ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 11-20-2020, 12:00 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة التاسعة والعشرون:

🔅 {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}
[النساء:45]

📌هذه قاعدة قرآنية عظيمة الصلة بواقع الناس، وازدادت الحاجة إلى التنويه بها في هذا العصر الذي اتسعت فيه وسائل نقل الأخبار، وكثر فيها تكالب الأعداء بصنفيهم: المُعلَن والخفي.

🔅 وإذا كان الله ﷻ يخبرنا هذا الخبر الصادق في هذه القاعدة القرآنية: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ فحري بنا أن نتأمل جيدًا فيمن وصفهم ربنا بأنهم أعداء لنا، فليس أصدق من الله قيلًا، ولا أصدق من الله حديثًا.

⚠️ وعلى رأس أولئك الأعداء:

١- عدوّ الله إبليس، الذي لم يأتِ تحذيرٌ من عدوٍّ كما جاء في التحذير منه، فكم في القرآن من وصفه بأنه عدو مبين! بل إن من أبلغ الآيات وضوحًا في بيان حقيقته وما يجب أن يكون موقفنا منه، هو قوله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾
[فاطر:6]!

٢- الكفار المُحارِبون لنا، ومن كان في حكمهم ممن يريد تبديل ديننا، أو طمس معالم شريعتنا، قال -تعالى-:
﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾
[النساء:101].

قال أهل العلم:
«والمعنى أن العداوة الحاصلة بينكم وبين الكافرين قديمة والآن قد أظهرتم خلافهم في الدين وازدادت عداوتهم وبسبب شدة العداوة أقدموا على محاربتكم وقصد إتلافكم».

❗️فهذا النوع من الكفار حرم الله علينا مودتهم وموالاتهم،

💡ومن كمال الشريعة أنها فرقت بين أنواع الكفار، فقال الله تعالى في نفس سورة الممتحنة -التي حذرنا ربنا فيها من موالاة الصنف السابق-:
﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
[الممتحنة:8-9].

٣- والصنف الثالث الذين نصَّ القرآن على عداوتهم، بل وشدتهم:
هم المنافقون،
الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر؛ قال تعالى:
﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4].

🔅يقول ابن القيم -رحمه الله-:
«وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلّى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر.

وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم، وعموم الابتلاء بهم، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة.

يخرجون عداوته في كل قالب، يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد».

💡إذا تبين هذا، اتضح لنا أهمية تأمل هذه القاعدة القرآنية:
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ ، وأن لا تخدعنا عن معرفة حقائق أعدائنا ظروفٌ استثنائية، أو أحوال خاصة، فإن الذي أخبرنا بهؤلاء الأعداء هو الله الذي خلقهم وخلقنا، ويعلم ما تكنه صدور العالمين أجمعين.

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 11-23-2020, 11:03 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثلاثون:

🔅 * {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}*
[الطلاق:3].

📌هذه قاعدة قرآنية إيمانية تمتد جذورها في قلوب الموحدين، في غابر الزمان وحاضره، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

💡ومعنى هذه القاعدة ظاهر بَيِّن، فإنّها تدل على أن من توكَّل على ربه ومولاه في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، وفعل ما أمر به من الأسباب، مع كمال الثقة بتسهيل ذلك، وتيسيره ﴿فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به.

📍وإنّ التّوكُّل على اللّه مطلوب في كلّ شئون الحياة، بيدَ أنّ هناك مواطن كثيرة وَردَ فيها الحضّ على التّوكّل والأمر به للمصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم والمؤمنين (كطلب النصر، وعند الإعراض عن الأعداء، وعند السلم، وإذا أعرض عنكَ الخَلق.. وغيرها).

⚠️وقبل أن نختم حديثنا عن هذه القاعدة القرآنية: أود أن أنبه إلى ما ذكره العلامة ابن القيم -رحمه الله- مِن أن كثيرًا من المتوكلين يكون مغبونًا في توكله!

وبيان ذلك -كما يقول-: أنك ترى بعض الناس يصرف توكله إلى حاجة جزئية استفرغ فيها قوّة توكله، مع أنه يمكنه نيلها بأيسر شيء، وفي المقابل ينسى أو يغفل عن تفريغ قلبه للتوكل في زيادة الإيمان، والعلم، ونصرة الدين، والتأثير في العالم خيرًا، فهذا توكل العاجز القاصر الهمة!

↵ كما يصرف بعضهم همته وتوكله ودعاءه إلى وجع يمكن مداواته بأدنى شيء، أو جوع يمكن زواله بنصف رغيف، أو نصف درهم، ويدع صرفه إلى نصرة الدين، وقمع المبتدعين، وزيادة الإيمان ومصالح المسلمين.

💡وههنا ملحظ مهم يستفاد من كلامه -رحمه الله-: وهو أن الواحد منا -في حال نشاطه وقوة إيمانه- قد يقع منه نسيان وغفلة عن التوكل على الله؛ اعتمادًا على ما في القلب من قوة ونشاط، وهذا غلط ينبغي التنبه إليه، والحذر منه

اللهم إنا نبرأ من كل حول وقوة إلا من حولك وقوتك، ونعوذ بك أن نوكل إلى أنفسنا طرفة عين.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 11-23-2020 الساعة 11:14 PM
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 11-27-2020, 01:09 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


القاعدة الحادية والثلاثون:

🔅 {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
[النساء:19]

📌هذه قاعدة قرآنية وإيمانية، وثيقة الصلة بواقع الناس الاجتماعي، بل وبأخص تلك العلاقات الاجتماعية.

🔅 ولعظيم موقع هذه المعاني التي دلت عليها هذه القاعدة القرآنية أكّد النبي صلى الله عليه هذه الحقوق في أعظم مجمع عرفته الدنيا في ذلك الوقت؛ حين خطب الناس في يوم عرفة فقال:
(( فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف))
[رواه مسلم]

والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًّا.

💡والمقصود التنبيه على عظيم موقع هذه القاعدة الشرعية، والتي يتألّم المؤمن من كثرة ما يرى من هتك لحرمتها، وعدم مراعاة لحدودها! فترى بعض الرجال لا يحسن إلا حفظ وترديد الآيات والحقوق التي تخصه، ولا يتحدث عن النصوص التي تؤكد حقوق زوجته، فويل للمطففين!

⇦ وفي المقابل فإن على الزوجة أن تتقي الله ﷻ في زوجها، وأن تقوم بحقوقه قدر الطاقة، وأن لا يحملها تقصير زوجها في حقها على مقابلة ذلك بالتقصير في حقه، وعليها أن تصبر وتحتسب.

وبعد: هذه هي نظرة الإسلام العميقة للعلاقة الزوجية، اختصرتْها هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ، وكذلك:
﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾؛

💡فهي علاقة قائمة على المعاشرة بالمعروف، وعلى الصبر على ما قد يبدر من الطرفين من تقصير، فإن كانت العلاقة غير قابلة للاستمرار فيأتي الأمر بالتسريح بالمعروف -أيضًا- الذي يحفظ حق الكرامة لكلا الطرفين؛

◁◁ كلُّ هذا يجعل المؤمن يفخر ويحمد الله على هدايته وانتمائه لهذه الشريعة العظيمة الكاملة من كل وجه، وينظر بعين المقت لتلك الأقلام الدنسة، والدعوات الخبيثة التي تجرّئ المرأة -إذا رأت من زوجها ما تكره-، وتوحي للرجل -إذا رأى من زوجته ما يكره- أن ينحرف قلبه عن مساره الشرعي ليقيم علاقةً محرمةً مع هذه أو ذاك!!

اللهم كما هديتنا لهذه الشريعة فارزقنا العمل بها، والثبات عليها حتى نلقاك.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 12-08-2020 الساعة 05:53 AM
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 12-03-2020, 02:19 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثانية والثلاثون:

🔅 {وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ}
[الحج:47]

📌هذه قاعدة قرآنية إيمانية، وثيقة الصلة بالواقع الذي تعيشه الأمة اليوم بالذات، وهي تعيش هذه التغيرات المتسارعة، والتي خالها البعض خارجةً عن سنن الله تعالى!! وليس الأمر كذلك.


وإذا تقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن هذه القاعدة القرآنية عامة في كل ما وعد الله به؛ إذ لا مُكرِه لربنا جل وعلا، ولا رادَّ لأمره ومشيئته،

⇦ولكن الشأن في تحقق العباد بفعل الأسباب المتعلقة بما وعد الله به.

📍وإذا تقرر عموم هذه القاعدة في الخير والشر، فإنها -بلا ريب- من أعظم ما يجدد الفأل في نفوس أهل الإسلام، في الثبات على دينهم ومنهجهم الحق، بل وتزيدهم يقينًا بما عليه أهل الكفر والملل الباطلة من ضلال وانحراف..

💡 ولو تأملتَ لوجدت أن أضعف الناس يقينًا بموعود الله هم أهل الدنيا، الراكنين إليها، وأقواهم يقينًا هم العلماء الربانيون، وأهل الآخرة، جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه.

◈ والمؤمن ليس من شأنه أن يقترح أجلًا لإهلاك الكفار، أو موعدًا لنصر الإسلام، أو غير ذلك من الوعود التي يقرأها في النصوص الشرعية،

⇦ولكن من شأنه أن يسعى في نصرة دينه بما يستطيع، وأن لا يظل ينتظر مضي السنن؛ فإن الله لم يتعبدنا بهذا، وعليه أن يفتش في مقدار تحققه بالشروط التي ربطت بها تلك الوعود، فإذا قرأ -مثلًا- قول الله ﷻ:
*﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد:7]
فعليه هنا أن يفتش عن أسباب النصر التي أمر الله بها: هل تحققت فيه فردًا أو في الأمة على سبيل المجموع؛ ليدرك الجواب على هذا السؤال: لماذا لا تنتصر الأمة على أعدائها؟!

🔆 ولعلنا نختم هذه القاعدة بهذه اللطيفة المتصلة بها: ذلك أن هذه القاعدة تضمنت تمدّح الله بهذا، وثناءه على نفسه، ويتضح لك هذا المعنى إذا قرأت ما حكاه الله تعالى عن إبليس -وهو يخطب في حزبه وأوليائه في جهنم- حيث يقول: *﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾ * [سورة إبراهيم:22]

فسبحان مَنْ تمدح بالكمال وهو أهلٌ له، وسبحان من وعد فأوفى، ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾ [التوبة:١١١]؟


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 12-05-2020, 01:55 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثالثة والثلاثون:

🔅 {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77]

📌هذه قاعدة قرآنية، وضوابط شرعية في مسألة حدث ولا زال يحدث فيها الخلل؛ بسبب القصور أو التقصير في تلمُّس الهدي القرآني في تطبيقها، وهي ميزانٌ عظيم في التعامل مع المال، الذي هو مما استخلف الله العباد عليه، ولهذا سيسألهم يوم القيامة عنه سؤالين: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟

🌟 إنّ من أعظم مزايا هذا الدين ومحاسنه، أنه دين يدعو إلى التوازن في كل شيء، من غير إفراط ولا تفريط، ولا غلوٍّ ولا جفاء -في أمر الدين أو الدنيا- وهذا ما تقرّره هذه القاعدة بوضوح وجلاء.

💡ولو تأمّلنا هذه الآية لوجدنا ترتيب الكلام فيها كأنه عقد نُظِمَ كأحسن ما يكون النَّظم، فهي قد اشتملت على
أربعة وصايا عظيمة، أحوجُ الناس إليها -في هذا المقام- هم أرباب الأموال، فلنتأملها جميعًا:

🔹الأولى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ فإنّ الآخرة هي المستقبل الذي يجب على كلّ عاقل أن يسعى للنجاة فيها، وأن يجعل حاضره من الدنيا تمهيدًا لها، وأن يجعل سعيه في حياته غراسًا ليوم الحصاد.

🔹الثانية: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾؛ والنهي فيها على سبيل الإباحة، والمعنى: لا نلومُك على أن تأخذ نصيبك من الدنيا، وهذا احتراس في الموعظة خشيةَ نفور الموعوظ من موعظة الواعظ؛ لأنّهم لما قالوا لقارون: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ أوهموا أن يترك حظوظ الدنيا فلا يستعمل ماله إلا في القربات، قال قتادة: نصيب الدنيا هو الحلال كله.

🔹الوصية الثالثة: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾؛ وهذا يتّفق تمامًا مع العقل والشرع، قال الله -تعالى-: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:٦٠]

💡والإحسان داخل في عموم ابتغاء الدار الآخرة ولكنه ذكر هنا ليبني عليه الاحتجاج بقوله: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، والكاف للتشبيه، أي: كإحسان الله إليك، أي: كما تحبّ أن يحسن إليك ربك، ويدوم إحسانه؛ فلا تقطع إحسانك عن خلقه، وإلا فالله غني عن العالمين.

🔹ورابع هذه الوصايا في هذه القاعدة: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾؛ ⇦للتحذير من خلط الإحسان بالفساد فإنّ الفساد ضد الإحسان،

وجملة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ علة للنهي عن الإفساد؛ لأنّ العمل الذي لا يحبه الله لا يجوز لعباده عمله.

🔅وبعد هذا التطواف السريع في ظلال هذه القاعدة القرآنية الجليلة: يتبين لنا بوضوحٍ أن هذا القرآن -كما قال منزله ﷻ-: ﴿يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء:٩]، وأنه ما من قضية يحتاجها الناس إلا وحكمها في كتاب الله، ولكن أين المتدبرون، والناهلون من هذا المعين الذي لا ينضب؟!

اللهم إنا نسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضاء بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 12-25-2020 الساعة 02:38 AM
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 12-08-2020, 05:10 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الرابعة والثلاثون:

🔅 {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]

📌هذه قاعدة قرآنية عقدية، نزلت قبل أربعة عشر قرنًا، ولا تزال معانيها تتجدد لأهل الإسلام في كل زمان.

💬 يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله-:

«وليست اليهود -يا محمد- ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبِل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق؛ فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم، ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم...

وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجميع الخلق إلى الألفة عليه سبيل».

⚠️وتأمَّل ما تضمّنته تتمة هذه القاعدة من وعيد عظيم لمن اتبع أهواءهم، ولمن هذا الوعيد العظيم؟! لمحمد صلى الله عليه وسلم ! مع أنه لا يمكن أن يقع منه شيء من ذلك بعصمة الله له.

قال تعالى في تتمة هذه القاعدة المحكمة: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة:١٢٠].

يقول ابن جرير -رحمه الله- في تتمة تعليقه على هذه الآية:

«يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ هوى هؤلاء اليهود والنصارى -فيما يرضيهم عنك- من تهوُّدٍ وتنصُّر، فصِرتَ من ذلك إلى إرضائهم، ووافقتَ فيه محبتهم -من بعد الذي جاءك من العلم بضلالتهم وكفرهم بربهم، ومن بعد الذي اقتصصت عليك من نبئهم في هذه السورة-؛ ﴿مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ يعني بذلك: ليس لك من وليٍّ يلي أمرك، وقيِّم يقوم به ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ ينصرك من الله، فيدفع عنك ما ينزل بك من عقوبته، ويمنعك من ذلك، إن أحل بك ذلك ربك».

❗️فإذا كان هذا الكلام موجهًا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فمَنِ الناسُ بعده؟!

❗️ومع وضوح هذا النص القرآني المحكم، فإنك لتتألم من تشكيك بعض المسلمين بهذه الحقيقة، وهذا التشكيك يأخذ صورًا شتى، تبدأ من التشكيك في كون هؤلاء كفارًا أصلًا! وتنتهي عند المطالبة بالتماهي والاندماج التام معهم، في مسخ واضح لأصل من الأصول الكبار، ألا وهو الولاء والبراء!

🔻ولم يفرق هؤلاء بين ما يصلح أن يؤخذ منهم، ويستفاد منه في أمور الدنيا، وبين اعتزاز المؤمن بدينه، وتمايزه بعقيدته!

▪️لقد غرّ بعض هؤلاء المتحدّثين كونُهُم يتعاملون مع بعض الأفراد من اليهود والنصارى فلا يجدون منهم إلا تعاملًا جيدًا -كما يقولون- وهذا قد يقع، ولكنه لا يمكن أبدًا أن يكون قاضيًا على هذا الخبر المُحكَم من كلام ربنا،

💡ذلك أن العلاقة الفردية قد يشوبها من المصالح، أو تكون حالات استثنائية، فإذا جدّ الجِدّ، ظهرت أخلاقهم على الحقيقة، ومن له أدنى بصر أو بصيرة أدرك ما فعلته الحروب الصليبية التي غزت بلاد الشام قبل وبعد صلاح الدين! وما فعله إخوانهم وأبناؤهم في فلسطين والعراق، وما حرب غزة الأخيرة إلا أكبر شاهد، ولا ينكره إلا من طمس الله بصيرته عياذًا بالله!

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه الذي ارتضاه لنا، وأن يعيذنا من الحور بعد الكور.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 12-19-2020 الساعة 12:57 AM
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 12-12-2020, 03:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية
القاعدة الخامسة والثلاثون:

🔅 * {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ...}* [البقرة:186]

📌هذه قاعدة قرآنية إيمانية، لها صلة عظيمة بعبادة من أعظم العبادات، ألا وهي عبادة الدعاء.

🔅وتأمل في قوله: ﴿عِبَادِي﴾ فكم في هذا اللفظ من الرأفة بالعباد؛ حيث أضافهم إلى نفسه العليّة سبحانه وبحمده، فأين الداعون؟ وأين الطارقون لأبواب فضله؟!

🔅 وقوله: ﴿فإني قريب﴾ فيه إثبات قربه من عباده جل وعلا، وهو قربٌ خاص بمن يعبده ويدعوه، وهو من أعظم ما يدفع المؤمن للنشاط في دعاء مولاه.

🔅وفي قوله: ﴿أُجِيبُ﴾ ما يدل على قدرة الله وكمال سمعه، وهذا ما لا يقدر عليه أي أحد إلا هو سبحانه!

🔅وقوله: ﴿إِذَا دَعَانِ﴾ فيه إشارة إلى أن من شرط إجابة الدعاء أن يكون الداعي حاضر القلب حينما يدعو ربه، وصادقًا في دعوة مولاه، بحيث يكون مخلصًا مشعرًا نفسه بالافتقار إلى ربه، ومشعرًا نفسه بكرم الله، وجوده.

💡ومن هدايات هذه القاعدة ودلالتها: أن الله تعالى يجيب دعوة الداع إذا دعاه؛ ولا يلزم من ذلك أن يجيب مسألته؛ لأنه تعالى قد يؤخر إجابة المسألة ليزداد الداعي تضرعًا إلى الله، وإلحاحًا في الدعاء؛ فيقوى بذلك إيمانه، ويزداد ثوابه؛ أو يدّخره له يوم القيامة؛ أو يدفع عنه من السوء ما هو أعظم فائدة للداعي.

🌟 وتاج هذه اللطائف المتصلة بهذه القاعدة من قواعد العبادة أنك تلحظ فيها سرًا من أسرار عظمة هذا الدين، وهو التوحيد، فهذا ربك -أيها المؤمن- وهو ملك الملوك، القهار الجبار، الذي لا يشبه مُلْكَه مُلكٌ، ولا سُلْطَانَه سلطانٌ- لا تحتاج إذا أردتَ دعاءه إلى مواعيد، ولا إلى أذونات، ولا شيء من ذلك،

🔻إنما هو رفع اليدين، مع قلبٍ صادق، وتسأل حاجتك، فيا لها من نعمة لا يعرف قدرها إلا الموفق، وإلا الذي يرى ما وقع فيه كثير من جُهّال المسلمين من التوسُّل بالأولياء والصالحين، أو ظنّهم أن الدعاء لا يُقبل إلا من طريق الولي الفلاني أو السيد الفلاني!!

💡ومن هدايات هذه القاعدة -المتعلقة بسياقها-: استحباب الدعاء عند الفطر في رمضان وغيره، ووجه الدلالة من الآيات على هذا المعنى: أن الله تعالى ذكر هذه الآية -آية الدعاء- بُعَيْد آيات الصيام وقبيل آية إباحة الرفث في ليل الصيام.

فما أجمل العبد وهو يظهر فقره وعبوديته بدعاء مولاه، والانكسار بين يدي خالقه ورازقه، ومَنْ ناصيته بيده!

وما أسعده حينما يهتبل (يغتنم) أوقات الإجابة ليناجي ربه، ويسأله من واسع فضله في خيري الدنيا والآخرة!

نسأل الله تعالى أن يرزقنا صدق اللجأ إليه، والانطراح بين يديه، وكمال التضرع له، وقوة التوكل عليه، وأن لا يخيب رجاءنا فيه، ولا يردنا خائبين بسبب ذنوبنا وتقصيرنا.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 12-19-2020, 12:43 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة السادسة والثلاثون:

🔅 {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]

هذه قاعدة شرعية من أعظم القواعد الشرعية التي يفزع إليها العلماء في فتاواهم.

📍ولما كانت التقوى قد يعرض لصاحبها التقصير في إقامتها حرصًا على إرضاء شهوة النفس؛ زيد تأكيدُ الأمر بالتقوى بقوله: ﴿مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ أي: مدَّةَ استطاعتكم؛ ليعمَّ الأزمان كلها، ويعمَّ الأحوال تبعًا لعموم الأزمان ويعمّ الاستطاعات، فلا يتخلوا عن التقوى في شيء من الأزمان،

وجعلت الأزمان ظرفًا للاستطاعة لئلا يقصروا بالتفريط في شيءٍ يستطيعونه فيما أمروا بالتقوى في شأنه ما لم يخرج عن حدّ الاستطاعة إلى حدّ المشقة،

💡فليس في قوله: ﴿مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ تخفيف ولا تشديد، ولكنه عَدل وإنصافٌ، ففيه ما عليهم وفيه ما لهم.

▫️وبعد هذا العرض المجمل لمعنى القاعدة، يتبين أن هذا القدر من التقوى هو الواجب على العبد فعله -وهو تقوى الله ما استطاع-،

▫️أما التقوى التي يستحقها الله -تعالى-، فهي التي جاءت في قوله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]، وهي التي فسَّرها جمع من السلف بقوله: أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، وبهذا الجمع يتبين أنه لا يصح قول من قال: إن هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ناسخة لآية آل عمران: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ .

ولعلنا نأخذ بعض الأمثلة التي تجلي هذه القاعدة:

١- روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟! فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو قلتُ: نعم لوجبت! ولما استطعتم»!

ثم قال: «ذروني ما تركتكم! فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافِهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه».

٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة أنه: إذا اجتمعت مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالًا لأمر الله تعالى فيهما؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ، وإن تعذَّر الدرء والتحصيل؛ فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة؛ درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة، قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ حرمهما لأن مفسدتهما أكبر من منفعتهما.

٣- أن الواجب عند إرادة الصلاة: التطهُّر بالماء، فإن عدم أو تعذر استعماله، فإن الإنسان ينتقل إلى التيمم كما هو معلوم.

٤- أن صلاة الفريضة الأصل فيها أن يؤديها المصلي قائمًا، فإن عجز صلى جالسًا، وإلا صلى قاعدًا، كما دلّ على ذلك حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-، ويدخل في ذلك جميع شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.

٥- وفي الصيام يجب على المسلم أن يمسك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإن كان الصيام يشق عليه أفطر وانتقل إلى الإطعام.

٦- ومن تطبيقات هذه القاعدة العظيمة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن المكلف يجب عليه أنه ينكر باليد إذا قدر عليه، فإن عجز فباللسان، وإلا فبالقلب؛ كما دل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المخرج في الصحيح.

٧- وفي باب النفقات: فإن من عليه نفقةٌ واجبة، وعجز عن جميعها، بدأ بزوجته فرقيقه، فالولد، فالوالدين، فالأقرب ثم الأقرب، وكذلك زكاة الفطر.

💡 وبما سبق من أمثلة يتجلى لنا عظيم موقع هذه القاعدة من هذا الشرع المطهر، الذي مبناه على اليسر والسعة، فنسأل الله تعالى الذي هدانا لهذا الدين القويم، أن يثبتنا عليه حتى نلقاه، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والبصيرة فيه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 12-19-2020 الساعة 01:00 AM
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 12-22-2020, 04:29 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


القاعدة السابعة والثلاثون:

🔅 {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:112]


📌هذه قاعدة قرآنية عظيمة تضم كلمات جامعة، وتمثل أصلًا من أصول الوصايا القرآنية.

💡ولنا مع هذه القاعدة عدّة وقفات:

📍 الوقفة الأولى:

ما حقيقة الاستقامة؟ وما سرّ هذا الأمر الصريح له -ﷺ- ولأتباعه بلزوم الاستقامة؟

▫️أما حقيقة الاستقامة فهي سلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها.

▫️وأمّا عن سر هذا الأمر الصريح للنبي ﷺ ولصحابته بالاستقامة، فإن الجواب عن هذا يطول جدًّا، لكن من أجلى ما يوضح ذلك: أن يعلم المؤمن أنَّ أعظم غرض يريده الشيطان من بني آدم هو إضلالهم عن طريق الاستقامة، ألم يقل عدو الله: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف:16]؟!

ولهذا أُمرنا أن نكرر في اليوم والليلة 17 مرة على أقل تقدير قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة:6]، فاللهم اهدنا الصراط المستقيم، وثبتنا عليه يا رب العالمين.

📍 الوقفة الثانية مع هذه القاعدة:

هذا الأمر للنبي ﷺ بالاستقامة هو أمرٌ بالثبات على الاستقامة، ولغيره أمر بها وبالثبات عليها.

📍 الوقفة الثالثة، مع هذه القاعدة:

إنَّ مَن تأمل هذا الأمر الإلهيّ للنبي ﷺ؛ تبيَّن له عظم وخطورة هذا الأمر (أعني الاستقامة والثبات على الدين)...

📍الوقفة الرابعة مع هذه القاعدة:

أنّ الإنسان مهما بلغ من التقوى والإيمان، فهو بحاجة ماسّة إلى التذكير بما يُثَبِّتُه، ويزيد استقامته، ولو كان مستغنيًا عن ذلك؛ لكان نبينا ﷺ أولى الناس بهذا.

📍الوقفة الخامسة مع هذه القاعدة:

أن يعلم المؤمن أن أعظم مدارج الاستقامة هي استقامة القلب، فإن استقامته ستؤثر على بقية الجوارح -ولا بد-.

💬 قال ابن رجب -رحمه الله-:

«فأصلُ الاستقامةِ استقامةُ القلب على التوحيد، كما فسر أبو بكر الصِّديق وغيرُه قولَه ﷻ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ بأنَّهم لم يلتفتوا إلى غيره، فمتى استقام القلبُ على معرفةِ الله، وعلى خشيته، وإجلاله، ومهابته، ومحبته، وإرادته، ورجائه ودعائه، والتوكُّلِ عليه، والإعراض عما سواه؛ استقامت الجوارحُ كلُّها على طاعته، فإنَّ القلبَ هو ملكُ الأعضاء، وهي جنودهُ، فإذا استقامَ الملك، استقامت جنودُه ورعاياه…

وأعظم ما يُراعى استقامتُه -بعدَ القلبِ مِنَ الجوارح-: اللسانُ؛ فإنَّه ترجمانُ القلب والمعبِّرُ عنه».

💡 ومن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة.

نسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجعلنا ممن استقام ظاهره وباطنه على ما يحبه ويرضاه، وأن يثبتنا على الإسلام والسنة حتى نلقاه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".


ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 12-23-2020, 03:04 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثامنة والثلاثون

🔅 ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة:7،8]

📌هذه قاعدة قرآنية، وكلمات جامعة تُمثِّلُ أصلًا من أصول العدل، والجزاء والحساب.

وفي السنة الصحيحة من الأمثال والقصص ما يبين بجلاء معنى هذه القاعدة العظيمة، ولعلّي أكتفي في هذا المقام بهذين الحديثين اللذين لن تتضح الصورة إلا بهما جميعًا:

🔅أما الحديث الأول فهو قوله ﷺ: "بينما كلب يطيف بركية -بئر- قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت مُوقَها -خُفَّها- فاستقت له به، فسقته إياه فغُفر لها به" [رواه مسلم]

🔅وأما الحديث الآخر فهو الحديث المتفق عليه، الذي يخبر فيه النبي ﷺ عن امرأة دخلت النار في هرة، ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت هزلًا.

💬 وقد عقّب الإمام الكبير محمد بن شهاب الزهري -بعد ما روى حديث الهرة-: «ذلك لئلا يتّكل رجل، ولا ييأس رجل»، وهذا هو الشاهد الذي ينبغي أن نتأمله ههنا؛

💡فتأمل - أيها المؤمن - كيف جاء هذان الحديثان ليفسرا لنا عمليًا هذه القاعدة، فتلك المرأة التي لم يذكرها النبي ﷺ بأنها عابدة! أو صائمة! بل لم يذكرها إلا بالبغاء! ومع هذا فقد نفعها هذا العمل! وأي عملٍ هو؟ إنه سقي حيوان من أنجس الحيوانات (الكلب)! ولكن الرب الرحيم الكريم لا تضيع عنده حسنة، بل كما قال ﷻ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:٤٠].

وفي الحديث الثاني: لم يذكر النبي ﷺ سببًا أدخلها النار غير حبسها لحيوان صغير لا يؤبَه له!

💡كل هذا ليتحقق المؤمن معنى هذه القاعدة المحكمة، وبه يتبين دقة كلام الإمام الزهري: حين علق على هذا الحديث بقوله الآنف الذكر: «ذلك لئلا يتكل رجل، ولا ييأس رجل».

📍إن من أعظم توفيق الله تعالى لعبده أن يعظّم الله، ومن أظهر صور تعظيم الرب جل وعلا: تعظيم أمره ونهيه، وإجلال الله ﷻ وتوقيره، فلا يحقرن صغيرةً من الذنوب مهما صغر الذنب في عينه؛ لأن الذي عُصِي هو الله ﷻ،

💬 كما قال بلال بن سعد -رحمه الله-: «لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر مَنْ عصيت».

🔅ولهذا لما قالت عائشة للنبي ﷺ: حسبك من صفية كذا وكذا! -تعني قصيرة-؛ فقال: "لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". [رواه أبو داود والترمذي وصححه].

▫️وأما عدم زهد المؤمن في أي عمل صالح -وإن ظنّه صغيرًا- فلأنه لا يدري ما العمل الذي يدخله الجنة؟!

🔅قال ﷺ: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» [رواه مسلم]

🔅ولما سأل أبو برزة نبينا ﷺ فقال: يا نبي الله! علمني شيئا أنتفع به! قال: «اعزل الأذى عن طريق المسلمين» [رواه مسلم].

💡فتأمل -يا عبد الله- كم يحتقر كثير من الناس أمثال هذه الأعمال اليسيرة!

▫️ولو أردتَ أن تفتش في حياتنا اليومية لوجدت فيها عشرات الأمثلة من الأعمال اليسيرة، التي لو جمعت لشكلت سيلًا من الحسنات، دمعة يتيم تمسحها، أو جوعة فقير تسدها، أو مساعدة عاجز، أو ابتسامة في وجه مسلم، في عدد من الأعمال لا يمكن حصرها، فما أحرانا أن نكون سباقين إلى كل خير، وإن دق في أعيننا، متذكرين هذه القاعدة العظيمة.

نسأل الله تعالى أن يضاعف لنا الحسنات، وأن يتجاوز عن السيئات، وأن ييسر لنا الخير، ويعيذنا من موارد الشر.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 11:10 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology