ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 01-28-2015, 04:22 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y


المجلس العاشر
تحقيق عبارة كله خير

هل كل عمل ظاهره الخير يقبله الله ويرفعه؟
قال تعالى "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ "
فاطر : 10.
ما هو العمل الصالح الذي يقبله ويرفعه سبحانه
سبق ونوهنا على شروط العمل الصالح
أن يكون "خالصًا وصوابًا"
الشرط الأول: الإخلاص: وهو : أن يقصد العبد بعبادته وجه الله تعالى دون سواه .
قال تعالى : " وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ "
سورة البينة / آية : 5
الشرط الثاني: موافقة شرع الله .-صوابًا-.
وهذا جاء في قوله تعالى
"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "
سورة البقرة : 111 ، 112
قوله " مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ " هذا هو الإخلاص، الإخلاص في العمل بحيث لا يكون فيه شرك لا أكبر ولا أصغر.
وقوله " وَهُوَ مُحْسِنٌ" هذا هو الشرط الثاني، فالإحسان هو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم
*لكن ما الضوابط العملية والقواعد، التي تعيننا على تطبيق وتحقيق شروط العمل الصالح
نعيش مع حديث ماتع لإبراز مقصدنا ثم نثني بقاعدة جليلة

ـ فعن عمر بن سلمة الهَمْدَاني ـ رحمه الله ـ قال :
" كنا نجلس على باب " عبد الله بن مسعود " قبل صلاة الغداةِ ، فإذا خرج مَشَيْنا معه إلى المسجد .
فجاءنا " أبو موسى الأشعري " ، فقال : أَخَرَجَ إليكم " أبو عبد الرحمن " بعد ؟ . قلنا : لا .
فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا .
فقال له أبو موسى : يا " أبا عبد الرحمن " إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمْرًا أنكرته ! ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا .
قال : فما هو ؟
فقال " أي أ بي موسى ": إن عشت فستراه .
قال أبو موسى : رأيت في المسجد قوْمًا حِلَقًا ، جلوسًا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلْقة رجل ، وفي أيديهم حصى فيقول : سبَّحوا مائة ، فيسبحون مائةً .
قال ـ أي : عبد الله بن مسعود " أبو عبد الرحمن " ـ : فماذا قلتَ لهم ؟
قال - أي : أبى موسى الأشعري - : ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيك .
قال - ابن مسعود - : أفلا أمرتَهم أن يَعدوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ! ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حَلْقةً من تلك الحِلَق ، فوقف عليهم فقال : ما هذا الذى أراكم تصنعون ؟
قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فَعُدوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويْحَكُم يا أمة محمد ! ما أ َسْرعَ هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافرون وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! ! !
قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير .
قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنا :
" إن قومًا يقرؤون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السهم من الرمية " .
" وايم الله " (1) ما أدري لعلَّ أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم
فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / مجلد رقم :5 /حديث رقم : 5002 .
( 1 ) " وايم الله " : كلمة قسم . همزتها همزة وصل . المعجم الوجيز / ص :31 .

قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
وإنا عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات ، فإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة ، فإن هؤلاء إذا أنكرعليهم منكر ما هم فيه ، اتهموه بإنكار الذكر من أصله ! وهذا كفر لا يقع فيه مسلم ، وإنما المنكَر ما أُلصِق به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فما الذي أنكره ابنُ مسعود ـ رضي الله عنه ـ على أصحاب تلك الحلقات ؟ !
ليس هو إلا التجمع في يوم معين ، والذكر بعدد لم يرد ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحَلْقة ، ويأمرهم به من عند نفسه ، وكأنه مُشرِّع عن الله تعالى .
قال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ ... ".سورة الشورى / آية : 21 .
ـ زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلاً وقولاً إنما هي التسبيح بالأنامل .

* ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة
وقد أشار إلى هذا - ابن مسعود - بقوله :
" اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " .

* ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟
فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد / ج : 1 / ص : 211 .

* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " .
قالوا : يا رسول الله ومن يأبى . قال :
" من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " .
صحيح البخاري / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام بالكتاب والسنة /باب ( 2 ) / حديث رقم : 7280 /ص : 845 .

* عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى خاتمًا من ذهب في يد رجـل . فنزعه فطرحه وقال "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده "فقيل للرجل ، بعد ما ذهب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خذ خاتمك انتفع به،قال : لا .والله ! لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
صحيح مسلم / ( 37 ) ـ كتاب : اللباس والزينة / باب : ( 11 ) /حديث رقم : 2090 / ص : 547 .
*** حرص السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم على حديث رسول الله الله صلى الله عليه و سلم و اجتهادهم في ألا يفوتهم شيء منه
** فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال:
"
كنت أنا وجار لي من الأنصار ، في بني أمية بن زيد ، وهي من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينزل يومًا وأنزل يومًا ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك ،فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته ، فضرب بابي ضربًا شديدًا ، فقال : أثم هو ؟ ففزعت فخرجت إليه ، فقال : قد حدث أمر عظيم . قال : فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، فقلت : طلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت :لا أدري ،ثم دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا قائم : أطلقت نساءك ؟ قال : "لا ". فقلت :الله أكبر ".
صحيح البخاري / 3- كتاب العلم / 27- باب التناوب
في العلم /حديث رقم : 89 / ص: 22 ./ طبعة دار ابن الهيثم .
***ولم يكن اهتمام النساء وحرصهن على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم بأقلَّ من اهتمام الرجال،فقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قالت النساء للنبي صلى الله عليه و سلم "غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهنَّ فيه، فوعظهن وأمرهن"
صحيح البخاري / 3- كتاب العلم / 35- باب هل يجعل للنساء
يوم على حِدة في العلم /حديث رقم : 101 / ص: 23./ طبعة دار ابن الهيثم . متون فقط
_ولم يقتصر هذا الاهتمام والحرص ،على زمن الرسول فحسب، بل استمرالحال بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى
و هذا الحرص نابع من تربية إيمانية صحيحة مبنية على إخلاص العمل وصوابه
أي إخلاصه لله ؛على نهج رسول الله
لذا لم يقتصر هذا الاهتمام والحرص على زمن الرسول فحسب،بل استمر الحال إلى الأزمنة والأجيال التالية فقد أخرج الحاكم في مستدركه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال:
( لما قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت لرجل
هلمَّ فلنتعلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير،فقال :العجب والله لك يابن عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من ترى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فركبت ذلك وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوسد ردائي على باب داره، تسفي الرياح عليَّ وجهي حتى يخرج إليَّ فإذا رآني قال:يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لك ؟ قلت :حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم
فأحببت أن أسمعه منك . فيقول : هلاَّ أرسلت إليّ فآتِيَك؟ فأقول : أنا كنت أحق أن آتيك، وكان ذلك الرجل يراني فذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد احتاج الناس إليَّ . فيقول : أنت أعلم مني
مجمع الزوائد للهيثمي حديث رقم 9/280 خلاصة الدرجة : رجاله رجال الصحيح

(الدرر السنية)

* قال ابن عبد البر وغيره:"الحجة عند التنازع السنة فمن أدلى بها فقد أفلح"
أ.هـ كتاب: القول المبين في أخطاء المصلين .
وهكذا كان اهتمام الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم في حفظ السنة ونقلها، جيلاً بعد جيل رواية وحفظاً وعملاً فتأدبوا حتى وإن اختلفت مذاهبهم وأفهامهم للسنة ا.هـ
*نقل الحافظ الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء
في ترجمة الإمام الشافعي، عن الإمام الحافظ أبي موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري،أحد أصحاب الإمام الشافعي، أنه قال : ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرتُه يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال أيا أبا موسى :ألا يستقيم أن نكون إخوانًا، وإن لم نتفق في مسألة . قال الذهبي : هذا يدلُّ على فقه الإمام وفقه نفسه،
فمازال النظراء يختلفون.
* وفي سِيَر أعلام النبلاء أيضًا في ترجمة
الإمام إسحاق بن راهويه : قال أحمد بن حفص السعدي : سمعت أحمد بن حنبل الإمام يقول :لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا.
*وروى الحافظ المؤرخ الإمام أبو عمر بن عبد البر في
"جامع بيان العلم وفضله" في باب إثبات المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة :
- عن محمد بن عتاب بن المربع قال :
سمعت العباس بن عبد العظيم العنبري، أخبرني قال : كنت عند أحمد بن حنبل وجاءه علي بن المديني راكبًا على دابة قال : فتناظرا في الشهادة وارتفعت أصواتهما، حتى خفت أن يقع بينهما جفاء. وكان أحمد يرى الشهادة، وعلي يأبى ويدفع،
فلما أراد عليُّ الانصراف، قام أحمد فأخذ بركابه.
فتأدبوا حتى وإن اختلفت مذاهبهم وأفهامهم للسنة
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * * "* * ** إن التشبه بالكرام فلاح
عن عبدِ اللهِ قالَ " لعنَ اللهُ الواشمَاتِ والمُتَوشِّماتِ ، والمُتَنَمِّصَات والمُتَفَلِّجَاتِ للحسْنِ ، المُغِّيراتِ خلقَ اللهِ" . فبلغَ ذلكَ امرأةً من بني أسدٍ يُقالُ لها أمُّ يعقوبَ ، فجاءَت فقالتْ : إنَّهُ بلغَني أنكَ لعَنْتَ كيْتَ وكيْتَ ، فقالَ : وما لي لا ألعنُ مَن لعنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ومَنْ هوَ في كتابِ اللهِ ، فقالت : لقدْ قرأتُ ما بينَ اللوحينِ ، فمَا وجدْتُ فيهِ ما تقولُ ، قالَ : لئن كنتِ قرَأتِيهِ لقد وجَدْتِيهِ ، أما قرأتِ " مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " . قالتْ : بلى ، قالَ : فإنَّهُ قدْ نهَى عنهُ ، قالت : فإنِّي أرَى أهْلَكَ يفعَلونَهُ ، قالَ : فاذْهَبي فانْظُرِي ، فَذَهَبتْ فَنَظَرتْ ، فلمْ تَرَ من حاجَتِها شيئًا ، فقالَ : لو كانَتْ كذَلِك مَا جَامَعَتْنا .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4886-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
هنا
ما رواه البخاري وغيره عن ابن شهاب سالم قال " كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحـج ، فجاء ابن عمر رضي الله عنه وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس ، فصاح عند سرادق الحجاج ، فخرج وعليه ملحفة معصفرة ، فقال : ما لك يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال : الرواح إن كنت تريد السنة ، فقال : هـذه الساعة ؟ قال : نعم ، قال : فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج ، فنزل حتى خرج الحجاج ، فسار بيني وبين أبي ، فقلت -القائل هو سالم - فجعل ينظر إلى عبد الله ، فلما رأى ذلك عبد الله ، قال : صدق "
رواه البخاري في صحيحه -كتاب الحج- باب التهجير بالرواح يوم عرفة 3 \ 511 برقم 1660 .
*أنه تزوَّج ابنةً لأبي إهابِ بنِ عُزَيزٍ، فأتَتْه امرأةٌ فقالتْ : إني قد أرضَعتُ عُقبَةَ والتي تزوَّج، فقال لها عُقبَةُ : ما أعلَمُ أنكِ أرضَعتِني، ولا أخبَرتِني، فركِب إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمدينةِ فسأَله، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : "كيف وقد قِيل" . ففارَقها عُقبَةُ، ونكَحَتْ زوجًا غيرَه .
الراوي: عقبة بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 88-خلاصة حكم المحدث: صحيح.
هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 09:44 AM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01-29-2015, 12:49 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016

المجلس الحادي عشر

"قاعدة جليلة "
أقسام أفعال العباد:
القسم الأول:
العادات.
القسم الثاني:
العبادات.
وَالْأَصْلُ فِي عَادَاتِنَا الْإِبَاحَـهْ ... حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الْإِباحَهْ
وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمُورْ ... غَيْرُ الَّذِي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ

هذه قاعدة عظيمة نافعة ، تضمنت " أصلين عظيمين " دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع
وهذَانِ الأَصْلانِ ذكرهمَا شيخُ الإِسلامِ رحمهُ اللهُ في كتبِهِ، وذكرَ أَنَّ الأَصْلَ الَّذي بنى عليهِ الإِمامُ أَحمدُ مذهبَهُ:
أَنَّ العاداتِ الأَصْلُ فيهَا الإِباحةُ، فلا يحرمُ منهَا إلاَّ مَا وردَ تحريمُهُ.
وأَنَّ الأَصْلَ في العباداتِ أَنَّهُ لا يُشْرَعُ منهَا إلاَّ مَا شَرَعَهُ اللهُ ورسولُهُ صلى الله عليه وسلم.
معنى "الأصل"
الأصل بقاء ما كان على ما كان
فمثلاً: إذا كان الإنسان عليه دَيْن لآدمي أو لله ثم شك في قضاء هذا الدَّيْن، فنقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان.القضاء ثابت في الذمة، وهو أمر معلوم فلا يزول بالشك.
ومثله: رجل عليه قضاء رمضان وشك هل قضاه أو لم يقضه؟ نقول: القضاء ثابت في الذمة، وهو أمر معلوم فلا يزول بالشك.ونقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
الدليل:
شُكيَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرجلُ يجدُ في الصلاةِ شيئًا، أيقطعُ الصلاةَ ؟ . قال : "لا، حتى يسمع صوتًا أو يجدَ ريحًا " .
الراوي: عبدالله بن زيد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2056- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية
"لا، حتى يسمع صوتًا أو يجدَ ريحًا...": أي حتي يتيقن فيبقى على الأصل وهو الطهارة حتى يتيقن من خروج ناقض للطهارة ،ولا عبرة بالشك
*تعريف "العادة"
"العادة" اصطلاحًا: ما استقر في النفس السليمة والطبائع المستقيمة من المعاملات
فالعاداتُ هيَ: مَا اعتادَ النَّاسُ منَ المآكلِ والمشاربِ وأصنافِ الملابسِ، والذَّهابِ والمجيءِ، والكلامِ، وسائرِ التَّصرُّفاتِ المعتادةِ، فلا يحرمُ منها إلاَّ ما حرَّمهُ اللهُ ورسولُهُ، إِمَّا نَصًّا صريحاً أوْ يدخلُ في عمومٍ أَوْ قياسٍ صحيحٍ، وَإلاَّ فسائرُ العاداتِ حلالٌ.

والدَّليلُ على حِلِّهَا قولُهُ تعالى
"
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" "البقرة29 فهذَا يدلُّ على أَنَّهُ خَلَقَ لَنَا مَا في الأَرْضِ جميعَهُ، لننتفعَ بهِ على أَيِّ وجهٍ منْ وجوهِ الانتفاعِ.
معنى "الإباحة"
الإباحة في الفقه : حكم يقتضي التخيير بين الفعل والترك ، أو إجازة الفعل دون إثم هنا
الإباحة : ما خير الشارع المكلَّف فيه بين الفعل والترك، كالأكل والشرب الزائدين على ما يتم به قيام بنية البدن، واللهو الجائز.هنا
شرح قول الناظم: "حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الْإِباحَهْ"
لا يشترط القطع بعدم وجود الصارف، وإنما يكتفى فيه بغلبة الظن
أنواع الصوارف الشرعية:

النوع الأول: النص الشرعي
أي من القرآن أو السنة الثابتة
النوع الثاني: الإجماع المعتبر
وهو
اتفاق مجتهدي هذه الأمة في عصر معين ،بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم ،على حكم شرعي
النوع الثالث: القياس الصحيح
وهو :تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما. فالفرع: المقيس.
والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل،
وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.الشيخ العثيمين

أمثلة للقياس الصحيح
- شرب الخمر: واقعة ثبت بالنص حكمها، وهو التحريم الذي دلّ عليه قوله سبحانه وتعالى"إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ"المائدة: 690، لعِلَّةِ هي الإسكار، فكل نبيذ توجد فيه هذه العلة يسوي بالخمر في حكمه ويحرم شربه.
*أدلة القاعدة:
من القرآن الكريم: قوله تعالى
" هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" "البقرة29
من السنة النبوية:
- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّ بقومٍ يُلقِّحون . فقال " لو لم تفعلوا لصلَح " قال فخرج شِيصًا . فمرَّ بهم فقال " ما لنخلِكم ؟ " قالوا : قلتَ كذا وكذا . قال " أنتم أعلمُ بأمرِ دنياكم " .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2363-خلاصة حكم المحدث: صحيح الدرر السنية

مثال للقاعدة:
مثال: الخمر من العادات التي ورد النص بتحريمها
آفاق التيسيربتصرف
فالأصلُ في العاداتِ والمعاملاتِ الإباحةُ، فلا يَحْرُمُ منها شيءٌ إلا مادلَّ عليه الدليلُ من الكتابِ أو السُّنَّةِ أو الإجماعِ أو القياسِ الصحيحِ.
وكلُّ مَن حرَّم شيئًا من ذلك طُولِب بالدَّليلِ السَّالمِ مِن المعارِضِ الرَّاجحِ، ولا يُطالَبُ المبيحُ بالدَّليلِ؛ لأنه متمسِّكٌ بالأصلِ.
والأصلُ في هذا قولُه تعالى"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا"البقرة، 29. فامْتَنَّ علينا بإباحةِ الانتفاعِ بما خلَقه.

وقولُه تعالى"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ"الأعراف، 32. فأنْكَر اللهُ سبحانَه على مَن حرَّم شيئًا مِن الزِّينةِ والطَّيِّبَاتِ دونَ بُرْهَانٍ منه سبحانَه.
فهذه الآية سيقت مساق الاستفهام الإنكاري.
العبادات
فقولُه:
وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمُورْ ... غَيْرُ الَّذِي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ.
أي: الأمورِ العِباديَّةِ.

*فالعباداتُ الأصلُ فيها التَّحريمُ،فلا يُشْرَعُ منها شيءٌ إلا بدليلٍ صحيحٍ، وكلُّ مَن تقَرَّب بعبادةٍ، أو أَذِن فيها طُولِب بالدليلِ الرَّاجحِ، ولا يُطالَبُ المانعُ بإقامةِ الدَّليلِ على تحريمِها، لأنه متمسِّكٌ بالأصلِ.
والأصلُ في هذا قولُه تعالى"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ"الشورى، 21. فأنكَر تشريعَ شيءٍ من القُرُباتِ دونَ إِذنٍ منه سبحانَه.
وكذلك قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
" من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ" الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6398-خلاصة حكم المحدث:صحيح هنا
مَن عمِلَ عملًا ليسَ علَيهِ أمرُنا فَهوَ مَردودٌ الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 52-خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح هنا
وقد ورد عن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته يوم الجمعة: «سمِعتُ مرةً الهمدانيَّ يقولُ : قال عبدُ اللهِ : إن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، و" إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ " . الراوي: عمرو بن مرة الجهني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7277-خلاصة حكم المحدث: صحيح.نا
"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ "الأنعام134

"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ" من الساعة والعذاب "لآتٍ" لا محالة "وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ"فائتين عذابنا. تفسير الجلالين
فالعبادة هي ما أمر به الشرع، أمر إيجاب أو أمر استحباب، فما خرج عن هذا؛ فليس بعبادة، بل هو بدعة والبدعة نوعان:
النوع الأول: أن يَشرع أو يَخترع عبادة ليس لها أصل في الشرع؛ كأذكار ما لها أصل، أو صلوات لها أصل، ومن هذا النداء لصلاة العيد، أو النداء لصلاة الاستسقاء، هذا ليس له أصل في الشرع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بدون نداء وصلى الاستسقاء بدون نداء، لكن في الكسوف فيها نداء، لماذا؟ لأن الكسوف يقع فجأة، لكن العيد يعلم به الناس، الاستسقاء يخبرون به.
النوع الثاني: أن يبتدع العبادة على وجه يغير ما شرعه الله ورسوله؛ مثل: الوضوء أكثر من ثلاث مرات هذا ليس له أصل، وإلا فالوضوء له أصل، ومثل التلحين الزائد في الأذان، فتحسين الصوت في الأذان، لكن التلحين والتمطيط الزائد ليس له أصل، ومثل هذا الأذكار الجماعية، أو التكبير الجماعي.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 03:48 AM
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-11-2015, 05:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
المجلس الثاني عشر
12 ربيع الآخر 1436 هـ

ثالثًا : توحيد الأسماء والصفات

وهو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لفظًا ومعنىً ،من غير تحريف،ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل

-التحريف: لغة: هو التغيير والتبديل، واصطلاحًا: هو صرفُ اللَّفظ عن المعنى الظاهر منه، بلا دليل، كتحريف اليدين إلى القوة والنعمة- .

-التعطيل: لغة: مأخوذ من العطل، الذي هو الخلو والفراغ والترك، واصطلاحًا: هو إنكار ما يجب لله من الأسماء والصفات، وإنكار بعضها، وهو قسمان :- تعطيل كُلي: وهو إنكار كل الصفات. - تعطيل جزئي: وهو إنكار بعض الصفات . -

-التكييف: لغة: جعْل الشيء على هيئة معلومة، واصطلاحًا: هو الخوض في هيئة وكُنْهِ الصفات التي أثبتها الله لنفسه، فالتحريف في النصوص، والتعطيل في المعتقد، وأما التكييف والتمثيل في الصفة . -
-التمثيل: لغة: من المثيل والند والنظير، واصطلاحًا: هو اعتقاد أن صفات الخالق مثل صفات المخلوق .-

والإيمان بما دلَّ عليه هذا الاسمُ من معنًى ، وما ترتَّب عليه من آثار ، وبهذا الإيمان يَعرِف الإنسانُ ربَّه ، ويرتبط قلبه به محبة وثناءً وتمجيدًا ؛ فتزكو النفوس ، ويزداد الإيمان ؛ لذلك كان من أشرف العلوم معرفةُ أسمائه وصفاته
هنا

واعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ، وأن لها معانٍ حقيقية تليق بجلال الله وعظمته .

أي : نثبت لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات ، ونؤمن بمعناها ، وأن لها كيف . لكنْ نفوض هذا الكيف لله لعجزنا وجهلنا بهذا الكيف .
لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ "
سورة الشورى / آية : 11.
فقد أثبت سبحانه صفتي السمع والبصر ، ونفى المِثلية .
*أهمية العلم بقواعد الأسماء والصفات
وخطورة الخوض في الأسماء والصفات بلا علم:

تتأكد معرفة هذه القواعد في مثل هذا الوقت الذي كثرت فيه شبهات أهل الأهواء وأباطيل أهل الضلال، فيتأكد على طالب العلم أن يكون على عناية ودراية بهذه القواعد النافعة والتأصيلات المفيدة التي حررها أهل العلم وجمعوها تسهيلًا وتيسيرًا ونفعًا لطلاب العلم، ومن لا علم له بها ولا دراية له بها، فالأولى به أن يسكت في هذا الباب؛ لأن الخطأ فيه ليس كالخطأ في أمر آخر؛ عندما يخطئ الإنسان في أسماء الله وفي صفاته -سبحانه وتعالى- فالأمر ليس بالهين، بل هو أمر كبير وخطير للغاية، وفي هذا المقام -التنبيه على خطورة الغلط في أسماء الله وصفاته- أضرب دائما مثلين من القرآن الكريم؛ يتضح بهما خطورة هذا الأمر.
وقبل ذكرِ هذين المثلين أذكر أن توحيد الأسماء والصفات قائم عند أهل السنة على أصلين: الإثبات والنفي، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: نصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث، وقال الأوزاعي -رحمه الله-: ندور مع السنة حيث دارت، أي: نفيًا وإثباتًا، فما ثبت في الكتاب والسنة أثبتناه، وما نفي في الكتاب والسنة نفيناه
-فائدة -النفي في باب الصفات ليس نفيًا محضًا أو نفيًا صرفًا، وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال الضد لله -سبحانه وتعالى- كمال الضد أي: كمال ضد المنفي فمثلاً نفي اللغوب وهو التعب عنه -سبحانه وتعالى- هذا ليس نفيًا صرفًا، في قوله تعالى" وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ" وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال قوة الله سبحانه وتعالى، وكذلك نفي الظلم عنه -جل وعلا- في قوله "وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ" ليس نفيًا صرفًا، وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال العدل لله -جل وعلا- وهكذا قُل في كل الصفات المنفية.
المثل الأول: يتعلق بجانب الإثبات، قال الله سبحانه وتعالى: "وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ "فصلت22

"وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ "فصلت23

تأملْ معي الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء، ثم قارنه بأخطاء أهل الضلال والباطل الذين عطلوا صفات الله -سبحانه وتعالى- وجحدوا أسماءه.
تأمل في الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء وما ترتب عليه: "وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ "هنا نفي لشيء أثبته الله، الله -عز وجل- أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحاط علمُه بها -سبحانه وتعالى- يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهؤلاء قالوا في حق الله: إنه لا يعلم كثيرا مما يعملون، فهل نفوا صفة العلم من أصلها أو أثبتوها؟
أثبتوا صفة العلم لم ينفوا الصفة من أصلها بل أثبتوها، ولكنهم اعتقدوا أن علم الله -سبحانه وتعالى- الذي أثبتوه له ليس محيطا ولا شاملا، بل يفوته -تعالى الله عن قولهم- كثيرًا مما يعمله الناس، ولم يقولوا أيضًا يفوته كل ما يعمله الناس بل قالوا كثيرًا، فلم ينفوا هذه الصفة من أصلها، ولم يجحدوها من أساسها، وإنما نفوا علم الله -سبحانه وتعالى- بكثير مما يعمله الناس.
قال الله -عز وجل- مبينا ما ترتب على هذا الظن الباطل والاعتقاد الفاسد: "وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ" وهذه فائدة عظيمة وكبيرة أن الخطأ في باب الأسماء والصفات يردي صاحبه ويوقعه في الهلاك والردى ، ولهذا قال العلماء: إن من شؤم الاعتقاد الفاسد فساد العمل وفساد الخلق وفساد الدين والدنيا والآخرة، كل ذلك يترتب على الخطأ في هذا الباب فيما يتعلق بأسماء الله جل وعلا وصفاته" وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ "ردى وخسران وهلاك ونار كل ذلك ترتب على هذا الظن، إذا كان هذا ترتب على من وقع في هذا الاعتقاد، فكيف بمن يجحد الأسماء كلها ويجحد الصفات جميعها، ولا يثبت منها شيئا، ويخوض فيها خوضا باطلا بعقله الكاسد وفكره الفاسد ورأيه السيئ، ينفي عن الله -سبحانه وتعالى- ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
"قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ"البقرة140فهذا في جانب الإثبات وخطورة الخطأ.
**في جانب النفي وهو المثال الثاني وهو: أن يثبت الإنسان شيئا نفاه الله، قال الله -سبحانه وتعالى-:
"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا"مريم88أثبتوا ما نفاه الله: "لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "نزه -سبحانه وتعالى- نفسه عن الولد فأثبتوه له "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا" أثبتوا لله ما نزه الله -سبحانه وتعالى- نفسه عنه، ماذا ترتب على ذلك؟ قال الله:" لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًّا إِدًّا "مريم89. أي: عظيمًا خطيرًا مهلكًا في غاية الخطورة، وانظر وقع هذه الكلمة "إدًّا" لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ""تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً "أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا "مريم89 :91
فالخطأ في أسماء الله -تبارك وتعالى- وصفاته بالغ الخطورة، سواء في إثبات ما نفاه الله، أو في نفي ما أثبته الله، وفي المثالين المشار إليهما تبيان واضح لذلك.


مقتطفات -الشيخ عبد الرزاق البدر

ولأهل السنة والجماعة طريقةٌ في الأسماء والصفات وسَط بين فِرَق الضلال ، وهي :
1- طريقتهم في إثبات الأسماء والصفات : فهم يُثبتون ما ثبَت في الكتاب والسنَّة الصحيحة من غير تحريف ولا تعطيلٍ ، ومن غير تمثيلٍ ولا تشبيه .
2- طريقتهم في النفي : فهم ينفون ما نفاه الله عن نفسه ، وعلى لسان رسوله من صفات النقص ، وإثبات كمال ضد الصفة المنفية ؛ مثل قوله - تعالى -" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "الشورى: 11.نفي، لكنه يتضمن إثباتَ الكمال لله - عز وجل - فهم ينفون المماثلة للخلق، ويُثبتون الكمال لله - سبحانه وتعالى .
وكذا قوله - تعالى -" لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ " البقرة: 255. نفيٌ، يتضمن كمال القيوميَّة والحياة لله - سبحانه وتعالى .
3- طريقتهم فيما لا يرِد فيه نفيٌ ولا إثبات - مثل : الجسم والحيِّز والجهة - فهم يتوقَّفون في اللفظ، ويسألون عن المراد عنه، فإن كان يُراد به باطلٌ، ردُّوه، وإن كان يراد به حقٌّ، قبِلوه، مثل الجهة: إن كانوا يقصدون بها أن اللهَ في السماء، فهذا صحيح، وإن كانوا يقصدون أن الله تحويه السماءُ، فهذا باطلٌ .
• وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضلَّ فيه بعضُ الأمَّة الإسلامية ، وانقسموا فيه إلى فِرَق كثيرة من معطِّلة وممثِّلة ومحرِّفة، وغيرهم من فِرَق الضلال، ولكن الله قيَّض لهؤلاء - مِن أهل العلم - مَن يردون عليهم، ويدحضون شبهاتِهم في كل عصر ومصرٍ، ولله الحمد والمنة .
وقد ارتكز معتقد أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته على ثلاثة أسسٍ رئيسية ، هي :
الأساس الأول : الإيمان بما وردت به نصوصُ القرآن والسنَّة الصحيحة من أسماء الله وصفاته إثباتًا ونفيًا .
الأساس الثاني : تنزيه الله - جل وعلا - عن أن يشبه شيءٌ من صفاته شيئًا من صفات المخلوقين .
الأساس الثالث : قطع الطمع عن إدراك كيفية اتِّصاف الله بتلك الصِّفات .
وهذه الأسس الثلاثة هي التي تفصل وتميِّز عقيدةَ أهل السنة والجماعة في هذا الباب عن عقيدة أهل التعطيل من الفلاسفة وأهل الكلام من جهة، وعن عقيدة أهل التمثيل من الكرَّامية والهِشامية وغيرهم من جهة أخرى .
فالأساس الأول : فيه تمييزٌ لعقيدة أهل السنَّة عن عقيدة المعطلة، فأهل السنة يجعلون الأصل في إثبات الأسماء والصفات أو نفيِها عن الله - تعالى - هو كتابَ الله وسنَّةَ نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا يتجاوزونهما ، فما ورد إثباتُه من الأسماء والصفات في القرآن والسنة الصحيحة ، فيجب إثباتُه ، وما ورد نفيُه فيهما، فيجب نفيه .
أما أهل التعطيل ، فقد جعلوا "العقل" وحده هو أصلَ علْمِهم ، فالشُّبَه العقلية هي الأصول الكلية الأولية عندهم ، وهي التي تُثبت وتنفي ، ثم يعرِضون الكتاب والسنة على تلك الشُّبَه العقلية ، فإن وافقتها قُبِلت اعتضادًا لا اعتمادًا ، وإن عارضتها رُدَّت تلك النصوص الشرعية وطُرِحت ، وفي هذا يقول قائلهم : كل ما ورَد السمع به يُنظر ، فإن كان العقل مجوِّزًا له ، وجَب التصديقُ به ، وأما ما قضى العقل باستحالته ، فيجب فيه تأويل ما ورد السمعُ به ، ولا يُتصور أن يشمل السمعُ على قاطع مخالف للمعقول ، وظواهر أحاديث التشبيه - يعني بها أحاديث الصفات - أكثرُها غيرُ صحيح ، والصحيح منها ليس بقاطع ، بل هو قابل للتأويل .الاقتصاد في الاعتقاد؛ لأبي حامد الغزالي- 32 - 33 .
ومن يُلقِ نظرة على كتب الأشاعرة - مثلاً - يجد أن القوم يقسِّمون أبواب العقيدة إلى إلهيات ، ونبوات ، وسمعيات ، وهم في باب الإلهيات والنبوات لا يعتمدون نصوص الكتاب والسنَّة ؛ ولذلك لن تجد في هذين البابين إلا الشُّبَه العقلية المركَّبة وَفْق القواعد المنطقية .
وأما باب السمعيات - أي البعث والحشر ، والجنة والنار ، والوعد والوعيد - فهم يَقبَلون النصوص الشرعية ، وبالتالي سمَّوا هذا الباب بالسمعيات في مقابل باب الإلهيات والنبوات ؛ إذ إنهم يعتمدون فيهما على العقليات ، وهؤلاء شابَهوا حال من قال الله - تعالى - فيهم"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "البقرة: 85.
وأما الأساس الثاني : - وهو تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين - ففيه تمييزٌ لعقيدة أهل السنة والجماعة عن عقيدة المعطِّلة من جهة، وعن عقيدة المشبِّهة من جهة أخرى، فأهل السنَّة: يعتقدون أن ما اتَّصف الله به من الصفات لا يماثله فيها أحدٌ من خلقه، فالله - عز وجل - قد أخبرنا بذلك بنص كتابه العزيز؛ حيث قال" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "الشورى: 11.
أما أهل التعطيل ، فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات التي لا وجود لها إلا في أفهامهم الفاسدة، فعقيدةُ هؤلاء المعطِّلة جمعت بين التمثيل والتعطيل ، وهذا الشر إنما جاء من تنجُّس قلوبهم وتدنُّسها بأقذار التشبيه ، فإذا سمعوا صفةً من صفات الكمال التي أثنى اللهُ بها على نفسه - كاستوائه على عرشه ، ومجيئِه يوم القيامة، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال - فإن أول ما يخطر في أذهانهم أنَّ هذه الصفةَ تُشبه صفات الخلق .
وأما عقيدة أهل التمثيل ، فهي تقوم على دعواهم أن الله - عز وجل - لا يخاطبنا إلا بما نعقل ، فإذا أخبرنا عن اليد ، فنحن لا نعقل إلا هذه اليدَ الجارحة ، فشبَّهوا صفاتِ الخالق بصفات المخلوقين ، فقالوا : له يدٌ كأيدينا ونحو ذلك ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .
وأما الأساس الثالث ، ففيه تمييز لعقيدة أهل السنَّة والجماعة عن عقيدة المُشبِّهة ، فأهل السنة يفوِّضون علم كيفية اتصاف البارئ - عز وجل - بتلك الصفات إلى الله - عز وجل - فلا علْم للبشر بكيفية ذات الله - تبارك وتعالى - ولا تفسير كُنْهِ شيء من صفات ربنا - تعالى - كأن يقال : استوى على هيئة كذا ، بخلاف المفوِّضة، فهم يفوِّضون المعنى والكيفَ ، فهم بذلك يخالفون السلف في تفويضهم للكيف فحسب ، فكل مَن تجرَّأ على شيء من ذلك ، فقوله من الغلو في الدين والافتراء على الله - عز وجل - واعتقاد ما لم يأذنْ به الله ولا يليق بجلاله وعظمته، ولم ينطق به كتاب ولا سنة، ولو كان ذلك مطلوبًا من العباد في الشريعة، لبيَّنه الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو لم يدَعْ ما للمسلمين إليه حاجةٌ إلا بيَّنه ووضَّحه، والعباد لا يعلمون عن الله - تعالى - إلا ما علَّمهم؛ كما قال - تعالى -" وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ "البقرة: 255.
فليؤمن العبد بما علَّمه الله - تعالى - وليقف معه، وليُمسك عما جهِله، وليَكِلْ معناه إلى عالمه .
وأما المشبِّهة فقد تعمَّقوا في شأن كيفيات صفات الله ، وتقوَّلوا على الله بغير علم ؛ حيث يقول أحدهم : له بصرٌ كبصري ، ويد كيدي ، وقدم كقدمي ، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا .
انظر : شرح الواسطية (14 - 23) ، والقول المفيد شرح كتاب التوحيد ( 8 - 17) ؛ لابن عثيمين ، وماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة ؛ لشيخنا العزازي ( 11 - 46) ، وإتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب ؛ للشيخ وليد بن راشد بن سعيدان ( 1/ 114 - 119) ، ومواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات ؛ للشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي (21 - 38 ) .

هنا



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 07:18 AM
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02-18-2015, 04:44 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Mice2

المجلس الثالث عشر
30 ربيع الآخر 1436 هـ

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت الكمال.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه وحجته على عباده، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد:
فإنه من المفيد والمهم لطالب الحق قبل أن يشرع في دراسة تفاصيل جوانب توحيد الأسماء والصفات أن يكون لديه معرفة بأهمية هذا التوحيد وما له من قيمة ومنزلة ودور في جانب الاعتقاد على وجه الخصوص، وفي سائر جوانب الدين على وجه العموم، فإيجاد هذا التصور المفيد في فكر المسلم عما لهذا التوحيد من مكانة عالية ودرجة رفيعة سيعود-بإذن الله تعالى- عليه بالنفع في إيمانه بالله عز وجل، فيولي هذا الجانب القدر الواجب له من الأهمية، كما يزيده ذلك رغبة في التفقه في مسائله ومباحثه وتفريعاته، والتي لا يستغني عنها طالب العلم الراغب في التزود من العلم النافع المفيد وإن مما يؤسف له أن البعض ينظر إلى هذا التوحيد نظرة المقل من أهميته وشأنه، فيظن أن مباحث هذا الباب لا تتجاوز ذكر الأقوال المختلفة والمتباينة في القدر الذي يثبت أو لا يثبت من أسماء الله وصفاته، وأن الأمر لا يعدو ذلك ولا يخرج عنه ، ومثل هذه النظرة وهذا القول لا يصدر إلا عن أحد شخصين، إما جاهل لا يدري ما في هذا الباب من مسائل مفيدة، وعلى درجة من الأهمية لا غنى للمسلم عنها وعن معرفتها.
وإما عن شخص منحرف في عقيدته يظن أن حال هذا الباب لا يخرج عن الحال الذي عليه عند أهل الباطل الذين لم يستضيئوا في هذا الباب ولا في غيره بنور الكتاب والسنة، وبالتالي لم يتجاوز حديثهم في هذا الباب حدود الطعن في أسماء الله وصفاته والتشكيك فيها أو في أكثرها، فصدوا بذلك عن معرفتها فضلاً عن بيان مالها من دور ومكانة في عقيدة المسلم وإيمانه بربه تبارك وتعالى.
فإرشاداً لطالب الحق، وتعليمًا للجاهل الغافل، ودعوة للمخالف المنحرف، ومذاكرة للعالم أسطر هذه الكلمات التي تشير إلى بعض ما في هذا التوحيد من فوائد ومزايا، عسى الله أن ينفع بها من يطلع عليها ويستذكرها.
فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون والتسديد ملخصًا ما أود بيانه في النقاط التالية:
أولاً: هذا التوحيد شطر باب الإيمان، بالله تعالى:

لا يخفى على المسلم أهمية الإيمان بالله، فهو أول أركان الإيمان، بل هو أعظمها، فما بقية الأركان إلا تبع له وفرع عنه، وهو أهم ما خلق لها الخلق وأرسلت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وأسست عليه الملة، فالإيمان بالله هو أساس كل خير، ومصدر كل هداية، وسبب كل فلاح، ذلك لأن الإنسان لما كان مخلوقًا مربوبًا عاد في علمه وعمله إلى خالقه وباريه فبه يهتدي، وله يعمل، وإليه يصير، فلا غنى له عنه، وانصرافه إلى غيره هو عين هلاكه

وفساده، والإنسان له بالله عن كل شيء عوض، وليس لكل شيء عن الله عوض، فليس للعبد صلاح ولا فلاح إلا بمعرفة ربه وعبادته، فإذا حصل له ذلك فهو الغاية المرادة له والتي خلق من أجلها، فما سوى ذلك إما فضل نافع، أو فضول غير نافعة، أو فضول ضارة، ولهذا صارت دعوة الرسل لأممهم إلى الإيمان بالله وعبادته، فكل رسول يبدأ دعوته بذلك كما يعلم من تتبع دعوات الرسل في القرآن.
وملاك السعادة والنجاة والفوز يكون بتحقيق التوحيدين اللذين عليهما يقوم الإيمان بالله تعالى، وبتحقيقهما بعث الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، وإليه دعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ممن أولهم إلى آخرهم.
وأحدهما: التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله تعالى، وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل، وتنزيهه عن صفات النقص.
والتوحيد الثاني: عبادته وحده لا شريك له، وتجريد محبته والإخلاص له وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه، والرضا به ربا وإلها ووليا، وأن لا يجعل له عدلاً في شيء من الأشياء.
وقد جمع سبحانه وتعالى هذين النوعين في سورتي الإخلاص وهما سورة: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"
من سورة الكافرون. المتضمنة للتوحيد العملي الإرادي. وسورة "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" من سورة الإخلاص المتضمنة للتوحيد العلمي الخبري. فسورة "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" فيها بيان ما يجب لله تعالى من صفات الكمال وبيان ما يجب تنزيهه عنه من النقائص والأمثال.
وسورة "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" فيها إيجاب عبادته وحده لا شريك له، والتبري من عبادة كل ما سواه.
ولا يتم أحد التوحيدين إلا بالآخر، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين في سنة الفجر والمغرب والوتر اللتين هما فاتحة العمل وخاتمته، ليكون مبدأ النهار توحيدًا وخاتمته توحيدًا
فالتوحيد المطلوب من العبد شطره هو توحيد الأسماء والصفات.
ثانيا: توحيد الأسماء والصفات أشرف العلوم وأهمها على الإطلاق:
إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، لوثوق النفس بأدلة وجوده وبراهينه ولشدة الحاجة إلى معرفته وعظم النفع بها.
ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السموات والأرضين، الملك الحق المبين،الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص وعن كل تشبيه وتمثيل في كماله.
فلا ريب أن العلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها، ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات.
فإن قيل: فالعلم إنما هو وسيلة إلى العمل ومراد له، والعمل هو الغاية، ومعلوم أن الغاية أشرف من الوسيلة، فكيف تفضل الوسائل على غاياتها؟
قيل: كل من العلم والعمل ينقسم إلى قسمين، منه ما يكون وسيلة، ومنه ما يكون غاية، فليس العلم كله وسيلة مرادة لغيرها، فإن العلم بالله وأسمائه
وصفاته هو أشرف العلوم على الإطلاق وهو مطلوب لنفسه مراد لذاته، قال الله تعالى"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" الآية 12 من سورة الطلاق. فقد أخبر سبحانه أنه خلق السموات والأرض ونزل الأمر بينهن ليعلم عباده أنه بكل شي عليم، وعلى كل شي قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة، وقال تعالى"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".الآية 19 .من سورة محمد .فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يكتفى به وحده، بل لابد معه من عبادته وحده لا شريك له، فهما أمران مطلوبان لأنفسهما.
الأمر الأول: أن يعرف الرب تعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله وأحكامه.
والأمر الثاني: أن يعبد بموجبها ومقتضاها.
فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها، فكذلك العلم به ومعرفته أيضًا، فإن العلم من أفضل العبادات.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 07:23 AM
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02-20-2015, 04:09 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس الرابع عشر
5 جمادى الأولى 1436 هـ
ثالثا: توحيد الأسماء والصفات هو أصل، العلوم الدينية:
كما أن العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها فهو أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل علم ومنشؤه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، قال تعالى"وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ" الآية 19 من سورة الحشر .فتأمل هذه الآية تجد تحتها معنى شريفًا عظيمًا، وهو: أن من نسي ربه أنساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده، لأنه خرج عن فطرته التي خلق عليها فنسي ربه فأنساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكو به وتسعد به في معاشها ومعادها، قال تعالى"وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"الآية 28 من سورة الكهف . فغفل عن ذكر ربه فانفرط عليه أمره وقلبه، فلا التفات له إلى مصالحه، وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه، بل هو مشتت القلب مضيعه، مفرط الأمر حيران لا يهتدي سبيلاً.
فالعلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته .مفتاح دار السعادة 1/86 .

رابعًا: معرفة أسماء الله وصفاته أصل عظيم في منهج السلف
معرفة أسماء الله وصفاته هي الأساس الذي ينبني عليه عمل العبد، ومن خلالها تتحدد العلاقة التي تربط العبد بربه، وعلى ضوئها يعبد المسلم ربه ويتقرب إليه.
ولذلك كان أصل علم السلف وعملهم هو:
ا- العلم بالله.
2- والعمل لله.
فجمعوا بذلك بين التصديق العلمي والعمل الحبي.

-"فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يكتفى به وحده، بل لابد معه من عبادته وحده لا شريك له، فهما أمران مطلوبان لأنفسهما. الأمر الأول: أن يعرف الرب تعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله وأحكامه.
والأمر الثاني: أن يعبد بموجبها ومقتضاها.

فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا، فإن العلم من أفضل العبادات"-
هنا

ثم إن تصديقهم عن علم، وعملهم وحبهم عن علم، فسلموا بذلك من آفات منحرفة المتكلمة والمتصوفة.
فالكلاميون: غالب نظرهم وقولهم في الثبوت والانتفاء، والوجود والعدم، والقضايا التصديقية، فغايتهم مجرد التصديق والعلم والخبر.
والصوفيون: غالب طلبهم وعملهم في المحبة والبغضة، والإرادة والكراهة، والحركات العملية، فغايتهم المحبة والانقياد والعمل والإرادة.
فإن كلاً من المنحرفين له مفسدتان:
إحداهما: القول بلا علم إن كان متكلمًا.
والعمل بلا علم إن كان متصوفًا.
وهو ما وقع من البدع الكلامية والعملية المخالفة للكتاب والسنة.
والمفسدة الثانية: فوَّت المتكلم العمل.
وفوَّت المتصوف القول والكلام.
أما السلف وأتباعهم فقد حققوا كلا الأمرين.
من القول التصديقي المعتمد على معرفة أسماء الله وصفاته وأفعاله الواردة في الكتاب والسنة.
والعمل الإرادي وذلك باتباع الأوامر واجتناب النواهي وفق ما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان كلامهم وعملهم باطنًا وظاهرا بعلم، وكان كل واحد من قولهم وعملهم مقرونًا بالآخر وهؤلاء هم المسلمون حقًّا"
مجموع الفتاوى 2/41 بتصرف".
فالسلف وأتباعهم جعلوا من توحيد الأسماء والصفات إحدى الرَّكيزتين التي قام عليها منهجهم المعتمد على نصوص الكتاب والسنة، وذلك لما لهذا التوحيد من أهمية ومنزلة، وهذا ما تشهد له كثرة النصوص الشرعية الواردة في
هذا الشأن.
خامسًا: العلم بأسماء الله وصفاته يفتح للعبد باب معرفة الله:
إن محبة الشيء فرع عن الشعور به، وأعرف الخلق بالله أشدهم حبا له، وكل من عرف الله أحبه، ولا سبيل للحصول على هذه المعرفة إلا من باب العلم بأسماء الله وصفاته، فلا تستقر للعبد قدم في معرفة الله إلا بالتعرف على أسمائه وصفاته الواردة في القرآن والسنة، فالعلم بأسماء الله وصفاته يفتح للعبد هذا الباب العظيم، فالله عز وجل لم يجعل السبيل إلى معرفته من طريق الاطلاع على ذاته، فهذا الباب موصود إلى قيام الساعة، كما أخبرنا بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربة عز وجل حتى يموت"
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد 8/193..
- فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الناسِ فأثنى على اللهِ بما هو أهلُه . ثم ذكر الدجالَ فقال إني لأُنذرُكموه . ما من نبيٍّ إلا وقد أنذره قومَه . لقد أنذره نوحٌ قومَه . ولكن أقولُ لكم فيه قولًا لم يقلْه نبيٌّ لقومِه . تعلموا أنه أعورُ . وأنَّ اللهَ تبارك وتعالى ليس بأعورَ . قال ابنُ شهابٍ : وأخبرني عمرُ بنُ ثابتٍ الأنصاريُّ ؛ أنه أخبره بعضُ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال ، يومَ حذَّر الناسَ من الدجالِ إنه مكتوبٌ بين عينيْه كافرٌ . يقرؤه من كرِه عملَه . أو يقرؤه كلُّ مؤمنٍ . وقال تعلَّموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربَّه عزَّ وجلَّ حتَّى يموتَ" .
الراوي:عبدالله بن عمر- المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 169 -خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية

وكذلك فإن من المحال أن تستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على وجه التفصيل، فهي عاجزة عن ذلك لكونه من المغيبات التي لا سبيل إلى معرفتها إلا من طريق الوحي، والله عز وجل يقول: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً" الآية 85 من سورة الإسراء. فهذه الآية تبين محدودية علم الإنسان.
وقد اقتضت رحمة العزيز الحكيم أن بعث الرسل به معرفين وإليه داعين، وجعل معرفته سبحانه بأسمائه وصفاته، أفعاله هي مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم، فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، والأصل الأول فيها: معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله. ثم يتبع هذا الأصل أصلان عظيمان هما:

ا- تعريف الناس الطريق الموصلة إلى الله، وهي: "شريعته المتضمنة لأمره ونهيه".
2- تعريفهم مآلهم في الآخرة.

وهذان الأصلان تابعان للأصل الأول مبنيان عليه، فأعرف الناس بالله أتبعهم للطريق الموصلة إليه، وأعرفهم بحال الناس عند القدوم عليه.

سادسًا: أساس العلم الصحيح هو الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته:
على أساس العلم الصحيح بالله وبأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان وهو أصل الدين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه لا يتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه، فهذه المعرفة لازمة لانعقاد أصل الإيمان، وهي مهمة جدا للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه وصلاح معتقده واستقامة عمله، فهذه المعرفة لأسماء الله وصفاته وأفعاله توجب للعبد التمييز بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا يليق به ووصفه بما هو أهله من الجلال والإكرام.
وذلك يتم بتدبر كلام الله تعالى وما تعرف به سبحانه إلى عباده على ألسنة رسله من أسمائه وصفاته وأفعاله وما نزه نفسه عنه مما لا ينبغي له ولا يليق به سبحانه.
والجدير ذكره أن معرفة الله نوعان:
النوع الأول: المعرفة الإجمالية.
وهي التي تلزم العبد المؤمن لينعقد بها أصل الإيمان، وهي تتحقق بالقدر الذي يميز العبد به بين ربه وبين سائر الآلهة الباطلة، ويتحقق بها الإيمان

المجمل، وتجعله في سلامة من الكفر والشرك المخرجين من الإيمان، وتخرجه من حد الجهل بربه وما يجب له.
وهذه المعرفة يتحصل عليها من قراءة سورة الإخلاص، وآية الكرسي وغيرها من الآيات ومعرفة معانيها.
ولكن هذه المعرفة لا توجب قوة الإيمان والرسوخ فيه.
النوع الثاني: المعرفة التفصيلية.
وهذه تكون بمعرفة الأدلة التفصيلية الواردة في هذا الباب وتعلمها واعتقاد اتصاف الله بها ومعرفة معانيها والعمل بمقتضياتها وأحكامها.
وهذه المعرفة هي التي يحصل بها زيادة الإيمان ورسوخه، فكلما ازداد العبد علمًا بالله زاد إيمانه وخشيته ومحبته لربه وتعلقه به، قال تعالى"إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"
الآية 28 من سورة فاطر.كما تجلب للعبد النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضللة والشهوات المحرمة.
"والعلم بالله يراد به في الأصل نوعان:
أحدهما: العلم به نفسه، أي بما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام وما دلت عليه أسماؤه الحسنى.
وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فإنه لابد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته، ويعاقب على معصيته.
والنوع الثاني: يراد بالعلم بالله العلم بالأحكام الشرعية من الأوامر والنواهي، والحلال والحرام.
ولهذا قال بعض السلف: العلماء ثلاثة:
ا- عالم بالله ليس عالمًا بأمر الله.
2- عالم بأمر الله ليس عالمًا بالله.
3- عالم بالله وبأمر الله.
فالعالم بالله: الذي يخشى الله، والعالم بأمر الله: الذي يعرف الحلال والحرام"
مجموع الفتاوى 3/333 بتصرف بسير.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 03:35 PM
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 03-02-2015, 10:00 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس الخامس عشر
12 جمادى الأولى 1436 هـ
سابعًا: العلم بأسماء الله وصفاته هو حياة القلوب:
فلا حياة للقلوب ولا نعيم ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها ويكون أحب إليها مما سواه، والإنسان بدون الإيمان بالله لا يمكنه أن ينال معرفة ولا هداية، وبدون اهتدائه إلى ربه لا يكون إلا شقيا معذبا كما هو حال الكافرين.
فالله تبارك خلق هذا الإنسان وركبه من الجسد والروح وشاء أن يكون خلق الجسد من التراب، قال تعالى"فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَاب"
الآية 5 من سورة الحج. وجعل قوام الجسد وحياته من التراب، فهو يأكل ويشرب ويكتسي من الأرض وما فيها، وجعل في هذا الجسد الروح، قال تعالى"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي" الآية 29 من سورة الحجر. وشاء أن يكون قوام هذه الروح وحياتها في معرفة الله وعبادته، فلا شيء أطيب للعبد ولا ألذ ولا أهنأ ولا أنعم لقلبه وعيشه من محبة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي في مرضاته، لذلك فإن من في قلبه أدنى حياة أو محبة لربه وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التبصر فيه، وسؤاله واستكشافه عنه هو أكبر مقاصده وأعظم مطالبه وأجل غاياته، فهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه، وله خُلق الخلق، ولأجله نزل الوحي، وأرسلت الرسل وقامت السموات والأرض، ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق والأمر الذي مدارهما عليه.
وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه.
ثامنًا: ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته:
مما يدلل ويؤكد أهمية هذا التوحيد هو ما تثمره معرفة أسماء الله وصفاته في قلب المؤمن من زيادة في الإيمان ورسوخ في اليقين، وما تجلبه له من النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضللة، والشهوات المحرمة.
فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فلكل اسم من أسماء الله تأثير معين في القلب والسلوك، فإذا أدرك القلب معنى الاسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، تجاوب مع هذه المعاني وانعكست هذه المعرفة على تفكيره وسلوكه.
ولكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، فالأسماء الحسنى والصفات العلى مقتضية لآثارها من العبودية وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح، فمثلاً: علم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة يثمر له

عبودية التوكل عليه باطنًا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.
وعلمه بسمعه تعالى وبصره وعلمه وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح.
ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته توجب له سعة الرجاء، ويثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه. وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه، تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها.
وكذلك علمه بكماله وجماله وصفاته العلى يوجب له محبة خاصة بمنزلة أنواع العبودية.
فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها.

وبهذا يتبين أن معرفة العبد لأسماء الله وصفاته على الوجه الذي أخبر الله عز وجل به في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم توجب على العبد القيام بعبودية الله على الوجه الأكمل، فكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان الحب والإخلاص والتعبد أقوى، وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر، إذ كل اسم من أسمائه عز وجل له تعبد مختص به، علما ومعرفة وحالاً.

علمًا ومعرفة: أي إن من علم أن الله مسمى بهذا الاسم، وعرف ما يتضمنه من الصفة ثم اعتقد ذلك فهذه عبادة.
و"حالاً" أي إن لكل اسم من أسماء الله مدلولاً خاصًّا وتأثيرًا معينًا في القلب والسلوك، فإذا أدرك القلب معنى الاسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، تجاوب مع هذه المعاني وانعكست هذه المعرفة على، تفكيره وسلوكه.
وهذه الطريقة مشتقة من قلب القرآن، قال الله تعالى"وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"
الآية 180 من سورة الأعراف.
والدعاء بها يتناول: دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد. وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها
مدارج السالكين 1/420.
تاسعًا: ضرورة تجنب الباطل وعدم مخالفة طر يق الحق في هذا الباب:
يعتبر باب الأسماء والصفات من أكثر الأبواب خطورة ومزلة من جهة كونه محل خلافات شديدة ومعقدة دارت رحاها بين علماء السلف من جهة والفلاسفة وأهل الكلام والمشبهة من جهة أخرى.
فمن واجب طالب العلم أن يتعمق في فهم الحق المبني على الكتاب والسنة، قال تعالى"إِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ"
الآية 59 من سورة النساء، فالرد إلى الله يكون بالرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول بعد وفاته يكون بالرد إلى سنته صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى"أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه" الآية 140 من سورة البقرة، فالله أعلم بنفسه، وهو الذي أخبر بأسمائه وصفاته في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خبرًا، وقد قال الله في حقه"وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"الآيتان 3، 4 من سورة النجم.
فمن الواجب على المسلم أن يدرس هذا الباب ويتعمق في فهمه وفق ما ورد في الكتاب والسنة، وأن يحذر من التيارات الفلسفية التي أضرت أصحابها وأدخلتهم في دوامة الانحراف والضياع، فحالت بين قلوبهم وبين معرفة ربهم، فأصبحت قلوبهم مظلمة جاهلة بحقائق الإيمان، فترتب على ذلك إعراضهم عن الله وعن ذكره ومحبته والثناء عليه بأوصاف كماله، ونعوت جلاله، فانصرفت قوى حبهم وشوقهم وأنسهم إلى سواه.
ومعلوم أنه لا يستقر للعبد قدم في المعرفة، بل ولا في الإيمان، حتى يؤمن بأسماء وصفات الرب جل جلاله، ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه، فالإيمان بالأسماء والصفات وتعرفها هو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان وثمرة شجرة الإحسان، فمن جحدها فقد هدم أساس الإسلام والإيمان، وثمرة شجرة الإحسان، فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.
فينبغي للمؤمن أن يبذل مقدوره ومستطاعه، في معرفة الأسماء والصفات، وأن تكون معرفته سالمة من داء التعطيل وداء التمثيل اللذين ابتلي بهما كثير من أهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فالمعرفة الصحيحة هي المتلقاة من الكتاب والسنة، وما روي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهذه هي المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة إيمانه وقوة يقينه، وطمأنينة أحواله.
هنا
*تعريف توحيد الأسماء والصفات وأدلته
أولاً: تعريفه: توحيد الأسماء والصفات: هو إثبات ما أثبت الله لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفى الله عن نفسه، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات والإقرار لله تعالى بمعانيها الصحيحة ودلالاتها واستشعار آثارها ومقتضياتها في الخلق
هنا
* ثانيًا : أدلته ".... هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا.." من قوله تعالى:
" رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " سورة مريم / آية : 65.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 03:43 PM
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 03-10-2015, 02:59 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس السادس عشر
19 جمادى الأولى 1436 هـ

أسماء الله تعالى غير مخلوقة
أسماء الله تعالى غير مخلوقة؛ لأنها من كلامه تعالى: وكلامه غير مخلوق.
جواز الحلف بالله تعالى وأسمائه وصفاته؛ لأن الله تعالى بأسمائه وصفاته غير مخلوق .
عدم جواز الحلف بغير الله تعالى؛ لأنه شرك وكفر كما في الحديث الصحيح . **
هذا وقد بُلي كثيرٌ من الناس في هذا الزمان في الحلف بغير تعالى ، مع ورود النهي الشديد عنه ، ومع أن جميع الأئمة قد حذروا من ذلك ، ونهوا عنه إثباتًا للنصوص الواردة في ذلك والتي تحذر من الحلف بغير الله . هنا
**
"ألا من كانَ حالفًا فلا يحلف إلَّا باللَّهِ . فكانت قريشٌ تحلفُ بآبائِها ، فقالَ : لا تحلفوا بآبائِكم"
الراوي : عبدالله بن عمر المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 3836 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية

- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أدرك عمرَ بنَ الخطابِ، وهو يسير في ركبٍ، يحلفُ بأبيهِ، فقال : " ألا إنَّ اللهَ ينهاكم أن تحلفوا بآبائِكم، من كان حالفًا فليحلفْ باللهِ أو لِيصمُتْ " .
الراوي :عبدالله بن عمر المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6646 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
- سمعَ ابنُ عمرَ رجلًا يحلفُ ،لا والكعبةِ، فقالَ لَه ابنُ عمرَ: إنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ :"من حلفَ بغيرِ اللَّهِ فقد أشرَك"
الراوي : سعد بن عبيدة المحدث : الألباني -المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 3251 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية
- " ليس منا مَنْ حلَفَ بالأمانَةِ ، ومن خبَّبَ على امريءٍ زوجتَهُ ، أو مملوكَةً فليس مِنَّا"الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 5436 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية

هذا حكمه عليه الصلاة والسلام ، وهو منع الحلف بغير الله كائنًا من كان ، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام ، ولا بالكعبة ، ولا بالأمانة ، ولا بحياة فلان ، ولا بشرف فلان ، وكل هذا لا يجوز ؛ لأن الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك ... ابن باز
أسماء الله كلها حسنى

أي بالغة في الحسن غايته ، وفي الجمال ذروته ، قال اللَّه تعالى " وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ...." .الأعراف 180
وجه الحسن في أسماء الله:
ذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالاً ولا تقديرًا .

وقال ابن القيم: "أسماؤه- سبحانه وتعالى- كلُّها أسماء مدح وثناء؛ وتمجيد؛ ولذلك كانت حسنى.
وقال "أسماء الرب تبارك وتعالى دالة على صفات كماله، فهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى؛ إذ لو كانت ألفاظا لا معاني فيها لم تكن حسنى ولا كانت دالة على مدح هنا
إن أسماء الله هي أحسنُ الأسماء وأجلُّها لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها.
ومعنى الحسنى المضافة إلى أسمائه معنيان :

الأول : حُسْنَى في معناها وفي نفسها .

فإن أسماء اللَّه كلُّها حُسْنٌ وجمالٌ ، وخيرٌ وكمالٌ ، وقوةٌ وجلالٌ .
مثال ذلك " الحي " اسم من أسماء اللَّه تعالى ، متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسْبَق بعدم ولا يلحقها زوال ولا يطرأ عليها خلل . الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها . قال تعالى "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ " الفرقان : 58 ، وقال النبي " إن اللَّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام .
"قام فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بأربعٍ: إنَّ اللهَ لا ينامُ ولا ينبغي له أن ينامَ . يرفعُ القِسطَ ويخفِضُه . ويُرفَعُ إليه عملُ النهارِ بالليلِ . وعملُ الليلِ بالنهارِ."

الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 179-خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية
مثال آخر" العليم " اسم من أسماء اللَّه تعالى متضمن للعلم الكامل
الذي لم يُسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ، قال اللَّه تعالى " عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى " طه : 52 .
وعلمه عز وجل هو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً ، قال تعالى" وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا " .
الثاني : حُسْنَى في أثرها لمن تعبد للَّه بمقتضاها .
التعبد بمقتضى أسماء الله
التعبد لله بمقتضاها، ولذلك وجهان: الوجه الأول: أن تدعو الله بها، لقوله تعالى" وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا "الأعراف:180 بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور ! وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك

الوجه الثاني: أن تتعرض
في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله، ومقتضي الغفور المغفرة، إذاً افعل ما يكون سببًا في مغفرة ذنوبك، هذا هو معني إحصائها، فإذا كان كذلك، فهو جدير لأن يكون ثمنًا لدخول الجنة، وهذا الثمن ليس على وجه المقابلة، ولكن على وجه السبب، لأن الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة وليست بدلاً، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله "لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة"هنا.
"سدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا . فإنَّهُ لن يُدْخِلَ الجنَّةَ أحدًا عَملُهُ قالوا ولا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ ولا أَنا إلَّا أن يتغمَّدَنيَ اللَّهُ منهُ برحمةٍ واعلَموا أنَّ أحبَّ العملِ إلى اللَّهِ أدوَمُهُ وإن قلَّ وفي روايةٍ بِهَذا الإسنادِ ولم يَذكُرْ " وأبشِروا " .الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2818 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر*



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 03:56 PM
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 03-10-2015, 05:42 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس السابع عشر
26 جمادى الأولى 1436 هـ
سبق وذكرنا أن الحسن المضاف إلى أسمائه سبحانه وتعالى له معنيان :
الأول : حُسْنَى في معناها وفي نفسها .
الثاني : حُسْنَى في أثرها لمن تعبد للَّه بمقتضاها .
*حُسْنَى في معناها وفي نفسها :فإن أسماء اللَّه كلُّها حُسْنٌ وجمالٌ ، وخيرٌ وكمالٌ ، وقوةٌ وجلالٌ .
ربنا عز وجل، يمكن ولله المثل الأعلى، يمكن، أن نقسم صفاته، أسمائه الحسنى، وصفاته الفضلى، إلى زمرتين.
زمرة أساسها القوة: قوي، جبار، متكبر، علي عظيم، القاهر فوق عباده، فعالٌ لما يريد.

وزمرة ثانية
أساسها الإكرام: رحيمٌ، ودودٌ، لطيفٌ، مجيدٌ، عفوٌ، غفورٌ، كريمٌ.
فكل صفات الكمال، مجموعة بالإكرام، وكل صفات القوى مجموعة بالجلال،
قويٌ كريم، عظيمٌ رحيم، عليٌ كريم
1- : أن من عرفها فقد عرف الله عز وجل ، فهي حُسنى في المقصد والثمرة التي هي معرفة اللَّه عز وجل .
في الآية الكريمة وفي سورة الرحمن قال الله تعالى"وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ".الرحمن:27، وفي آية أخرى" تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ".الرحمن:78.
س الأولى بالرفع, والثانية بالكسر؟ فأفيدونا عن الآيتين؟

ج/ الأولى وصفٌ لوجه، ويبقى وجه ربك ذو الجلال وصف للوجه، يعني أنه ذو الجلال؛ وهو الرب سبحانه؛ لأن التعبير بالوجه معناه للكل، وجهه ذو الجلال وهو ذو الجلال سبحانه وتعالى. والثانية الأخيرة آية الرحمن وصفٌ للرب تبارك اسم ربك ذي الجلال نعتٍ للرب، وصف للرب بأنه ذو الجلال ووجهه ذو الجلال سبحانه وتعالى، وجهه عظيم وذاته عظيمة سبحانه وتعالى، فهو ذو الجلال من جهة وجهه، وذو الجلال من جهة ذاته سبحانه وتعالى.

ابن باز
"وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ "الرحمن27
ويبقى الحي الذي لا يموت " ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " أي: ذو العظمة والكبرياء والمجد، الذي يعظم ويبجل ويجل لأجله، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود، والداعي لأن يكرم أولياءه وخواص خلقه بأنواع الإكرام، الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه، "ويعظمونه" ويحبونه، وينيبون إليه ويعبدونه،تفسير السعدي
أَصْلُ التَّبَارُكِ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الدَّوَامُ وَالثَّبَاتُ ،
"تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ "الرحمن78

تكاثرت بركة اسم ربك وكثر خيره, ذي الجلال الباهر, والمجد الكامل, والإكرام لأوليائه. التفسير الميسر
ولما ذكر سعة فضله وإحسانه- في الآيات السابقة-، قال: " تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " أي: تعاظم وكثر خيره، الذي له الجلال الباهر، والمجد الكامل، والإكرام لأوليائه. تفسير السعدي
"تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" أي هو أهل أن يُجَل فلا يُعصَى وأن يُكرم فيُعْبَد ويُشكر فلا يُكْفَر وأن يُذْكَر فلا يُنْسَى وقال ابن عباس "ذي الجلال والإكرام" ذي العظمة والكبرياء من تفسير ابن كثير
- ألِظُّوا بياذا الجلالِ والإِكرامِ .الراوي : ربيعة بن عامر المحدث : الوادعيالمصدر : الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 341 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية
"تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي التَّرْتِيبِ وَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَتَمَ نِعَمَ الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " خَتَمَ نِعَمَ الْآخِرَةِ بِقَوْلِهِ : "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْبَاقِيَ وَالدَّائِمَ لِذَاتِهِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا غَيْرَ وَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ ، وَالْآخِرَةُ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَكِنْ بَقَاؤُهَا بِإِبْقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . ثَانِيهَا : هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى فِي أَوَاخِرِ هَذِهِ السُّوَرِ كُلِّهَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ فَقَالَ فِي السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ " عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ " . الْقَمَرِ : 55 . وَكَوْنُ الْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَتَمِّ النِّعَمِ كَذَلِكَ هَهُنَا بَعْدَ ذِكْرِ الْجَنَّاتِ وَمَا فِيهَا مِنَ النِّعَمِ قَالَ "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " إِشَارَةً إِلَى أَنَّ أَتَمَّ النِّعَمِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَكْمَلَ اللَّذَّاتِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ فِي السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ "فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ " الْوَاقِعَةِ : 89 . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ "فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ " الْوَاقِعَةِ : 96 .
ثَالِثُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ جَمِيعَ اللَّذَّاتِ فِي الْجَنَّاتِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَذَّةَ السَّمَاعِ وَهِيَ مِنْ أَتَمِّ أَنْوَاعِهَا
، فَقَالَ "مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ " يَسْمَعُونَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَصْلُ التَّبَارُكِ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الدَّوَامُ وَالثَّبَاتُ ، وَمِنْهَا بُرُوكُ الْبَعِيرِ وَبِرْكَةُ الْمَاءِ ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَكُونُ فِيهَا دَائِمًا وَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : دَامَ اسْمُهُ وَثَبَتَ .

وَثَانِيهَا : دَامَ الْخَيْرُ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الثَّبَاتِ لَكِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ .
وَثَالِثُهَا : تَبَارَكَ بِمَعْنَى عَلَا وَارْتَفَعَ شَأْنًا لَا مَكَانًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ نِعَمِ الدُّنْيَا "وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ " الرَّحْمَنِ : 27 . وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ نِعَمِ الْآخِرَةِ "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ " لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بَعْدَ عَدِّ نِعَمِ الدُّنْيَا وَقَعَتْ إِلَى عَدَمِ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ وَفَنَائِهَا فِي ذَوَاتِهَا ، وَاسْمُ اللَّهِ تَعَالَى يَنْفَعُ الذَّاكِرِينَ وَلَا ذَاكِرَ هُنَاكَ يُوَحِّدُ اللَّهَ غَايَةَ التَّوْحِيدِ فَقَالَ : وَيَبْقَى وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِشَارَةُ هُنَا وَقَعَتْ إِلَى أَنَّ بَقَاءَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِإِبْقَاءِ اللَّهِ ذَاكِرِينَ اسْمَ اللَّهِ مُتَلَذِّذِينَ بِهِ فَقَالَ "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ" أَيْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَبْقَى اسْمُ أَحَدٍ إِلَّا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ تَدُورُ الْأَلْسُنُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ حَاجَةٌ بِذِكْرِهِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ خَوْفٌ ، فَإِنْ تَذَاكَرُوا تَذَاكَرُوا بِاسْمِ اللَّهِ .

التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب


2- : أن اللَّه عز وجل وَعَد عليها بعظيم الثواب من دخول الجنة لمن أحصاها وحفظها ، فهي حُسنى في العاقبة والأجر لمن تعلَّمها وآمن بها وأدَّى حقَّها ، فقد قال النبي : "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة" .
1 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن لله تسعةً وتسعينَ اسمًا ، مائة إلا واحدًا ، من أحصاها دخل الجنة ".
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2736 -خلاصة حكم المحدث: صحيح.الدرر السنية
مع التنبيه على ضعف حديث سرد الأسماء
3 - إن لله تسعة وتسعين اسمًا ، مائة إلا واحدًا ، إنه وتر يحب الوتر ، من حفظها دخل الجنة وهي : الله ، الواحد الصمد ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الملك ، الحق ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الرحمن ، الرحيم ، اللطيف ، الخبير ، السميع ، البصير ، العليم ، العظيم ، البار ، المتعال ، الجليل ، الجميل ، الحي ، القيوم ، القادر ، القاهر ، العلي ، الحكيم ، القريب ، المجيب ، الغني ، الوهاب ، الودود ، الشكور ، الماجد ، الواجد ، الوالي ، الراشد ، العفو ، الغفور ، الحليم ، الكريم ، التواب ، الرب ، المجيد ، الولي ، الشهيد ، المبين ، البرهان ، الرءوف ، الرحيم ، المبدئ ، المعيد ، الباعث ، الوارث ، القوي ، الشديد ، الضار ، النافع ، الباقي ، الواقي ، الخافض ، الرافع ، القابض ، الباسط ، المعز ، المذل ، المقسط ، الرزاق ، ذو القوة ، المتين ، القائم ، الدائم ، الحافظ ، الوكيل ، الفاطر ، السامع ، المعطي ، المحيي ، المميت ، المانع ، الجامع ، الهادي ، الكافي ، الأبد ، العالم ، الصادق ، النور ، المنير ، التام ، القديم ، الوتر ، الأحد ، الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، قال زهير : فبلغنا من غير واحد من أهل العلم ، أن أولها يفتح بقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 776-خلاصة حكم المحدث: ضعيف بهذا التمام.
4-الحديث الوارد في تعيين الأسماء الحسنى" الراوي: - المحدث: ابن عثيمين - المصدر: مجموع فتاوى ابن عثيمين - الصفحة أو الرقم: 276/3-خلاصة حكم المحدث: ضعيف
5 -"الحديث الوارد في سرد الأسماء الحسنى"
الراوي: - المحدث: ابن عثيمين - المصدر: مجموع فتاوى ابن عثيمين - الصفحة أو الرقم: 495/9 .
-خلاصة حكم المحدث: لا يصح -الدرر السنية



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 09:08 PM
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 03-24-2015, 03:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y

المجلس الثامن عشر
4 جمادى الآخر 1436 هـ

- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخلَ الجنةَ " .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2736 -خلاصة حكم المحدث: صحيح. الدرر السنية

مراتب الإحصاء :
المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها المحدد في الحديث - 99 اسمًا - .
المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
المرتبة الثالثة : دعاء الله بها .
كما قال تعالى " وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " . سورة الأعراف / آية : 180.
ومن تمام أنها حُسنى أن اللَّه تبارك وتعالى لا يُدعى إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، قال تعالى :
" وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " .الأعراف : 180 .
·أنواع الدعاء بأسماء الله :
1 ـ دعاء ثناء .
2 ـ دعاء عبادة .
3 ـ دعاء طلب ومسألة .

* دعاء ثناء :
وهو أن يثني على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى .
مثال : يا حي يا قيوم " دعاء ثناء " ، برحمتك استغيث .
* دعاء العبادة :
وهو أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء ، فمقتضى " الرحيم " : الرحمة ، فترحم عباد الله ، وتتصف بصفة الرحمة ، دعاء عبادة باسمه الرحيم .
وتقوم بالتوبة لأنه هو " التواب " ، وتخشاه في السر والعلن لأنه هو " الطيف الخبير " .

مع ملاحظة أن من أسماء الله أسماء تقتضي من العبد مجرد الإقرار بها والخضوع لها ، وهي الأسماء التي يختص بها سبحانه لنفسه " كالجبار " ، و" العظيم " ، و" المتكبر " .
* دعاء الطلب والمسألة :
وفيه يسأل في كل مطلوب باسم ـ من أسماء الله الحسنى ـ يكون مقتضيًا لذلك المطلوب .
فيقول في مقام الحاجة مثلاً : يا " معطي يا مانع " ، اعطني كيت وكيت .
ويقول في مقام الرحمة : " يا رحمن " ارحمني
وفي مقام التوبة : " يا تواب " تب علي .
إذًا لابد أن يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب ، ولكن يستثنى من ذلك لفظا " الله " و " رب " فيصح قول : يا رب ارحمني ، يا ألله اغفر لي ...
لأنهما أسماء جامعة لكل الأسماء الحسنى

الرب :

هذا الاسم إذا أُفرد تناول في دلالاته سائر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا،وفي هذا يقول العلامة ابن القيم-رحمه الله ......
المصدر : هنا
الله: علم على الباري جل وعلا وهو الاسم الذي تتبعه جميع الأسماء هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 09:30 PM
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 03-24-2015, 03:31 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

المجلس التاسع عشر
11 جمادى الآخر 1436 هـ

قواعد في أسماء الله تعالى
*القاعدة الأولى :أسماء الله تعالى كلها حسنى
أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى"
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُ‌وا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "الأعراف: 180*" هنا وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديرًا.
* مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.

*القاعدة الثانية: أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف:
أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قوله تعالى: "وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"سورة يونس، الآية: 107. وقوله"وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة" سورة الكهف، الآية: 58. فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر
*القاعدة الثالثة : أسماء الله تعالى
#إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة
أمور

أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها
* مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى

كما قال تعالى"وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"سورة المجادلة، الآية: 1 .
# وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
* مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله - عزوجل - وإثبات الحياة صفة له.
*القاعدة الرابعة: أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص.
لقوله تعالى: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ‌ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"الإسراء:36 .
القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين:
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك". الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح(1).
"ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال " اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي " . إلا أذهب الله عز وجل همه ، وأبدله مكان حزنه فرحا . قالوا : يا رسول الله ! ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات ؟ قال : أجل ! ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" . الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1822- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، وروي عنهم في ذلك أنواع. وقد جمعت تسعة وتسعين اسمًا مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فمن كتاب الله تعالى:
الله الأحد الأعلى الأكرم الإله الأول والآخر والظاهر والباطن البارئ البر البصير التواب الجبار الحافظ الحسيب الحفيظ الحفي الحق المبين الحكيم الحليم الحميد الحي القيوم الخبير الخالق الخلاق الرؤوف الرحمن الرحيم الرزاق الرقيب السلام السميع الشاكر الشكور الشهيد الصمد العالم العزيز العظيم العفو العليم العلي الغفار الغفور الغني
الفتاح القادر القاهر القدوس القدير القريب القوي القهار الكبير الكريم اللطيف المؤمن المتعالي المتكبر المتين المجيب المجيد المحيط المصور المقتدر المقيت الملك المليك المولى
المهيمن النصير الواحد الوارث الواسع الودود الوكيل الولي الوهاب .
*ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الجميل -الجواد -الحكم- الحيي- الرب- الرفيق- السبوح-السيد- الشافي- الطيب- القابض-الباسط-المقدم-المؤخر- المحسن- المعطي- المنان-الوتر-.
هذا ما اخترناه بالتتبع، واحد وثمانون اسمًا في كتاب الله تعالى وثمانية عشر اسمًا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عندنا تردد في إدخال "الحفي"؛ لأنه إنما ورد مقيدًا في قوله تعالى عن إبراهيم"إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" سورة مريم 47 . وما اخترناه فهو حسب علمنا وفهمنا وفوق كل ذي علم عليم حتى يصل ذلك إلى عالم الغيب والشهادة ومن هو بكل شيء عليم.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 11:18 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 02:14 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology