ابنه , والأخ المشفق مع أخيه وما أشبه ذلك .
فهنا ترتفع العلة , وإذا ارتفعت العلة ارتفع الحكم . والمهم أن من علو الهمة وكبرها ألا يكون الإنسان مستشرفاً لما في أيدي الناس .
بعض الناس يكون عنده أسلوب في السؤال، أي في سؤال المال , إذا رأى مع إنسان شيئا يعجبه أخذه بيده وقام يقلبه، ما أحسن هذا، ما شاء الله، من أين اشتريته؟ هل يوجد في السوق ؟ لأجل ماذا ؟ حتى يعطيه إياه لأن الكريم سوف يخجل ويقول : إنه ما سأل هذا السؤال إلا من أجل أن أقول: (تعمل عليه) فخذه . هو إذا قال (تعمل عليه) ماذا يقول؟ لا يا أخي فالمهم أن بعض الناس يستشرف أو يسأل بطريق غير مباشر، وكل هذا مما يحط قدر طالب العلم وقدر غيره أيضاً.
شرح الشيخ العثيمين


القارئ:
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
الفصلُ الخامسُ : آدابُ الطالبِ في حياتِه العِلْمِيَّةِ
24-كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
من سجايا الإسلامِ التَّحَلِّي بكِبَرِ الْهِمَّةِ ؛ مرْكَزِ السالِبِ والموجِبِ في شَخْصِك ، الرقيبِ على جوارِحِك ، كِبَرُ الْهِمَّةِ يَجْلُبُ لك بإذْنِ اللهِ خَيْرًا غيرَ مَجذوذٍ ، لتَرْقَى إلى دَرجاتِ الكَمالِ ، فيُجْرِيَ في عُروقِك دَمَ الشَّهَامةِ ، والرَّكْضَ في مَيدانِ العِلْمِ والعَمَلِ ، فلا يَراكَ الناسُ وَاقِفًا إلا على أبوابِ الفضائلِ ولا باسطًا يَدَيْكَ إلالِمُهِمَّاتِ الأمورِ .
والتَّحَلِّي بها يَسْلُبُ منك سَفاسِفَ الآمالِ والأعمالِ ، ويَجْتَثُّ منك شَجرةَ الذُّلِّ والهوانِ والتمَلُّقِ والْمُداهَنَةِ فَكَبِيرُ الْهِمَّةِ ثابتُ الْجَأْشِ ، ولا تُرْهِبُهُ المواقِفُ ، وفاقِدُها جَبانٌ رِعديدٌ ، تُغْلِقُ فَمَه الفَهَاهَةُ .
ولاتَغْلَطْ فتَخْلِطْ بينَ كِبَرِ الْهِمَّةِ والكِبْرِ ؛ فإنَّ بينَهما من الفَرْقِ كما بينَ السماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ .
كِبَرُ الْهِمَّةِ حِلْيَةُ وَرَثَةِ الأنبياءِ ، والكِبْرُ داءُ الْمَرْضَى بعِلَّةِ الْجَبابِرَةِ البُؤَسَاءِ ، فيا طالبَ العلْمِ ! ارْسُمْ لنفسِكَ كِبَرَ الْهِمَّةِ ، ولا تَنْفَلِتْ منه ، وقد أَوْمَأَ الشرْعُ إليها في فِقْهِيَّاتٍ تُلابِسُ حياتَك ؛ لتكونَ دائمًا على يَقَظَةٍ من اغتنامِها ، ومنها إباحةُ التيَمُّمِ للمُكَلَّفِ عندَ فَقْدِ الماءِ وعدَمُ إلزامِه بقَبولِ هِبَةِ ثَمَنِ الماءِ للوُضوءِ ؛ لما في ذلك من الْمِنَّةِ التي تَنالُ من الْهِمَّةِ مَنَالًا وعلى هذا فقِسْ ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ:
القسم الخامس من أقسام آداب طالب العلم ؛ الآداب المتعلقة بحياته العلميّة ، وذكر الأدب الرابع والعشرين : وهو كبر الهمّة في العلم ؛ بحيث يكون مقصود الإنسان في التعلم مقصودا كبيرا ، ولا يقتصر على الهدف الضعيف القليل ، جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى منها ، فإنها أعلى الجنة وأوسط الجنة والعرش فوقها هكذا"
فلم يقتصر في هذه الهمة في الجنة في أدنى درجاتها ، بل رغّب في أعلى الدرجات ، وكبر الهمّة في العلم بكون المرء يقصد بتعلمه وجه الله والدار الآخرة ، ويكون هدفه تحصيل جميع العلوم التي ترضي رب العالمين ، فلا يستصغر قدرته عند علم من العلوم ، وإنما يبذل من الأسباب ما تجعله يحصّل علما كثيرا ، وأضرب لذلك مثلا :
في المدارس النظاميّة إذا جاء طالب ورَغِب أن يكون عنده معدلٌ تام ، بأن يحصّل مئة من مئة ، فإنه حينئذ يبذل سببا كثيرا قد لا يحصّل إلا خمسة وتسعين ، لكن حصّل شيئا كثيرا ، أما من قصد النجاح فقط وكانت همته في أن يتجاوز المقرر ، ففي غالب أحواله لن يتمكّن من النجاح.
قال المؤلف: (من سجايا الإسلام التحلّي بكبر الهمّة) بحيث يكون مقصود الطالب أعلى الدرجات ، وكبر الهمّة هو (مركز السالب والموجب في شخصك) ، فهو الذي يدفعك إلى اكتساب الفضائل العالية، وهو الذي يجعلك تراقب جوارحك ، بحيث لا تعصي الله بها.
(كبر الهمّة يجلب لك خيرا غير مجذوذ) يعني غير مقطوع ، وغير منقطع ، (لترقى بذلك إلى أعلى درجات الكمال)،
كبر الهمة (يُجري في عروقك دم الشهامة) ، ويجعلك تواظب ، وتبذل من نفسك في ميدان العلم والعمل ، فحينئذ تصبح ممن قَصَر نفسه على أفضل الأعمال ، ولا يجعلك تتوجه إلى الأمور التوافه، ولا تشغل وقتك بما لا تنتفع به.
التحلّي بكبر الهمّة يبعد عنك الأمور التي لا قيمة لها من الأعمال والآمال ، فسفاسف الآمال والأعمال بعيدة عنك ، كبر الهمة يبعد عنك (شجرة الذل والهوان) ، لأنه يجعلك تمضي للحق والخير ، ويبعد عنك (التملّق والمداهنة) ، لأنك قد لاحظت ربّ العزة والجلال فلم يؤثر فيك مطالعة الناس لعملك ، كبير الهمّة (ثابت الجأش) بحيث يكون قويّا شديدا ، لا ترهبه أدنى حركة ، فسماع الأصوات ومشاهدة الأشخاص لا تجعله يتزعزع عن موقفه ، ففاقد كبر الهمّة تجده يخاف من كل صوت ، وأدنى رعدة تجعله يبعد عن ما يقصده من الخير ومن العمل الصالح ، بل صغر الهمّة يجعل الإنسان لا يتمكن من الكلام ، لمجرّد أدنى كلمة.
يقول : (لا تغلط فتخلط بين كبر الهمّة والكبر) كبر الهمّة أن يكون هدفك عاليا ، والكبر ترفع نفسك عن الخلق ، وعدم قبولك للحق ، فإنّ بين الكبر وكبر الهمّة فرق كبير كالسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع ، الرجع التي تأتي فيها السحب ، والأرض ذات الصدع التي تتصدّع من أجل ظهور النبات فيها.
(كبر الهمّة) صفة و(حلية ورثة الأنبياء) ؛ العلماء ، لكن (الكبر ) هذا ليس من صفة العلماء بل هو (داء للمرضى) الذين ابتلوا بعلة (الجبابرة البؤساء).
وحينئذ لاحظ أحكام الشرع ؛ فإنها ترغبك في كبر الهمّة ، وسواء كان في العلم أو في العمل ، ففي العمل مثلا : انظر إلى ترغيب الشارع للأعمال الصالحة ، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : "ما تقرب إليّ عبادي بمثل ما افترضت عليهم ، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه" جعلك تقصد الجمع بين الفرائض والنوافل كلها ، انظر فيما يتعلّق بالعلم ، قول الله عزوجل: "وقل رب زدني علما" طلبت كمال العلم وزيادته ، فهكذا أيضا طلبت زيادة العلم لكبر همّتك.
قال المؤلف : (انظر لمسألة إباحة التيمم للمكلّف عند فقد الماء) عندما لا تجد ماء يجوز لك أن تتيمم ، لقوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا).
لو قدّر أنّ هناك شخص معك ، وقال: خذ ثمن الماء واشتري به ماء. نقول : لا يلزمه أخذ هذا المال ، ويجوز له التيمم ، لماذا؟ لأنّ في أخذ هذا المال منّة للمُعطِي على المعطَى ، وهذا ينال من الهمّة منالا ، فينقص من همّة الإنسان.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى" وقال: "المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف" ، نعم.
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-04-2015 الساعة 04:26 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-04-2015, 04:19 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034

أن عِتبانَ بنَ مالكٍ، كان يؤمُّ قومَه وهو أعمى، وأنه قال لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا رسولَ اللهِ، إنها تكونُ الظُّلمةُ والسيلُ، وأنا رجلٌ ضَريرُ البصرِ، فصَلِّ يا رسولَ اللهِ في بيتي مكانًا أتخِذُه مُصلًّى، فجاءَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : أينَ تحبُّ أن أصليَ . فأشار إلى مكانٍ من البيتِ، فصلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
الراوي: محمود بن الربيع الأنصاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 667- خلاصة حكم المحدث:[صحيح] الدررالسنية
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-11-2015, 06:14 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
25- النَّهْمَةُ في الطَّلَبِ :
إذا علمت الكلمة المنسوبة إلى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
«قيمة كل امرئ ما يحسنه»، وقد قيل: ليس كلمة أحض على طلب العلم منها، فاحذر غلط القائل: ما ترك الأول للآخر. وصوابه: كم ترك الأول للآخر!
فعليك بالاستكثار من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وابذل الوسع في الطلب والتحصيل والتدقيق، ومهما بلغت في العلم، فتذكر: «كم ترك الأول للآخر»!

إن كل إنسان يحسن الفقه والشرع صار له قيمة، أحسن مما يحسن فتل الحبال مثلا. لأن كل منهما يحسن شيئا، لكن فرق بين هذا وهذا فقيمة كل امرئ ما يحسنه. «وقد قيل: ليس كلمة أحض على طلب العلم منها» وهذا القيل ليس بصحيح. أشد كلمة في الحض على طلب العلم قول الله تعالى " ...قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ..."سورة الزمر: 9. وقوله تعالى :"..يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ..."سورة المجادلة: 11). وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ، واللهُ المُعْطِي وأنا القاسمُ ، ولا تزالُ هذهِ الأُمَّةُ ظاهرينَ على من خالفهم حتى يَأْتِيَ أمرُ اللهِ وهم ظاهرونَ . الراوي : معاوية بن أبي سفيان- المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3116 - خلاصة حكم المحدث :صحيح - انظر شرح الحديث رقم 157-الدرر السنية
وقوله صلى الله عليه وسلم :
".....وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ....." ،الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 6297 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية .

وأشباه ذلك مما جاء في الحث على طلب العلم، لكن ما نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي كلمة لا شك أنها جامعة، لكن لا شك أنها ليست أحسن ما قيل في الحث على طلب العلم.


وقوله :«ما ترك الأول للآخر» إما تكون «ما» نافية أو استفهامية فإن كانت «نافية» فالمعنى: ما ترك الأول للآخر شيئا. وإن كانت «استفهامية» فيكون المعنى: أي شيء ترك الأول للآخر؟
وكلا المعنيين يوجب أن يتثبط الإنسان عن العلم، ويقول كل العلم أخذ من قبلي فلا فائدة. فيكون بذلك تثبيط لهمته، لأنه إذا قيل لك: أن من قبلك أخذوا كل شيء. ستقول إذا ما الفائدة.
أما إذا قيل: كم ترك الأول للآخر، فالمعنى: ما أكثر ما ترك الأول للآخر، وهذا يحملك على أن تبحث على كل ما قاله الأولون، ولا يمنعك من الزيادة على ما قال الأولون.
ولا شك أن المعنى الصواب: كم ترك الأول للآخر. فإن قيل: إن الشاعر الجاهلي يقول:
ما أرانا نقول إلا معارا ** أو معادا من قولنا مكرور
فهل هذا صواب؟ الجواب: لا هذا ليس بصواب، وما أكثر الأشياء الجديدة التي تكلمنا بها ولم يتكلم بها من قبلنا. أما إن أراد بهذا حروف الكلمات أو الكلمات، وهذا صحيح لو أراد المعاني.
ولعل الشاعر الجاهلي أراد أنه كل ما يقال من الكلمات والحروف فإنه إما معار أخذه من غيره، وإما معاد.
لكن إذا كان البيت بهذا المعنى فقيمته ضعيفة جدا، رخيصة لأن هذا معلوم لا يحتاج إلى أن ينشره الإنسان في بيت شعر.
قوله :«فعليك بالاستكثار..» يحثك على أن تستكثر من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك العلم لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ثم اعلم أن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون بالقرآن الكريم أو بالسنة النبوية. فإن كان بالقرآن الكريم، فقد كفيت إسناده والنظر فيه، لأن القرآن لا يحتاج إلى النظر بالسند لأنه متواتر أعظم التواتر.
أما إذا كان بالسنة النبوية فلا بد أن تنظر في السنة النبوية، أولا هل صحت نسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أم لم تصح؟ فإن كنت تستطيع أن تمحص ذلك بنفسك فهذا هو الأولى؟ وإلا:
إذا لـم تستـطـع شيـئـا فـدعـهوجــاوزه إلــى مــا تستطـيـع

قوله :«ابذل الوسع» يعني الطاقة في التدقيق، أمر مهم لأن بعض الناس يأخذ بظواهر النصوص وبعمومها دون أن يدقق. هل هذا الظاهر مراد أم غير مراد؟ وهل هذا العام مخصص أم غير مخصص؟ أم هذا العام مقيد أم غير مقيد؟
فتجده يضرب السنة بعضها ببعض لأنه ليس عنده علم في هذا الأمر. وهذا يغلب على كثير من الشباب اليوم الذين يعتنون بالسنة تجد الواحد منهم يتسرع في الحكم المستفاد من الحديث، أو في الحكم على الحديث. هذا خطر عظيم.
يقول «مهما بلغت في العلم فتذكر: كم ترك الأول للآخر» هذا طيب، ولكن نقول: إن أحسن من ذلك مهما بلغت في العلم، فتذكر قول الله عز وجل :
"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ "يوسف76. وقوله " وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "الإسراء85
وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من «تاريخ بغداد» للخطيب ذكر من قصيدة له:

لا يكون السري مثل الدنيلا ولا ذو الذكاء مثل الغبي
قيمة المرء كلما أحسن المرء قضاء مـن الإمـام علـي
شرح الشيخ العثيمين

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
25-النَّهْمَةُ في الطَّلَبِ :
إذا عَلِمْتَ الكلمةَ المنسوبةَ إلى الخليفةِ الراشدِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ : ( قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحْسِنُه ) وقد قِيلَ : ليس كلمةٌ أحَضَّ على طَلَبِ العلْمِ منها ؛ فاحْذَرْ غَلَطَ القائلِ : ما تَرَكَ الأَوَّلُ للآخِرِ . وصوابُه : كم تَرَكَ الأَوَّلُ للآخِرِ .
فعليك بالاستكثارِ من مِيراثِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وابْذُل الوُسْعَ في الطلَبِ والتحصيلِ والتدقيقِ ، ومَهْمَا بَلَغْتَ في العِلْمِ ؛ فتَذَكَّرْ ( كم تَرَكَ الأوَّلُ للآخِرِ) .
وفي تَرجمةِ أحمدَبنِ عبد الجليلِ من ( تاريخِ بَغدادَ ) للخطيبِ ذِكْرٌ من قصيدةٍ له :
لا يَكـونُ السَّـرِيُّ مِثْـلَ الـدَّنِـيِّ لا ولا ذو الذكـاءِ مثـلَ الغَـبِـيِّ
قيمةُ المرءِ كُلَّمَا أَحْسَنَ الْمَرْءُ قـضــاءً مــــن الإمــــامِ عَــلِــيِّ
الشيخ:
الأدب الخامس والعشرون من آداب طالب العلم : النهمة في الطلب ، بحيث تستمر الرغبة في طلب العلم مع الإنسان ، ولا يقنع بالقليل منهُ ، وتستمر معه هذه الرغبة ، وقد جاء في الخبر أنّ طالب العلم لا يُشبع نهمته مهما حصّل من العلم ، واثنان منهومان ، ذكر منهما : طالب العلم.
فطالب العلم ، لا تتوقف رغبته عند حدّ ، لأنّ العلم بحر لا ساحل له ، ومن هنا فالمرء يحرص على تحصيل أكبر قدر منه ، وبعض الناس يقول : لأنكم يا أيها الطلاب لم تأتوا بشيء جديد ، وحينئذ فلماذا تتعبون أنفسكم بطلب العلم.
فيقال لهم : أولا نحن نطلب العلم وتزداد رغبتنا فيه من أجل إرضاء رب العزة والجلال ، ومن أجل الدخول في الجنة ، فلو قدّر أننا لن نأتي بشيء جديد ، فنحن سنحصل على الأجر والثواب.
الأمر الثاني : بأنّ الله جل وعلا من رحمته بعباده أن جعل أهل العلم يعرفون ويكتشفون في كل زمان ما عجز عنه الأوائل ، هذا من رحمة الله حتى يستمر العلم وتستمر النهمة في طلبه.
الأمر الثالث : أنّ الناس تنتابهم أوقات جهالات يُنسى فيه العلم ، فالعالم وإن لم يأت بشيء جديد إلا أنه يرشد الأمة إلى طريقتها الأولى ، طريقة النبوّة.
الأمر الرابع : أنه ما من زمان إلا وفيه أُناس يبثّون الشبهات على الخلق ، فطالب العلم هو المخوّل لكشف هذه الشبهات.
وحينئذ كان الأولى أن يقال : كم ترك الأول للآخر.
وحينئذ لنستكثر من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، ما هو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم؟ العلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "العلماء ورثة الأنبياء"
(وابذل الوسع في الطلب) اطلب علما كثيرا ، كذلك ابذل الوسع في التحصيل وفي التدقيق ، لا تكتفي بأخذ الأقوال فقط ، وإنما دقّق بينها ، وميّز بينها ، واعرف ما ينفعك منها ، ومهما بلغت في العلم فتذكّر : كم ترك الأول للآخر.
هنا
السؤال الأول: ورد في متن الحلية "النهمة في طلب العلم" إذا قلنا مثلا النهم هل يعتبر لحنا؟
الجواب : النَّهمة في الشيء أن يكون للمرء همَّة فيه، وتطلق النهمة على الوَطَر والحاجة يقال: قضى نهمته من كذا، إذا أخذ منه حاجته.
والنَّهَمُ : إفراطُ الشهوة في الطعام، والرجل النَهِم هو الشَّره الحريص الذي لا يشبع، والمنهوم هو المولع بحبّ الشيء.
والنَّهْم بتسكين الهاء: التصويت للرجل أو الدابة تقول: نهمْته، ويقال: ناقة منهام إذا كانت تطيع على النَّهم.

هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-24-2016 الساعة 06:42 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-03-2015, 03:08 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
36-إجمامُ النفْسِ :
خُذْ من وَقْتِك سُويعاتٍ تُجِمُّ بها نفسَك في رِياضِ العِلْمِ من كُتُبِ المحاضراتِ ( الثقافةِ العامَّةِ ) ؛ فإنَّ القلوبَ يُرَوَّحُ عنها ساعةً فساعةً .
وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( أَجِمُّوا هذه القلوبَ ، وابْتَغُوا لها طرائفَ الْحِكمةِ ، فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدانُ ) .
وقالُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى في حِكْمَةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ في مُطْلَقِ الأوقاتِ :( بل في النهيِ عنه بعضَ الأوقاتِ مصالِحُ أُخَرُ من إِجمامِ النفوسِ بعضَ الأوقاتِ ، من ثِقَلِ العِبادةِ ؛ كما يُجَمُّ بالنوْمِ وغيرِه ، ولهذا قالَ مُعاذٌ : إني لأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي ، كما أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي ...
وقالَ : ( بل قد قيلَ : إنَّ من جُملةِ حِكمةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ المطلَقِ في بعضِ الأوقاتِ : إجمامَ النفوسِ في وَقْتِ النهيِ لتَنْشَطَ للصلاةِ ؛ فإنها تَنْبَسِطُ إلى ما كانت مَمنوعةً منه ، وتَنْشَطُ للصلاةِ بعدَ الراحةِ . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
الشيخ:
وهنا يجب أن نعلم أن إجمام النفس وإعطاءها شيئا من الراحة حتى تنشط في المستقبل وحتى تستريح بعض الراحة مما سبق أن هذا من الأمور الشرعية التي دل عليها قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولزوجك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه).

- آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال : ما شأنك متبذلة ؟ ! قالت : إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، قال : فلما جاء أبو الدرداء ، قرب إليه طعاما ، فقال : كل ، فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال : فأكل ، فلما كان الليل ، ذهب أبو الدرداء ليقوم ، فقال له سلمان : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم ، فقال له : نم ، فنام ، فلما كان عند الصبح ، قال له سلمان : قم الآن ، فقاما فصليا ، فقال : إن لنفسك عليك حقا ، ولربك عليك حقا ، ولضيفيك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرا ذلك ؟ فقال له : صدق سلمان

الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2413 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
- أنه سمعَ عبدَ اللهِ بن عمروٍ رضي الله عنهما بلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أني أسرُدُ الصومَ وأصلي الليلَ ، فإما أرسلَ إليَّ وإما لقِيتُه ، فقال: ألم أُخْبَرْ أنك تصومُ ولا تُفطرُ ، وتصلِّي ولا تنامُ ؟ فصمْ وأَفطرْ ، وقمْ ونمْ ، فإن لعيْنِك عليك حظًّا ، وإن لنفسِك وأهلِك عليك حظًّا قال : إني لأقوَى لذلك ، قال : فصمْ صيامَ داودَ عليه السلام قال: وكيف ؟ قال: كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا ، ولا يفرُّ إذا لاقَى . قال : من لي بهذه يا نبيَّ اللهِ ؟ قال عطاءٌ : لا أدري كيف ذكرَ صيامَ الأبدِ؟ ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : لا صامَ من صامَ الأبدِ مرتين .
الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1977 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]. الدرر السنية
وهذا الحديث هو الميزان الحقيقي الذي تطمئن إليه النفس لا ما روي عن عمر ولا عن علي وغيرهما، فلو أن المؤلف استدل بهذا الحديث لكان أبين وأظهر، والنفس إذا جعلتها دائما في جد لا بد أن تمل وتسأم، وأما ما قيل: إن من جملة حكمة النهي عن التطوع المطلق في بعض الأوقات. فهذا من جملة الحكمة، وليس هو الحكمة، بل الحكمة الحقيقية ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام: أن الشمس إذا طلعت فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار وكذلك إذا غربت يسجدون لها. فهم يسجدون لها استقبالا، ويسجدون لها وداعا.

أما وقت الزوال فإن الحكمة فيه: أنه الوقت التي تسجر فيه جهنم فيلحق النفس من التعب في الحر لا سيما في أيام الصيف ما ينهى أن يصلي الإنسان فيه. وليس هذا القيل الذي قيل معارضا للحديث لكنه من جملة الحكمة، والله أعلم.
القارئ:
ولهذا كانت العُطَلُ الأسبوعيَّةُ للطُّلَّابِ مُنتشِرَةً منذُ أَمَدٍ بعيدٍ ، وكان الأَغْلَبُ فيها يومَ الْجُمعةِ وعَصْرَ الخميسِ ، وعندَ بعضِهم يومَ الثلاثاءِ ويومَ الاثنينِ ، وفي عِيدَي الفطْرِ والأَضْحَى من يومٍ إلى ثلاثةِ أيَّامٍ وهكذا .
الشيخ:
صحيح... العطل الأسبوعية منتشرة منذ زمن، لكن بعضهم يقتصر على الجمعة فقط، وبعضهم يضيف إلى الجمعة يوم الخميس، وبعضهم يجعل الجمعة ونصف الأسبوع، وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله- يفعل هذا، يكون العطلة يوم الجمعة، ويوم الثلاثاء الذي هو وسط الأسبوع لأجل ألا يتوالى يومان كلاهما عطلة، ولئلا يمل الإنسان، وهذا يرجع على كل حال إلى أحوال الناس والأحوال تختلف، فيجعل من العطل ما يناسب.

القارئ:
ونَجِدُ ذلك في كُتُبِ آدابِ التعليمِ ، وفي السِّيَرِ ، ومنه على سبيلِ الْمِثالِ : ( آدابُ المعَلِّمِينَ ) لسُحْنونٍ ( ص 104 ) ، ( والرسالةُ الْمُفَصَّلَةُ ) للقابسيِّ ، ( والشقائقُ النُّعْمانيَّةُ ) وعنه في : ( أَبْجَدِ العلومِ ) ، وكتابِ ( أَلَيْسَ الصبْحُ بقريبٍ ) للطاهرِ ابنِ عاشورٍ ، ( وفتاوَى رَشيد رِضَا ) و( مُعْجَمِ البِلدانِ ) و ( فتاوى شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ) .
آفاق التيسير
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
36- إجمامُ النفْسِ :
خُذْمن وَقْتِك سُويعاتٍ تُجِمُّ بها نفسَك في رِياضِ العِلْمِ من كُتُبِ المحاضراتِ ( الثقافةِ العامَّةِ ) ؛ فإنَّ القلوبَ يُرَوَّحُ عنها ساعةً فساعةً .
وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( أَجِمُّوا هذه القلوبَ ، وابْتَغُوا لها طرائفَ الْحِكمةِ ، فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدانُ ) .
وقالُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى في حِكْمَةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ في مُطْلَقِ الأوقاتِ : ( بل في النهيِ عنه بعضَ الأوقاتِ مصالِحُ أُخَرُ من إِجمامِ النفوسِ بعضَ الأوقاتِ ، من ثِقَلِ العِبادةِ ؛ كما يُجَمُّ بالنوْمِ وغيرِه ، ولهذا قالَ مُعاذٌ : إني لأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي ، كما أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي ... )
وقالَ : ( بل قد قيلَ : إنَّ من جُملةِ حِكمةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ المطلَقِ في بعضِ الأوقاتِ : إجمامَ النفوسِ في وَقْتِ النهيِ لتَنْشَطَ للصلاةِ ؛ فإنها تَنْبَسِطُ إلى ما كانت مَمنوعةً منه ، وتَنْشَطُ للصلاةِ بعدَ الراحةِ . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .
ولهذاكانت العُطَلُ الأسبوعيَّةُ للطُّلَّابِ مُنتشِرَةً منذُ أَمَدٍ بعيدٍ ، وكان الأَغْلَبُ فيها يومَ الْجُمعةِ وعَصْرَ الخميسِ ، وعندَ بعضِهم يومَ الثلاثاءِ ويومَ الاثنينِ، وفي عِيدَي الفطْرِ والأَضْحَى من يومٍ إلى ثلاثةِ أيَّامٍ وهكذا .
ونَجِدُ ذلك فيكُتُبِ آدابِ التعليمِ ، وفي السِّيَرِ ، ومنه على سبيلِ الْمِثالِ : ( آدابُ المعَلِّمِينَ ) لسُحْنونٍ ( ص 104 ) ، ( والرسالةُ الْمُفَصَّلَةُ ) للقابسيِّ ( ص135-137 ) ، ( والشقائقُ النُّعْمانيَّةُ ) ( ص20) وعنه في : ( أَبْجَدِ العلومِ ) ( 1/195-196 ) ، وكتابِ ( أَلَيْسَ الصبْحُ بقريبٍ ) للطاهرِ ابنِ عاشورٍ ، ( وفتاوَى رَشيد رِضَا ) (1212) و( مُعْجَمِ البِلدانِ ) ( 3/102) و ( فتاوى شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ) ( 25/318-320، 329)
الشيخ :
هذا هو الأدب السادس والثلاثون من آداب طالب العلم : إجمام النفس ، بحيث لا يحملها على شيء في جميع الأوقات فتملّ منه ، وكذلك لا يُذهب نفسه تعبا يجعلها تصبح لا تميّز العلوم ، من جعل نومه قليلا ، أقل مما تحتاجه إليه نفسه ضعفت نفسه ، ولم يستطع التركيز والفهم ، وهكذا من لم يطعم الطعام الذي يغذيه فإنّ نفسه تضعف ، وبالتالي يكلّ ولا يتمكن من الفهم ومن مواصلة التعلم.
وشاهد هذا كثير في النصوص الشرعية ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"
ضعيف المنبت الذي يركب ناقته ويسير بها ويواصل بدون أن يرتاح.
- إِنَّ هذا الدينَ متينٌ ، فأوْغِلْ فيه برِفْقٍ ، فإِنَّ الْمُنبَتَّ لا أرضًا قطعَ ، ولَا ظهْرًا أبْقَى

الراوي : جابر بن عبدالله المحدث : الألباني-المصدر : ضعيف الجامع- الصفحة أو الرقم: 2022 خلاصة حكم المحدث : ضعيف
الدرر السنية
فحينئذ يُتعب ناقته فتعجز في نصف الطريق ، فيكون لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ، وجاء في الحديث : حديث النفر الثلاثة الذين قال قائلهم : أصوم ولا أفطر ، وقال الآخر: أقوم ولا أنام ، وقال الثالث : لا أتزوج النساء ، فعتب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : "إني أخشاكم لله وأتقاكم له ، أما أني أقوم وأنام ، وأصوم ، وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني"

- جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني .الراوي : أنس بن مالك المحدث :البخاري-المصدر :صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5063 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]الدرر السنية


وشاهدوا هذا أيضا في منع المكلّف من العبادة في بعض الأوقات من أجل أن لا يتعب نفسه ، وانظر إلى حديث عبدالله بن عمرو لما كان يصوم ولا يُفطر ، وكان يقوم حتى أثّر ذلك على نفسه ، فجاء أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عبادته ، ثم بعد ذلك أرشده إلى ترك مواصلة العبادة ، بحيث يجعل وقتا للراحة ، ولا يشق على نفسه.
وانظر في حديث تلك المرأة التي كانت تضع حبلا في المسجد صفيّة ، حتى إذا تعبت استندت إلى الحبل ، فقال صلى الله عليه وسلم : "حلّوه –فكوا الحبل- ليصلّي أحدكم نشاطه ، فإذا فتر فليرقد ، فلعلّه يذهب يسأل ربه فيسب نفسه"

دخلَ المسجدَ فرأى حبلًا ممدودًا بينَ ساريتينِ فقالَ ما هذا الحبلُ قالوا لزينبَ تصلِّي فيهِ فإذا فترت تعلَّقت بِه فقالَ "حلُّوهُ حلُّوهُ ليصلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا فترَ فليقعُدْ"
الراوي : أنس بن مالك المحدث : الألباني
المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1137 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
حتى عاد ما ميّز في الكلام ، هكذا في طلب العلم ، يصبح ما عاد يميّز.

- أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يصلي فلْيرقُدْ ، حتى يذهبَ عنه النومُ ، فإن أحدَكم إذا صلى وهو ناعِسٌ ، لا يدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه .

الراوي :عائشة أم المؤمنين المحدث : البخاري-المصدر :صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 212 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية
ومن ذلك المفاوتة بين الفنون ، لو استمريت على فن واحد يمكن تمل نفسك منه ، فتنتقل من علم إلى علم ، كداخل البستان ، مرة يأكل عنبا ، ومرة يأكل رمانا ، ومرة يأكل تينا ، ومرة يأكل من غيره ، فيلتذّ ذلك ، أما لو أكل من صنف واحد فسيملّ منه.
ومن وسائل ذلك ، إعطاء النفس راحتها ، والقيام على النفس بشئونها ، سواء في نظافة الإنسان أو في مأكله أو في مشربه ، أو نحو ذلك.
وكذلك النظر في بعض النكت والطرائف ، النكت : هي الأمور الغريبة ، حتى تنشط نفسك ، والطرائف : هي التي تتحرّك لها النفس وتطرب ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما جاء منه المزاح.
(قال علي : أجمّوا هذه القلوب ، وابتغوا لها طرائف الحكمة ، فإنها تملّ) ومن هذا حرص أهل العلم على جعل إجازة وعطلة في الدراسة ، نعم.


آفاق التيسير

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-03-2015 الساعة 06:03 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 01:52 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology