ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-23-2018, 06:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
y

المتن
"وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"سورة هود، الآية: 6،"يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"سورة التغابن، الآية:4.
* ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدِها"رواه البخاري، كتاب الأدب (5999)، ومسلم، كتاب التوبة (2754).يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضًا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"سورة الأعراف، الآية:156، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين"رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا"سورة غافر، الآية: 7.
والحُسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده،ويكون باعتبار جمعه إلى غيره،فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوقَ كمالٍ.
الشرح
أسماءُ الله كلها حُسنى على انفرادٍ ،وقد ينضافُ إلى هذا الحُسن-الذى اكتسبه الاسم اكتاسبًا- ذاتيًا- ينضاف إليه حُسنٌ آخر بانضمامه إلى غيره ،فيكون من مجموع الاسمين كمالٌ آخر، وهذا كثيرٌ في القرآن ، فكثيرًا مايقرن الله تعالى بين اسمين وتجد في ضم أحدهما إلى الآخر كمالاً لايحصل بانفراد أحدهما عن الآخر.
المتن
مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكمُ والحكمةُ في الحكيمِ، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلمًا وجَوْرًا وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمتِه فإنهما يعتريهما الذل.
الشرح
مثال "العزيز" و "الحكيم" يقرن الله بينهما كثيرًا، ويستفاد من قرن "العزيز" بـ "الحكيم" فائدة عظيمة ، وهي أن عزته مقرونة بالحكمة، لأن العزة وحدها قد ينتجعنها سوء التصرف والظلم والجَوْر،كما لو وجدنا مَلِكًا عزيزًا في مُلْكِه لايعارضه أحدٌ،تجد هذا الملِك إن لم يهده الله تعالى تجده؛لكمال سلطانه وعزته؛ يبطش ويجور ولا يبالِي ، لأنه ليس بحكيم .
كذلك أيضًا من الناس من يكون حكيمًا ؛لكن ليسعنده عزة وغلبَة، فهو ذو حكمة ؛ ولهذا تراه يتصرفتصرفًا حسنًا ؛ويضع كل شيء بموضعه، ولكن ليس عنده قوة أو عزة يمضي بها ما أراد .
والله عز وجل "عزيز حكيم "فعزته مقرونة بالحكمة؛وحكمته مقرونة بالعزة، وباقتران الاسمين بعضهما إلى بعض يحصل كمالٌ آخر وهوعزةٌ في حِكمة وحِكمةٌ في عزة.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-23-2018, 06:20 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
Haedphone

القاعدة الثانية:
أسماءُ الله تعالى أعلامٌ وأوصاف
أعلامٌ باعتبار دلالتها على الذات، وأوصافٌ باعتبار مادلت عليه من المعاني،وهي بالاعتبار الأول مُترادفة لدلالتها على مسمى واحدٍ وهوالله- عزوجل-،وبالاعتبار الثاني مُتباينة لدلالة كل واحد مِنها على معناهُ الخاص فـ"الحي,العليم,القدير,السميع، البصير الرحمن, الرحيم, العزيز, الحكيم"كلها أسماء لمسمى واحد وهوالله سبحانه وتعالى،لكن معنى "الحي" غير معنى "العليم"و"العليم" غير معنى "القدير" وهكذا.
الشرح
هذه القاعدة الثانية ، فيها مبحثان:
المبحث الأول:
"أنَّ أسماء الله أعلام وأوصاف" فهي باعتبار دلالتها على الذات "أعلام" وباعتبار دلالتها على المعاني" أوصاف".
و مثال ذلك "السميع" فهو يدل على الله ،فيكون بهذا الاعتبار علماً" و ابن مالك يقول:
اسمٌ يُعيِّنُ المُسمى مطلقاً علمهُ كجعفرِ وخَرْنَقا
فـ " السميع "علمٌ ، وباعتبارأنَّ"السميع"مُتضمِنٌ للسمع، وأنه يسمع عز وجل كل صوتٍ تكونُ صفةً، ولذلك نقول:أسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصافٌ.
وأما أسماءُ غيرالله الأصل فيها أنها أعلامٌ فقط، ولهذا نسمى هذا الرجل "عبد الله" وهو من أكفر عباد الله ، ونسمي هذا الرجل "عليًا" وهوسافلٌ ؛نازل، ونسميه "حكيمًا" وهومن أسفه عباد الله ، ونسميه"محمدًا"وهو مُذمَّمٌ ، ونسميه "أحمد " وهو أكفر الناس؛فأسماء غيرالله أعلامٌ مجردة فقط ، إلا أسماء النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-وأسماء القرآن ،فأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم هي أعلام وأوصاف ؛ لأن اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم "محمد" وقد سُميَ بهذا الاسم لكثرة محامده أو لكثرة خصاله الحميدة،واسمه أحمد لأنه أحمد الناس لله-عزوجل-وأحمد من يحمده الناس.


المبحث الثاني
وهو أن أسماء الله تعالى هل هي مترادفة أم متباينة ؟ فنقول:أما باعتباردلالتها على ذات الله فهي مترادفة، لأنها كلها تدل على ذاتٍ واحدة. وأما باعتبارماتحمله من المعاني فهي متباينة، فـ "السميع " و"البصير" و "العزيز"و" الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحدٍ وهو الله ، فهي بهذا الاعتبار مترادفة ، لكن "السميع" دال على السمع و"البصير"دال على البصر، ومن المعلوم أن السمع غير البصر ، والبصرغيرالسمع، والعزة غير السمع، وأن الحكمة غير السمع .... وهكذا.
واعلم أن الكلمتين إما أن تكونا متباينتين أو مترادفتين أومشتركتين أو بينهما نسبة عموم وخصوص.
أولاً: أن تكون الكلمتان متباينتان،وذلك بأن تدل كل كلمة منهما على معنىً لايتفق مع الأخرى؛ مثل "القمح" و"الأرز"، فالقمح غير الأرز ، .وليس بينهما عموم وخصوص.
ثانيًا : أن تكون الكلمتان مترادفتين ؛لترادفهما على معنىً واحدٍ، كما يترادف الشيء بعضه على بعض ، مثل "قمح"و" بُر" و" حِنطة" فكلها مترادفة, مثل "بشر" و"إنسان" فهي أيضًا مترادفة.
ثالثًا : قد تكون الكلمة مشتركة ،وذلك بأن تكون هناك كلمة واحدة تدل على معانٍ متعددة بعكس الترادف، ومثال ذلك"العَيْن" فهي تطلق على "العين " التي هي الجارحة ، وعلى "عين الماء الجارية "، وعلى "الذهب "، و"الجاسوس" إلا أن البعض يقول بأن إطلاق "العين " على "الجاسوس" من باب المجاز ، والمقصود أن هذه الكلمات نسميها مشتركة ؛ لأن المعاني مشتركة في لفظ واحدٍ.
رابعًا : أن يكون بين الكلمتين عموم وخصوص ، بأن تكون أحدى الكلمتين أخصَّ من الأخرى,مثل "إنسان" و"حيوان"، فـ"الإنسان" فنسمي الإنسان إنسانًا، فهذا خاصٌّ, وكلمة "حيوان" عام يشمل الإنسان وغيره . ومن الطريف أنك لو قلت للعامي : "أنت حيوان ناطق" لنط بحلقي؛ لأنه يظن أن الحيوان الناطق الحمار، لكن لو تقول له :الفلاسفة يقولون أن الإنسان حيوانٌ ناطقٌ، وأن كلمة "حيوان" هذه جنس ، وأن كلمة "ناطق " هذه فصْلٌ، ما كان عنده إشكال ،هل يجوز أن تخاطب عاميًا "يا حيوان ناطق"؟ لا. لأنه يراه شتمًا.لكن و لو قلت لطالب علم ما الإنسان ؟فيقول لك حيوانٌ ناطق. والذى أراه أن يُقال الإنسان هو البشر.
*المتن*
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قولِه تعالى"وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"سورة يونس، الآية: 107.. وقولِه"وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة"سورة الكهف، الآية: 58.. فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.
* الشرح *

فإن قال قائلٌ ماالدليل على أن أسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصافٌ؟
قلنا: الدليل من القرآن ومن اللغة.القرآن:قال الله تعالى:""وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة" سورة الكهف، الآية: 58.والرحمة صفة ؛ إذًا "الرحيم" معناه ذوالرحمة.
وأما من اللغة ،فإن أهل اللغة والعُرف أجمعوا على أنه لايوصف بالمُشتق إلا مَنْ اتصف بمعناه,فلايُقال "سميعٌ": للأصم ؛ولا "بصيرٌ" : للأعمى ؛ولا "عاقلٌ": للمجنون ؛ بل لابد أن تكون هذه الأوصاف دالة على معانيها فيمن نُسبتْ إليه ، وهو أمرٌ أبين من أن يحتاج إلى شرح.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-23-2018, 06:22 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
Haedphone

*المتن*
وبهذا عُلم ضلال من سَلَبوا أسماءَ اللهِ تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا..وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها .
* الشرح *
هؤلاء المعطلة يقولون : نحن نثبت أسماء الله ، فالله سميع عليم بصير ... لكن بدون إثبات المعنى ، فنقول : " سميع بلا سمع " و" بصير بلا بصر" وهكذا ، فإذا سألناهم عن سبب ذلك قالوا : لأنك إذا قلت إن لله سمعًا وبصرًا وقدرة وقوة وقلت ؛ أن هذه الصفات قديمة؛ لزم تعدد القدماء! وأنت تُنكر على النصارى قولهم:بأن الله ثالث ثلاثة .
وأنت تريد الله أكثر مئات المئات؟
ونحن نقول: هذا القول باطلٌ؛ لأنه لايلزم من تعدد الصفة تعدد الموصوف. وإلا لكُنَّا نحن أيضًا الواحد منا كم يكون؟
كثير بحسب صفاته
-السمع :هو القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيرًا فانتبه له.-
*المتن*
أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" وقال تعالى: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى". ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء3.
وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة4 من الموصوف، حتى يلزمَ من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجودٍ فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود5، أو ممكن الوجود6، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره.
_____________
حاشية لتوضيح معاني الفردات غير موجودة بكتاب الشيخ العثيمين:
1 على الذات : أي على ذات الله
2 متباينة: أي مختلفة عن بعضها
3 - تعدد القدماء : أي تعدد الذات ولعياذ بالله
4 - بائنة : منفصلة
5 - واجب الوجود : أي لم يسبقة عدم ولا يلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق الله جل في علاه ، فهو سبحانه الأول والآخر
6 - ممكن الوجود : أي يسبقة عدم ويلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق المخلوق الفاني الضعيف
* الشرح *

نحن نقول بأن الموجود تتعدد صفاتُه ، ونقول لمن خالفنا : هل تُثبتون أنَّ اللهَ موجودٌ؟ سيقولون: نعم ، نثبت ذلك ، نقول لهم :وكل موجود لابد أن تتعدد صفاتُه ضروري، فمثلا الموجود: فيه صفة الوجود؛ وفيه أيضًا أن وجودَهُ إما ممكن وإما واجب الوجود، وهذه صفة ثانية، ونحن نقول بأن وجودنا نحن من باب الممكن ، وبأن وجود الله-عزوجل- من باب الواجب. ونقول كذلك : الموجود إما أن يكون وجوده عينًا قائمة بنفسها ،أو يكون صفةً في غيره ؛ فالإنسان مثلا : عينٌ قائمٌ بنفسه، وسمع الإنسان وبصره وصفٌ قائمٌ بغيره.
إذًا كل موجود، لابد أن يتصف بهذه الصفات الثلاثة: الوجودية، وكون وجوده واجبًا أوممكنًا ، وكونه عينًا قائمة بنفسها أو وصفًا في غيره. وهذا أمرٌ لايمكن إنكاره.

*المتن*
وبهذا أيضًا علم أن: "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْر"سورة الجاثية، الآية: 24.يريدون مرور الليالي والأيام.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله - عز وجل -: يؤذيني ابنُ آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"رواه البخاري، كتاب التفسير "4826"، ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب "2246".. فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمرُ أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِب "بكسر اللام" هو المقلَب "بفتحها" وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهرُ في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى.
* الشرح *
وهذا خلافًا لابن حزم وبعض العلماء الذين قالوا بأن من أسماء الله"الدهر"!!
ونحن نقول بأن "الدهر" ليس من أسماء الله؛ لماذا؟. لأن "الدهر" اسمٌ جامدٌ بمعنى الوقت والزمن، واللهُ تعالى يقول"وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى" والاسم الجامد: هو الذي لايدل على وصف،ولذلك فليس "الدهر" من الأسماء الحُسنى.
و من تأمل هذا الحديث عَلِمَ أنه ليس مراد النبي-عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن الله عز وجل أن يبين أن "الدهر" من أسماء الله تعالى ، لأن الله بيَّنَ ذلك فقال: "وأنا الدهر بيدي الأمرُ أقلبُ الليلَ والنهار"هذا يعني أن الذين يسبون الدهر فيقولون: هذه سنة جائرة، أو يسبون مايقع فيه مثل قول بعض السفهاء :"هذه عاصفة هوجاء "، أو ما أشبه ذلك مما يُطلقونه على مايخلقه الله-عزوجل- من العواصف والقواصف والنوازل ، فكل أنواع السب هذه محرمة وقد تصل إلى حد الكفر بالله تعالى .
هذا؛ والذين يسبون الدهر لايقع في نفوسهم أنهم يُسبون الله أبدًا،بل إنما يسبون الزمن أوالمكان ،والدليل على ذلك أن الله تعالى قال:"أقلِّبُ الليلَ والنهار"، فالليل والنهار مُقَلبان ، وهما الدهر ،ومعلومٌ أنَّ المُقَلِّب غير المُقَلَّب.
وعلى هذا لو قال قائلٌ:" يادهرُ ارحمني" ؛يجوز؟ لايجوز لأنه إن نوى الدهر ذاته فهو كافرٌ مُشرك ، وإن نوى الله ذاتَه فقد دعا الله بغير اسم من أسمائه الحُسنى، فليس الدهر من أسماء الله الحسنى.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-23-2018, 06:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
Haedphone

*المـتـن*
القاعدة الثالثة
أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:
أحدها:ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.الثاني:ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث:ثبوت حكمها ومقتضاها.
ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قُطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى"إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"سورة المائدة، الآية: 34؛لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون اللهُ تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.


* الشرح *

أسماء الله تعالى إذا دلت على وصفٍ مُتعدٍ ،فقد تضمنت ثلاثة أمور:
الأول:إثبات ذلك الاسم لله-عزوجل- مثل "العليم": فثبت أن من أسماء الله"العليم".

الثاني: إثبات الصفة التي دل عليها، وهي العلم، فمن آمن بأن الله "عليمٌ" ولم يؤمن بصفة العلم ،فلم يؤمن بالاسم حتى يؤمن بما تضمنه من الصفة .
الثالث: الحُكم الذى يقتضيه ذلك المعنى، فالعليم يقتضي أنه عز وجل يعلم كل شيء ، فلابد من الإيمان بمايقتضيه ذلك الاسم من الأحكام .
ويُعبرالبعض عنها بـ"الأثر" فيقال: يجب الإيمان بالاسم والصفة والأثر، وبعضهم يقول:نؤمن بالاسم والصفة والحكم أوالمُقتضى.
واستدل المؤلف على هذا بقوله تعالى:"إلاالذينَ تابوا من قبلِ أن تقدِرواعليهم فاعلمُوا أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ" المائدة 34.
ووجه الدلالة أن مُقتضى هذين الاسمين أن يغفر لهم ويرحمهم.وهذا يتضمن سقوط الحد عنهم؛ولهذا جزمَ الفقهاء-رحمهم الله-بأن قطَّاع الطريق إذاتابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد ؛وكذلك غير قطاع الطريق إذا تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد، كشرَّاب الخمر والزناة ؛والسُُّّراق ومن شابههم .

*المـتـن*
*مثال ذلك: "السميع"يتضمن إثبات السميع اسمًا لله تعالى، وإثبات السمع صفة له ؛وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: "وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"سورة المجادلة، الآية: 1.
الشرح
ومثل قوله تعالى" لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ "آل عمران181
ومثل قوله تعالى :" أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم..." الزخرف80. وغيرها كلها أمثلة تدل على ثبوت حكم ذلك الاسم ؛وهو السمع
*المـتـن*
وإن دلت على وصف غير متعدٍ ،تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.

* مثال ذلك:"الحي"يتضمن إثبات الحي اسمًا لله - عزوجل - وإثبات الحياة صفة له.


* الشرح *
"الحي" وصف لازم لله عز وجل ؛ لا يتعدى إلى غيره ، ومثله "الحَيِيّ" : فإنه وصفٌ لازمٌ ، ومثله "العظيم" "الجليل".ومثل الكريم؟لا لأن الكرم يتعدى إلى غيره.
ماالفرق بين الحي والحييّ؟الحي ذوالحياة ؛والحييّ ذو الحياء
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-23-2018, 06:26 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
Haedphone

*المتن*

القاعدة الرابعة:

دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
* الشرح *

هذه القاعدة في الواقع لاتختص بأسماء الله فقط ، بل كل لفظ فإنه يدل على المعنى بالمطابقة والتضمن والالتزام، وعليه فأنواع الدلالات ثلاثة:
1- دلالة المطابقة
2- دلالة التضمن
3- دلالة الالتزام
1- دلالة المطابقة:هو أن يدل اللفظ على جميع أجزاء معناه وأفراده.أي دلالة اللفظ على جميع معناه
2-دلالة التضمن:فمعناها :دلالة اللفظ على جزء معناه.
3-دلالة الالتزام: فمعناها : دلالة اللفظ على لازمٍ خارج.

مثال ذلك كلمة "السيارة"، كلمة السيارة تدل على كل السيارة :هيكلها وماكيناتها وأنابيبها وإطاراتها وكل شيء فيها بالمطابقة ، وتدل على العجلات فقط بالتضمن ، وتدل على البطارية فقط بالتضمن وتدل على الشاسيه ؛ بالتضمن، وتدل على صانعها بالالتزام؛ لأن لها صانعًا ، وهي لم تصنع نفسها السيارة.

مثال آخر: كلمة "الدار" إذا قلت اشتريتُ دارًا دلالة هذه الكلمة على كل الدار دلالة مطابقة ، ودلالتها على الحمام والقهوة والمستراح ؛ دلالة تضمن ، ودلالتها على الذي بناه دلالة التزام.
*المتن*

* مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
* الشرح *
واسم"الخالق"يدل على ذاتٍ وصفةٍ، يدل على ذات الله ويدل على صفة الخلق، دلالته على هذين المعنيين بالمطابقة ،ودلالته على ذات وحدها بالتضمن ؛ ،ودلالته على الخلق وحده بالتضمن أيضًا ، ودلالته على العلم والقدرة بالالتزام.كيف ذلك؟نقول:الخالق لايُمكن أن يخلق إلاوهو عالمٌ كيف يخلق ، والخالق لايُمكن يخلق إلا وهوقادرٌ على أن يخلق .ونحن نعلم أنه لوأراد أحدٌ أن يصنع شيئًا وهو لايعلم ،فإنه لا يستطيع. ولو كان يعلم و لكن ماعنده القدرة ؛فإنه كذلك لايستطيع ، إذًا فكلمة "صانع" تدل على "ذاتٍ صانعةٍ" وتدل على "صُنع" وتدل على "عِلم" و"قُدرة". فدلالتها على ذاتٍ الخالق وعلى الصُنع جميعًا ؛"دلالة مطابقة "ودلالتها على ذاتٍ صانعة وحدها بالتضمن ،ودلالتها على "صُنع" وحده؛ "دلالة تضمن" ،وودلالتها على "علم" و"قدرة"دلالة التزام".
*المتن*
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال"لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"سورة الطلاق، الآية: 12.
* الشرح *
لما ذكر الله خلق السموات والأرض فقال:
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ"قال:لِتَعْلَمُوا:يعني بيَّنا لكم ذلك وإننا خالقون السموات والأرض"لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"الطلاق12". أي: أن الله هو الخالق وقد خلق بقدرة وعلم ، ولولا قدرة الله ماصار خلق ولولا علمه ماصار خلق.
*المتن*
ودلالة الالتزام مفيدة جدًا لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهمًا للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
* الشرح *

ومثال ذلك لوقال قائل : هل يجوز للرجل أن يُصبح صائمًا جُنبًا؟ نعم ، ماهو الدليل؟ من القرآن
قال اللهُ تعالى:" َالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ"البقرة 187.
فهذه الآية دلت على أنه يجوز المباشرة إلى الفجر، ومن لازم ذلك يُصبح وهو جُنب،وحينئذ نقول هذه الآية دلت على جواز إصباح الصائم جُنبًا من أي طُرق الدلالة ؟ بدلالة الالتزام.
ومثل ذلك جواز أن يصبح الصائم- بعد طلوع الفجر – وهوشبعان،نعم؛ لأنه جاز له الأكل والشرب إلى طلوع الفجر، ومن لازم ذلك أن يطلع عليه الفجر وهو شبعان .

*المتن*
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازمًا فهو حق؛وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله فيكون مرادًا.

* الشرح *
هذه أيضًا قاعدة مهمة اللازم من كلام الله إذا صح أن يكون لازمًا فهو حقٌ، فإن لم يصح أن يكون لازمًا فليس بحقٍ؛ مثالُ ذلك: أهل التعطيل يقولون : يلزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل ،وإذا لزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل وجب علينا إنكارُ الصفات لأن التمثيل يجب إنكارُه.
ونحن نقول: لايلزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل. لو قال قائلٌ :يلزم من قولكم:" إن الله استوى بذاته" أن يكون لله ذاتٌ تستوي على العرش وتنزل إلى السماء الدنيا ؛وما أشبه ذلك؟
نقول: هذا اللازم حق، ولامانع من أن نُثبت لله ذاتًا لا تُشبه الذوات وحينئذٍ يكون هذا اللازمُ حقًا.
الخلاصة: أن اللازم من كلام الله ورسوله حقٌ متى؟إذا صح أن يكون لازمًا.
وأما أن ندَّعي أنه لازمٌ ، وليس هو في الحقيقة بلازمٍ، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل. فإذا صح اللازم فإنه حقٌ لسببين:
الأول:أن كلام الله ورسولِه-صلى الله عليه وآله وسلم- حقٌ ، ولازم الحقِّ حقٌّ.
الثاني: أن الله- عزوجل- يعلمُ ماذا يترتب على كلامه وكلامِ رسولِه – صلى الله عليه وسلم – ؛ فإذا كان يعلم ذلك ؛ كان هذا الشيء لازمًا لكلامه علمنا أن هذا اللازم مرادٌ لله عز وجل وعليه إذا قيل : هل لازم القول قول؟
فالجواب:إن كان القولُ قولَ اللهِ ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فلازمه حق ويكون كقولهما ؛ لأن قولهما دل عليه باللازم ؛ ، وأما قولُ غيرهما ففيه تفصيلٌ.

*المتن*
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى:أن يذكرَ للقائلِ ويلتزم به،مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله - عز وجل - أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبِت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"سورة الكهف، الآية: 109.. وقال: "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة لقمان، الآية: 27 وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصًا في حقه.


* الشرح *

اللازم من قول غيرالله ورسوله-صلى الله عليه وسلم- له ثلاثُ حالاتٍ:
الأول : "أن يُذكر – اللازم - للقائل ويلتزم به"، فهذا معلومٌ أنه إذا التزم به صار من قوله، فإذا ذكِراللازم للقائل وقال:" نعم، هذا يلزم من قولي ،وأنا مُلتزمٌ به " صار هذا اللازم قولاً له للالتزامه إياه، فإنه قال :" نعم أنا ألتزم به وليس في ذلك عندي مانع "
ومثاله : إذا قال من يُنفي الصفات لمن يثبتها:يلزم من إثباتك الصفات الفعلية أن يكون من أفعال الله ماهوحادثٌ!!.
فقد وجد بعض من ينكرون أفعالَ اللهِ-عزوجل-،فيُنكرون"أن ينزل وأن يأتي وأن يضحك ؛وماأشبه ذلك"ليش؟وعللوا ذلك بأن قالوا : هذه حوادث، والحادث لايقوم إلابحادث.
ونحنُ نُسَلِّم بأن الصفات الفعلية حادثة ، ولكن لانُسلم بأن الحوادث لاتقوم إلا بحادث ،لأن الحوادث قد تقوم بالقديم الذي ليس بحادث.
فإذا كان هناك رجلٌ يُنكر الأفعال الاختيارية ويُناظر مَنْ يُثبت الأفعال الاختيارية ، فإنه أي: النافي ، سيقول للمثبت:يلزم على قولك بإثبات الأفعال الاختيارية ؛أن يكون من أفعال الله شيءٌ حادث، فالنزول إلى السماء الدنيا يحدث كل ليلة ولا لأ؟ . فقال المُثبت للأفعال الاختيارية :نعم يلزم من إثبات الصفات الفعلية ؛أن يكون من أفعال الله ماهو حادثٌ، وأنا ألتزم بذلك، وأقول:" في أفعال الله ماهو حادثٌ" وليس في هذا شيءٌ أبدًا. فهذا اللازم التزم به القائل ، فيكون من قوله بلا شك لأمرين :
أولاً ؛ لأن كلامه دل عليه .
وثانيًا : ولأنه التزمه فعلاً.

وفي هذه القاعدة عدة فوائد، وقد سبق أن اللازم من قول أحد سوى قول الله ورسوله له ثلاث حالاتٍ، وتكلمنا عن الحالة الأولى ، وهي :" أن يذكر للقائل ويلتزم به"
فإذا قيل للقائل:"يلزمُ على قولِك كذاوكذا " فقال:" نعم ، وأنا ألتزم به " فلازم قوله قولاً له ، ويكون قائلا باللازم والملزوم .

مثاله:أن يقول مَنْ يُنفي الصفات الفعلية- وهم المعتزلة والأشعرية ،فهم ينكرون الأفعال الاختيارية بالله عز وجل ونحوهم ، والذين يثبتونها هم السلف "أهل السنة والجماعة " – يلزم لإثبات الصفات الفعلية لله عز وجل ؛ أن يكون من أفعال الله ما هو حادث .
فإذا قال النفاة ذلك، ماذا يقول المُثبِت؟
فإذا قال المثبت :لا، لايلزم.
قيل له : بيِّن لنا عدم وجه الملازمة.
وإن قال: يلزم وأنا ألتزم بذلك وأثبته .
قيل له : لابأس ، وأنت الآن التزمتَ أمرًا نرى أنه غيرُ صحيح، وأنت ترى أنه صحيحٌ ، فما بيان ذلك ؟
يقول المُثبتُ: نعم، وأنا ألتزم بذلك ،فإن الله لم يزل ولايزال فعالاً لمايُريد، ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال الله تعالى:"قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"سورة الكهف، الآية: 109.وقال تعالى:"وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة لقمان، الآية:27..وحدوث أحاد فعله تعالى لايستلزم نقصًا في حقه، بل هو في الحقيقة كمالٌ ،لأن كونه يفعل مايُريدُ متى شاء، لاشك أنَّ هذا كمالٌ.
والذي يقول :"إنَّ الله لايفعل ولاتحدث أفعاله" فمعنى كلامه أنه عطل كمال الله ،وأما الذي يقول:بأنَّ أفعال الله تحدث ُ، فهذا هوالذي وصف الله تعالى بالكمال؛ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم-إذا نزل المطر حَسر عن ثوبه ليصيبه الماء ،ويقول :" إنه حديث عهدٍ بربه"صحيح مسلم :898.إذًا فخلقُ اللهِ لهذا المطرمتجدد ولا بقديم؟ متجدد لأنه قال حديثُ عهد بربه فتجدد أحاد فعل الله كمالٌ وليس بنقصٍ.
والنفاة يقولون: لايُمكن أن تتجدد أفعاله؛ لأن الحادث لايكون إلابحادث. هل هذا صحيح؟ أبداً حدوث الفعل لايلزم منه حدوث الفاعل.نحن الآن جئناإلى هذا المكان اليوم وفعلنا أفعالاً في هذه الساعة هل يلزم من ذلك أننا لم نُخلقْ إلا هذه الساعة؟ لايلزم فالوجود يسبق الفعل،وعليه نقول: إنَّ اللهَ-عزوجل-لم يزل ولايزال موجودًا، ولكن آحادُ أفعاله تتجدد حسب ماتقتضيه حكمته ،وليس في هذا نقصٌ بل في هذاكمالٌ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-23-2018, 06:29 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
*المتن*
الحال الثانية:أن يذكر له ويمنع اللازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفاتِ لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكونَ اللهُ تعالى مشابهاً للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتًا وتمنع أن يكون مشابهًا للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
* الشرح *

كان ينبغي أن نقول "مماثلاً"بدلاً من"مشابهًا"،ولكني كتبت هذه الرسالة من قبل أن يتبين لي الفرق بين "المماثل" و"المشابه" وقد ذكرنا أن الأولىالتعبير بنفي المماثلة لأسباب:
الأول:أن لفظ "المماثلة" هو اللفظ الذي عبر الله به، فإنك لاتجد في القرآن أن الله نفى المشابهة أبدًا، وإنما نفى المماثلة ؛ وذلك لأن المماثلة هي التي تقتضي المساواة.
والثاني:أن التشبيه صار اسمًا عند قوم من الناس ينفون به كل ماثبت لله من صفاتٍ ، ويقولون: هذا تشبيهٌ ، حتى وإن كانت المشابهة في مطلق المعنى، فيقولون: هذا تشبيه،وينفون الصفة! ولذلك أنكرواكثيرًا من الصفات، وقالوا: لأن المخلوق والخالق يشتركان في مطلقِ هذا المعنى! فصار كلُ من أثبت الصفات عندهم من المُشَبِّهة، فالذي يُثبت "اليد"حقيقية لله ،يقولولون : هذا تشبيه؛ لأنهم ظنوا أن اشتراك الخالق والمخلوق في مطلق الصفة يقتضي المماثلة المنفية في القرآن.
الثالث:أن "المشابهة" قد تكون في بعض الأشياء، وهذا بخلاف "المماثلة" التي قد تكون في جميع الأشياء، والله-عزوجل-لم ينفي عن نفسه مُشاركة المخلوق في كل شيءٍ من الأشياءِ ، فنحن نقول: لله وجودٌ ولنا وجودٌ؛ فاشتركنا في أصل الوجودية ؛لكن اختلفنا اختلافًا كثيرًا في هذه الوجودية، فوجودية الله تعالى واجبة ومستحيلٌ عدمُها ،ووجود المخلوق جائزٌ ، وعدمُه ممكنٌ.
وكذلك نقول: البصر إدراك المرئيات؛ المخلوق مشابه للخالق في أصل الصفة ؛ لكنه مُباينٌ له في حقيقة الصفة ، فإن رؤية المخلوق ليست كرؤية الخالق ، وهكذا السمع والرحمة وسائر الصفات .فلهذا كان التعبير بنفي "المماثلة" أولى من التعبير بنفي "المشابهة".

والمقصود أن إثبات الصفات لا يستلزم التمثيل، والمثبِت إذا قيل له إن إثباتك الصفات يستلزم التمثيل ؛ لايلتزم بذلك، لأنه يمكن أن ينفك عنه ؛ فيقول : أنا لم أثبت لله صفة مطلقة حتى يمكن أن تكون مماثلة للصفة المطلقة في المخلوق، ولكن أثبت لله صفة مضافة إليه تليق بجلاله وعظمته، فعندما أقول بأن لله سمعًا وبأن لي سمعًا ، لايمكن أن يقع في ذهني أن سمع الله مماثلٌ لسمعي ، أو أن سمعي مماثلٌ لسمع الله-عزوجل- بل الذي يقع في الذهن أن سمع الله يليق بجلاله عز وجل ، ولايمكن أن يُماثل سمع المخلوقين، وحينئذ لايلزمُني ما ألزمتني به.
وأقول للنافي الذي يقول بأن إثبات الصفات يستلزم التمثيل ، هل تُثبت لله ذاتًا؟
فسيقول : نعم أثبت لله ذاتاً.أقول هل لزم من إثباتك الذات لله أن يكون مماثلاً لذوات المخلوقين ؟ فسيقول : لا.أقول له : فالصفات كذلك، فإذا كنتَ تُثبت للهِ ذاتًا لاتشبه ذوات المخلوقين ؛ لزمك أن تثبت لله صفاتٍ لاتشبه صفات المخلوقين ؛ لأن الصفات تابعةٌ للموصوف .
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
إيش ظهوره؟أنه في الأولى التزم به ؛وفي الثانية ؛نفاه.ففي الأولى نأخذ بلازمِ قوله، وفي الثانية لانأخذ ؛لأنه نفاه.

*المتن*
الحال الثالثة:أن يكون اللازم مسكوتًا عنه،فلا يذكر بالتزام ولا منع،فحكمُه في هذهالحالألا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذُكِرَ له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذُكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم. ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
* الشرح *

إذا كان اللازم مسكوتًا عنه- أي لم يُذكر للقائل فيلتزم به؛ ولم يذكر له فيمنع التلازم ؛ مسكوتًا عنه - فهل يكون هذا اللازم قولاً للقائل أم لا؟
نقول : لايكون قولاً له ؛لأنه يحتمل أنه لو ذُكِرله هذا اللازم لالتزم به ، وإذا التزم به صارقولاً له ، ويُحتمل أنه لو ذكر له لمنع التلازم، وحينئذٍ يبقى على قوله الأول ،ويمنع التلازم فينفي اللازم.
فعندنا احتمالان ؛فعلى الاحتمال الأول يكون من الحالة الأولى، وهي أنه لو ذكر له التزمه وقبله. وعلى الاحتمال الثاني أنه إذا ذكر له لردَّه ومنع التلازم ويكون من الحالة الثانية ،وقد يحتمل معنى ثالثًا ؛ وهو أنه لو ذكِّربه وتبين له هذا اللازم وأنه باطلٌ ؛ فإنه سيرجع عن قوله، فإذا اعترف بأن هذا هو اللازم من قوله وأن هذااللازم باطلٌ ؛لزمه أن يرجع عن قوله، فحينئذٍ لايُمكننا أن نقول بأن هذا اللازم قولٌ له، لأنه ربما إذا تبين له أنه أخطأ ، وأن هذا الخطأ لازمُ قولهِ رجع عن قوله.
وعليه فعندنا ثلاثة احتمالات:
الأول : أن يُذكرله اللازم ؛ فيلتزمُ به؛ وهذا من الحالة الأولى.
الثاني : أن يُذكرله اللازم فيمنع التلازم ، وهذا من الحالة الثانية.
الثالث : أن يُذكرله اللازم ويتبين له أنه لازمٌ وأنه باطلٌ، وحينئذٍ يرجع عن قوله ؛ لأنه تبين له أنه باطلٌ، لأن بُطلان اللازم يدل على بُطلان الملزوم. فلماكانت هذه الاحتمالات واردة في أمرٍمسكوت عنه، فإننا لانقول بأن هذا اللازم قولٌ لهذا القائل.

*المتن*
فإن قيل: إذا كان هذا اللازمُ لازمًا من قوله، لزم أن يكون قولاً له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قُرب التلازم.
قلنا:
هذا مدفوعٌ بأن الإنسانَ بشرٌ، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكيرٍ في لوازمه، ونحو ذلك.


* الشرح *

لوقال قائلٌ :هذا اللازم مسكوتٌ عنه لم يُلزم به القائل، فلم يلتزم به ولم يمتنع عنه ، ولم يرجع عن قوله . وِبناءً على ذلك فنحن نرى أنه لازم، ويجب أن نُضيفه إليه . لأن الإنسان بشرٌ له حالاتٌ نفسية تحولُ بينه وبين التفطن للازم، فقد يقول القول ويكون غافلاً عن لازمه، ولو كان ذاكراً للازمه ربما لايقول هذا القول. وهذا أمرٌ تشاهدونه أنتم بأنفسكم؛ أحياناً يُرجح الإنسان قولاً على قولٍ، ثم بعد التفكير يرى أنه يلزم على هذا القول الذي رجحه معنىً باطلٌ فيعدل عن ترجيحه ، وهذا كثير مايقع.ولذلك ينبغي للإنسان كما قلنا سابقاً أنه ينبغي له ألايُخالف الجمهور إلا إذا علم أن قولهم ليس بصواب ؛ لأن الغالب أن الحق مع الجمهور.
كذلك قلنا فيما سبق: إذا وردت أحاديث صحيحة كالجبال تُعتبرأصولاً في قواعد الإسلام ، فإنه لايَعدِل عنها إلى أحاديث آحادية قد تكون شاذة عند التأمل فيها ؛ حتى يتبين أن هذه الأحاديث الأحادية صحيحة لابد من القول بها ، لأن مُخالفة الأصول التي تعتبر قواعد في الإسلام أمرٌ عظيمٌ ، فلاينبغي للإنسان أن يشذ عنها إلا إذا تيقن .
وهنا نقولُ : إذا كان هذا القول لازماللقول لقائله ، ولزومه واضحٌ ، فإننا مع ذلك لانُلزم به قائله ، ولا نضيفه إليه، لأن الإنسان بشرٌ كما قلتُ ومن الممكن أن يغفل عن اللازم ، ومن الممكن أن يكون في باب المناظرة. وهو باب تحدث فيه مضايقات ، فربما تقول قولاً لأجل أن تتخلص به من ضيق المناظرة ؛ وهذا القول لازمه باطلٌ
والناس في المناظرات ربما أرادوا الخروج من ضيق المناظرة بأقوال ربما لو تأملوها فيما بعد لوجدوها خطأ، فلما كان هذا وارداً على طبيعة البشر لم يكن لنا أن نجعل لازم قول الإنسان قولاً له حتى يُصرح بالتزامِه له.
والخلاصة:أننا لا ننسب لازم القول للقائل إلا إذا التزم به ، ويصح لنا أن نقول : هذا القول يلزمه كذا وكذا ، وهذا اللازم فاسد، ولا يصح أن نقول بأن هذا القول الفاسد هو قول فلان لأنه لازم كلامه .
وفي هذا الباب الذي نحن بصدده وهو باب الأسماء والصفات ، نرى أن بعض الناس يُنكر أن يكون الله تعالى موصوفًا بأي صفةٍ، ويُثبتون الأسماء، ومنهم من يُنكر أن اللهَ موصوفٌ بأي صفةٍ أومُسمىً، فلا يثبتون الصفات ولا الأسماء ؛ لأنهم يقولون :لو أننا أثبتنا لله أسماءً وجودية لزم من ذلك أن يكون مُشابهًا للموجودات.
نقول لهم نحن : ويلزم من قولكم أيضاً أن يكون مُشابهًا للمعدومات، لأن نفي الوجود يستلزم العدم، فإنكاركم الوجود معناه : إثبات العدم وتُشبِيهُه بالمعدومات، وتشبيهه بالمعدومات أنقص من التشبيهه بالموجود . وهذا على فرض أن يكون إثباتُ الوجودِ تشبيهاً.
وأما الغلاة منهم؛ فقالوا: ننفي عنه الوجود والعدم ونقول : ليس بسميع ولاأصم وليس بصير ولاأعمى، وليس بحي ولاميتٍ ، فننفي عنه هذا وذاك، أي ننفي الشيء وضده.
فقال أهل السُنة والجماعة:ماتقولون في الوجود؟
قالوا: نقول :لاموجودٌ ولامعدومٌ.
فقال أهل السنة والجماعة:إذًا شبهتموه بالممتنِعات، لأنه يمتنع أن يكون الشيء لا موجوداً ولامعدوماً إذ أن تقابل الوجود والعدم من باب تقابل النقيضين ،والنقيضان لايجتمعان ولايرتفعان ، فلا يُمكن أن نقول عن شيء: لاموجود ولا معدومٌ ،فإما موجود وإما معدوم .
ربمانقبل منك أن تقول لاحي ولاميت؛ بناءً على اصطلاحِك بأن الحياة والموت إنما يوصف بها من له شعورٌ وإحساسٌ ؛وأن الجدار فهو لاحي ولاميت ؛بِناءً على فهمك ؛ فإن الجمادات قد توصف بأنها حية وميتة فالذين يعبدون الأشجار والأحجار يُقال أنهم يعبدون أمواتاً غير أحياء كما قال في القرآن .
والحاصل أن نقول:إن هؤلاء الذين قالوا إنه يلزم من كذا وكذا وأوغلوا في هذا اللازم وصلوا إلى حدٍ وصفوا الله تعالى فيه بالأشياء الممتنعة، مارأيُكم في الحركة والسكون تقابلهم من باب تقابل النقيضين .لأنهما لايُمكن أن يجتمعا ولا أن يرتفعا يعني:إذا كان الشيء غيرَمتحركٍ فهو ساكنٌ وإن كان متحركًا فهو غير ساكن .
المتن*
القاعدةالخامسة:
أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى"وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"سورة الإسراء، الآية: 36. . وقوله"قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" سورة الأعراف، الآية: 33.. ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكارَ ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص.
* الشرح *
يقول علماءُ أهلِ السُنةِ والجماعةِ :إن أسماءَ اللهِ توقيفية؛ بمعنى أنه يتوقف فيها على ماجاء في الكتاب والسنة لانزيدُ فيها ولانُنقِصُ؛ لأننا إذا زدنا فقد قلنا على الله بلاعلم ، وإن نقصنا كتمنا أوجحدنا ماسمى الله به نفسه. فالواجب علينا أن نقتصرعلى ماجاء به الكتاب والسُنة من أسماء الله- سبحانه وتعالى - و ذلك لثلاث عللٍ:
أولاً: لأن العقل لايمكنه إدراك مايستحقه الله تعالى من الأسماء ، فوجب الوقوف في ذلك على النص، وهذا صحيح نحن لاندرك مايجب لله تعالى من الأسماء؛ ولهذا قال النبي- صلى الله عليه وسلم-:"سُبحانك لا أحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك".
والتسمية بالأسماء من الثناء ، فلا يمكن أن نُدرك مايستحقه الله-عزوجل- من الأسماء ، فوجب علينا أن نتوقف فيما لم يرد به النص.
ثانيًا: دليل آخر قوله تعالى:" وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"سورة الإسراء، الآية: 36
" وَلا تَقْفُ " يعني لاتتبَع، وقد قيل : " قفَّاه يقفوه" إذا جاء على أثره أو على إثره.إذًا فلا يجوزلنا أن نُسمي الله بما لم يُسم به نفسه لأن ذلك مما ليس لنا به علم.وقال-عزوجل-: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" سورة الأعراف، الآية: 33.
الشاهد:قوله تعالى:" وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ".
ثالثًا: ولأن تسمية الله بما لم يُسم به نفسه؛ أوإنكار ماسمى به نفسه –جناية- في حقه تعالى.
أرأيت لو أن شخصًا سمَّاكَ بغير ماتسميتَ به، هل يُعتبر جانٍ عليك؟ نعم لأنه ليس له التسمية ، فالتسمية حق لمن له الحق أن يُسمي ،مثلاً أنا سماني أبي محمد ؛ثم يجيء واحد يقول أنا أسميك علي.سماك أبوك سليمان وجاء واحد قال لا؛انا أسميك سُلَيم.يملك هذا ولا لايملك؟ لايملك.
فالله-عزوجل- له الحق أن يُسمي نفسه بما يشاء، وأما نحنُ فليس من حقنا أن نُسمي اللهَ بما لم يُسم به نفسه ،لأن ذلك جناية في حقه تعالى.وكذلك إنكار ماسمى به نفسه جناية في حقه تعالى ، فالله عز وجل قد سمى نفسه بأسماء وليس من حقنا أن نقول : لن نسميه بها .
وعلى ذلك فالواجب علينا أن نُسمي الله بما سمى به نفسه؛لأن تسمية الله بمالم يسم به نفسه سوء أدب مع الله ،وكذلك إنكار ماسمى به نفسه سوء أدب معه سبحانه .فالواجب علينا سلوك الأدب.
انتهى الشريط الأول هنا=
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-23-2018, 06:35 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
Haedphone

الشريط الثاني

*المـتـن*
القاعدة السادسة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين:
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور "أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"1الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح

وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.
**************
عرض الحديث بخريجه وتحقيقه إضافة من خارج الشريط
1" ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال"اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدًا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي" .إلا أذهب الله عز وجل همه ، وأبدله مكان حزنه فرحا. قالوا :يا رسول الله ! ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال : أجل ! ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1822- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
* الشرح *
أسماء الله ليست محصورة في عددٍ معين؛ لأن من أسماء الله ما استأثر الله بعلمه ، وما استاثر الله بعلمه لايمكن الإحاطة به.
*المـتـن*
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"رواه البخاري، كتاب التوحيد (7392) ومسلم، كتاب الذكر (2677).، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: "إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك.إذن فمعنى الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله: "من أحصاها دخل الجنة" جملةً مكملةً لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
* الشرح *
سبق أن قررنا الآن أن أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين ، فإن قال لنا قائلٌ:بل هي محصورة ؛لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-يقول:"إنَّ للهِ تسعة وتسعين اسمًا مَنْ أحصاها دخل الجنة"فذكر أنها تسعة وتسعون اسمًا ثم عاد واستأنف وقال:"من أحصاها" أي: من أحصى هذه الأسماءُ التسعة ُوالتسعون دخلَ الجنة،وهذا ينقض قولكم بأن أسماء الله غير محصورة!
نقول:هذا لاينقض قولنَا ؛لأننا لسنا نحن الذين قلناه، بل قاله أعلم الناس بربه وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حيثُ قال: "أواستأثرت به في علم الغيب عندك"وحينئذٍ نقول : فلا يُمكن أن يتناقض كلام النبي- صلى الله عليه وسلم-.
فإن قيل : فما الجواب على حديث:" إن لله تسعة وتسعين اسمًا
نقول:الجواب أن للهِ أسماء حسنى ، ومنها تسعة وتسعون اسمًا ؛ ومن أحصى هذا العدد من الأسماء دخل الجنة ، وهذا لايُنافي أن يكون له أسماءٌ أخرى لم تدخل في هذا الحُكم.
ونظيرُ ذلك أن تقول:" عندي مئةُ درهم أعددتها للصدقة " هل معنى ذلك أنه ليس عندك إلا هذه المئة؟ لا.لكن المعنى أن عندي مئة أعددتها لذلك؛ وأن عندي أشياء أخرى ؛ عندي مئات الألوف ؛ماأعددتها للصدقة.
ونظير ذلك أن أقول :"عندي ثوبان أعددتهما للجمعة " هل معناه ليس عندي ثياب غيرهما؟ لا؛ لايلزم,هذا مثلها أيضًا.
ونقول:فقول النبي صلى الله عليه وسلم :"مَنْ أحصاها دخل الجنة"جملة مكملةٌ لما قبلها، أي هذه التسعة والتسعين خُصت بأن من أحصاها دخل الجنة، وليست الجملة الثانية مستقلة عن الأولى كما يتوهم بعض العلماء.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 09:32 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology