ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2018, 02:36 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
دورة تيسير القواعد الفقهية

دورة تيسير القواعد الفقهية

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ
.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-01-2018, 02:38 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

أما بعد:
فإن من نعم الله - عز وجل - علينا أن هيأ لنا أسباب طلب العلم الشرعي، الذي نتقرب به إلى الله - عز وجل - فإن أفضل نعمة ينعم الله بها على العباد في الدنيا: الدخول في دين الإسلام والالتزام بشرائعه، وإن من شرائع هذا الدين: طلب العلم الشرعي؛ فهو قربة لله - عز وجل - وهو أيضًا وسيلة من وسائل التقرب إلى الله - عز وجل - فهو غاية في نفسه، ووسيلة للتقرب إلى الله في غيره من الأعمال، فإنه لا يُتصور أن يتقرب العبد إلى ربه - عز وجل - إلا بالعلم الشرعي.فكيف نصلي دون أن نتعلم كيف نصلي وهكذا.
وإن من فضل الله علينا أن جعلنا نتذاكر في مثل هذه المجالس العلمية، التي هي أفضل ما في الدنيا وأبرك ما فيها، والسعادة تحصل في مثل هذه المجالس وإنه -والله ثم والله- لا يوجد أحد أسعد من طالب علم، يبذل وقته في طلب العلم، يتقرب بذلك إلى الله - عز وجل -

وحديثنا في هذه الدورة، عن القواعد الفقهية، وأود أن أقدم بمقدمة عن علم القواعد الفقهية بحيث نتناول تاريخ هذا العلم ، فالمتأمل في سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد أن هناك عددًا من الأحاديث النبوية قد اختصرت ألفاظها، ودلت على معانٍ عديدة، وأحكام متعددة، فيدلنا هذا على مبدأ قواعد الفقه.
=صححه الشيخ الألباني " لا ضَرَرَ ، ولا ضِرارَ"الراوي : عبدالله بن عباس و عبادة بن الصامت -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 7517 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ الْخُدْرِيّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ -راجع رقم: 2341، وَالدَّارَقُطْنِيّ :رقم: 4/228، وَغَيْرُهُمَا مُسْنَدًا. وَرَوَاهُ مَالِكٌ :2/746- فِي "الْمُوَطَّإِ" عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْسَلًا، فَأَسْقَطَ أَبَا سَعِيدٍ، وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًاالألوكة -.
ثم إن الشريعة قد دلت على معناه بعموم أدلتها الأخرى.
- ومن ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - المختصرة التي أخذ منها قواعد فقهية قوله - صلى الله عليه وسلم - " الخَراجُ بالضَّمانِ "
- أنَّ رجلًا اشترى عبدًا فاستغلَّهُ ثمَّ وجدَ بِه عيبًا فردَّهُ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ قدِ استغلَّ غلامي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الخَراجُ بالضَّمانِ"
الراوي : عائشة أم المؤمنين -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم 1836 خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر -
معنى الحديث: أنَّ مَن ابتاعَ أرضًا فاستعملها، أو ماشيةً فنَتَجها، أو دابَّةً فرَكِبَها، أو دارًا فسَكَنَها أو أجَّرها، فأَخَذَ غَلَّتها ثمَّ وَجَدَ بها عيبًا قديمًا دلَّسَهُ البائعُ عليه أو لم يُعَرِّفه به؛ فله أَنْ يردَّها إلى بائعها ويَسْتَرِدَّ ثمنَها ولا شيءَ عليه فيما انتفع به، لأنها لو تَلِفَتْ بين مدَّةِ العقد والفسخِ لَكانَتْ مِن ضمانِ المشتري؛ فوَجَبَ أَنْ يكون الخَراجُ له تحقيقًا للعدل ورفعًا للظلم، وهذا ما اقتضَتْه حكمةُ الشارعِ في أَنْ يجعل مِلْكَ الخَراجِ بضمانِ الأصل، ليكون الغُنْمُ في مُقابَلة الغُرْمِ-هنا.
ومن الألفاظ الجامعة :
"إن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضى، أن اليمينَ على المدَّعَى عليه"الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 2514 - خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر -

هذا الحديثُ يتضمَّنُ أصلًا كبيرًا في القضاءِ، وهو أنَّ اليمينَ على المدَّعَى عليه، كما أنَّ البيِّنَةَ على المدَّعِي، وبيانُ ذلك لوِ اختصمَ رَجلانِ وادَّعى أحدُهما أنَّ له على الآخَرِ مالًا، فهذا الرَّجلُ المدِّعِي إنَّما يجُب عليه البيِّنةُ، فإذا لم يأتِ بِالبيِّنةِ، فإنَّ الرَّجلَ الآخَرَ وهو المدَّعَى عليه ليس عليه إلَّا اليمينُ، فيحلِفُ على خِلافِ ما ادَّعاهُ عليه المدَّعِي.
والحِكمةُ في كونِ البينَّةِ على المدِّعِي واليمينِ على المَّدَّعَى عليه: أنَّ جانِبَ المدِّعِي ضعيفٌ؛ لأنَّه يقولُ خِلافَ الظَّاهرِ، فكُلِّف الحجَّةَ القوِيَّةَ وهي البيِّنةُ وهي لا تَجلِبُ لِنفسِها نفعًا ولا تدفعُ عنها ضررًا فيقوَّى بها ضَعْفُ المدَّعِي، وجانِبُ المدَّعى عليه قويٌّ؛ لأنَّ الأصلَ فراغُ ذمَّتِه، فاكْتُفِيَ فيه بِحُجَّةٍ ضعيفةٍ وهي اليمينُ؛ لأنَّ الحالِفَ يَجلِبُ لِنفسِه النَّفعَ ويَدفعُ الضَّررَ، فكانَ ذلك في غايةِ الحِكمةِ.الدرر .

ثم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وردت ألفاظ رشيقة عن الأئمة من الصحابة، فمن بعدهم من التابعين فيها اختصار في الألفاظ، وشمول في المعاني والأحكام.
ومن ذلك قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه :
قَالَ عُمَرُ : مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ
الراوي : - - المحدث : الألباني -المصدر : إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم- 1891 خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر -
أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا في موضعين ؛ الأول : بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ .
والثاني : بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ .
ووصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق فقال في الموضع الأول 3 / 408.
ثم بعد عصور الصحابة والتابعين، وبعد أن جاء عصر التدوين نجد أن الواحد من العلماء يعلل الأحكام الفقهية التي يطلقها بعلل تجمع أحكامًا فقهية من أبواب شتى، فأخذ من تلك التعليلات قواعد فقهية.
*الفرق بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية يظهر من خلال عدد من الأمور :
الأمر الأول: أن القاعدة الأصولية توجد أولًا ، ثم يستخرج الحكم الفقهي، ثم بعد ذلك تجمع الأحكام الفقهية المتشابهة، فيؤلف منها قاعدة فقهية.
الفرق الثاني: أن القاعدة الأصولية لا يمكن أن يؤخذ منها الحكم الفقهي مباشرة، بل لا بد أن يكون معها دليل تفصيلي، مثال ذلك قاعدة الأمر للوجوب، هل تأخذ منها وجوب أي فعل من الأفعال؟ لا يمكن حتى تضيف إليها دليلًا تفصيليًا مثل قوله تعالى " أَقِيمُوا الصَّلَاةَ " سورة الأنعام آية : 72. "الأمر للوجوب إلا لصارف" إذا صرفه صارف من الوجوب إلى معنى آخر كالاستحباب، أو نحو ذلك. من الفروق، بينما القاعدة الفقهية يمكن أن نأخذ منها حكمًا مباشرة، مثال ذلك: قاعدة الأمور بمقاصدها، نأخذ منها أن النية واجبة للصلاة وللوضوء، هذه قاعدة فقهية أخذنا منها الحكم مباشرة.
*الفرق بين القاعدة وبين الضابط:
=القاعدة الفقهية تكون مما يدخل في أبواب عديدة، فالقاعدة الفقهية لها فروع في أبواب فقهية متعددة، مثال ذلك: قاعدة الأمور بمقاصدها نأخذ منها وجوب الصلاة في باب الصلاة، ونأخذ منها في البيع أن المقاصد معتبرة.
، بينما الضوابط الفقهية تكون خاصة بباب واحد؛ مثال ذلك: قاعدة أن ما جاز في الفريضة من الصلوات جاز في النفل، فهذا ضابط فقهي متعلق بالأبواب- أبواب النوافل، نوافل الصلوات، ومثله ضابط كل زوج يلاعن، يعني أنه يحق لأي زوج من الأزواج إذا اتهم زوجته بالزنا أن يلاعنها، فهذا ضابط فقهي يختص بباب واحد.
=الفرق الثاني بين القاعدة الفقهية والضابط: أن
القاعدة الفقهية فيها إشارة لمأخذ الحكم ودليل الحكم، فقولنا: الأمور بمقاصدها فيه إشارة لمأخذ الحكم، وهو الدليل الوارد في ذلك إنما الأعمال بالنيات، كما رواه الشيخان من حديث عمر بن الخطاب، بينما الضابط الفقهي لا يشير إلى مأخذ المسألة ودليلها.
إذا تقرر ذلك
، فما هي القاعدة الفقهية؟ القاعدة الفقهية يراد بها حكم كلي فقهي ينطبق على جزئيات عديدة من أبواب مختلفة، فقيل: حكم؛ لأن الحكم يراد به إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه، في القاعدة الفقهية إثبات، أو نفي، وقيل: كلي؛ لإبعاد الأحكام الجزئية أحكام الفقه الخاصة بمسألة واحدة، فهذه ليست من القواعد الفقهية،، وقيل في التعريف: كلي، ولم يقل: أغلبي مع أن كثيرًا من القواعد الفقهية لها مستثنيات بسبب أن لفظ القاعدة في ذاته كلي، وإنما الأغلبية بحسب الجزئيات الداخلة في القاعدة، فعندما أقول: المشقة تجلب التيسير، المشقة هذا حكم كلي، وليس حكما جزئيًا، فلم أقل: أغلب المشقة تجلب التيسير. وكون بعض الفروع لا يدخل في القاعدة ليس معناه أن حكم القاعدة في ذاته ليس حكمًا كليًّا، بل هو حكم كلي.
=فيكفي في القاعدة حتى تكون قاعدة أن تنطبق على ما يزيد على النصف، تشمل ستين بالمائة من الجزئيات، فإذا تفوقت قليلاً سبعين بالمائة، ثمانين بالمائة، تسعين بالمائة، لكن مائة بالمائة هذا لا يكاد يوجد إلا في مثل قواعد الحساب، وبعض القواعد العقلية، أو بعض قواعد اللغة العربية، وإلا فالقواعد في الفقه، والقواعد في التفسير، والقواعد الأصولية، وما إلى ذلك، عامة هذه القواعد لها استثناءات.
وقيل: فقهي؛ لإخراج القواعد الكلية الواردة في العلوم الأخرى مثل قواعد النحو وقواعد الحساب- الفاعل مرفوع، والاثنان مع الاثنين يكون أربعة، ونحو ذلك.
=ممن اعتنى بعلم القواعد الفقهية، وألف فيه المؤلفات: الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-، وله مؤلفاتعديدة في هذا العلم منها: كتاب "منظومة القواعد الفقهية وشرحها"، وهو الذي بين أيدينا، وسنتناوله بالشرح والإيضاح بإذن الله - عز وجل - .
*المنظومات في القواعد الفقهية :
لقد نظم بعض العلماء ، جملة من القواعد الفقهية ، وصاغوها في قالبٍ شِعريٍّ ، رغبةً في تسهيل حفظِها وتيسير دراستها ، وذلك لأن الأسلوب الشعري أسرعُ عُلوقًا بالذهن ، وأطولُ بقاءً في الذاكرة ، وذلك بسبب الوزن والقافية ، والإيجاز الذي تتصف به هذه المنظومات .
ومن آثار الالتزام بالوزن والقافية : أن قواعد العلوم لا تُذكر في المنظومات غالبًا بصيغها المعهودة ، والمتداولة بين أهلِ الاختصاص ، وهي صيغ دقيقة ، وعبارات مُحْكمة في الغالب . ومن آثار هذا أيضًا عدم الالتزام أحيانًا بقواعد اللغة العربية ، وذلك لضبط الوزن ، وهذا متعارف عليه بين الناظمين ومعفو عنه ، ولكن ينبه عليه . القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
وتتابعت المصنفات جيلاً بعد جيلٍ ، ورعيلاً بعد رعيلٍ .
وكان آخر ما أُلِّف في ذلك " منظومة القواعد الفقهية " للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ . ضمَّنها طائفة من مختاراته في القواعد والضوابط . وقد احتوت على أمهات قواعد الدين ، وهي وإن كانت قليلة الألفاظ ، فهي كثيرة المعاني لمن تأملها ، ومن ثَمَّ كانت عناية المتأخرين بهذا النظم دراسة وحفظًا وتفهُّما وضبطًا .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 9 / بتصرف .
*التعريف بالنَّظْمِ المختار :
هي منظومة موجزة تتكون من 47 بيتًا على بحر الرَّجَزِ ، ولم يقصد الناظم فيها التوسع والتفصيل ، وإنما أراد الإيجاز والتسهيل لتكون مقدمة لهذا العلم ، وسلمًا يرتقي به الطالبُ إلى ما فوقه من المتون المتوسطة والمطولة ، ومِفتاحًا يفتح به بعض خزائن هذا العلم .
والمنظومة تمثلُ جملةً من اختيارات الناظم ، ومعلوماته ، التي لا ترتبط بكتابٍ معينٍ ، فهو لم يحاول نظم متن مخصوصٍ .
وقد ذكر فيها جملة من القواعد الفقهية ـ وهي غالب المنظومة ـ وبعض الضوابط الفقهية ، كقولهم " يجب الضمان مع الإتلاف" ، وبعض القواعد الأصولية مثل
"
الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا" ، وبعض المسائل الفقهية وهي قليلة سنشير إليها في موضعها .
وقد أطال رحمه الله في المقدمة قليلاً ، فإنها مكونةٌ من عشرة أبيات في فضل العلم النافع وضابطه وأهمية القواعد وثمراتها ، وهذه العشرة تُعدُّ طويلةً إذا نظرنا إلى عدد أبيات المنظومة ، وإذا أخرجنا الخاتمة ـ وهي بيتان ـ فالباقي 35بيتًا في القواعد .منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم
لما سبق سنعرض النظم المختار ، ثم التعريف بالناظم .
ثم نشرع في شرح وتوضيح قواعد النظم



منظومة القواعد الفقهية


للشيخ عبد الرحمن بن نَاصِر السعدي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-01-2018, 02:41 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس الثاني
دورة تيسير القواعد الفقهية
وقفات تزضيحية عما ورد في المجلس الأول
=" لا ضَرَرَ ، ولا ضِرارَ"الراوي : عبدالله بن عباس و عبادة بن الصامت -المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم - 7517 خلاصة حكم المحدث : صحيح.
ثم إن الشريعة قد دلت على معناه بعموم أدلتها الأخرى.
*الفرق بين القاعدة وبين الضابط:
=القاعدة الفقهية تكون مما يدخل في أبواب عديدة، فالقاعدة الفقهية لها فروع في أبواب فقهية متعددة، مثال ذلك: قاعدة الأمور بمقاصدها نأخذ منها وجوب الصلاة في باب الصلاة، ونأخذ منها في البيع أن المقاصد معتبرة.
، بينما الضوابط الفقهية تكون خاصة بباب واحد؛ مثال ذلك: قاعدة أن ما جاز في الفريضة من الصلوات جاز في النفل، فهذا ضابط فقهي متعلق بالأبواب- أبواب النوافل، نوافل الصلوات، ومثله ضابط كل زوج يلاعن،* يعني أنه يحق لأي زوج من الأزواج إذا اتهم زوجته بالزنا أن يلاعنها، فهذا ضابط فقهي يختص بباب واحد.
إذا تقرر ذلك، فما هي القاعدة الفقهية؟ القاعدة الفقهية يراد بها حكم كلي فقهي ينطبق على جزئيات عديدة من أبواب مختلفة...... التعريف: كلي، ولم يقل: أغلبي مع أن كثيرًا من القواعد الفقهية لها مستثنيات بسبب أن لفظ القاعدة في ذاته كلي،....
=فيكفي في القاعدة حتى تكون قاعدة أن تنطبق على ما يزيد على النصف، تشمل ستين بالمائة من الجزئيات، فإذا تفوقت قليلاً سبعين بالمائة، ثمانين بالمائة، تسعين بالمائة، لكن مائة بالمائة هذا لا يكاد يوجد إلا في مثل قواعد الحساب، وبعض القواعد العقلية، أو بعض قواعد اللغة العربية، وإلا فالقواعد في الفقه، والقواعد في التفسير، والقواعد الأصولية، وما إلى ذلك، عامة هذه القواعد لها استثناءات.
*التعريف بالنَّظْمِ المختار :
هي منظومة موجزة تتكون من 47 بيتًا على بحر الرَّجَزِ- أي على وزن معين اسمه بحر الرجز ، ولم يقصد الناظم فيها التوسع والتفصيل ، وإنما أراد الإيجاز والتسهيل لتكون مقدمة لهذا العلم ، وسلمًا يرتقي به الطالبُ إلى ما فوقه من المتون المتوسطة والمطولة ، ومِفتاحًا يفتح به بعض خزائن هذا العلم .
قبل أن نشرع في النظم نذكر أهمية القواعد الفقهية ومصادرها
=فعلم قواعد الفقه هو العلم الذي يبحث فيه عن القضايا الفقهية الكلية من جهاتها المختلفة.
وتتلخص أهمية القواعد الفقهية في :
أولاً : أن القواعد الفقهية تضبط الأمور المنتشرة المتعددة ، وتنظمها في سلك واحد مما يُمكِّن من إدراك الروابط والصفات الجامعة بين الجزئيات .
= فإذن القواعد هي عبارات قصيرة جدًّا محكمة تجمع لك شتات الفروع، وأي فائدة أعظم من هذه الفائدة؟، حينما تحفظ قاعدة: "المشقة تجلب التيسير"، فأتاك إنسان وقال: عنده سلس في البول، ولا يستطيع أن يجلس دقيقتين دون أن يخرج منه هذا البول، فماذا نقول له؟
نقول: صلِّ على حالِكَ؛ لأن "المشقة تجلب التيسير".
أقسام القواعد الفقهية
تُقَسَّم القواعد الفقهية من حيثيتين :
مصدرها واستمدادها ،اتفاق الفقهاء عليها وعدمه .
*الحيثية الأولى:مصدرها واستمدادها :
يمكن تقسيم القواعد الفقهية من حيث مصادرها أو استمدادها إلى قسمين :
أ ـ قواعد جاء بها نص شرعي
قد تكون القاعدة بلفظ النص ، وقد تكون بظاهر النص
*قد تكون القاعدة بلفظ النص :
مثل قاعدة " لا ضرر ولا ضِرار" حيث أن مصدرها حديث نبوي صحيح .
فعن عبادة بن الصامتِ ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قضى أن " لا ضرر ولا ضِرار"
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـباب : من بنى في حقه مايضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح

معنى " لا ضرر ولا ضِرار " أن الإنسان لا يجوز له أن يضرّ بنفسه ولا بغيره .
وقيل:الفَرقُ بينَ الضَّررِ والضِّرارِ: أنَّ الضَّررَ يَحصُلُ بدونِ قَصدٍ، وأنَّه إذا تبيَّن لِمَن وقَع منه الضَّررُ رفَعَه، والضِّرارُ يَكونُ بقَصدٍ، فالقاعدةُ: مَتى ثبَت الضَّررُ وجَب رفعُه، ومتى ثبَت الإضرارُ وجَب رفعُه مع عُقوبةِ قاصدِ الإضرارِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الشَّرعَ لا يُقِرُّ الضَّررَ، ولا الإضرارَ

*وقد تكون القاعدة أُنشِأ لفظُها من ظاهر النص دون حاجة إلى استنباط . مثل قاعدة:
16ـ وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ *****وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضْطِرارِ

17ـ وَكُلُّ مَحْظُورٍ مَعَ الضَّرُورَةْ *****بِقَدْرِ ما تَحْتَاجُهُ الضَّرُورَةْ
فهذه القاعدة مستفادة من ظاهر نص حديث صحيح دون الحاجة إلى استنباط .
* فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال" دعوني ما تركتكم ، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم"
صحيح البخاري . متون / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام / ( 2 ) ـ باب : الاقتداء بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ / حديث رقم : 7288 / ص : 846 .
ولقوله تعالى "لاَ يُكَلفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" سورة البقرة / آية : 286 .
ولقوله تعالى "فاتَّقوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ". سورة التغابن / آية : 16 .
ويُستفاد من هذه القاعدة وما يتفرع عنها أن : القدرة مناط التكليف .
ب ـ قواعد خرَّجها العلماء من استقراء-أي التتبع- الأحكام الجزئية:
وهي التي تتبعها العلماء في أبواب الفقه المختلفة ،وصاغوها في عبارات موجزة مسلسلة .
مثل قاعدة : وكلُّ مشغولٍ فلا يُشَغلُ مثالُه المرهونُ والمُسَبَّلُ
القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 6 /بتصرف .ومجموعة الفوائد البهية ... / ص : 21 / بتصرف .
بالاستقراء جمع العلماء أحكام جزئية نتج عنها هذه القاعدة

*الحيثية الثانية:اتفاق الفقهاء عليها وعدمه:
إذ من القواعد الفقهية ما اتفقت المذاهب الفقهية عليها ، وتسمى بالقواعد الكلية . ومنها ما حصل الاختلاف فيها .
مثال للقواعد الكلية :
وترجعُ الأحكامُ لليقينِ فلا يُزيلُ الشكُّ لليقينِ.
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف .
ـ قال العلامة جلال الدين السيوطي ـ رحمه الله ـ في " الأشباه والنظائر " / ص : 56
" اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه ، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر "
واختلف العلماء في عدد القواعد الكلية ، منهم من قال : 45 قاعدة ، ومنهم من قال : 66 قاعدة ، إلا أن القواعد الكلية الكبرى قصرها الأكثر على خمس قواعد ، وهي :
الأمور بمقاصدها=اليقين لا يزول بالشك= المشقة تجلب التيسير= لا ضرر ولا ضِرار= العادة مُحَكَّمَة .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف .

*منظومة القواعد الفقهية

للشيخ عبد الرحمن بن نَاصِر السعدي

1 ـ الحمدُ للهِ العليّ الأَرفقِِ*****وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِِ

2 ـ ذي النِّعَمِ الواسعةِ الغزيرةْ *****والحِكَمِ الباهرةِ الكثيرةْ
3 ـ ثم الصلاةُ مَعْ سلامٍ دائمِ *****على الرسولِ القُرَشِيِّ الخَاتِمِ

4 ـ وآلهِ وصحبهِ الأبرارِ*****الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ

5 ـ اعلَم ـ هُدِيتَ ـ أَنَّ أفضلَ المِنَنْ ****عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ

6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ *****وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ

7 ـ فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ *****جَامِعةِ المسائلِ الشوارِدِ

8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى *****وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا

9 ـ هَذِهِ قَوَاعدٌ نَظَمْتُها *****مِن كُتْبِ أهلِ العِلْمِ قدْ حصَّلتُها

10 ـ جَزاهُم المَوْلى عَظِيمَ الأَجْرِ *****والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه والبِرِّ

11 ـ النيةُ شَرْطٌ لِسَائرِ العَمَلْ *****بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ

12 ـ الدِّينُ مَبْنيٌّ على المَصَالحِ *****في جَلْبِهَا والدَّرْءِ للقَبَائِحِ

13 ـ فَإِنْ تَزَاحمْ عَدَدُ المَصَالِحِ *****يُقـدَّمُ الأَعلى مِنَ المَصَالِحِ

14 ـ وَضِدُّهُ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ *****يُرتَكَبُ الأَدْنَى مِنَ المَفَاسِدِ

15 ـ وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ التَّيْسِيرُ *****في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ تَعْسِيرُ

16 ـ وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ *****وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضْطِرارِ

17ـ وَكُلُّ مَحْظُورٍ مَعَ الضَّرُورَةْ *****بِقَدْرِ ما تَحْتَاجُهُ الضَّرُورَةْ

18ـ وَتَرْجِعُ الأَحْكَامُ لليَقِينِ *****فَلاَ يُزِيلُ الشَّكُّ لليَقِيِنِ

19 ـ والأَصْلُ فِي مِيَاهِنَا الطَّهَارَةُ *****والأَرْضِ والثِّيَابِ والحجارةِ

20ـ والأَصْلُ فِي الأَبْضَاعِ واللحومِ *****والنَّفْسِ والأموالِ للمَعْصُومِ

21 ـ تَحْريمُها حَتى يَجيءَ الحِلُّ *****فَافْهَمْ هَـدَاكَ اللهُ ما يُمَّلُّ

22ـ والأَصْلُ في عَادَاتِنَا الإِباحَةْ *****حَتى يَجِيءَ صَارِفُ الإِباحَةْ

23ـ وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمورْ *****غَيرُ الذي فِي شَـرْعِنَا مَذْكُورْ

24 ـ وَسَائِلُ الأُمورِ كَالمَقَاصِدِ *****وَاحْكُم بِهذا الحُكْمِ للزَّوَائِدِ

25 ـ والخَطَأ والإِكْرَاهُ والنِّسيانُ *****أَسقَطَهُ مَعْبُودُنا الرَّحمنُ

26ـ لَكِنْ مَعَ الإِتْلاَفِ يَثْبُتُ البدَلْ *****وَيَنْتَفِي التَأثِيمُ عَنْهُ وَالزَّلَل

27 ـ وَمِنْ مَسَائِلِ الأَحْكَامِ في التَّبَعْ *****يَثْبتُ لاَ إِذَا اسْتَقَلَّ فَوَقعْ
28 ـ والعُرْفُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا وَرَدْ *****حُكْمٌ مِنَ الشَّرعِ الشَّريِِفِ لَمْ يُحَدْ

29 ـ مُعَاجِلُ الْمَحْظُورِ قُبلَ آنِهِ *****قَدْ بَاءَ بِالخُسْرَانِ مَعْ حِرْمَانِهِ

30 ـ وَإِنْ أَتى التَّحْرِيمُ فِي نَفْسِ العَمَلْ *****أَو شرطِهِ ، فَذُو فَسَادٍ وخَلَلْ

31 ـ وَمُتْلفُ مُؤْذِيهِ لَيْسَ يَضْمَنُ *****بَعْدَ الدِّفاعِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ

32 ـ " وأَل " تًُفِيدُ الكُلَّ فِي العُمُومِ *****فِي الجَّمْعِ والإِفْرَادِ كَالعَلِيمِ

33 ـ والنَّكِراتُ فِي سِيَاقِ النَّفْي *****تُعْطِي العُمُومَ أَوْ سِياقِِ النَّهْي

34 ـ كَذَاكَ " مَنْ " و " مَا " تُفِيدَانِ مَعَا *****كُلَّ العُمُومِ يَا أُخَيَّ فاسْمَعَا

35 ـ وَمِثْلُهُ المُفْرَدُ إِذْ يُضافُ *****فَافهم هُدِِيتَ الرُّشدَ مَا يُضَافُ
36 ـ ولاَ يَتِمُّ الحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعْ *****كُلُّ الشُّرُوطِ والمَوَانِعْ تَرْتَفِعْ

37 ـ ومَنْ أَتى بِما عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ *****قَدِ استَحَقَ مَالَهُ عَلى العَمَلْ
38 ـ وَكُلُّ حُكْمٍ دَائِرٌ معْ عِلَّتِهْ *****وَهِيَ التي قَدْ أَوْجَبَتْ لِشِرْعَتِهْ

39 ـ وَكُلُّ شَرْطٍ لاَزمٌ لِلعَاقِدِ *****في البَيْعِ وَالنِّكاحِ والمَقَاصِدِ

40 ـ إِلاَّ شُرُوطًا حَلَّلَت مُحرَّما *****أو عَكْسَهُ فَبَاطِلاَتٌ فَاْعلَمَا

41 ـ تُسْتَعْمَلُ القُرْعَةُ عِنْدَ المُبهَمِ *****مِنَ الحُقُوقِ أَو لَدَى التَّزاحُمِ
42 ـ وإِنْ تَسَاوى العَمَلانِ اجْتَمَعَا *****وَفُعلَ أَحَدُهمَا فَاسْتَمِعَا
43 ـ وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلاَ يُشَغَّلُ *****مِثَالُهُ المَرْهُونُ والمُسَبّلُ

44 ـ وَمَنْ يُؤَدِّ عَنْ أَخِيهِ وَاجِبا *****لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ نَوَى يُطالِبَا
45 ـ والوَازِعُ الطَّبْعِي عَنِ العِصْيَانِ *****كَالوَازِعِ الشَّرْعِي بِلاَ نُكْرَانِ

46 ـ وَالحَمّدُ للهِ عَلَى التَّمامِ *****فِي البِدْءِ وَالخِتامِ والدَّوامِ

47 ـ ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَلاَمٍ شَائِعِ *****عَلَى النَّبىِّ وَصَحْبِهِ وَالَّتابِعِ

*التعريف بالناظم
هو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي ؛ المكنى بأبي عبد الله .
ولد في بلدة عُنَيزة في القصيم بالمملكة العربية السعودية ، في الثاني عشر من المحرم سنة سبع وثلاثمائة وألف - 1307 - من الهجرة النبوية . وقد توفيت أمه وله أربع سنوات ، وتوفي أبوه وله سبع سنين ، فعاش يتيم الأبوين ، ولكنه نشأ نشأة حسنة ، وكان قد استرعى الأنظار منذ حداثة سِنه بذكائه ورغبته الشديدة في العلوم .
عني " أبوه " بتربيته تربية صالحة ، ولما عاجلته المنية في سن مبكر من حياة الابن ، كفلته " زوجة أبيه " وآثرته بالعناية والرعاية والمحبة أكثر من أبنائها . ولما شب صار في بيت أخيه الأكبر " حمد بن ناصر " الذي أوصاه أبوه به .
وكان " حمد " رجلاً صالحًا ومن حملة القرآن ، فنشأ " عبد الرحمن " نشأة صالحة كريمة .
وقد قرأ القرآن بعد وفاة والدِهِ ثم حفظه عن ظهر قلب ، وأتقنه وعمره أحد عشر سنة .
وقد أخذ العلم عن شيوخ كثيرين من أجلاء علماء نجد ، أكثرهم من " عُنيزة " و " بُريدة " ،فاجتهد وجَدَّ حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم ، ولما بلغ من العمر ثلاثًا وعشرينَ سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلِّم ، ويقضي جميع أوقاته في ذلك ، حتى أنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعًا إليه ومعول جمع الطلبة في التعليم عليه .
ومن مشايخه الشيخ محمد الشنقيطي ... .
وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
كما خلف ـ رحمه الله ـ تلاميذ نجباء ، أشهرهم العلامة " محمد بن صالح العثيمين " ـ رحمه الله ـ .
وفضيلة الشيخ العلامة " عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام " ـ حفظه الله ـ .
* عقيدة الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ هي عقيدة السلف الصالح .
* فقهه ـ رحمه الله ـ : فقد كان في بداية الطلب متمسكًا بمذهب الإمام أحمد تبعًا لمشايخه ، ثم مال إلى الترجيح (1)وترك التقليد .اللآلئ والدرر السَّعديَّة / ص : 9 / بتصرف .
( 1 ) إلى الترجيح : أي إلى دراسة الأدلة والترجيح بينها.

o لطيفة :
ـ وضع الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ على نظمه شرحًا لطيفا ، فرغ منه في الثامن عشر من ذي القَعْدة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف 1331، وعمره حينئذ لم يتجاوز الرابعة والعشرين .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 27 .
* سمته : عُرف ـ رحمه الله ـ بحسن الخلق ، وطِيب الكلام ، وبذل النصيحة ، والتواضع الجم ، والسعي في مصالح الخلق ، مع حسن الديانة ، والزهد والتعفف ، والشفقة على المساكين ، لذا اجتمعت النفوس على محبته .
مقدمة المرتقى الذلول إلى نفائس علم الأصول / السعدي / ص : 9 .
وكان ذا بسمة دائمة ، كثير البكاء والصلاة والصيام .
القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 17 .
* مرضه ووفاته :
قبل وفاته بخمس سنوات أصيب ـ رحمه الله ـ بضغط الدم وتصلب الشرايين ، وكان يعاوده مرة بعد أخرى وهو صابر عليه ولم يمنعه ذلك من مواصلة نشاطه في التعليم والإمامة والخطابة والتأليف ، وقد اهتم أولو الأمر بالمملكة بعلاجه ، وأذنوا بسفره إلى خارج البلاد للعلاج ، وفي آخر أيامه ـ رحمه الله ـ أصيب بنزيف في المخ فأرسَلَ الملك فيصل ـ حيث كان وليّا للعهد ـ طائرة خاصة فيها أطباء مَهَرَة ، فسبقها الأجل المحتوم حيث تلقى طاقم الطائرة نبأ وفاته وهم في الجو ، وذلك في فجر يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الآخرة عام ستة وسبعين وثلاثمائة وألف عن تسع وستين سنة .
أجزل الله له المثوبة ، ورحمه الله رحمة واسعة ، وقد رثاه غير واحد من الفضلاء بقصائد مبكية . وبموته فقد العالم الإسلامي عالمًا كبيرًا ومربيًا فاضلاً . اللآلئ والدرر السَّعديَّة / ص : 9 / بتصرف .
* * * * *
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-01-2018, 02:43 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس الرابع
دورة تيسير القواعد الفقهية

3ـ ثُمَّ الصلاةُ مَعْ سلامٍ دائمِ*على الرسولِ القُرَشِىِّ الخَاتِمِ

4ـ وآلهِ وصحبهِ الأبرارِ * الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ


المراد بالصلاة: الثناء والذكر الجميل ، وأنه لا يُراد بلفظ الصلاة في جميع المواطن الدعاء . يدل على هذا أن بعض النصوص الواردة في الصلاة لا يمكن أن تُفسر بالدعاء ، مثل : نسبة الصلاة لله ـ عز وجل ـ " هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ " سورة الأحزاب / آية : 43، لا يمكن أن يُقال هو الذي يدعو
*من معاني الصلاة :
=الصلاة المفروضة ،لقوله تعالى " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ" البقرة 43.
=الصلاة بمعنى :الثناء على العبد ،لقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" الأحزاب 43 .
فالصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة، حكاه البخاري عن أبي العالية. صحيح البخاري:6/ 111.

وتفسير الآية بحسب هذا المعنى هو ما ذهب إليه ابن كثير.
، ويدخل فيها أيضًا رحمته لعباده وإحسانه إليهم سبحانه وتعالى.الشيخ ابن باز- هنا -

=الصلاة بمعنى:الدعاء والاستغفار ،لقوله تعالى "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ " التوبة 103 . الآية . أي: ادع لهم واستغفر لهم.

"سمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ أبي أَوْفَى ، وكان مِن أصحابِ الشجرةِ ، قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قومٌ بصدقةٍ قال : اللهم صلِّ عليهم . فأتاه أبي بصدقتِه، فقال : اللهم صلِّ على آلِ أبي أّوْفَى".الراوي : عمرو بن مرة الجهني -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 4166 : خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر -

يَحكي عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفَى رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله علَيه وسلَّم كانَ إذا أتاه قَومٌ بِصَدقتِهم، أي: بزِكاةِ أموالِهم قالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آلِ فُلان، أي: اغفِر لهُم وارْحَمهم. فأتاه أبو أَوْفَى بِصَدقتِه فقالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آل أبي أَوْفى امتثالًا لِقولِه تعالى"وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" وهذا مِن خصائِصِه صلَّى الله علَيه وسلَّم.
في الحديثِ: الصَّلاةُ على غَيرِ الأنْبياءِ.
وفيه:الدُّعاءُ لِلمُتَصَدِّقِ.
وفيه: الأمرُ بالدُّعاءِ لِصاحِبِها .الدرر -

ولقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ" سورة الأحزاب / آية : 43. قال القرطبي "وصلاة المَلاَئِكَتُهُ: دعاؤهم للمؤمنين، واستغفارهم لهم"

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:والملائكة صلاتهم الدعاء، دعاؤهم للمصلَى عليه وترحمهم عليه وثناؤهم عليه هذا يقال له صلاة.الشيخ ابن باز- هنا -
*كما في الحديث" الملائكةُتصليعلىأحدِكممادامفي مُصلاه، ما لم يحدثْ : اللهمَّ اغفرْ له، اللهم ارحمْه، لا يزال أحدُكم في صلاةٍ ما دامتِ الصلاةُ تحبسُه، لا يمنعه أن ينقلبَ إلى أهلِه إلا الصلاةُ ".الراوي : أبو هريرة -المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم- 659 خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر -
في الحديث:لا يمنعُه الانقلابُ، وهو الرَّواحُ إلى أهلِه إلَّا الصَّلاةُ أي: لا غيرُها، ومُقْتضاه أنَّه إذا صَرفَ نيتَّه عَن ذلك صارفٌ آخرُ انقطعَ عَنْه الثَّوابُ المذكورُ، وكذا إذا شارَكَ نيَّةَ الانتظارِ أمْرٌ آخرُ.
والفرْقُ بَيْنَ المغفرةِ والرَّحمةِ أنَّ المغفرةَ سِترُ الذُّنوبِ، والرَّحمةَ إفاضةُ الإحسانِ إليه.
وفي الحديثِ: بيانُ فَضلِ الجلوسِ في الْمُصلَّى على طهارةٍ.
وفيه: أنَّ الحَدَثَ في المسجدِ يُبطِلُ ذلك، ولو استمرَّ جالسًا.
-الدرر -


*قال تعالى"الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ "غافر 7 ..

=الصلاة بمعنى :قراءة القرآن، ومنه قوله تعالى"وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بها "الإسراء:110، أي: بقراءتك

-"في قولِه تعالى "وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ"قال: نزلتْ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بمكةَ كان إذا صلَّى بأصحابِه رفعَ صوتَه بالقرآنِ ، فإذا سمعَه المشركون سبُّوا القرآنَ ومن أنزلَه ومن جاءَ به ، فقال اللهُ تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : ولا تجهرْ بصلاتِك أي بقراءتِك ، فيسمعُ المشركون فيسبُّوا القرآنَ ولا تخافتْ بها عن أصحابِك فلا تُسْمِعُهم وابتغِ بين ذلك سبيلاً ."الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم4722-خلاصة حكم المحدث:صحيح- الدرر السنية -

الشرح

يَحكي ابنُ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما في سَببِ نُزول آيةِ"وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا"الإسراء: 110؛ أنَّها نزلَت ورسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مُخْتَفٍ بمكَّة؛ يعني: في أوَّلِ الإسلام، وكان إذا صلَّى بأصحابِه رفَعَ صوتَه بالقرآن، فإذا سَمِع المشركون سبُّوا القرآنَ ومَن أَنزلَه ومَن جاء به، فقال اللهُ تعالى لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم"وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَأي: بقِراءَةِ صلاتِك؛ فيَسْمَعَ المشركون فيَسُبُّوا القرآن، "وَلَا تُخَافِتْ"، أيْ: لا تَخْفِض صوتَك بها عن أصحابِك؛ فلا تُسمِعَهم، "وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ" الجهر والمخَافتَة "سَبِيلًا" وسَطًا.
وفي الحديثِ: فضلُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما وعِلمُه بتفسيرِ القرآنِ وأسبابِ نُزولِه.
وفيه: أنَّ هذِه المِلَّةَ الإسلاميَّةَ الحنيفيَّةَ البَيضاءَ؛ أُصولَها وفُروعَها، كلُّها وسطٌ لا إفراطَ ولا تفريطَ؛ وتُحصِّل جميعَ المصالحِ وتَدرأُ جميعَ المفاسِد؛ فقدْ أمَر اللهُ تعالى بما يَحصُل به الأمرانِ جميعًا؛ عدمُ الإخلالِ بسَماعِ الحاضِرين، والاحترازُ عن سَبِّ أعداءِ الدِّين. . الدرر السنية - هنا-

=========
=على الرسولِ: الرسول هو من أُوحِيَ إليه بشرع وأُمر بتبليغه .
أما النبي : من بُعِثَ لتقرير شرع مَنْ قَبْله ، وهو بالطبع مأمور بتبليغه ، إذ من المعلوم أن العلماء مأمورون بذلك والأنبياء بذلك أولى كما لا يخفى .

شرح العقيدة الطحاوية ـ تحقيق الألباني / ص : 38 / بتصرف .
القُرَشِىِّ : أي المنسوب إلى قريش ، وهم بنو النضر بن كنانة ، فكل من كان من ولده فهو قرشي ، وهذا هو الراجح من أقوال أهل النسب لقوله صلى الله عليه وسلم " نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نَقْفوا أُمَّنَا (1)، ولا ننتفي مِن أبينا"
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ كتاب : الحدود / ( 37 ) ـ باب :من نفى رجلاً من قبيلته / حديث رقم : 2612 / ص : 444 / حديث حسن
( 1 )لا نَقْفوا أُمَّنَا : أي لا نتبع أُمَّنا في النسب ، لأن الولد ينسب لأبيه دون أمه .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
قال ابن ماجه في سننه:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،قال:حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ،قال: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ ،قَالَا :حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْضَمٍ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ وَلَا يَرَوْنِي إِلَّا أَفْضَلَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْتُمْ مِنَّا فَقَالَ"نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَا نَقْفُو أُمَّنَا وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا "قَالَ فَكَانَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَقُولُ لَا أُوتِي بِرَجُلٍ نَفَى رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ"
سنن ابن ماجه» كتاب الحدود» باب من نفى رجلا من قبيلته -الدرر-

شرح الحديث : حذَّر الشَّرعُ الحَكيمُ مِن الانْتِفاءِ مِن الأنسابِ الصَّحيحةِ، للدُّخولِ في أنسابٍ أُخرى؛ لِمَا في ذلك مِن الخداعِ والتَّلاعُبِ بالأنسابِ.
وفي هذا الحَديثِ يُصوِّبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خطَأً كان شائِعًا في نسَبِ قُريشٍ، حيث يقولُ الأشعَثُ بنُ قيسٍ رَضِي اللهُ عنه "أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في وفْدِ كِنْدةَأي: في جَمَاعتِهم، وكِنْدةُ اسمٌ لأبي قبيلةٍ مِن اليمَنِ، "ولا يَرَوْني إلَّا أفضَلَهمأي: يُقدِّمُ الوفْدُ الأشعَثَ على أنفُسِهم؛ لِما يرَونَه فيه مِن أفضَليَّةٍ، وهذا إشارةٌ إلى سبَبِ تَقْديمِه في الكلامِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألَسْتُم مِنَّا؟"، أي: أليسَتْ قُريشٌ وبَنُو هاشِمٍ مِن كِنْدةَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نَحن بَنو النَّضرِ بنِ كِنانةَ؛ لا نَقْفو أُمَّناأي: لا نَعِيبُ أُمَّنا ولا نَرْميها بالزِّنا، وقيل: مَعْناه لا نَترُكُ النَّسَبَ إلى الآباءِ، ونَنتَسِبُ إلى الأمَّهاتِ ونَتْبَعُهنَّ،"ولا نَنتَفِي مِن أبيناأي: ولا نَنْفي نسَبَنا مِن أَبينا الأكبَرِ النَّضْرِ بنِ كِنانةَ. قال الرَّاوي: "فكان الأشعَثُ بنُ قيسٍ يَقولُ: لا أُوتَى برَجُلٍ نَفى رجُلًا مِن قُريشٍ مِن النَّضرِ بنِ كِنانَةِ إلَّا جلَدْتُه الحَدَّ"، أي: جلَدَه حدَّ القَذْفِ والفِرْيةِ؛ لأنَّه يَنْفي رجُلًا مِن نسَبِه لأبيه الَّذي شَهِد به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم. الدرر-


*الخَاتِمِ: الذي ختم الله به أنبياءَه ورسله ، فلا نبي بعده .
قال تعالى" مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيِينَ" سورة الأحزاب / آية : 40.
* عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنا خاتِم الأنبياء"

رواه البزار ، وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره في : صحيح الترغيب والترهيب / ج : 2 / ( 11 ) ـ كتاب : الحج /( 14 ) ـ باب : التغيب في الصلاة في المسجد الحرام / حديث رقم : 1175 / ص : 45 .
الخاتم ، هذا وصف للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والخاتِم بكسر التاء اسم فاعل ، فكأنه قد جاء آخر الرسل ، والخاتَم بفتح التاء اسم آله ، كأنه قد خُتمت به الرسالة .
ويقول ابن الجوزي "ومن قرأ "خاتَِم" بكسر التاء فمعناه وختم النبيين، ومن فتحها فالمعنى آخر النبيين . زاد المسير:93/6.
فإن قال قائل : إن عيسى ـ عليه السلام ـ سيأتي في آخر الزمان ، فكيف يوصف محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه خاتم الرسل ؟! والجواب على ذلك : أن عيسى ـ عليه السلام ـ قد تقدم زمانه ، ثم إن عيسى ـ عليه السلام ـ لا يأتي بصفة كونه نبيًّا ، وإنما يأتي بصفة كونه عبدًا متبِعًا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يأتي بشرع جديد ، وإنما يكون متبِعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .

*وآلهِ: صلى المؤلف أيضًا على آل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ويكون بذلك متبِعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان قد أمر أصحابه في التشهد بالصلاة عليه وعلى آله ، ولذلك نقول : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد .
و " الآل" في لغة العرب يراد بها عدد من المعاني ، منها القرابة. فآل فلان قرابته ، ويراد به الأتباع ، فيُقال آل فلان بمعنى أتباعه ، ولذلك فُسر قوله عز وجل "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ "سورة غافر / آية : 46 ، فإن المراد بآل فرعون هنا أتباعه لأن مِنْ قرابة فرعون من هداه الله عز وجل ودخل في دين الإسلام .القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .

*آله : وآل النبيّ على الراجح هم : أتباعه على دينه إلى يوم القيامة ، فيدخل فيهم الصحابة ، فيكون عطفهم عليهم من باب عطف الخاص على العام ، لمزيتهم وشرفهم بالعلم النافع والعمل الصالح والتقَى الذي أوجب لهم مفاخر الدنيا والآخرة رضي الله عنهم .رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 7 / بتصرف .
والغالب في:الآل : أنه لا يضاف إلا إلى ما فيه شرفٌ ، فلا يُقال : آل الزَّبال ، ... .منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
*وصحبهِ: الصحب اسم جمع لصاحب . كركب جمع راكب ، وهو في اللغة المُعَاشِر الملازِم .
والمراد : الصحابي ، والصحابي هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ولو لم تطل صحبته ، ومات على ذلك ، ولو تخللت ذلك رِدة بعدها إسلام ، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم ، ـ أما غيره من الناس فإنه لا يكون صاحبًا إلا من لازمه مدة يستحق بها أن يقال صاحب ـ ، أما لو مات على ردته فهو كافر ولا يسمى صحابيًّا ، فمن مات على الكفر فهو صاحب إبليس وليس صاحب محمد صلى الله عليه وسلم .
وهنا على القول بأن آل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أتباعه عى دينه ، فعطف الصحابة من عطف الخاص على العام ، وفي الجمع بين الصحب والآل مخالفة للمبتدعة لأنهم يوالون الآل دون الصحب وقد جاءت النصوص في فضل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وبيان مكانتهم ، ومنزلتهم .
قال تعالى "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعوهُم بِإِحْسانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنهُ .". سورة التوبة / آية : 100 .
وقال تعالى"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا" . سورة الفتح / آية : 29 .إلى غير ذلك من النصوص .
*الأبرارِ: الأبرار جمع " بارّ " وهو كل مؤمن جَمع بين الإخلاص والصدق في الأقوال والأعمال ، فهم اتصفوا بذلك ، إيمان مع صدق وإخلاص رضوان الله عليهم .منظومة ... / شرح : عبيد الجابري .

*الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ :الحَائِزِي : حاز الشيء جمعه . مراتبَ : جمع مرتبة وهي المنزِلة . الفَخارِ : جمع مَفْخَرَة وهي المأثرة والمنقبة وقيل الشرف .
وشرف الصحبة لا يعدلُه شرف ، فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اجتمع لهم من الشرف والمآثر والمناقب ما لا يجتمع لغيرهم ألْبتة . ومن تلكم المناقب :
1ـ السبق بالإسلام 2 ـ تمام الاتباع .
3 ـ أنهم هم صفوة الأمة .
4ـ العدالة ، فالصحابة كلهم عدول ، ولهذا نص علماء المصطلح على أن جهالة الصحابي لا تضر ، فإذا قال الثقة : حدثني من صحب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو رجل من صحب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فلا نبحث . أما مَنْ دون الصحابة من الناس يبحث في حاله من حيث الثقة والضعف والكذب . وأما الصحابة فلا يُبحث عن أحوالهم ، فهم عدول ، ورضي الله عنهم ليوم القيامة.

منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-01-2018, 07:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس الخامس
دورة تيسير القواعد الفقهية

5 ـ اعلَم ـ هُدِيتَ ـ أَنَّ أفضلَ المِنَنْ * عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ

6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ * وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ
بدأ الناظم البيت بدعاء لطالب العلم للترغيب ورفع الهمم ،وهذا من دأب المعلم الثاقب البصيرة .

اعلَم هُدِيتَ :هذه الجملة مشتملةعلى: " التحريض " وهو قوله " اعلَم " ، ومشتملة أيضًا على " الدعاء " وهو قوله " هُديتَ " ، أي اعلم هداك الله .
هُدِيتَ : دعاء له بالهداية ، وهي التوفيق .
فإذا اجتمع هذان الأمران في خطاب ، فهو مبالغة في الحث والتحريض .
والدعاء لطالب العلم بالتوفيق والخير فيه تأليفٌ لقلوب الطُّلاب على مشقة العلم والصبر على تحصيله ، وهو من أخلاق العلماء ، ودعاء العالم الصالح من مظان الإجابة .
فإن الله عز وجل امتن على عباده بنعم كثيرة ، ومن أفضل وأعظم ما مَنَّ الله تعالى به على عباده هو العلم النافع .
وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم "
مَن يُردِ اللَّهُ بهِ خَيرًا يُفقِّهُّ في الدِّينِ " الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث :الوادعي - المصدر : الصحيح المسند -الصفحة أو الرقم: 618 - خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين-الدرر-
أي: مَنْ أراد به اللهُ خيرًا عظيمًا ونَفْعًا كثيرًا، فَقَّهَه في الدِّينِ، أي: منَحَه العِلمَ الشَّرعيَّ، الَّذي لا يُدَانِيهِ خيرٌ في هذا الوجودِ، في فَضلِهِ وشرَفِهِ، وعُلُوِّ درجتِهِ؛ لأنَّه ميراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَهُ.
رعاكم الله – كم مرَّ عبر التاريخ من الملوك والأمراء والعظماء والتجار والمخترعون انتهوا بمماتهم، فانتهى ذكرُهم، فقد يأتي ذكرُهم عابرًا في صفحات التاريخ، ولكن هؤلاء أهل العلم، ذِكرهم يتجدد مع الزمان، لا يُذكَرون إلا ويُترحَّم عليهم، والذي يترحم عليهم هم من عرفوا قيمة العلم وأهله ،اللهم اجعلنا منهم بفضلك العظيم ،أجسادهم مفقودة، لكن آثارهم باقية بين أيدينا.
قال تعالى"
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ "يس 12 .
قبل مئات السنين جاء الإمام أحمد، والإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام أبو حنيفة، وسفيان الثوري، والإمام البخاري، والإمام مسلم،..... أعلام ما زال ذكرهم عاليًا بين الخلق، منهم من مات في مقتبل عمره مثل الإمام النووي – رحمه الله – فقد مات في العِقد الرابع من عمره، ومع ذلك ما زال ذِكره يطبق مشارق الأرض ومغاربها. هذه مؤلفاته بين أيدينا تُقرأ صباحَ مساءَ، وكلما ذُكر ترحم عليه، فأي شرف وأي منزلة هذه، هذا ذكرهم في الدنيا، ونسأل الله أن يتقبل منهم ويجازيهم خيرًا يوم لاينفع مال ولا بنون .نحسبهم على خير .


* عن كثير بن قيس ؛ قال : كنت جالسًا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق ، فأتاه رجل ، فقال : يا أبا الدرداءِ ! أتيتُك من المدينة ـ مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . لحديث بلغني أنك تُحدث به عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال : فما جاء بك تجارةٌ ؟ . قال : لا . قال : ولا جاء به غيرُهُ ؟ قال : لا .
قال : فإني سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول " من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سَهَّل الله له طريقًا إلى الجنة ، وإن الملائكةَ لتضعُ أجنحتها رضًا لطالب العلم ، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضلِ القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا ، وإنما ورَّثوا العلم ،
فمن أخذه أخذ بحظ وافر " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 17 ) ـ باب : فضل العلماء والحث على طلب العلم / حديث رقم : 223 / ص : 56 / صحيح .
الحظ الوافر : النصيب الوافر .
حاشية سنن ابن ماجه / ص : 56 .


والمراد بهذا أن العلماء ورثوا الأنبياء فيما خلفوه، وأن هذا الذي خلفه الأنبياء هو العلم النافع فمن أخذ العلم وحصل له فقد حصل له الحظ العظيم الوافر الذي يغبط به صاحبه".

يقول ابن القيم: “وقوله: «العلماءُ ورثةُ الأنبياءِ»… دليل على أنهم أقرب الناس إلى الأنبياء؛ في الفضل والمكانة والمنزلة؛ لأن أقرب الناس إلى المورث ورثته، ولهذا كانوا أحقَّ بالميراث من غيرهم، كذلك العلماء أحق الناس بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وأقرب الناس بالنبي – صلى الله عليه وسلم – هم أهل العلم . مفتاح السعادة لابن القيم (1/66) بتصرف.هنا =

طلب العلم الشرعي والاشتغال به أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات من صلاة وصيام ونحو ذلك. ويبين هذا الإمام النووي رحمه الله فيقول كما في المجموع: والحاصل أنهم متفقون على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغالات بنوافل الصوم، والصلاة، والتسبيح، ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن، ومن دلائله سوى ما سبق أن نفع العلم يعم صاحبه والمسلمين، والنوافل المذكورة مختصة به، ولأن العلم مصحح فغيره من العبادات مفتقر إليه، ولا ينعكس، ولأن العلماء ورثة الأنبياء، ولا يوصف المتعبدون بذلك، ولأن العابد تابع للعالم مقتد به مقلد له في عبادته وغيرها واجب عليه طاعته، ولا ينعكس، ولأن العلم تبقى فائدته وأثره بعد صاحبه، والنوافل تنقطع بموت صاحبها، ولأن العلم صفة لله تعالى، ولأن العلم فرض كفاية أعني العلم الذي كلامنا فيه، فكان أفضل من النافلة. انتهى. هنا-


والتفقه في الدين لايلزم منه أن يفقه كل شيء ، ويتفاوت الناس في ذلك زيادة ونقصًا ، فمن أجاد علم أو أجاد عبادة على علم فله نصيب في هذا الحديث.
والعلم النافع لا يوصف بأنه علم نافع إلا إذا أثمر عملاً صالحًا.العلم النافع يزيل عنك الشك والدرن ،لذا قال الناظمُ:
عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ:الشَّكَ هو : التردد ، وضده اليقين ، والمراد به مرض الشبهات .
والدَّرنْ هو : القّذَرُ وزنًا ومعنى ، والمراد به هنا مرض الشهوات .
أمراض الشهوات:
قال تعالى"فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً"الأحزاب: من الآية32. والمرض هنا مرض الشهوة والفجور والزنا.
وأمراض الشهوات: هي فساد يحصل للقلب تفسد به إرادته للحق، بحيث يبغض الحق النافع، ويحب الباطل الضار، ومنشأها الهوى، فإن الإنسان يعرف الحق لكن لا يريده؛ لأن له هوى مخالفًا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: أمراض الشبهات:
قال تعالى في حق المنافقين" فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ"البقرة:10. وقال تعالى" وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً"المدثر:31، وقال تعالى" لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ"الحج:53.
فهذه ثلاثة مواضع، المراد بمرض القلب فيها مرض الشبهات والشك والجهل. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله تعالى – عند تفسير قوله تعالى"
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" المراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق، وذلك أن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله، مرض الشبهات الباطلة، ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من مرض الشبهات، والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات.نسأل الله العافية،وأعوذ بالله من الجهلِ .
وأمراض الشبهات: هي فساد يحصل للقلب يفسد به تصوره للحق، بحيث لا يراه حقًّا أو يراه على خلاف ما هو عليه أو ينقص إدراكه.
وأمراض الشبهات أخطر أمراض القلوب وأصعبها وأقتلها للقلب، ومن هنا أوصى أطباء القلوب بالإعراض عن أهل البدع، لأن مرض الشهوة يرجى له الشفاء، وأما مرض الشبهة فلا شفاء له إن لم يتداركه الله برحمته.
ومنشأ أمراض الشبهات الجهل، فإن الإنسان الجاهل يفعل الباطل ويظنه حقًّا، وهذا مرض. وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق فيها بالباطل، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل.
.هنا-

فإذا أزال العلم النافع الشبهة والشهوة حل محل الأول اليقين الذي هو ضد الشك ، وحل محل الثاني الإيمان التام الذي يوصل العبد إلى المطلوب من رضا الله ـ عز وجل ـ ، وكلما ازداد الإنسان علمًا حصل له كمال اليقين وكمال الإرادة وكمال الخشية ، قال تعالى "إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَماءُ ".سورة فاطر / آية : 28 .

مرض الشبهات : يعالج باليقين :أي بالعلم ليتضح الحق الذي يؤدي إلى اليقين.
ومرض الشهوات : يعالج بالصبر : أي بالصبر عن المعصية ، والصبر على الطاعة .

وثمرة العلم النافع : أن يكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبد إلى المطلوب ، من رضا الله .
لذا قال الناظم :
6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ* وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ
يكْشِفُ : أي يظهر ويُبرِز .
الحقَّ : هو الثابت واللازم من العلم النافع ـ وضده الباطل وهو الزائل .
لذِي القلوبِ : الأصل أن يقالَ : لذوي القلوب بالجمع ، لكن مراعاة الوزنِ يوقعُ في هذه المضايق .
لذِي القلوبِ : أي لأصحاب القلوب الواعية ، لأن القلوب قسمان : قلوب واعية وهي المستعدة لقبول الحق ، وقلوب منكوسة وهذه لا يصل إليها من الحق شيئًا ، أعمتها الأهواء والفتن حتى أصبحت لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا إلا ما أُشربت من الهوى .
القواعد الفقهية شرح : عبيد الجابري .منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .

والمراد بذوي القلوب : أصحاب العقول ، والقلب يطلقُ على العقل ، كقوله تعالى" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَى لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ ... " .سورة ق / آية : 37 .
أي : عقل ؛ لأن القلب محل الفهم والإدراك ، كما قال تعالى "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا " . سورة الأعراف / آية : 179 .

وَيُوصِلُ العَبْدَ : أي يُبْلِغُه .المَطْلوبِ : أي المقصود .
ففي هذا إشارة إلى أن العلم ليس مقصودًا لذاته ، وإنما يُطلبُ للوصول به إلى العمل ورضا الله تعالى ورِضوانه ، كما قيل : هتف العلمُ بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل .
ظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
o مستخلص ووقفة :
المعنى الإجمالي للبيتين : اعلم وفقك الله أن منن الله على العباد كثيرة ، وأفضل ما منَّ الله على عبده ـ بعد نعمة الإيمان ـ العلم النافع ، وهذا هو الخير الذي أشار إليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
* ..... قال : سمعتُ معاوية بن أبي سُفيان ، وهو يخطبُ يقول : إني سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول " من يرد الله به خيرًا يفقهْهُ في الدين ، وإنما أنا قاسم ويعطي اللهُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 12 ) ـ كتاب الزكاة / ( 33 ) ـ باب : النهي عن المسألة /حديث رقم : 100 ـ ( 1037 ) / ص : 245.

فهذا الحديث يجعلك تجتهد في تحصيل الفهم في دينك ، والفهم مِنَّة من الله سبحانه وتعالى .
لذا كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأل الله العلم النافع ، ويتعوذ من العلم الذي لا ينفع .
الدرة المرضية في شرح منظومة القواعد الفقهية / ص : 31 .
* عن أم سلمة ، أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كان يقول إذا صلى الصبح حين يُسلِّمُ :
" اللهم ! إني أسألُك علمًا نافعًا ، ورزقًا طيبًا ، وعملاً مُتَقبَّلاً " .سنن ابن ماجه المجلد الواحد / تحقيق الشيخ الألباني / ( 5 ) ـ كتاب : إقامة الصلوات والسنة فيها / ( 32 ) ـ باب : ما يُقال بعد التسليم / حديث رقم : 925 / ص : 170 / صحيح .
ما هو العلم المقصود ؟
هو العلم النافع الذي يزكي النفس ويوَلِّد فيها خشية الله تعالى فتسري منها إلى سائر الجوارح ، ويثمر العمل الصالح الذي ينال به رحمة الله تعالى والجنة .
حاشية اللآليء والدرر السعدية / ص : 47 .

تعوذ صلى الله عليه وعلى آله وسلم من علم لا ينفع ،
"أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كان يدعو بهذهِ الدعواتِ اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من علمٍ لا ينفعُ ، وقلبٍ لا يخشعُ ، ودعاءٍ لا يُسمعُ ، ونفسٍ لا تشبعُ ثم يقولُ : اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من هؤلاءِ الأربعِ"
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 5485 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر-

س : من هو القلب الخاشع ؟
القلب الخاشع هو الذي يخاف ويضطرب عند ذكر الله سبحانه وتعالى ، ثم يلين ويطمئن ويركن إلى حمى مولاه ، فمن كان كذلك ، كان قلبه محلاً لنور الله الذي يجعله الله في قلب عبده فرقانًا بين الحق والباطل . ونور القلب الخاشع هو العلم النافع . حاشية : اللآليء والدُّرر السعدية / للسعدي / ص : 47 / بتصرف .
فندعوا بما علمنا صلى الله عليه وسلم :
* فعن أبي هريرة قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول " اللهم ! انفعني بما علمتني ، وعلمني ما ينفعني ، وزدني علمًا " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 23 ) ـ باب : الانتفاع بالعلم والعمل به / حديث رقم : 251 / ص : 61 / صحيح .
* وصية الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بطلبة العلم :
عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " سيأتيكم أقوامٌ يطلبون العلمَ ، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم : مرحبًا مرحبًا بوصية رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، واقنوهم " . قلتُ للحَكَم *: ما " اقنوهم " ؟ . قال : علموهم .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ باب : الوصاة بطلبة العلم / حديث رقم : 247 / حسن .
*الحَكَم : من رجال هذا السند " ... قال حدثنا الحَكَمُ بن عبدَةَ ، عن أبي هارون العبديّ ، عن أبي سعيد الخدري " .
ـ وحاصل ذلك أن العلم : شجرة تثمر كل قول حسن وعمل صالح ، والجهل شجرة تثمر كل قول وعمل خبيث
وإذا كان العلم بهذه المثابة فينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص ، ويجتهد كل الاجتهاد في تحصيله ، وأن يديم الاستعانة بالله في تحصيله ، ويبدأ بالأهم فالأهم.
ومن أهمه معرفة أصوله وقواعده التي ترجع مسائله إليها .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 8 / بتصرف .
لذا قال الناظم ـ رحمه الله ـ :
فاحرص على فهمك للقواعد ... .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-01-2018, 07:31 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس السادس
دورة تيسير القواعد الفقهية
7 ـ فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ * جَامِعةِ المسائل الشوارِدِ
8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى * وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا
لما ذكر الناظم عليه رحمة الله تعالى عموم أهمية العلم الشرعي وفضله وحض عليه وحرض على تحصيله* ، خص من العلم الشرعي ما يريد شرحه وهي القواعد الفقهية ، فحض على تحصيل هذا العلم وفهمه فقال : فَاحْرِصْ عَلى فَهمكَ للقواعِدِ... . منظومة القواعد ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي .
*حيث قال:

5 ـ اعلَم ـ هُدِيتَ ـ أَنَّ أفضلَ المِنَنْ * عِلمٌ يُزيلُ الشَّكَ عَنْكَ والدَّرنْ
6 ـ وَيكْشِفُ الحقَّ لذي القلوبِ * وَيُوصِلُ العَبْدَ إلى المَطْلوبِ
احْرِصْ : هو شدة الطلب والعناية .
والفَهمِ: الإدراك للشيء .
القواعِدِ : جمع قاعدة، وهي في اللغة : الأساس
وفي الاصطلاح : حكم كلي تدخل فيه جزئيات كثيرة .
وتُطلق القواعد على القواعد الأصولية والقواعد الفقهية ، والمراد هنا الثاني أي القواعد الفقهية ، بقرينة قول الناظم : جَامِعةِ المسائل الشوارِدِ ، وكون النَّظْم في علمِ القواعد الفقهية ، ولكنه باعتبار الغالب ؛ لأنه ذكر بعض القواعد الأصولية أيضًا ـ مثل : قواعد ألفاظ العموم ،مثل:" وأَل " تًُفِيدُ الكُلَّ فِي العُمُومِ ... ـ .
المسائل : هي الوقائع التي يُسألُ عنها .
الشوارِدِ : جمع شاردة ، وهي النافرة والمتفرقة وغيرُ المجموعة .
فمن شأن القواعد الفقهية أنها تجمعُ المسائل المتناثرة تحت حُكمٍ كُلِّيٍّ ، فَيَسهُل على الطالب معرفة أحكام الجزئيات ، ودراسة الفقه ، لأن دراسة الفقه عن طريق القواعد أسهل وأشمل ، كما أن دراسته عن طريق الجزئيات أدق وأحكم .
والجزئيات الفقهية لا تتناهى ، ويستجد في كل زمان من المسائل ما لم يكن معروفًا قبل ذلك .
وإنما تضبطُ بالقواعد، فحفظها وفهمها من أعظم الفوائدِ .

ويقول الشيخ خالد عثمان السبت : إنك إذا حفظت القواعد أو فهمت القواعد ارتقيت في العلم، وهذا صحيح؛ لأن الإنسان إذا عرف القواعد نَمَتْ مَلَكَتُهُ، وصار يبني الأحكامَ على أصولٍ صحيحةٍ، وينطلق من هذه القواعد في التفريع، وصارت هذه القواعد تضم له أشتات المسائل، وكثيرًا من الجزئيات، فصار ذلك سببًا لإلمامه بكثير من الأحكام، مع أنه درس أشياء محدودة يسيرة، وقد ذكرت قول بعض أهل العلم حينما يضيق على الإنسان هل يدرس الفروع أو يدرس شيئًا من القواعد إما هذا وإما هذا؟، فكان بعضهم يرجح دراسة هذه القواعد؛ لأنها تجمع له شعث هذه الجزئيات.ا.هـ .هنا-

8 ـ فَتَرْتَقي في العِلْمِ خَيرَ مُرْتَقَى * وَتَقْتَفِي سُبْلَ الذي قَدْ وُفِّقا
تَرْتَقي : أي تعلو وتصعدُ .
الاقتفاء : اتباع الأثر .
السُّبْل : جمع سبيل ، وهو الطريق.
و " باء " السُّبْل في النظم ساكنةٌ ، مراعاةً للوزنِ .
والمعنى : أنك لو حرصت على فهم القواعد الكلية للعلوم التي تجمع المسائل المتفرقة ، فإنك تعلو بذلك في منازل العلم ، وتكون بذلك متبِعًا لآثار العلماء الموفقين لطريق الحق .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف يسير .
وقوله : وَتَقْتَفِي سُبْلَ ... : فيه إشارة إلى أن المرء يجب عليه الاتباع ، والسير على منهج الصالحين ممن قَبله ، وعلى ذلك تدل النصوص الشرعية ؛ منها قوله سبحانه ". وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ .".سورة لقمان / آية : 15 .
القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ سعد بن ناصر الشثري .
قال صلى الله عليه وسلم".....،فعليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشِدينَ ، تَمسَّكُوا بِها ، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجِذِ،....."الراوي : عبدالرحمن بن عمرو السلمي و حجر بن حجر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4607 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية-
*******************
9 ـ هَذِهِ قَوَاعدٌ نَظَمْتُها *مِن كُتْبِ أهلِ العِلْمِ قدْ حصَّلتُها
10ـ جَزاهُم المَوْلى عَظِيمَ الأَجْرِ* والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه والبِرِّ
قَوَاعدٌ : بالتنوين مراعاة للوزن ، والأصل بدون تنوين ، لأنه ممنوع من الصرف لأنه صيغة منتهى الجموع ، على وزن مفاعل ،والممنوع من الصرف لا يُنَوَّن، ولكن الاضطرار للنَّظْمِ مبيحٌ لذلك .

نَظَمْتُها : أي جعلتها في نظم ، والنظم : عقد المنثور ، كما أن الحلّ هو نثرُ المنظومِ ، وأصل النظم في اللغة : جمع اللؤلؤ في سلكٍ .نظَم شِعْرًا: ألَّف كلامًا موزونًا مُقفًّى :المعجم .وكلمة نظم دلالتها مادية ،ولكن إطلاق كلمة نظم على الشعر من قبيل المجاز.والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي هي الاتصال، والاتساق، والتنسيق في كل منهما-الألوكة -
ففي هذا إشارة إلى منهج المؤلِّف في القواعد الفقهية ، بأن هذا المؤلَّف خاص بالقواعد ، وفيه إشارة إلى أنها منظومة ، وفيه إشارة إلى أن هذه القواعدَ ليست من بنات أفكارهِ ، ونتائج اختراعاتِه ، ولكنها مُستفادةٌ من كتب العلماء .
فهذه القواعد موجودة في كتب القواعد، وهي متفرقة أيضًا في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم.

وهذا من أدب الناظم ، وحُسن أخلاقه ، فإن من بركة العلم أن يُنْسَبَ إلى صاحبِهِ .وهذا منهجُ أهلِ الإيمانِ فمنهجهم أنهم لا ينسِبون إلى أنفسهم ما ليس لهم .وهذا هو الهدي.
* فعن أسماء بنت أبي بكر ، أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن لي جارة ـ تَعني ضَرَّة ـ هل عليَّ جناحٌ إن تَشَبَّعْتُ لها بما لم يعطِ زوجي (1) ؟ قال صلى الله عليه وسلم " المتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور " .
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 35 ) ـ كتاب : الأدب / ( 92 ) ـ باب :فيمن يتشبع بما لم يعط / حديث رقم : 4997 / ص : 903 / صحيح .
( 1 )تَشَبَّعْتُ لها بما لم يعطِ زوجي : أي ادعت أمام ضرتها بأن زوجها أعطاها كذا وكذا ، وهو لم يعطها ، ولكن لتكيد ضرتها أو ... .
جزاهُم : أي : أثابهم .
المولَى : والمراد : المالك والناصر ، وهو الله تعالى ، لقوله سبحانه "ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهمْ " .سورة محمد / آية : 11 .
عَظِيمَ الأَجْرِ: من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ، والمراد . أجرًا عظيمًا .
والعَفوَ مَعْ غُفْرانِه : العفو والغُفْران : بمعنى التجاوز عن الذنب .
=ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن العفو أبلغ من المغفرة ؛ لأن العفو محو، والمغفرة ستر.
وذهب آخرون إلى أن المغفرة أبلغ من العفو ؛ لأنها سترٌ، وإسقاطٌ للعقاب ، ونيلٌ للثواب، أما العفو: فلا يلزم منه الستر ، ولا نيل الثواب .

قال ابن جُزَيّ رحمه الله :
" العفو : ترك المؤاخذة بالذنب .
والمغفرة تقتضي ـ مع ذلك ـ : الستر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْعَفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو ، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ .
فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" 14/ 140.
وبهذا يتبين أن المغفرة أبلغ من العفو، على القول الراجح ؛ لما تتضمنه من الإحسان والعطاء..الإسلام سؤال وجواب =هنا=
وهذه دعوة طيبة دعا بها الشيخ السعدي للعلماء الأفاضل ، فنستفيد هذا الأدب ، فالدعاء لأهل العلم من حُسن الأدب ، وجميل الأفعال وهي صفة وسِمة للمؤمنين أجمعين ، كما قال تعالى "وَالَّذِينَ جَاءُو مِن بَعْدِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا " . سورة الحشر / آية : 10 .
فالدعاء لأهل الإيمان من القربات التي يتقرب بها العباد إلى ربهم ـ عز وجل ـ وقال صلى الله عليه وسلم "لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ " .
رواه الترمذي عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6601 / ص : 1122 .
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ".
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 3 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 38 ) ـ باب :عطية من سأل بالله عز وجل / حديث رقم : 1672 / ص : 290 / صحيح .
ومعروف العلوم أعظم من معروف المال ، ولهذا تستغفر النملة في جُحرِها ، والحيتان في بحرها لمعلم الناس الخير .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
فجزى الله معلمي الناس الخير خير الجزاء ، ونستغفر لهم مع من في السموات والأرض ومع الحيتان في البحر .
* فعن أبي الدرداء قال : سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول "إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ" .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ باب : ثواب معلِّم الناس الخير / حديث رقم : 239 / ص : 59 / صحيح .
جزاهم المولى عظيم الأجر والعفو مع غفرانه والبِرِّ ..... آمين .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره :فالعفو والمغفرة ؛يحصل بهما دفع المكاره والشرور.
معنى البِرِّ لغةً
:البِرُّ
: الصِّدق والطَّاعة والخير والفضل.
معنى البِرِّ اصطلاحًا:
قال المناوي: التوسُّع في فعل الخير، والفعل المرضِي، الذي هو في تزكية النَّفس... يقال: بَرَّ العبدُ ربَّه. أي: توسَّع في طاعته... وبِرُّ الوالد: التَّوسع في الإحسان إليه، وتحرِّي محابِّه، وتوقِّي مكارهِه، والرِّفقُ به . موسوعة الأخلاق = هنا =

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره :فالعفو والمغفرة ؛يحصل بهما دفع المكاره والشرور.
معنى البِرِّ لغةً:البِرُّ: الصِّدق والطَّاعة والخير والفضل.
معنى البِرِّ اصطلاحًا:
قال المناوي: التوسُّع في فعل الخير، والفعل المرضِي، الذي هو في تزكية النَّفس... يقال: بَرَّ العبدُ ربَّه. أي: توسَّع في طاعته... وبِرُّ الوالد: التَّوسع في الإحسان إليه، وتحرِّي محابِّه، وتوقِّي مكارهِه، والرِّفقُ به . موسوعة الأخلاق = هنا =
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-01-2018, 07:32 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y

المجلس السابع
دورة تيسير القواعد الفقهية

11
ـ النِّيةُ شَرْطٌ لِسَائرِ العَمَلْ * بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ
هذه هي القاعدة الأولى ،وهي أُولَى القواعد الخمس الكبرى.

النِّيةُ في اللغة: القصد. وفي الاصطلاح هي: قصد العمل ابتغاء وجه الله عز وجل - أي الإخلاص-.

فالنِّيةُ مرادفة للإخلاص ؛ إذ بينهما عموم وخصوص مطلق.
فالنِّيةُ : أعم مطلقًا من الإخلاص ، فتشمل نية الرياء والشرك والإخلاص وغير ذلك .
والإخلاص : أخص من النية لأن معناه إخلاص النية من شوائب الشرك والرياء ، وإفراد الله بالقصد والإرادة .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 34 / بتصرف .
والنِّيةُ كما قال أهل العلم : تَشْرُدُ ، فالإنسان يحتاج إلى معاهدتِها ، وعلى مجاهدة النفس من أجل تصحيحها وتنقيتها وتجريدها لله عز وجل .
القواعد الفقهية ... / شرح : خالد الصقعبي / ص : 19 .
وبدأ الناظم بما يتعلق فالنِّيةُ تنبيهًا للقارئ إلى استحضارِهَا وتخليصِهَا قبل البِدء بهذه القواعد .ولا شك أن التذكير بالنية لابد أن يكون في البداية لأنها شرط لقبول العمل.
وقد استحب جماعة من السلف بدء المصنفات بحديث النيات لهذا المعنى ، كما فعله الإمام البخاري في صحيحه .

شواهد وأدلة هذه القاعدة كثيرة جدًا في الكتاب والسنة :
· أما من الكتاب :فقوله تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ " .سورة البينة / آية : 5 .
و
قول الله عز وجل" لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ" النساء:114.

فهذه الآيات ونحوها تدل على وجوب النية في جميع الأعمال ، وأن المرءَ مؤاخذٌ بما قصد قلبه .
· وأما من السنة :
* قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبُها أو إلى امرأةٍ ينكحُهَا فهجرته إلى ما هاجر إليه "
صحيح البخاري / 1 ـ كتاب : بدء الوحي / 1 ـ باب : كيف كان بدء الوحي إلى ... / حديث رقم : 1 / ص : 9 .
ويكفي أن نعلم أن هذه القاعدة بُنِيَتْ على هذا الحديث ، فمكانتها ـ أي القاعدة ، بمكانة هذا الحديث،فهذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام العظيمة.
القواعد الفقهية ... / للسعدي / شرح خالد الصقعبي .
* عن نافع بن جُبَيرِ بنِ مُطْعِم قال : حدثتني عائشةُ ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسَفُ بأولِهم وآخرِهم " . قالت :قلتُ : يا رسول الله كيف يُخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقُهم ومَن ليس منهم ؟ . قال" يُخسفُ بأولهم وآخرِهم ثم يبعثون على نياتِهم " .
صحيح البخاري . / 34 ـ كتاب : البيوع / 49 ـ باب : ما ذُكر في الأسواق / حديث رقم : 2118 / ص : 239 .

شروط النية :
النية يشترط لها شروط:
الشرط الأول: التمييز، فالتمييز شرط لصحة النية-.فالصبي غير المميِّز لا يتمحض له قصد صحيح ، وحينئذ لا يصح اعتبار النية منه- ، والصبي الذي لم يميز لا تصح عباداته؛ لا يصح وضوءه، ولا صلاته، ولا صيامه؛ لأنه لا يعقل النية، ويستثنى من ذلك الحج والعمرة، فإنهما يصحان من الصبي الذي لم يميز وينوي عنهما وليه.
الشرط الثاني: العقل، وعلى هذا فالمجنون لا تصح نيته.لأن غير العاقل لا يتمحض له قصد صحيح-
الشرط الثالث: العلم بالمنوي، فلا بد أن يعرف ويعلم المنوي.
الشرط الرابع : الإسلام، فالكافر لا تصح نيته- كعبادة. شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - للشيخ : خالد بن علي المشيقح - هنا- بتصرف يسير بهذا اللون.
. * الشرط الخامس : ألا يأتي بمنافٍ للنية ، والمنافي للنية أمران :
أ ـ القطع : يعني أن ينوي قطع العبادة ، فعلى هذا من قام يصلي ثم نوى قطع الصلاة انقطعت صلاته ، لكن من تردد في النية هل يقطع أو لا يقطع ؟ الصحيح أنها لا تنقطع ، لأن أصل النية موجود .
ب ـ الرِّدة عنِ الإسلام ِ، على قول من اشترط الإسلام لصحة النية .
القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .

ـ محل النية والقصد :
اتفق العلماء على أن القلب محل النية وموضعها .
ـ وقت النية :
النية المُقَارِنة ركن في العبادة ، فالأصل فيها أن تكون مُقارنة للفعلِ المَنوِيّ ، إلا أن الشارع جاء في بعض الأعمال وصحح سبق النية للفعل ، مثال ذلك : أن الشريعة جاءت بأن من نوى الصيام في الليل صح صيامه ولو لم تكن نيته مقارنة لأول الصيام .القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 23 .
* فعن حفصة ؛ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا صيام لمن لم يؤرِّضْهُ من الليل "
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 7 ـ كتاب : الصيام / 26 ـ باب :ما جاء في فرض الصوم من الليل ، والخيار في الصوم / حديث رقم : 1700 / ص : 297 / صحيح .
" لمن لم يورِّضْه " : من أَرَّضَهُ ، إذا قدره وحزمه ؛ أي : لمن ينوه بالليل .حاشية سنن ابن ماجه / ص : 297 .
هذا في الفريضة،أما صيام النفل فلا يلزم فيه النية بالليل.
* عن عائشة -رضي الله عنها؛ قالت : دخل عَليَّ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال " هل عندكم شيء " ؟ . فنقول : لا ، فيقول : " إني صائم " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 71 ـ كتاب : الصيام / 26 ـ باب :ما جاء في ... / حديث رقم : 1701 / ص : 297 / حسن .
فالأصل أن النية تصحب العمل من أول وقته حكمًا لا حقيقة ، أما الحقيقة فظاهرًا . وأما الحكم فمثاله : كأن ينوي المكلَّف صلاة العصر ، وهو يتوضأ وضوء صلاة ولم يُحْدِث بعد هذا الوضوء ما ينافي جنس الصلاة ، ثم شرع في صلاة العصر دون حضور الذهن لنية ،فإنه ناوٍ حكمًا
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 39 .
وقال الشيخ : خالد بن علي المشيقح:
فوقت النية يختلف باختلاف العبادات، وفي الجملة العلماء يقولون: للنية وقتان:
الوقت الأول: وقت استحباب، وذلك أن يكون مقارنًا لبدء فعل العبادة، فمثلاً إذا أردت أن تصلي الفريضة فعند تكبيرة الإحرام تنوي.
الوقت الثاني: وقت الجواز، ويكون قبل العبادة بزمن يسير.
وهل يشترط دخول الوقت أو لا يشترط؟ الصحيح أنه لا يشترط دخول الوقت، فإذا كان قبل العبادة بزمن يسير فإن هذا لا يضر. شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - للشيخ : خالد بن علي المشيقح - هنا-
= فوائد النية:
الفائدة الأولى: التمييز بين العبادات بعضها من بعض، يدخل أحد المسجد ويصلي ركعتين، فقد ينوي بهما تحية المسجد، وقد ينوي بهما الفريضة، أو السنة الراتبة إذا دخل قبل صلاة الفجر، فلا بد من النية حتى تميز العبادات بعضها عن بعض.
الفائدة الثانية: أنها تميز العبادات عن العادات، فقد يعمم بدنه بالماء ويقصد بذلك رفع الحدث الأكبر، وقد يقصد مجرد التنظف.
الفائدة الثالثة: ما يتعلق بالإخلاص، هذا يصلي ركعتين يكون مخلصًا فأجره عظيم عند الله سبحانه وتعالى، وعمله صحيح، وهذا يرائي في عمله.. إلى آخره، ولهذا قال لك المؤلف: بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ.
الفائدة الرابعة: ما يتعلق بتداخل العبادات، هذا يصلي ركعتين عن ثلاث صلوات- نية الوضوء،وتحية المسجد،ونافلة-، وهذا يصلي ركعتين عن صلاة واحدة فقط، وكل هذا راجع إلى النية، وسيأتينا إن شاء الله ما يتعلق بتداخل العبادات.شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - للشيخ : خالد بن علي المشيقح - هنا-
*شَرْطٌ : الشرط ما يلزم من عدمه العدمُ ، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته . والشرط خارج العمل .
مثاله : الطهارة شرط في صحة الصلاة ، فلا يلزم من وجود الطهارة وجود صحة الصلاة ولا عدمها ،فقد يتطهر ولا يكون وقت صلاة . ويلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة .
فالنية شرط . وقيل ركنٌ ، علمًا بأن كلاً من الشرط والركن فرض، لكن الشرط يكون خارجًا عن المشروط، كالطهارة شرط للصلاة خارجة عن الصلاة،والركن يكون جزءًا داخلاً في العبادة ، قال ابنُ نُجَيْم في الأشباه والنظائر: ص55 :النية شرط عندنا في كل العبادات باتفاق الأصحاب -أي الحنفية-، لا ركن، وإنما الاختلاف بينهم وقع في تكبيرة الإحرام، والمعتمد أنها شرط كالنية وقيل: بركنيتها. وكذلك قال الحنابلة والمالكية: النية شرط في العبادة لاركن ولو داخلها. القوانين الفقهية: ص 57، غاية المنتهى: 115/1 .
وقال السيوطي في :الأشباه والنظائر: ص38 :اختلف الأصحاب - أصحاب الشافعي- هل النية ركن في العبادات أو شرط؟ فاختار الأكثرون أنها ركن؛ لأنها داخل العبادات، وذلك شأن الأركان، والشرط ما يتقدم عليها، ويجب استمراره فيها.مقتبس من الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ- أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ- هنا-

والشرط والركن : يجتمعان : في انعدام صحة العمل عند عدمها .
ويفترقان : في أن الركن جزءٌ من حقيقة الفعل وماهيته ، كالركوع في الصلاة . وأما الشرط فإنه خارج عن حقيقة الفعل وماهيته ، كاستقبال القبلة أثناء الصلاة .
قال بعض العلماء :
الركنُ ما في ذات الشيء ولجا* والشرط عن ماهيته خرجا
لكن كلاهما إذا ما انعدما * انعدمت حقيقةٌ معهما .

وقوله: سائر العمل: يشمل العمل القلبي والعمل البدني والقولي، فالعمل يشمل كل ما يصدر عن الإنسان، وكل ما يتحرك به ظاهرًا أو باطنًا، فكل العمل تشترط له النية، لا بد له من النية.
*لِسَائرِ العَمَلْ
:
، النيةُ شرطٌ لكل الأعمال ؛يشمل العمل القلبي والعمل البدني والقولي، فالعمل يشمل كل ما يصدر عن الإنسان، وكل ما يتحرك به ظاهرًا أو باطنًا، فكل العمل تشترط له النية، لا بد له من النية وبها يُحكمُ على العمل بالصلاح أو الفساد . ويستثنى من هذا العموم أمران :
* الأول : التُّرُوك ، كترك الزنا ، وترك القتل ، وترك سائر المعاصي ، فهذه التروك داخلة في الأعمال من جهة اللفظ ، لأن الترك نوع من أنواع الفعل كما قال تعالى :
" كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " . سورة المائدة / آية : 79 .
فسمى عدم تنهاهيم فِعْلًا .

فالنية ليست شرطًا في صحة التروك ، فكل من ترك المعاصي ،فذمته بريئة من الإثم ، ولكن لا ثواب له على الترك إلا بنية الامتثال ـ أي الترك امتثالاً للنهي ـ .
* الثاني : الأعمال الدنيوية المحضة : التي يحصل المقصود منها بمجرد الفعل ، ولا يتوقف على النية ، كرد المغصوبات ، والديون والأمانات إلى أهلها ، فإن المقصود هو رجوع المال إلى صاحبه ، وهذا يحصل بمجرد الردِّ ، ولا يتوقف على النية . وهذا حاصلٌ بمجرد الفعل دون توقف على نية الامتثال .
يعني: إذا رد الدين حياءً أو خوفًا، فحينئذ نقول: هذا قطعًا أنه لم ينوِ الامتثال، فحينئذ إذا قيل: لم ينوِ الامتثال هل نقول بأنه لا يجزئ؟ إذًا: أعِدْ قضاء الدين مرة أخرى؟ نقول: لا. ليس هذا هو المراد، وإنما نقول: لا ثواب إلا بنية، فالعمل حينئذ مجزئ وسقط به الطلب.
إذًا: الواجب قسمان:
-واجب لا يصح ولا يعتد به إلا بنية، وهذه العبادات المحضة.
-واجب يصح ويعتد به بدون نية لكن لا ثواب فيه إلا بنية.

كتاب: شرح مختصر التحرير للفتوحي-هنا-
* فعن الزهري قال : حدثني عامرُ بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه أخبره أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها ، حتى ما تجعل في فم امرأتِك " .
صحيح البخاري . متون / (2) ـ كتاب : الإيمان / (41) ـ باب : ما جاء إن الأعمال بالنية ... / حديث رقم : 56 / ص : 17 .
*بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ:
والناظم في هذا البيت يشير إلى القاعدة الكلية الكبرى " الأمور بمقاصدها " ، بمعنى أن تصرفات المكلَّفِ تختلف أحكامها باختلاف مقصود الشخص ونيته فيها .

مثال ذلك :
من وجد مالاً مفقودًا ، فإن أخذَه بنية التملك لنفسه يكون غاصبًا ، ويلزمه الضمان عند التلف . وأما من أخذه بنية الحفظ ، وقصد التعريف ، ـ لُقَطَة ـ ، فإنه يكون أمينًا ، ولا يضمن المال عند التلف إلا بالتفريط .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
* ثلاثة أشخاص قتلوا ثلاثة أشخاص :
الأول : قتل شخصًا عمدًا وعدوانًا ، فهذا يُقتل .
الثاني : شبه العمد أي أراد إيذاء المقتول لا قتله ، أو خطأ : كمن أراد يرمي صيدًا فقتل إنسانًا ، فهذا عليه كفارة .
الثالث : أمر بقتل فلان من الناس حدًّا -أي أقام على شخص حد من حدود الله بالقتل ، فهذا لا شيء عليه .
فالأول قَتَلَ عمدًا ؛ والثاني شبه عمد أو خطأ ؛ والثالث مأذون له في ذلك ، فصورة العمل واحدة كلها قتل ؛ لكن النتيجة والتبعية اختلفت لاختلاف النية .
منظومة القواعد ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي .
o تنبيه :
ـ يجب التنبيه هنا على خطأٍ شائع بين المسلمين ، عندما تخاطب أحدهم وتأمره بعمل من أعمال الجوارح المأمور بها ، يقول " إنما الأعمال بالنيات"المهم ما وقر في القلب ! ! .
وهذا فهم خاطئ للحديث ، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقل " إنما النيات بالنية " ، ولكن قال : إنما الأعمالُ بالنيات.

إذًا لابد من العمل الصالح ثم النية التي تجعل العمل خالصًا لوجه الله .
مثال ذلك :
نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة في أوقات معينة وتسمى أوقات الكراهة ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن هذه الأوقات لعدم التشبه بغير المسلمين في عقيدتهم ، رغم عدم الشك في نيته صلى الله عليه وسلم ونية أصحابه ، فلا يصلي أحد في هذه الأوقات ويقول ليس في نيتي عقيدة هؤلاء ، فنيتي صالحة ، لا . النية لا تخرجه عن النهي السابق . فلابد أن يكون العمل صالحًا ـ أي على الكتاب والسنة ـ ، والنية صالحة وخالصة لوجه الله .
نسأل الله أن يصلح أعمالنا .

.صور التشريك في النية :

* الصورة الأولى : أن يدخل مع العبادة ما ليس بعبادة أصلاً . وهذه الصورة نوعين :
النوع الأول : أن يدخل مع العبادة ما لا يصح إدخاله ، كالذبح لله وللولي فلان ، فهذا يُبطل العبادة .
النوع الثاني : أن يُدْخِل مع العبادة ما يصح إدخاله ، كما لو اغتسل بنية الجمعة والتَّبَرّد .
* الصورة الثانية : أن ينوي مع العبادة عبادة أخرى ، وهذا له أنواع :
النوع الأول : أن يدخل الفريضة على فريضة ، هذا لا يجوز إلا في حالة واحدة فقط ،في الحج في القِران ، أي يدخل الحج على العمرة ، فيقول " اللهم لبيك عمرة
وحجًا" ، فهنا أدخل الحج على العمرة وقرنهما بنية واحدة
النوع الثاني : أن ينوي مع الفريضة سنة ، هذا يجوز في بعض الصور دون بعض .
وسيأتي تفصيل ذلك في قاعدة 42 :
وإِنْ تَسَاوى العَمَلانِ اجْتَمَعَا** وَفُعلَ أَحَدُهمَا فَاسْتَمِعَا
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 39 .

= قلب النية:
العلماء يقولون: قلب النية ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يقلب النية من معين إلى معين فهذا لا يصح، وحينئذ يبطل الأول ولا ينعقد الثاني، مثال ذلك: رجل يصلي راتبة الفجر، وهذه صلاة معينة، ثم قلبها للفريضة، هذا لا يصح، فتبطل الأولى؛ لأنه قطع نيتها الراتبة، ولم تنعقد الثانية؛ لأنه لا بد أن تكون النية من أول الصلاة، وهو ما نوى أول الصلاة بل نوى في أثنائها.
القسم الثاني: أن يقلب عبادته من عبادة معينة إلى عبادة مطلقة، وهذا يصح؛ لأن العبادة المعينة اشتملت على نيتين: اشتملت على نية التعيين، ونية الإطلاق، وأبطل الآن نية التعيين، فبقيت نية الإطلاق، فمثلاً: لو كان يصلي سنةً راتبة أو فريضة، ثم قلبها إلى صلاة نفل مطلق فنقول: يصح ذلك؛ لأن هذه الصلاة اشتملت على نية التعيين ونية الإطلاق، فأبطل نية التعيين وبقيت نية الإطلاق.
القسم الثالث: أن ينتقل من مطلق إلى معين، وهذا لا يصح، فلو أنه شرع في نافلة مطلقة ثم انتقل إلى نافلة معينة كسنة راتبة، نقول بأنه لا يصح.
شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - للشيخ : خالد بن علي المشيقح - هنا-
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-01-2018, 07:33 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
المجلس الثامن
دورة تيسير القواعد الفقهية
12 ـ الدِّينُ مَبْنيُّ على المَصَالحِ في جَلْبِهَا والدَّرْءِ للقَبَائِحِ
هذه القاعدة الثانية من القواعد الفقهية .
الدِّينُ: الطاعة والجزاء .يطلق ويراد به العمل، ويطلق ويراد به الجزاء والحساب.
فأي المعنيين المراد هنا؟ المراد العمل؛ أي العمل العبادي في هذه الشريعة .

فمن الأول ـ أي : " الطاعة " ـ : قول الشاعر :

أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنا ** وَأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينا
بأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضًا ** وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْرًا قَدْ رَوِينا
أيامٍ لنا غرٍّ طوالٍ ** عصينا الملكَ فيها أن نَدِينا

لطيفة في معنى أبيات معلقة عمرو بن كلثوم : كان عمرو بن هند-ملك الحيرة- كان طاغية متجبرًا ، فقال لمن حوله :
أتعلمون من تأنف أمه من خدمة أمي ؟ فقالوا: لا نعلم إلا ليلى بنت
مُهَلْهِل ، فإن أباها مُهَلْهِلٌ بن ربيعة ، وعمها كُلَيْب ، وزوجها كلثوم ابن عَتَّابٍ فارس العرب ، وابنها عمرو بن كلثوم.فأرسل الملك إلى عمرٍو وأمِهِ يدعوهما إلى زيارتِه ، وأوعز ملك الحيرة إلى أن تستخدم أم عمرو بن هند لإذلالها. وفي أثناء الحفل طلبت أم عمرو بن هند من لَيْلَى بِنْت مُهَلْهِلِ بْنِ رَبِيعَةَ أن تناولها الإناء ، فقالت لها : لتقم صاحبة الحاجة لقضاء حاجاتها.فلما ألحت عليها صرخت وقالت واذُلَّااااااااااه !! فسمعها ابنُها عمرو بن كلثوم فثار وتناول سيفه وقتل الملك-عمرو بن هند- ،وعاد إلى الجزيرة
ينادي عمرو ابن كلثوم على ملك الهِند بنداء متصف بالعزة ويهدده بألا يتعجل في نظرته حتى يعلم من يخاطب ومن يوجه لهم الكلام ، ويهدد عمرو بن كلثوم بأن قبيلته قوية فهي إذا ذهبت إلى معركة تذهب الأعلام والرايات بيضاء من كثرة القتل في الأعداء ترجع حمراء ، ويخبره بأن لهم أيام مشهورة وطويلة تنبه الجميع بأننا لا نخاف أي ملك ولا ندين لأي أحد أي لانطيع أي أحد .ا.هـ .هناهناهنا=
" فالدين بهذا المعنى مأخوذ من الفعل : " دان " بمعنى : أطاع ، فمن دان لغيره ، وأطاعه فإنه قد سلَّم الدِينَ له ، ولما كان أهلُ الإيمانِ يطيعون اللهَ ـ عز وجل ـ سُميت شريعةُ اللهِ " الدينَ " . القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / ص : 24 .
ومن الثاني ـ أي : " الجزاء " : قولهم :
" كما تَدِين تُدانُ " ، ومنه " يومُ الدينِ " أي : يوم الجزاء
وأُطلق على الشريعةِ لفظُ الدِّين لقيامها على معنى الطاعة والجزاء .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .

مَبْنيُّ على المَصَالحِ : ا
لمَصَالحِ : جمع مصلحة ، وهي المنفعة وزنًا ومعنى ،واحدها " مصلحة " .

المقصود من المَصَالحِ عند الفقهاء؛ هو حفظ مقصود الشارع بالحفاظ على الكليات الخمس ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل أو العِرض ، والمال ، فقد جاء الإسلام للحفاظ على هذه الكليات الخمس .

فإن الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس التي هي الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ليعيش المسلم في هذه الدنيا آمنا مطمئنًا يعمل لدنياه وآخرتِهِ.
"حفظ الدين " هو مجموع العقائد والعبادات والأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقات الناس بعضهم ببعض..حيث قصد الشارع بتلك الأحكام إقامة الدين وتثبيته في النفوس..وذلك باتباع أحكام شرعَهَا.. واجتناب أفعال أو أقوال نهى عنها..وبالحفاظ على الدين تتوازن أمور الدنيا والآخرة.

ففرضت الصلاة كزاد يومي لحفظ الدين ، وصلاة الجمعة أطول، ففيها خطبة هي شحنة أسبوعية، والصيام شحنة ثلاثين يومًا، والحج فيه سفر، وفيه تفرغ، وفيه مناسك، وفيه إنفاق مال، والحج شحنة العمر.هنا = فكما أن
العبادات من أجل حفظ الدين.كذلك حرم الشرع ونهى عما يضر نهى عن الزنا والسرقة والقتل العدوان و.... وجعل لها عقوبات رادعة .
" حفظ النفس " قد عُنيت الشريعة بحفظ الأنفس المعصومة بالإسلام أو بالعهد؛ وذلك بتحريم الاعتداء عليها، وضمان ما أتلفه على سبيل الخطأ، وتجنب كل ما من شأنه إيقاع الضرر على الغير، ورد العدوان بما يناسب من وسائل الدفاع عن النفس- الألوكة

"حفظ العقل "للعقل في الإسلام أهمية كبرى فهو مناط المسؤولية والتكليف ، وبه كرم الإنسان و فُضل على سائر المخلوقات، وتهيأ للقيام بالخلافة في الأرض وحمل الأمانة
فلأنه مناط التكليف، حرم كل ما من شأنه إدخال الخلل عليه؛ كالخمور والمخدرات، وكالتفكير الفاسد الذي تروجه المذاهب الهدامة والنِّحَل الباطلة. الألوكة.

"حفظ النسل " اختلف الأصوليون في تسميته بالنسب أو النسل ...و شرع لإيجاده الزواج؛ للتوالد والتناسل، وشرع لحفظه وحمايته حد الزنا وحد القذف،فحفظ النسل يتضمن المحافظة على الفروج والأعراض وصحة الأنساب.

" حفظ المال"كما هو شأن الإسلام دائمًا مع النزعات الفطرية للإنسان حيث يبيح إشباعها ويلبي مطالبها ضمن الحدود المعقولة، مع التهذيب والترشيد حتى تستقيم وتحقق الخير للإنسان ولا تعود عليه بالشر، كان هذا شأنه مع نزعة حب التملك الأصلية في الإنسان، فقد أباح الملكية الفردية، وشرع في ذات الوقت من النظم و التدابير ما يتدارك الآثار الضارة التي قد تنجم عن طغيان هذه النزعة من فقدان للتوازن الاجتماعي، وتداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع، ومن النظم التي وضعها لأجل ذلك نظم الزكاة و الإرث و الضمان الاجتماعي، وتحريم التعاملات الربوية، ومن ثم اعتبر الإسلام المال ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية.

وأوجب للحفاظ على المال؛ السعي في طلب الرزق الطيب، وأباح المعاملات والمبادلات والتجارة..وللحفاظ عليه حرم السرقة والغش والخيانة وأكل أموال الناس بالباطل وعاقب على ذلك. وعدم تبذير الأموال .

في جَلْبِهَا: أي في تحصيلها .
والدَّرْءِ: أي الدفع . للقَبَائِحِ: أي المفاسد.

وملخّص هذه القاعدة: أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، هذا من جانب، وإعدام المفاسد وتقليلها..

وهذه قاعدة من القواعد الكلية التي تدخل في كثير من أبواب الفقه؛ بل هي من القواعد الكبرى التي لا يسلم منها باب من الأبواب، فهي داخلة في جميع أبواب الفقه.

فبعض العلماء ، مثل العز بن عبد السلام ـ أرجَع الفقه كله إلى قاعدة واحدة وهي :
جلب المصالح ودرء المفاسد .

وقال ابنُ السبكي : بل يرجع الفقه كله إلى الجزء الأول من القاعدة، وهي : جلب المصالح " ، لأن درء المفاسد نوع من جلب المصالح .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .بتصرف.
فهذا الأصل العظيم ، والقاعدة العامة يدخل فيها الدين كله ، فكله مبني على تحصيل المصالح في الدين والدنيا والآخرة ، وعلى دفع المضار في الدين والدنيا والآخرة . ما أمر الله بشيءٍ إلا وفيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف ، وما نهى عن شيءٍ إلا وفيه من المفاسد ما لا يحيط به الوصف .
قال تعالى " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ"
سورة الأعراف / آية : 157 .
المَصَالحُ: مرتبتان: الإيجاد والتكثير.
القَبَائِحِ : المفاسد وهي مرتبتان: الأولى الإعدام، فإذا لم يتمكن من الإعدام فالتقليل.

فالشريعة في جميع ما جاءت به دائرة على هذين المعنيين: إيجاد المصالح وتكثيرها، وتقليل المفاسد وإعدامها.
فالشريعة ضبطت مصالح الناس، وحصّلت مصالح الناس في معاشهم ومعادِهم، فليس فقط المصلحة التي تحصلها الشريعة هي مصلحة الآخرة.
وهذه مسألة مهمة ، فإن الشريعة جاءت بما يصلح به أمر الدنيا وأمر الآخرة، فمهما بلغ الناس في تحصيل مصالح الدنيا، لا يستطيعون تحصيلها كما حصلتها الشريعة.
وأما مصالح الآخرة فلا سبيل إلى تحصيلها إلا من طريق هذه الشريعة المباركة.
الشيخ خالد المصلح .هنا=
ومن أعظم المصالح التي أمر اللهُ بها التوحيد ، الذي هو : إفراد الله بالعبادة ، وهو مشتمل على صلاح القلوب ، وسعتها ، ونورها ، وانشراحها ، وزوال أدرانها ، وفيه مصالح البدن والدنيا والآخرة .
وأعظم ما نهى الله عنه : الشرك في عبادته ، الذي هو فساد وحسرة في القلوب والأبدان ، والدنيا والآخرة .
فكل خير في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات التوحيد .
وكل شر في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات الشرك .
ومما أمر الله به : الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج : الذي من فوائد هذا انشراح الصدر ونوره ، وزوال همومه وغمومه ، ونشاط البدن وخفته ، ونور الوجه ، وسعة الرزق ، والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفي الزكاة والصدقة ، ووجوه الإحسان : زكاة النفس وتطهيرها ، وزوال الدرن عنها ، ودفع حاجة أخيه المسلم ، وزيادة بركةُ مالِه ونماؤه ، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه ، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ ، وزوال سخطه .
وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع ، كالصلوات الخمس ، والجمعة ، والأعياد ، ومشاعر الحج ، والعلم النافع ، لما في الاجتماع من الاختلاط الذي يوجب التوادد والتواصل ، وزوال التقاطع والأحقاد بينهم ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير ، وحصول التنافس في الخيرات ، واقتداء بعضهم ببعض ، وتعليم بعضهم بعضًا ، وتعلم بعضهم من بعض ، وكذلك حصول الأجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد ، إلى غير ذلك من الحِكَم .
وأباح سبحانه البيع والعقود المباحة ، لما فيها من العدل ، ولحاجة الناس إليها . وحرم الربا وسائر العقود الفاسدة ، لما فيها من الظلم والفساد ، وأباح الطيبات من المآكل والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من مصالح الخلق ، ولحاجة الناس إليها ، ولعدم المفسدة فيها . وحرم الخبائث من : المآكل ، والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من الخبث والمضرة ، عاجلاً وآجلاً ، فتحريمها حماية لعباده ، وصيانة لهم ، لا بخلاً عليهم ، بل رحمة منه بهم ، فكما أن عطاءَه رحمة ، فمنعه رحمة ، مثال ذلك : أن إنزال المطر بقدر ما يحتاج إليه العباد : رحمة منه تعالى ، فإذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة . لذا شرع لنا عند زيادة المطر إلى درجة نخشى منها الضر ، الدعاء بهذا " ... اللهم حوالينا ولا علينا ... " .
صحيح البخاري . متون / ( 15 ) ـ كتاب : الاستقساء / ( 6 ) ـ باب : الاستقساء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة / حديث رقم : 1014 / ص : 117 . وبالجملة ، فإن أوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها ، ونواهيه داء القلوب وَكُلُومهَا ، وكذلك المواريث ، والأوقاف ، والوصايا ، وما في معناها : اشتملت كلها على غاية المصلحة والمحاسن ، فالدِين مُقام على جلب المصالح ودرء المفاسد .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 14 / بتصرف .
دليل هذه القاعدة : العموم والاستقراء .
أما العموم : فمنه قوله تعالى -وذلك بدلالة اللزوم-
" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحشاءِ والمنكرِ وَالْبَغيِ " .سورة النحل / آية : 90 .
وقوله سبحانه (1) " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمةً لِّلْعالَمِينَ " . سورة الأنبياء / آية : 107 . فمقتضى كون هذه الشريعة رحمة أن تكون جالبة للمصلحة دافعة للمفسدة (1) .
وفي تعاليل الأحكام نجد أن الشريعة عللت كثيرًا من أحكامها بمصالح الخلق كما قال ـ جل وعلا ـ" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ". سورة البقرة / آية : 179 .
فقوله : حَيَاةٌ ، هذا تعليل لهذا الحكم وهو القصاص لمصلحة الخلق ـ [ حتى لا تكون فوضى ويعم الفساد ، فإذا عُلم أن هناك قصاص ارتدع المعتدي (2) ] ـ .
(2)ما بين المعكوفتين [ ] تصرف
وأما الاستقراء : ـ وهو تتبُّعُ الجزئيات للوصول إلى حكم كلِّيٍّ ـ : وتتبع الأحكام والنظر في عللها وحِكَمِهَا ، دليل قاطع على كون هذه الشريعة مصلحة للخلق .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
ـ بعد أن ذكر الناظم القاعدة الكلية في المصلحة ، بل هي من القواعد الخمس الكبرى ، بعدها انتقل إلى تفريع مبني على تلك القاعدة ، وهو تزاحم المصالح وتزاحم المفاسد . وهي القواعد التالية لهذا .
القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ خالد المصلح / بتصرف .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-01-2018, 07:36 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone


المجلس التاسع
دورة تيسير القواعد الفقهية

13ـ فَإِنْ تَزَاحَمْ عَدَدُ المَصَالِحِ * يُقدَّمُ الأَعلى مِنَ المَصَالِحِ

14 ـ وَضِدُّهُ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ* يُرتَكَبُ الأَدْنَى مِنَ المَفَاسِدِ

بعد أن ذكر الناظم رحمه الله القاعدة الكلية في المصلحة :الدِّينُ مَبْنيُّ على المَصَالحِ في جَلْبِهَا والدَّرْءِ للقَبَائِحِ، انتقلَ إلى تفريعٍ مبني على تلك القاعدة وذلك الأصل، وهو تزاحم المصالح وتزاحم المفاسد، كيف يعمل الإنسان إذا تزاحمت المصالح أو تزاحمت المفاسد؟
أولاً ما معنى التزاحم؟ معنى التزاحم أنه يتعين فعل أحد الأمرين:
لا بد من فعل أحد الأمرين، وفعل أحدهما يفوت الآخر، فتزاحم المصالح هو أن يكون عندك أمران كلاهما مصلحة؛ لكن لا يمكنك الجمع بينهما، فإذا فعلت هذا فاتك هذا، وإذا فعلت هذا فاتك هذا، أما إذا كان يمكن الجمع فهنا لا تزاحم.
يقول رحمه الله:
فَإِنْ تَزَاحَمْ عَدَدُ المَصَالِحِ : عَدَدُ : مجموعة، اثنان فأكثر، من المصالح، فما الذي يقدم؟
يقدم الأعلى من المصالح.الشيخ خالد المصلح = هنا=
= أي إذا دار الأمر بين فعل إحدى المصلحتين وتفويت الأخرى ، بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، رُوعي أكبر المصلحتين وأعلاهما فَفُعِلَتْ .
* فإن كانت إحدى المصلحتين واجبة والأخرى سُنَّة ، قُدِّمَ الواجبُ على السنة لأن مصلحته أعظم . ودليل ذلك :
* عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " إن الله قال :"مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"
صحيح البخاري . متون / ( 81 ) ـ كتاب : الرقاق / ( 38 ) ـ باب : التواضع / حديث رقم : 6503 / ص : 760 .
وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه :فأول وأوجب ما يقدّم عند التزاحم: ما فرضه الله علينا.
ـ وتطبيق هذه القاعدة :إذا أُقيمت صلاة الفريضة ، لم يجز ابتداءُ التطوع .
* لحديث أبي هريرة ، فعن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " إذا أقيمتِ الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبة "
صحيح مسلم . متون / 6 ـ كتاب : صلاة المسافرين وقصرها / 9 ـ باب : كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن / حديث رقم : 63 ـ 710 / ص : 171 .
وكذا إذا ضاق الوقت
:
مثال ذلك : إذا بقي على طلوع الشمس ما يكفيك لصلاة ركعة واحدة ، فلا يجوز أن تصلي السنة القبلية وذلك لضيق الوقت ، فالمصلحة الأعلى هنا إدراك صلاة الفريضة ، في وقتها . .
ـ وكذلك إذا تعارض صيام النفل للمرأة مع طاعة الزوج ، قُدمتْ طاعةُ الزوجِ ، لأنها واجبة .
* فعن همَّام بن مُنَبه . قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمدٍ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فذكر أحاديث منها . وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا تَصُمِ المرأةُ وبعلُها شاهد إلا بإذنه ... " .
صحيح مسلم . متون / 12 ـ كتاب : الزكاة / 26 ـ باب : ما أنفق العبد من مال مولاه / حديث رقم : 84 ـ 1026 / ص : 243 .
= وإذا تزاحم عنده في هذا المال إما أن يتصدق به، وإما أن يقضي الدَّينَ الذي عليه، فنقول: يقضي الدَّيْنَ؛ لأن الدَّيْنَ واجب.هنا = شرح القواعد الفقهية للشيخ خالد بن علي المشيقح =

* إن كانت المصلحتان واجبتين ولم يمكن الإتيان بهما ، قُدّم أوجبُهما ، فيقدم صلاة الفرض ،على صلاة النذر ، وكالنفقة اللازمة للزوجات ، والأقارب ، يقدم الأقرب فالأقرب . - وكالزوجة إذا تعارض في حقها أمر زوجها وأمر أبويها ، فتعمل بأمر الزوج 1 ، لأن طاعته آكدُ وأوجبُ - .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
1 هذه الطاعة للزوج مقيدة بألاّ تؤدي طاعته إلى عقوق الوالدين ، وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وكل هذا بمعايير الشرع المنضبطة . منظومة القواعد ... / شرح : حسين عبد العزيز آل الشيخ .
مثاله أيضًا: شخص عنده دراهم، إما أن يشتري طعامًا يأكله فيحفظ نفسه، وإما أن يقضي الدَّين الذي عليه، وكل منهما واجب، لكن حفظ النفسِ أوجب من قضاء الدين، فنقول: يقدم حفظ النفس.هنا = شرح القواعد الفقهية للشيخ خالد بن علي المشيقح =
* وإن كانت المصلحتان مسنونتين ، قُدم أفضلُهما ، فتقدم الراتبة -الراتبة: التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل ما يدل على أنها راتبة يداوم عليها صلى الله عليه وسلم، مثل سنة: الظهر والمغرب والعشاء والفجر، هذه يقال لها: رواتب؛ وسنة الجمعة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب عليها،عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ " . رواه الترمذي رقم 380 - وهو في صحيح الجامع 6362 ؛ - تقدم الراتبة على السنة :وليس لصلاة العصر سنّة راتبة ولكنّ صلاة أربع ركعات قبل فريضتها مستحبّة ولكنها دون منزلة السنن الرواتب وهذه الأربع هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا . " رواه الترمذي رقم 395 -وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 3493-.
وتقدَّم السنة على النفل المطلق :
وهو الذي لم يُحَدُّ بوقت محدد ولا سبب معين في الشريعة ، ويقدم ما فيه نفع متعدٍّ ، كالتعليم وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، ونحوها ؛ على ما نفعه قاصر ، كصلاة النافلة ، والذكر ، ونحوهما .
وتقدم الصدقة ، والبرّ للقريب على غيره .
"إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ ،وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ " الراوي : سلمان بن عامر الضبي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 2581 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية-
الشرح:

"الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ" أي: لها أجْرُ التَّصدُّقِ عليه،
"وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ" أي: لها أجْرُ صِلَةِ الرَّحمِ وأجْرُ التَّصدُّقِ عليه، والمقصودُ بـ:ذي الرَّحمِ: الأقاربُ الفُقراءُ، ذُكورًا وإناثًا، أمَّا الأغنياءُ منهم فصِلتُهم تكونُ بالهدايا والتَّزاورِ وبَشاشةِ الوجهِ والنُّصحِ للجَميعِ، وإطلاقُ لفظِ "الصَّدقةِ" يشمَلُ الفرْضَ مِن الزَّكاةِ لِمَن لا تجِبُ عليه النَّفقةُ، والمُستحبَّ من مُطلقِ الصَّدقاتِ.
وقيل: هذا إذا لم يَقْتضِ الحالُ العَكسَ؛ بأنْ يكونَ غيرُ القريبِ أشدَّ حاجةً، وتضرُّرًا مِن القريبِ، فيكونُ التَّصدُّقُ عليه أَولى.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الاستكثارِ مِن الخيرِ بين الأقاربِ بكلِّ أوجُهِ الخيرِ.
وفيه: الحثُّ على الاهتمامِ بذوي الأرحامِ، وأنَّ التَّصدُّقَ عليهم أفضلُ مِن التَّصدُّقِ على غيرِهم - إذا تساووا في درجة الحاجة- .
- الدرر السنية-
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .

* وإن تعارضت مصلحتان عامة وخاصةٌ ، فتقدَّم المصلحة العامة ، لأنها آكدُ .
ـ ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أنه قد يَعْرِض للعمل المفضول من العوارض ما يكون به أفضل من الفاضل ، بسبب اقتران ما يوجب التفضيل .

ومن الأسباب الموجبة للتفضيل :
* أن يكون العمل المفضول مأمورًا به بخصوص هذا الموطن ، كالأذكار في الصلاة وانتقالاتها ، والأذكار بعدها ، والأذكار الموظفة بأوقاتها ، تكون أفضل من قراءة القرآن في هذه المواطن .
* ومن الأسباب الموجبة للتفضيل : أن يكون العمل المفضول مشتملاً على مصلحة لا تكون في الفاضل ، كحصول تأليف قلوب به أو نفع متعدٍّ لا يحصل بالفاضل ، أو يكون في العمل المفضول دفع مفسدة يظن حصولها في الفاضل .
* فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال لها :
" يا عائشة لولا أن قومَكِ حديثُو عهدٍ بجاهلية ، لأمرتُ بالبيت فهُدِم فأدخلتُ فيه ما أُخرِجَ منه ، وألزقته بالأرضِ ، وجعلتُ له بابين ، بابا شرقيًا وَبابًا غربيًّا فبلغتُ به أساسَ إبراهيم " .
صحيح البخاري . متون / 25 ـ كتاب : الحج / 42 ـ باب : فضل مكة وبنيانها /حديث رقم : 1586 / ص : 181 . دار ابن الهيثم .
فهنا ترك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأفضل ـ وهو هدم الكعبة ، وبناؤها مرة أخرى على أساس إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، لأن الأفضل معه مفسدة . فالناس ألِفُوا صورة الكعبة هكذا ، ولو تغيرت قد يخرج بعضهم من الإسلام ، فهم مازالوا ضعاف الإيمان لأنهم حديثو عهد بالجاهلية ؛ أي خرجوا من الجاهلية منذ وقت قريب ـ .
فترك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصلحة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم دفعًا لمفسدة راجحة .
ـ وهذا أمر مركوزٌ عند العقلاء ، كما قيل :
إن اللبيبَ إذا بدا من جسمِهِ مرضانِ مختلفانِ داوَى الأخطرَا.

* ومن الأسباب الموجبة للتفضيل أن يكون العمل المفضول أزيد مصلحة للقلب من الفاضل ، كما قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لمّا سُئل عن بعض الأعمال " انظر إلى ما هو أصلح لقلبك فافعله " فهذه الأسباب تصيِّر العمل المفضول أفضل من الفاضل بسبب اقترانها به .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 17 / بتصرف

°قال الشيخ خالد المصلح:

*الإشكال يقع فيما إذا تزاحمت النوافل، أو تزاحمت الفرائض، إذا اتفقت في الجنس، كيف يفعل؟ هنا يطول الكلام ويحتاج الإنسان إلى فقه مراتب الأعمال.الشيخ خالد المصلح = هنا=
فمثلاً إنسان تزاحم عنده الآن طلب العلم وقيام الليل، ماذا يقدم؟ هل يقدم طلب العلم على قيام الليل؟ كلامنا في طلب العلم غير الواجب، غير المتعين، أما طلب العلم المتعين فخارج عن الكلام، كلامنا في طلب العلم الذي هو في دائرة النفل، وليس في دائرة فرض العين.
أيهما يقدم؟ هل يقدم طلب العلم على قيام الليل؟ هنا لا فرق، فكيف يقدم؟ هنا لا بد من النظر إلى مراتب الأعمال وإلى ثمرة العمل، فإن الأعمال تتفاوت في الأجر والمرتبة والفضيلة والمنزلة بنتائجها وعواقبها وأجرها، وهذه قاعدة في جميع الأعمال الواجبة والمستحبة: المفاضلة بين الأعمال هو في نتائجها وعواقبها وأجرها، فأيهما يقدم؛ طلب العلم أو قيام الليل؟
عندنا الآن من يرى تقديم طلب العلم مطلقًا، ورأي من يقدم قيام الليل مطلقًا، ورأي يقدم الأصلح لقلبه، ورأي يفصل باختلاف أحوال الناس.
وكل هذه الآراء قد قيل بها عند أهل العلم، وهذا الذي يجعل الموازنة بين المصالح من الأمور التي يحتاج فيها إلى فقه دقيق ونظر عميق حتى يتوصل الإنسان إلى الراجح من هذه الأقوال.
الإمام أحمد رحمه الله مال إلى تقديم العلم على قيام الليل؛ وذلك أن قيام الليل نفعه لازم، وأما طلب العلم فنفعه متعدٍّ، وما كان نفعه متعديًا يقدم على النفع اللازم.
وفي قول آخر في مسألة أخرى سئل الإمام أحمد رحمه الله: أيهما أفضل؟ فقال: انظر إلى ما هو أصلح لقلبك فافعله، فجعل المرجع في تحديد ما يقدم ويؤخر ما يحصل به زكاء القلب وصلاحه.
لأن هذا مقصود للشارع، فالأعمال العبادية على اختلاف أنواعها وصورها إنما يراد بها صلاح القلب واستقامته وزكاؤه وصلاحه.

" انظر إلى ما هو أصلح لقلبك فافعله " فهذه الأسباب تصيِّر العمل المفضول أفضل من الفاضل بسبب اقترانها به . إذًا في مثل هذه الأمور يحتاج الإنسان إلى أن يُنعم النظر ويدقق، وليس هناك جواب ينظم جميع الصور ويصلح لكل أحد.
ولذلك لما سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أيهما أفضل: المجاورة في مكة أو في المدينة؟ قال: الأفضل في المجاورة ما يحصل به لك التقوى، حيثما كنت في مكة أو في المدينة أو على رأس جبل، أو في أي مكان، ليس السبق فيما يتعلق بفضل المكان، إنما السبق فيما يتعلق بما يحصل به المقصود للقلب من الزكاء والصلاح والاستقامة.
فهذه الأمور تحتاج إلى بسط، وإلى نظر إلى جوانب عديدة، وهي راجعة إلى ما قدمنا به الحديث، وهو معرفة وفقه مراتب الأعمال، وهذا فقه دقيق.
الشيخ خالد المصلح = هنا=
__________________

14 ـ وَضِدُّهُ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ* يُرتَكَبُ الأَدْنَى مِنَ المَفَاسِدِ

وضد القاعدة السابقة ؛ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ :
المقصود هنا عند وجود مفسدتينِ محققتينِ ، لابد من وقوع واحدة منهما ، ولا مفر من تجنب إحداهما ، في هذه الحالة تُتَّقَى المفسدة العظمى بالمفسدة الدنيا ، لكن إذا كان يمكن تجنب المفسدتين فلا تطبق هذه القاعدة في هذه الحالة .
المفاسد : إما محرمات ، أو مكروهات ، كما أن المصالح : إما واجبات أو مستحبات ، فإذا تزاحمت المفاسد ، بأن اضطرّ الإنسانُ إلى فعلِ إحداها ، فالواجب أن لا يرتكب المفسدة الكبرى ، بل يفعل الصغرى ، ارتكابًا لأهون الشرينِ ، لدفع أعلاهما .
فإن كانت إحدى المفسدتين حرامًا والأخرى مكروهة ، قَدَّمَ المكروهَ على الحرامِ ، فيُقَدَّم الأكلَ منَ المشتبهِ على الحرامِ الخالصِ ، وكذلك يقدم سائرَ المكروهات على المحرمات .
وإن كانت المفسدتانِ مُحَرَّمَتَيْنِِ : قدَّمَ أخفهما تحريمًا ، وكذا إذا كانتا مكروهتَيْنِ ، قدَّمَ أهونَهُمَا .
ـ وهذه القاعدة يدور عليها كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمِيَّة .
فقد تحاول إزالة منكر وتُصر على ذلك ، فتتسبب في عشرات من المنكرات بسبب إزالتك لهذا النكر ، وقد تأمر بالمعروف فتتسبب في إزالة عشرات من المعروف .

منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
شرط النهي عن المنكر: ألا يؤدي إلى منكر أعظم منه.
قال النووي: ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف. ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته، أو ولده، أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف .اهـ.إسلام ويب-
*قال ابن القيم رحمه الله :فَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ أَرْبَعُ دَرَجَاتٍ:
الْأُولَى: أَنْ يَزُولَ وَيَخْلُفَهُ ضِدُّهُ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِلَّ وَإِنْ لم يَزُلْ بِجُمْلَتِهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْلُفَهُ ما هو مِثْلُهُ.

الرَّابِعَة: ُ أَنْ يَخْلُفَهُ ما هو شَرٌّ منه.
فَالدَّرَجَتَانِ الْأُولَيَانِ مَشْرُوعَتَانِ وَالثَّالِثَةُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَالرَّابِعَةُ مُحَرَّمَةٌ.
...إذا رَأَيْت الْفُسَّاقَ قد اجْتَمَعُوا على لَهْوٍ وَلَعِبٍ أو سَمَاعِ مُكَاء وَتَصْدِيَةٍ، فَإِنْ نَقَلْتَهُمْ عنه إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا كان تَرْكُهُمْ على ذلك خَيْرًا من أَنْ تُفْرِغَهُمْ لِمَا هو أَعْظَمُ من ذلك، فَكَانَ ما هُمْ فيه شَاغِلًا لهم عن ذلك.
وَكَمَا إذَا كان الرَّجُلُ مُشْتَغِلًا بِكُتُبِ الْمُجُونِ وَنَحْوِهَا وَخِفْت من نَقْلِهِ عنها انْتِقَالَهُ إلَى كُتُبِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالسِّحْرِ فَدَعْهُ وَكُتُبَهُ الْأُولَى.

وذكر أنه َسَمِعَ شَيْخَ الْإِسْلَامِ بن تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يقول: مَرَرْت أنا وَبَعْضُ أَصْحَابِي في زَمَنِ التَّتَارِ بِقَوْمٍ منهم يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَأَنْكَرَ عليهم من كان مَعِي فَأَنْكَرْت عليه وَقُلْت له إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تَصُدُّ عن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَهَؤُلَاءِ يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ عن قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ فَدَعْهُمْ.
أعلام الموقعين عن رب العالمين، لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي المعروف بابن القيم، دار الجيل - بيروت - 1973، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، ج3/ص4 - 5، وينظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرانيت728هـ، دار ابن حزم - بيروت -1424هـ -2004م، الطبعة الأولى، ص253-254.=الألوكة =
ـ من تطبيقات هذه القاعدة :
* خرق الخضر للسفينة :
قال تعالى على لسانِ موسى " قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شيْئًا إِمْرًا" . سورة الكهف / آية : 71 .
فبيَّنَ الخَضِرُ أن هذه السفينة لو بقيت صالحة لأخذها الملك الظالم ، فكان خَرْقُها فسادًا وضررًا ، لكن يُدْفَع به ما هو أضر وهو أخذ السفينة بكاملها .

* وكون الإنسان بين اختيارَيْنِ : طلب العلم في موضع يرى فيها المنكر ويسكت ، أو ترك ذلك والبقاء على الجهل والأمية .
فالأول مُقدَّم في الاختيار إذا أُمِنَتِ الفتنةُ ، فإن طلب العلم من ضرورة حفظ الدين ، والسكوت عن إنكار المنكر فيه رخصة في أحوال . -وتفصيل ذلك يقدم القوي الذي لا يخشى عليه الفتنة ليتعلم ثم ينشر علمه بلا مفاسد-
ومنها جوازالكذب للإصلاح بين الزوجين .
"ما سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرخصُ في شيءٍ من الكذبِ إلا في ثلاثٍ كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ" لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ ، والرجلُ يقولُ في الحربِ ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه ، والمرأةُ تحدثُ زوجَها". الراوي : أم كلثوم بنت عقبة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4921 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-
رغم أن الكذب مفسدة ،لكن نلجأ إليه لدرء مفسدة أعظم وهي التفريق بين الزوجين ، وإفساد ذات البين ....

* عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا ، أن أُناسًا من عبد القيسِ قَدِموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقالوا : يا نبي الله ! إنا حَيّ من ربيعةَ . وبينا وبينك كفار مُضَرَ . ولا نقدرُ(1) عليك إلا في أَشهرِ الْحُرُمِ . فَمُرْنا بأمرٍ نأمرُ به مَنْ وراءنا ، وندخلُ به الجنةَ ، إذا نحن أخذنا به .فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " آمرُكُم بأربعٍ (2) . وأنهاكم عن أربعٍ . اعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا . وأقيموا الصلاة . وآتوا الزكاةَ . وصوموا رمضان . وأَعطوا الخُمُسَ من الغنائمِ . وأنهاكم عن أربعٍ . عن الدُّباء (3) . والْحَنْتَم (4) . والمُزَفَتِ(5) . والنَّقِيرِ(6) " . قالوا : يا نبي الله ! ما عِلْمُكَ بالنقير ؟ . قال : " بلى . جذعٌ تنقرونه . فتقذفونَ فيه من القُطَيْعَاءِ " .
- قال سعيد : أو قال من التمر ـ " ثم تصُبُّون فيه من الماء . حتى إذا سكن غليانه شربتموه . حتى إنَّ أحدكم - أو إنَّ أحدهم -ليضربُ ابنَ عمه بالسيف " .
قال : وفي القوم رجل أصابته جِرَاحةٌ " كذلك . قال : وكنتُ أَخْبَأُها حياءً من رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فقلتُ : ففيم نشربُ يا رسول الله .
قال " في أسقية الأَدَمِ ، التي يُلاثُ على أفوَاهِهَا " . قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا كثيرةُ الجِرْذانِ . ولا تبقَى بها أسقيةُ الأَدمِ . فقال نبي الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : وإن أكلتها الجِرْذانُ . وإن أكلتها الجِرذان . وإن أكلتها الجرذان " . وقال نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأشَجِّ عبدِ القيسِ " إن فيك لخصلتان يحبها اللهُ الحلمُ والأناةُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 6 ) ـ باب : الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ... / حديث رقم : 26 ـ ( 18 ) / ص : 19 .
( 1 ) لا نقدر عليك : أي لا نقدر على الوصول إليك .
( 2 ) آمرُكُم بأربعٍ : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم آمركم بأربع ثم ذكر خمس . اختلف العلماء في الجواب عن هذا على أقوال ، أظهرها ما قاله الإمام ابن بَطَّال ـ رحمه الله ـ ، قال : أمرهم بالأربع التي وعدهم بها ، ثم زادهم خامسة ، يعني أداء الخمس لأنهم كانوا مجاورين لكفار مُضَر ، فكانوا أهل جهاد وغنائم . ا . هـ .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري .
( 3 ) الدُّباء: وهو القرع اليابس أي الوعاء منه .
- وفيه : تُقطع القرعة نصفين وينزع منها البذور ثم تجفف وتستعمل كوعاء . ويطلق اسم الدُّّباء على القرع ، وعلى الكوسة - .شرح صحيح مسلم .
( 4 ) الحَنْتَم : جِرار ـ مفردها ـ الْجَرَّة .
( 5 ) المُزَفَت : ما طُلي بالزفت .
( 6 ) النَّقِيرِ : أصل النخلة يُنقر فيتخذ منه وعاء .
ومعنى النهي عن هذه الأوعية الأربع : أنه نهى عن الانتباذ فيها ـ أي : النقع ـ ، وهو أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويُشرب .
وإنما خُصت هذه ـ الأوعية ـ بالنهي لأنه يسرع إليه الإسكار فيها ـ أي تتخمر سريعًا ـ . فنهى عنه ، ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأَدم ، بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المُسْكِر ، بل إذا صار مسكرًا شقها غالبًا بخلاف هذه الأوعية المذكورة وغيرها من الأوعية الكثيفة ، فإنه قد يصير فيها مسكرًا ولا يُعلم . ثم إن هذا النهي كان في أول الأمر ثم نُسخ بحديث بُرَيْدة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" كنت نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء . فاشربوا في الأسقية كلها ، ولا تشربوا مُسكرًا " .
صحيح مسلم / ( 11 ) ـ كتاب : الجنائز / ( 36 ) ـ باب : استئذان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في ... / حديث رقم : 977 / ص : 231
صحيح مسلم شرح ... النووي / المنهاج / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان /
( 8 ) ـ باب : الأمر بقتال ... / ص : 136 ، 137 / بتصرف .
وعون المعبود / المجلد الخامس / كتاب العلم / 8 ـ باب / ص : 115 .

· تطبيق القاعدة الفقهية على هذا الحديث :
يوجد بالحديث مفسدتان :
الأولى : قضية انتشار الخمور ، وأن هذه الأواني المنهي عنها يسرع إليها تخمر النبيذ- أي النقيع ، سواء كان نقيع تمر أو غيره - ، وخوفًا من أن يصير مُسْكِرًا ولا يُعْلَم به لكثافتها فيتلف ماليته ، وربما شربه المسلم ظانًا أنه لم يُصَرْ مُسْكِرًا فيصير شاربًا للْمُسْكِر ، وكان العهد قريبًا بإباحة المُسكر .

الثانية : لتجنب ذلك ، أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم باستخدام أواني الجد ، لتجنب هذه المفسدة ، ولكن مع ذلك توجد مفسدة أخرى وهي : أن أواني الجلد هذه ـ أسقية الأدم ـ سريعة التلف نظرًا لانتشار الفئران في هذه المناطق وقرضها لهذه الأوعية .
نعم هذه مضرة ، لكن في المقابل سنتقي مضرة أكبر منها وهي مضرة شرب الخمر .
لذا لما طال الزمان واشتهر تحريم المسكرات ، وتقرر ذلك في نفوسهم ، نُسخ ذلك وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكرًا .
عون المعبود / المجلد الخامس / كتاب : العلم / 8 ـ باب / ص : 116 / بتصرف .وشرح صحيح مسلم . بتصرف .
· ومن هنا يتبين أن تلازم الأحكام وتزاحمها يحتاج إلى أمرين لكي يُبَتّ في ذلك ، نص عليهما شيخ الإسلام في " المجموع " :
الأول : معرفة واقع الواقعة .
الثاني : العلم بمراتب الحسنات والسيئات ، ومقاصد الشريعة .

مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 48 .
ومما يتفرع على هاتين القاعدتين :
ـ درء المفاسدِ مُقدم على جلب المصالح
ـ درء المفاسد الراجحة مُقدم على جلب المصالح المرجوحة
ـ تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة
هذه القواعد نظير ما سبق ، والمراد :
* أنه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة ، وتساويا ، فإن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة .
وذلك لأن وجود المفسدة يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على تحصيل المنفعة ، لذا قالوا " التخلية قبل التحلية " ، أي إزالة العقبات من طريق جلب المصلحة أو المنفعة .
ودفع المفسدة مُقدم على جلب المنفعة لحكمة أخرى حاصلها : أن المفسدة إذا لم تُدفع في أول أمرها ربما تتفاقم وتنتشر وتجر إلى مفاسد أخرى ، وتحُول بين جلب المنافع الدنيوية والأخروية .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 107 / بتصرف .
فإذا تساوت المصلحة والمفسدة ، ولم ترجح إحداهما ، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح لأن عناية الشارع بترك المنهيات آكد من عنايته بفعل المأمورات .
* فعن أبي هريرة ، قال خطب رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الناس فقال " ... ، فإذا أمرتكم بالشيء فخذوا به ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه " .
سنن النسائي تحقيق الشيخ الألباني / 24 ـ كتاب : مناسك الحج / 1 ـ باب : وجوب الحج / حديث رقم : 2619 / ص : 409 / صحيح .
فالمأمورات قال فيها صلى الله عليه وسلم " فخذوا به ما استطعتم " ، فعلقها على الاستطاعة ، وذلك باستفراغ الجهد . أما المنهيات فقال فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فاجتنبوه " . أي ابتعدوا عن المنهيات تمامًا .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
مثال ذلك : يمنع الشخص من الترف في ملكه إذا كان تصرفه يضر بجاره ضررًا فاحشًا ؛ لأن درء المفاسد عن جاره ـ مقدم ـ وأولى من جلب المنافع لنفسه .
الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية ... / جمعة صالح محمد / ص : 47
* أنه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة ، وكانت المفسدة أعظم من المصلحة ، وجب تقديم دفع المفسدة ، وإن استلزم ذلك تفويت المصلحة ، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ، كما سبق توضيحه عاليه .
ومن شواهد هذه القاعدة : قوله تعالى " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافعُ لِلناسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِما " . سورة البقرة / آية : 219 .
فحرم الله الخمر والميسر ، لأن مفسدتهما أعظم من مصلحتهما .
قال الحافظ ابن كثير :
" أما إِثمهما فهو في الدين ، وأما المنافع فدنيوية من حيث إن فيها نفع البدن وتهضيم الطعام ، وإخراج الفضلات ، ولذة الشدة التي فيها ، وكذا بيعها والانتفاع بثمنها ، وما كان يقمِّشة بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله ، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين ، ولهذا قال تعالى : " وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِمَا " .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب : إعلام الموقعين لابن القيم / ص : 339 / بتصرف .
* أما إذا دار الفعل بين مصلحة ومفسدة ، وكانت المصلحة أرجح من المفسدة ، حصلنا المصلحة مع التزام المفسدة . وهذا مُفاد القاعدة التالية :
تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة
ومن دلائل هذه القاعدة :
ـ قول الله عز وجل " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" .سورة البقرة / آية : 179 .
* قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
" ... فلولا القصاص لفسد العالَم ، وأهلك الناس بعضهم بعضًا استبداءً واتيفاءً ، فكان القصاص دفعًا لمفسدة التَّجَرِّي على الدماء بالجناية أو بالاستيفاء ، وقد قالت العرب في جاهليتها :
" القتال أنفع للقتل " ، وبسفك الدماء تُحقن الدماء " . ا . هـ . ( 2 / 91 ) .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب : إعلام الموقعين لابن القيم / ص : 343
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير هذه الآية : " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ " . أي : تنحقن بذلك الدماء ، وتنقمع به الأشقياء ، لأن من عَرف أنه مقتول إذا قَتل ، لا يكاد يصدر منه القتل ، وإذا رؤي القاتل مقتولاً انذعر بذلك غيره وانزجر ، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل ، لم يحصل انكفاف الشر ، الذي يحصل بالقتل ، وهكذا سائر الحدود الشرعية ، فيها من النكاية والانزجار ، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار ، ونكَّر سبحانه ـ أي جعلها نكرة ـ " الحياة " لإفادة التعظيم والتكثير .
ولما كان هذا الحكم ، لا يعرف حقيقته إلا أهل العقول الكاملة ، والألباب الثقيلة ، خصهم بالخطاب دون غيرهم ، وهذا يدل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم ، في تدبر ما في أحكامه ، من الحِكَم ، والمصالح الدالة على كماله ، وكمال حكمته وحمده ، وعدله ورحمته الواسعة ، وأن من كان بهذه المثابة ، فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب ، وناداهم رب الأرباب ، وكفى بذلك فضلاً وشرفًا لقوم يعقلون .ا . هـ .
ومن دلائل هذه القاعدة أيضًا :
ـ ما ترجم له البخاري بـ : باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب :
..... أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أخبرته قالت : استأذن رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال : " ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة " . فلما دخل ألان له الكلام . قالت ـ قلتُ : يا رسول الله قلتَ الذي قلتَ ثم ألنت له الكلام ؟ قال " أي عائشةُ إن شر الناس من تركَهُ الناسُ أو ودعه الناس اتقاء فُحْشِهِ " .
صحيح البخاري . متون / ( 78 ) ـ كتاب : الأدب / ( 48 ) ـ باب : ما يجوزمن اغتياب أهل الفساد والريب / حديث رقم : 6054 / ص : 714 .
ووجه الدلالة منه : أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ترك الكلام في وجه الرجل لمصلحة التأليف ، ولئلاَّ ينفر عن الإسلام ، ورجاء إسلام قومه ؛ لأنه كان سيدَهم .
ويستفاد منه أيضًا جواز غيبة الفسَّاق (1) للمصلحة الراجحة من نصح الناس وتحذيرهم من شرهم . ويدخل في هذا جرح الرواة لمصلحة حفظ السنة من الوضع .

( 1 ) جواز غيبة الفساق ... : هذا يكون في حق أولى الأمر ، وأهل العلم حقًا ، وليس من حق المتعالمين ، وإلا أصبحت فوضى وفتن لا آخر لها .
o فائدة مستخلصة :
ــــــــ
ما حرمه الشارع فإنما حَرَّمه لما يتضمنه من المفسدة الخالصة أو الراجحة ، فإن كانت مصلحة خالصة أو راجحة لم يحرمه ألْبتة .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموَقعين / للعلامة : ابن قيم الجوزية /إعداد : أبي عبد الرحمن ... / ص : 339 : 346 / بتصرف .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-01-2018, 07:40 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
المجلس العاشر
دورة تيسير القواعد الفقهية

15 ـ وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ التَّيْسِيرُ * في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ تَعْسِيرُ
الشَّرِيعَةِ: الشريعة تطلق في اللغة على مورد الماء، ومنبع الماء، ومصدر الماء، كما تطلق الشريعة على الملة، والدين، والطريقة، والمنهاج، والسنة.
فيُقال: الشريعة والشرع والشرعة وكلها بمعنى واحد.
لماذا أطلقت كلمة الشريعة على منبع الماء؟ لأنه مصدر حياة الإنسان والحيوان والنبات.
فإذًا الشريعة إذا أردنا أن نستلهم من اللغة، هي مصدر حياة النفوس، ومصدر صلاح القلوب، ومصدر استقامة الأحوال، هذا المنبع الذي لا غنى عنه للسعادة في الدنيا والآخرة.موقع الشيح محمد صالح المنجد = هنا =

التَّيْسِيرُ: مأخوذ من اليُسْر ، وهو السهولة والليونة .
في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ: أي في كل أمر اعترض له وعارضه ونزل به .
تَعْسِيرُ : مأخوذ من العُسر وهو الشدة وعدم الليونة .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
= والمعنى الإجمالي للقاعدة : هو أن المشقةَ والعَنَتَ إذا طرآ على المكلَّفِ كانا سببًا في المجيء باليسر له في العمل المطروء عليه تلك المشقة ، فالشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 49 / بتصرف .
المشقة هي : العُسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال . القواعد ... / ... الصقعبي

ـ وورد برسالة : الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية :
ليس كل مشقة تكون سببًا للرخصة ؛ كمشقة الوضوء والغسل في البرد ، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها ، ومشقة ألم الحد ، ورجم الزناة ، وقتل الجناة ، وقتل البغاة ، فهذا القسم من المشاق لا أثر له في إسقاط العبادات ، وبالتالي فلا تشمله هذه القاعدة " المشقة تجلب التيسير " .
وإنما المراد بالمشقة التي تؤدي إلى هلاك المكلَّف ، أو مرضه ، أو انقطاعه عن العمل .ا . هـ .
ونماذج هذا في الشرع الحكيم كثيرة، فالمرض مشقة اقتضت تيسيرًا -للصائم والمصلي ...- ، والسفر مشقة اقتضت تيسيرًا، والخوف مشقة اقتضت تيسيرًا. الشيخ خالد المصلح = هنا =

فشُرِعَ القصر والجمع والصلاة على حاله؛ جالسًا أو على جَنْب ....
*قال الشيخ عثمان السبت :ليست كل مشقة تجلب التيسير، المشقة أنواع:
= هناك مشقة خارجة عن طوق المكلَّف، والله -عز وجل- قال"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة: 286، لم يكلفنا مالا نطيق ابتداءً، بمعنى لا يوجد في تكليف الشريعة أشياء لا يطيقها الإنسان،
الإنسان ما كُلف بأن يطير في الهواء مثلاً .
= وهناك تكليف بما لا يطاق على آحاد المكلفين لقيام العارض، مثلاً إنسان مُقعَد نقول: يجب أن تقوم في الصلاة، كيف يجب أن تقوم في الصلاة؟ "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة:286، فهذا تكليف ما لا يطاق على آحاد المكلفين، لماذا؟ لقيام العارض، وهو أن هذا الإنسان مُقعَد، وإلا فالأصل أن الإنسان يستطيع القيام.

القسم الثالث: لا يستطاع إلا بكلفة كبيرة، ومشقة عظيمة، تؤدي به إما إلى الهلاك، أو إلى زيادة المرض، أو إلى تأخير البُرْء، أو إلى طول المرض، بحيث إن هذا الإنسان يحصل له ضرر معتبر، هذا الإنسان يعاني من مرض في رجليه، نقول له: صلِّ قائمًا، يقول: أنا أستطيع أن أصلي قائمًا، لكنني أجد من العناء والعنت والألم ما لا يُتَصَور، فماذا نقول لهذا الإنسان؟
نقول له: "المشقة تجلب التيسير"، صلِّ قاعدًا، مع أنه يستطيع أن يصلي قائمًا.
هذا الإنسان أجرى عملية في عينه، وقال له الطبيب: لا تسجد، ولا تركع، وإنما بالإيماء، هل هذا الإنسان يعجز حقيقة عن السجود والركوع؟
لا يعجز، يستطيع أن يسجد ويحصل الذي يحصل؛ لكنه يؤدي إلى زيادة المرض، أو تأخير البُرْء، أو عطب العضو، ذهاب البصر مثلاً، فماذا نقول لهذا الإنسان؟
نقول: "المشقة تجلب التيسير" تسجد وتركع إيماءً.

و ستأتي قاعدة أخرى "مَن عجز عن بعض العبادة وقدر على بعضها"، ليس معناها: أنه يصلي على كرسي، قلنا: إنك لا تستطيع أن تركع وتسجد، لكن القيام ما شأنه وهو ركن؟ لماذا لا تقوم في الصلاة؟
فإذن المشقة التي يكون فيها الفعل مقدورًا للمكلف لكن مع عناء شديد، وحصول ضرر معتبر بأحد هذه الأشياء التي ذكرناها، فنقول "المشقة تجلب التيسير".
الشيخ خالد عثمان السبت = هنا=


*ففي هذه القاعدة أمران:

الأمر الأول: الأصل، والأمر الثاني: القاعدة.
الأمر الأول:الأصل أن الشريعة بناؤها على الْيُسر، دليل ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم« إنَّ الدينَ يسرٌ» كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
الشيخ خالد المصلح = هنا =
"إن الدينَ يُسرٌ ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه ، فسدِّدوا وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوَةِ والرَّوْحةِ وشيءٍ من الدُّلْجَةِ ". الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 39 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر السنية =
الأمر الثاني: القاعدة :إذا طرأ على هذا الأصل وهو اليسر إذا طرأ عليه العسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال، شُرعَ التيسير لدفع هذا الحرج والعسر الذي طرأ.

o وقفة :
قال الشيخ / سعد بن ناصر الشثري / في شرح هذه المنظومة :
العلماء يعبرون عن هذه القاعدة بتعبير يخالف تعبير المؤلف هنا ، المؤلف هنا يقول :
" في كل أمر نابه تعسير "ـ أي التعسير سبب للتيسير ، والعلماء يعبرون عنها بلفظ آخر ، فيقولون " المشقة تجلب التيسير " ، ولعل لفظ المؤلف ـ أي الناظم ـ أولى من لفظ الفقهاء ، وذلك لعدد من الأمور :
ـ الأمر الأول : أن الشريعة إنما جاءت بنفي العُسر ، ولا يوجد فيها نفي المشقة .

" يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. سورة البقرة / آية : 185 .

ـ الأمر الثاني : أن أحكام الشريعة لا تخلو من نوع مشقة ، لاشك أن الجهاد فيه مشقة ، وأن الأمر بالمعروف فيه مشقة ، بل إن الصلاة فيها مشقة ، كما قال سبحانه" وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشعِينَ ". سورة البقرة / آية : 45 .
لكن هذه المشقة ليست هي الغالبة على الفعل هذا من جهة
و من جهة ثانية : أن هذه المشقة التي فى الفعل مقدورة للمكلف .
و من جهة ثالثة : أن المصلحة في هذا الفعل أعظم من المشقة الواقعة فيه ؛ ولذلك نجد الطبيب يصف للمريض الدواء مُرًّا ، لكن المصلحة المترتبة على الدواء أعظم ، وهي الخاصية التي جعلها الله عز وجل في الدواء يُشفى بها المريض ، هذه المصلحة أعظم من المشقة الحاصلة في الدواء . وكذلك أحكام الشريعة .
والشارع لا يقصد المشقة لذات المشقة ، وإنما مقصوده المصلحة الراجحة الواقعة في الفعل .
وسبب آخر أن المشقة ليست منضبطة ؛ متى يوصف الفعل بأنه مشقة ؟
هذا أمر تختلف فيه وجهات النظر ؛ ولذلك لا نجد الشريعة تُعوّل على المشقة في بناء الأحكام ، وإنما تعول على رفع العُسر ورفع الحرج . ا . هـ .بقليل تصرف.

* وقد تظاهرت وتضافرت أدلة الشرع على اعتبار هذه القاعدة فمن ذلك :

° قوله تعالى " لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعرَجِ حَرَج و لا على الْمَرِيضِ حَرَجٌ " . سورة النور / آية : 61 .

يخبر تعالى عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسره غاية التيسير،... أي: ليس على هؤلاء جناح، في ترك الأمور الواجبة، التي تتوقف على واحد منها ،....مما يتوقف على بصر الأعمى، أو سلامة الأعرج، أو صحة المريض،. تفسير السعدي = هنا =
° وقوله تعالى "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ". سورة الحج / آية : 78 .

أي ما جعل ،مشقة وعسر، بل يسره غاية التيسير، وسهله بغاية السهولة، فأولا ما أمر وألزم إلا بما هو سهل على النفوس، لا يثقلها ولا يؤودها، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف، خفف ما أمر به، إما بإسقاطه، أو إسقاط بعضه. تفسير السعدي = هنا =

°وقوله تعالى"وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. سورة البقرة / آية : 185 .
أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير, ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله. وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله, سهَّله تسهيلا آخر, إما بإسقاطه, أو تخفيفه بأنواع التخفيفات. وهذه جملة لا يمكن تفصيلها, لأن تفاصيلها, جميع الشرعيات, ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات. تفسير السعدي = هنا =

* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة "
صحيح البخاري . متون / 11 ـ كتاب : الجمعة / 8 ـ باب : السواك يومَ الجمعة / حديث رقم : 887 / ص : 102 .
وورد في فيض القدير شرح الجامع الصغير / للمناوي / ج : 5 / ص : 442 :
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم :أي : لولا مخافة أن أشق عليهم لأمرتهم أمر إيجاب ، ففيه نفي الفرضية ، وفي غيره من الأحاديث إثبات الندبية . ا . هـ .
* عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ أن أبا هريرةَ أخبره أن أعرابيًّا بال في المسجد ، فثار إليه الناسُ ليقعوا به ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " دعوه وأهَرِيقوا على بوله ذنوبًا من ماءٍ أو سَجْلاً من ماءٍ ، فإنما بُعثتُم ميسرين ، ولم تُبعثوا معسرين " .
صحيح البخاري / 78 ـ كتاب : الأدب / 80 ـ باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم " يسروا ولا تعسروا / حديث رقم : 6128 / ص : 721 .

* عن كبشةَ بنتِ كعبٍ ـ وكانت تحت بعض ولدِ أبي قتادةَ ـ أنها صبت لأبي قتادةَ ماءً يتوضأُ به ، فجاءت هِرَّةٌ تشربُ ، فأصغَى (1) لها الإناءَ ، فجعلتُ أنظرُ إليه ، فقال : يا ابنةَ أخي ! أتعجبين ؟ . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم" إنها ليست بنجسٍ ، هي من الطَّوافينَ أو الطوَّافاتِ " .
سنن ابن ماجه/ تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة وسنَنِها / 32 ـ باب :الوضوء بسؤر الهرَّةِ والرخصة في ذلك / حديث رقم : 367 / ص : 82 / صحيح .
( 1 )" فأصغى " : أي أمال لها الإناء لتتمكن من الشرب . حاشية سنن ابن ماجه ... .
ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث ـ علق الحكم بمشقة التحرز منها حيث قال " إنها من الطوافين " .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم ... / ص : 52 .
o نظرة تأمل :
ــــــ

من تتبع الشريعة الغراء في أصولها وفروعها يجد التيسير واضحًا جليًّا في العبادات والمعاملات والحقوق والقضاء والأحوال الشخصية وغير ذلك مما يتصل بعلاقة الخلق بخالقهم ، أوعلاقة الخلق بعضهم ببعض بما يضمن سعادتهم في الدنيا والآخرة . فالشرع في ذاته يسير.
والناظر في التخفيفات الواردة في الشرع يرى أنها لا تخرج عن نوعين اثنين :
= نوع شُرِعَ من أصلِهِ للتيسير-ميسر في نفسه - ، وهو عموم التكاليف الشرعية في الأحوال العادية ، وهنا لفتة وهي إن إيراد هذه القاعدة لا يعني ذلك أن الأصل في الشريعة العُسر ، وإنما المراد أن الأصل فيها اليسر .

= نوع شُرع لِمَا يَجِدّ من الأعذار والعوارض وهو المسمى بالرُّخَص .
وهذا دليل عيان يَشهد بأن هذا الدِّين دين اليسر والسهولة ، وشاهد أيضًا على سماحته وتجاوبه مع الفِطَر المستقيمة ، ... وتقديم ما تزول به مشقتهم وعناؤهم .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
°فالدين يسر في ذاته فلنتأمل:
*الصلوات الخمس : فإنها تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في أوقات مناسبة لها ، وتمم اللطيف الخبير سهولتها بإيجاب الجماعة والاجتماع لها - للرجال-؛ فإن الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ، ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها- أي يشعر بحلاوتها- ، ويَحْمَد اللهَ على فرضه لها على العباد ؛ إذ لا غنى لهم عنها
الإسلام سؤال وجواب= هنا=

"يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها"الراوي : سالم بن أبي الجعد - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4985 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية -
الشرح
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ، وفيها مِن الرُّوحانيَّاتِ والصِّلةِ باللهِ ما يَجْعَلُ القلبَ يَرْتاحُ ويَخْرُجُ مِنْ متاعبِ الدُّنيا إلى مَعِيَّةِ الحَقِّ سُبْحانَه، وقد جعلتُ قُرَّةُ عينِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصَّلاةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَّجُلٌ من خُزاعةَ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ "يا بلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها"، أي: ارْفَعْ أذانَ الصَّلاةِ وأَقِمْها؛ لِنَستريحَ بِها، وكأنَّ دُخولَه فيها هو الرَّاحةُ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِنْ مُناجاةٍ للهِ تعالى وراحةٍ للرُّوحِ والقَلْبِ، ولا عَجَبَ في ذلك؛ فإنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم هو القائلُ "وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ"، وطَلَبُ الرَّاحةِ في الصَّلاةِ يَصْدُرُ ممَّنْ كان خاشعًا فيها ومُحِبًّا لها، وإنْ كانت ثَقيلةً على البعضِ؛ كما قال اللهُ"وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"البقرة: 45.
وفي الحَديثِ: أنَّ الصَّلاةَ راحةٌ للقَلْبِ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها.= الدرر =

"وجعلَتْ قرةُ عَيني في الصلاةِ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 3950 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
الشرح:
وهذا بيانٌ لعظيمِ محبَّتِه لها؛ وذلكَ لِما فيها مِن القُرْبِ مِن المولَى عزَّ وجلَّ؛ فلا شيءَ يُسعِدُه ويُدخِلُ عليه السُّرورَ بمِثْلِ ما تُدخِلُ عليه الصَّلاةُ؛ فقُرَّةُ العينِ يُعبَّرُ بها عنِ المَسرَّةِ ورؤيةِ ما يُحِبُّه الإنسانُ.
وفي الحديثِ: بَيانُ عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاةِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأنَّها يَنبغي أنْ تكونَ الأَوْلَى عندَ كلِّ مسلِمٍ .الدرر =

ومع ذلك إذا عرض للعبد عارض ، من مرض أو سفر أو غيرهما ، رتب على ذلك من التخفيفات ، وسقوط بعض الواجبات ، أو صفاتها وهيئتها ما هو معروف :
"كانتْ بي بَواسيرُ ، فسأَلتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الصلاةِ ، فقال : صَلِّ قائمًا ، فإن لم تستَطِع فقاعدًا ، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ ".
الراوي : عمران بن الحصين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1117- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر =

*وأما الزكاة : فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي ، وإنما تجب على الأغنياء تتميمًا لدينهم وإسلامهم ، وتنمية لأموالهم وأخلاقهم ، ودفعًا للآفات عنهم وعن أموالهم ، وتطهيرًا لهم من السيئات ، ومواساة لمحاويجهم ، وقيامًا لمصالحهم الكلية ، وهي مع ذلك جزءٌ يسير جدًا بالنسبة إلى ما أعطاهم الله من المال والرزق .
الإسلام سؤال وجواب= هنا=

الأموال التي لا تجب فيها الزكاة:
أموال الدولة العامة، والأوقاف العامة، وما أعد للإنفاق في وجوه البر، وما ليس له مالك معين، وكل ما أعد للقنية والاستعمال كالأثاث، والثياب، والدار، والدابة، والسيارة ونحو ذلك.
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي = هنا =
"ليس على المسلمِ في عَبْدِه ولا فَرَسِه صدقةٌ"
الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 982- خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-

"ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ"
الراوي : أبو كبشة الأنماري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2325 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر=
أي: ما قَلَّ مالُ عبدٍ مسلِمٍ تصَدَّق به، بل يُبارِكُ اللهُ له فيه.
قال تعالى"
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " التوبة :103.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية:

قال تعالى لرسوله ومن قام مقامه، آمرًا له بما يطهر المؤمنين، ويتمم إيمانهم "‏خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً‏"‏ وهي الزكاة المفروضة،"‏تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا‏"‏ أي‏:‏ تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة‏.‏
‏"‏وَتُزَكِّيهِمْ‏"أي‏:‏ تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم‏.‏
‏"‏وَصَلِّ عَلَيْهِمْ‏"‏ أي‏:‏ ادع لهم، أي‏:‏ للمؤمنين عمومًا وخصوصًا عندما يدفعون إليك زكاة أموالهم‏.‏
‏"‏إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ‏"‏ أي‏:‏ طُمأنينة لقلوبهم، واستبشار لهم، "‏وَاللَّهُ سَمِيعٌ‏"‏ لدعائك، سمع إجابة وقبول‏.‏
‏"‏عَلِيمٌ‏" بأحوال العباد ونياتهم، فيجازي كل عامل بعمله، وعلى قدر نيته، فكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمتثل لأمر اللّه، ويأمرهم بالصدقة، ويبعث عماله لجبايتها، فإذا أتاه أحد بصدقته دعا له وبرَّك‏.
‏تفسير الشيخ السعدي رحمه الله = هنا =

* وأما الصيام : فإن المفروض شهر واحد من كل عام ، يجتمع فيه المسلمون كلهم ، فيتركون فيه شهواتهم الأصلية - من طعام وشراب ونكاح - في النهار , ويعوضهم الله على ذلك من فضله وإحسانه تتميم دينهم وإيمانهم ، وزيادة كمالهم ، وأجره العظيم ، وبره العميم ، وغير ذلك مما رتبه على الصيام من الخير الكثير ، ويكون سببًا لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها ، وترك المنكرات

.الإسلام سؤال وجواب= هنا=
قال تعالى
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "البقرة: 183.".
فالصيام :أجره عظيم -
إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، لا مِثلَ له،لا عِدْلَ له.
* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم "قال اللهُ عزَّ وجلَّ : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلَّا الصِّيامُ . فإنَّه لي وأنا أجْزِي به...." الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1151 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر =
* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ "الراوي : أبو هريرة - المحدث : أحمد شاكر - المصدر : مسند أحمد-الصفحة أو الرقم: 13/239 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر -
* عن أبي أمامة ، قال : أتيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ فقلتُ : مُرني بأمرِ آخذه عنك ، قال " عليك بالصوم ؛ فإنه لا مِثلَ له " .
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 22 ـ كتاب : الصيام / 43 ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2220 / ص : 351 / صحيح .

* عن أبي أمامة ، أنه سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أيُّ العمل أفضلُ ؟ . قال " عليك بالصوم ، فإنه لا عِدْلَ له " .
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 22 ـ كتاب : الصيام / 43 ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2222 / ص : 351 / صحيح .

*وأما الحج : فإن الله لم يفرضه إلا على المستطيع ، وفي العمر مرة واحدة ، وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده ، قال تعالى" لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ "الحجّ/28, أي: دينية ودنيوية.

"وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا "آل عمران: 97.

"مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"
صحيح البخاري - كِتَاب الْحَجِّ - لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور=الدرر=

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ"صحيح البخاري - كِتَاب الْعُمْرَةِ - بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا- هنا=
عطايا عظيمة من الرحمن عز وجل .

*ثم بعد ذلك بقية شرائع الإسلام التي هي في غاية اليسر ، الراجعة لأداء حق الله وحق عباده . فهي في نفسها ميسرة ، قال تعالى " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "البقرة/185، قال تعالى "
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" البقرة : 286 .
= ومع ذلك إذا عرض للعبد عارض ، من
مرض أو سفر أو غيرهما ، رتب على ذلك من التخفيفات ، وسقوط بعض الواجبات ، أو صفاتها وهيئتها ما هو معروف .
ثم إذا نظر العبد إلى الأعمال الموظفة على العباد في اليوم والليلة المتنوعة من فرض ونفل ، وصلاة وصيام وصدقة وغيرها ، وأراد أن يقتدي فيها بأكمل - البشر - وإمامهم محمد صلّى الله عليه وسلم ، رأى ذلك غير شاق عليه ، ولا مانع له عن مصالح دنياه ، بل يتمكن معه من أداء الحقوق كلها : حقّ الله ، وحقّ النفس ، وحقّ الأهل والأصحاب ، وحقّ كلّ من له حقّ على الإنسان برفق وسهولة . الإسلام سؤال وجواب= هنا=


*فائدة: المداومة على الطاعة تجعلها سجية في صاحبها، ويسيرة عليه بإعانة الله له.
"يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلةً"
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-
الصفحة أو الرقم: 7405 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =
في هذه الجُمَلِ الثَّلاثِ بَيانُ فَضْلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّه يُعطي أكثَرَ ممَّا فُعِلَ مِن أجلِهِ، أي: يُعْطي العامِلَ أكثَرَ مِمَّا عَمِلَ.الدرر =

كلما تقرب العبد للرب أعانه الله بأن يقيم العبد على طاعته، وييسر له الأمر، ويجازية بأحسن وأعظم مما فعل بمضاعفة المثوبة .
قال تعالى "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ " محمد 17.
أي:والذين قصدوا الهداية وفقهم الله لها فهداهم إليها ، وثبتهم عليها وزادهم منها ، "وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" أي : ألهمهم رشدهم .تفسير ابن كثير = هنا =

* أسباب التخفيف :
حصر بعض الفقهاء أسباب التخفيف في سبعة أسباب رئيسية وهي :
ـ السفر : والسفر على الراجح يُرجع فيه إلى العُرْف .
" السفر " والدليل على أن السفر مِناط به التخفيف قول الله ـ عز وجل ـ "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " .سورة البقرة / آية : 184.
ـ المرض : وهو خروج البدن عن حد الاعتدال والاعتياد

" المرض " كما قال ـ جل وعلا ـ " فَمَن كانَ منكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صيَامٍ أَوْ صدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " . سورة البقرة / آية : 196 .
فْعلق الحكم بالمرض " مريضًا " ولم يطلق ، لم يقل : من كان به مرض ، فدل ذلك على أن المراد مرض خاص ، والذي يترتب عليه الفعل أو يترتب عليه الحكم و إذا كان المرض على حالة لو فعل المأمور معها لتأخر البُرْءُ أو زاد المرض ، فإنه يشرع التخفيف حينئذ .
مثال ذلك : من كان الصيام يؤخر شفاءه ، أو كان الصيام يزيد في مرضه جاز له الفطر ، ومن لم يكن كذلك لم يُجز له الفِطر ، ولو كان مريضًا ؛ ولذلك من به وجع أسنان أو صداع بحيث أن الصيام لا يزيد في مرضه ولا يؤخر شفاء المرض ، فإنه لا يجوز له الإفطار .
فالمريض قد أُذن له بأن يتخلف عن صلاة الجماعة ، وأن يصلي قاعدًا أو يصلي على جنبه حسب ما يستطيع .
ويرجع لتفصيل هذا في كتب الفقه ، فهناك من قال بمطلق المرض .
ـ الإكراه : وهو في اصطلاح الفقهاء " حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو تُرك ونفسه " . قال تعالى"مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ " النحل 106.

ـ النسيان أو السهو : والنسيان هو جهل الإنسان بما كان يعلمه ضرورة ، أو هو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة إليه .
فإذا نسي الإنسان ، وكان لا يمكن تدارك هذا الشيء ، فإنه يسقط وجوب هذا الشيء بفواته .
-
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله:
كمن أكل في الصيام ناسيًا ومتى ترك واجبًا ناسيًا فلا شيء عليه حال نسيانه
- هنا=

وإن كان مما يقبل التدارك من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده ؛ كالصلاة والزكاة ونفقات الزوجات وجب تداركه
"رُفِعَ عن أُمَّتِي الخطَأَ والنِّسيانَ وما اسْتُكرِهُوا عليْه"الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 3515 - خلاصة حكم المحدث : صحيح بلفظ وضع= الدرر =

ـ الجهل : هو نقيض العلم ، وهو في الاصطلاح اعتقاد الشيء جزمًا على خلاف ما هو في الواقع . فالجهل سبب يرفع الإثم والحرج والمسئولية عن المكلفين .

لما نُزِّلَت " حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ "البقرة/187 .
والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .
قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ .
اهـ .

ومعنى ذلك: أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلًا حتى يتبين له ؛أي يتيقن طلوع الفجر .

وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي، فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر.

روى البخاري :1917،ومسلم :1091: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ" وَلَمْ يَنْزِلْ "مِنْ الْفَجْرِ" فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ "مِنْ الْفَجْرِ" فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .
فهؤلاء الصحابة حَمَلُوا الْخَيْطَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَلَمَّا نَزَلَ "مِنْ الْفَجْرِ" عَلِمُوا الْمُرَادَ .
وَقَوْلُهُ " مِنْ الْفَجْرِ " بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ .

= الإسلام سؤال وجواب = هنا =
وقد فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه الآية كما فهمها هؤلاء حتى صحح له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين له المعنى المراد من الآية .
= الإسلام سؤال وجواب = هنا =
سأل
عدي بن حاتم الطائي الرسول صلى الله عليه وسلم:

"قلتُ يا رسولَ اللهِ، ما الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ، أهما خيطان ؟ قال " إنك لعَريضُ القَفا إن أبصَرتَ الخَيطَينِ " ثم قال "لا، بل هو سوادُ الليل وبياضُ النهارِ ".الراوي : عدي بن حاتم الطائي - المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4510 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر =
فَهِمَ مِن الآيةِ أنَّ المسلمَ لا يزال مفطِرًا يأكل ويشرب حتَّى يتجلَّى النَّهارُ، ويظهَرَ له الحبلُ الأبيض مِن الحبلِ الأسود،فلم يأمره النبي بإعادة الصيام وقضائه لجهله بالحكم .وقَالَ الْقَاضِي " إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا "مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْت تَحْت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّه تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَوِسَادُك يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون عَرِيضًا وإِنَّك لَضَخْمٌ. اهـ .
قناة بناء الملكة الفقهية على برنامج التلجرام بإشراف الدكتور محمد حسن عبد الغفار = هنا=

"إنَّ اللهَ تجاوزَ عَن أمَّتي الخطأَ والنِّسيانِ وما استُكرِهوا علَيهِ" الراوي : أبو ذر الغفاري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 1675 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

قال تعالى" رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا "البقرة/ 286 فهذه النصوص تدل على أن كل من خالف ما كُلف به ، ناسياً أو جاهلاً فإنه معفو عنه ؛ فالمخطئ يشمل الجاهل ؛ لأن المخطئ هو كل من خالف الحق بلا قصد.

وقال الشيخ ابن عثيمين " والجهل ـ بلا شك ـ من الخطأ .الإسلام سؤال وجواب .هنا=
والجاهل العاجز عن السؤال والعلم؛ غير الجاهل المتمكن المفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله تعالى.هنا=
فهذه ليست دعوى إلى الجهل ؛ لأن الإنسان لا يعذر بتفريطه بل نقول يجب عليه أن يتعلم ما لا تقوم العبادة إلا به ، وما لا تصح العبادة إلا به ، لكنه لو بذل واجتهد في ذلك لكنه جهل بعض المسائل فإنه يُرْفَع عنه الحرج .

ـ العُسر وعموم البلوى : و " العسر " أي مشقة تجنب الشيء . و " عموم البلوى " أي شيوع البلاء بحيث يصعب على المرء الابتعاد عنه .

والأصل في ذلك:قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم" إنها ليست بنجسٍ ، هي من الطَّوافينَ أو الطوَّافاتِ " .
سنن ابن ماجه/ تحقيق الشيخ الألباني / 1 ـ كتاب : الطهارة وسنَنِها / 32 ـ باب :الوضوء بسؤر الهرَّةِ والرخصة في ذلك / حديث رقم : 367 / ص : 82 / صحيح .


وما أشبهه ويعسر الاحتراز منه ويصعب تجنبه
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .

* أنواع الرُّخَص :
ذكر الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ أن الرخص الشرعية سبعة أنواع ، وهي كما يلي :
ـ رخصة إسقاط : كإسقاط العبادات عند وجود أعذارها ، كإسقاط الصلاة عن الحائض وعن النفساء ، وعدم وجوب الحج على المرأة إذا لم تجد محرمًا .
ـ رخصة تنقيص : أي إنقاص العبادة لوجود العذر ، وهذا كالقصر في الصلاة .
ـ رخصة إبدال : أي إبدال عبادة بعبادة ـ كإحلال التيمم محل -الوضوء والغسل عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله ، - وإحلال القعود أو الاضجاع للمرض محل القيام بالصلاة -.


ـ رخصة تقديم : كجمع التقديم بعرفات بين الظهر والعصر ، قالوا " يجوز تقديم الشيء بعد انعقاد سببه وقبل وجود شرطه " .
مثلاً : الإنسان إذا صار عنده نصاب زكاة ، هذا هو سبب الزكاة بلوغ النصاب ، يجوز أن يقدم زكاته قبل شرطه وهو حلول الحول .
ـ رخصة تأخير : كالجمع في مزدلفة بين المغرب والعشاء ، وتأخير صيام رمضان للمسافر والحائض والنفساء ... ـ لعدة من أيام أُخر - ..
ـ رخصة اضطرار : كشرب الخمر للغصة إذا لم يجد ـ ماء ـ وخشي على نفسه الهلاك ،وأكْل الميتة والخنزير عند المسغبة - أي المجاعة- وخشية الموت جوعًا .
ـ رخصة تغيير : كتغيير نظم الصلاة للخوف .
منظومة القواعد الفقهية ... / خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 08:40 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology