ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى المعتقد الصحيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2013, 08:54 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
افتراضي شرح اسم الله (الحكيم).

شرح اسم الله

(الحكيم)




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد،
وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

وبعد:

قال تعالى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
) [الأعراف: 180].

روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"[1].

ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في كتابه: "الحكيم
والمراد: "الحكيم في أفعاله وأقواله وقدره، فيضع الأشياء
في محالها بحكمته وعدله"[2].

وللحكيم معنيان: أحدهما: الحاكم الذي له الحكم المطلق الكامل
من جميع الوجوه، والخلق كلهم محكومون، له الحكم كله،
وإليه يرجع الأمر كله، يحكم على عباده بقضائه وقدره،
ويحكم بينهم بدينه وشرعه، ثم يوم القيامة يحكم بينهم بالجزاء
بين فضله وعدله، فلا حاكم إلا الله، ولا يجوز تحكيم قانون
ولا نظام سوى حكم الله، قال تعالى: ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
)[المائدة: 50].

وقال تعالى:
( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ
رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
)[الشورى: 10].

وللحكيم معنى آخر، وهو ذو الحكمة، والحكمة ضد السفه،
وهي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.

ولذلك كانت أحكام الله الكونية والشرعية والجزاء مقرونة
بالحكمة ومربوطة بها، فلم يخلق سبحانه شيئًا عبثًا، ولم يترك
خلقه سدى لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون،
فما أعطى الله شيئًا إلا لحكمة، ولا أنعم بنعمة إلا لحكمة،
ولا أصاب بمصيبة إلا لحكمة، وما أمر الله بشيء
إلا لحكمة، والحكمة في فعله والتزامه، ولا نهى عن شيء
إلا لحكمة والحكمة في تركه واجتنابه. قال تعالى مقررًا هذه
الصفة العظيمة صفة الحكمة:
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ
إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )
[المؤمنون: 115، 116].

وقال تعالى:
( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ
ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ
) [ص: 27]،
وللحكيم معنى ثالث وهو المحكم الذي أحكم كل شيء خلقه
فما في خلق الرحمن من تفاوت ولا تناقض ولا خلل، صنع
الله الذي أتقن كل شيء وليس في شرعه من تناقض ولا اختلاف،
قال تعالى:
( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
[النساء: 82][3].

قال بعضهم: ذكر الحكيم في أكثر من تسعين مرة، اقترن في
أكثرها بالعزيز والعليم، مما يدل على أن حكمته صادرة عن
عزة وعلم، قال تعالى:
( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )
[آل عمران: 126].

وقال تعالى: ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)
[الأنعام: 83].

وقال أيضًا:
( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )
[الأنعام: 18].

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم:
أولًا: أن الأحكام الشرعية في الإسلام من لدن حكيم خبير،
وما جاءت إلا لإسعاد البشرية، فليس هناك أعدل من الله في
حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله
أحكم الحاكمين، قال تعالى:
( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) [التين: 8].

وقال تعالى:
( فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )
[الأعراف: 87].

وقال تعالى:
( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
) [الجمعة: 2].

ثانيًا: أن الله حكيم في أقداره، فما يقدره الله تعالى على العباد من
خير أو شر إنما هو لحكمة بالغة، وتدبير حكيم، قال تعالى:

(
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ )[القمر: 5].

قال ابن القيم - رحمه الله - وهو يتحدث عن الحكمة:
"وله سبحانه الحكمة البالغة في كل ما قدره وقضاه من خير
و شر، وطاعة ومعصية، وحكمة بالغة تعجز العقول عن
الإحاطة بكنهها، وتكل الألسن عن التعبير عنها"[4].

ثالثًا: أن كلام الله حكيم ومحكم، وكيف لا يكون بهذه الصفة وهو
كلام أحكم الحاكمين ورب العالمين، وقد وصف الله القرآن
العظيم، وهو كلامه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
بأنه حكيم ومحكم في ثمان آيات منها قوله تعالى:
( كِتَابٌ
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
)
[هود: 1].

وقال تعالى:
( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) [ يس: 1، 2].

فالقرآن حكيم في أسلوبه الرائع، حكيم في تشريعاته، حكيم في
أمره ونهيه، حكيم في قصصه وأخباره، حكيم في كل ما
اشتمل عليه.

رابعًا: أن الله يؤتي الحكمة من يشاء، قال تعالى: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ
مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)
[البقرة: 269].


وتنوعت عبارات المفسرين في المراد بالحكمة، وقد
اختصرها بعضهم بقوله: "يؤتي الله إصابة الصواب في القول
والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرًا كثيرًا".


قال تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -:
( وَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكَ عَظِيمًا
) [النساء: 113].

روى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله
مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو
يقضي بها و يعلمها"[5].

خامسًا: خلق الله - سبحانه وتعالى - محكم، لا خلل فيه
ولا قصور، قال تعالى:
( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ
مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ
)
[النمل: 88].

وقال تعالى:
( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ
طِينٍ
) [السجدة: 7].

سادسًا: أن الله سبحانه خلق الخلق لحكمة عظيمة، وهي
عبادته سبحانه: قال تعالى:
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
*
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ
* إِنَّ اللَّهَ هُوَ
الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
) [الذاريات: 56 - 58].

سابعًا: كراهة التكني بأبي الحكم، روى أبو داود في سننه من
حديث هانئ بن يزيد: أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم،
فلم تكنّيت بأبي الحكم؟". فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء
أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "ما أحسن هذا!، فما لك من الولد؟".
قال: لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: "فمن أكبرهم؟"
قلت: شريح. قال: "فأنت أبو شريح"[6] [7].


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.

~*~*~*~*~*~*~*
[1] برقم (2736) وصحيح مسلم برقم (2677).
[2] تفسير ابن كثير (2/456).
[3] الضياء اللامع من الخطب الجوامع (1/86-87).
[4] مدارج السالكين (1/439).
[5] البخاري برقم (73)، ومسلم برقم (816).
[6] برقم ( 4955 ) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/936) برقم (4145).
[7] انظر: النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى (1/241-257).


~*~*~*~*~*~*~*
رابط الموضوع
منقــــــــــول
كتبه الدكتور / أمين عبد الله الشقاوي
__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم





التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 10-06-2013 الساعة 09:12 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-23-2013, 12:26 AM
الصورة الرمزية ام جهاد حليمة
ام جهاد حليمة ام جهاد حليمة غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 7
افتراضي

جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-07-2014, 06:24 PM
متفائلة بنصر الله متفائلة بنصر الله غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 7
جزاك الله خيرا
قال ابن القيّم رحمه الله في " النّونيّة ":

وهو الحكيم، وذاك من أوصافه *** نوعان أيضا ما هما عدمان

حُكم وإحكـام فكلّ منهـما *** نوعـان أيضا ثابتا البرهان

ويقصد بقوله " الإحكام نوعان أيضا "، ما ذكره السّعدي رحمه الله فقال:

" وحكمته عزّ وجلّ نوعان:

أحدهما: الحكمة في خلقه: فإنّه خلق الخلق بالحقّ، وكان غايته والمقصود به الحقّ، خلق المخلوقات كلّها بأحسن نظام، ورتّبها أكمل ترتيب، وأعطى كلّ مخلوق خلقه اللاّئق به، بل أعطى كلّ جزء من أجزاء المخلوقات، وكلّ عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته، فلا يرى أحد من خلقه خللا ولا نقصا ولا فطورا.

فلو اجتمعت عقول الخلق من أوّلهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرّحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا، وأنّى لهم القدرة على شيء من ذلك..

وقد تحدّى عباده أن ينظروا ويكرّروا النّظر والتأمّل هل يجدون في خلقه خللا أو نقصا ؟ وأنّه لا بدّ أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته. يشير إلى قوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4)}.

النّوع الثّاني: الحكمة في شرعه وأمره: فإنّه تعالى شرع الشّرائع وأنزل الكتب، فهل هناك كرم أعظم من هذا ؟!

فإنّ معرفته تعالى، وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص العمل له، وحمده وشكره والثّناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق .. كما أنّها هي السّبب الوحيد للوصول إلى السّعادة الأبديّة والنّعيم الدّائم، فلو لم يكن في شرعه، وأمره إلاّ هذه الحكمة العظيمة الّتي هي أصل الخيرات وأكمل اللّذّات لكانت كافية شافية.

هذا وقد اشتمل شرعه ودينه على كلّ خير، فأخباره تملأ القلوب علما ويقينا وإيمانا وعقائد صحيحة، وتستقيم بها القلوب، ويزول انحرافها، وتُثمر كلّ خُلُق جميل، وعمل صالح وهدى ورشد.

ونواهيه محتوية على غاية الحكمة والصّلاح والإصلاح للدّين والدّنيا، فإنّه لا يأمر إلاّ بما فيه مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلاّ عمّا مضرّته خالصة أو راجحة ".اهـ.

قال ابن القيّم رحمه الله:

والحكمة العُليا على نوعين أيـ *** ـضا حُصّلا بقواطع البُرهـان

إحكام هذا الخلـق إذ إيجـاده *** في غـاية الإحكام والإتـقـان

والحكمة الأخرى فحكمة شرعه *** أيضـا وفيـها ذانك الوصـفان

التعديل الأخير تم بواسطة متفائلة بنصر الله ; 01-07-2014 الساعة 07:23 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 01:53 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology