ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 06-16-2020, 12:24 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



🍂🍃🔟🍃🍂

وهاهنا سؤال مشهور وهو:
أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قد قدر لم يقع، سواء سأله العبد أو لم يسأله.
فظنت طائفة صحة هذا السؤال، فتركت الدعاء وقالت: لا فائدة فيه، وهؤلاء مع فرط جهلهم وضلالهم، متناقضون فإن طرد مذهبهم يوجب تعطيل جميع الأسباب فيقال لأحدهم:
إن كان الشبع والري قد قدرا لك فلابد من وقوعهما، أكلت أو لم تأكل، وإن لم يقدرا لم يقعا أكلت أو لم تأكل.
وإن كان الولد قدر لك فلابد منه، وطئت الزوجة أو الأمة أو لم تطأ، وإن لم يقدر لم يكن، فلا حاجة إلى التزويج والتسري، وهلم جرا.
فهل يقول هذا عاقل أو آدمي؟ بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته، فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
وتكايس بعضهم وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض يثيب الله عليه الداعي، من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما ولا فرق عند هذا المتكيس بين الدعاء والإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب، وارتباط الدعاء عندهم به كارتباط السكوت ولا فرق.
وقالت طائفة أخرى أكيس من هؤلاء: بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارة على قضاء الحاجة، فمتى وفق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أن حاجته قد انقضت، وهذا كما إذا رأيت غيما أسود باردا في زمن الشتاء، فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر.
قالوا: وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لا أنها أسباب له.
وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحرق مع الإحراق، والإزهاق مع القتل ليس

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 06-16-2020, 12:26 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


🍂🍃1⃣1⃣🍃🍂

شيء من ذلك سببا البتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه، إلا مجرد الاقتران العادي، لا التأثير السببي وخالفوا بذلك الحس والعقل، والشرع والفطرة، وسائر طوائف العقلاء، بل أضحكوا عليهم العقلاء.
وللصواب أن هاهنا قسما ثالثا، غير ما ذكره السائل، وهو أن هذا المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجردا عن سببه، ولكن قدر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب، وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال، ودخول النار بالأعمال، وهذا القسم هو الحق، وهذا الذي حرمه السائل ولم يوفق له.
الدعاء من أقوى الأسباب
وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء، ولا أبلغ في حصول المطلوب.
عمر يستنصر بالدعاء
ولما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله - صل الله عليه وسلم - وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم.
وكان عمر - رضي الله عنه - يستنصر به على عدوه، وكان أعظم جنديه، وكان يقول لأصحابه: لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء، وكان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمتم الدعاء، فإن الإجابة معه، وأخذ الشاعر هذا المعنى فنظمه فقال:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفيك ما علمتني الطلبا
فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، فإن الله سبحانه يقول: {ادعوني أستجب لكم}
[سورة غافر: ٦٠]
وقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان }

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08-20-2020, 01:17 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

[SIZE="5"]"]
🍃🍂1⃣2⃣🍃🍂

وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه» .
وهذا يدل على أن رضاءه في سؤاله وطاعته، وإذا رضي الرب تبارك وتعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه.
وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب الزهد أثرا [ «أنا الله، لا إله إلا أنا، إذا رضيت باركت، وليس لبركتي منتهى وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد» ] .
وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم - على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها - على أن التقرب إلى رب العالمين، وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله، واستدفعت نقمته، بمثل طاعته، والتقرب إليه، والإحسان إلى خلقه.
ارتباط الخير والشر بالعمل
وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة، وحصول السرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال، ترتب الجزاء على الشرط، والمعلول على العلة، والمسبب على السبب، وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع.
فتارة يرتب الحكم الخبري الكوني والأمر الشرعي على الوصف المناسب له كقوله تعالى: {عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} [سورة الأعراف: ١٦٦] .
وقوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [سورة الزخرف: ٥٥] .
وقوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا} [المائدة: ٨٣] .
وقوله: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} [الأحزاب: ٣٥] .
وهذا كثير جدا

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 08-20-2020 الساعة 01:23 AM
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 08-20-2020, 01:20 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


🍂🍃1⃣3⃣🍃🍂

وتارة يرتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء كقوله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم} [سورة الأنفال: ٢٩] .
وقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [التوبة: ١١] .
وقوله: {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا} [سورة الجن: ١٦] .
ونظائره.
وتارة يأتي بلام التعليل كقوله: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [سورة ص: ٢٩] .
وقوله: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [سورة البقرة: ١٤٣] .
وتارة يأتي بأداة كي التي للتعليل كقوله: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} [سورة الحشر: ٧٧] .
وتارة يأتي بباء السببية، كقوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم} [سورة آل عمران: ١٨٢] .
وقوله: {بما كنتم تعملون} [سورة المائدة: ١٠٥] .
وقوله: {بما كنتم تكسبون} ، وقوله: {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله} [سورة آل عمران: ١١٢] .
وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرا أو محذوفا، كقوله: {فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} [سورة البقرة: ٢٨٢] .
وكقوله تعالى: {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [سورة الأعراف: ١٧٢]

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 08-20-2020, 11:34 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


🍂🍃1⃣4⃣🍃🍂

وقوله: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} [سورة الأنعام: ١٥٦] ، أي: كراهة أن تقولوا.
وتارة يأتي بفاء السببية كقوله: {فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} [سورة الشمس: ١٤] .
وقوله: {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} [سورة الحاقة: ١٠] .
وقوله: {فكذبوهما فكانوا من المهلكين} المؤمنون: ٤٨] .
وتارة يأتي بأداة [لما] الدالة على الجزاء، كقوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [سورة الزخرف: ٥٥] .
ونظائره.
وتارة يأتي بإن وما عملت فيه، كقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} [سورة الأنبياء: ٩٠] .
وقوله في ضوء هؤلاء: {إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين} [الأنبياء: ٧٧] .
وتارة يأتي بأداة " لولا "، الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: {فلولا أنه كان من المسبحين - للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [سورة الصافات: ١٤٣ - ١٤٤] .
وتارة يأتي " بلو " الدالة على الشرط كقوله: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم} [سورة النساء: ٦٦] .
وبالجملة فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بل ترتيب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال.
ومن تفقه في هذه المسألة وتأملها حق التأمل انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلا منه، وعجزا وتفريطا وإضاعة، فيكون توكله عجزا، وعجزه توكلا،


🍂🍃1⃣5⃣🍃🍂

بل الفقيه كل الفقه الذي يرد القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر، بل لا يمكن لإنسان أن يعيش إلا بذلك، فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر.
والخلق كلهم ساهون في دفع هذا القدر بالقدر، وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وزان القدر المخوف في الدنيا وما يضاده سواء، فرب الدارين واحد وحكمته واحدة لا يناقض بعضها بعضا، ولا يبطل بعضها بعضا، فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها، ورعاها حق رعايتها، والله المستعان.
لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه.
أحدهما: أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم، وما جربه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديما وحديثا.
التاريخ تفصيل لما جاء عن الله
ومن أنفع ما في ذلك تدبر القرآن فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة، ثم السنة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني، ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا، وبعد ذلك إذا تأملت أخبار الأمم، وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته، طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة، ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به، ووعد به، وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة، فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 08-21-2020, 10:26 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



🍂🍃1⃣6⃣🍃🍂

وبفعل المندوبات تارة، وبالعلم تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة، وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء تارة، وبالاقتداء بالأكابر تارة أخرى.
خطأ في فهم الاستغفار
وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله، زال أثر الذنب وراح هذا بهذا، وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل ثم أقول: سبحان الله وبحمده، مائة مرة وقد غفر ذلك أجمعه كما صح عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال في يوم سبحان الله وبحمده، مائة مرة حطت خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر» ، وقال لي آخر من أهل مكة: نحن إذا فعل أحدنا ما فعل، اغتسل وطاف بالبيت أسبوعا وقد محي عنه ذلك، وقال لي آخر: قد صح عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: أي رب أصبت ذنبا فاغفر لي، فغفر الله ذنبه، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: أي رب أصبت ذنبا، فاغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، فليصنع ما شاء.» وقال: أنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به، وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء، واتكل عليها وتعلق بها بكلتا يديه وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها، سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء، وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب كقول بعضهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا ... إذا كان القدوم على كريم
وقول الآخر: التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله.
وقال الآخر: ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله واستصغار.
وقال محمد بن حزم: رأيت بعض هؤلاء يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العصمة.
التعلق بالجبر
ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر، وأن العبد لا فعل له البتة ولا اختيار، وإنما هو مجبور على فعل المعاصي.
التعلق بالإرجاء
ومن هؤلاء من يغتر بمسألة الإرجاء، وأن الإيمان هو مجرد التصديق، والأعمال ليست من الإيمان، وأن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 08-23-2020, 12:15 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



🍂🍃1⃣7⃣🍃🍂

الخطأ في الحب ومن هؤلاء من يغتر بمحبة الفقراء والمشايخ والصالحين، وكثرة التردد إلى قبورهم، والتضرع إليهم، والاستشفاع بهم، والتوسل إلى الله بهم، وسؤاله بحقهم عليه، وحرمتهم عنده.
ومنهم من يغتر بآبائه وأسلافه، وأن لهم عند الله مكانة وصلاحا، فلا يدعوه أن يخلصوه كما يشاهد في حضرة الملوك، فإن الملوك تهب لخواصهم ذنوب أبنائهم وأقاربهم، وإذا وقع أحد منهم في أمر مفظع خلصه أبوه وجده بجاهه ومنزلته.
الاغترار بالله
ومنهم من يغتر بأن الله عز وجل غني عن عذابه، وعذابه لا يزيد في ملكه شيئا، ورحمته له لا تنقص من ملكه شيئا، فيقول: أنا مضطر إلى رحمته، وهو أغنى الأغنياء، ولو أن فقيرا مسكينا مضطرا إلى شربة ماء عند من في داره شط يجري لما منعه منها فالله أكرم وأوسع فالمغفرة لا تنقصه شيئا والعقوبة لا تزيد في ملكه شيئا.
الاغترار بالفهم الفاسد والقرآن والسنة
ومنهم من يغتر بفهم فاسد فهمه هو وأضرابه من نصوص القرآن والسنة، فاتكلوا عليه كاتكال بعضهم على قوله تعالى:
{ولسوف يعطيك ربك فترضى}
[سورة الضحى: ٥٥] .
قال وهو لا يرضى أن يكون في النار أحد من أمته، وهذا من أقبح الجهل، وأبين الكذب عليه، فإنه يرضى بما يرضى به ربه عز وجل، والله تعالى يرضيه تعذيب الظلمة والفسقة والخونة والمصرين على الكبائر، فحاشا رسوله أن يرضى بما لا يرضى به ربه تبارك وتعالى.
وك اتكال بعضهم على قوله تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} [سورة الزمر: ٥٣]
وهذا أيضا من أقبح الجهل، فإن الشرك داخل في هذه الآية، فإنه رأس الذنوب وأساسها، ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين، فإنه يغفر ذنب كل تائب من أي ذنب كان، ولو كانت الآية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها.
وأحاديث إخراج قوم من الموحدين من النار بالشفاعة.
وهذا إنما أتى صاحبه من قلة علمه وفهمه، فإنه سبحانه هاهنا عمم وأطلق، فعلم أنه أراد التائبين، وفي سورة النساء خصص وقيد فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}
[سورة النساء: ٤٨]


🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 08-24-2020, 01:01 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



🍂🍃1⃣8⃣🍃🍂

فأخبر الله سبحانه أنه لا يغفر الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دونه، ولو كان هذا في حق التائب لم يفرق بين الشرك وغيره، وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} [سورة الانفطار: ٦٦] فيقول: كرمه، وقد يقول بعضهم: إنه لقن المغتر حجته، وهذا جهل قبيح، وإنما غره بربه الغرور، وهو الشيطان، ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه، وأتى سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع، الذي لا ينبغي الاغترار به، ولا إهمال حقه، فوضع هذا المغتر الغرور في غير موضعه، واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به.
وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار: {لا يصلاها إلا الأشقى - الذي كذب وتولى} [سورة الليل: ١٥ - ١٦] ، وقوله: {أعدت للكافرين} [سورة البقرة: ٢٤] .
ولم يدر هذا المغتر أن قوله: {فأنذرتكم نارا تلظى} هي نار مخصوصة من جملة دركات جهنم، ولو كانت جميع جهنم فهو سبحانه لم يقل لا يدخلها بل قال {لا يصلاها إلا الأشقى} ولا يلزم من عدم صليها، عدم دخولها، فإن الصلي أخص من الدخول، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.
ثم هذا المغتر لو تأمل الآية التي بعدها؛ لعلم أنه غير داخل فيها، فلا يكون مضمونا له أن يجنبها.
وأما قوله في النار {أعدت للكافرين} ، فقد قال في الجنة: {أعدت للمتقين} [سورة آل عمران: ١٣٣] ولا ينافي إعداد النار للكافرين أن يدخلها الفساق والظلمة، ولا ينافي إعداد الجنة للمتقين أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من الإيمان، ولم يعمل
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 08-24-2020, 01:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


🍂🍃1⃣9⃣🍃🍂

وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر، أن صوم رمضان، والصلوات الخمس، أعظم وأجل من صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر.
فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، لا يقويا على تكفير الصغائر، إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر.
فكيف يكفر صوم يوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها، غير تائب منها؟ هذا محال على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرا لجميع ذنوب العام على عمومه، ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع، ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير، فإذا لم يصر على الكبائر لتساعد الصوم وعدم الإصرار، وتعاونهما على عموم التكفير، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع أنه سبحانه قد قال: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [سورة النساء: ٣١]
فعلم أن جعل الشيء سببا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما، وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل.
حسن الظن بالله
وكاتكال بعضهم على قوله - صلى الله عليه وسلم - حاكيا عن ربه " «أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به، ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له.
كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل.
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه،
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 08-24-2020, 10:34 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



🍂🍃2⃣0⃣🍃🍂

متعرض للفنته قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه؟ وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات كماله، وأساء الظن بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله - صل الله عليه وسلم - وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر؟ وكيف يحسن الظن بربه من يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب؟ .
وقد قال الله في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}
[سورة فصلت: ٢٣] .
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون، كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن، وهذا شأن كل من جحد صفات كماله، ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه، وتسويلا من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره، معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به، وهل هذا إلا من خدع النفوس، وغرور الأماني؟
وقد قال أبو أمامة بن سهل بن حنيف: دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة - رضي الله عنها - فقالت «لو رأيتما رسول الله - صل الله عليه وسلم - في مرض له، وكانت عندي ستة دنانير، أو سبعة، فأمرني رسول الله - صل الله عليه وسلم - أن أفرقها، قالت: فشغلني وجع رسول الله - صل الله عليه وسلم - حتى عافاه الله، ثم سألني عنها فقال: ما فعلت؟ أكنت فرقت الستة الدنانير؟ فقلت: لا والله لقد شغلني وجعك، قالت فدعا بها، فوضعها في كفه، فقال: ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده؟ وفي لفظ: ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده.»
فيا لله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم؟ فإن كان ينفعهم قولهم: حسنا ظنوننا بك، إنك لن تعذب ظالما ولا فاسقا، فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله! ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه: {أئفكا آلهة دون الله تريدون - فما ظنكم برب العالمين}
[سورة الصافات: ٨٦ - ٨٧] .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 02:23 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology