ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-11-2013, 03:25 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
شرح أحاديث الأربعين النووية



للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسين النووي المتوفي سنة (676هـ) - رحمه الله تعالى -.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبدأ بترسيخ المعتقد ، نبدأ بالتخلية قبل التحلية
لماذا الأربعون النووية ؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدولد آدم محمد بن عبد الله
مما عمت به البلوى اعتقاد البعض أن من حفظ أربعين حديثًا نبويًا حصل من الأجر الوفير، ولم يرد حديث مقبول في هذا ،نعم حفظ الأحاديث عمومًا من الأعمال الفاضلةلكن تخصيص هذا العدد وقرنه بفضائل معينة هذا مانقدم قرينة على عدم ثبوته ، ونورد الأحاديث التي يعتقد البعض صحتها للتحذير منها
- منْ حفظ على أمتي أربعينَ حديثًا منَ السنةِ، كنتُ له شفيعًا يومَ القيامةِ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 4589-خلاصة حكم المحدث: موضوع
من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة ، كنت له شفيعًا و شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 5560- خلاصة حكم المحدث: موضوع
من حفظ على أمتي أربعين حديثا من سنتي ، أدخلته يوم القيامة في شفاعتي
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 5561- خلاصة حكم المحدث: ضعيف
من حمل من أمتي أربعين حديثا ، بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع -
الصفحة أو الرقم: 5568
- خلاصة حكم المحدث: موضوع
هنا
* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة حتى
يؤديها إليهم كنت له شفيعا أو شهيدًا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن السكن - المصدر: التذكار -
الصفحة أو الرقم: 6
-خلاصة حكم المحدث: ليس يروى من وجه ثابت


* من تعلم من أمتي أربعين حديثا يفقه بهافي دينه كان
فقيهًا عالمًا

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن السكن - المصدر: جامع بيان العلم -
لصفحة أو الرقم: 1/198
-خلاصة حكم المحدث: ليس يروى
هذا الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ثابت

* من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينهابعثه
الله عز وجل يوم القيامة فقيهًا عالمًا

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن حبان - المصدر: المجروحين -
لصفحة أو الرقم: 1/144
-خلاصة حكم المحدث: [فيه]
إسحاق بن نجيح الملطي
دجال من الدجاجلة كان يضع الحديث


* من حمل عن أمتي أربعين حديثاً بعثه الله يوم
القيامة فقيهاً عالماً

الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 6/114-خلاصة حكم المحدث: غير محفوظ


* من حفظ على أمتي أربعين حديثاً بما ينفعها الله
به بعثه
يوم القيامة فقيهاً عالماً

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 8/337-خلاصة حكم المحدث: [فيه] أبو البختري كذاب يضع الحديث 
* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة كنتله شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: ابن عدي - المصدر:الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 3/436خلاصة حكم المحدث: [فيه] خالد بن
يزيد العمري عامة أحاديثه مناكير [وفيه] إسحاق بن نجيح أشر منه



*من تعلم على أمتي أربعين حديثا ينفعها الله بهافي دينه كان فقيها عالما
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 3/477- خلاصة حكم المحدث: موضوع


* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنةكنت
له شفيعا يوم القيامة

الراوي: - المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 1/537-خلاصة حكم المحدث: موضوع

* من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله عز وجلبها ، قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - لصفحة أو الرقم: 4/210-خلاصة حكم المحدث: غريب من حديث
أبي بكر عن عاصم



* سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حد العلم إذا حفظه الرجل كان فقيها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله فقيها ، وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا

الراوي: أبو الدرداء المحدث: البيهقي - المصدر: شعب الإيمان -
لصفحة أو الرقم: 2/742
-خلاصة حكم المحدث: متنه مشهور
وليس له إسناد صحيح



* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة حتى
يؤديها إليهم كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن عبدالبر - المصدر:
التذكار - لصفحة أو الرقم: 6
-خلاصة حكم المحدث: غير محفوظ

اقتباس
قد يستهين البعض بالأربعين النوويةاعتمادًا على ضعف الأحاديث الواردة في فضل حفظ أربعين حديثًا
فقد كان مقصد الإمام النووي رحمه الله
جمع أحاديث تكون أصولا و قواعد في ديننا ،

لذا اعتنى
العلماء بشرحها لاشتمالها لعدة مهمات و تنبيهات، فمن حازها بفهم فقد حاز خيرًا كثيرًا،و الله
نسأل أن يجعلنا ممن قال فيهم حبيبنا صلى الله عليه
و سلم
: " نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى
يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ،
ورب حامل فقه ليس بفقيه"
الراوي: زيد بن ثابت المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 5/327-خلاصة حكم المحدث: صحيح
*و في رواية :"نضر الله امرأ سمع منا حديثا فأداه كما سمعه

الراوي: ثابت المحدث: السخاوي - المصدر: فتح المغيث - الصفحة أو الرقم: 2/244-خلاصة حكم المحدث: ثابت
اقتباس فليصحح معتقده كل من أراد دراسة وحفظ الأربعين النووية
ونستأنس بهذه الفتوى
السؤال
هل حديث " أن من حفظ 40 حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فسيضمن دخول الجنة أو يُبعث مع العلماء " صحيح ؟
الجواب
الحمد لله1. هذا الحديث ضعيف ، وهو على كثرة طرقه لا تصلح لأن تقوِّي بعضها بعضاً ، وله روايات كثيرة وبألفاظ مختلفة ، ومنها " .. بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء " ، وفي رواية " بعثه الله عالماً فقيهاً " ، وفي رواية " وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً " ، وغيرها .
أ. قال الحافظ ابن حجر :
[ رواه ] الحسن بن سفيان في " مسنده " وفي " أربعينه " من حديث ابن عباس ، وروي من رواية ثلاثة عشر من الصحابة ، أخرجها ابن الجوزي في " العلل المتناهية " وبيَّن ضعفها كلَّها وأفرد ابن المنذر الكلام عليه في جزء مفرد ، وقد لخَّصت القول فيه في " المجلس السادس عشر " من الإملاء ، ثم جمعتُ طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة .
" التلخيص الحبير " ( 3 / 93 ، 94 ) .
ب. وقال ابن الملقِّن :
حديث " من حفظ على أمتي أربعين حديثاً كُتب فقيهاً " : يُروى من نحو عشرين طريقاً وكلها ضعيفة ، قال الدارقطني : كل طرقه ضعاف لا يثبت منها شيء ، وقال البيهقي : أسانيده ضعيفة.
" خلاصة البدر المنير " ( 2 / 145 ) .
وقال البيهقي :
هذا متن مشهور فيما بين الناس وليس له إسناد صحيح .
" شعب الإيمان " ( 2 / 270 ) .
وقال النووي :
واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه .
" مقدمة الأربعين النووية " .
2. ومما ينبغي أن يقال هنا أنه قد جاء في السنة ما يبيِّن فضل من سمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغه ، ولو كان حديثاً واحداً .
عن زيد بن ثابت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " نضَّر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره فرُبَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه ، ورب حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ ".
رواه الترمذي ( 2656 ) وحسَّنه ، وأبو داود ( 3660 ) ، وابن ماجه ( 230 ) .
قال المباركفوري :
والمعنى : خصه الله بالبهجة والسرور لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا ونعمه في الاخرة حتى يرى عليه رونق الرخاء والنعمة ثم قيل إنه إخبار يعني جعله ذا نضرة وقيل دعاء له بالنضرة وهي البهجة والبهاء في الوجه من أثر النعمة .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 347 ، 348 ) .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-11-2013, 03:27 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
ذكر النووي رحمه الله في مقدمة الأربعين :
ثم منَ العُلماء من جَمَع الأربعين في أصول الدِّينِ، وبعضُهم في الفروع، وبعضُهم في الجهاد، وبعضُهم في الزُّهْد، وبعضُهم في الخُطَب، وكُلُّها مقاصِدُ صالِحةٌ*، رضي اللهُ عن قاصِدِيها. وقد رأيتُ جَمْعَ أربعينَ أهمَّ من هذا كلِّهِ، وهي أربعون حديثاً مشتملة على جميع ذلك ، وكلُّ حديث منها قاعِدةُ عظيمةُ من قواعد الدِّينِ، وقد وصَفَهُ العُلماءً بأنَّ مَدَارَ الإسلام عليه، أو نِصْفَ الإسلام، أو ثُلُثَهُ، أو نحو ذلك....
... وينبغي لكلِّ راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث لِمَا اشتملت عليه من المهمَّات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهر لِمَن تدبَّره )).ا.هـ
والأحاديث التي جمعها النووي ـ رحمه الله ـ اثنان وأربعون حديثاً، قد أطلق عليها أربعين تغليباً مع حذف الكسر الزائد، وقد رُزق هذا الكتاب للنووي مع كتابه (( رياض الصالحين )) القبول عند الناس، وحصل اشتهارهما والعناية بهما، وأوَّلُ كتاب ينقدح في الأذهان يُرشَد المبتدئون في الحديث إليه هذه الأربعون للإمام النووي رحمه الله، وقد زاد ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ عليها ثمانية أحاديث من جوامع الكلم، فأكمل بها العدَّة خمسين، وشرحها بكتاب سَمَّاه: (( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ))، وقد كثرت شروح الأربعين للإمام النووي، وفيها المختصر والمطوَّل، وأوسع شروحها شرح ابن رجب الحنبلي رحمه الله،
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
تأليف :عبد المحسن بن حمد العباد البدر

فوائد
*لو نظرنا إلى عمدة الأحكام لوجدناها منتخبة؛ لكنها في باب واحد وهو باب الفقه، أما الأربعون النووية فهي في أبواب متفرقة متنوعة،
مشتملة على جميع ذلك ، وكلُّ حديث منها قاعِدةُ عظيمةُ من قواعد الدِّينِ، وقد وصَفَهُ العُلماءً بأنَّ مَدَارَ الإسلام عليه، أو نِصْفَ الإسلام، أو ثُلُثَهُ، أو نحو ذلك....
♥ومن هذه الأحاديثِ الجوامِع: التي وَصفَها العلماءُ بأنَّ مدار الإسلام عليها، أو أنها أصولُ الأحاديثِ أو أصولُ الدين أو أصولُ السُّنن: حديثُ (الأعمال بالنيات)، و(الحلال بّيِّنٌ والحرام بَيِّنٌ)، و(مَنْ أحْدثَ في أمْرِنا هذا ما ليس منه؛ فهو رَدٌّ)...
♥فرغ المؤلف من تأليفها ليلة الخميس التاسع والعشرين من جمادي الأولى سنة (668هـ).
مستخلص مما سبق
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-11-2013, 03:28 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
اقتباس:
ترجمة الإمام النووي
مولده ونشأته
الإمام النووي ولد في عام (631هـ ) أي: في أوائل القرن السابع الهجري، وتولى والده الصالح رعايته وتأديبه، ونشأه تنشئة طيبة، فحضه منذ الصغر على طلب العلم حين لاحظ فيه من مخايل النجابة والذكاء والاستعداد الفطري.
الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي وهو من بلاد المغرب مر بنوى مصادفة ذات مرة فقال: رأيت الشيخ وهو ابن عشر سنين -يقصد الإمام النووي - بنوى والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، أي: يجري أمامهم وهو طفل عمره (10) سنوات، ويبكي حين يكرهونه على اللعب معهم، وهو يقرأ القرآن على تلك الحال.
قال: فوقع في قلبي محبته، وكان قد جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن.
قال: فأتيت معلمه فوصّيته به وقلت له: إنه يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجّم أنت؟ قلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذُكر ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الحلم.


رحلته في طلب العلم

وحينما كانت بيئة الإمام النووي بيئة صلاح ولكنها لا تُشبع نهمه في طلب العلم قدم به والده إلى دمشق سنة (649هـ) وكان عمره (19) سنة، وكانت دمشق موئل العلماء، ومنهل الفضلاء، ومهوى أفئدة طلاب العلم، وكان فيها من المدارس التي يُدرّس فيها مختلف أنواع العلوم ما يزيد على (300 ) مدرسة، ومنذ أن حط رحله فيها التقى بالشيخ عبد الكافي بن عبد الملك الربعي المتوفى سنة (689هـ ) وأطلعه على دخيلة نفسه، وما ينويه من طلب العلم، فأخذه وتوجه به إلى حلقة العالم الجليل الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن الفركاح المتوفى سنة (690هـ) فقرأ عليه دروساً، وبقي يلازمه مدة، ثم التمس من شيخه هذا مكاناً يأوي إليه ويسكن فيه، فدله على شيخ المدرسة الرواحية، وهذه المدرسة بناها أحد التجار المعروف بـابن رواحة في دمشق أيضاً.
قال: فدله على شيخ المدرسة الرواحية الإمام الفقيه كمال الدين إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي ، فتوجه إليه ولازمه وأخذ عنه وسكن المدرسة الرواحية، وقد ذكر النووي رحمه الله أنه بقي نحو سنتين لا يضع جنباً على الأرض.
أي: أنه بقي سنتين لا ينام وإنما يغفو إغفاءة ثم يستيقظ وهو جالس، وهذا فيه همة عالية في طلب العلم، إذا كان هذا الإمام أو غيره ممن كتب الله تعالى لذكرهم البقاء.
فقال: ويتبلغ بشيء من القوت اليسير، وحفظ التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف، وهو متن عظيم في الفقه، ثم حفظ ربع العبادات من المهذب في باقي السنة وهو يشرح ويصحح على شيخه كمال المغربي ، وقد أُعجب به شيخه أيما إعجاب؛ لما رأى من دأبه وحرصه وانصرافه إلى طلب العلم، فأحبه محبة شديدة وجعله معيد الدرس في حلقته -أي: أن الشيخ إذا فرغ من درسه جعل الإمام النووي يعيده في المدرسة الرواحية- حتى أقبل على طلب العلم بنهم وشغف وجد واستعداد وهمة لا تعرف الكلل والملل، فكان يقرأ كل يوم (11) درساً وقيل: (12) درساً على العلماء شرحاً وتصحيحاً: درسين في الوسيط للغزالي ، وثالثاً في المهذّب للشيرازي ، ودرساً في الجمع بين الصحيحين للحميدي ، وخامساً في صحيح مسلم ، ودرساً في إصلاح المنطق لـابن السكيت ، ودرساً في اللمع لـابن جني ، ودرساً في أصول الفقه في اللمع للشيرازي أيضاً، والمنتخب للفخر الرازي ، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين -أي: في العقيدة- وكان يُعلّق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، وإيضاح عبارة، وضبط لغة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-11-2013, 03:29 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Mice2

صفاته التي أهلته للطلب ووصاياه لطلاب العلم

هذا الذي نعده إنما يدلنا على أن الإمام قد حرص على أن يأخذ من كل فن بنصيب، ومن كل علم بحظ وافر، وما كان ينام من الليل إلا أقله: "كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " [الذاريات:17-18]، وإذا غلبه النوم استند إلى الكتب لحظة ثم يفيق وينتبه، وضُرب به المثل في إكبابه على طلب العلم ليلاً ونهاراً، وهجره النوم إلا عن غلبة، وضبط أوقاته بلزوم الدرس أو الكتابة أو المطالعة أو التربي على الشيوخ، حتى إنه إذا مشى في الطريق كان يشتغل في تكرار ما يحفظ -أي: أنه في أثناء سيره لم يكن يضيع الوقت، ولكنه كان يراجع محفوظاته- فإذا وصل إلى الدرس التحم ذكره في الشوارع وقراءته ومراجعته لهذه الدروس بدرسه الذي يُسمعه الطلاب، فما كان يضيع من وقته لحظة واحدة، وهذا شأن الحريص على طلب العلم.
وكان قوي المدرك حاضر البديهة تنثال عليه المعاني انثيالاً في وقت الحاجة إليها -كان إذا أراد أن يستشهد بشيء أو يأتي بأدلة لمسألة كانت تنثال انثيالاً وكأنه يقرأ من كتاب- وهذا يدل على قوة القريحة لديه رحمه الله تعالى.
وكان يتعمق في المسائل العلمية ولا يكتفي بدراسة ظواهرها ولا يتقلد قول الغير فيها إلا بعد التحقق من صحة دليله وجودة مخرجه.
وكان رحمه الله تعالى يتمتع بحافظة قوية مستوعبة أتاحت له السيطرة الفكرية على ما يقرأ بحيث يربط أقصاه بأدناه، وأوله بآخره، وأجزاءه بعضها ببعض.
وكان رحمه الله تعالى تتمثل فيه الآداب التي ذكرها في كتابه المجموع في الجزء الأول من المقدمة، ذكر مقدمة في غاية الروعة والمتانة ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، فكان من بين هذه العناصر والنصائح أنه قال: ينبغي للمتعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى، فلا يقصد به رياسة، ولا سمعة، ولا رياء، ولا إشارة بالبنان إليه، ولا عرضاً من أعراض الدنيا من جاه وسلطان ومال وغير ذلك، إنما يقصد به وجه الله تعالى، فمن كان طالباً للعلم فليعلم أن مطلوبه هو أعز وأشرف مطلوب، فليعد أعز العدة له، وأعزها وأفضلها إنما هو تقوى الله عز وجل والإخلاص في طلبه لله دون سواه، فهذا الإمام إنما نبّه وأكد على الإخلاص في طلب العلم في مقدمة تنبيهاته وتوجيهاته من المجموع.
ثم ثنى بعد ذلك بقوله: وأن يتحقق بالمحاسن التي ورد الشرع بها وحث عليها، والخلال الحميدة والسير المرضية التي أرسل إليها من التزهد في الدنيا والتقلل منها، وعدم المبالاة بفواتها، والسخاء، والجود، ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه والبشاشة، وغير ذلك من مكارم الأخلاق.
ثم ثلث بقوله: وأن يحذر من الحسد والرياء والإعجاب واحتقار الناس وإن كانوا دونه درجات، وهذا ما نفتقده نحن الآن، فالواحد منا إذا طالع كتاباً واحداً لا يمكن التفاهم معه؛ لأنه يظن أنه قد حاز العلم بحذافيره، لمجرد أنه يقرأ الجزء الأول من فقه السنة يظهر عليه الكبر والعجب والتيه والخيلاء في مشيه وكلامه وجلوسه وقعوده ومعاملته مع الخلق، بل ومعاملته مع الله عز وجل، وذلك لأنه طلب على غير شيخ، ثم لم يعد العدة ولم يتهيأ ولم يتأدب بالآداب التي ينبغي أن يتعلمها أولاً قبل أن يتعلم العلم؛ ولذلك الحسن البصري يقول: نحن في حاجة إلى قليل من الأدب أكثر من حاجتنا إلى كثير من العلم.
وقيل للشافعي : كيف شهوتك للأدب؟ قال: والله إني لأسمع بالحرف الواحد منه فأتمنى لو تكون كل جوارحي آذناً حتى تنعم بهذا الحرف.
قيل له: كيف طلبك إياه؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره.
وانظر عندما تكون هناك امرأة ليس لها إلا ولد واحد، وهذا الولد ضل وتاه عنها، تبحث عنه بحث المجنونة عليه، فكذلك كان يفعل الإمام الشافعي ، فينبغي قبل أن يطلب الطالب العلم أن يطلب الأدب؛ لأنه إن طلب الأدب أولاً انتفع بالعلم، وإن لم يطلب الأدب أولاً لم ينتفع لا بالعلم ولا بالأدب.
ثم يقول: وعليه أن يداوم مراقبة الله تعالى في علانيته وسره، محافظاً على قراءة القرآن والأذكار والدعوات ونوافل الصلوات والصوم وغيرها، معولاً على الله في كل أمره، معتمداً عليه مفوضاً في كل الأحوال أمره إليه.
ثم قال: وعليه أن يستمر مجتهداً في الاشتغال بالعلم قراءة وإقراءً، ومطالعة وتعليقاً، ومباحثة ومذاكرة، ولا يستنكف من التعلم ممن هو دونه في سن أو نسب أو دين أو في علم آخر أو غير ذلك.
وعليه أن يعتني بالتصنيف إذا تأهل له، أما إذا لم يتأهل له فلا شك أنه يحرم عليه أن يتصدى للتصنيف، وينبغي له أن يحرّض طلابه على الاشتغال في كل وقت، ويطالبهم بحفظ ما يلزم حفظه، وينير أذهانهم بطرح الأسئلة المهمة عليهم.
ومن أهم ما يؤمر به ألا يتأذى ممن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره؛ لأنك إذا منعت طلابك من أن يسمعوا لغيرك فلا شك أنهم سيتعلمون الجمود؛ لأنه ربما لا تلقي عليهم أنت إلا رأياً واحداً هو الذي تعتنقه وتعتقده، فيخرج الطالب أفقه ضيّق جداً لا يعرف في كل مسألة إلا قولاً واحداً، فلو صدم بالرأي الثاني أو الثالث أو العاشر أو المائة فيستنكر كل هذه الآراء؛ لأنه تربى على رأي واحد وعلى شيخ واحد، وقديماً قالوا: الذي له شيخ واحد كالذي له امرأة واحدة إن حاضت حاض معها، وإن نفست نفس معها، وإن طهرت طهر معها، فينبغي أن يكون لطالب العلم علماء ومشايخ كثر حتى يتعلم من الجميع.
تلك هي أهم خصائصه العلمية.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-11-2013, 03:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
اقتباس:
الجانب الخلقي للإمام النووي رحمه الله


وأما الجانب الخلقي من شخصيته عليه رحمة الله: فقد كان على جانب عظيم من التقوى والإنابة، فهو كما أشرنا منذ نعومة أظفاره كان يستشعر خشية الله فينفر عن اللهو وينصرف عن اللغو، ويملأ فراغه بقراءة القرآن والأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله تعالى، وكان رأساً في الزهد قدوة في الورع، يتقلل من الدنيا ويعرض عن مفاتنها ومتعها، ولا يتناول منها إلا ما يقيم أوده، ويعينه على القيام بما هو آخذ بسبيله.
قال الإمام
الذهبي : ولي الإمام النووي دار الحديث، وكان لا يتناول من معلومها شيئاً، يعني: الجعل الذي كانت تنفقه المدرسة على أبنائها وطلابها وعلمائها لم يكن يتناول منه شيئاً، بل يتقنع بالقليل مما يبعث به إليه أبوه، كان أبوه يبعث إليه بالجرايات -أي: الطعام والشراب الذي يأكله- وكانت أمه ترسل إليه كل عام قميصاً أو قميصين يلبسهما، فما كان يلبس من أحد، ولا يأكل من أحد، وما كان يقبل هدية طالب من الطلاب.
وهذه سيرة كثير من أهل العلم السالكين، أنهم ما كانوا يقبلون هدايا تلاميذهم الذين ليس بينهم وبين بعض تبادل هدايا، أي: لو أن طالباً يتبادل مع شيخه الهدايا فلا بأس أن يأخذ منه الشيخ، وأما إذا كانت الهدية مقدمة من التلميذ، وهذا الشيخ لا يعرف التلميذ إلا أنه تلميذه في الحلقة، وليس بينهم من الود ما يسمح له بقبول الهدية فإن الشيخ كان يمتنع عن قبول الهدية التي بهذا الوصف.
قال: وكان لا يأخذ من أحد شيئاً، ولا يقبل إلا ممن تحقق دينه ومعرفته، ولا له به علاقة من إقراء وانتفاع به.
ويقول أيضاً الإمام الذهبي عنه: كان عديم الميرة -أي: الطعام والشراب- والرفاهية والتنعم، مع التقوى والقناعة والورع الثخين، والمراقبة لله تعالى في السر والعلانية، وترك رعونات النفس من ثياب حسنة، وأكل طيب، وتجمل في هيئة، بل طعامه جلف الخبز بأيسر إدام، ولباسه ثوب خام وشيخنانية لطيفة.
هذا ما كان يأخذه لنفسه، ولكنه عند الفتوى وعند شرح الأحاديث يكون له موقف آخر، فإن هذا جانب الورع، والورع لا يُجبر عليه العبد، وإنما يُنصح به مجرد نصيحة، وله بعد ذلك أن يأخذ به أو لا يأخذ كالإحسان تماماً، فإنك لا تستطيع أن تحمل عبداً على الإحسان، ولكنك تستطيع أن تحمله على الإيمان وعلى الإسلام، وإلا فله حكم آخر في الشرع، أما الإحسان فهو المراقبة بينك وبين الله عز وجل، ولا يستطيع أحد أن يحملك عليه إلا الله عز وجل يرزقك إياه، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإحسان والورع! وأما الورع فكان ديدن الإمام النووي عليه رحمة الله تبارك وتعالى، أما عند شرحه للأحاديث فهذا شيء آخر يتعلق بجميع المسلمين، فإنه عند الفتوى والتحقق والإفتاء لا يجوز لي أن أحمل الناس على ما أنا عليه، فكذلك كان الإمام يفعل.
ولكنه في باب الفتيا كان ينهج منهج القصد والاعتدال، فقد علّق على حديث عائشة رضي الله عنها المخرّج عند مسلم : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل)، يقول: فيه جواز أكل لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق، وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل اتفاقاً.
أي: إذا لم يحرص عليه العبد، ولكنه قُدّم إليه دون طلب.
قال: وكان رحمه الله تعالى يسدي النصح للعظماء والكبار بأسلوب تلمح فيه عزة المؤمن ونزاهة القصد وكمال الشفقة للمنصوح، وله في ذلك مواقف رائعة مدونة في الكتب التي أُلفت في مناقبه تستوجب الإكبار والاعتداد، وتصلح أن تكون مثلاً أعلى للاحتذاء.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-11-2013, 03:31 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Mice2

اقتباس:
اسمه ونسبه
هو شيخ الإسلام الإمام الحافظ يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن حزام أبو زكريا محيي الدين النووي الدمشقي الشافعي المذهب، ولكنه كان مجتهداً في المذهب ورأساً فيه، فلم يكن مقلداً لشيخه الإمام الشافعي ، بل خالفه في مواطن كثيرة، وهذا شأن المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم ولهديه ولسيرته؛ أنه لا يقلد ولا يجوز له أن يقلد ما دام قد بلغ درجة التمييز بين الآراء والتمحيص بينها، ثم يختار لنفسه ولأمته ما يترجّح به الدليل، أما التقليد فإنه لا يجوز إلا في حق العامة فقط، وإذا كان العامي يجوز له هذا فإنه لا يأخذ من تقليده ما يوافق هواه، ولكن عليه أن يسأل أكثر من عالم ثم يأخذ بما تطمئن إليه نفسه إن خلا ذلك عن الهوى وعن المصلحة الشخصية.
وقرية (نوى) هي مسقط رأس الإمام النووي ، وهي قرية من أعمال دمشق، وكان جده الأعلى -وهو حزام - نزل بها على عادة العرب أنهم كانوا يرحلون ويحطون رحالهم في أماكن ويستقرون بها، فكذلك فعل جده الأعلى حزام ، فأقام بها ورزقه الله تعالى ذرية كثيرة.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-11-2013, 03:33 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
اقتباس:
منهج الإمام النووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة البدع
والإمام النووي عليه رحمة الله تبارك وتعالى كان شديد الإنكار والتنكر للبدع وأهلها، ولا يحابي في ذلك أحداً كائناً من كان، رائده في ذلك الإخلاص في طلب الحقيقة، فقد قال في الأذكار: اعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف رضي الله عنهم: السكوت في حال السير مع الجنازة؛ لأنه في عهد الإمام النووي كانوا يصيحون ويكبّرون ويهللون خلف الجنازة، فالإمام النووي كان حرباً على البدع وأهلها، فلما رأى ذلك أنكره. قال: فلا يرفع صوتاً بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، هذا هو الحق. ثم يقول: ولا تغترن بكثرة من يخالفه- أي: يخالف هذا-فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين. عليك بالذين اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله، وإن كان القائم على ذلك قلة من الناس وقلة من الخلق، فإن الحق لا يُعرف بكثرة الأتباع إنما يُعرف بصدق الاتباع. قال: وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين، وأما ما يفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه فقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه. وهو أيضاً موجود في بلادنا هذه، وكثيراً ما نسمع في الجنازات: لا إله إلا الله، وغير ذلك من الصيحات التي تعلو بين الفينة والفينة، فلا شك أن هذا كله من البدع، فحرام بإجماع العلماء. ثم يقول: وقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه، وقسط من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب آداب القراء، والله المستعان. الإمام النووي له مؤلفات عظيمة جداً ألف في كل فن وفي كل علم، والله عز وجل قد كتب القبول لمؤلفاته ومصنفاته، وهذا القبول الذي كتبه الله تعالى لمصنفات الإمام في الأرض إنما هو بفضل الله أولاً ثم بإخلاص الإمام؛ ولذلك الإمام مالك عليه رحمة الله تبارك وتعالى حينما صنّف كتاب الموطأ قام الناس في المدينة كلهم يصنفون موطآت، وذلك حينما طلب الخليفة من الإمام مالك أن يؤلف كتاباً، ويوطئه توطئة، ويمهّده تمهيداً لأهل الإسلام حتى يوزعه في الأمصار، فقام كل الناس يقولون: نسارع فلعل موطآتنا تكون أحسن من موطأ الإمام مالك ، فلما قيل للإمام مالك : إن الموطآت قد كثرت بالمدينة، قرأ قول الله عز وجل: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17]. قال: إن الله تعالى يذهب بهذه الموطآت ويبقي ما أريد به وجهه. فهل تسمعون الآن عن موطأ غير موطأ الإمام مالك ؟ فهناك موطآت كثيرة ومطبوعة ولكن لم يُكتب لها القبول والشهرة والانتفاع بها عند الناس إلا موطأ الإمام مالك.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-11-2013, 03:37 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
اقتباس:
♥ مواجهة الإمام النووي للسلاطين ومناصحته لهم بالرسائل ♥
رسالة النووي للسلطان يطالب الإشفاق على رعيته
قال ابن العطار رحمه الله تعالى: وكان مواجهاً للملوك والجبابرة بالإنكار، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان إذا عجز عن مواجهة كتب الرسائل، ويتوصل إلى إبلاغها، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكس عنهم، وكتب معه في ذلك شيخنا شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمن بن الشيخ أبى عمرو ، وشيخ الحنابلة وشيخنا العلامة قدوة الوقت أبو محمد عبد السلام بن على بن سر الزواوي شيخ المالكية، وشيخنا العلامة قدوة الوقت ذو العلوم أبو بكر بن محمد بن أحمد السويسي المالكي، وشيخنا العارف القدوة أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ العارف ولي الله عبد الله بن الأرمني ، وشيخنا المفتى أبو حامد محمد بن العلامة أبى الفضائل عبد الكريم بن الجرستاني خطيب دمشق وابن خطيبها، وجماعة آخرون ووضعها في ورقة، وهذه صورتها: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله يحيى النووي : سلام الله ورحمته بركاته، على المولى المحسن، ملك الأمراء، بدر الدين، أدام الله الكريم له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الآخرة والأولى كل آماله، وبارك له في جميع أحواله، وننهي إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في هذه السنة في ضيق عيش، وضعف حال، بسبب قلة الأمطار، وغلاء الأسعار، وقلة الغلات والنبات، وهلاك المواشي وغير ذلك، وأنتم تعلمون أنه تجب الشفقة على الرعية والسلطان ونصيحته في مصلحته ومصلحتهم، فإن الدين النصيحة، وقد كتب خدمة الشرع الناصحون للسلطان المحبون له كتاباً يذكره النظر في أحوال رعيته، والرفق بهم، وليس فيه ضرر، بل نصيحة محضة، وشفقة تامة، وذكرى لأولي الألباب، والمسئول من الأمير أيده الله تقديمه إلى السلطان، أدام الله له الخيرات، ويتكلم عليه من الإشارة بالرفق بالرعية بما يجده مدخراً له عند الله:
"يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ " [آل عمران:30]، وهذا الكتاب الذي أرسل به العلماء إلى الأمير أمانة ونصيحة للسلطان أعز الله أنصاره والمسلمين كلهم في الدنيا والآخرة، فيجب عليكم إيصاله للسلطان أعز الله أنصاره، وأنتم مسئولون عن هذه الأمانة ولا عذر لكم في التأخير عنها، ولا حجة لكم في التقصير فيها عند الله تعالى، وتسألون عنها: "يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" [الشعراء:88-89].

"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ "[عبس:34-37].
وأنتم -بحمد الله- تحبون الخير، وتحرصون عليه، وتسارعون إليه، وهذا من أهم الخيرات وأفضل الطاعات، وقد أهلتم له، وساقه الله إليكم، وهو فضل من الله ونحن خائفون أن يزداد الأمر شدة إن لم يحصل النظر في الرفق بهم.
قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ "[الأعراف:201] وقال الله تعالى: "وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ "[البقرة:215] والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا، بما إذا فعلتموه وجدتموه عند الله "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ "[النحل:128] والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فلما وصلت الورقتان إليه أوقف عليها السلطان، فرد جوابهما رداً عنيفاً مؤلماً، فتكدرت خواطر الجماعة الكاتبين وغيرهم.
فكتب رحمه الله جواباً لذلك الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم.
من عبد الله يحيى النووي ، يُنهي أن خدمة الشرع كانوا كتبوا ما بلغ السلطان أعز الله أنصاره، فجاء الجواب بالإنكار والتوبيخ والتهديد، وفهمنا منه أن الجهاد ذكر في الجواب على خلاف حكم الشرع، وقد أوجب الله إيضاح الأحكام عند الحاجة إليها، فقال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] فوجب علينا حينئذ بيانه وحرم علينا السكوت، قال الله تعالى: "لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "[التوبة:91].
وذكر في الجواب أن الجهاد ليس مختصاًً بالأجناد، وهذا أمر لم ندعه ولكن الجهاد من فرض كفاية، فإذا قرر السلطان له أجناداً مخصوصين ولهم أخباز معلومه من بيت المال، كما هو الواقع تفرغ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان والأجناد وغيرهم من الزراعة والصنائع وغيرها، الذي يحتاج الناس كلهم إليها، فجهاد الأجناد مقابل بالأخباز المقررة لهم، ولا يحل أن يؤخذ من الرعية شيء مادام في بيت المال شيء من نقد أو متاع أو أرض أو ضياع تباع أو غير ذلك.
وهؤلاء علماء المسلمين في بلاد السلطان أعز الله أنصاره متفقون على هذا، وبيت المال معمور، زاده الله عمارة وسعة وخيراً وبركة في حياة السلطان، المقرونة بكمال السعادة له والتوفيق والتسديد والظهور على أعداء الدين، "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ "[آل عمران:126] إنما يستعان في الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثَار النبي صلى الله عليه وسلم، وملازمة أحكام الشرع، وجميع ما كتبناه أولاً وثانياً هو النصيحة التي نعتقدها، وندين الله بها، ونسأله الدوام عليها حتى نلقاه.
والسلطان يعلم أنها نصيحة له، وللرعية، وليس فيها ما يلام عليه، ولم نكتب هذا للسلطان إلا لعلمنا بأنه يحب الشرع ومتابعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق برعيته والشفقة عليهم، وإكرامه لآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ناصح للسلطان موافق على هذا الذي كتبناه.
أي: أن كل الذي كتبناه إليك أيها السلطان! إنما هذا قولهم واتفاقهم.
قال: وأما ما ذكر في الجواب من كوننا لم ننكر على الكفار حين كانوا في البلاد، فكيف يقاس ملوك الإسلام وأهل الإيمان والقرآن بطغاة الكفر وبأي شيء من ديننا؟ أي أن السلطان يقول له: حينما كان الكفار في بلدك لماذا لا تنصحهم؟ لماذا لا تعظهم؟ الجواب: هؤلاء لا علاج لهم إلا السيف، أما أنت من أهل الإيمان ومن أهل القرآن، وإنك تتعظ بالكتاب والسنة، أما الكفار فبم يتعظون؟ لا نعظهم لا بكتاب ولا سنة؛ لأنهم من الأصل يجحدون وينكرون ويكفرون بهذا، فقال: إن هذا قياس مع الفارق، والسلطان هدد الرعية كلها بسبب ما كتب إليه النووي .
قال: وأما تهديد الرعية بسبب نصيحتنا، وتهديد طائفة العلماء فليس هو المرجو من عدل السلطان وحلمه، وأي حيلة لضعفاء المسلمين المفرقين في أقطار ولاية السلطان في كتاب كتبه بعض المسلمين الناصحين نصيحة للسلطان ولهم، ولا علم لهم به؟ أي: أن الناس الذين يعيشون متفرقين في أطراف المدينة ما هو ذنبهم؟ فهم لا يعرفون هل نحن كتبنا لك أم لم نكتب، فأنت لو آذيت الرعية كلها فما ذنبهم بسبب كتاب أتاك من واحد من الناس؟! فإذا كنت مؤذياً أحداً فليكن الإمام النووي الذي كتب إليك.
قال: وكيف يؤاخذون به لو كان فيه ما يلامون عليه؟ قال: وأما أنا في نفسي فلا يضرني التهديد.
وهذا هو كلام العلماء الربانيين.

قال: فلا يضرني التهديد ولا أكثر منه، ولا يمنعني ذلك من نصيحة السلطان، فإني أعتقد أن هذا واجب عليّ وعلى غيري من أهل العلم، وما ترتب على الواجب فهو خير وزيادة عند الله قال: "إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ"[غافر:39]، وقال تعالى: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ "[غافر:44]، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول بالحق حيثما كنا، وألا نخاف في الله لومة لائم، ونحن نحب للسلطان معالي الأمور وأكمل الأحوال، وما ينفعه في آخرته ودنياه، ويكون سبباً لدوام الخيرات له، ويبقي ذكره له على ممر الأيام، ويخلد في سننه الحسنة ويجد نفعه: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا [آل عمران:30]، وأما ما ذُكر من تمهيد السلطان البلاد وإدامته الجهاد وفتح الحصون وقهر الأعداء، فهذا بحمد الله من الأمور الشائعة التي اشترك في العلم بها الخاصة والعامة، وصارت في أقطار الأرض، ولله الحمد، وثواب ذلك مدّخر للسلطان إلى "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا "[آل عمران:30]، ولا حجة لنا عند الله تعالى إذا تركنا هذه النصيحة الواجبة علينا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-11-2013, 03:41 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
رسالة النووي إلى السلطان في التلطف بالرعية وعدم انتزاع أملاكهم
ومما كتبه أيضاً الإمام النووي إلى السلطان حينما حارب التتار وأزالهم عن البلاد، إذ ذهب السلطان إلى دمشق فقال له وكيل بيت المال في دمشق: إن هذه الأملاك ومعظم الأراضي التي تحت أيدي الناس إنما هي ملك للدولة، وهي وقف عليها، وأما هؤلاء الناس فقد استولوا عليها استيلاء، فأمر السلطان بأن تُحاط هذه الأملاك وتنتزع من هؤلاء الناس، ولا يأخذ أحد منهم ما يدّعيه إلا إذا أثبت ذلك بمكتوب وبأوراق، فحينما فعل ذلك السلطان وأصدر أوامره كتب إليه الإمام النووي مرة ثالثة.
قال: الحمد لله رب العالمين.
قال الله تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187]، وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره، ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

الدِّينُ النَّصيحةُ قلنا : لمن ؟ قال : للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم .
الراوي: تميم الداري المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم -
الصفحة أو الرقم: 55-خلاصة حكم المحدث: صحيح- الدرر

ومن نصيحة السلطان -وفقه الله لطاعته وتولاه بكرامته- أن يُنهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، أو على غير ما قرره الشرع، فأنت قد أمرت بنزع هذه الأراضي ممن وضعوا أيديهم عليها، وهذا بخلاف حكم الإسلام، فحينما كان ذلك ونحن نعلم محبتك لشرع الله وجب علينا أن ننصحك وأن نبين لك حكم ما فعلت.
قال: قال الله تعالى: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَلِلْمُؤْمِنِينَ" [الحجر:88]، وفي الحديث: *

*هل تنصرون و ترزقون إلا بضعفائكم الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7035- خلاصة حكم المحدث: صحيح* الدرر

أي: بدعاء ضعفائكم لا بذواتهم وأشخاصهم كما هو مقرر في عقيدة أهل السنة.
قال: وقال صلى الله عليه وسلم:
من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر في الدنيا ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ، ما كان العبد في عون أخيه الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1930
خلاصة حكم المحدث: صحيح - الدرر


وقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر ....

أتيتُ عائشةَ أسألُها عن شيٍء . فقالت : ممن أنت ؟ فقلتُ : رجلٌ من أهلِ مصرَ . فقالت : كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذهِ ؟ فقال : ما نقمنا منهُ شيئًا . إن كان ليموتُ للرجلِ منا البعيرُ ، فيُعطيهِ البعيرَ . والعبدُ ، فيُعطيهِ العبدَ . ويحتاجُ إلى النفقةِ ، فيُعطيهِ النفقةَ . فقالت : أما إنَّهُ لا يمنعني الذي فُعِل في محمدٍ بنِ أبي بكرٍ ، أخي ، أن أُخبرك ما سمعتُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، يقول في بيتي هذا ( اللهم ! من وليَ من أمرِ أمتي شيئًا فشقَّ عليهم ، فاشقق عليهِ . ومن ولىَ من أمرِ أمتي شيئًا فرفقَ بهم ، فارفقْ بهِ ) .
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1828-خلاصة حكم المحدث: صحيح الدرر
وقال صلى الله عليه وسلم:
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 269-خلاصة حكم المحدث: صحيح- الدرر ،
وقال صلى الله عليه وسلم:
* "
إن المقسطينَ ، عند اللِه ، على منابرَ من نورٍ . عن يمينِ الرحمنِ عز وجل . وكلتَا يديهِ يمينٌ ؛ الذين يعدلونَ في حُكمهِم وأهليهِم وما وُلّوا "
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1827-خلاصة حكم المحدث: صحيح - الدرر

وقد أنعم الله علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان أعز الله أنصاره، فقد أقامه لنصرة الدين والذب عن المسلمين.
السلطان بيبرس كان محباً للدين ولشرع الله عز وجل، وكان محباً للسنة وللعلماء، وكان يقربهم إليه.
قال: وأذل به الأعداء من جميع الطوائف، وفتح عليه الفتوحات المشهورة في المدة اليسيرة، وأوقع الرعب منه في قلوب أعداء الدين وسائر الماردين، ومهّد له البلاد والعباد وقمع أهل الزيغ والفساد، .وأمده بالإعانة واللطف والسعادة، فلله الحمد على هذه النعم المتظاهرة والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها له وللمسلمين وزيادتها في خير وعافية آمين.
قال: لقد أوجب الله شكر نعمه، ووعد الزيادة للشاكرين، فقال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
ولقد لحق المسلمين بسبب هذه الحيطة التي أنت عملتها على أملاكهم أنواع من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثبات ما لم يلزمهم.
أي: أنهم يقدمون الأوراق والمستندات، وهذا أمر لم يلزمهم به الشرع، فهذه الحيطة لا تحل عند أحد من علماء المسلمين، بل من في يده شيء فهو ملكه لا يحل الاعتراض عليه ولا يكلف بإثباته.
قال: وقد اشتهر من سيرة السلطان أنه يحب العمل بالشرع ويوصي نوابه فهو أولى من عمل به، أي أنك إذا كنت أنت توصي بالالتزام بالشرع فأولى بك أن تكون أول العاملين به، والمسئول إطلاق الناس من هذه الحيطة، والإفراج عن جميعهم فأطلقهم أطلقك الله من كل مكروه، فهم ضعفة وفيهم الأيتام والأرامل والمساكين والضعفة والصالحون، وبهم ننصر ونغاث ونُرزق، وهم سكان الشام المبارك جيران الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وسكان ديارهم، فلهم حرمات من جهات متعددة، فأطلقهم أطلقك الله تعالى.
ولو رأى السلطان ما يلحق الناس من الشدائد -يعني: لو أنك نزلت إلى واقع الناس وإلى الشوارع ونظرت إلى حال الناس- لاشتد حزنه عليهم، وأطلقهم في الحال ولم يؤخرهم، ولكن لا تنهى الأمور إليه على وجهها، أي لا تبلغه أحوال الرعية كما ينبغي؛ لأن في الطريق عقبات كثيرة تحول وتحجب بين إيصال الواقع وحقيقة الرعية إلى الراعي والمسئول.
فبالله أغث المسلمين يغثك الله، وارفق بهم يرفق الله بك، وعجّل لهم الإفراج قبل وقوع الأمطار، وتلف غلاتهم فإن أكثرهم ورثوا هذه الأملاك من أسلافهم، ولا يمكن تحصيل كتب شراء -أي: الأوراق التي يثبتون بها الشراء- وقد نُهبت كتبهم، وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رفق بأمته، ونصره الله على أعدائه فقال تعالى: "إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ "[محمد:7]، وقال صلى الله عليه وسلم: " اللهم ......
ومن ولىَ من أمرِ أمتي شيئًا فرفقَ بهم ، فارفقْ بهِ " فإن أنت أطلقت الناس في أملاكهم حصل لك النصر من عند الله، ورفق الله تعالى بك كما رفقت بالرعية، وتتوفر له من رعيته الدعوات وتظهر في مملكته البركات، ويبارك له في جميع ما يقصده من الخيرات.
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء الراوي: جرير بن عبدالله المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6305- خلاصة حكم المحدث: صحيح- الدرر


فنسأل الله الكريم أن يوفق السلطان للسنن الحسنة التي يُذكر بها إلى يوم القيامة، ويحميه من السنن السيئة.
فهذه نصيحتنا الواجبة علينا للسلطان، ونرجو من فضل الله تعالى أن يلهمه الله فيها القبول.
والسلام عليكم ورحمة الله.
والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-11-2013, 03:42 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
افتراضي

اقتباس:
رسالة النووي إلى السلطان في شأن الفقهاء حين منعهم من التنقل بين المدارس والمساجد
ومما كتبه: رسالة تتعلق بالمكوس والحوادث الباطلة، وكتب كذلك رسالة بالأمراء والخيل، وأبطل الله تعالى ذلك على يد من يشاء من عباده في دولة السعيد بن الظاهر رحمهم الله تعالى.
وكتب رسائله إلى السلطان في شأن الفقهاء، حينما رُسم بأن الفقيه لا يكون منزّلاً في أكثر من مدرسة واحدة، وكانت المدارس في دمشق (300) مدرسة، فكان العالم الواحد يتنقل في عدة مدارس وتُجرى عليه الجرايات من كل مدرسة ينزل فيها، فحسد أحد الفقهاء هذا الوضع فوشى بهم إلى السلطان أنه لا ينبغي على الفقيه أن يبرح مدرسة واحدة، كل واحد يظل في مسجده ولا يخرج، فقال السلطان: لا ينتقل أحد من أهل العلم في مدرسة إلى مدرسة غيرها، ومن كان لديه شيء فلينقلها في مسجده أو مدرسته، إنما كونه ينتقل إلى مسجد آخر فهذا من الأمور المحرمة رسمياً وليس شرعاً، فلما رأى ذلك الإمام النووي كتب كتاباً.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
خدمة الشرع ينهون أن الله تعالى أمرنا بالتعاون على البر والتقوى، ونصيحة ولاة الأمور وعامة المسلمين، وأخذ على العلماء العهد بتبليغ أحكام الدين ومناصحة المسلمين، وحث على تعظيم حرماته وإعظام شعائر الدين وإكرام العلماء وطلابهم، وقد بلغ الفقهاء بأنه رُسم في حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم، ويقطعوا عن بعض مدارسهم، فتنكست بذلك أحوالهم، وتضرروا بهذا التضييق عليهم، وهم محتاجون ولهم عيال وفيهم الصالحون والمشتغلون بالعلوم، وإن كان فيهم أفراد لا يلتحقون بمراتب غيرهم، فهم منتسبون إلى العلم ومشاركون فيه، ولا يخفى مراتب أهل العلم وفضلهم وثناء الله تعالى عليهم، وبيان مزيتهم على غيرهم، وأنهم ورثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وأن الملائكة عليهم السلام تضع أجنحتها لهم، ويستغفر لهم كل شيء حتى الحيتان.
واللائق بالجناب العالي -أي بالسلطان- إكرام هذه الطائفة من العلماء وطلاب العلم، والإحسان إليهم ومعاضدتهم، ودفع المكروهات عنهم، والنظر في أحوالهم بما فيه الرفق بهم، فقد ثبت في صحيح مسلم : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به).
وروى أبو عيسى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه كان يقول لطلبة العلم: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن رجالاً يأتونكم يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).
والمسئول ألا يُغير على هذه الطائفة شيء، وتستجلب دعوتهم لهذه الدولة القاهرة، وقد ثبت في صحيح البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟).
وقد أحاطت العلوم بما أجاب به الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان ترك الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، فقال: أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار؛ فاستصوب فعله وساعده عليه.
والله الكريم يوفق الجنابة دائماً لمرضاته، والمسارعة إلى طاعته.
والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 12:06 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology