ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 04-26-2020, 12:04 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣1️⃣

✍فإنما أقطع له قطعة من نار!

أجمل ما في قصص الأنبياء تلك النفحات التي تُذكِّرنا أنهم كانوا بشراً مثلنا! يُريدُ الله سبحانه أن يُعلِّمنا أن الإيمان لا يُلغي الطبائع وإنما يُهذِّبها! ولا يكبت الشهوات وإنما يُؤدِّبها!

🔅إن نوحاً عليه السلام حين توجَّع لغرق ابنه فإنما ناجى ربه مدفوعاً بعاطفة الأبوة، فلمَّا نهاه ربه انتهى!
🔅وإن موسى عليه السلام حين أوجسَ خيفةً لما ألقى السَّحرة حِبالهم وعصيهم، لم يخفْ عن قِلة إيمان، وإنما خاف لأنه إنسان! وحين غضبَ وألقى الألواح فإنما فعلَ هذا لأنَّ بعض المواقف تُخرج الإنسان عن طوره!

🔅وسيِّدُ الأنبياء كما إخوته الذين سبقوه بالنبوة بشر أيضاً، ولم يكُن يخجل أن يُصرِّح ببشريته، فالإنسانية ليستْ منقصة، على العكس تماماً، هنا تكمُن المعجزة! أن تكون بشراً بعواطفك وهواجسك وأحزانك وأتراحك ثم تُغيِّر هذا العالم إلى الأبد!

◻️وقد قال مرةً: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضُكم أن يكون ألحنَ بحُجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيتُ له بحقِّ أخيه فإنما أقطعُ له قطعةً من النار، فليأخذها أو يذرها"!

لعلَّ أحد الخصمين فصيح حسن اللسان، والآخر عَيِيّ لا يقدر أن يُبيِّن حقَّه، فيحكم القاضي له،
👈🏻 ولكن السؤال: أيجعل حكم القاضي الحرام حلالاً! لا واللهِ فإن كان حكم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الصادر بناءً على ما سمع لا يُبيح لأحدهم أن يأكل حق أخيه، فكيف هو حكم القُضاة الآخرين!

إن ممَّا ٱبتُليَ به الناس أنهم يقومون بالحلال، ولكنهم لا يتورَّعون عن الحرام، وقد كان الأوائل يرون أن الدِّين في ترك الحرام أكثر منه في إتيان الحلال!
وقد قال مالك بن دينار: لَأن يترك الرجل درهماً من حرام خيرٌ له من أن يتصدَّق بمئة ألف درهم!

الحلالُ يقوم به البَرُّ والفاجر، والصالح والطالح، ولكن الإمساك عن الحرام لا يقوم به إلا من كان قلبه خالصاً لله!
تخرجُ الراقصة في مقابلة تلفزيونية وتتحدَّث أنها تحجُّ وتعتمر وتتصدَّق، وقد تكون صادقة في قولها، ولكنها لا تعرف أن التوقُّف عن هزِّ خصرها شبه عارية أمام الناس أفضل لها من عمرة!

يُمكن للتاجر الغشاش أن يكفل يتيماً، وهذا عمل نبيل، ولكن أنبل منه هو ترك الغش، والتوقُّف عن أكل أموال الناس بالحرام، لأنَّ الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً!
نعم يحدث أن يبني صاحب البار مسجداً، ولكن إقفال البار أحب إلى الله من بناء المسجد!
ونعم يحدث أن يُقيم تاجر المخدرات موائد الإفطار في رمضان، ولكن التوقُّف عن تجارة المخدرات أحب إلى الله من إقامة موائد الإفطار!
الإيمان الفعلي الصادق ليس في فعل الطاعة، وإن كانتْ الطاعات محمودة، وإنما في هجرِ المعاصي!

--------🌺🍃
---------منقول
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 04-27-2020, 12:01 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢 على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣2️⃣

✍ هذه بتلك!

كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا عزم على السَّفر أقرعَ بين نسائه، فأيما واحدة وقعت عليها القرعة صحبها معه!
◻️طريقة عبقرية في العدل، تجعل الفائزة بالصُّحبة تنتشي فرحاً، والتي لم تنل شرف الرفقة لا تلُمه، ولا تُحدِّث نفسها أنه قد فضَّلَ ضرَّتها عليها!
◻️وفي إحدى أسفاره وقعت القُرعة على عائشة، وكانت يومذاك لم تزل صغيرة السِّن، فأمرَ الجيشَ أن يتقدَّمَ أمامه، فلمَّا غدا وحده معها قال لها: تعالي حتى أُسابقكِ!
فتسابقا، فسبقته عائشة! ثم سار بها حتى التحقَ بالناس، وعاد أدراجه إلى المدينة.
ومرَّت الأيام، كبرتْ عائشة في السن قليلاً، وزاد وزنها، وكان على موعد مع السَّفر، فأقرع بين نسائه على عادته، فوقعتْ عليها القرعة فصحبها معه، ثم في طريق العودة قال للناس: تقدَّموا
فتقدَّم الناس… فلمَّا غدا وحده معها قال لها: تعالي حتى أُسابقكِ!
فتسابقا، فسبقها، فجعلَ يضحكُ ويقولُ لها: هذه بتلك!

👈🏻النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليه مُهِمَّة دعوة البشرية قاطبة إلى الله، ورئيس الدولة الذي عليه تحريك الجيوش، وعقد الأحلاف، ومُراسلة الملوك، وتدبير شؤون الناس، لم يشغله هذا كله عن أن يكون زوجاً، ويُعامل زوجته باللُّطف واللين إلى درجة أن يُسابقها في الصحراء كأنه ليس على كاهله كل هذه المسؤوليات الجسام! أراد أن يُعلَّمنا أن نكون مُتوازنين في حياتنا، لا يشغلنا العمل عن العبادة، ولا تجعلنا العبادة نترك أعمالنا ونتكفَّف الناس! أن لا يلتصق المرء بزوجته ويترك دنياه، ولا يلتصق بدنياه فيُهمل زوجته!
إنَّ من مآسينا اليوم أننا نجعل شيئاً واحداً يسرقنا من كل شيء!
تجدُ التاجرَ يقضي نهاره في عقد الصفقات، وجمع الديون، وتسديد الفواتير، فإذا عاد إلى بيته لا يهدأ جوَّاله، اتصال على فلان، واتصال من فلان، لا الزوجة تشعر بقُربه وهي التي تحتاج حنانه ودفأه كحاجتها إلى ماله بل أشدَّ! ولا الأولاد يشعرون أن لهم أباً وسنداً، يحسبُ أن المال الكثير، والأثاث الفاخر، والسيارات الفارهة تملأ غيابه، بينما في الحقيقة هم وجدوا المُعيل وفقدوا الأب، فليس بالضرورة أن يموتَ المرءُ ليُفتقد، يكفي أن يحضر بجسده ويغيب بقلبه وروحه حتى يصبح لا وجود له!
وتجدُ الزوجة مُولعة بالأثاث وترتيب البيت، وهذا شيء جميل بالمناسبة ولا حرج فيه، ولكن أن يصبح الأثاث أهم من البشر، ودورهم حراستها بدل استخدامها فهذا فيه من الحُمق أكثر ممَّا فيه من الترتيب والأناقة!
وتجدُ المُولع بالقراءة متأبِّطاً كتابه في ساعة متأخرة من الليل وزوجته بجانبه تنتظر فقط أن يسألها كيف كان يومها فلا يسأل! القراءة هواية عظيمة، وإنارة العقل مطلب جليل، ولكن القراءة إنما يجب أن تكون على حساب وقتك لا على حساب واجباتك!
وتجدُ المتعلق بأصدقائه، كل يوم خروج وسهر، يُريدُ أن يحيا حياة العزوبية وهو متزوج، يُشعرها أن البيت قفص، وأنها سجَّان، وليس له سعادة إلا فتح باب القفص والخروج منه!

◻️وصل الأصدقاء جميل، ومن الضروري أن يكون للمرء طقوسه الخاصة، ولكن الظلم أن تكون حياته كلها طقساً خاصاً!
تاجر ما شئتَ، واقرأ كما يحلو لكَ، واجعلْ لكَ صُحبة، ولكن تذكَّر أنَّ لك زوجةً وأولاداً وأن أشياء صغيرة لا تُكلِّف شيئاً هي التي تصنع سعادة الآخرين!
اهتمِّي بنفسك، رتِّبي بيتك، ولكن تذكري أن هذه وسائل لإسعاد زوجك وأولادكِ وليست غايات بحد ذاتها، وإلا تحول الأثاث إلى صنم في البيت، له من التبجيل كما كان لأصنام قريش ذات يوم عند الكعبة!

------------ 🌺🍃
--------منقول
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 04-28-2020, 01:37 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

3⃣3⃣

✍ٱنظُروا لمن هو أسفلَ منكم!

إحدى مشاكلنا نحن البشر أن عيوننا فارغة، نُحصي ما نفقِدُ من النعم أكثر مما نشكرُ على ما أُعطينا، وننظرُ إلى ما في أيدي الآخرين أكثر مما ننظُر إلى ما في أيدينا! ولا ندري أنَّ النَّظر إلى ما في أيدي الآخرين يُفقدنا لذَّة الاستمتاع بما في أيدينا!

ولأن العُيون الفارغة مرضٌ عُضال، أرادَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن لا نكون مرضى، فأعطانا العلاج يوم قال: "ٱنظروا لمن هو أسفلَ منكم، ولا تنظُروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"!

قبل أن تنظُرَ إلى صاحب السيارة الفارهة، ٱنظُرْ إلى الشخص الذي بُتِرتْ أقدامه!
قبل أن تنظر إلى صاحب "الڤيلا" الفاخرة، ٱنظُرْ إلى المشرَّدين في الخِيام ينخرُ البرد عِظامهم!
قبل أن تنظر إلى ثروة الغني، ٱنظُرْ إلى كف الفقير الذي يتسوَّل ويستعطي الناس!
ثمَّ إنك لا ترى إلا جزءاً من الصورة، أنتَ ترى ما أُعطيَ الناس، ولكنك لا تدري شيئاً عما حُرموا منه!
ما أدراك أنَّ هذا الذي لديه الكثير من المال يفتقد الكثير من الأشياء التي لا تشتريها الأموال، ما أدراك أنه قد فقدَ أُمه، أو ضاع منه حُبَّ حياته، أم أنه مُبتلى بمرضٍ لا علاج له فيقف هو وثروته عاجِزَين، يتمنَّى لو أنه لا يملكُ هذا المال، مُقابل صحة تشعرُ بها وتتفيَّأ ظلالها وتراها قليلة!

ما أدراكِ أن هذه التي تخرجُ مع زوجها إلى مطاعم كثيرة، وتَرِين صورتها في المطارات والرحلات قد حُرِمتْ لذَّة الإنجاب، وأنها تتمنَّى لو كانتْ مكانكِ مسمَّرة في بيتها، المهم أن تسمع طفلاً صغيراً يقول لها "ماما"!

ما أدراكَ أنَّ هذا الذي يملكُ وظيفة مرموقة قد فقدَ أمه وهو صغير وأنه يتمنى لو كان مكانك وكنتَ مكانه فقط لتضُمَّهُ وتأخذه إلى صدرها!

ما أدراكِ أن وزن فلانة ليس كثرة أكل وإنما من علاج الكورتزون، وأن نحافة فلانة ليستْ رشاقة وإنما لأن مرضاً يأكلها من الداخل!
الأشياء ليست دائماً كما تبدو!
توقفوا عن النظر إلى ما في أيدي الآخرين، ٱنظُروا إلى ما في أيديكم، فإن النظر إلى نِعم الآخرين يدل على عين فارغة، ونفسية مريضة، وهو قبل كل هذا سوء أدب مع الله!

--------------🍃🌺
-------------منقول
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04-30-2020, 01:42 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢 على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣4️⃣

✍لو سترته بثوبك!


عندما زنى ماعِزٌ رضيَ الله عنه، مرَّ بصديقٍ له اسمه هُزال الأسلمي وحدَّثه بما كان منه، ولكن هُزالاً لم يعِظْه، ولم يحُثَّه على التوبة، بل أشار إليه أن ينطلق إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيُخبره بالأمر! فأتى ماعِزٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم واعترفَ عنده بالزنا، فأمر عليه السَّلام برجمه، لأنَّ الأمر إذا وصلَ إلى الإمام سقطَ العفو، ولا بُدَّ من إقامةِ الحَدِّ! ثم إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لقِيَ هُزالاً الأسلمي بعد ذلك فقال له: لو سترْتَه بثوبك كان خيراً لك!

🔅وقد رويت آثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل الستر على المسلم أذكر منها ما حضرني ذكره بعون الله .

👈🏻 ، عن أبي هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من نفس ، عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا ، والآخرة ، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا ، والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

⚡نعم وَضَعَ الإسلامُ حدوداً، وما من نظامٍ بشريٍّ قامَ يوماً إلا وفيه منظومة عقوبات تختلف من مجتمع إلى آخر، ولكن الإسلام العظيم حث على التوبة والستر عند ارتكاب المعاصي، فما دام الله ستر على الإنسان فالأوْلى أن لا يذهب العاصي إلى الإمام ويطلبَ تنفيذ العقوبة! ولخَّص ابن تيمية هذا كله في جُملةٍ واحدةٍ حين قال: والأصلُ في الذنوبِ التوبة والاستغفار لا إقامة الحدود!

💥السِّترُ مبدأٌ من مبادئ الشريعة، كلُّ مُسلم مُطالب أن يسترَ على نفسه وعلى غيره، والنفسُ البشرية مفطورة على سترِ نفسها وفضحِ غيرها!
▪️من تتبَّعَ عورات الناس تتبَّعَ الله عورته، ومن ستر غيره ستره الله، لأن الجزاء من جنس العمل!
كلنا مطرَّزون بالعُيوب ولولا رداء من السِّتر وضعه الله علينا لانفضحنا وما نظر إلينا الناس نظرة احترام أبداً!

⚡وأجمل خُلُقٍ يعمل به العبد هو أن ينظُرَ إلى الخُلقِ الذي يُعامِل به الرَّبُّ سبحانه عباده، فيعاملهم مثله، وأن الله سِتير يُحبُّ السِّتر!
كل ذنبٍ لإنسانٍ سمعتَ عنه دعه يقف عندكَ، أنتَ أيضاً لك ذنوب وللناس ألْسُن، فاشترِ سِتركَ بسِتر الناس!
منقول

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 05-01-2020 الساعة 01:43 AM
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 05-01-2020, 01:46 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣5️⃣

✍إنَّ الله يحب العبد الخفي!

نعى السائب بن الأقرع إلى عُمر بن الخطاب شُهداء المُسلمين في معركةِ نهاوند، فعدَّ أسماءً من أعيان الناس وأشرافهم، ثم قال السائب: وآخرون من أفناء الناس لا يعرفهم أمير المؤمنين!
فبكى عمر وقال: وما ضرَّهم ألَّا يعرفهم عمر، إنَّ الله يعرفهم!

وفي سِيَرِ أعلام النُّبلاء للذهبي قال: كان في جيش هارون الرَّشيد عشرين ألف مُجاهد لا يكتبون أسماءهم في ديوان الجند، فلا يأخذون رواتبهم، كي لا يعرفهم أحدٌ إلا الله!

أما مُناسبة الحديث، فهو كان سعد بن أبي وقّاص في البادية يرعى إبلاً له، فجاءه ابنه، فلما رآه سعد من بعيد قال: اللهم إني أعوذُ بك من شرِّ هذا الراكب! يبدو أنه بفراسته عرفَ أنَّه يحمل أخباراً سيئة، فلما وصل عنده قال له ابنه: أنتَ في إبلكَ وتركتَ الناس يتنازعون المُلك بينهم!
فقال له سعد: اسكُتْ، سمعتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: "إنَّ الله يُحِبُّ العبدَ التقيَّ الغنيَّ الخفيّّ"!

والعبد الخفي هو الذي يُخفي حسناته عن الناس كما يُخفي عنهم سيئاته، فيجعلُ بينه وبين الله خبيئة صالحة لا يعلمها إلا الله!
ليس بالضرورة أن يعرفَ الناسُ كل صدقةٍ تتصدَّقُ بها، فالرِّياءُ مَفسدةُ الأعمال، وإنْ لم يقصد المرءُ رِياءً فلعلَّه يجرح كرامة من تصدَّق عليه دون أن يدري، وترميمُ قُلوبِ الناس وحفظُ كراماتِهم مُقدَّمٌ على إعانتِهم وترميمِ جيوبِهم!
ليس بالضرورة أن تُوثِّق كل عمل خير تعمله، ولا كل عبادة تقوم بها، لقد كلَّف اللهُ سُبحانه الملائكةَ بهذا الأمر، فأَرِحْ نفسك، كل ما عملْتَه من خير أو شر ستجده يوم القيامة أمامك في كتاب "لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها"!

كان ابن القيم يقول: الخوافي للخوافي!
وإني أقول:
مرضُكَ الذي لا يعلمه إلا الله، اجعلْ له صدقةً خفيةً لا يعلمها إلا الله!
والهمُّ الذي يربضُ على صدرك ولا يعلمه إلا الله، اجعلْ له استغفاراً خفياً لا يعلمه إلا الله!
القلقُ الذي يعتريكَ ولا يعلمه إلا الله، اجعلْ له ركعتين في الليل لا يراهما إلا الله!
قلةُ الرِّزق الذي نزلَ بك ولا يعلمه إلا الله، اجعلْ له استغفاراً بينك وبينه
وتذكَّرْ: ما ضرهم ألَّا يعرفهم عمر، يكفي أن الله يعرفهم!
منقول

••••••••
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 05-02-2020, 03:18 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة


3️⃣6️⃣

✍كما يرزق الطير!

حجَّ عُمر بن الخطاب في سنةٍ من سنوات خلافته، فلقيَ أُناساً قد جاؤوا إلى الحجِّ بغيرِ زاد، وإذا هم يستعطون الناس، فسألهم: من أنتم؟
فقالوا: نحن المُتَوَكِّلون!
فقال لهم: بل أنتم المُتَّكِلون، إنما المُتوكل الذي يُلقي حبةً في الأرض، ويتوكَّل على الله!

يُخطئُ كثيرٌ من الناس في فهم التوكُّل على الله سبحانه، ويحسبون أنَّه ترك الأخذ بالأسباب، ناسين أو مُتناسين أن هذه الأسباب إنما هي واقعة في قَدَرِ الله، وأن الله سبحانه قد وضع لهذا الكون سُنناً ونواميس على المرء الأخذ بها ما استطاع، ثم بعد ذلك يضع يقينه على الله أنَّ هذه الأسباب لا تضرُّ ولا تنفع حتى يأذن الله سبحانه!
نعم نُؤمن أنَّ الله هو الشافي ولكن من الحماقة عدم قصد الأطباء وطلب العلاج!
ونُؤمن أن الله هو الرازق ولكن من الحماقة عدم الذهاب إلى العمل!

كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أكثر الناس يقيناً بالله، ولكنه في المُقابل كان أكثر الناس أخذاً بالأسباب، فيوم الهجرة اصطحبَ معه دليلاً يدلُّه على الطريق إلى المدينة ولم يقُل أنا نبيٌّ وسوف أصل على أية حال!
ويوم أُحد لبس دِرعين رغم أنه يؤمن أن الأعمار بيدِ الله ولكنه أراد أن يُعلِّمنا ثقافة الأخذ بالأسباب!
وعندما كان يغزو كان يُورِّي في مسيره، بمعنى أنه إذا أراد أن يُحارب قوماً سلكَ طريقاً مُغايِراً حتى يُفاجِئ العدو، رغم أنه يؤمن أن النصر من عندِ الله!

نعم علَّمنا النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ الله وحده هو الذي يُحيي ويُميتُ ويرزقُ ويشفي ويُعطي ويمنع، فقال: "لو أنكم تتوكَّلون على الله حقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزقُ الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً"!

ولكنه بالمُقابل علَّمنا أن الدُّنيا دار أسباب! فالطُّيور لا تبقى في أعشاشها تنتظرُ رزق الله تعالى لتملأ بطونها، وإنما تخرج مُبكرة، تبحث عن الحَبِّ الذي يسدُّ جوعها، فلا يقع كل عصفور إلا على ما قسمه الله تعالى له من الرِّزق!

من الفهم السقيم لبعض الناس أنهم ينتظرون المعجزات دون بذل الأسباب! ويحدثك أحدهم كيف شقَّ موسى عليه السَّلام البحر بعصاه، وكيف التقمَ الحوتُ يونس عليه السَّلام فلم يُصبْه أذىً، وكيف أُلقيَ إبراهيم عليه السَّلام في النار فكانتْ برداً وسلاماً! ينسى هؤلاء أنَّ المعجزات هي أمرٌ خارقٌ للعادة، يخرقُ بها اللهُ نظام الكون الذي وضعه ليُعلِّمنا أنه لا يتركُ عباده، وأن هذه الأسباب إنما تحكم الناس ولا تحكمه جلَّ في عُلاه! وإلَّا فإن حاول أحدنا أن يشقَّ البحر بعصاه لقال عنه الناس مجنون! ولو ألقى نفسه في النار لماتَ منتحراً!
لا شيء أسوأ من وضع اليقين على الأسباب سوى ترك الأخذ بها!
منقول

•••••••

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 05-02-2020 الساعة 03:20 AM
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 05-03-2020, 01:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣7️⃣

أكُنتَ تدعو بشيءٍ؟

زار النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً من أهل المدينة قد أصابَه المرض، فوهن جسمه، وخفَّ وزنه حتى ظنَّ كل من عاده أنها النهاية!
استرعىْ حالُ الرجل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسألَه: أكُنتَ تدعو بشيء؟

فقال: نعم، كنت أقول: اللهمَّ ما كنتَ معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: سبحان الله، لا تطيقه، أفلا قلتَ: اللهمَّ آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذابَ النار!
فدعا الرجل بها، فشفاه الله!

الفكرة أنَّ القدر موَكَّلٌ بالمنطق، والناس أحياناً يدعون بصورةٍ خاطئةٍ، ويشترطون على الله شروطاً تتنافى مع رحمته، فيُعطيهم الله ما سألوه، حتى يفقهوا ويرجِعوا!
هذا الصحابي من حِرصِه على النجاة من عذاب الآخرة، كان يدعو أن يجعل الله كل عذابه في الدنيا، فدلَّه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على الصواب، وهو الدعاء بالنجاة في الدنيا والآخرة!

يمرض ولد
صغيرٌ فتسمعُ أمه تدعو: ليتني أنا ولا أنت! وهذا الدُّعاء من الأُم لا شك يحمل في طياتِه رحمةً وحباً لابنها، لكنه ينضوي على جهل، لماذا على الأُم أن تدعو بانتقال المرض إليها في حين أن بإمكانها أن تدعو الله سبحانه أن يعافي ابنها ويعافيها!

لا يعرف الإنسان متى يوافق دعاؤه ساعة استجابة، لهذا عليه أن يتأدَّب في الدُّعاء، ولا يسأل الله إلا خيراً!
تكسر البنت صحناً، فتغضبُ الأمُّ وتدعو عليها قائلة: كسر الله قلبكِ! ماذا لو استجِيبتْ هذه الدعوة، أكسر قلبٍ مقابل كسر صحن؟!

يتشاجرُ الأولاد في البيت، فتسمع دعاء الأُم في الغالب أو الأب أحياناً: الله يغضب عليكم! ماذا لو استجِيبَتْ هذه الدعوة! أَغَضَبُ الله سُبحانه مقابل لحظة شِجار صبيانية؟!

على المرء أن يختارَ ألفاظه في الدعاء، وأن لا يسأل الله سبحانه إلا الخير، فإنَّه جلَّ في علاه لا يُعجزه شيء!
منقول

•••••••••
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 05-04-2020, 02:36 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣8️⃣

✍لو كان المُطْعِمُ بن عَدِيٍّ حياً!

👈🏻يا ليوم الطائف ما أقساه، حملَ الجنة يومذاك وذهب بها إلى هناك أَنْ آمنوا وادخلوها، ولكن ابن عبد ياليل سيد القوم قال له: أما وجد الله غيرك ليرسله؟! ثم أطلقَ وراءه الغُلمان والسفهاء ليرجموه بالحجارة! كُذِّب بدعوته، وأُوذِي بجسده، وسالَ الدمُ الشريف، وما أجرأ الناس على الله، وما أحلمَ الله على الناس!

ولأنَّ المصائب لا تأتي فرادى، ولأنَّ أشدَّ الناس ابتلاءً الأنبياء، وهو سيدهم، كان على موعد مع ابتلاءٍ جديد حتى أقبل أن تلتئم الجراح في قدميه، أما عن جرح قلبه فكان ما زال ينز٠ حين قررتْ قُريش أن تمنعه من دخول مكة، وهكذا صار بين نارين لا الغريب قبِلَ منه دعوته، ولا القريب قبل عودته! فكان لا بد له أن يبحث عمن يجيره ويحميه ويدخله تحت كنفه إلى مكة، فذهب إلى المطعم بن عدي، وقبل أن يجيره، وباتَ عنده تلكَ الليلة، ثم لما كان الصباح، خرجَ المطعم وبنوه مُتقلِّدي السيوف، حتى أتوا الكعبة، وقال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: طف بالبيت ما شئت!
فجاء أبو سفيان فقال للمطعم: أمجيرٌ أنتَ أم تابعٌ له؟
فقال: بل مجير
فقال أبو سفيان: قبلنا جواركَ، وخلَّينا بين محمد وما هو فيه!
ثم مكث أياماً في مكة، وأُذِنَ له بالهجرة، ودار الزمان قليلاً، مات في دورته المِطعَم بن عديٍّ، ثم كانتْ غزوة بدر التي انتهتْ بالنصر، ولما جِيء بأسرى قريش إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: لو كان المطْعِمُ بن عديٍّ حيَّاً وكلَّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له!

رغمَ أن هؤلاء أسرى حرب، ولو أن أحداً استطاع أن يقتله ما تردَّد ثانية، ولكنه حَفِظ َللمطعم بن عديٍّ معروفه معه، ولم ينسه، وأخبرهم أنه لو كان حياً وشَفِعَ فيهم ما ردَّ طلبه، ولأطلقهم له عرفاناً بمعروفه الذي صنعه معه!
النُّبلاء لا ينسون مواقف الآخرين المشرِّفة معهم حتى ولو كانوا من غير مِلةٍ وعلى غير دين!
فهل حفظنا للناس معروفهم، وتحيَّنَّا الفُرص لنرد إليهم هذا الجميل عملاً بهَدْيِه وسُنَّته، أم أخذنا ومضينا؟!

العبدُ تُقيده السلاسل، أما الحُرُّ فيُقيده المعروف! فكُنْ حراً ولا تنسَ معروفاً أُسديَ إليكَ، صحيح أن الذي فعلَ المعروف هو في الغالب لا ينتظر سداداً، ولكن من العار أن تنسى أنتَ!

تقدَّم رجل لخطبة امرأةٍ، فقال له أبوها ما زوجتكَ إياها عن زُهد فيها، ولا عن ثُقلٍ في الإنفاق عليها، ولكنها سُنة الله في الناس، ما استطعتَ أن تُحضره من مهر وبيت وجهاز أحضره، وما قصَّرتَ به أنا أدفعه!
وتمَّ الزواج، ويقول الزوج بعدها: نحن معاً منذ عشرين عاماً ما أغضبتُها يوماً، وحتى حين كانت تُشاجرني كنتُ أتذكرُ معروف أبيها معي، فأُراضيها ولو كانتْ هي المُخطئة!
إنَّ المعروف لا يضيع، وإن ضاعَ عند الناس فلن يضيع عند الله، فاصنعْ المعروف صنع من لا ينتظر السداد، ولكن إن أسدى إليك أحدٌ معروفاً فاعتبره دَيْناً وابقَ طوال العمر مُتحيِّناً اللحظة التي تُتاح لك فيها سداده فهذا خُلق الأنبياء!

____🌺🍃
____
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 05-05-2020, 02:41 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

3️⃣9️⃣

✍فأنَّى يُستجاب له؟!

يأمر الله تعالى عباده المرسلين ، عليهم الصلاة والسلام أجمعين ، بالأكل من الحلال ، والقيام بالصالح من الأعمال ، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح ، فقام الأنبياء ، عليهم السلام ، بهذا أتم القيام . وجمعوا بين كل خير ، قولا وعملا ودلالة ونصحا ، فجزاهم الله عن العباد خيرا .

ولأنَّ دعوة الأنبياء واحدة، والدِّين عند الله الإسلام،
🍂عن أبى هريرة رضى ألله عنه قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيباً، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين،
فقال تعالى: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً" وقال تعالى: "يا أيُّها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم".
ثم ذكر الرّجل يطيل السَّفر، أشعثَ أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذِّي بالحرام، فأنَّى يستجاب له!
رواه مسلم

وروى الطبراني في الأوسط أنَّ سعد بن أبي وقاصٍ قال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة.
فقال له: يا سعد، أَطِب مطعمكَ تكُن مُستجاب الدَّعوة!

يشكو الناس هذه الأيام كثيراً أن الدعاء لا يستجاب، وهذا واقع مُشاهد، سببه أنَّ الناس استهانتْ بأكل الحرام! وإنهم يحسبون أنَّ المال الحرام يعني أن تسرقَ من جيبِ إنسان بعض ماله، وهذا في الحقيقة جزء من المال الحرام لا كله!
▪️المِيراث الذي تستأثر به وحدكَ دون إخوتك، أو تعطيهم أقلَّ مما فرض الله لهم مالٌ حرام!

▪️والمال الذي تموت الزوجة وتتركه وراءها فتأخذه وحدكَ وتحرم منه أهلها وأولادكَ مال حرام!

▪️الرشوة التي تتلقاها لتنجز بها معاملات الناس مال حرام!

▪️والوظيفة الشكلية التي لا تحضر إليها ولا تعرف منها إلا راتبها مال حرام!
▪️والعمل الذي لا تنجزه بحسب المواصفات والاتفاق مالٌ حرام!

▪️والبضاعة التي تبيعها ولا تُبين عيبها للناس مال حرام!

▪️والدين تأخذه من الناس لتفرج كربكَ وفي نيتك أن لا ترده مال حرام!

▪️والجمعية التي تشتركَ بها ثم تقبضها وتتوقف عن الدفع مال حرام!

▪️والكماليات والسفرات والمظاهر الفارغة التي تقوم بها وللناس عليكَ حقوق وللعمال رواتب لا تُؤديها مال حرام!

▪️والرِّبا الذي تأخذه من البنك مال حرام مهما أفتاكَ فلانٌ وعلتان!

والتحايل على الله مال حرام!

كنتُ يوماً عند الحلاق أنتظرُ دوري، وجرى حديث بين رجلين حول الرِّبا الذي تدفعه البنوك، وكان أحدهما يُؤكِّد أنه حرام، بينما الآخر قال: نعم حرام أن تأكله ولكن خذه ولا تشترِ به طعاماً، املأ سيارتك بالوقود، وادفعْ أجر العمال، وفاتورة الكهرباء!
فأخرجتني هذه الفتوى عن صمتي، وقلت له: وبِمَ يختلف هذا العمل عن عمل بني إسرائيل الذين نهوا عن الصيد يوم السبت، فكانوا ينزلون إلى البحر يوم السبت، ويلقون شِباكهم حول الأسماك فيحبسونها داخلها، ثم يعودون صبيحة يوم الأحد ويُخرجونها إلى الشاطئ! فمسخهم الله قِردةٍ وخنازير! إنَّ الله لا يخدع، ولا يُجدي معه التحايل!
اُنظُروا إلى رغيفكم من أين هو، وتأملوا من أين تكسبون أموالكم، وكيف تُنفقونها، ثم بعد ذلكَ سترون دعاءكم يتحقق كأنه فلق الصبح!

~~
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 05-06-2020, 03:19 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

4️⃣0️⃣

✍أفلا كنتم آذنتموني؟!

كان على عهدِ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةٌ سوداء تُنظِّفُ المسجد… ثم ماتتْ، فكأنهم استصغروا أمرها فدفنوها ولم يُخبروا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأمرِها!
ثم إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقدَها، فسأل عنها، فقالوا: ماتت يا رسول الله!
فقال: "أفلا كنتم آذنتموني، دُلوني على قبرها"!
فدَلُّوه، فصلَّى عليها، ثم قال: "إنَّ هذه القُبور مملوءة ظُلمة على أهلها، وإنَّ الله عزّ وجل يُنوِّرها بصلاتي عليهم"!

مما ٱبتُلينا به في هذه الأيام أنه إذا مات لأحد الأثرياء والمتنفذين وأصحاب المناصب قريب جاءَ الجميعُ إلى عزائه، وإذا ماتَ الإنسان البسيط كان الذين يمشون في جنازته يعدُّون على الأصابع! أصبحَ الموت طقساً من طقوس الانتفاع!

يروى أنه ماتت خادمة كبير القضاة، فجاء التجار والأعيان ووجهاء البلد يعزونه بها… وعندما ماتَ كبيرُ القُضاة لم يمشِ في جنازتِه من هؤلاء أحد، فقد كانوا يباركون لكبيرِ القُضاةِ الجديدِ منصبه!

🍂الحُبُّ في هذا الدين عبادة، ومكانةُ الأشخاص في قلبكَ يجب أن تكون بحسب قربهم من الله وبعدهم عنه، لا بحسب ثرائهم ومناصبهم، فالمرأة التي كانت تنظف المسجد لم يرفعْ قدرها عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير عملها الصَّالح في خدمةِ دين الله، علينا أن نتوقَّف عن الاعتقادِ أنَّ قيمة الإنسان بما يملك، إنما المرءُ بقلبه، ما أدراك أنَّ هذا المُسِنُّ الذي يأتي لصلاةِ الفجرِ يتَّكِئُ على عكازه هو عند الله خير من أثرياء الدنيا كلهم، وأنه بطل وقوي، أقوى كثيراً من الشبانِ الذين يرفعون الأثقال ف النوادي، ولا يستطيع أحدهم أن يرفعَ لحافه إذا ما نادى المنادي الصلاةُ خيرٌ من النوم!
من قالَ لكَ أنَّ الوزير أحب إلى الله من كناس الطريق!
وأنَّ المُمثلة الثرية والحَسناء أقرب إلى الله من عجوز تثني ركبتيها على سجادتها، ولسانها لا يكف عن ترداد: اللهم حسن الخاتمة!

🍂إنَّ قيمة الناس عندنا يجب أن تكون بمقدارِ صلاحهم وخدمتِهم لدينِ الله، الثري الصالح خيرٌ من الفقيرِ العاصي، والفقيرُ الصالح خيرٌ من الثريِّ العاصي!

🍂ربح بيع صُهيبٍ لأنه تركَ مالَه لله!

🍂وارتفعَ شأنُ بلال لأنه ردَّد قولته الشهيرة تحت التعذيب أحدٌ أحد!

🍂و"سلمان منا آل البيت" لأنه طافَ الدنيا بحثاً عن الحق!
👈🏻لا تزهدوا بالبسطاء والمساكين، فواللهِ إن الله يرضى عنكَ بالصدقةِ على فقيرٍ أكثر ممَّا يرضى بالهدية للغني، ويحبَّك لزيارةِ المسكينِ المريض فارغ اليدين، أكثر ممَّا يحبك لزيارةِ المُتنفذِ وصاحبِ المنصبِ وبيدك باقة ورد أو علبة حلوى!

~~
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 12:03 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology