ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #121  
قديم 11-29-2020, 01:49 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

123

✍🏻أجرُ القرابة وأجرُ الصَّدقة!

🌳خطبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في النساء، وحثَّهُنَّ على الصدقة، فقال: "تصدَّقنَ يا معشر الناس ولو من حليِّكن".
وكان بين النساء زينب زوجة عبد اللهِ بن مسعود، فرجعتْ إلى بيتِها وقالتْ له: إنكَ رجل فقير، وإن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد أمرَنا بالصدقة، فأتِهِ فاسأله أيسعني أن أضعَ صدقتي فيكَ وفي بني أخٍ لي يتامى، وإلا صرفتها إلى غيركم.
فقال لها: بل ائتيه أنتِ!
فانطلقتْ فإذا امرأة من الأنصار ببابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاءتْ تسألُ نفس السؤال، فقرعَتا الباب، فخرجَ إليهما بلال بن رباح، فقالتا: قُلْ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ امرأتين بالباب تسألانك أتُجزئُ الصدقة عنهما على أزواجِهِما، وعلى أيتامٍ في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن.
فدخل بلال على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبِرْه، فقال له: من هما؟
فقال: امرأة من الأنصار وزينب
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ الزَّيانب؟
فقال: امرأة عبد الله بن مسعود
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لهما أجران: أجر القَرابة، وأجرُ الصَّدقة"!

▪️إنَّ في جعلِ الزكاةِ والصدقةِ في الأقارب أجران، أجر العبادة وأجر صلة الرحم، بشرط أن لا يكون دافع الزكاة ممن هو مأمورٌ بالإنفاقِ على من أعطاه! بمعنى أنه للزوجة أن تُعطيَ زكاة مالها لزوجها الفقير، وليس له أن يُعطيَها لأن النفقةَ واجبُ الزوج على زوجته! كذلك لا يُعطي الأبُ أولادَه من الزكاة والعكس، فهي لا تُدفع للأصول والفروع! إلا في حالات ضيقة ! ولكن تُعطى الزكاة للأعمامِ والأخوالِ والإخوةِ والأخواتِ وأولادِهم لأن النفقة ليستْ واجبة على هؤلاء!

▪️من إكرامِ الإسلام للمرأة أنه جعلَ مالَها لها فليس للزوج أن يأخذَ منها ولو درهماً بغيرِ رِضاها، على أن البيوت إنما تقومُ بالمعروف، وقد شاهدْنا عياناً أن أتعسَ البيوت هي تلك التي يتعاملُ فيها الأزواج على مبدأ هذا لي وهذا لك! غير أن الحقَّ حقّ ومال الزوجة لها!

▪️يُستحسنُ إن كان السؤال الذي يسأله المرءُ للشيخ أو المفتي مُحرِجاً أن يُخفي هويته، بكل بساطة يمكنك أن تسأل الشيخ السؤال على أنه لغيرك، فتستخدم التورية، كأن تقول أعرفُ رجلاً فعل كذا، فما الحكم؟ أو إن رجلاً لديه مال ويُريدُ أن يصنعَ كذا فما الحكم؟ على أنه يجوز للمُفتي أن يسألَ عن الشخص إن كانتْ القضيةُ تستوجبُ ذلك، كأن يسأل المرأةُ التي تُريدُ أن تتصدَّقَ على زوجِها إن كان زوجها فقيراً لأن الفقر شرط في الاستحقاق، ويا له من دِين، ويا لها من شريعة!

➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #122  
قديم 11-30-2020, 03:18 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

124
✍🏻حتى اللقمة!

🌳مرضَ سعد بن أبي وقاص في مكة عام حجة الوداع مرضاً شديداً حتى ظنَّ أنه سيموتُ منه، وجاءه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُه، فقال له سعد: يا رسول الله قد بلغَ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلا ابنةٌ واحدة لي، أفأتصدَّق بثُلثي مالي؟
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا
قال: فأتصدَّقُ بنصفه؟
فقال له: لا
فقال سعد: بالثُلث؟
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بالثُلُثِ يا سعد، والثلثُ كثير، إنكَ أن تذرَ ورثتَكَ أغنياء خيرٌ من أن تَذَرَهم عالةً يتكفَّفون الناس، ولستْ بمُنفقٍ نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا آجركَ الله بها، حتى اللُّقمة تجعلُها في في امرأتك!

☘️ من هَدْيِ النُّبُوَّة أن يُفكِّرَ المرءُ بورثَتِه، وأن يتركَ لهم مالاً يستعينون به على نوائبِ الدهرِ بعده، فالدنيا مُتقلبة، ولا يؤُمن جانبها، ولكن هذا لا يعني أن يعملَ الإنسانُ جامع مالٍ لمن بعده وينسى نفسه من البِرِّ والصدقةِ والإنفاقِ في وجوهِ الخيرِ، حتى إذا حضرَه الموت قال لورثته، تصدَّقوا عني بكذا، واجعلوا لي صدقةً جاريةً بكذا،
👈🏻 املأْ صحيفتكَ بنفسكَ، تصدَّقْ أنتَ، وسابِقْ إلى الله بما آتاك، لا تجمع المال ثم تتركه لهم وتُحاسبُ عليه وحدكَ!

🔸النِّيةُ تجعلُ العادات عبادات! فاجعَلْ نواياك دوماً لله!
▪️الطعامُ الذي تشتريه لأُسرتك لا تربطه بمفهوم الواجب ولكن تحسسْ فيه الأجر، ففي كل كبدٍ رطبةٍ صدقة!
▪️والمالُ الذي تُعطيه لوالديك لا تربطه بمفهوم الواجب، وكي لا يقول الناس أنك لا تُنفقُ على أبويك، تحسسْ فيه البِر، تقرَّبْ به إلى الله، ورتِّل بهدوء "وبالوالدين إحساناً"!
▪️زيارةُ أختك التي وضعتْ مولوداً لا تربطها بمفهوم الطقوسِ الاجتماعيةِ والواجباتِ الأُسرية، تحسسْ بها صِلة الرحم، وتذكرْ كيف أن الرَّحِم مربوطة بالعرش من وصلها وصلَه الله ومن قطعَها قطعه الله!
▪️طبقُ الطعام الذي تُهديه إلى الجار لا تربطه بمفهوم المبادلة، وطبق بطبق، وهذا ما يفعله الناس منذ قِدم الدهر، تحسسْ فيه ما زال جبريل يُوصي بالجار حتى ظننتُ أنه سيُورِّثه!
تتشابه أعمال الناس وتختلف نواياهم، فاجعل الله دوماً في نيتك!

➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #123  
قديم 12-13-2020, 03:42 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

126

✍🏻الآنَ يا عمر!

🌳 كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ماشياً في جماعةٍ من أصحابِه وهو ممسك بيدِ عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، واللهِ لأنتَ أحبّ إليَّ من كل شيءٍ إلا من نفسي!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليكَ من نفسك!
فقال له عُمر: فإنه الآن واللهِ لأنتَ أحب إليَّ من نفسي!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: الآن يا عُمر!

🌳وعن أنسٍ قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا يُؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ والناسِ أجمعين".

🔸وهذه المحبة وإن كانت عملاً قلبياً , إلا أن آثارها ودلائلها لابد وأن تظهر على جوارح الإنسان , وفي سلوكه وأفعاله , فالمحبة لها مظاهر وشواهد تميز المحب الصادق من المدعي الكاذب , وتميز من سلك مسلكا صحيحا ممن سلك مسالك منحرفة في التعبير عن هذه المحبة .
🔸على أنَّ للمحبة أمارات ثلاث:
▪️الأولى: أن تتذكرَ فضلَه عليكَ وكم تعبَ ليكُون لكَ دين تعبدُ الله به، أن تتذكرَه ليلةَ نُزولِ الوَحيِ وهو يرتجفُ من هَوْلِ المشهد، وأن تتذكرَه وقومه يُحاصرونه في شِعب أبي طالب، ويضعون على رأسه سلى الجزور، وينعتونه بالساحرِ والكاذبِ والمجنون، أن تتذكرَه في الطائف يُرجم، وفي الهجرة مُختبئاً في الغار، ويوم أُحُد ينزفُ دماً ويقول: كيف يُفلحُ قوم شجُّوا نبيهم! أن تتذكرَه يربطُ حجراً على بطنه من الجُوع، ويعتصرُ ألماً من سمٍّ دسَّتْهُ لهُ اليهودية في فخذِ الشاة!

▪️الثانية: أن تُكثرَ من الصلاةِ عليه قائماً وقاعداً وعلى جنبك، فإن المُحب يُكثرُ من ذِكرِ محبوبه، فاشغلْ لسانَك وقلبَك بالصلاةِ عليه فإنها كفاية الهم وغفران الذنب!

▪️الثالثة: إن أروع أشكال الحُب هو الاقتداء،
الاقتداء به في سنته في جميع أمورك المشروعة، بل كان بعض السلف يقتدي به في فعل المباحات لما ترسخت عندهم محبته صلى الله عليه وسلم، فأين أنت منه صلى الله عليه وسلم في توحيده لربه جل وعلا، وتوكله عليه، واستعانته به في أموره كلها؟ وأين أنت منه صلى الله عليه وسلم في عباداتك؟ تصلي كما صلى وتجتهد في ذلك وتستشعر اقتداءك به في كل حركة من صلاتك، فتعمل كما عمل، وفي نفقتك وصدقتك، وفي صيامك، وفي ذكر الله تعالى واستغفاره، وفي قيام الليل، وكذلك في غير العبادات المحضة؛ كاللباس والزينة وسنن الفطرة والنوم ومعاملة الناس، وغيرها، ومن علامات محبته: محبة السنة والغيرة عليها والدعوة إليها
رد مع اقتباس
  #124  
قديم 12-14-2020, 02:53 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

127
✍🏻لا يصلح فيها شيء من كلام النَّاس!

🌳كان معاوية بن الحكم السلمي حديث عهدٍ بالإسلام، فجاء إلى المسجد، وأُقيمتْ الصلاة، ووقفَ مع الناس خلف النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبينما هم في الصلاة إذ عطس رجلٌ من القوم، فقال له مُعاوية: يرحمكَ الله!
فجعلَ الناس كأنهم يلتفِتون إليه من غريب فِعلته!
فقال: ثكلتني أمي، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟
فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم أي اُسكتْ!
قال معاوية: ففهمتُ مرادهم فسكت، فلما انتهتْ الصلاة، اقتربَ مني النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بأبي هو وأمي ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، واللهِ ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، وإنما قال لي: "إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"!

🔸مهما كان الحق معكَ، وحجتك دامغة، الأسلوبُ أولاً، لأن الأسلوب الخشن ينفِّر الناس ولو كان مضمون الكلام صواباً! إن الأسلوب الفج القاسي يبني جداراً بينك وبين الناس بحيث أنهم لا يعودوا يتقبلون التفكير في فكرتِكَ أساساً، وهذه حقيقة أقرها القرآن الكريم، ألم يقل الله تعالى لِنبيِّه الكريم: "ولو كنتَ فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"!

🔸لقد جاء بأصح فكرة في تاريخ البشرية ألا وهي التوحيد، وأصدقِ مضمونٍ ألا وهو الإسلام، وأنبلِ مهمةٍ ألا وهي إيصال الخلق إلى الله، ورغم هذا يخبره ربه أن كل هذا لم يكن ليتحقق لولا لِينِه ورحمتِه ورقةِ قلبه.
▪️فمهما كانتْ فكرتُكَ صائبةً لن تكون أصوب من فكرة التوحيد، ومهما كان مضمونكَ صادقاً لن يكون أصدق من الإسلام، ومهما كان قصدُكَ نبيلاً فلن يكون أنبل من إيصالِ الخلقِ إلى ربِّهم، وبهذا كله كان الأسلوب قبل المضمون!

▪️النصحُ لا يستغني عن اللُّطف، فإذا استغنى عنه صار هجاءً ولم يعد نصحاً!
أيُّ نُصحٍ في أن تقولَ لتاركِ الصلاة أنت كافر وسوف تتعذَّب في قبرك وتدخل النار؟!
وأيُّ نُصحٍ في أن تقولَ للسافرة لماذا أنتِ رخيصة ينظر إليك من هبَّ ودبَّ، وماذا تفرقين عن الغانيات!
وأيُّ نُصحٍ في أن تقولَ لتاركِ الصيام أنتَ كالدابة لا همَّ لكَ إلا بطنك، لو كنتَ إنساناً لتركتَ الطعام لأجل ربك!
▪️نعم علينا أن ننكرَ المُنكرَ، وأن ندعوَ العُصاةَ، وأن نُبيِّنَ الحقَّ للناس، ولكن لا ندعو إلى الله إلا بما يُرضي الله.
أرأيتَ حتى الغضبَ لله له أدب وضوابط!

➖➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #125  
قديم 01-10-2021, 10:46 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

128
✍🏻من يمنعكَ مني؟

🌳 غزا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ناحية نجد، وفي طريق عودتِهِ أدركتْهُ شمس الظهيرة في وادٍ كثير الشَّجر، فأعطى أمرَه للصحابة أن يستظِلُّوا ويستريحوا قليلاً، فتفرَّقوا كل منهم في مكان، وتركوا له شجرةً ظليلة وابتعدوا عنه كي يستريح…
فعلَّق سيفه ونام، فجاء رجل من المُشركين وأخذَ سيفه، وأخرجه من غمده، واستيقظ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له المشرك: ألا تخافني؟!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا!
قال: فمن يمنعك مني؟
قال: الله!
فسقطَ السَّيفُ من يده! فأخذه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال له: فمن يمنعك مني؟!
فقال: كُنْ خيرَ آخذٍ!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: تشهدُ أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟
قال: لا، ولكني أُعاهدكَ أن لا أقاتلكَ، ولا أكونُ مع قومٍ يقاتلونك!
فقبلَ منه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك، وخلَّى سبيله.
فأتى الرَّجُلُ أصحابه، فقال: جئتكم من عند خير الناس!

🔸 فقوة يقين النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفاية الله -تبارك وتعالى- له
،فهذا موقف يهتز فيه الإنسان، ويصيبه الذعر والخوف، فليس عنده أحد يحميه ،وهذا الإنسان بيده السيف ،والنبي -صلى الله عليه وسلم- أعزل ليس معه شيء، ومع ذلك يقول له بكل ثقة: الله، فهذا فيه كمال اليقين مع كمال التوكل والتفويض إلى الله -تبارك وتعالى

▪️الشَّاهِدُ في القصة أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَبِلَ من الرجل الحياد، أن لا يكون معه ولا يكون عليه، وهذه حكمةٌ عظيمةٌ في السياسة خصوصاً والحياة عموماً مفادُها: إذا لم تستطعْ أن تجعلَ من شخصٍ صديقاً لكَ فليس بالضرورة أن تجعله عدواً!

▪️للأسف لا يقبل الناس في أيامنا مسافةَ الحياد هذه، ويتصرَّفون على مبدأ: إذا لم تكُنْ معي فأنتَ ضدي! وهذا من أتفه مبادئ الناس!

▪️يقعُ خلافٌ بين صديقين، فتجدُ صديقاً لكليهما يُحافظُ على الود معهما، فلا يقف في صف هذا ولا صف ذاك، ويُحاول قدر المستطاع أن يُعيدَ الأمور بينهما إلى مجاريها، فإذا فشل استمرَّ على صداقة الاثنين، فلا يرضى أحدهما بذلك ويُخبره أن عليه أن يختارَ بينهما، إما أنا أو هو! فإذا كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد قبلَ الحياد في قضية شركٍ وإيمانٍ من رجل رفضَ أن يُؤمن، فمن أنتَ حتى لا تقبل الحِياد في قضيةٍ من توافه الدنيا هي في الغالب خلاف في وجهات النظر، أو على شيء من المال، أو ربما بسبب قيلٍ وقال!

▪️ لماذا علينا أن نتعاملَ مع كل مشاكل الحياة على أنها حرب بين خندق الباطل وخندق الحق؟! لماذا علينا أن نكون جنوداً في حروبٍ ليس لنا فيها ناقة ولا جمل؟! ولماذا لا نفهم أن الذي ليس معي ليس ضدي؟!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #126  
قديم 01-17-2021, 03:01 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

129

✍🏻اللهمَّ لكَ الحمدُ على سارقٍ وزانية!

🌳 كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُكثر أن يَقُصَّ على أصحابه من أخبارِ الأولين، فحدَّثهم مرةً عن رجلٍ نوى أن يتصدقَ بصدقةٍ، فوضعها في يد سارقٍ، فصار الناس يقولون: تصدِّق الليلة على سارق!
وفي اليوم التالي عزمَ أن يتصدَّقَ بصدقةٍ، فوضعها في يد زانيةٍ، فصار الناس يقولون: تُصدِّق الليلة على زانية!
وفي اليوم الثالث عزمَ أن يتصدَّقَ بصدقةٍ، فوضعها في يد غنيٍّ، فصار الناس يقولون: تصدِّق الليلة على غني!
فقال: اللهم لكَ الحمد على سارقٍ، وعلى زانيةٍ، وعلى غنيٍّ!
ونام تلك الليلة، فرأى رؤيا، وقِيل له فيها: أما صدقتك على سارقٍ فلعلَّه أن يستعِفَّ عن سرقته، وأما الزانية فلعلَّها أن تستعِفَّ عن زِناها، وأما الغنيُّ فلعلَّه يعتبرُ فينفقُ مما أعطاه الله!

🔸للأسف إن الناس مجبولون على سوء الظنِّ، إذا وقف الطائعُ مع العاصي سيقولون لو لم يكن مثله لما وقف معه، قلة سيُحسنون الظنَّ ويقولون إنه يُحاولُ أن يأخذَ بيده إلى الله!

🔸وإذا وقفت الملتزمة مع غافلة، سيقولون عما قليل ستصبح مثلها، قِلة سيُحسنون الظنَّ ويقولون أنها تُعَبِّدُ لها بحُسنِ الخُلُقِ طريقاً إلى الله!

🔸إذا زارَ الداعيةُ تاجراً، سيقولون ذهبَ عنده يستعطيه لنفسه، قِلة سيحسنون الظنَّ ويقولون إنه يحُثُّه على الزكاة والصدقة، ويُخبره عن بيتٍ مُتعفِّفٍ يكفله، أو عمليةٍ جراحيةٍ مستعجلةٍ لفقير!

▪️إن سوء الظنِّ لا يُعطي حقيقة المظنون به وإنما يُعطي حقيقة الظَّان! كل إنسان أفكاره وظنونه على مقاسه، فلا تحكمْ على الآخرين من كلامِهم عن أنفسهم وإنما من كلامهم عن الآخرين!

▪️مشكلةُ كثير من المسلمين اليوم أنهم نصَّبوا أنفسَهم قُضاةً بينما أرادهم الله دُعاةً!
عقليةُ القاضي تجعلك تقول يا له من فاجرٍ لا يُصلِّي، وعقليةُ الداعيةِ تجعلك تقول سأبتسمُ له، وأصافحُه، وأُهديه كتاباً أو محاضرةً، ولن
أتركَه حتى أراه في المسجد! a

▪️عقليةُ القاضي تجعلكِ تقولين يا لها من سافرةٍ متبرِّجةٍ مفتونةٍ بالموضة والأزياء، وعقليةُ الداعيةِ تجعلكِ تقولين يا لهذا الجمال لو صانه الحجاب، وتجعلين الأمر مُهِمتك، حديثٌ حلوٌ عابرٌ، رِقةٌ في المعاملة، موعظةٌ خفيفةٌ، ولا تملي منها حتى تُشاهدي الحجاب يُزينها!

🔸وظيفةُ الأنبياءِ كانت على مر الدَّهر الأخذ بيد العُصاة إلى الله، فهنيئاً لكل من كان فيه شيء من نُبُوَّة!

➖➖➖➖➖➖aa
رد مع اقتباس
  #127  
قديم 01-25-2021, 04:12 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

130
✍🏻عند الصَّدمة الأولى!

🌳مرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بامرأةٍ تبكي عند قبر ابنها، فقال لها: اتقي اللهَ واصبري!
فقالتْ له وهي لا تعرفه: إليكَ عني فإنكَ لم تُصَبْ بمصيبتي!
فتركها ومضى، فمرَّ بها رجلٌ فقال لها: هذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم!
فقالتْ: واللهِ ما عرفته!
فأصابَها من الكربِ ما أصابَها لمَّا علمتْ أنه النبي صلَّى الله عليه وسلََم خجلاً منه ومهابة، فأتتْ بيته، وقالت له: يا رسول الله لم أعرفك!
فقال: "إنما الصَّبرُ عند الصَّدمة الأولى"!

💨وقال ابن حجر في رائعته فتح الباري: المعنى أن الصبرَ الذي يُحمدُ عليه صاحبه ما كان عندَ مُفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو، ولذلك قيل: كل شيءٍ يبدأُ صغيراً ثم يكبُرُ إلا المُصيبة، فإنها تبدأُ كبيرةً ثم تصغُر.

🔸واُنظُرْ لأدبِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كيف تفهَّم نفسية المرأة المصابة بِفَقْدِ ابنِها، فعلى فظاظةِ جوابها لم يُجادلْها، ولم يردَّ عليها، وإنما تركها ومضى، وهذا درسٌ بليغٌ لنا في تحمُّلِ الشخص الذي ينزل به مصاب من فقدٍ أو مرضٍ أو فقرٍ مُفاجئٍ، فنجده على غيرِ ما اعتدنا أن نجدَه في ظروفه العادية، فالإنسان خُلِقَ هلوعاً، فلا تعتبروا كل جواب من مصابٍ أو فاقدٍ أو مكلومٍ مسألة شخصية، تفهَّموا حالته النفسية وتذكَّروا أن خيرَ الناس أعذرهم للناس!

▪️هذه الدنيا دارُ فقدٍ بالأساس، ما جاءَها أحد إلا غادرَها، الأنبياءُ والفجرةُ، الحكامُ والمحكومون، الفقراءُ والأغنياءُ، العُلماءُ والجُهلاءُ، وصحيحٌ أن فقدَ الأحبةِ غربة، ومُصابَ الموتِ أليم، إلا أن الرضى بقَدَرِ اللهِ بلسم، وبيوت الحمد في الجنة لا تُبنى لغيرِ الذين سلَّموا أمرهم لله ساعة الفقد، وأعظم الصبر ما كان عند الصدمة الأولى!

▪️لا عليكَ بالناصح ما دامت النصيحة صواباً! من الناس من يقبلُ الخطأ ممن يُحبه ويرفضُ الحق ممن يكرهه، وهذا من غَلَبَةِ الهوى، وغيابِ الحكمةِ والعقل، فلا تكُنْ كالمرأة في هذه القصة رفضَتْ أول الأمر نصيحة فيها حق لأنها لم تعرفْ الناصح!
إذا أفسدتَ ذاتَ فقدٍ ومصيبةٍ، فتفوَّهْتََ بكلامٍ جارحٍ لأحد، فبادرْ بإصلاح ما أفسدت، فهذا من خُلُق النُبلاء، وقد كانتْ هذه المرأة نبيلة حقاً حين جاءت مُعتذرةً تُصلح ما أفسدَتْه، وهذا من خُلُقِ الأنبياء "فلمَّا سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح" وكان قد رماها ساعة غضب!

➖➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #128  
قديم 01-26-2021, 04:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

131

✍🏻وترجعون برسول الله!

🌳 كان للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مالٌ كثيرٌ حصلَ عليه من فَيْءٍ أصابَه، فقسمَ المالَ بين قُريشٍ وبين قبائل العرب، ولم يُعطِ الأنصار منه شيئاً! فأزعجَهم ذلك، فجاءَ إليه سيدهم سعد بن عبادة وقال له: يا رسول الله إن الأنصار قد وجدوا عليكَ في أنفسِهم من هذا الفَيْءِ الذي قسمته في قومك وفي قبائل العرب ولم تُعطهم منه شيئاً!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فأينَ أنتَ من ذلكَ يا سعد؟ أي ما رأيك؟
فقال: إنما أنا رجلٌ من قومي! أي أقول بقولهم.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فاجمعْ لي قومكَ.
فخرجَ سعدٌ فجمعَ الأنصار، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلّّم وقال له: قد اجتمعوا لكَ يا رسول الله.
فأتاهم، وقال لهم:
: يا معشر الأنصار : ما قالة ، بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : ألا تجيبونني يا معشرالأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار .
فبكوا حتى ابتلت لِحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً!

🔸أعطى الناس وحرمَ الأنصارَ، لا لأنه يُحبُّ الناس أكثر منهم، بل ليأْتَلِف قلوب الناس، ويأتي بهم إلى الإسلام، ولأنه يعرف أنَّ الإسلام في قلوبِ الأنصار كالجبال الرواسي، فلما أخذوا على خاطرِهم بيَّن لهم سبب فعلتِه فرضوا، الناسُ هم الناس يُحبون العطاء، وأن لا يستثنيهم أحد، ولكن بيِّنْ دوماً سببَ تخصيصك لفلانٍ حين لا تفعل مثله مع من تُحبه أكثر من الذي أعطيته، فالإنسان مفطور على سوءِ الظن، وتفسيرِ الأمور على غير ما هي، فلا تتركْ ملامةً في صدرِ أحد!

🔸وإياك أن تُفسِّرَ عطايا اللهِ للناس كما فسَّر الأنصارُ أول الأمر عطاءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للناس، إذا رأيتَ من هو أغنى منك، وأكثر صحة وأولاداً، وأوسع داراً على أنه يُحبه أكثر منك، إن الله سبحانه يُعطي الدنيا لمن يُحبُّ ويكره من عباده، ولكنه لا يُعطي الإيمان إلَّا لمن يُحبُّه!

🔸إذا كنتَ تريدُ أن تعرف الذين يُحبهم الله أكثر منك، فهم أولئك الذين أَذِنَ لهم أن يعبدوه ويُطيعوه أكثر منك!
الذين يُحبهم الله أكثر منك ليسوا أولئك الذين راتبهم أعلى من راتبك، وإنما الذين قاموا للفجر وأنتَ نائم، وتصدَّقوا وأنتَ تكنز، وبرُّوا آباءهم وأنتَ عاق، وتحجَّبنَ وأنتِ سافرة، وحجُّوا وأنتَ تقولُ غداً أحجُّ وغداً أعتمر!

🔆 كان موسى عليه السلام أحب إلى اللهِ من قارون، رغم أنه أعطى لقارون مالاً لم يُعطه لأحدٍ من خلقه، لقد أعطى عبده الذي يكره المال، ولكنه أعطى عبده الذي يُحبُّ الإيمان!
صحيحٌ أن اللهَ قادرٌ أن يُعطيَ العبد المال والإيمان معاً، ولكن هذه الدنيا دار امتحان لا دار جزاء فتأدَّب أنتَ في حضرةِ قضاءِ اللهِ وقدرِه!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #129  
قديم 01-27-2021, 12:42 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

132
✍🏻الإياس ممّا في أيدي الناس!

🌳جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله أوصِني وأوجِزْ
فقال له: "عليك بالإياس مما في أيدي الناس فإنه الغِنى، وإياك والطمع فإنه الفَقرُ الحاضر، وصلِّ صلاتكَ وأنتَ مُوَدِّع، وإياكَ وما يُعتذرُ منه"!

🔸جعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الغِنى في أن يرضى الإنسان عما قسمه الله له، ويكتفيَ به، ويحمدَ الله عليه، وجعلَ الفقرَ في النظر إلى ما في أيدي الناس! إن غناكَ وفقركَ في قلبكَ كيف يشعرُ، وفي عينك كيف تنظُر!

🔸الإنسانُ الذي ينظر إلى ما يملكه الآخرون لن يستشعرَ قيمة ما يملكُ أبداً، لو جرَّبَ الإنسان أن ينظرَ إلى ما في يده، ويستمتعَ به، لن يكون لديه الوقت ليحسد الناس على ما اُوتوا، وما أَوْرَدَ إبليس المهالك إلا الحسد، فحين أسجدَ اللهُ تعالى لآدم عليه السلام ملائكتَه، قال إبليسُ: "أنا خيرٌ منه"! وكثيرٌ من الناسِ يعيشون وفق مبدأ إبليس "أنا خيرٌ منه"!

🔸إذا مرَّ أحدهم بالبيتِ الجميل قال في نفسه لو أنه لي، وإذا مرَّ بالسيارة الفارهة قال في نفسه بمَ هو خيرٌ مني لتكون له، مثل هذا لن يسعدَ ولو ملكَ مالَ قارون، لأن فَقره في قلبِه!

🔸الإنسان الذي ينظُرُ إلى راتبه نظرةَ رضى، ويستشعرُ نعمةَ اللهِ فيه، كيف يسترُ حاجته، ويكفيه سؤال الناس، غنيٌّ ولو أتى آخر الشهر ولم يبقَ من راتبه شيء والذي ينظُرُ إلى فُلانٍ ماذا اشترى، وإلى علان ماذا ملكَ سيعيشُ فقيراً، ويموتُ فقيراً، فغنى الإنسان ليس في جيبه وإنما في قلبِه!

🌼 وصَلِّ صلاتكَ وأنتَ مُوَدِّع، تخيَّلْ كل صلاةٍ على أنها صلاتكَ الأخيرة، وبعدها ستُحمَلُ إلى قبرك، وعلى هذا الأساس صلِّها، استحضرْ فيها قلبكَ فأنتَ في حضرةِ الملك، ولا تستعجلْ بها خوفَ أن تفوتَك حاجة من حوائج الدنيا، أنتَ واقفٌ بين يدي قاضيَ الحاجاتِ، أتتركه لتعتمدَ على نفسك في قضاءِ حاجتك؟! استشعرْ الآيات وتدبَّرْها، تلذَّذْ بالفاتحة، بالحمدِ الذي حُرم كثير من الناس أن يُناجوه به، بالرحمةِ كيف أَذِنَ لكَ أن تقفَ لتعبده، بمالك يوم الدين الذي ترجو ثوابه وتخاف عقابه، بإياك نعبُد وإياك نستعين، باللجوءِ إلى غِناه من فَقرك، وإلى قوته من ضعفك، بإهدنا الصراطَ المُستقيم، تدبَّرْها، وأنتَ تتأمل الكون من حولك، تذكَّرْ عابدي البقرِ والشجرِ والحجرِ والمُلحدين، والذين حرَّفوا أديانهم، وقتها فقط ستعرِفُ لماذا كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لبلال: أرِحنا بها يا بلال!

🌼وإياك وما يُعتذرُ منه! اِمسِكْ عليكَ لسانكَ، لا تكن أهوجاً، تُقيم الدنيا ولا تُقعِدها لأجل موقفٍ عابرٍ، ولردةِ فعلٍ قاسيةٍ، ولكلمةٍ جارحةٍ ثم تأتي بعدها تعتذرُ وتتأسف، الاعتذارُ خُلُقٌ نبيلٌ لا شك، ولكن الكلمة الجارحة كإدخالِ مسمارٍ في الخشب، حتى لو نزعتَ المسمار بعد ذلك فإن أثر الثقب في الخشب سوف يبقى ماثلاً للعيان، وهكذا هو أثر الكلمة الجارحة في قلوبِ الناس!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #130  
قديم 01-28-2021, 10:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

133

✍🏻نِعمَ الرَّجل!

🌳كان عبدُ الله بن عُمر بن الخطاب شاباً أعزبَ ينامُ في المسجد، وكان الرَّجُلُ من الصحابةِ إذا رأى الرؤيا قصَّها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فتمنَّى عبد الله أن يرى رؤيا ليقُصها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وذات ليلة وهو نائم رأى في منامه أن ملكين أخذاه وذهبا به إلى النارِ فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وفيها ناس قد عرفهم، فجعل يقول: أعوذ باللهِ من النار، أعوذ باللهِ من النار! ثم استيقظ من نومه!
ولما كان الصَّباح قصَّ رؤياه على أُخته حفصة، فقصَّتها حفصةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: "نِعمَ الرَّجُلُ عبد الله لو كان يقوم الليل"!
فلم يتركْ عبدُ الله بن عُمر القيامَ حتى مات!

🌳وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه: "نِعمَ الرَّجُلُ خُريم الأسدي لولا طول جُمته/شعره وإسبال إزاره"!
فبلغَ ذلك خُزيماً، فأخذ على الفور شفرةً وقطع جُمَّتَه إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه!

🔸كان يكفي أحدهم أن يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نِعمَ الرَّجُلُ فُلان لو يفعل كذا وكذا، فكان على الفور يلتزم الأمر ولا يتركه ما دام على قيد الحياة!
يقومُ عبدُ الله بن عُمر الليلَ طوال عمره، ويقطعُ خُريمٌ جُمَّتَه ويرفعُ إزارَه

▪️ فعلنا نحن الفرائض فقط لأنه تمنى؟!
▪️هل حاسبْنا أولادنا على الصلاةِ كما نُحاسبهم على الدروس وعلاماتِ الامتحانات؟!
▪️هل أمرْنا بناتنا بالحجاب كما نأمُرهنَّ بالجدِّ والاجتهادِ والتحصيلِ في المدارس؟!
▪️هل برَرْنا آباءنا وأمهاتِنا لأن الأب أوسط أبواب الجنة، ولأن الجنة تحت أقدام الأمهات؟!
▪️هل وصلْنا أرحامنا لأن الرَّحِمَ مُعلقةٌ بالعرش فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله؟!
▪️هل أحسنَّا إلى جيراننا لأن جبريل ما زال يُوصي بالجارِ حتى ظنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه سيُورِّثه؟!

🔸تخيَّلوا أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاء إلى بيت أحدكم فجأة، تُرى ما الذي سيُعجبه إذا شاهده، وما الذي سيُزعجه!
ثابروا على ما تظنون أنه سيُعجبه، وأصلِحوا ما تظنون أنه سيُزعجه، هكذا فقط يستحق أحدُنا نِعمَ الرَّجُلُ، ونِعمَ المرأة!

.......
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 09:16 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology