ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 04-18-2011, 05:42 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي


لباسه وفراشه - صلى الله عليه وسلم

قال الإمام البخاري فى صحيحه
حدثني عبد الله بن أبي الأسود، قال حدثنا معاذ
قال حدثني أبي ،عن قتادة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال "كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أن يلبسها الحبرة "(1)

قال الإمام مسلم فى صحيحه
وحدثني علي بن حجر السعدي ،أخبرنا علي بن مسهر
عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت
إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي ينام عليه أدما حشوه ليف "(2)

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال
(تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء
وتحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف
وإن عند رجليه قرظا مصبوبا، وعند رأسه أهب معلقة
فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت
فقال: ما يبكيك ؟
فقلت: يا رسول الله
إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله
فقال : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة)(3)

عادةً ما يكون لباس المرء عنواناً لطبيعته الكامنة
فإن ما ترسخ جذوره في الباطن لا بدّ أن تبدو ثماره في الظاهر
ولذا كان أجمل لباس وأحسنه هو التقوى النابت من القلب
والممتد على الجوارح ليسبغ على العبد خلائق الستر والحياء والعفاف

كما قال تعالى
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ
ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(4)

هذا اللباس المحمود هو أحب لباس تغشاه الحبيب
صلى الله عليه وسلم
وأقربه إلى نفسه، اللباس الذي يحمل معالم التقوى وحقيقتها
بما يمتاز به من ستر العورات
والبعد عن الإسراف والخيلاء والشهرة
وعن مشابهة الكفار مما هو من خصائصهم
إلى غيره من النواهي الشرعية

وكان أحبّ الثياب إليه الحِبَرَة، وهي
برد يماني من قطن محبّر يعني مزيّن، والظاهر أنه أحبها للينها وطراوتها
وحسن انسجام نسجها، وإحكام صنعتها
وموافقتها لجسده الشريف
فإنه - صلى الله عليه وسلم
كان غاية في النعومة واللطف(5)

إلا أنه لم يرفّه نفسه بالمواظبة على الثياب المريحة
والقمص الراقية
بل كان يرتدي ما سنح له مما ملكه أو أهدي له لسماحته
وبساطة عيشه، وكثرة ورعه
فاتزر واتخذ الرداء، واشتمل الكساء، و تحلّى بالبرد
ولبس جبة صوف وخفّين حتى تخرّقا
وربما ارتدى حلّة جميلة أعجب بها أحد أصحابه
فلم تلبث على جسده إلا يسيرا، ثم أهداه له
لا يغريه رونقها وحسنها عن الجود بها
كما لم يسوؤه خشونة جبة الصوف أن تلازمه أمداً حتى تمزقت

ما أعظم هذه النفس الأبية التي لا ترضى أن تقع تحت تأثير متاع الدنيا
مهما كان رائعا وجذّاباً، أو حقيراً معاباً
طامحة إلى ما أعده المولى سبحانه وتعالى لأوليائه من نعيم دائم
وخير تامّ، لا ينقطع ولا يمتنع، ولم يخطر على قلب بشر

أما فراشه الذي ينام عليه
فبساط غليظ من الجلد المحشو من الليف الخشن
بقدر ما يقيه وعورة الأرض وحرارتها
ويمنحه حاجته من النوم
غير مسترسل في الراحة والغفلة عن قيام الليل
وذكر الله تبارك وتعالى

وربما نام على الحصير فأثّر على جلده الشريف وجنبه
فأبكى عمر- رضي الله عنه- رحمة و شفقة على حاله المؤثرة
صلى الله عليه وسلم
وتمنّى له ما لكسرى وقيصر من الفرش الوثيرة
والأسرة المريحة، والأثاث الفاخر، والدثار الناعم
فجذبه الحبيب - صلى الله عليه وسلم
بلطفه المعهود إلى المآل المنشود
والنعيم الموعود في الآخرة ...
و الآخرة خير وأبقى
هنا
سلاحه و خاتمه
صلى الله عليه وسلم
يتـــــــــبع

(1) صحيح البخاري -كتاب الباس
باب البرود والحبرة والشملة - رقم 5813
---
(2) صحيح مسلم - كتاب الباس والزينة
باب التواضع في اللباس والاقتصار على الغليظ منه واليسير في اللباس والفراش وغيرهما
رفم 2082(3)
---
(3)الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4913
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

---
(4) سورة الأعراف آية (26)
(5) المواهب المحمدية بشرح الشمائل الترمذية (1/211)
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-18-2011, 02:49 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حبيبتى هند

جزاك الله خير

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-26-2011, 12:44 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي

آميين وإياكِ
حبيبتي أم حذيفة
__________________
[CENTER][IMG]http://store1.up-00.com/2014-12/1418387439583.jpg[/IMG]

[URL="http://katarat1.com/forum/showthread.php?t=757"]موسوعه صور بسمله وفواصل واكسسوار للمواضيع [/URL][/CENTER]
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-21-2011, 08:17 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
سلاحه و خاتمه - صلى الله عليه وسلم

قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قال حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً
فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ
وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ
وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا
ثُمَّ قَالَ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ قَالَ إِنَّهُ لَبَحْرٌ )(1)

عن عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنه
قال: كان على النبي - صلى الله عليه وسلم
يوم أحد درعان، فنهض إلى الصخرة فلم يستطع
فقعد طلحة تحته حتى استوى على الصخرة
قال الزبير- رضي الله عنه
فسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم
يقول : (أوجب طلحة)(2)

قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ ، قالحَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ
عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ ،عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ : "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ
فَقِيلَ إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ
فَصَاغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَاتَمًا حَلْقَتُهُ فِضَّةً وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)(3)

كثيراً ما تكون القوّة النافذة
والآلة الحربية المتطوّرة سبباً لطغيان الأمم وسطوتها على غيرها؛
لتحقق أكبر قدر من الثروات وانتهاك الحرمات!
ما دام أن الحكم والقانون مستمدان من إله الهوى والمادة.
وفي رحاب الإسلام تقترن القوة بالعدل في تلازم دائم
وتكامل متّزن، منبثق من هدي
النبي - صلى الله عليه وسلم-
الذي يدعو إلى ابتغاء سبل القوة، واتخاذ العدة المرهبة للعدو
إلى جانب العناية بالضوابط الشرعية لها
ووضعها في مواضعها المناسبة، متوخّيا العدل والحق
فحينما حمل السيف، واتخذ الدرع
وخاض الغزوات، محرزاً انتصارات عظيمة، وفتوحاً كبيرة
لم تغره نشوة الفرح بالعدوان واستباحة ما حرم الله تعالى
مع من حارب الله ورسوله، ممتثلاً
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ
شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(4)

هذا الميزان الرباني العظيم الذي أقامه المولى
-سبحانه-
تجسّد في خلق النبي - صلى الله عليه وسلم
مع أعدائه في الحرب والسلم، والغضب والرضا
والمكره والمنشط، مسطراً أروع صور العزة والبسالة
والإقدام والعدالة
و كان - صلى الله عليه وسلم - بحراً... في غزارة قوته
واتساع أفقه، وعمق خبرته، وروعة عزيمته وتوكّله!.
بحراً... في الثبات عند الفتن، والصبر حين المحن
وتحقيق أدب الحرب، وتأصيل الخبرات العسكرية الفذّة
وإعداد الجيوش المنظّمة
متخذاً بأس السيف وحدّته، ورمي السهم وسرعته
و ما استطاعه من قوّة ومن رباط الخيل
كأفضل سلاح ومركب عرفه الناس في عصره
مع الإفادة من خطط فارس
وحضارة كسرى وقيصر في الصناعة كاتخاذ الخاتم
وإضافة الطابع الإسلامي الذي يميّز حامله
بنقش (محمد رسول الله)
و م يتخلّى عن اتخاذ الأسباب المعينة على النصر
القاهرة للعدو، اتّكالاً على عصمة الله له
وشرفه عند ربه -سبحانه-
إن الأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى أن تعود لله حقّاً
وتصدق إيمانها به، وتحقق التقوى
كما عليها أن تقتبس من هدي نبيها -صلى الله عليه وسلم
- القيم الحضارية الحربية
ومنهج الإعداد والتسلّح بكلّ أنواع القوة العلمية والعملية؛
لتبني مجدها، وتبسط عزها
وترغم أعداءها على احترام كيانها، وسلامة أوطانها
كما أوصى ربنا تبارك وتعالى في كتابه
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...)(5)
هنا
نومه و تعطره صلى الله عليه وسلم
يتـــــــبع
~~~
(1)صحيح البخاري - كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ
بَاب الْحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالْعُنُقِ
رقم2751
~~~
(2) الراوي: الزبير بن العوام المحدث: الألباني
المصدر: السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 2/628
خلاصة حكم المحدث: حسن
~~~
(3)صحيح مسلم - كِتَاب اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ
باب فاصطنع خاتما من فضة
قال كأني أنظر إلى بياضه في يده
رقم3904 2092
~~~
(4) سورة المائدة، الآية(8)
(5) سورة الأنفال، الآية(60)
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-05-2011, 11:30 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي


نومه و تعطره
صلى الله عليه وسلم


قال الإمام الترمزي
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ
عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَجْمَعُ أَوْ تَبْعَثُ عِبَادَكَ"(1)


قال الإمام البخاري في صحيحه

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قال حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ،عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ :" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ
ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا
وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )(2)

قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قال حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ
عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ
ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا
فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ
يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ
يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "(3)




قال الإمام مسلم في صحيحه

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قال حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا
وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ " (4)


قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ ، قال حَدَّثَنَا حَبَّانُ
قال حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قال حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَزْهَرَ اللَّوْنِ كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً
وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً
أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (5)



قال الإمام مسلم في صحيحه

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال حَدَّثَنَا هَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ
عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ: " دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ عِنْدَنَا فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ
فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ الْعَرَقَ فِيهَا فَاسْتَيْقَظَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ
قَالَتْ هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ " (6)





حينما يودّ أحدنا أن يخلد للنوم بعد نهار أمضاه وجهد قضاه ؛
فإنه يأوي لفراش مريح، وغطاء ناعم، ومكان هادئ؛
لينال حظاً كافياً من الدعة والراحة


وهذا أمر طبيعي
غير أن هذه المعطيات قد تتوفر للبعض
على أحسن الوجوه وأكملها
فلا تؤمن لهم النوم المنشود لسكن الفؤاد وراحة البال!
وربما يعاني هؤلاء من أرق واضطرابات
في النوم تقضّ مضاجعهم، وتحرمهم لذّته إذن ؛
فإن حصول هذه النعمة
التي هي من آيات الله تبارك وتعالى
على صورتها الفضلى يتجلّى لمن اهتدى
بدين الله - عز وجل
واقتدى بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم
ولازم ذكر ربه عند هجعته وانتباهه
و إن لم يملك من الفُرُش سوى حصير حقير
أو بساط من جلد.
و هذا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم
لم يكن لديه من متاع الدنيا إلا النزر اليسير
وكان ينام من الليل حاجته، ومن النهار قيلولته
مطمئن النفس، هادئ البال!
بالرغم من معاناته قيادة الأمة ومتاعب الدعوة
ومشقة الجهاد وألوان الأذى في سبيل الله - تعالى
و ما انشراح صدره، و سكينة نفسه إلا بالله -جلّ جلاله
الذي عرف قدره، وأكثر ذكره، وعظّم دينه ، فطهّره وزكّاه
وأرخى عليه أستار فضله، وفيوض رحمته
وعظيم نعمه.

و كان حمد الله تعالى على نعمه من هديه
صلى الله عليه وسلم
إذا أوى إلى فراشه؛
فيحمده على رزقه الذي آتاه، وكفايته من كل شر يخشاه
وفضله عليه بإيوائه من التشرد واليتم.

و يذكر الله كثيراً و يثني عليه ويمجّده
و يدعوه ويستعيذ به من شر ما خلق من الدواب والصفات
ولا ريب أن المواظبة على الأدعية والأذكار المأثورة
في ختام اليوم والليلة يبث للنفس الراحة والطمأنينة
والحفظ من تلاعب الشياطين
والوقاية من الهوامّ والمخاطر
وتضمن لمن مات أن تكون خاتمته على الفطرة إلى غيرها
من الآثار الطيبة على حياة العبد، وحسن خاتمته.(7)

فحري أن نعتني بهذه الأوراد الحصينة عند مبيتنا
ونعلمها صغارنا ليألفوا ذكرها، وننال بها الأجر وطيّب الأثر
وينضم إلى هذا الذكر الحميد الحال الطيبة التي يكون عليها
الحبيب - صلى الله عليه وسلم- عند نومه
فكان من هديه - صلى الله عليه وسلم- أن ينام طاهراً
في بدنه وثيابه، بل إن طهارة ثيابه
وطيب رائحته لا تنفك عنه سائر يومه و ليلته؛
فهذا خادمه أنس بن مالك - رضي الله عنه
الذي لازمه زمناً طويلاً يفضّل رائحة
النبي - صلى الله عليه وسلم
على أجود أنواع الطيب من المسك والعنبر المعروفة آنذاك
وكانت أم سليم - رضي الله عنها
تجمع عرقه إذا استنقع على الأديم المفروش تحته؛
ليكون أطيب طيب تنتفع بعطره الفواح
و ترجو بركته لصبيانها

إن جمال المظهر، وطهارة البدن
وطيب الرائحة من محاسن الإسلام التي حث عليها أتباعه
و لها آثارها الإيجابية على الفرد والمجتمع
هنا
رفقه ورحمته بأمته
يتـــــــــبع
~~~
(1)سنن الترمذي - كِتَاب الدَّعَوَاتِ
بَاب مِنْهُ - رقم 3398 - تحقيق الألباني
~~~
(2)صحيح البخاري - كِتَاب الدَّعَوَاتِ
بَاب وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى تَحْتَ الْخَدِّ الْأَيْمَنِ - رقم 5955
~~~
(3)صحيح البخاري - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ
باب إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات - رقم 4730
~~~
(4)صحيح مسلم - كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ
إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره
فلينفض بها فراشه وليسم الله - رقم 4890 2715
~~~
(5) صحيح مسلم - كِتَاب الْفَضَائِلِ
باب ما شممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب
من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم
رقم 4299 2330
~~~
(6)صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب الْفَضَائِلِ
بَاب طِيبِ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ
رقم 2331
~~~
(7) للفائدة تراجع: (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)
فيما يتعلق بموضوع النوم

وقد أثبتت الدراسات العلمية والتجارب الفعلية
أن الآداب النبوية في النوم تمثل قمة الإعجاز الطبي
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-05-2011, 01:55 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

جزاك الله خيرا
وجعلنا الله وإياكم ممن
يستنون بسنته

وصلي الله وسلم علي محمد وآله أجمعين
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 06-07-2011, 12:48 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبتي أم حذيفة
آميين وإياكِ

جزاكِ الله خيراً

التعديل الأخير تم بواسطة هند ; 06-09-2011 الساعة 09:58 AM
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 06-09-2011, 09:59 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

رفقه ورحمته بأمته - صلى الله عليه وسلم



عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
قال:(لَوْلا أَنْ أَشُقَّ على أُمَّتِي
أو على الناس لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مع كل صَلاةٍ)(1)
و عن أَنَس بن مَالِكٍ قال
(ما صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً ولا أَتَمَّ
من النبي - صلى الله عليه وسلم
وَإِنْ كان لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ
فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ)(2)
و عن أبي وَائِلٍ قال
كان عبد اللَّهِ يُذَكِّرُ الناس في كل خَمِيسٍ
فقال له رَجُلٌ: يا أَبَا عبد الرحمن لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ
قال: (أَمَا إنه يَمْنَعُنِي من ذلك
أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ
كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم-
يَتَخَوَّلُنَا بها مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا)(3)

الحديث عن الرفق و الرحمة من أفق
محمد - صلى الله عليه وسلم
يغيث القلوب الجرداء، وينعش النفوس الظمأى
فقد تجاوز حدود الرفق والرحمة في أمور الدنيا
التي ألفها الناس ممن أُلهم هذه الصفة
وعرف بها في حياته الزوجية والأسرية والاجتماعية

في حين تتجلى عظمة هذا الخلق النبوي حين يتخلّى
الحبيب - صلى الله عليه وسلم
عن استمراء أحب الأمور إليه
و أعزها لديه، التي هي من جملة العبادة؛
مخافة المشقة على أمته

فيقول بأبي هو و أمي
(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)
و يصلي بالناس الجماعة فيحيي لذة العبادة
بالوقوف والمناجاة لله رب العالمين
تلك الصلاة التي هي راحته وغاية أنسه وسعادته
فيخفّفها عندما يسمع بكاء الصبي؛ رحمةً بأمه
و رعايةً لعاطفتها الفطرية تجاهه

قال النووي - رحمه الله
فيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع
ومراعاة مصلحتهم، وأن لا يدخل عليهم ما يشق عليهم
وإن كان يسيراً من غير ضرورة(4)

لقد أدرك أصحابه - رضي الله عنهم
هذا الأدب الجمَّ من
رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم
و بلاغةِ أثره عليهم، وحاجتِهم إليه فاحتذوا به إتباعاً لسنته
واقتداءً بهديه
ففي مجال الموعظة ـ التي دعا إليها القرآن الكريم
نرى ابن عمر - رضي الله عنه
يتحرّى الأوقات المناسبة لنشاط النفوس
واشتياقها للحضور فيعظهم كل أسبوع
ن ويأبى تذكيرهم كل يوم بالرغم من سؤالهم لها
و يعلّل ذلك بقوله
" أَمَا إنه يَمْنَعُنِي من ذلك أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ
وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كما كان
النبي - صلى الله عليه وسلم
يَتَخَوَّلُنَا بها مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا"
قال النووي - رحمه الله
فيه الاقتصاد في الموعظة لئلا تملها القلوب
فيفوت مقصودها(5)
لقد تجلّى لنا مما روي عنه - صلى الله عليه وسلم
في هذا الباب من الأحاديث الغفيرة عظم شفقته
صلى الله عليه وسلم- ورحمته بأمته
وسماحة شريعته، حيث أرشدهم إلى ما فيه صلاح دينهم
واستقامة عبادتهم، وأمرهم بالتيسير في النوافل
ونهاهم عن التشديد فيها؛
ليمكنهم الدوام عليها بلا مشقة أو ملل؛
لأن النفس تنشط إلى ما تطيق من العبادة
ويحصل لها المقصود من العمل، وهو حضور القلب
وانشراحه، فتتم العبادة مع المواظبة عليها ويكثر الثواب
لتكرّر العمل وملازمته(6)

و القليل الدائم خيرٌ من كثيرٍ ينقطع
وإنما كان خيرًا لأن به دوام الإقبال على الله سبحانه
بالطاعة والذكر والمراقبة، وإخلاص النية
ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير
المنقطع أضعافًا كثيرة(7)
و الأحاديث الواردة في تخفيف
النبي - صلى الله عليه وسلم- عن أمته
لا تنافي هدي النبي - صلى الله عليه وسلم
في الاجتهاد في العبادة، والإكثار منها، والمداومة عليها
وإن أضرَّ بنفسه فصلى حتى تتفطّر قدماه
أو صام حتى يواصله يومًا ويومين؛
لأنه أعطي من الجَلَد والصَّبر والقوَّة ولذَّة العبادة
ما لم يؤت غيره، ففارقهم
لقد آتاه الله – سبحانه- قرة العين بذكره
والتنعّم بحبه، وبهجة النفس بطاعته
والشوق إلى لقائه، فلا شيء ألذَّ له من طاعته
وطيب حياته بعبادته، فحاله أفضل الأحوال وأكملها(8)
هنا
حلمه و عفوه
يتــــبع
***

(1) الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 887 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
***

(2) الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 708 -خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
***

(3)الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 70 -خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
***

(4) شرح النووي ج4/ص187
***
(5) شرح النووي على صحيح مسلم ج17/ص164
***
(6) ينظر: شرح ابن بطال (3/144)
شرح النووي (6/312)
شرح الكرماني (1/173)، فتح الباري (1/138)
عمدة القاري (7/209)، إرشاد الساري (1/189)
فيض القدير (4/354)، عون المعبود (7/56)
***
(7) بتصرف يسير،شرح النووي (6/312)
***
(8) ينظر: المفهم (3/1339-1340)، زاد المعاد (2/32)
طريق الهجرتين (ص474)، تحفة الأحوذي (2/382)
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 12-21-2011, 01:04 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
حلمه و عفوه - صلى الله عليه وسلم
عن أبي سعيد الخدري

قال: (بينما النبي - صلى الله عليه وسلم
يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة
-رجل من بني تميم-
يا رسول الله، اعدل قال: (ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟)
فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه، قال: لا......)(1)
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه
قال: بعث علي -رضي الله عنه
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم
بذهيبة فقسمها...فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين
ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق
فقال: اتق الله يا محمد
فقال: (من يطع الله إذا عصيت
أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني
فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه)(2)


الحلم و العفو طبعٌ عزيز، وخلقٌ آسر
تتجلّى حقيقته في تلك المواقف التي يتجرأ فيها الآخر
على إيذاء عرضك بالسبّ
أو انتقاد عملك أو التعرض لحياتك الخاصّة
بأسلوب همجي، و ألفاظ غليظة، ونبرة حادّة
فلا تواجهه إلا بخير..!


ليست الأحلام في حال الرضى
إنما الأحلام في حال الغضب(3)

والحقيقة أن توطين النفس على كظم الغيظ
والصبر عن الانتقام لها
وتربيتها على العفو والصفح مع من يجهل عليها
أمرٌ لا تخفى مشقّته، لقوّة الداعي إلى الأخذ بالثأر
والرغبة الجامحة للحميّة للذّات، واستيفاء الحقوق
و حين نتأمل حال النبي - صلى الله عليه وسلم
المثقل بهّم الدعوة ومسؤولية الرسالة، وتلقّي الوحي
وقيادة الأمة لتكون خير أمة أخرجت للناس
نرى صفاء الحلم والعفو يتدفّق في قسمات وجهه المشرق
وكلماته الرقيقة النّدية؛
ليكون علماً من معالم شخصيّته المعجزة
يعترض له (ذو الخويصرة )
بجفاء وهو يقسم للناس حظّهم من المال؛
فيناديه بفظاظة: يارسول الله، اعدل!
و يأتي آخر رافعاً صوته
متطاولاً عليه يدعوه باسمه(يا محمد)
مجرّداً من نعت الرسالة والاصطفاء!
فيقول بملء فمه (اتق الله يا محمد)
فلا تظلم في العطاء!
إنها كلمة غاية في الشناعة والصّلف
في حق خير البرية - صلى الله عليه وسلم
وأزكاهم عند الله - تبارك وتعالى
المؤتمن على وحيه، وتبليغ رسالاته، وبيان شرعه
وحلاله وحرامه
المخيّر حين نبوّته بين أن يكون ملكا أو عبدا فاختار العبودية
أتغرّه لعاعة من متاع الدنيا فينقض عهده مع ربه!
ويجرح أمانته، ويخالف رسالته
ويهدم مبادئه العليا!!!

لقد كان لتلك الكلمات الجائرة
صدى عنيفاً على سمع أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم
فأشعلت فتيل الغضب في نفوسهم، وتبادروا لقتله
فما كان من الحبيب - صلى الله عليه وسلم
إلا أن منعهم من ذلك
واكتفى بالتأنيب والعتاب المؤثر (ويحك)
وفي رواية: (ويلك، من يطع الله إذا عصيت
أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني)
وفي رواية (أو لست أحق أهل الأرض أن أطيع الله؟)
و يبلغ العفو منتهاه حينما يدخل مكة ـ حرسها الله
بعد كفاح طويل في الدعوة والجهاد في سبيل الله
فيجتمع أهلها إليه في المسجد
فيقول لهم: (ما ترون أني صانع بكم؟)
قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم
فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)(4)

يا له من صفح جميل، و عفو بليغ
مأمول من ذلك الرجل الكريم الذي هو أهله
حيث يكون سائغا.
و حين تنتهك حرمات الله تعالى
فإنه يشتدّ غضبه لله حتى يرى أثره على وجهه
فلا يعف عن منكر لا يرضاه الله – سبحانه
أو يحلم عن إقامة حدّ من حدوده

تعفو بعدل و تسطو
إن سطوت به فلا عدمتك من عافٍ و منتقم(5)


و هذا هو التوجيه الشرعي الصحيح
الذي نتعلمه من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم
للعواطف والمشاعر الثائرة
فلا يكون فيها انتكاسة بحيث نغضب ونشتدّ غيضاً
حميّة لأنفسنا، وأنسابنا، وأموالنا، وديارنا
ونكتفي بغضّ الطرف، وزمّ الشفاه
والحوقلة إذا انتهكت محارم الله – سبحانه
واستبيح حماه


هنا
تواضعه و لين جناحه - صلى الله عليه وسلم

يتــ إن شاء الله ـبع
----
(1) الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6163
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
-----
(2) الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3344
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
----
(3) أدب الدنيا و الدين (ص219)
---
(4) سنن البيهقي الكبرى (18055)

(معشر قريشٍ ، ما ترون أني فاعلٌ بكم ؟
قالوا : خيرًا ، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ ! !
قال : فإني أقولُ لكم ما قال يوسفُ لإخوتِه
لا تثريبَ عليكم اليوم ، اذهبوا فأنتم الطلقاءُ )
الراوي: - المحدث:الألباني - المصدر: فقه السيرة
الصفحة أو الرقم: 382- خلاصة حكم المحدث: ضعيف
---
(5) أدب الدنيا و الدين (ص 223)

التعديل الأخير تم بواسطة هند ; 03-04-2015 الساعة 02:31 AM
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-29-2012, 07:15 PM
الصورة الرمزية الأخت المسلمة
الأخت المسلمة الأخت المسلمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 275
Mice2

جزاكِ الله خيرا و نفع بكِ غاليتى هند .
__________________
قد يراك البعضُ تقياً و قد يراك آخرون مجرماً ، و قد يراك آخرون كذا أو كذا
لكن الحقيقة أنك أنت أدرى بنفسك ،السرُ الوحيدُ الذى لايعلمه غيرُك ، هو سر علاقتك بربك
فلا يغرنك المادِحون و لايضُرنّك القادِحون لِأن الحقيقة تقول :
بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 07:17 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology