ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى البحوث العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى البحوث العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-27-2021, 01:07 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone مدخل لدراسة المعتقد الصحيح-الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

مدخــــل لدراســـة

" المعتقــــد الصحيـــح "


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
خلق الله تعالى الإنسان ، وسخر له كل ما في الكونِ ليقومَ الإنسانُ بالمهمةِ التي خلقَهُ اللهُ تعالى من أجلِها .

قال تعالى " وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأََرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... " .سورة الجاثية / آية : 13 .
تلك المهمة هي : عبادة الله تعالى وحده دون سواه .قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ".سورة الذاريات / آية : 56 ، 57 .

ومن أجل ذلك خلق الله تعالى الإنسان مفطورًا على معرفته وتوحيده وإن كان يجهل كيفية عبادته سبحانه وما الذي يرضيه أو يسخطه ، فأرسل الله الرسل وأنزل الكتب ليبينوا للناس كيف يعبدون ربهم ويرضونه ويتجنبون سخطَهُ سبحانه وتعالى .
وهذا هو الدين ، فالدين هو هذا المنهج الذي أنزله الله تعالى على رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ليبين للخلق كيف يعبدون ربهم .

فالحكمة من خلق الجن والإنس ، هي عبادة الله ، لا أن يتمتعوا بالمآكل والمشارب والمناكح ..... .

وورد في القول المفيد على كتاب التوحيد ج : 1 / ص : 56 :
والعبادة الخالصة الحقـة ، مبنية على التوحيد ، فكل عبادة لا توحيد فيها فهي باطلة .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك فيه مَعِيَ غَيري ، تركته وشركه " .ا . هـ .
صحيح مسلم / كتاب : الزهد / باب : من أشرك في عمله غير الله / حديث رقم : 2289 .
وقد بقي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في مكة بعد البعثة ثلاثة عشرَ عامًا يدعو الناس إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء الدين .
وقد احتذى الدعاة والمصلحون في كل زمان حذو الأنبياء والمرسلين ، فكانوا يبدءون بالدعوة إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، ثم يتجهون بعد ذلك إلى الأمر ببقية أوامر الدين .
والعبادة حتى تكون مقبولة لها شرطان :
1 ـ الإخلاص : وذلك بألا يراد بها إلا وجه الله تعالى وهذا لا يتأتى إلا بدراسة التوحيد .

2 ـ صوابًا أي : المتابعة : وذلك بأن تكون العبادة على الكتاب والسنة الصحيحة .

وهذا يتأتى بتعلم العلم الشرعي بمقاصده الشرعية الصحيحة ، بأن يُراد من تعلم العلم أن يكون وقودًا للإيمان فيزيده ، وأن يكون على المنهج الصحيح وذلك باتباع الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

· والسلف الصالح خير من حقق الاتباع .
ـ فحين خَلُصَت نفوس المؤمنين بـ " لا إله إلا الله " من ألـوان الشرك المختلفة ، فقد حدث في نفوسهم تحول هائل . كأنه ميلاد جديد .
لم يكن مجرد التصديق ، ولا مجرد الإقرار . لقد كان كأنه إعادة ترتيب ذرات نفوسهم على وضع جديد ، كما يُعاد ترتيب الذرات في قطعة الحديد ، فتتحول إلى طاقة مغناطيسية كهربائية ... كان الاهتداء إلى " الحق " هائل الأثر في كل جوانب حياتهم .
لقد صارت " لا إله إلا الله " هي مفتاح التجمع والافتراق ، هي الرباط الذي يربط القلوب التي آمنت بها ، ويفصل بينها وبين غيرها من القلوب .
ـ ولم ينحصر مفهوم " لا إله إلا الله " في حسهم في نطاق الشعائر التعبدية وحدها ، كما انحصر في حس الأجيال المتأخرة التي جاءت بفهم للإسلام غريب عن الإسلام .

إن شعائر التعبد لا يمكن بداهةً أن تكون هي كل " العبادة " المطلوبة من الإنسان .
فما دامت غاية الوجود الإنساني كما تنص الآية الكريمة ، محصورة في عبادة الله .
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ" . سورة الذاريات / آية : 56 .
فأنى يستطيع الإنسانُ أن يوفي العبادة المطلوبة بالشعائر التعبدية فحسب ؟
كم تستغرق الشعائر من اليوم والليلة ؟ وكم تستغرق من عمرالإنسان ؟
وبقية العمر؟ وبقية الطاقة ؟ وبقية الوقت ؟ أين تُنفَق ، وأين تذهب ؟
ـ كان في حسهم أن حياتهم كلها عبادة ، وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة ، يتزود الإنسان فيها بالطاقة الروحية التي تعينه على أداء بقية العبادة المطلوبة منه .

كانوا يقومون بالعبادة وهم يمارسون الحياة في شتَّى مجالاتها ، كانوا يذكرون الله فيسألون أنفسهم : هل هم في الموضع الذي يُرضي الله ، أم فيما يُسخط الله ؟ !
فإن كانوا في موضع الرضى حمدوا الله ، وإن كانوا على غير ذلك استغفروا الله وتابوا إليه .
ـ وكانوا يذكرون الله ، فيسألون أنفسهم : ماذا يريد الله منا في هذه اللحظة ؟ !

أي : ما التكليف المفروض علينا في هذه اللحظة ؟ !

إذا كان التكليف " .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" .سورة النساء / آية : 19 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بهذا الواجب الذي أمر بـه الله تجاه الزوجات .
وإذا كان التكليف " ... قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ... " .سورة التحريم / آية : 6 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بتربية الأهل والأولاد على النهج الرباني الذي يضبط سلوكهم بالضوابط الشرعية .

وإذا كان التكليف " ... فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " .سورة الملك / آية : 15 .
كان مقتضى ذكر الله ، هو المشي في مناكب الأرض وابتغاء رزق الله في حدود الحلال الذي أحلَّهُ الله ، لأنه إليه النشور فيحاسب الناس على ما اجترحوا في الحياة الدنيا .
وهكذا ... فقد فهموا أن الصلاةَ والنُّسُك- أى : الشعائر-إنما هي المنطلق الذي ينطلق منه الإنسان ليقوم ببقية العبادة التي تشمل الحياة كلها ، بل الموت كذلك .
فالشعائر مجرد محطات شحن للانطلاق إلى بقية العبادة ، ويشمل ذلك الموت .
الموت في حد ذاته لا يمكن أن يكون عبادة بطبيعة الحال ، لأنه لا خيار للإنسان فيه ... ولكن المقصود في قوله تعالى
".. وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ .." .
سورة الأنعام / آية : 162 ، 163 .
هو أن يموت الإنسان غير مشرك بالله ، وذلك هو الحد الأدنى الذي يكون به الإنسان ( في موته ) عابدًا لله ، أما الحد الأعلى فهو أن يكون موتُه في سبيل الله ، أما اليوم فقد حدثت انحرافات كثيرة في حياة المسلمين ، وانحراف المسلمين في سلوكهم أمر واضح ، تفشَّى في حياتهم الكذب والغش والنفاق ، والضعف والجبن والبدعوالمعاصي والتبلُّد والفجور والمنكر...
ـ فهذا واقع المسلمين ومع ذلك فليس الانحرافالسلوكي هو الانحراف الوحيد في حياة المسلمين ، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى الانحراف في " المفاهيم " كل مفاهيم الإسلام الرئيسية ابتداءً مـن مفهوم لا إله إلا الله .
وحين تجد إنسانًا منحرفًا في سلوكه ، ولكن تصوره لحقيقة الدين صحيح ، فستبذل جهدًا ما لرده عن انحرافهالسلوكي ، ولكنك لا تحتاج أن تبذل جهدًا في تصحيح مفاهيمه ، لأنها صحيحة عنده وإن كان سلوكه منحرفًا عنها .
أي : أنه حين يقع الانحراف في المفاهيم ذاتها ، فكم تحتاج من الجهد لتصحيح المفاهيم أولاً ثم تصحيح السلوك بعد ذلك .
ـ من أجل هذا الانحراف في المفاهيم ، فإن الإسلام اليوم يعاني تلك الغربة التي تَحدَّث عنها رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :

" بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ ، فطوبى للغرباء " . صحيح مسلم / ج : 2 / ص : 354 / حديث رقم : 370 .
ولقد عاد غريبًا بالفعل ..... غريبًا بين أهله أنفسهم ، يتصورونه على غير حقيقته ، فضلاً عن سلوكهم المنحرف عنه ، ويستغربونه حين يعرض لهم في صورته الحقيقية كما جاءت في كتاب الله ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الصحيحة ، وعلينا أن نواجه الأمر على حقيقته ، فإن أي جهد يُبذل في تصحيح السلوك وحده مع بقاء المفاهيم منحرفة ، لن يؤتي ثماره كاملة ، ولن يُخرج الأمة الإسلامية من وهدتها التي انتكست إليها في العصر الحاضر .
إنا نحتاج أن نبذل جهدًا مضاعفًا لإزالة الغربة الثانية ، كالجهد الذي بذله الجيل الأول من المسلمين لإزالة الغربة الأولى للإسلام .

وأول ما نبدأ به من هذا الجهد ، هو تصحيح منهج التلقي
من أين نتلقي فهمنا لهذا الدين ؟ !

من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الصحيحة بفهم السلف الصالح ، وذلك عن طريق علماء أهل السنة والجماعة ، الذين يعتبرون مجرد قنوات توصيل للمنهج الصحيح .
قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ..... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ..... " .أخرجه أبوداود . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مجلد رقم : 5 / ص : 24 .
فلنقتف أثر الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ تأسيًا بالسلف الصالح .
ـ فعن عمر بن سلمة الهَمْدَاني ـ رحمه الله ـ قال :
" كنا نجلس على باب " عبد الله بن مسعود " قبل صلاة الغداةِ ، فإذا خرج مَشَيْنا معه إلى المسجد .
فجاءنا " أبو موسى الأشعري " ، فقال : أَخَرَجَ إليكم " أبو عبد الرحمن " بعد ؟ . قلنا : لا .
فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا .
فقال له أبو موسى : يا " أبا عبد الرحمن " إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمْرًا أنكرته ! ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا .
قال : فما هو ؟
فقال - أي أ بي موسى - : إن عشت فستراه .
قال أبو موسى : رأيت في المسجد قوْمًا حِلَقًا ، جلوسًا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلْقة رجل ، وفي أيديهم حصى فيقول : سبَّحوا مائة ، فيسبحون مائةً .
قال ـ أي : عبد الله بن مسعود - أبو عبد الرحمن ـ : فماذا قلتَ لهم ؟
قال - أي : أبى موسى الأشعري - : ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيك .
قال - ابن مسعود - : أفلا أمرتَهم أن يَعدوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ! ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حَلْقةً من تلك الحِلَق ، فوقف عليهم فقال : ما هذا الذى أراكم تصنعون ؟
قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فَعُدوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويْحَكُم يا أمة محمد ! ما أ َسْرعَ هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافرون وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! ! !
قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير .
قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنا :
" إن قومًا يقرؤون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السهم من الرمية " .
" وايم الله " (1) ما أدري لعلَّ أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم
فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / مجلد رقم :5 /حديث رقم : 5002 .
( 1 ) " وايم الله " : كلمة قسم . همزتها همزة وصل . المعجم الوجيز / ص :31 .

قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
وإنا عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات ، فـإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة ، فإن هؤلاء إذا أنكرعليهم منكر ما هم فيه ، اتهموه بإنكار الذكر من أصله ! وهذا كفر لا يقع فيه مسلم ، وإنما المنكَر ما أُلصِق به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فما الذي أنكره ابنُ مسعود ـ رضي الله عنه ـ على أصحاب تلك الحلقات ؟ !
ليس هو إلا التجمع في يوم معين ، والذكر بعدد لم يرد ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحَلْقة ، ويأمرهم به من عند نفسه ، وكأنه مُشرِّع عن الله تعالى .

قال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِـهِ اللهُ ... ".سورة الشورى / آية : 21 .
ـ زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلاً وقولاً إنما هي التسبيح بالأنامل .

* ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة

وقد أشار إلى هذا - ابن مسعود - بقوله :
" اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " .

* ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟

فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد / ج : 1 / ص : 211 .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-27-2021, 01:08 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

مفاهيــــم خاطئــــة
*ولنحذر " المفاهيم الخاطئة" التي قد تقدح في الإيمان فمنها
1 ـ اعتقاد واغترار البعض بأن الأمر بما وقر في قلبه ، ولا يهتم بالظاهر:
والصواب: أن هناك علاقة بين الظاهروالباطن .

قال الشيخ الألباني رحمه الله : لقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال " كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم فنزلنا منزلا تفرقنا في الوديان و الشعاب فسافرنا مرة مع النبي صلى الله عليه و سلم و نزلنا منزلا و تفرقنا فيه كما كنا نتفرق دائما " فقال لهم عليه الصلاة والسلام " إنما تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان " قال أبو ثعلبة " فكنا بعد ذلك إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم سفرا اجتمعنا و انضم بعضنا إلى بعض حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " ففي هذا الحديث اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بتجميع المسلمين بأبدانهم وأشخاصهم و تحذيره إياهم من أن يتفرقوا في ذلك حتى في السفر في الوديان و الشعاب و استجاب أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لتوجيهه هذا فكانوا بعد ذلك لا يتفرقون تفرقهم السابق و كانوا يتضامون بعضهم إلى بعض حتى أنهم مع كثرتهم لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم فهذا التفرق الذي لم يكن إلا في السفر لم يرتضه الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما نهاهم عنه فماذا يكون الشأن فيما إذا تفرق أهل العلم و طلاب العلم في مجالسهم العلمية لا شك أن هذا التفرق يكون من عمل الشيطان من باب أولى و لذلك فنحن نذكركم على اعتبار أن قسما طيبا منكم يرجى أن يكونوا من المسؤولين في توجيه الأمة و تعليمهم الكتاب و السنة فهذا من السنة التي ينبغي أن يبدؤوا بتذكير الناس بها ألا و هي تجميعهم في المجلس الواحد و أن لا يظلوا هكذا متفرقين بعضهم عن بعض .
* كانَ النَّاسُ إذا نزلوا منزلًا تفرَّقوا في الشِّعابِ والأوديةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ "إنَّ تفرُّقَكم في هذِهِ الشِّعابِ والأوديةِ إنَّما ذلِكم منَ الشَّيطان" فلم ينزل بعدَ ذلِكَ منزلًا إلَّا انضمَّ بعضُهم إلى بعضٍ حتَّى يقالَ لو بُسِطَ عليْهم ثوبٌ لعمَّهم"الراوي : أبو ثعلبة الخشني - المحدث : الألباني -المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 2628 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية .موقع الشيخ الألبان
جمع غفير ويمشون في الصحراء فإذا نزلوا منزلا حضهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أن لا يتفرقوا فيه وعلى أن يجتمعوا وأن يتضاموا لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -" إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثيرًا من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى ... يوشك أن يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "، والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "؛ ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحًا وطلاحًا، إذا صلح القلب صلح الجسد وإذا فسد القلب فسد الجسد ومن هنا نأخذ مبدأ هاما جداً يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم الذين لم يتلقوا شيئا من العلم الشرعي وإنما شرعهم عقولهم وأهواؤهم فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي مثلا يقول العبرة ليست بالصلاة وإنما العبرة بصلاح الباطن ويتجاهل هذه الحقيقة أنه لو كان باطنه أي قلبه صالحا لنضح صالحا والعكس بالعكس. ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتم بإصلاح ظاهره وأن لا يغتر في أن الأمر بما وقر في قلبه لأن الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولاً ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرقوا في المنزل ولو في الصحراء الواسعة الأطراف، أمرهم أن يجتمعوا لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرب القلوب بعضها إلى بعض. ولعلكم ما نسيتم ما ذكرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم مما ذكرته ساعتئذ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -" لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين الوجوه"؛ فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به عليه السلام فيما إذا أخل به القائمون في الصف أن يضرب الله قلوب بعضهم ببعض. فإذن لا يجوز للمسلم أن يستهين بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح لأنه يكون أولاً يكذب على نفسه فضلاً على أنه يكذب على غيره. لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاءون متفرقين بعضهم عن بعض؛ بل عليهم أن ينضموا وأخيراً جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:" دخل ذات يوما المسجد فوجد الناس متفرقين فيه فقال لهم" مالي أراكم عزين، مالي أراكم عزين "؛ أي: متفرقين. فإذًا علينا أن نتذكر هذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقة لتعليم الناس ألا وهو أن يجلس الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب سواء كان من التفسير أو من الحديث أو الفقه المستقى من الكتاب والسنة، أو يقرأ عليه أحدهم ثم هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضا عليهم. على هذا أردت التذكير بهذا الأدب لنتوجه أخيرًا إلى الاستماع إلى ما قد تجمع من بعض الأسئلة لننظر فيها ونجيب عليها بقدر ما يوفقنا الله تبارك وتعالى، وييسر لنا من العلم فيها.موقع الشيخ الألباني هنا .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-27-2021, 01:08 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

فائدة مستخلصة مما سبق : الإيمان له ظاهر وباطن ، ظاهره : قول اللسان وعمل الجوارح .وباطنه : تصديق القلب وانقياده ومحبته . فلا ينفع ظاهرٌ لا باطن له وإن حُقِن به الدماء وعصم به المال والذرية .ولا يجزئ باطنٌ عن ظاهر إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك . فتخلف العمل ظاهرًا مع عدم المانع ، دليل على فساد الباطن وضعف الإيمان ، ونقصه دليل نقصه ، وقوته دليل قوته .
الفوائد لابن القيم / حاشية كتاب إرشاد الأنام / ص : 19 .
2 ـ تقسيم الدين إلى قشر ولُبَاب :

ويترتب على هذا التقسيم : المناداة بنبذ ما أسموه قشرًا بدعوى الاهتمام باللُّبِ .

وهذا التقسيم أو هذه المقولة حادثة مبتدعة ، لم يعرفها سلف الأمة ومن تبعهم بإحسان .
قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً " .
سورة البقرة / آية : 208 .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ :
" يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن يأخذوا
بجميع عُرى الإسلام وشرائعه ، والعمل بجميع أوامره ، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك " . ا . هـ .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" دعوني ما تركتكم ، فإنما أهْلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " .
فتح الباري / ج : 13 / كتاب : الاعتصام / باب : الاقتداء بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .مسلم ـ واللفظ للبخاري .
ولو فُرض جدلاً أن مظاهر الدين تسمى قشر ، فإن من يتخلى عن " القشرة الإسلامية " سيتغطى ـ ولابد ـ بقشرة دخيلة مغايرة لها .
فلابد لكل " لُب " من " قشر " يصونه ويحميه .
والسؤال الآن : لماذا يرفضون " قشرة " الإسلام ، ويرحبون بقشرة غيره ، فيأكلون بالشمال ، ويحلقون اللحى ، ويُلبِسونَ النساءَ أزياء مَن لا خلاق لهن ، ويلبسون القبعة ، ويُدَخِّنون " البايب " والسيجار ؟ .....
دعوا السنة تمضي .
· تأمل هذا الموقف من أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ وهو في سياق مصيبة الموت الذي هو أعظم حادث مما يمر على الجبلة .
* عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال :
دخل شاب على " عمر " ـ يعني بعد ما طُعن ـ فجعل الشاب يُثني عليه ، قال : فرآه عمر يجر إزاره ، قال : فقال له : " يا ابن أخي ! ارفع إزارك فإنه أتقى لربك ، وأنقى لثوبك " ؛ قال : فكان عبد الله يقول " يا عجبًا لعمر ! إن رأى حق الله عليه ، فلم يمنعه ما هو فيه أن تكلم به " .
رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " 8 / 201 ، 202 .
* عن يزيد بن عميرة قال : لما حضر " معاذ بن جبل " الموتُ ، قيل له :
يا أبا عبد الرحمن أوصنا . قال : أجلسوني .
فقال " إن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما .
ـ يقول ثلاث مرات ـ ..... " . أخرجه الإمام أحمد . وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمهُ الله ـ في الجامع الصحيح / مجلد رقم : 1 / ص : 236 .
· وهذا " عمرو بن العاص " وهو في سياقة الموت ، بكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار وقال " ..... فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني فشنوا عليّ التراب شنًا ..... " .
صحيح مسلم / ج : 1 / ص : 318 / حديث رقم : 317 .
ربنا جل وعلا قد أمر المؤمنين بالقيام بما شرعه من دينه ـ ولو كان من القضايا العملية التي يسمونها فروعًا ـ في أشد أوقات الكفاح ، وهو وقت الالتحام المسلح مع الأعداء في قوله تعالى "وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ " .سورة النساء / آية : 102 .
فقدِّر يا أخي حفظك الله أنك بحضرة رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنه أمرك بشيء مما يسميه القوم " قشورًا " ، أكنتَ تتجاسر أن تقدم بين يديه ، أو ترفع صوتك معترضًا عليه ؟
إنك حتمًا وبمقتضى إيمانك ورضاك بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسولاً ستقول له " نعم ، سمعًا وطاعة ، يا من أفديه بأبي وأمي " . فكذلك فافعل مع سنته الشريفة بعد وفاته ، فهذا واجبك مع سنته إذ لم تدرك صحبته صلى الله عليـه وسـلم .
~ نرد على أصحاب بدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب ، والمناداة بنبذ ما أسموه قشرًا بدعوى الاهتمام باللب .
نقول لهم : لماذا إذن تحيون حياة رتيبة هنيئة تتمتعون فيها بالحاجيات بل الكماليات والتحسينيات ، تطعمون الفواكه ، وتتنعمون في الفُرُش ، وتتنزهون في المتنزهات ، وكل هذا لا ينكرعليكـ ، ولا تستنكرونه من غيركم ، هذا ! !
فلماذا إذًا تضعون العوائق في طريق السنة ؟
فالسكوت على المنكرات سواء في فروع أو أصول ، ظاهر أو باطن سبب من أسباب نزول العقوبات العامة وعموم الفتنة والعذاب .
من كتاب : تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب " محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم" .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-27-2021, 01:09 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y

3 ـ إحداث عبادات ، ويُقَال : ما نريد إلا الخير:
ــــ
وذلك كما حدث من أصحاب الحلقات عندما خالفوا السنة ، وأحدثوا هيئات للذِّكرِ لم ترد بالشرع ، وأنكر عليهم " عبد الله بن مسعود " ذلـك .
وذلك لأن هناك قاعدة هامة وهي :
الأصل في عاداتنا الإباحة حتى يجيء صارفُ الإباحة . وليس مشروعًا من الأمور غيرُ الذي في شرعنا مذكور .
هذه قاعدة عظيمة نافعة ، تضمنت " أصلين عظيمين " دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع .
* مثل قولِه تعالى في " الأصل الأول " :
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا" . سورة البقرة / آية : 29 .
أي : تنتفعون بها بجميع الانتفاعات إلا ما نُص على المنع فيه
* وقولِهِ تعالى " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ " .سورة الأعراف / آية : 32 .
فأنكر تعالى على من حرم ما خلق الله لعباده من المآكل والمشارب والملابس ونحوها ".
* ومثل قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قصة تأبير النخل .
وفيه قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أنتم أعلم بأمر دنياكم " . مسلم .
ووجه الدلالة :
أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رد الأمر في التعامل في الزراعة إلى الخلق ، وجعله ليس من جنس الشرع الذي يتوقف فيه حتى يأتي الأمر من الرب سبحانه .
* ومثل قوله تعالى في " الأصل الثاني " :
"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ " .
سورة الشورى / آية : 21 .
* وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأصل الثاني
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " . متفق عليه
البخاري : 2697 . مسلم : 1718 .
· العادات :
هي المعاملات والعلاقات التي تربط بين الإنسان وأخيه الإنسان ، لذا كان الأصل فيها الجواز ،إلا ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلا وقع الناس في ضيق كبير وحرج عسير .
فالمعاملات والعادات باقيةٌ على الأصل ما لم تخالف أصلاً شرعيًا ، أو يأتي الصارف الشرعي لذلك .
ومن ذلك : شرب الخمر ، فهو من جنس العادات التي حرمها الرب سبحانه .
· وأما العبادات :
فهي التي تربط بين الإنسان وربِّه عز وجل لهذا كان الأصل فيها الحظر إلا ما أمر به الله عز وجل على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعنى ذلك : هو أن لا يعتقد الناس في شيءٍ أو في فعلٍ أو قولٍ أنه عبادة ، حتى يأتيَ خطابُ الشارعِ بذلك .
يقول شيخُ الإسلامِ ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى 29 / 16 ـ 18 :
" إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان :
عبادات يصلح بها دينهم ، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة تعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع .
وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه ، والأصل فيه عدم الحظر ، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى " .ا . هـ .
فالأصل في العبادات المنع حتى نجد دليل .

فعليك أن تثبت أن العبادة التي تقوم بها من شرع الله .
فيجب أن نتقرب إلى الله بما يحبه الله ، وليس بما تحبه أنت .
والله سبحانه لا يحب إلا ما شرع .
فإذا قلتَ لشخصٍ ما تفعله هذا بدعة . فيقول لك : هات لي دليل على بدعيتها ! ! أقول : لا . هات أنتَ دليلًا أو إثباتًا أنه قُربى ومن شرع الله .
· وتطبيق هذه القاعدة :
ـ إذا ذهب شخصٌ إلى أي بلد لتغيير الجو ، ومن باب الضرب في الأرض ، فهذه عادة ولا شيء فيها .
وكذلك إذا ذهب إلى جبل الطور بنفس النية ، فلا شيء .
ولكن : إذا شد الرحال ، وذهب إلى جبل الطور تعبدًا وزيارة للمكان الذي كلم اللهُ موسى عنده ، فذلك حرام لأنه عبادة ، ولا تشد الرحال تعبدًا إلا إلى ثلاث .
- "لاَ تُشدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجدَ مسجدِ الحرامِ ومسجدى هذا والمسجدِ الأقصى"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 2033 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-
ـ إذا سافرت إلى طنطا لزيارة الأهل عادة ، لا شيء فيها
ولكن إذا سافرت من أجل زيارة مسجد معين أو قبر معين للتبرك ، فذلك يحرم فعله لأنه فعله تعبدًا .
ـ إذا صام شخص طوال العام يومي الإثنين والخميس ، واستمر في هذا الصيام حتى في شهر رجب . فهذا لا شيء فيه ومأجور عليه إن شاء الله .
ولكن إذا خص شهر رجب دون أشهر العام بصيام ، فهذه عبادة تحتاج إلى دليل ، ولا يوجد دليل على تخصيص هذا الشهر بصيام .
أما تخصيص شهر شعبان أو المحرم بصيام دون أشهر العام ، فهذا لا شيء فيه لأنه عبادة مخصصة بدليل .
فقد ورد نص شرعي في تخصيص شهر شعبان بالصيام :
" عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ما رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان " متفق عليه .البخاري : 1969 / 213 / 4 و مسلم : 1156 ـ 175 / 810 / 2 .
وورد في تخصيص شهر المحرم بصيام :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " . صحيح سنن أبى داود : 2122 . مسلم
4 ـ الخلط بين " التصديق " ومجرد المعرفة ، فليس كلَّ عالم معتقدًا .

ــــ
نموذج للمعرفـة التي لا تعتبر تصديقًا
عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش ـ وكان من أصحاب بدر ـ وقال :كانَ لَنا جارٌ من يَهودَ في بَني عبدِ الأشهلِ قالَ : فخرجَ علَينا يومًا من بيتِهِ قبلَ مبعثِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ بيسيرٍ فوقفَ علَى مجلسِ عبدِ الأشهلِ . قالَ سلمةُ : وأَنا يومئذٍ أحدثُ مَن فيهِ سنًّا عليَّ بردةٌ مضطجعًا فيها بفناءِ أَهْلي فذَكَرَ البعثَ والقيامةَ والحسابَ والميزانَ والجنَّةَ والنَّارَ فقالَ ذلِكَ لقومٍ أَهْلِ شركٍ أصحابِ أوثانٍ لا يرَونَ أنَّ بعثًا كائنٌ بعدَ الموتِ . فقالوا لَهُ : ويحَكَ يا فلانُ ! ترَى هذا كائنًا أنَّ النَّاسَ يُبعَثونَ بعدَ موتِهِم إلى دارٍ فيها جنَّةٌ وَنارٌ يُجزَونَ فيها بأعمالِهِم ؟ قالَ : نعم والَّذي يُحلَفُ بِهِ .لودَّ1 أنَّ لَهُ بحظِّهِ2 من تلكَ النَّارِ أعظمَ تنُّورٍ في الدُّنيا يحمُّونَهُ ثمَّ يدخِلونَهُ إيَّاهُ فيطبقُ بِهِ عليهِ وأن ينجوَ من تلكَ النَّارِ غدًا قالوا لَهُ ويحَكَ وما آيةُ ذلِكَ قالَ نبيٌّ يُبعَثُ من نحوِ هذِهِ البلادِ وأشارَ بيدِهِ نحوَ مَكَّةَ واليمنِ قالوا ومتَى تراهُ قالَ فنظرَ إليَّ وأَنا أحدثِهِم سنًّا فقالَ إن يستنفدَ هذا الغلامُ عمرَهُ يدرِكْهُ قالَ سلمةُ فواللَّهِ ما ذَهَبَ اللَّيلُ والنَّهارُ حتَّى بعثَ اللَّهُ تعالى رسولَهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ وَهوَ حيٌّ بينَ أظهرِنا فآمنَّا بِهِ وَكَفرَ بِهِ بغيًا وحسدًا فقُلنا ويلَكَ يا فلانُ ألستَ بالَّذي قلتَ لَنا فيهِ ما قلتَ قالَ بلَى وليسَ بِهِ"
الراوي : سلمة بن سلامة بن وقش - المحدث : الوادعي- المصدر : صحيح دلائل النبوة
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 .
1 يَوَدّ : أي : يَوَدُّ الذي رأى هذه النار . 2 بحظه : أي : بنصيبه .
**************
نموذج للتصديق
قال تعالى "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " . سورة التحريم / آية : 12 .
مـن تفسير : تيسير الكريم الرحمن للشيخ / عبد الرحمن السعدي :

قـال : وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإن التصديق بكلمات الله يشمل كلماته الدينية والقدرية .
والتصديق بكتبه يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل .
ولهذا قال تعالى " وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " أي : المطيعين لله ، المداومين على طاعته بخشية وخشوع ، وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها ـ رضي الله عنها ـ صِدِّيقه ، والصديقية هي كمال العلم والعمل .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-27-2021, 01:11 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

مـا الفـرق بيـن التوحيـد ، والعقيـدة ، والإيمـان ؟
· التوحيــد :
========
تعريـف التوحيـد شرعـًا :
هـو إفـراد الله سبحانـه بمـا يختـص بـه مـن الربوبيـة والألوهيـة والأسـماء والصفـات .
قسـم بعـض أهـل العلـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2 ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .
وقـد اجتمعـت فـي قولـه تعالـى :
" رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " .
سورة مريم / آية : 65 .
وهنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـموا التوحيـد إلـى قسـمين :
1 ـ توحيـد المعرفـة والإثبـات .
2 ـ توحيـد القصـد والطلـب .
فتوحيـد المعرفـة والإثبـات هـو توحيـد الربوبيـة والأسـماء والصفـات .
وتوحيـد القصـد والطلـب هـو توحيـد الإلهيـة .
هـذا مـا يخـص التوحيـد إجمـالاً . وسـيأتي التفصيـل إن شـاء الله .

· العقيـــدة :
========
تعريـف العقيـدة :
أولاً : لغـة : مـن العَقـد ، وهـو ضـد الحـل ، ومنـه : العُقـدة ، لأنهـا غيـر محلولـة .
ومنـه : العَقْـدُ وهـو الجمـع بيـن المتفرقـات .
عقـد النكـاح :جمـع بيـن رجـل وامـرأة .
عقـد البيـع :وهـو جمـع بيـن ثمـن ومثمـون وبائـع ومشـتري .

ثانيـًا : اصطلاحـًا : هـي المعنـى الذهنـي الجـازم .

ثالثًـا : شرعـًا : هـي تلـك المعانـي التـى تنجـزم فـي الذهـن والقلـب والوجـدان فـي حـق الله عـز وجـل ، والملائكـة ، والكتـب ، والرسـل ، واليـوم الآخـر ، والقـدر خيـره وشـره ، والإنـس ، والجـن .....
وقـد تكـون عقيـدة فاسـدة . مثـل عقيـدة النصـارى التثليـث ، وعقائـد الفـرق الضالـة .
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم : " التوحيـد " .

· الإيمـــان :
========
تعريـف الإيمـان :
أولاً : لغـة : هـو التصديـق .
لقولـه تعالـى " وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ".سورة يوسف / آية : 17 .
أي : ومـا أنـت بمصـدقٍ لنـا ولو كنـا صادقيـن .

ثانيـًا : اصطـلاحًا : هـو جملـة الاعتقـادات والأقـوال والأفعـال التـي يسـتقيم بهـا ديـن العبـد .

ثالثـًا : شـرعًا : هـو تصديـق الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فيمـا جـاء بـه عـن ربـه عـز وجـل .
وعقيـدة التوحيـد هـي ثمـرة الإيمـان :
والفـوز بالتوحيـد الخالـص يسـتوجب معالجـة القلـوب " بالعلـم " و " المحبـة " .
فـإذا عالجنـا قلوبنـا " بالعلـم الصحيـح " المبنـي علـى الاتبـاع و " المحبـة الخالصـة " ، قامـت القلـوب بعملهـا دون نقـص .
فالقلـب لا يعمـل كمـا ينبغـي وهـو مريـض .

وصحـة القلـب تركـز علـى أمريـن :
1 ـ العلـم الصحيـح المبنـي علـى الاتبـاع .
وسـبب مـرض القلـب فـي هـذه الجزئيـة " الجهـل " .
والشفـاء مـن الجهـل علاجـه السـؤال .
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قتلـوه قتلهـم الله ، ألا سـألوا إذ لـم يعلمـوا ، فإنمـا شفـاء العـيِّ السـؤال " .

صحيح سنن أبى داود / مجلد : 1/ حديث رقم : 325/ص :69. العـي : الجهـل .
هـل النـاس سـألوا عـن دينهـم ، هـل حاولـوا التخلـص مـن هـذا الجهـل ، أم هنـاك
" إعـراض " ؟ ! !
هنـاك إعـراض ، للغفلـة عـن الآخـرة .

2 ـ المحبـة :
الله جـل وعـلا هـو المحبـوب بالقصـد الأول ، فالحـب المطلـق يكـون لله ، فهو سـبحانه المحبـوب لذاتـه ،وباقـي أعـراض الدنيـا متـاع الغـرور .
وهـذه المحبـة لله تجعلـك تتخـذ مـن كـل أعـراض الدنيـا وسـيلة لإرضـاء هـذا المحبـوب ، لا وسـيلة لإغضابـه ..... وينتـج عـن هـذه المحبـة ، اتحـاد كـل المحبـات فـي اتجـاه الله .

فمثـلاً : أنـت تحـب " المـال " ، حبـك للمـال الحـب الشـرعي ، بـأن لا تحـب المـال لذاتـه ولكـن تحبـه لأنـه وسـيلة تمكنـك مـن طاعـة الله ، وذلـك بإنفاقـه فـي طاعـة ونصـرة ديـن الله ..... .
حـب الأولاد لله ، حـب الزوجـات لله ، كـل سعـي يكـون فـي سـبيل الله .
ومحبـة الله تتبعهـا محبـة كلامـه ، وهـو " القـرآن الكريـم " ، فتقـرؤه قـراءة الملهـوف علـى كـل مـا فيـه ، مـع الحـرص علـى تدبـره وفهمـه وتنفيـذه .

· معنـى الشـهادتين :
" أشـهد أن لا إله إلا الله " ( كلمـة التوحيـد ) .
أي : لا معبـود حـق إلا الله .
" أشهـد أن محمـدًا رسـول الله " .
أي : تجريـد المتابعـة لـه صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-27-2021, 01:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

مـن لـــوازم التوحيـــد

" الـــولاء والبـــراء "
مـن لـوازم التوحيـد أن توالـي أهلـه الموحديـن وتتبـرأ مـن أعدائـه المشـركين ، قـال تعالـى :
"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"سورة المائدة / آية : 55 ، 56 .

· الـــولاء :
المعنـى اصطلاحـًا :
القـرب مـن المسلميـن بمودتهـم وإعانتهـم ومناصرتهـم علـى أعدائهـم ، والسـكنى معهـم .
والمـوالاة ضـد المعـاداة .
· البـــراء :
المعنـى اصطلاحـًا :
البعـد والخـلاص والعـداوة بعـد الإعـذار والإنـذار ، والمـراد هنـا قطـع الصلـة القلبيـة مع الكفـار ، فـلا يحبهـم ولا يناصرهـم ولا يقيـم فـي ديارهـم .
* الـولاء والبـراء تابعـان للحـب والبغـض ، فـإن أوثـق عُـرَى الإيمـان الحـب فـي الله والبغـض فـي الله ، وبهمـا تنـال ولايـة الله ، وهمـا مـن أهـم لـوازم التوحيـد .
ولـن تقـوم للأمـة الإسـلامية قائمـة ، إلا بالرجـوع إلـى الله والحـب فيه والبغـض فيـه ، والـولاء لـه ولأوليائـه ، والبـراء ممـن أمرنـا بالبـراء منه ، وعندئـذ يفـرح المؤمنـون بنصـر الله .
* ولمـا كـان الـولاء والبـراء مبنييـن علـى قاعـدة الحـب والبغـض ، فـإن النـاس عنـد أهـل السـنة والجماعـة ـ بحسـب الحـب والبغـض فـي الله والـولاء والبـراء ـ ثلاثـة أصنـاف :
الصنــف الأول : مَـنْ يُحَــبُّ جُمْلَــة :
وهـو مـن آمـن بالله ورسـولهِ ، وقـام بوظائـف الإسـلام ومبانيـه العظـام علمـًا وعمـلاً واعتقـادًا ، وأخلـص أعمالـه وأفعالـه وأقوالـه لله ، وانقـاد لأوامـره ، وانتهـى عمـا نهـى الله عنـه ورسـوله ، وأحـب فـي الله ، ووالـى فـي الله ، وأبغـض فـي الله ، وعـادى فـي الله ، وقـدم قـول رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى قـول كـل أحـد كائنـًا مـن كـان .
الصنــف الثانـي : مـن يُحَـب مـن وجـه ويُبغـض مـن وجـه :
وهـو المسـلم الـذي خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ، فيُحَـبُّ ويوالَـى علـى قـدر مـا معـه مـن الخيـر ، و يُبغَـض و يعـادَى علـى قـدر مـا معـه مـن الشـر .
فهـذا عبـد الله بـن حِمـار ، وهـو رجـل مـن أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يشـرب الخمـر ، فأُتِـيَ بـه إلـى رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فأمـر الرســول ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ بضربـه بالنعـال والجريـد ، فلعنـه رجـل وقـال : مـا أكثـر مـا يؤتـى بـه ..... .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لا تلعنـه فإنـه يحـب الله ورسـوله " .
صحيح البخاري / كتاب : الحدود / باب : ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة .
فالرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رغـم أنه لعـن شـارب الخمـر وبائعهـا وعاصرهـا ومعتصرهـا وحاملهـا ، إلا أنـه نهـى عـن لعـن هـذا الرجـل لأنـه يحـب مـن وجـه ويبغـض مـن وجـه .
يحـب مـن وجـه : إنـه يحـب الله ورسـوله .
ويبغـض مـن وجـه : كونـه شـارب خمـر .
الصنــف الثالـث : مـن يُبغـض جملــة :
وهـو مـن كفـر بالله وملائكتـه وكتبـه ورسـله واليـوم الآخـر ، ولـم يؤمـن بالقـدر خيـره وشـره ، أو تـرك أحـد أركـان الإسـلام عمـدًا .
فأهـل السـنة والجماعـة يوالـون المؤمـن المسـتقيم علـى دينـه ولاءً كامـلاً ، ويحبونـه وينصرونـه نصـرة كاملـة ، ويتبـرءون مـن الكفـرة والملحديـن ، ويعادونهـم عـداوةً وبغضًـا كامليـن .
أمـا مـن خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ( وهـم العصـاة أصحـاب الكبائـر ) فيوالونـه بحسـب مـا
عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا هـو عليـه مـن الشـر .
الـولاء والبـراء القلبـي :الولاء والبراء ص : 139.
مـن عقيـدة أهـل السـنة والجماعـة ، أن الـولاء القلبـي وكذلـك العـداوة ـ القلبيـة ـ يجـب أن تكـون كاملـة .
يقـول شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة :
فأمـا حـب القلـب وبغضـه ، وإرادتـه وكراهتـه ، فينبغـي أن تكـون كاملـة جازمـة ، لا توجـب نقـص ذلـك إلا بنقـص الإيمـان ، وأمـا فعـل البـدن فهـو بحسـب قدرتـه ، ومتـى كانـت إرادة القلـب وكراهتـه كاملـة تامـة وفعـل العبـد معهـا بحسـب قدرتـه فإنـه يعطـى ثـواب الفاعـل الكامـل .
ذلـك أن مـن النـاس مـن يكـون حبـه وبغضـه وإرادتـه وكراهتـه بحسـب محبـة نفسـه وبغضهـا ، لا بحسـب محبـة الله ورسـوله ، وبغـض الله ورسـوله .
وهـذا نـوع مـن أنـواع الهـوى ، فـإن اتبعـه الإنسـان فقـد اتبـع هـواه ... قـال تعالـى :
"وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".سورة القصص / آية : 50 .
المداهنــة وعلاقتهـا بالـولاء والبــراء :في بيان العقيدة ص : 111 .
المداهنـة : هـي المصانعـة والمسـالمة وتـرك مـا يجـب مـن الغيـرة والأمـر بالمعـروف والنهـي عـن المنكـر ، والتغافـل عـن ذلـك لغـرض دنيـوي وهـوى نفسـاني ، فالاسـتئناس بأهـل المعاصـي ومعاشـرتهم وهـم علـى معاصيهـم ، وتـرك الإنكـار عليهـم مـع القـدرة عليـه هـو المداهنـة .
وعلاقـة المداهنـة بالـولاء والبـراء تظهـر مـن معناهـا وتعريفهـا الـذي ذكرنـاه وهـو تـرك الإنكـار علـى العصـاة مـع القـدرة عليـه ، ومسـالمتهم ومصانعتهـم ، وهـذا فيـه تـرك للمـوالاة فـي الله ، والمعـاداة فيـه وتشـجيع للعصـاة والمفسـدين .
ويصبـح المداهـن داخـلاً فـي قولـه تعالـى "
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ"
.سورة المائدة / آية : 78ـ 80 .
المـداراة وأثرهـا علـى الـولاء والبــراء :
المـداراة : هـي درء المفسـدة والشـر بالقـول الليـن وتـرك الغلظـة ، أو الإعراض عـن صاحـب الشـر إذا خيـف شـره أو حصـل منـه أكبـر ممـا هـو ملابـس لـه .
وفـي الحديـث : عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
اسـتأذن رجـل علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنـا عنـده ، فقـال : " بئـس أخـو العشـيرة " .

ثـم أََذِِِن لـه ، فلمـا دخـل ألان لـه القـول (1) ، فلمـا خـرج قلـت : يـا رسـول الله ! قلـتَ مـا قلـتَ ثـم ألنـتَ لـه القـولَ .
فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " يـا عائشـة إن مـن شـر النـاس مـن تركـه النـاسُ أو وَدَعَـه النـاسُ اتقـاء فُحشـه " .
الشمائل للترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 184 / حديث رقم : 301 .

الحديث صحيح / أخرجه البخاري .
( 1 )ألان لـه القـول : " وذلـك لتألفـه لِيُسـلِمَ قومُـهُ لأنـه كـان رئيسـهم ومطاعًـا فيهـم ، كمـا هـو شـأن الجفـاة ، لأنـه لـو لـم يُلِـنْ لـه القـول لأفسـد حـال عشـيرته ، وزيـن لهـم العصيـان لأنهـم لا يعصـون لـه أمـرًا " . حاشية الشمائل / ص : 184 .
ومـن رسـالة بيـان العقيـدة ، تعليقًـا علـى هـذا الحديـث :
فالنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ دارى هـذا الرجــل لمَّـا دخـل عليـه مـع مـا فيـه مـن الشـر لأجـل
المصلحـة الدينيـة ، فــدل علـى أن المــداراة لا تتنافــى مـع الـولاء والبـراء إذا كـان فيهـا
مصلحـة راجحـة مـن كـف الشـر والتأليـف ، أو تقليـل الشـر .
ومـن ذلـك مـداراة النبـي للمنافقيـن خشـية شـرهم وتأليفـًا لهـم ولغيرهـم .
*نمـوذج للـولاء والبـــراء :
موقـف عبـد الله بـن عبـد الله بـن أُبـي بـن سـلول مـن أبيـه المنافـق :
عـن جابـر بـن عبـد الله قـال : كنـا فـي غـزاة قـال سـفيان :
ـ يـرون أنهـا غـزوة بنـي المصطلـق ـ فكسـع رجـلٌ مـن المهاجريـن رجـلاً مـن الأنصـار ، فقـال المهاجـري : يـا للمهاجريـن . وقـال الأنصـاري : يـا للأنصـار .
فسمـع ذلـك النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا بـالُ دعـوى الجاهليـة ؟
قالـوا : رجـل مـن المهاجريـن كسـع رجـلاً مـن الأنصـار .
فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " دعوهـا فإنهـا منتنـة " .
فسـمع ذلـك عبـد الله بـن أُبـيّ بـن أبـي سـلول ، فقـال : أوَقَـد فعلوهـا ؟ والله لئِـن رجعنـا إلـى المدينـة ليخرجـن الأعـز منهـا الأذل .
فقـال عمـر : يـا رسـول اللـه دعنـي أضـرب عنـق هـذا المنافـق .
فقـال النبـي صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :

" دعـه لا يحـدث النـاس أن محمـدًا يقتـلُ أصحابَـهُ " .
وقـال غيـر عمـر ، فقـال لـه ابنُـه عبـدُ الله بـن عبـد الله :
والله لا تنقلـب حتـى تُقِــرَّ أنـك الذليــل ، ورســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ العزيـز ، ففعـل .
صحيح سنن الترمذي / ج : 3 / حديث رقم : 2641.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-27-2021, 01:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

أنـــواع التوحيـــد

==============
سـبق أن تعرضنـا لأنـواع التوحيـد إجمـالاً ، وسـنتعرض لهـا هنـا بشـيء مـن التفصيـل .
أنـواع التوحيـد تدخـل كلهـا فـي تعريـف عـام وهـو :
إفـراد الله سـبحانه وتعالـى بمـا يختـص بـه .
هنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام وهـي :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .

ومـن كتـاب : فتـاوى العقيـدة للشـيخ العثيميـن : ص : 6.
قـال : والعلمـاء ـ علمـوا ذلـك التقسـيم ـ بالتتبـع والاسـتقراء والنظـر فـي الآيـات والأحاديـث فوجـدوا أن التوحيـد لا يخـرج عـن هـذه الأنـواع الثلاثـة . ا . هـ .
وهـذا التقسـيم إنمـا هـو للتفهيـم والبيـان ، وإلا فاللـه لايقبـل التوحيـد مـن إنسـان أخـل بأحـد أنواعـه .

أولاً : توحيــد الربوبيــة
هـو الإيمـان بأن الـرب هـو الخالـق ، الـرازق ، المحيـي ، المميـت ، مُنَـزِّل الكتـب ، مرسـل الرسـل ، المجـازي فـي الدنيـا والآخـرة ، وإفـراده سـبحانه بكـل هـذا .
ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :

1 ـ قــدر كونــي :

قـال تعالـى "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " . سورة القمر / آية : 49 .

وقـال تعالـى" إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "سورة النحل / آية : 40 .
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .

2ـ قـدر تشـريعي :

وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ العلـم : قـال تعالـى " ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي" .سورة يوسف / آية : 37 .
وقـال تعالـى "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " .سورة طه / آية : 114 .
ـ الرسـالات : قـال تعالـى "لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ" . سورة الجن / آية : 28 .
ـ الكتـب : قـال تعالـى" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ " سورة الرعد / آية : 1 .
ـ الوحـي : قـال تعالـى "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ " .سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ التحليـل والتحريـم :
قـال تعالـى "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " .سورة الأنعام / آية : 151 .

باختصـار القـدر التشـريعي يشـمل : افعـل ولا تفعـل .

3 ـ القــدر الجزائــي :
==============
فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب .
مـن أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ " .سورة الفيل / آية : 1 .
وقولـه تعالـى "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ" .سورة الفجر / آية : 6 .

ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى "إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى " .سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا " .
سورة الكهف / آية : 29 .
وقولـه "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " .سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
فتوحيـد الربوبيـة : كـل مـا نـزل مـن الـرب إلـى العبـاد مـن رزق ، وإحيـاء ( كوني ) ، رسـالات ( تشـريعي ) .
ونتيجـة تعاملـك مـع قـدر الله الكونـي والتشـريعي ، يكـون قـدر الله الجزائـي .
فالمعاصـي جزاؤهـا الابتـلاءات والمصائـب فـي الدنيـا ، وشـدة سـكرات المـوت ، وعـذاب القبـر ، وشـدة المـرور علـى الصـراط ، وعـذاب النـار ... .
وفـي المقابـل مـن عمـل صالحـًا لا يضيـع أجـره ، ولـه جـزاء ذلـك .
مـع ملاحظـة أن الابتـلاءات فـي الدنيـا قـد تكـون لتكفيـر الذنـوب ، أو لرفـع الدرجـات والتمحيـص ، وليسـت دائمـًا عقابـًا .
فقـد لا ينـال المؤمـن منزلـة عاليـة فـي الآخـرة بعملـه ، فتكـون هـذه الابتـلاءات والصبـر عليهـا سـبب لرفـع درجاتـه .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-27-2021, 01:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

ثانيًــا : توحيــد الألوهيــة

==================
وهـو إفـراد الله تعالـى بالعبـادة ، فكـل مـا هـو مـن العبـاد إلـى الله هـو ألوهيـة .
وهـذا النـوع مـن التوحيـد هـو موضـوع دعـوة الرسـل مـن أولهـم إلـى آخرهـم .
قـال تعالـى"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " .سورة النحل / آية : 36.
وكـل رسـول يبـدأ دعوتـه بتوحيـد الألوهيـة ، كمـا قـال نـوح وهـود وصالـح وشـعيب عليهـم السـلام " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " .
سورة الأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 .
وهـذا النـوع مـن التوحيـد يسـمى توحيـد ألوهيـة باعتبـار إضافتـه إلـى الله .
ويسـمى توحيـد عبـادة باعتبـار إضافتـه إلـى العابـد .

ومـن كتـاب عقيـدة المؤمـن : ص : 78.
قـال : إن توحيـد الألوهيـة جـزء هـام مـن عقيـدة المؤمـن ، إذ هـو ثمـرة توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات ، وجَنـاه الطيـب .
وبدونـه يفقـد توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات معنـاه ، وتنعـدم فائدتـه .


* * * * *
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-27-2021, 01:13 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

ثالثًــا : توحيــد الأســماء والصفـات
وهـو الإيمـان بمـا وصـف الله تعالـى بـه نفسـه فـي كتابـه ووصفـه بـه رسـوله ـ صلى الله عليه وعلىآله وسلم ـ مـن الأسـماء الحسنـى والصفـات العلـى ، لفظـًا ومعنـىً .
واعتقـاد أن هـذه الأسـماء والصفـات علـى الحقيقـة لا علـى المجـاز ، وأن لهـا معـانٍ حقيقيـة تليـق بجـلال الله وعظمتـه .
أي : نثبـت لله مـا أثبتـه لنفسـه مـن أسـماء وصفـات ، ونؤمـن بمعناهـا ، وأن لهـا كيـف .لكـنْ نفـوض هـذا الكيـف لله لعجزنـا وجهلنـا بهـذا الكيـف .
لقولـه تعالـى : { ... لَيْـسَ كَمِثْلِـهِ شَـيْءٌ وَهُـوَ السَّـمِيعُ البَصِيـرُ } .
سورة الشورى / آية : 11.
فقـد أثبـت سـبحانه صفتـي السـمع والبصـر ، ونفـى المِثليـة .

=================
·أركــان الإيمــان بالاســم :
=====================
1 ـ الإيمـان بالاسـم .
2ـ الإيمـان بمـا دل عليـه الاسـم مـن معنـى ( أي : الصفـة المشـتقة منـه ) .
3ـ الإيمـان بالحكـم والأثـر المرَتـب علـى الاسـم إن دل علـى وصـفٍ متعـدٍّ .
مثـال :
" الرحيـم " : اسـم يـدل علـى وصـف متعـد للغيـر . ( يرحـم الله عبـاده ) .
أركـان الإيمـان باسـم الرحيـم :
1 ـ الإيمـان بـأن ( الرحيـم ) اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى .
2 ـ الإيمـان بالمعنـى الـذي دل عليـه الاسـم .
أي : الصفـة المشـتقة منـه ، وهـي صفـة " الرحمـة " . ( ذو رحمـة ) .
3 ـ الإيمـان بمـا يتعلـق بهـذا الاسـم مـن أثـر وحكـم . ( وهـو أنـه يرحـم مـن يشـاء ) .

" الحـــي " : اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى يـدل علـى وصـف غيـر متعـد .
أركـان الإيمـان باسـم الحـي :
1ـ الإيمـان بأن " الحـي " اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى .
2ـ الإيمـان بأن اللـه يتصـف بالصفـة المشـتقة منـه وهـي " الحيــاة " .
================
· أســماء الله غيـر محصــورة بعـدد معيــن :
==============================
والدليـل علـى ذلـك : قولـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" اللهـم إنـي عبـدُك وابـن أمتـك " ... إلـى أن قـال : " أسـألك بكـل اسـم هـو لـك سـميتَ بـه نفسـك ، أو أنزلتَـهُ فـي كتابـك ، أو علمتـه أحـدًا مـن خلقـك أو اسـتأثرت بـه فـي علـم الغيـب عنـدك ..... " .
صحيح . جزء من حديث ابن مسعود . رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة / رقم : 199 .
والشـاهد : قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ومـا اسـتأثرت بـه فـي علـم الغيـب عنـدك " .
ومـا اسـتأثر الله بـه فـي علـم الغيـب لا يمكـن أن يعلـم بـه ، ومـا ليـس معلـومـًا ليـس محصـورًا .
وأمـا قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " إن لله تسـعةً وتسـعين اسـمًا ، مـن أحصاهـا دخـل الجنـة " .رواه البخاري / كتاب : الدعوات .
فليـس معنـاه أنـه ليـس لـه إلا هـذه الأسـماء ، لكـن معنـاه أن مـن أحصـى مـن أسـمائه تسـعة وتسـعين اسـمًا فإنـه يدخـل الجنـة .
" وقـد نقـل شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة ـ رحمـه الله ـ : اتفـاق أهـل المعرفـة فـي الحديـث على أن عدَّهـا وسَـرْدَهـا لا يصـح عـن النبـيصلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " .ا . هـ .
فحديـث الترمـذي " ضعيـف " ، ولا يحـوي جميـع أسـماء الله الحسـنى ، فليـس فيـه اسـم
" الــرب " ، " الوتــر " ، " الجميــل " ، " الطيــب " ، " الســبوح " ، ..... .
==================
· المــراد مـن إحصــاء الأســماء الحسـنى :
=================
هنـاك مراتـب للإحصـاء :
المرتبـة الأولـى : إحصـاء ألفاظهـا وعددهـا المحـدد فـي الحديـث ( 99 اسـمًا ) .
المرتبـة الثانيـة : فهـم معانيهـا ومدلولهـا .
المرتبـة الثالثـة : دعـاء الله بهـا .
كمـا قـال تعالـى : { وَلِلّهِ الأَسْـمَاء الْحُسْـنَى فَادْعُـوهُ بِهَـا … } . سورة الأعراف / آية : 180.

=============
· أنــواع الدعــاء بأســماء الله :
========================
1 ـ دعـاء ثنـاء .
2 ـ دعـاء عبـادة .
3 ـ دعـاء طلـب ومسـألة .

* دعــاء ثنــاء :
وهـو أن يثنـي علـى الله بأسـمائه الحسـنى وصفـاته العُلـى .
مثـال : يـا حـي يـا قيـوم ( دعـاء ثنـاء ) ، برحمتـك استغيـث .

* دعــاء العبــادة :
وهـو أن تتعـرض فـي عبادتـك لمـا تقتضيـه هـذه الأسـماء ، فمقتضـى " الرحيـم " : الرحمـة ، فترحـم عبـاد الله ، وتتصـف بصـفة الرحمـة ، دعـاء عبـادة باسـمه الرحيـم .
وتقـوم بالتوبـة لأنـه هـو " التـواب " ، وتخشـاه فـي السـر والعلـن لأنـه هـو " اللطيـف الخبيـر " .
مـع ملاحظـة أن من أسـماء الله أسـماء تقتضـي مـن العبـد مجـرد الإقـرار بهـا والخضـوع لهـا ، وهـي الأسـماء التـي يختـص بهـا سـبحانـه لنفسـه " كالجبـار " ، و" العظيــم " ، و
" المتكبــر " .
* دعـاء الطلـب والمسـألة :
وفيـه يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم ـ مـن أسـماء الله الحسـنى ـ يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب .
فيقـول فـي مقـام الحاجـة مثـلاً : يا " معطـي يـا مانـع " ، اعطنـي كيـت وكيـت .
ويقـول فـي مقـام الرحمـة : " يا رحمـن " ارحمنـي .
وفـي مقـام التوبـة : " يا تـواب " تـب علـي .
إذًا لابـد أن يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب ، ولكـن يسـتثنى مـن ذلـك لفظـا " الله " و " رب " فيصـح قـول : يـا رب ارحمنـي ، يـا ألله اغفـر لـي ...

================
· الإخبـــار عـن الله تعالــى :
====================
إن مـا يدخـل فـي بـاب الإخبـار عنـه تعالـى أوسـع ممـا يدخـل فـي بـاب أسـمائه وصفاتـه .
ـ فالأسـماء الحسـنى والصفـات العلـى : توقيفيـة ، لا مجـال للعقـل فيهـا ، فيجـب الوقـوف فيهـا علـى مـا جـاء بـه الكتـاب والسـنة .
ـ وكـل اسـم يشـتق منـه صفـة ، وليسـت كـل صفـة يشـتق منهـا اسـم .
فبـاب الصفـات أوسـع مـن بـاب الأسـماء .
مثـال للصفـات التـي لا تشـتق مـن الأسـماء : الضحـك ، النـزول ، الاسـتواء ، .....

الإخبــــار " :
يـراد بـه مـا يجـوز إطلاقـه علـى الله عـن طريـق الخبـر ، وذلـك بمعنـى مـن المعانـي لـم يـرد بلفظـه فـي الكتـاب والسـنة ، وإن كـان معنـاه مطلوبـًا إثباتـه شـرعًا لدلالتـه علـى معنـى حسـن ، أو معنـى ليـس فيـه شـائبة ذم ، قـد نفـاه عنـه بعـض المبتدعـة فيخبـر عنـه بـه للـرد عليهـم .
كـأن ينازعـك في قِدَمِـهِ ، أو وجـوب وجـوده ، فتقـول مخبـرًا عنـه بمـا يسـتحقه : إنـه قديـم ، وواجـب الوجـود .

معنــى واجــب الوجــود :
أي : لـم يسـبقـه عـدم ولا يلحقـه زوال .
أي : أزلـي أبـدي ... وهـذا فـي حـق الله .

معنـى ممكـن الوجـود :
أي : كـان بعـد أن لـم يكـن ..... وهـذا فـي حـق كـل مخلـوق .
مـن الأسـماء مـا لا يطلـق علـى الله عـز وجـل إلا مقترنـًا بمـا يقابلـه :
مثـل : " الظاهــر " ، " الباطـن " / " القابـض " ، " الباسـط " / " المقــدِّم " ، " المؤخِّــر " /
" الأول " ، " الآخـر " / ... ... .
فـلا يجـوز لأي اسـم مـن هـذه الأسـماء أن يُفـرد عـن مقابلـه ، لأن الكمـال فـي اقتـران كـل اسـم مـن هـذه الأسـماء بمـا يقابلـه .
فلـو قلـت : يـا " ظاهـر " ، يـا " قابـض " ، يـا " مقـدم " ، يـا " أول " ، ..... ، واقتصـرت علـى ذلـك ، لـم تكـن مثنيـًا عليـه سـبحانه ، ولا حامـدًا لـه حتـى تذكـر مقابلهـا .

=============
o فـائـــدة :
==========
ليـس معنـى تقسـيم التوحيـد إلـى أنـواع ثلاثـة ، ليـس معنـاه عـدم وجـود علاقـة بيـن هـذه الأنـواع وتـلازم ، ولكـن جميـع أنـواع التوحيـد متلازمـة ، فينافيهـا كلهـا مـا ينافـي نوعـًا منهـا :
فمـن أشـرك فـي نـوع منهـا فهـو مشـرك فـي بقيـة الأنـواع .

مثـال ذلـك : دعـاء غيـر الله وسـؤاله مـا لا يقـدر عليـه إلا الله :
ـ فدعـاؤه إيـاه ، عبـادة صرفهـا لغيـر الله من دون الله ، فهـذا شـرك فـي " الألوهيـة " .

ـ وسـؤاله إيـاه تلـك الحاجـة مـن جلـب خيـر أو دفـع شـر معتقـدًا أنـه قـادر علـى قضـاء ذلـك ؛
هـذا شـرك فـي " الربوبيـة " ، حيـث اعتقـد أنـه متصـرف مـع الله فـي ملكوتـه .

ـ ثـم إنـه لـم يدعـه هـذا الدعـاء مـن دون الله إلا مـع اعتقـاده أنـه يسـمعه علـى البعـد والقـرب فـي أي وقـت كـان ، وفـي أي مكـان ، وهـذا شـرك فـي " الأسـماء والصفـات " حيـث أثبـت لـه سـمعًا محيطـًا بجميـع المسـموعات لا يحجبـه قُـرب ولا بُعْـد فاسـتلزم هـذا الشـرك فـي " الألوهيـة " ، الشـرك فـي " الربوبيـة " و " الأسـماء والصفـات " .



* * * * *
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-27-2021, 01:14 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

" الإيمـــان وأركانــــه "

===============
سـبق أن بينـا أن عقيـدة التوحيـد هـي ثمـرة الإيمـان .
وبينـا أنـواع التوحيـد التـي تمثـل " الإيمـان بالله " الـذي هـو الركـن الأول مـن أركـان الإيمـان السـتـة .
أركــان الإيمــان :
1ـ الإيمـان بالله .
2 ـ الإيمـان بالملائكـة .
3ـ الإيمـان بالكتـب .
4 ـ الإيمـان بالرسـل .
5ـ الإيمـان باليـوم الآخـر .
6 ـ الإيمـان بالقـدر خيـره وشـره .
وهـذه الأركـان السـت مجموعـة فـي حديـث جبريـل عليـه السـلام ، حيـن جـاء إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي صـورة أعرابـي يسـأله عـن الإسـلام ، والإيمـان ، والإحسـان قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم عـن الإيمـان :
" أن تؤمـنَ بالله ، وملائكتـه ، وكتبـه ، ورسـله ، واليـوم الآخـر ، وتؤمـن بالقـدر خيـره وشـره " .
رواه مسلم عن عمر بن الخطاب / ج : 1 . ورواه البخاري نحوه عن أبي هريرة / الفتح / ج : 1.


* * * * *
شـــرح أركـــان الإيمـــان

====================

أولاً : الإيمـــان بالله

===========
الإيمـان بالله عـز وجـل معنـاه :
===================
الاعتقـاد الجـازم بأن الله رب كـل شـيء ومليكـه وخالقـه ، وأنـه الـذي يسـتحق وحـده أن يفـرد بالعبـادة ، وأنـه المتصـف بصفـات الكمـال كلهـا ، المنـزه عـن كـل نقـص .
فالإيمـان بالله سـبحانه يتضمـن توحيـده فـي ثلاثـة : فـي ربوبيتـه ، وفـي ألوهيتـه ، وفـي أسـمائه وصفاتـه .
فهـذه ثلاثـة أنـواع مـن التوحيـد تدخـل فـي معنـى الإيمـان بالله عـز وجـل وسبـق تفصيـل الكـلام فـي كـل نـوع .


* * * * *
ثانيًــا : الإيمـــان بالملائكــة
====================
إن الإيمـان بالغيـب أصـل عظيـم مـن أصـول الإيمـان ، وأهـم صفـات عبـاد الرحمـن .
قـال تعالـى :

{ ذَلِـكَ الْكِتَـابُ لاَ رَيْـبَ فِيـهِ هُـدًى لِّلْمُتَّقِيـنَ * الَّذِيـنَ يُؤْمِنُـونَ بِالْغَيْـبِ ... }.سورة البقرة / آية : 2، 3.
والغيـب لا يعلمـه إلا الله . قـال تعالـى :

" وَلِلّهِ غَيْـبُ السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... ".سورة هود / آية : 123.
والغيـب مـا غـاب عنـا ولا نعلـم عنـه شـيئًا إلا مـا أطلـع الله عليـه بعـض خلقـه .

قـال تعالـى "عَالِـمُ الْغَيْـبِ فَـلاَ يُظْهِـرُ عَلَـى غَيْبِـهِ أَحَـدًا * إِلاَّ مَـنِ ارْتَضَـى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْـلُكُ مِـن بَيْـنِ يَدَيْـهِ وَمِـنْ خَلْفِـهِ رَصَـدًا " .
سورة الجن / آية : 26 ، 27 .
ومـن هـذا الغيـب الـذي أمرنـا الله بالإيمـان بـه ، الإيمـان بالملائكـة . قـال الله تعالـى :

{ ... وَلَكِـنَّ الْبِـرَّ مَـنْ آمَـنَ بِاللهِ وَالْيَـوْمِ الآخِـرِ وَالْمَلآئِكَـةِ ... } .سورة البقرة / آية : 177 .

وهـو أحـد أركـان الإيمـان المذكـورة فـي حديـث جبـريـل ـ عليه السلام ـ .

· وهـم خلـق خلقهـم الله عـز وجـل قبـل خلـق الإنسـان بزمـن لا يعلـم مقـداره إلا الله .
قـال تعالـى :
{ وَإِذْ قَـالَ رَبُّـكَ لِلْمَلاَئِكَـةِ إِنِّـي جَاعِـلٌ فِـي الأَرْضِ خَلِيفَـةً ... } . سورة البقرة / آية : 30.
فخاطبهـم قبـل خلـق الإنسـان فـدل هـذا علـى وجودهـم قبلـه .

· وهـم خلـق لطيـف خلقهـم الله مـن نـور .
( كما صح ذلك عند مسلم / كتاب الزهد / باب أحاديث متفرقة / حديث : 2996 ) .

* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" خلقـت الملائكـة من نـوروخُلـق الجـان من مـارج من نـار وخلـق آدم مما وصـف لكـم " .
· وهـم خلـق جميـل الخلقـة .


قـال تعالـى : { ... فَلَمَّـا رَأَيْنَـهُ أَكْبَرْنَـهُ وَقَطَّعْـنَ أَيْدِيَهُـنَّ وَقُلْـنَ حَـاشَ للهِ مَـا هَـذَا بَشَـراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَـكٌ كَرِيـمٌ } .سورة يوسف / آية : 31 .

وروى أحمد ـ رحمه الله ـ بسند صحيح -صححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ :
* عـن جريـر بـن عبـد الله البجلـي ـ رضي الله عنه ـ قـال :

" لمـا دنـوت مـن المدينـة أنخـتُ راحلتـي ثـم حللـتُ عيبتـي ثـم لبسـتُ حلتـي ثـم دخلـتُ ، فـإذا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يخطـب ، فرمانـي النـاس بالحـدق .
فقلـت لجليـس : يـا عبـد الله ذَكَرَنِـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال : نعـم ذكـرك آنفـًا بأحسـن ذكـر .

فبينمـا هـو يخطـب إذ عـرض لـه فـي خطبتـه وقـال : " يدخـل عليكـم مـن هــذا البـاب أو مـن هـذا الفـج مـن خيـر ذي يمـن إلا إن علـى وجهـه مسـحة ملـك " .

قـال جريـر : فحمـدت الله عـز وجـل علـى مـا أبلانـي " .

هـذا وقـد قـال ربنـا عـز وجـل عـن جبريـل ـ عليه السلام ـ { ذُو مِـرَّةٍ فَاسْـتَوَى } .
سورة النجم / آية : 6.

نقـل ابـن كثيـر عـن ابـن عبـاس قـال : ذو منظـر حسـن .

· وأعـداد الملائكـة كثيـرة لا يعلمهـا إلا الله .
* عـن مالـك بـن صعصعـة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعـًا ـ فـي حديـث المعـراج ـ :
" فرفـع لـي البيـت المعمـور ، فسـألت جبريـل فقـال : هـذا البيـت المعمـور ، يصلـي فيـه كـل يـوم سـبعون ألـف ملـك إذا خرجـوا لـم يعـودوا إليـه آخـر مـا عليهـم " .
وهو في الصحيحين .

وثبـت فـي " صحيـح مسـلم " مـن حديـث ابـن مسـعود مرفوعـًا :
" يؤتـى بجهنـم يومئـذ لهـا سـبعون ألـف زمـام مـع كـل زمـام سـبعون ألـف ملـك يجرونهـا " .

وغيـر ذلـك مـن الأدلـة التـي تـدل علـى كثـرة الملائكـة .

· الملائكـة يسـكنون السـماء ولا ينزلـون إلا بـإذن الله .
قـال تعالـي : { وَمَـا نَتَنَـزَّلُ إِلاَّ بِأَمْـرِ رَبِّـكَ ... } .سورة مريم / آية : 64.

وقـال تعالـى : { إِنَّ الَّذِيـنَ قَالُـوا رَبُّنَـا اللهُ ثُـمَّ اسْـتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِـمُ الْمَلاَئِكَـةُ أَلاَّ تَخَافُـوا وَلاَ تَحْزَنُـوا ...} .سورة فصلت / آية : 30.

· الملائكـة تتجلـى ويراهـا بعـض البشـر :
مـع كـون الملائكـة خلقـًا مغيَّبـًا ، فقـد ثبـت فـي غيـر مـا حديـث أن بعـض الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ رأوا بعـض الملائكـة حـال تمثلهـم فـي صـورة بشـرية .


ـ مـن هـذه الأحاديـث ، حديـث عمـر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ قـال :
بينمـا نحـن عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ذات يـوم إذ طلـع علينـا رجـل شـديد بيـاض الثيـاب ، شـديد سـواد الشـعر ، لا يُـرى عليـه أثـر السـفر ، ولا يعرفـهمنـا أحـد ..... الحديـث ..... وفـي آخـره قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" فإنـه جبريـل أتاكـم يعلمكـم دينكـم " . رواه مسلم .

ـ وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
كنـت مـع أبـي عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده رجـل يناجيـه ، فكـان كالمُعْـرِض عـن أبـي ، فخرجنـا مـن عنـده ، فقـال لـي أبـي : أي بنـي ألـم تـر إلـى ابـن عمـك ـ ( أي الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ) ـ كالمعـرض عنـي ؟ !
فقلـت : يـا أبـت إنـه كـان عنـده رجـل يناجيـه .

فرجعنـا إلـى النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،

فقـال أبـي : يـا رسـول الله ، قلـتُ لعبـد الله كـذا وكـذا ، فأخبرنـي أنـه كـان عنـدك رجـل يناجيـك فهـل عنـدك أحـد ؟ !
فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " وهـل رأيته يـا عبـد الله " ؟ قـال : قلـت : نعـم
قـال : " فـإن ذلـك جبريـل وهـو الـذي شـغلني عنـك " .
رواه أحمد ـ رحمه الله ـ وهو صحيح .
صححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين / ج : 1 / ص : 341.
ـ وحديـث أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ عنـد البخـاري ومسـلم :

" أتـى جبريـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده أم سـلمة ، فجعـل يتحـدث .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لأم سـلمة : " مـن هـذا " ؟ قالـت : هـذا دحيـة . فلمـا قـام قالـت : والله مـا حسـبته إلا إيـاه حتـى سـمعتُ خطبـة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ يخبـر خبـر جبريـل . أو كمـا قـال " .

تعليـق : دحيـة الكلبـي : هـو دحيـة بـن خليفـة الكلبـي .
كـان صحابيـًا مشـهورًا بالجمـال ، وكـان جبريـل ينـزل علـى صورتـه .

* * * *
فلابـد لصحـة إيمـان العبـد ، الإيمـان بالملائكـة :
والمقصـود بـه الاعتقـاد الجـازم بـأن لله ملائكــة موجوديـن مخلوقيـن مـن نــور وأنهـم لا يعصـون الله مـا أمرهـم ، وأنهـم قائمـون بوظائفهـم التـي أمرهـم الله بالقيـام بهـا . والـذي يسـتقصي الآيـات القرآنيـة الكريمـة ، والأحاديـث النبويـة الشـريفة ، التي تكلمـت عـن الملائكـة ، وأوصافهـم وأعمالهـم ، وأحوالهـم ، يلاحـظ أنهـا تناولـت فـي الغالـب ما يبيـن علاقتهـم بالخالـق سـبحانـه ، وبالكـون ، وبالإنسـان .
فعرَّفنـا سـبحانه مـن ذلـك علـى مـا ينفعنـا فـي تطهيـر عقيدتنـا .
وأمـا حقيقـة الملائكـة ، وكيـف خلقهـم ، وتفصيـلات أحوالهـم ، فقـد اسـتأثر سـبحانه بهـا .
وهـذه خصيصـة عامـة مـن خصائـص العقائـد الإسـلامية ، تناولـت الحقائـق الكونيـة ، والتعريـف بهـا فـي حـدود مـا يحتـاج إليـه البشـر ، ويصلـح أحوالهـم فـي المعـاش والمعـاد ومـا تطيقـه عقولهـم .
والمؤمـن الصـادق يقـر بكـل مـا أخبـر بـه الخالـق ، مجمـلاً أو مفصـلاً ، ولا يزيـد علـى ذلـك ، ولا ينقـص منـه ، ولا يتكلـف البحـث عمـا لـم يطلـع عليـه ، ولا يخـوض فيـه .

علاقـة الملائكـة بالخالـق :
علاقـة الملائكـة بالخالـق ، علاقـة العبوديـة الخالصـة ، والطاعـة والامتثـال ، والخضـوع المطلـق لأوامـره عـز وجـل .
قـال تعالـى " يَخَافُـونَ رَبَّهُـم مِّـن فَوْقِهِـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " . سورة النحل / آية : 50 .
وقـال تعالـى " لاَ يَعْصُـونَ اللهَ مَـا أَمَرَهُـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " .سورة التحريم / آية : 6 .
علاقـة الملائكـة بالكـون والإنسـان :
وإذا كانـت تلـك هـي صلتهـم بربهـم : عبوديـة كاملـة لـه سـبحانه ، وطاعـة تامـة لأوامـره عــز وجـل ، فـإن صلتهـم بالكـون والإنسـان هـي فـرع تلـك العبوديـة ، وتلـك الطاعـة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 10:32 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology