ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 02-02-2024, 06:27 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة الحادية والعشرون:

🔅 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119].

📌هذه قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل مع الخالق -ﷻ- والتعامل مع خلقه، هي قاعدة تمثل سفينةً من سفن النجاة، وركنًا من أركان الحياة الاجتماعية، وهي -لمن اهتدى بهديها- علامة خير، وبرهان على سموّ الهمة، ودليل على كمال العقل.

❗كثيرٌ من الناس حينما يسمع هذه القاعدة لا ينصرف ذهنه إلا للصدق في الأقوال، وهذا في الحقيقة تقصيرٌ في فهم هذه القاعدة، وإلا لو تأمَّل الإنسان سياقها لعلم أنها تشمل جميع الأقوال والأفعال والأحوال.

🍃إن للصدق آثارًا حميدة، وعوائد جليلة؛ وهو دليل على رجحان العقل، وحسن السيرة، ونقاء السريرة. وحسبنا هنا أن نشير إلى جملة من الآثار التي دلّ عليها القرآن للصدق وأهله في الدنيا والآخرة:

١- فالصادق سائر على درب الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- الذين أثنى الله عليهم بالصدق في الوعد والحديث.

٢- والصادق مُعانٌ ومنصورٌ، ويُسخّر الله له من يدافع عنه من حيث لا يتوقع، بل قد يكون المدافع خصمًا من خصومه، تأمل في قول امرأة العزيز: {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف:51].

٣-والصادق يسير في طريق يهدي إلى الجنة، ألم يقل النبي -ﷺ-: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقًا"؟ [الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6094 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ]،

٤- وأهل الصدق هم الناجون يوم العرض الأكبر على ربهم، كما قال تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة:119]

⚠ وبعد هذا؛ فإن من المحزن والمؤلم أن يرى المسلم الخرق الصارخ -في واقع المسلمين- لما دلّت عليه هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾!

‼فكم هم الذين يكذبون في حديثهم؟ وكم هم الذين يخلفون مواعيدهم؟ وكم هم أولئك الذين ينقضون عهودهم؟ أليس في المسلمين من يتعاطى الرشوة، ويخون بذلك ما اؤتمن عليه من أداء وظيفته؟ أليس في المسلمين من لا يبالي بتزوير العقود، والأوراق الرسمية؟ وغير ذلك من صور التزوير؟!

💬 ولله درُّ الإمامِ الأوزاعي حيث قال: "واللهِ لو نادى مُنادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت"!

❗فأين من هذا أولئك الذين استمرؤوا الكذب؟! بل وامتهنوه، ولم يكتفوا بهذا بل روّجوا شيئًا من عادات الكفار في الكذب، كما هو الحال فيما يسمى بكذبة إبريل! ويزعم بعضهم أن تلك كذبة بيضاء! وما علموا أن الكذب كله أسود! إلا ما استثناه الشرع المطهر.

🥀 ويُقال: لو لم يكن من خسارة يجنيها هؤلاء الذين يكذبون إلا أنهم يتخلفون بكذبهم هذا عن ركب المؤمنين الصادقين، الذين عناهم الله بهذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ لكفتهم رادعًا.

💡فما أحرانا -معشرَ الآباء والمربّين- أن نربي أجيالنا على هذا الخلق العظيم، وعلى كراهة الكذب، وأن نكون لهم قدوات حيّة يرونها بأعينهم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 02-02-2024 الساعة 06:33 AM
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 02-03-2024, 09:59 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

*القاعدة الثانية والعشرون*:

🔅 *{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}* [يوسف:90].

📌هذه قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل مع الخالق ﷻ والتعامل مع خلقه، هي قاعدة وملاذٌ لمن تُواجَه أعمالُهم بعدم التقدير.

❓فما هي التقوى؟! وما هو الصبر؟

▫️ما أكثر ما نحفظ تعريف التقوى، بل قد يحفظ بعضنا عدة تعاريف لها وللصبر، ويحفظ تقسيمات الصبر، ثم يفشل أحدنا في أول اختبار الصبر! أو يقع منه تقصير ظاهر في تطبيق هذه المعاني الشرعية كما ينبغي عند وجود المقتضي لها.

▫️ولستُ أعني بذلك العصمة من الذنب؛ وإنما أقصد أننا نخفق أحيانًا -إلا من رحم الله- في تحقيق التقوى أو الصبر إذا جد الجد، وجاء موجبهما.

💡كلنا يحفظ أن التقوى هي فعل أوامر الله، واجتناب نواهيه، وكلنا يدرك أن ذلك يحتاج إلى صبر ومصابرة، وحبس للنفس على مراد الله ورسوله، ولكن الشأن في النجاح في تطبيق هذين المعنيين العظيمين في أوانهما.

*🎯 من تطبيقات هذه القاعدة*:

إن لهذه القاعدة القرآنية الجليلة تطبيقاتٍ كثيرة في حياة المؤمن، ومن ذلك:

📍١ـ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -تعليقًا على هذه القاعدة في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام- فقال -رحمه الله-مبينًا اطّراد هذه القاعدة القرآنية-:

«وهكذا إذا أوذي المؤمن على إيمانه، وطُلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان -وإن لم يفعل أوذي وعوقب- اختار الأذى والعقوبة على فراق دينه: إما الحبس وإما الخروج من بلده، كما جرى للمهاجرين حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين، وكانوا يُعذَّبون ويُؤذَون».

⇐إلى أن قال: «فكان ما حصل للمؤمنين من الأذى والمصائب هو باختيارهم طاعة لله ورسوله لم يكن من المصائب السماوية التي تجري بدون اختيار العبد، وهذا أشرف النوعين، وأهلها أعظم بدرجة، وإن كان صاحب المصائب يثاب على صبره ورضاه، وتكفّر عنه الذنوب بمصائبه».

📍٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية: تربيةُ النفس على التقوى والصبر على ما يسمى بعشق الصور، الذي أفسد قلوب فئام من الناس، بسبب تعلق قلوبهم بتلك الصور، سواء كانت صورًا حية، أم ثابتة.

❗️ولقد عظمت الفتنة بهذه الصور في عصرنا هذا، الذي لم تعرف الدنيا عصرًا أعظم منه في انتشار الصورة، والاحتراف في تصويرها، والتفنن في تغيير ملامحها، وتَيسّر الوصول إلى الصور المحرمة منها وغير المحرمة، عن طريق الإنترنت، وغيرها من الوسائل.

💡فعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يتقي ربه، وأن يجاهد نفسه في البعد عن هذا المرتع الوخيم -أعني تقليب النظر في الصور المحرمة- وأن يوقن أن ما يقذفه الله في قلبه من الإيمان والنور والراحة والطمأنينة سيكون أضعاف ما يجده من لذة عابرة بتلك الصور!

🔻وليتذكر المبتلى بالعشق أنه إذا عفَّ عن المحرمات نظرًا وقولًا وعملًا، وكتم ذلك، فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلامٌ محرم -إما شكوى إلى المخلوق، وإما إظهار فاحشة، وإما نوعُ طلبٍ للمعشوق..- وصَبَرَ على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى ما في قلبه من ألم العشق، كما يصبر المصاب عن ألم المصيبة؛ فإن هذا يكون ممن اتقى الله وصبر، و ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

📍٣- ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية العظيمة: أن الإنسان قد يبتلى بحُسَّاد يحسدونه على ما آتاه الله من فضله، وقد يجد من آثار هذا الحسد ألوانًا من الأذى القولي أو الفعلي، كما وقع لأحد ابنَي آدم حين حسد أخاه؛ لأن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربان أخيه، وكما وقع ليوسف مع إخوته، وقد يقع هذا من المرأة مع ضرتها، أو من الزميل مع زميله في العمل.

فعلى من ابتلي بذلك أن يتذكر هذه القاعدة القرآنية: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 02-04-2024, 08:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثالثة والعشرون

🔅 *{وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}* [البقرة:189].

📌هذه القاعدة القرآنية جاءت ضمن سياق الحديث عن عادة من عادات أهل الجاهلية، الذين إذا أحرَمُوا لم يدخلوا البيوت من أبوابها، تعبُّدًا بذلك، وظنًّا أنه بر، فأخبر الله أنه ليس ببر؛ لأن الله تعالى لم يشرعه لهم، كما ثبت سبب هذا النزول في الصحيحين من حديث البراء -رضي الله عنه-.

🔅قال -تعالى-: *{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}* [البقرة:189].

*🎯 من تطبيقات هذه القاعدة*:

١- عبادة الله -تعالى-، ومن أراد أن يصل إلى الله، فعليه أن يسلك الطريق الموصل إليه -ﷻ-، ولا يكون ذلك إلا بواسطة الطريق الذي سنه رسول الله -ﷺ-.

💬 يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-:

«فالوصول إلى الله وإلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غيره هو عين الضلال، وكيف يوصل إلى الله مِن غير الطريق التي جعلها هو -سبحانه- موصلة إليه، ودالة لمن سلك فيها عليه! بعث رسوله بها مناديًا، وأقامه على أعلامها داعيًا، وإليها هاديًا، فالباب عن السالك في غيرها مسدود، وهو عن طريق هداه وسعادته مصدود، بل كلما ازداد كدحًا واجتهادًا: ازداد من الله طردًا وإبعادًا».

💬ويؤكد ذلك العلامة السعدي -في تعليقه على هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها- فيقول:

«وكل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله ولا رسوله، فهو متعبد ببدعة، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها لما فيه من السهولة عليهم، التي هي قاعدة من قواعد الشرع».٠

٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة، أنه يؤخذ من عمومها اللفظي والمعنوي أن كل مطلوب من المطالب المهمة ينبغي أن يؤتى من بابه، وهو أقرب طريق ووسيلة يتوصل بها إليه، وذلك يقتضي معرفة الأسباب والوسائل معرفة تامة؛ ليسلك الأحسن منها والأقرب والأسهل، والأقرب نجاحًا، لا فرق بين الأمور العلمية والعملية، ولا بين الأمور الدينية والدنيوية، ولا بين الأمور المتعدية والقاصرة، وهذا من الحكمة.

💡وكلما عظم المطلوب تأكَّد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل ٠وأقوم الطرق الموصلة إليه.

٣- ومن تطبيقات هذه القاعدة: إغلاقها لباب الحيل على الأحكام الشرعية؛ ذلك أن المتحايل على الشريعة لم يأتِ الأمر من بابه، فخالف بذلك ما دلت عليه هذه القاعدة المحكمة.

❗️فإذا تبين ذلك؛ فقارن: كم هم الذين وقعوا في هذا المرتع الوخيم ممن نصبوا أنفسهم للإفتاء في بعض المنابر الإعلامية، أو في بعض المواقع، وساعدهم على ذلك تراكض كثير من الناس في هذا الباب؟! وأدنى نظرة في الواقع، تبين أن الأمر جلل، والله المستعان.

وما أجمل ما قاله قيس بن الخطيم:

إذا ما أتيت العزّ من غير بابهِ
ضللتَ، وإن تقصد من الباب تهتدِ

٤- ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية في الحديث مع الناس؛ أن الآية ترشد إلى أن المؤمن عليه أن يسلك الطريقة المناسبة في الحديث، فيعرف الموضوع المناسب الذي يحسن طرقُه، والوقت الملائم، ويعرف طبيعة الشخص أو الناس الذين يتحدث إليهم، فإن لكل مقام مقالًا، ولكل مجال جدالًا، ولكل حادثة مقامًا، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.

🔆 والواجب علينا أن ننطلق في إصلاح مشاكلنا كلها مهما تنوعت من كتاب ربنا، وسنة نبينا ﷺ، وأن نعتقد ذلك يقينًا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ في كل شيء: في أمر العقائد، وأحكام الحلال والحرام، والقضايا الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، نسأل الله تعالى أن يعيننا على فهم كتابه، والاهتداء بهديه، والاستنارة بنوره.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 02-06-2024, 04:10 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

القاعدة الرابعة والعشرون:

🔅 {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69]

📌هذه القاعدة جاءت في ختام سورة العنكبوت، والتي افتتحت بقوله -تعالى-: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:1-3].

💡وكأن ختام سورة العنكبوت بهذه القاعدة القرآنية هو جواب عن التساؤل الذي قد يطرحه المؤمن -وهو يقرأ صدر سورة العنكبوت- في طريق الدعوة إلى الله تعالى،

❓وذلك السؤال هو: ما المخرج من تلك الفتن التي حدثتنا عنها أول سورة العنكبوت؟!

🔅فيأتي الجواب في آخر السورة، في هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾؛ فلا بد من الجهاد -بمعناه العام- ولا بدّ من الإخلاص، ⇦عندها تأتي الهداية، ويتحقق التوفيق بإذن الله.

🔆وإذا تبينت صلة هذه القاعدة القرآنية المذكورة في آخر سورة العنكبوت بأول السورة؛ فإن دلالات هذه القاعدة في ميدان الدعوة كبيرة ومتسعة جدًا، وهي تدل بوضوح على أن من رام الهداية والتوفيق -وهو يسير في طريق الدعوة- فليحقق ذينك الأصلين الكبيرين اللذين دلّت عليهما هذه القاعدة:

١- أما الأصل الأول: فهو بذل الجهد والمجاهدة في الوصول إلى الغرض الذي ينشده الإنسان في طريقه إلى الله تعالى.

٢- والأصل الثاني هو: الإخلاص لله.

🔅لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾؛ فليس جهادهم من أجل نصرة ذاتٍ، ولا جماعةٍ على حساب أخرى، وليس من أجل لعاعة من الدنيا، بل هو في ذات الله تعالي

📌وإذا تقرر أن السورة مكية؛ فإن ثمة معنًى كبيرًا تشير إليه هذه القاعدة:

⇦وهو أن من أبلغ صور الجهاد: الصبر على الفتن بنوعيها: فتن السراء وفتن الضراء، والتي أشارت أوائل سورة العنكبوت إلى شيءٍ منها.

💬 وهذه القاعدة القرآنية المحكمة دلت على شيءٍ آخر، كما يقول ابن القيم -رحمه الله-:

«وهو أنّ أكملَ الناس هدايةً أعظمُهم جهادًا، وأفرضُ الجهادِ جهادُ النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا،

💡فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد…

❗ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنًا، فمن نُصِرَ عليها نُصِرَ على عدوه، ومن نصرتْ عليه نُصِرَ عليه عدوُه».

📍ولأهل العلم نصيب من هذه القاعدة:

💬 يقول أحمد بن أبي الحواري: حدثني عباس بن أحمد -في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ -: الذين يعملون بما يعلمون، نهديهم إلى ما لا يعلمون.

🔅وهذا الذي ذكره هذا العالم الجليل هو معنى ما روي في الأثر: "من عمل بما علم، ورّثه الله علم ما لم يعلم"، وشاهدُ هذا في كتاب الله: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد:17].

وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يقول: «جهلنا بما علمنا لما تركنا العمل بما علمنا، ولو عملنا بما علمنا لفتح الله على قلوبنا غلق ما لا تهتدي إليه آمالنا».

🎯 وفي واقع المسلمين أحوال تحتاج إلى استشعار معنى هذه القاعدة القرآنية: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾:

▼فمن له والدان كبيران مريضان، بحاجة أن يستشعر هذه القاعدة.

▼ومن سلك طريق طلب العلم، فطال عليه بعض الشيء بحاجة أن يتأمل معاني هذه القاعدة.

▼ومن فرّغ جزءًا من وقته لتربية النشء والشباب، أو لتعليم أبناء وبنات المسلمين كتابَ الله ﷻ -وقد دبّ إليه الفتور- هو بحاجة ماسّة ليتدبر هذه القاعدة.

💡وبالجملة: فكلُّ مَن نصب نفسه لعمل صالح، سواء كان قاصرًا أم متعديًا، فعليه أن يتدبّر هذه القاعدة كثيرًا؛ فإنها بلسمٌ شافٍ في طريق السائرين إلى ربهم، ويوشك المؤمن أن ينسى كلَّ ما واجهه من تعب ونصب، إذا وضع قدمه على أول عتبة من عتبات الجنة، جعلني الله وإياكم -ووالدينا وذرياتنا- من أهلها، ومن الدعاة إلى دخولها.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 02-07-2024, 01:06 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الخامسة والعشرون*:

🔅 {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء:59].

هذه قاعدة من القواعد التي تتصل بفقه السنن الإلهية في الأمم والمجتمعات.

وقد تنوعت عبارات المفسرين في بيان المراد بهذه الآيات التي يرسلها ربنا تعالى، فمن قائل: هو الموت المتفشي الذي يكون بسبب وباء أو مرض، وقائلٍ: هي معجزات الرسل جعلها الله تعالى تخويفًا للمكذبين، وثالث يقول: آيات الانتقام تخويفًا من المعاصي.

📌والمهم هنا أن يتأمل المؤمن والمؤمنة كثيرًا في الحكمة من إرسال هذه الآيات ألا وهي: التخويف، أي: حتى يكون الإنسان خائفًا وجلًا من عقوبة قد تنزل به.

❗ومع وضوح هذا المعنى الذي دلت عليه هذه القاعدة القرآنية، ومع ظهوره، إلا أن من المؤسف جدًا أن يقرأ الإنسان أو يسمع بعض كُتَّاب الصحف، أو المتحدثين على بعض المنابر الإعلامية ممن يسخرون أو يهوّنون من هذه المعاني الشرعية الظاهرة! ويريدون أن يختصروا الأسباب -في وقوع الزلازل أو الفيضانات، أو الأعاصير ونحوها- في أسباب مادية محضة، وهذا غلط عظيم!

💡ونحن لا ننكر أن لزلزلة الأرض أسبابًا جيولوجية معروفة، وللفيضانات أسبابها، وللأعاصير أسبابها المادية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: مَن الذي أمر٤٤ق الأرض أن تتحرك وتضطرب؟ ومن الذي أذن للماء أن يزيد عن قدره المعتاد في بعض المناطق؟ ومن الذي أمر الرياح أن تتحرك بتلك السرعة العظيمة؟ أليس هو الله؟! أليس الذي أرسلها يريد من عباده أن يتضرعوا إليه، ويستكينوا له لعله يصرف عنهم هذه الآيات؟!

❓ولا أدري! ألم يتأمل هؤلاء دلالة هذه القاعدة من الناحية اللغوية؟ فإنها جاءت بأسلوب الحصر: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾

❓ثم ماذا يصنع هؤلاء الذين يهوّنون من شأن هذه الآيات بمثل تلك التفسيرات المادية الباردة، ماذا يصنعون بما رواه البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان النبي ﷺ إذا عصفت الريح، قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشرما فيها وشر ما أرسلت به" قالت: وإذا تخيلت السماء -وهي سحابة فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة- تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّي عنه، فعرفت ذلك في وجهه، قالت عائشة: فسألته؟ فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾".

⚠ وأما ما يورده بعض الناس من قولهم:
هناك بلاد أشد معصية من تلك البلاد التي أصابها ذلك الزلزال، ويوجد دول أشد فجورًا من تلك التي ضربها ذاك الإعصار، فهذه الإيرادات لا ينبغي أن تورد أصلًا؛

❗لأنها كالاعتراض على حكمة الله تعالى في أفعاله وقضائه وقدره، فإن ربنا يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، والله يقضي بالحق، وربنا لا يُسأل عما يفعل، وله ﷻ الحكمة البالغة، والعلم التام، ومن وراء الابتلاءات حكم وأسرار تعجز عقولنا عن الإحاطة بها، فضلًا عن إدراكها.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الاعتبار والادكار، والاتعاظ بما نوعظ به، ونعوذ بالله من قسوة القلب التي تحول دون الفهم عن الله وعن رسوله.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 02-07-2024, 08:48 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

القاعدة السادسة والعشرون:

🔅 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6]

📌هذه قاعدة قرآنية عظيمة الصلة بواقع الناس، وازدادت الحاجة إلى التنويه بها في هذا العصر الذي اتسعت فيه وسائل نقل الأخبار... فهي تأمر عموم المؤمنين حين يسمعون خبرًا أن يتحققوا بأمرين:

الأول: التثبت من صحة الخبر.

الثاني: التبيُّن من حقيقته.

💡وفي هذه القاعدة القرآنية دلالات أخرى منها:

١- أنّ خبر العدل مقبول غير مردود، اللهم إلا إن لاحت قرائن تدل على وهمه وعدم ضبطه فإنه يُرَدّ.

٢- أنه سبحانه لم يأمر بردِّ خبر الفاسق وتكذيبه ورد شهادته جملةً، وإنما أمر بالتبين، فإن قامت قرائن وأدلة من خارج تدل على صدقه عمل بدليل الصدق، ولو أخبر به من أخبر.

٣- ومنها: أنها تضمنت ذم التسرع في إذاعة الأخبار التي يُخشى من إذاعتها.

٤- أن في تعليل هذا الأدب بقوله:
﴿أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
ما يوحي بخطورة التعجل في تلقي الأخبار عن كل أحدٍ، خصوصًا إذا ترتب على تصديق الخبر طعنٌ في أحد، أو بهتٌ له.

❗إذا تبين هذا المعنى، فإن من المؤسف أن يجد المسلم خرقًا واضحًا من قبل كثير من المسلمين لهذه القاعدة القرآنية المُحكمة، وازداد الأمر واتسع مع وسائل الاتصال المعاصرة كأجهزة الجوال والإنترنت وغيرها

⚠ وأعظم من يُكذَب عليه من الناس في هذه الوسائل هو رسول الله ﷺ، فكم نُسِبَت إليه أحاديث وقصص لا تصح عنه!

⇐ ويَلِي هذا الأمر في الخطورة: التسرُّع في النقل عن العلماء، خصوصًا العلماء الذين ينتظر الناس كلمتهم، ويتتبعون أقوالهم، وكلُّ هذا مُحرّم لا يجوز،

💡وإذا كنا أمرنا في هذه القاعدة القرآنية:
﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ أن نتحرى ونتثبت من الأخبار عمومًا؛ فإنها في حق النبي ﷺ وحق ورثته أشدّ وأشد.

↵ ومثل ذلك يقال: في النقل عما يصدر عن ولاة أمور المسلمين، وعن خواص المسلمين ممن يكون لنقل الكلام عنهم له أثره، فالواجب التثبت والتبين، قبل أن يندم الإنسان ولات ساعة مندم.

ولا يقتصر تطبيق هذه القاعدة القرآنية: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) على ما سبق ذكره، بل هي قاعدة يحتاجها الزوجان مع بعضهما، والآباء مع أبنائهم، والأبناء مع آبائهم.

‼ ولله كم من بيتٍ تقوضت أركانه بسبب الإخلال بهذه القاعدة القرآنية! ولو أن الزوجين أعملا هذه القاعدة القرآنية: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ لما حصل هذا كلّه.

جعلنا الله وإياكم من المتأدبين بأدب القرآن العاملين به.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 02-08-2024, 11:16 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة السابعة والعشرون

🔅 *{وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}* [فاطر:18]

📌هذه قاعدة قرآنية عظيمة القدر؛ لعظيم أثرها في حياة العبد، وقوة صلتها بتلك المضغة التي بيَّن النبي -ﷺ- أن صلاحها صلاح لبقية الجسد، وفسادها فساد له.

💡التزكية تطلق ويراد بها معنيان:
◁ المعنى الأول: التطهير،
◁ والمعنى الثاني: هو الزيادة،
⇐فالزكاة -باختصار- تدور على أمرين: التخلية، والتحلية.

*والمقصود بالتخلية*: أي تطهير القلب من أدران الذنوب والمعاصي،

*والمقصود بالتحلية*: أي تحلية النفس بمكارم الأخلاق، وطيب الشمائل.

💡 وهما عمليتان تسيران جنبًا إلى جنب، فالمؤمن مُطالَب بالتنقِّي من العيوب: كالرياء والكبر، والكذب والغش، والمكر والخداع والنفاق، ونحو ذلك من الأخلاق الرذيلة، ومُطالَب بالتحلِّي بالأخلاق الجميلة: من الصدق، والإخلاص، والتواضع، ولين الجانب، والنصح للعباد، وسلامة الصدر من الحقد والحسد وغيرهما من مساوئ الأخلاق؛ فإن تزكيته يعود نفعها إليه، ويصل مقصودها إليه، ليس يضيع من عمله شيء.

🔆وإنّ مَن تأمل نصوص القرآن وجد عناية عظيمة بمسألة تزكية النفوس ومن تأمَّل سورة الشمس؛ أدرك عظيم هذه الغاية، وخطورة هذه العبادة الجليلة، فإن الله تعالى أقسم أحد عشر قسمًا متتابعًا على أن فلاح النفس لا يكون إلا بتزكيتها! وهو بلا ريب دليل واضح، وبرهان ساطع على خطورة هذا الموضوع .

إنَّ سؤالًا يتبادر إلى الذهن ونحن نتحدث عن هذه القاعدة القرآنية: *كيف نزكّي نفوسنا؟* والجواب عن هذا يطول جدًا، لكنني أشير باختصار إلى أهم وسائل تزكية النفس، فمن ذلك:

١- توحيد الله تعالى، وقوة التعلق به.

٢- ملازمة قراءة القرآن، وتدبره.

٣- كثرة الذكر عمومًا.

٤- المحافظة على الصلاة المفروضة، وقيام الليل ولو قليلًا.

٥- لزوم محاسبة النفس بين الفينة والأخرى.

٦- حضور الآخرة في قلب العبد.

٧- تذكر الموت، وزيارة القبور.

٨- قراءة سير الصالحين.

⛔️ وفي مقابل هذا: فإن العاقل من يتنبه لسد المنافذ التي قد تُفسد عليه أثر تلك الوسائل؛ لأن القلب الذي يتلقى الوسائل والعوائق موضع واحد لا يمكن انفصاله.

💡إذًا: لا يكفي أن يأتي الإنسان بالوسائل، بل لا بد من الانتباه إلى العوائق، مثل: النظر إلى المحرمات، أو سماع المحرمات، أو إطلاق اللسان فيما لا يعني -فضلًا عما حرم الله تعالى-.

اللهم إنا نسألك وندعوك بما دعاك به نبيك محمد -ﷺ-: "اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها" (صحيح مسلم).

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 02-08-2024 الساعة 11:18 PM
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-11-2024, 09:59 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

القاعدة التاسعة والعشرون:

🔅 {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}
[النساء:45]

📌هذه قاعدة قرآنية عظيمة الصلة بواقع الناس، وازدادت الحاجة إلى التنويه بها في هذا العصر الذي اتسعت فيه وسائل نقل الأخبار، وكثر فيها تكالب الأعداء بصنفيهم: المُعلَن والخفي.

🔅 وإذا كان الله ﷻ يخبرنا هذا الخبر الصادق في هذه القاعدة القرآنية: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ فحري بنا أن نتأمل جيدًا فيمن وصفهم ربنا بأنهم أعداء لنا، فليس أصدق من الله قيلًا، ولا أصدق من الله حديثًا.

⚠ وعلى رأس أولئك الأعداء:

١- عدوّ الله إبليس، الذي لم يأتِ تحذيرٌ من عدوٍّ كما جاء في التحذير منه، فكم في القرآن من وصفه بأنه عدو مبين! بل إن من أبلغ الآيات وضوحًا في بيان حقيقته وما يجب أن يكون موقفنا منه، هو قوله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾
[فاطر:6]!

٢- الكفار المُحارِبون لنا، ومن كان في حكمهم ممن يريد تبديل ديننا، أو طمس معالم شريعتنا، قال -تعالى-:
﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾
[النساء:101].

قال أهل العلم:
«والمعنى أن العداوة الحاصلة بينكم وبين الكافرين قديمة والآن قد أظهرتم خلافهم في الدين وازدادت عداوتهم وبسبب شدة العداوة أقدموا على محاربتكم وقصد إتلافكم».

❗فهذا النوع من الكفار حرم الله علينا مودتهم وموالاتهم،

💡ومن كمال الشريعة أنها فرقت بين أنواع الكفار، فقال الله تعالى في نفس سورة الممتحنة -التي حذرنا ربنا فيها من موالاة الصنف السابق-:
﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
[الممتحنة:8-9].

٣- والصنف الثالث الذين نصَّ القرآن على عداوتهم، بل وشدتهم:
هم المنافقون،
الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر؛ قال تعالى:
﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4].

🔅يقول ابن القيم -رحمه الله-:
«وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلّى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر.

وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم، وعموم الابتلاء بهم، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة.

يخرجون عداوته في كل قالب، يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد».

💡إذا تبين هذا، اتضح لنا أهمية تأمل هذه القاعدة القرآنية:
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ ، وأن لا تخدعنا عن معرفة حقائق أعدائنا ظروفٌ استثنائية، أو أحوال خاصة، فإن الذي أخبرنا بهؤلاء الأعداء هو الله الذي خلقهم وخلقنا، ويعلم ما تكنه صدور العالمين أجمعين.

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 02-12-2024, 09:47 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

القاعدة الثلاثون:

🔅 * {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}*
[الطلاق:3].

📌هذه قاعدة قرآنية إيمانية تمتد جذورها في قلوب الموحدين، في غابر الزمان وحاضره، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

💡ومعنى هذه القاعدة ظاهر بَيِّن، فإنّها تدل على أن من توكَّل على ربه ومولاه في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، وفعل ما أمر به من الأسباب، مع كمال الثقة بتسهيل ذلك، وتيسيره ﴿فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به.

📍وإنّ التّوكُّل على اللّه ﷻ مطلوب في كلّ شئون الحياة، بيدَ أنّ هناك مواطن كثيرة وَردَ فيها الحضّ على التّوكّل والأمر به للمصطفى ﷺ والمؤمنين (كطلب النصر، وعند الإعراض عن الأعداء، وعند السلم، وإذا أعرض عنكَ الخَلق.. وغيرها).

⚠وقبل أن نختم حديثنا عن هذه القاعدة القرآنية: أود أن أنبه إلى ما ذكره العلامة ابن القيم -رحمه الله- مِن أن كثيرًا من المتوكلين يكون مغبونًا في توكله!

وبيان ذلك -كما يقول-: أنك ترى بعض الناس يصرف توكله إلى حاجة جزئية استفرغ فيها قوّة توكله، مع أنه يمكنه نيلها بأيسر شيء، وفي المقابل ينسى أو يغفل عن تفريغ قلبه للتوكل في زيادة الإيمان، والعلم، ونصرة الدين، والتأثير في العالم خيرًا، فهذا توكل العاجز القاصر الهمة!

↵ كما يصرف بعضهم همته وتوكله ودعاءه إلى وجع يمكن مداواته بأدنى شيء، أو جوع يمكن زواله بنصف رغيف، أو نصف درهم، ويدع صرفه إلى نصرة الدين، وقمع المبتدعين، وزيادة الإيمان ومصالح المسلمين.

💡وههنا ملحظ مهم يستفاد من كلامه -رحمه الله-: وهو أن الواحد منا -في حال نشاطه وقوة إيمانه- قد يقع منه نسيان وغفلة عن التوكل على الله؛ اعتمادًا على ما في القلب من قوة ونشاط، وهذا غلط ينبغي التنبه إليه، والحذر منه

اللهم إنا نبرأ من كل حول وقوة إلا من حولك وقوتك، ونعوذ بك أن نوكل إلى أنفسنا طرفة عين.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 02-14-2024, 12:21 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

*القاعدة الحادية والثلاثون*:

🔅 *{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}*
[النساء:19]

📌هذه قاعدة قرآنية وإيمانية، وثيقة الصلة بواقع الناس الاجتماعي، بل وبأخص تلك العلاقات الاجتماعية.

🔅 ولعظيم موقع هذه المعاني التي دلت عليها هذه القاعدة القرآنية أكّد النبي ﷺ هذه الحقوق في أعظم مجمع عرفته الدنيا في ذلك الوقت؛ حين خطب الناس في يوم عرفة فقال:
(( فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف))
[رواه مسلم]

والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًّا.

💡والمقصود التنبيه على عظيم موقع هذه القاعدة الشرعية، والتي يتألّم المؤمن من كثرة ما يرى من هتك لحرمتها، وعدم مراعاة لحدودها! فترى بعض الرجال لا يحسن إلا حفظ وترديد الآيات والحقوق التي تخصه، ولا يتحدث عن النصوص التي تؤكد حقوق زوجته، فويل للمطففين!

⇦ وفي المقابل فإن على الزوجة أن تتقي الله ﷻ في زوجها، وأن تقوم بحقوقه قدر الطاقة، وأن لا يحملها تقصير زوجها في حقها على مقابلة ذلك بالتقصير في حقه، وعليها أن تصبر وتحتسب.

وبعد: هذه هي نظرة الإسلام العميقة للعلاقة الزوجية، اختصرتْها هذه القاعدة القرآنية المحكمة: *﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾* ، وكذلك:
*﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾*؛

💡فهي علاقة قائمة على المعاشرة بالمعروف، وعلى الصبر على ما قد يبدر من الطرفين من تقصير، فإن كانت العلاقة غير قابلة للاستمرار فيأتي الأمر بالتسريح بالمعروف -أيضًا- الذي يحفظ حق الكرامة لكلا الطرفين؛

◁◁ كلُّ هذا يجعل المؤمن يفخر ويحمد الله على هدايته وانتمائه لهذه الشريعة العظيمة الكاملة من كل وجه، وينظر بعين المقت لتلك الأقلام الدنسة، والدعوات الخبيثة التي تجرّئ المرأة -إذا رأت من زوجها ما تكره-، وتوحي للرجل -إذا رأى من زوجته ما يكره- أن ينحرف قلبه عن مساره الشرعي ليقيم علاقةً محرمةً مع هذه أو ذاك!!

اللهم كما هديتنا لهذه الشريعة فارزقنا العمل بها، والثبات عليها حتى نلقاك.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 02-14-2024 الساعة 02:46 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 07:49 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology