ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 12-17-2013, 10:38 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
افتراضي تابع ورع الصديق رضي الله عنه وحديث الإفك .



المجلس الرابع عشر
15 صفر 1435
والمجلس الخامس عشر
تابع ورع الصديق رضي الله عنه وشرح حديث الإفك




شرح حديث الإفك
شرح النووي على صحيح مسلم



قوله : ( حدثنا حبان بن موسى ) هو بكسر الحاء ، وليس له
في صحيح مسلم ذكر إلا في هذا الموضع وقد أكثر عنه البخاري في صحيحه .


قوله : ( عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة . . . إلى قوله : وكلهم حدثني طائفة من الحديث ، وبعضهم أوعى لحديثها من بعض . . . إلى قوله وبعض حديثهم يصدق بعضا ) هذا الذي ذكره الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز لا منع منه ، ولا كراهة فيه ; لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم ، وبعضه عن بعضهم ، وهؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقات من أجل التابعين ، فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضر ، وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان ، وقد اتفق العلماء على أنه لو قال : حدثني زيد أو عمرو وهما ثقتان معروفان بالثقة عند المخاطب جاز الاحتجاج به .


قوله : ( وبعضهم أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ) أي : أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث .


[ ص: 252 ] قولها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ) هذا دليل لمالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء في العمل بالقرعة في القسم بين الزوجات ، وفي العتق والوصايا والقسمة ونحو ذلك ، وقد جاءت فيها أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة ، قال أبو عبيد : عمل بها ثلاثة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين : يونس ، وزكريا ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، قال ابن المنذر : استعمالها كالإجماع ، قال : ولا معنى لقول من ردها ، والمشهور عن أبي حنيفة إبطالها ، وحكي عنه إجازتها ، قال ابن المنذر وغيره : القياس تركها ، لكن عملنا بها للآثار .


وفيه : القرعة بين النساء عند إرادة السفر ببعضهن ، ولا يجوز أخذ بعضهن بغير قرعة ، هذا مذهبنا ، وبه قال أبو حنيفة وآخرون ، وهو رواية عن مالك ، وعنه رواية أن له السفر بمن شاء منهن بلا قرعة ; لأنها قد تكون أنفع له في طريقه ، والأخرى أنفع له في بيته وماله .


قولها : ( آذن ليلة بالرحيل ) روي بالمد وتخفيف الذال وبالقصر وتشديدها : أي : أعلم .



قولها : ( وعقدي من جزع ظفار قد انقطع ) أما ( العقد ) فمعروف نحو القلادة ، ( والجَزع ) بفتح الجيم وإسكان الزاي وهو خرز يماني ، وأما ( ظَفار ) فبفتح الظاء المعجمة وكسر الراء وهي مبنية على الكسر ، تقول : هذه ظفار ، ودخلت ظفار ، وإلى ظفار بكسر الراء بلا تنوين في الأحوال كلها ، وهي قرية في اليمن .
قولها : ( وأقبل الرهط الذي كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري ) هكذا وقع في أكثر النسخ ( لي ) باللام ، وفي بعض النسخ ( بي ) بالباء ، واللام أجود ، ويرحلون بفتح الياء وإسكان الراء وفتح الحاء المخففة أي : يجعلون الرحل على البعير ، وهو معنى قولها ( فرحلوه ) بتخفيف الحاء ، و ( الرهط ) هم جماعة دون عشرة ، و ( الهودج ) بفتح الهاء مركب من مراكب النساء .


قولها : ( وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام ) فقولها ( يُهَبّلن ) ضبطوه على أوجه أشهرها ضم الياء وفتح الهاء والباء المشددة ، أي : يثقلن باللحم والشحم ، والثاني : يهبلن بفتح الياء والباء وإسكان الهاء بينهما ، ويجوز بضم أوله وإسكان الهاء وكسر الموحدة ، قال أهل اللغة : يقال : هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه ، وفي رواية البخاري ( لم يثقلن ) وهو بمعناه ، وهو أيضا المراد بقولها : ( ولم يغشهن اللحم ) و ( يأكلن العلقة ) : بضم العين أي : القليل ، ويقال لها أيضا : البلغة .


قولها : ( فتيممت منزلي ) أي : قصدته .
[ ص: 253 ] قولها : ( وكان صفوان بن المعطل ) هو بفتح الطاء بلا خلاف كذا ضبطه أبو هلال العسكري والقاضي في المشارق وآخرون .


قولها : ( عرس من وراء الجيش فادلج ) التعريس : النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة ، وقال أبو زيد : هو النزول أي وقت كان ، والمشهور الأول .


قولها : ( ادلج ) بتشديد الدال ، وهو سير آخر الليل .
قولها : ( فرأى سواد إنسان ) أي : شخصه .
قولها : ( فاستيقظت باسترجاعه ) أي : انتبهت من نومي بقوله : إنا لله وإنا إليه راجعون .
قولها : ( خمرت وجهي ) أي : غطيته .


قولها : ( نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ) ( الموغر ) بالغين المعجمة النازل في وقت الوغرة بفتح الواو وإسكان الغين ، وهي : شدة الحر ، كما فسرها في الكتاب في آخر الحديث ، وذكر هناك أن منهم من رواه ( موعرين ) بالعين المهملة ، هو ضعيف ، و ( نحر الظهيرة ) : وقت القائلة وشدة الحر .


قولها : ( وكان الذي تولى كبره ) أي : معظمه ، وهو بكسر الكاف على القراءة المشهورة ، وقرئ في الشواذ بضمها وهي لغة .
[ ص: 254 ] قولها : ( وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول ) هكذا صوابه ( ابن سلول ) برفع ( ابن ) وكتابته بالألف صفة لعبد الله ، وقد سبق بيانه مرات ، وتقدم إيضاحه في كتاب الإيمان في حديث المقداد مع نظائره .


قولها : ( والناس يفيضون في قول أهل الإفك ) أي : يخوضون فيه ، و ( الإفك ) بكسر الهمزة وإسكان الفاء هذا هو المشهور ، وحكى القاضي فتحهما جميعا قال : هما لغتان كنجس ونجس وهو الكذب .
قولها : ( هو يريبني أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه ) ( يريبني ) : بفتح أوله وضمه يقال : رابه وأرابه إذا أوهمه وشككه ، و ( اللطف ) بضم اللام وإسكان الطاء ، ويقال : بفتحها معا لغتان ، وهو : البر والرفق .
قولها : ( ثم يقول كيف تيكم ؟ ) هي : إشارة إلى المؤنثة كذلكم في المذكر .


قولها : ( خرجت بعدما نقهت ) هو بفتح القاف وكسرها لغتان حكاهما الجوهري في الصحاح وغيره ، والفتح أشهر ، واقتصر عليه جماعة ، يقال : نقه ينقه نقوها فهو ناقه ، ككلح يكلح كلوحا فهو كالح ونقه ينقه نقها فهو ناقه كفرح يفرح فرحا ، والجمع نقه بضم النون وتشديد القاف ، والناقه هو الذي أفاق من المرض ويبرأ منه ، وهو قريب عهد به ، لم يتراجع إليه كمال صحته .
قولها : ( وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ) أما ( مسطح ) فبكسر الميم ، وأما ( المناصع ) فبفتحها ، وهي مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها .


قولها : ( قبل أن نتخذ الكنف ) هي جمع كنيف ، قال أهل اللغة : الكنيف الساتر مطلقا .


[ ص: 255 ] قولها : ( وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه ) ضبطوا ( الأول ) بوجهين أحدهما : ضم الهمزة وتخفيف الواو ، والثاني الأول : بفتح الهمزة وتشديد الواو ، وكلاهما صحيح ، والتنزه : طلب النزاهة بالخروج إلى الصحراء .


قولها : ( وهي بنت أبي رهم وابنها مسطح بن أثاثة ) أما ( رهم ) فبضم الراء وإسكان الهاء و ( أثاثة ) بهمزة مضمومة وثاء مثلثة مكررة ، و ( مسطح ) لقب ، واسمه ( عامر ) وقيل : ( عوف ) كنيته أبو عباد ، وقيل : أبو عبد الله ، توفي سنة سبع وثلاثين ، وقيل : أربع وثلاثين واسم أم مسطح ( سلمى ) .


قولها : ( فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ) أما ( عثرت ) فبفتح الثاء ، وأما ( تعس ) فبفتح العين ، وكسرها لغتان مشهورتان واقتصر الجوهري على الفتح ، والقاضي على الكسر ، ورجح بعضهم الكسر ، وبعضهم الفتح ، ومعناه : عثر ، وقيل : هلك ، وقيل : لزمه الشر ، وقيل : بعد ، وقيل : سقط بوجهه خاصة . وأما ( المرط ) فبكسر الميم ، وهو : كساء من صوف ، وقد يكون من غيره .


قولها : ( أي هنتاه ) هي بإسكان النون وفتحها ، الإسكان أشهر ، قال صاحب نهاية الغريب : وتضم الهاء الأخيرة وتسكن ، ويقال في التثنية : هنتان ، وفي الجمع هنات وهنوات ، وفي المذكر هن وهنان وهنون ، ولك أن تلحقها الهاء ; لبيان الحركة ، فتقول يا هنه ، وأن تشبع حركة النون فتصير ألفا فتقول : يا هناه ، ولك ضم الهاء فتقول : يا هناه أقبل ، قالوا : وهذه اللفظة تختص بالنداء ، ومعناه : يا هذه ، وقيل : يا امرأة ، وقيل : يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم ، ومن المذكور حديث الصبي ابن معبد ، قلت : يا هناه إني حريص على الجهاد . والله أعلم .
قولها : ( قلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها ) ( الوضيئة ) : مهموزة ممدودة هي الجميلة الحسنة ، والوضاءة : الحسن ، ووقع في رواية ابن ماهان ( حظية ) من الحظوة وهي : الوجاهة ، وارتفاع المنزلة ، والضراير . جمع ضرة ، وزوجات الرجل ضراير ; لأن كل واحدة تتضرر بالأخرى بالغيرة والقسم وغيره ، والاسم منه الضر بكسر الضاد ، وحكي ضمها وقولها : إلا كثرن عليها ، هو بالثاء المثلثة المشددة ، أي : أكثرن القول في عيبها ونقصها .


قولها : ( لا يرقأ لي دمع ) هو بالهمزة ، أي : لا ينقطع .
قولها : ( ولا أكتحل بنوم ) أي : لا أنام .
قولها : ( استلبث الوحي ) أي : أبطأ ولبث ولم ينزل .
قولها : ( وأما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ) هذا الذي قاله علي - رضي الله عنه - هو الصواب في حقه ; لأنه رآه مصلحة ونصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتقاده ، ولم [ ص: 256 ] يكن ذلك في نفس الأمر ، لأنه رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وتقلقه ، فأراد راحة خاطره ، وكان ذلك أهم من غيره .


قولها : ( والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ) فقولها ( أغمصه ) بفتح الهمزة وكسر الميم وبالصاد المهملة ، أي : أعيبها ، والداجن : الشاة التي تألف البيت ، ولا تخرج للمرعى ، ومعنى هذا الكلام : أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ، ولا فيها شيء من غيره إلا نومها عن العجين .


قولها : ( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول ) أما ( أبي ) منون ، وابن سلول بالألف وسبق بيانه ، وأما استعذر : فمعناه : أنه قال من يعذرني فيمن آذاني في أهلي ، كما بينه في هذا الحديث ، ومعنى ( من يعذرني ) من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح فعاله ، ولا يلومني ، وقيل : معناه من ينصرني ، والعذير الناصر .


قولها : ( فقام سعد بن معاذ فقال : أنا أعذرك منه ) قال القاضي : هذا مشكل لم يتكلم فيه أحد ، وهو قولها : ( فقام سعد بن معاذ فقال أنا أعذرك منه ) وكانت هذه القصة في غزوة المريسيع ، [ ص: 257 ] وهي غزوة بني المصطلق سنة ست فيما ذكره ابن إسحاق ، ومعلوم أن سعد بن معاذ مات في إثر غزاة الخندق من الرمية التي أصابته ، وذلك سنة أربع بإجماع أصحاب السير ، إلا شيئا قاله الواقدي وحده ، قال القاضي : قال بعض شيوخنا : ذكر سعد بن معاذ في هذا وهم والأشبه أنه غيره ، ولهذا لم يذكره ابن إسحاق في السير ، وإنما قال : إن المتكلم أولا وآخرا أسيد بن حضير ، قال القاضي : وقد ذكر موسى بن عقبة أن غزوة المريسيع كانت سنة أربع ، وهي سنة الخندق ، وقد ذكر البخاري اختلاف ابن عقبة ، قال القاضي : فيحتمل أن غزاة المريسيع وحديث الإفك كانا في سنة أربع قبل قصة الخندق ، قال القاضي : وقد ذكر الطبري عن الواقدي أن المريسيع كانت سنة خمس ، قال : وكانت الخندق وقريظة بعدها ، وذكر القاضي إسماعيل الخلاف في ذلك وقال : الأولى أن يكون المريسيع قبل الخندق ، قال القاضي : وهذا لذكر سعد في قصة الإفك ، وكانت في المريسيع ، فعلى هذا يستقيم فيه ذكر سعد بن معاذ ، وهو الذي في الصحيحين ، وقول غير ابن إسحاق في غير وقت المريسيع أصح ، هذا كلام القاضي وهو صحيح .


قولها : ( ولكن اجتهلته الحمية ) هكذا هو هنا لمعظم رواة صحيح مسلم ( اجتهلته ) بالجيم والهاء ، أي : استخفته وأغضبته وحملته على الجهل ، وفي رواية ابن ماهان هنا ( احتملته ) بالحاء والميم وكذا رواه مسلم بعد هذا من رواية يونس وصالح ، وكذا رواه البخاري ، ومعناه : أغضبته ، فالروايتان صحيحتان .
قولها : ( فثار الحيان الأوس والخزرج ) أي : تناهضوا للنزاع والعصبية ، كما قالت : حتى هموا أن يقتتلوا .


قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ) معناه : إن كنت فعلت ذنبا وليس ذلك لك بعادة ، وهذا أصل اللمم .
[ ص: 258 ] قولها : ( قلص دمعي ) هو بفتح القاف واللام ، أي : ارتفع لاستعظام ما يعنيني من الكلام .


قولها لأبويها : ( أجيبا عني ) فيه تفويض الكلام إلى الكبار ; لأنهم أعرف بمقاصده واللائق بالمواطن منه ، وأبواها يعرفان حالها ، وأما قول أبويها : ( لا ندري ما نقول ) فمعناه : أن الأمر الذي سألها عنه لا يقفان منه على زائد على ما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي من حسن الظن بها والسرائر إلى الله تعالى .


قولها : ( ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ) أي : ما فارقه .


قولها : ( فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ) هي بضم الموحدة وفتح الراء وبالحاء المهملة والمد ، وهي : الشدة .
قولها : ( حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ) معنى ( ليتحدر ) لينصب ، و ( الجمان ) بضم الجيم وتخفيف الميم ، وهو : الدر ، شبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بحبات اللؤلؤ في الصفاء والحسن .


[ ص: 259 ] قولها : ( فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي : كشف وأزيل .


قولها : ( فقالت لي أمي قومي ، فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي ) معناه : قالت لها أمها : قومي فاحمديه ، وقبلي رأسه ، واشكريه لنعمة الله تعالى التي بشرك ، فقالت عائشة ما قالت إدلالا عليه وعتبا ، لكونهم شكوا في حالها ، مع علمهم بحسن طرائقها ، وجميل أحوالها ، وارتفاعها عن هذا الباطل الذي افتراه قوم ظالمون ، ولا حجة له ولا شبهة فيه ، قالت : وإنما أحمد ربي سبحانه وتعالى الذي أنزل براءتي ، وأنعم علي ، وبما لم أكن أتوقعه ، كما قالت : ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله تعالى في بأمر يتلى .


قوله عز وجل : ولا يأتل أولو الفضل منكم أي : لا يحلفوا ، والألية : اليمين ، وسبق بيانها .


قولها : ( أحمي سمعي وبصري ) أي : أصون سمعي وبصري من أن أقول : سمعت ولم أسمع ، وأبصرت ولم أبصر .
قولها : ( وهي التي كانت تساميني ) أي : تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي مفاعلة من السمو وهو الارتفاع .


قولها : ( وطفقت أختها حمنة تحارب لها ) أي : جعلت تتعصب لها ، فتحكي ما يقوله أهل الإفك ، [ ص: 260 ] وطفق الرجل بكسر الفاء على المشهور ، وحكي فتحها ، وسبق بيانه .


قوله : ( ما كشفت عن كنف أنثى قط ) ( الكنف ) : هنا بفتح الكاف والنون ، أي : ثوبها الذي يسترها ، وهو كناية عن عدم جماع النساء جميعهن ومخالطتهن .
قوله : ( وفي حديث يعقوب موعرين ) يعني بالعين المهملة وسبق بيانه ، وقوله في تفسير عبد الرزاق : ( الوغرة شدة الحر ) هي بإسكان الغين وسبق بيانه .


قوله صلى الله عليه وسلم : ( أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي ) هو بباء موحدة مفتوحة مخفف ومشددة رووه هنا بالوجهين التخفيف أشهر ، ومعناه : اتهموها ، والأبن بفتح الهمزة ، يقال : أبنه ويأبنه بضم الباء وكسرها : إذا اتهمه ورماه بخلة سوء ، فهو مأبون ، قالوا : وهو مشتق من الأبن بضم الهمزة وفتح الباء ، وهي : العقد في القسي تفسدها وتعاب بها .


[ ص: 261 ] قوله : " حتى أسقطوا لها به فقالت : سبحان الله " هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ( أسقطوا لها به ) بالباء التي هي حرف الجر ، وبهاء ضمير المذكر ، وكذا نقله القاضي عن رواية الجلودي قال : وفي رواية ابن ماهان ( لهاتها ) بالتاء المثناة فوق قال الجمهور غلط وتصحيف ، والصواب الأول ، ومعناه : صرحوا لها بالأمر ، ولهذا قالت : سبحان الله ; استعظاما لذلك ، وقيل : أتوا بسقط من القول في سؤالها وانتهارها ، يقال أسقط وسقط في كلامه ، إذا أتى فيه بساقط ، وقيل : إذا أخطأ فيه ، وعلى رواية ابن ماهان إن صحت معناها أسكتوها ، وهذا ضعيف ، لأنها لم تسكت بل قالت : سبحان الله ، والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب ، وهي القطعة الخالصة .
قولها : ( وأما المنافق عبد الله بن أبي فهو الذي كان يستوشيه ) أي : يستخرجه بالبحث والمسألة ، ثم يفشيه ويشيعه ويحركه ، ولا ندعه بحمد . والله أعلم .


المصدر
هنــــــــــــــا



وهنـــا

شرح حديث الإفك
مادة صوتية للشيخ أبي اسحاق الحويني حفظه الله
رائع لا يفوتكم

__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم





التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 01-04-2014 الساعة 09:41 PM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01-04-2014, 09:58 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
المجلس السادس عشر
29 صفر 1435 هــ



تابع مناقب متفرقة للصديق رضي الله عنه




تابع ورع الصديق رضي الله عنه


قال البخاري في صحيحه


حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ.



الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح

البخاري - الصفحة أو الرقم: 3842 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .
شرح الحديث




قوله : ( كان لأبي بكر غلام ) لم أقف على اسمه ، ووقع لأبي بكر مع النعيمان بن عمرو أحد الأحرار من الصحابة قصة ذكرها عبد الرزاق بإسناد صحيح " أنهم نزلوا بماء ، فجعل النعيمان يقول لهم : يكون كذا ، فيأتونه بالطعام فيرسله إلى أصحابه ، فبلغ أبا بكر فقال : أراني آكل كهانة النعيمان منذ اليوم ، ثم أدخل يده في [ ص: 190 ] حلقه فاستقاءه " وفي " الورع لأحمد " عن إسماعيل عن أيوب عن ابن سيرين " لم أعلم أحدا استقاء من طعام غير أبي بكر فإنه أتي بطعام فأكل ثم قيل له : جاء به ابن النعيمان ، قال : فأطعمتموني كهانة ابن النعيمان . ثم استقاء " ورجاله ثقات لكنه مرسل ، ولأبي بكر قصة أخرى في نحو هذا أخرجها يعقوب بن أبي شيبة في مسنده من طريق نبيح العنزي عن أبي سعيد قال : " كنا ننزل رفاقا ، فنزلت في رفقة فيها أبو بكر على أهل أبيات فيهن امرأة حبلى ومعنا رجل ، فقال لها : أبشرك أن تلدي ذكرا . قالت : نعم . فسجع لها أسجاعا . فأعطته شاة فذبحها وجلسنا نأكل ، فلما علم أبو بكر بالقصة قام فتقايأ كل شيء أكله " .
قوله : ( يخرج له الخراج ) أي يأتيه بما يكسبه ، والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه .
قوله : ( يأكل من خراجه ) في رواية الإسماعيلي من وجه آخر من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم " كان لأبي بكر غلام ، فكان يجيء بكسبه فلا يأكل منه حتى يسأله ، فأتاه ليلة بكسبه فأكل منه ولم يسأله ، ثم سأله " .
قوله : ( كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ) لم أعرف اسمه ويحتمل أن يكون المرأة المذكورة في حديث أبي سعيد .
قوله : ( فأعطاني بذلك ) أي عوض تكهني له ، قال ابن التين : إنما استقاء أبو بكر تنزها ; لأن أمر الجاهلية وضع ولو كان في الإسلام لغرم مثل ما أكل أو قيمته ولم يكفه القيء ، كذا قال ، والذي يظهر أن أبا بكر إنما قاء لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن ، وحلوان الكاهن ما يأخذه على كهانته ، والكاهن من يخبر بما سيكون عنغير دليل شرعي ، وكان ذلك قد كثر في الجاهلية خصوصا قبل ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - .




شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر

قال البخاري في صحيحه

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ ، فَقَالَ : مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ، وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ " , قَالَ : النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح

البخاري - الصفحة أو الرقم: 3663 - خلاصة حكم المحدث:صحيح


الشرح من

فتح الباري شرح صحيح البخاري




( بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب ) الحديث لم أقف على اسم هذا الراعي ، وقد أورد المصنف الحديث في ذكر بني إسرائيل ، وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام ، وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة ، فروى أبو نعيم في " الدلائل " من طريق ربيعة بن أوس عن أنيس بن عمرو عن أهبان بن أوس قال : " كنت في غنم لي ، فشد الذئب على شاة منها ، فصحت عليه فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال : من لها يوم تشتغل عنها ؟ تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى . فصفقت بيدي وقلت : والله ما رأيت شيئا أعجب من هذا ، فقال : أعجب من هذا ، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين هذه النخلات يدعو إلى الله ، قال فأتى أهبان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره وأسلم " فيحتمل أن يكون أهبان لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين ، ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأبو بكر وعمر غائبين ، فلذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة وفيه : " قال أبو سلمة : وما هما يومئذ في القوم " أي عند حكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك . ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لما اطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما ، وهذا أليق بدخوله في مناقبهما .
قوله : ( يوم السبع ) قال عياض : يجوز ضم الموحدة وسكونها ، إلا أن الرواية بالضم . وقال الحربي : هو بالضم والسكون وجزم بأن المراد به الحيوان المعروف ، وقال ابن العربي : هو بالإسكان ، والضم تصحيف . كذا قال ، وقال ابن الجوزي : هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وعلى هذا - أي الضم - فالمعنى إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري ، أي إنك تهرب منه وأكون أنا قريبا منه أرعى ما يفضل لي منها . وقال الداودي : معناه من لها يوم يطرقها السبع - أي الأسد - فتفر أنت منه فيأخذ منها حاجته وأتخلف أنا لا راعي لها حينئذ غيري ، وقيل : إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن فتصير الغنم هملا فتنهبها السباع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها .
وأما بالسكون فاختلف في المراد به فقيل : هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة ، وهذا نقله الأزهري في " تهذيب اللغة " عن ابن الأعرابي ، ويؤيده أنه وقع في بعض طرقه عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة " يوم القيامة " وقد تعقب هذا بأن الذئب حينئذ لا يكون راعيا للغنم ولا تعلق له بها ، وقيل : هو اسم يوم عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه باللهو واللعب فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم ، وإنما قال : " ليس لها راع غيري " مبالغة في تمكنه منها ، وهذا نقله الإسماعيلي [ ص: 34 ] عن أبي عبيدة ، وقيل : هو من سبعت الرجل إذا ذعرته ، أي من لها يوم الفزع ؟ أو من أسبعته : إذا أهملته ، أي من لها يوم الإهمال . قال الأصمعي : السبع الهمل ، وأسبع الرجل أغنامه إذا تركها تصنع ما تشاء ، ورجح هذا القول النووي . وقيل : يوم الأكل ، يقال : سبع الذئب الشاة إذا أكلها . وحكى صاحب " المطالع " أنه روي بسكون التحتانية آخر الحروف وفسره بيوم الضياع ، يقال أسيعت وأضيعت بمعنى ، وهذا نقله ابن دحية عن إسماعيل القاضي عن علي ابن المديني عن معمر بن المثنى ، وقيل : المراد بيوم السبع يوم الشدة كما روي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال : أجرأ من سبع ، يريد أنها من المسائل الشداد التي يشتد فيها الخطب على المفتي ، والله أعلم .
قوله : ( وبينما رجل يسوق بقرة ) تقدم الكلام عليه في المزارعة ، ووقع عند ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في آخره في القصتين " فقال الناس آمنا بما آمن به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وفي الحديث جواز التعجب من خوارق العادات ، وتفاوت الناس في المعارف .


إشارة لخلافة الصديق والثناء عليه

روى البخاري في صحيحه ص 57 الكتاب


حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ .




الشرح
من فتح الباري شرح صحيح البخاري




قَوْلُهُ : ( بَابُ نَزْعِ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنَ الرِّيِّ ، وَالنَّزْعُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الزَّاي إِخْرَاجُ الْمَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ .
قَوْلُهُ : ( رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ ) هُوَ الدَّوْرَقِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ هُوَ الْمَدَائِنِيُّ يُكْنَى أَبَا صَالِحٍ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ بَغْدَادَ فَسَكَنَ الْمَدَائِنَ حَتَّى نُسِبَ إِلَيْهَا ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا ، وَكَانَ صَدُوقًا شَدِيدَ الْوَرَعِ ، وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَآخَرُونَ وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مَجْهُولٌ ، وَأَظُنُّهُ آخَرَ وَافَقَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا ) أَيْ أَسْتَخْرِجُ مِنْهَا الْمَاءَ بِآلَةٍ كَالدَّلْوِ . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ " رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ وَعَلَيْهَا دَلْوٌ فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ " ، وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ " رَأَيْتُ أَنِّي عَلَى حَوْضٍ أَسْقِي النَّاسَ " وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَلِيبَ هُوَ الْبِئْرُ الْمَقْلُوبُ تُرَابُهَا قَبْلَ الطَّيِّ ، وَالْحَوْضَ هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ بِجَانِبِ الْبِئْرِ لِشُرْبِ الْإِبِلِ فَلَا مُنَافَاةَ .
قَوْلُهُ : ( إِذْ جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ) فِي رِوَايَةِ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " فَجَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ " أَيِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْلَأُ بِهَا الْمَاءَ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذَا " فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ مِنِّي الدَّلْوَ لِيُرِيحَنِي " ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُونُسَ " لِيُرَوِّحَنِي " وَأَوَّلُ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ " رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا " ، وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ النَّزْعِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ " أُرِيتُ فِي النَّوْمِ أَنِّي أَنْزِعُ عَلَى قَلِيبٍ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ .
قَوْلُهُ : ( فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ ) كَذَا هُنَا ، وَمِثْلُهُ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ الْمَذْكُورَةِ " ذَنُوبَيْنِ " وَلَمْ يَشُكَّ ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي يُونُسَ ، وَالذَّنُوبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئُ .
قَوْلُهُ : ( وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي تَأْوِيلِهِ فِي آخِرِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ .
أنه على مهل ورفق .
قوله : ( والله يغفر له ) قال النووي : هذا دعاء من المتكلم ، أي أنه لا مفهوم له . وقال غيره : فيه إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر ، وهو نظير قوله تعالى لنبيه عليه السلام : فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - . قلت : ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه ، لأن سببه قصر مدته ، فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه .
قَوْلُهُ : ( فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ " وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ " .
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ ) كَذَا هُنَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي أَخْذِ أَبِي بَكْرٍ الدَّلْوَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عُمَرَ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَيْهِ بِخِلَافِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ تَكُنْ خِلَافَتُهُ بِعَهْدٍ صَرِيحٍ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ وَقَعَتْ عِدَّةُ إِشَارَاتٍ إِلَى ذَلِكَ فِيهَا مَا يَقْرُبُ مِنَ الصَّرِيحِ .
قَوْلُهُ : ( فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا ) أَيْ تَحَوَّلَتِ الدَّلْوُ غَرْبًا ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ بِلَفْظِ مُقَابِلِ الشَّرْقِ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْغَرْبُ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ ، فَإِذَا فُتِحَتِ الرَّاءُ فَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ .
وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيِّ أَنَّ الْغَرْبَ كُلُّ شَيْءٍ رَفِيعٍ ، [ ص: 431 ] وَعَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ : الْمُرَادُ أَنَّ الدَّلْوَ أَحَالَتْ بَاطِنَ كَفَّيْهِ حَتَّى صَارَ أَحْمَرَ مِنْ كَثْرَةِ الِاسْتِسْقَاءِ ، قَالَ ابْنُ التِّينِ : وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَرَدُّوهُ عَلَى قَائِلِهِ .
قَوْلُهُ : ( فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَبَيَانُهُ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " يَفْرِي فَرْيَهُ " ، وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ : قَالَ حَجَّاجٌ قُلْتُ لِابْنِ جُرَيْجٍ : مَا اسْتَحَالَ؟ قَالَ : رَجَعَ .
قُلْتُ : مَا الْعَبْقَرِيُّ؟ قَالَ : الْأَجِيرُ . وَتَفْسِيرُ الْعَبْقَرِيِّ بِالْأَجِيرِ غَرِيبٌ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ : عَبْقَرِيُّ الْقَوْمِ سَيِّدُهُمْ وَقَوِيُّهُمْ وَكَبِيرُهُمْ .
وَقَالَ الْفَارَابِيُّ : الْعَبْقَرِيُّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ . وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ عَبْقَرَ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ ، وَقِيلَ بَلَدٌ كَانَ يُنْسَجُ فِيهِ الْبُسُطُ الْمَوْشِيَّةُ فَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَيِّدٍ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ فَائِقٍ . وَنَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهَا مِنْ أَرْضِ الْجِنِّ ، وَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ مَا يُنْسَبُ إِلَى شَيْءٍ نَفِيسٍ .
وَقَالَ الْفَرَّاءُ : الْعَبْقَرِيُّ السَّيِّدُ وَكُلُّ فَاخِرٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَجَوْهَرٍ وَبِسَاطٍ وُضِعَتْ عَلَيْهِ وَأَطْلَقُوهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَظِيمٍ فِي نَفْسِهِ . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ " يَنْزِعُ نَزْعٌ ابْنُ الْخَطَّابِ " وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُونُسَ " فَلَمْ أَرَ نَزْعَ رَجُلٍ قَطُّ أَقْوَى مِنْهُ " .
قَوْلُهُ : ( حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَآخِرُهُ نُونٌ هُوَ مَا يُعَدُّ لِلشُّرْبِ حَوْلَ الْبِئْرِ مِنْ مَبَارِكِ الْإِبِلِ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : " ضَرَبَ " أَيْ ضَرَبَتِ الْإِبِلُ بِعَطَنٍ بَرَكَتْ ، وَالْعَطَنُ لِلْإِبِلِ كَالْوَطَنِ لِلنَّاسِ لَكِنْ غَلَبَ عَلَى مَبْرَكِهَا حَوْلَ الْحَوْضِ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ " حَتَّى رَوَّى النَّاسَ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ " .
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ " فَلَمْ يَزَلْ يَنْزَعُ حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ " ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُونُسَ " مَلْآنُ يَنْفَجِرُ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ خِلَافَةُ عُمَرَ ، وَقِيلَ هُوَ لِخِلَافَتِهِمَا مَعًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَمَعَ شَمْلَ الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا بِدَفْعِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَابْتَدَأَتِ الْفُتُوحُ فِي زَمَانِهِ ، ثُمَّ عَهِدَ إِلَى عُمَرَ فَكَثُرَتْ فِي خِلَافَتِهِ الْفُتُوحُ وَاتَّسَعَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ وَاسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُهُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : مَعْنَى عِظَمِ الدَّلْوِ فِي يَدِ عُمَرَ كَوْنُ الْفُتُوحِ كَثُرَتْ فِي زَمَانِهِ وَمَعْنَى " اسْتَحَالَتْ " انْقَلَبَتْ عَنِ الصِّغَرِ إِلَى الْكِبَرِ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ : قَالُوا هَذَا الْمَنَامُ مِثَالٌ لِمَا جَرَى لِلْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ ظُهُورِ آثَارِهِمَا الصَّالِحَةِ وَانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهِمَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَمْرِ فَقَامَ بِهِ أَكْمَلَ قِيَامٍ وَقَرَّرَ قَوَاعِدَ الدِّينِ ، ثُمَّ خَلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَاتَلَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ ، ثُمَّ خَلَفَهُ عُمَرُ فَاتَّسَعَ الْإِسْلَامُ فِي زَمَنِهِ ، فَشَبَّهَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ بِقَلِيبٍ فِيهِ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ حَيَاتُهُمْ وَصَلَاحُهُمْ وَشَبَّهَ بِالْمُسْتَقِي لَهُمْ مِنْهَا وَسَقْيُهُ هُوَ قِيَامُهُ بِمَصَالِحِهِمْ ، وَفِي قَوْلِهِ : " لِيُرِيحَنِي " إِشَارَةٌ إِلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً مِنْ كَدَرِ الدُّنْيَا وَتَعَبِهَا ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ بِتَدْبِيرِ أَمْرِ الْأُمَّةِ وَمُعَانَاةِ أَحْوَالِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ " فَلَيْسَ فِيهِ حَطٌّ مِنْ فَضِيلَتِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ فِي قِصَرِ مُدَّةِ وِلَايَتِهِ ، وَأَمَّا وِلَايَةُ عُمَرَ فَإِنَّهَا لَمَّا طَالَتْ كَثُرَ انْتِفَاعُ النَّاسِ بِهَا وَاتَّسَعَتْ دَائِرَةُ الْإِسْلَامِ بِكَثْرَةِ الْفُتُوحِ وَتَمْصِيرِ الْأَمْصَارِ وَتَدْوِينِ الدَّوَاوِينِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ " فَلَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ لَهُ وَلَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ ذَنْبٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ كَانُوا يَقُولُونَهَا يُدَعِّمُونَ بِهَا الْكَلَامَ . وَفِي الْحَدِيثِ إِعْلَامٌ بِخِلَافَتِهِمَا وَصِحَّةِ وِلَايَتِهِمَا وَكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا ، فَكَانَ كَمَا قَالَ .
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِالدَّلْوِ التَّقْدِيرَ الدَّالَّ عَلَى قِصَرِ الْحَظِّ ، بَلِ الْمُرَادُ التَّمَكُّنُ مِنَ الْبِئْرِ ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ : بِدَلْوِ بَكْرَةَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى صِغَرِ الدَّلْوِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ غَرْبًا .
وَأَخْرَجَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الرُّؤْيَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ ، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ " فَعَبِّرْهَا يَا أَبَا بَكْرٍ ، قَالَ : أَلِيَ الْأَمْرُ بَعْدَكَ وَيَلِيهِ بَعْدِي عُمَرُ . قَالَ : كَذَلِكَ عَبَرَهَا الْمُلْكُ " وَفِي سَنَدِهِ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ [ ص: 432 ] وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْكَرَةٌ .
وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ فِيهِ ، فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَاخْتَارَ الضِّيَاءُ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِعِرَاقَيْهَا فَانْتُشِطَتْ وَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ " وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّزْعِ الضَّعِيفِ وَالنَّزْعِ الْقَوِيِّ الْفُتُوحُ وَالْغَنَائِمُ ، وَقَوْلُهُ : " دُلِّيَ " بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ أُرْسِلَ إِلَى أَسْفَلَ ، وَقَوْلُهُ : " بِعِرَاقَيْهَا " بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ ، وَالْعِرَاقَانِ خَشَبَتَانِ تُجْعَلَانِ عَلَى فَمِ الدَّلْوِ مُتَخَالِفَتَانِ لِرَبْطِ الدَّلْوِ . وَقَوْلُهُ : " تَضَلَّعَ " بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَلَأَ أَضْلَاعَهُ كِنَايَةٌ عَنِ الشِّبَعِ ، وَقَوْلُهُ : " انْتُشِطَتْ " بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ نُزِعَتْ مِنْهُ فَاضْطَرَبَتْ وَسَقَطَ بَعْضُ مَا فِيهَا أَوْ كُلُّهُ .
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : حَدِيثُ سَمُرَةَ يُعَارِضُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَهُمَا خَبَرَانِ .
قُلْتُ : الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الرَّائِي ، وَحَدِيثُ سَمُرَةَ فِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَأَى ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ شَاهِدًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ فِيهِ " فَوَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَغَنَمٌ عُفْرٌ " وَقَالَ فِيهِ " فَأَوَّلْتُ السُّودَ الْعَرَبُ وَالْعُفْرَ الْعَجَمُ " ، وَفِي قِصَّةِ عُمَرَ " فَمَلَأَ الْحَوْضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَةَ " ، وَمِنَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " نَزْعُ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ " وَحَدِيثُ سَمُرَةَ فِيهِ نُزُولُ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ ، فَهُمَا قِصَّتَانِ تَشُدُّ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ، وَكَأَنَّ قِصَّةَ حَدِيثِ سَمُرَةَ سَابِقَةٌ فَنَزَلَ الْمَاءُ مِنَ السَّمَاءِ وَهِيَ خِزَانَتُهُ فَأُسْكِنَ فِي الْأَرْضِ كَمَا يَقْتَضِيهِ حَدِيثُ سَمُرَةَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ .
وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ إِشَارَةٌ إِلَى نُزُولِ النَّصْرِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْخُلَفَاءِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى كُنُوزِ الْأَرْضِ بِأَيْدِيهِمْ ، وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ مِنَ الْفُتُوحِ الَّتِي فَتَحُوهَا . وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ زِيَادَةُ إِشَارَةٍ إِلَى مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَهْلُ الْجَمَلِ أَنْ خَرَجُوا عَلَيْهِ وَامْتَنَعَمُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ حَارَبَهُ بِصِفِّينَ ثُمَّ غَلَبَ بَعْدَ قَلِيلٍ عَلَى مِصْرَ ، وَخَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ عَلَى عَلِيٍّ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ رَاحَةٌ ، فَضُرِبَ الْمَنَامُ الْمَذْكُورُ مَثَلًا لِأَحْوَالِهِمْ ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .


وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب





وفاته

:

توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه

وجمعنا به في دار كرامته


آميــن




للموضوع مصادر متعددة
1-كتاب الصحيح المسند في فضائل الصحابة للشيخ مصطفى العدوي
2- موضوع فضائل الصديق للشيخ عبد الرحمن السحيم
3-مواقع متفرقة والشبكة الإسلامية
4- جميع شروح فتح الباري من السبكة الإسلامية موسوعة الحديث
__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم





التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 01-04-2014 الساعة 10:02 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 06:46 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology