ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى البراعم والأسرة المسلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-12-2016, 04:23 AM
الصورة الرمزية أم سليمان
أم سليمان أم سليمان غير متواجد حالياً
مشرفة ملتقى البراعم والأسرة المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 458
قصة الفقير مع صاحبه


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




كــــان رجل فقير قد طال فقره ، وكان فيه بقية من إنسانية .

فشكا إلى صاحبه الـــذي يعرف فيــــه النصح والرأي السديد

حاله ، فقال : قد كنت تعرف حالي في الفقر ، وأنــا متواطئ

على الفقر ، ولكنــي أريــد منــك نصيحة تخفف عني بعـض

ما أجده من الهموم التي لازمتني في ليلي ونهاري ، وهي

زيادة عما أجد من ألم الفقر وبأسائه وعنائه .


فقال له صاحبه : يا أخي ! اعلم أن الفقراء نوعان :

أحدهما : فقير شريف .

والآخر : فقير وضيع .


فاجتهد أن تكون من الشرفاء الذين فقرهم لا يتعدى فقر

الإفلاس من الموجودات المالية .


وإيـــاك أن تتصف بصفات الفقراء الساقطين الـــذين افتقرت

أيديهم وقلوبهم ، كما بين ذلك النبي صلى الله عليــه وسلـم

في قوله : " ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى

غنى النفس " (1)


فعلم بهــذا الحديث الشريف أن المدار كله على ما في القلوب

من الأوصاف الطيبة أو الدنيئة في حق الغني والفقير .


فمن كان قلبه غنيا بالله فهو الغني حقيقة ، ولو كان فقيرا .

ومن كان قلبه فقيرا إلى الأغراض ، وإلى الخلق ، فهــــو

الفقير حقيقة ، ولو كان مثريا .



فمتـــى علمت أن الله تعالى حكيم في جميع تدبيراته ، وأنـــه

لطيف بعباده المخلصين ، قـد يقدر عليهم من الأقدار الكريهة

للنفوس ، ما يكون سببا ووسيلة لخيرهم وثوابهم ، وأن الله

قد ابتلى بالفقر كثيرا من أوليائه وأصفيائه ، وأن مــن صبر

على شدته واحتسب ذلك عند الله ؛ لـم يـزل فــي زيادة فـــي

إيمانه وثوابه ؛ وخصـوصــــا إذا ضم إلى هذا الوصف قوة

الرجاء والطمع في فضل الله ، وأن الله سيزيل فقره ،

وسيجعل الله بعد عسر يسرا .



متى تحقق بذلك ، هانت عليه وطأة الفقر وشدته ، لما حصل

له في مقابلته من الخير ، ولما يرجوه من الفضل والثواب .


ومما يخفف ذلك : أن يعلم أن حزنه وهمه لا يخفف من فقره

ومصيبته ، بل يزيد ذلك ، فكيف يسعى العاقل في زيادة

عنائه ؟ وكيف لا يتسبب في تخفيف بلائه ؟


ثم اعلم - أيها الفقير - أن أكبر العلل التي توجب الهم والغم،

وتسقط إنسانية العبد وحريته : تعلقه بالمخلوقين ، سؤالا

لهم ، وذلا ورجاء ، وطمعا فيما يناله منهم .


وأن من كان كذلك فإنه مقيد النفس رقيق القلب لغير الله، قد

انقطع رجاؤه ممن كل خير في رجائه ، وكــل الأمور عنده ،

ومفاتيح الأرزاق بيده ، إلى مــن لا يملك لـــه نفعا ولا ضرا

ولا يريد له الخير ، وليس له من الأمر شيء ، وهو فقير

مثله !


فمتــى علقت رجاءك كلـــه بالله ، واحتسبت الأمل عند الله ،

وسلمت مـــــن التعلق بالمخلوقين ، ورجوت زوال عسرك ،

أبدلك الله بهمك فرحا ، وبكدرك راحة ويسر الله لك الأمور ،

وأوقع في قلبك القناعة التي من ملكها ملك الكنز الأكبر ،

وقد ضمن الله للمتقي أن يجعل له من كل هم فرجا ، ومن

كل ضيق مخرجا .


وأما قولك - يا أخي - : إني متواطئ على الفقر ، فهـو كلام

غالط من وجهين :



أحدهـما : أنه لا ينبغي لك أن تيأس من روح الله ورحمته ،

وفضله وإحسانه .


الثاني: يجب عليك أن تسعى بكل سبب يزيل فقرك أو يخففه،

فاعمل بالأسباب النافعة مـن بيع أو شراء أو حرفة أو خدمة

أو ما يناسب حالك ، وتحسنه من الأسباب ، فقد قـــال صلى

الله عليه وسلم "لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب

على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن

يسأل الناس أعطوه أو منعوه " (2)



ومتــى عملــت بالأسبـــاب بهـــذه النيـــة - نيـــة الاستعفاف

والاستغناء عن الناس - يســر الله أمـرك ، وبـــارك لك فــي

الشــيء القليل ، وسلمت من الفقر الوضيع، وهو فقر القلب

لغير الله ، ودخول الفقير في معاصي الله وفي الأمور الدنيئة

الضارة، التي إذا ابتلي بها العبد عوقب بعدة عقوبات، أقلها

أنها سبب لبقاء فقره وزيادته ، كما هو مشاهد مجرب .

وأكثر الفقراء قد جمعوا بين فقر الدنيا والآخرة .


فقر القلوب ، وفقر الإفلاس والافتقار إلى المخلوقين ،

وتعلق القلوب بهم ، والذل الوضيع لهم .

وهذا نهاية الهبوط والسقوط .

فالموفق الحازم يستعيذ بالله من هذه الحال ، ويعمل

الأسباب الواقية والدافعة ، كمــــا ذكرنا .

والله تعالى هو الموفق المعين .



كتاب الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة فـي العقائد والفنون


المتنوعة الفاخرة(ص197) للشيخ عبدالرحمن السعدي (بتصرف)


.....


(1) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الرقاق ، ب الغنى غنى

النفس ، ص 1238 / ح 6446 )

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه


(2) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الزكاة ، ب الاستعفاف

عن المسألة ، ص 287 / ح 1471 )

من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 03:30 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology