ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-28-2014, 01:59 AM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها-كتاب الرقاق-صحيح البخاري



المجلس الثالث عشر
19 جماد الأول 1437هـ
و
المجلس التاسع بتاريخ

29 صفر 1436 هــ
بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا

قال الإمام البخاري في صحيحه


6061 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَتْهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ.

الشرح

قَوْلُهُ بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا

الْمُرَادُ بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا بَهْجَتُهَا وَنَضَارَتُهَا وَحُسْنُهَا وَالتَّنَافُسُ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ .
قَوْلُهُ ( فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ) بِنَصْبِ الْفَقْرِ أَيْ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ .
وَهَذِهِ الْخَشْيَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا عِلْمَهُ أَنَّ الدُّنْيَا سَتُفْتَحُ عَلَيْهِمْ وَيَحْصُلُ لَهُمُ الْغِنَى بِالْمَالِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ مِمَّا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُقُوعِهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فَوَقَعَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ : فَائِدَةُ تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ هُنَا الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِ الْفَقْرِ فَإِنَّ الْوَالِدَ الْمُشْفِقَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ كَانَ اهْتِمَامُهُ بِحَالِ وَلَدِهِ فِي الْمَالِ فَأَعْلَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي الشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ كَالْأَبِ لَكِنَّ حَالَهُ فِي أَمْرِ الْمَالِ يُخَالِفُ حَالَ الْوَالِدِ وَأَنَّهُ لَا يَخْشَى عَلَيْهِمُ الْفَقْرَ كَمَا يَخْشَاهُ الْوَالِدُ وَلَكِنْ يَخْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْغِنَى الَّذِي هُوَ مَطْلُوبُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَقْرِ الْعَهْدِيُّ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنْ قِلَّةِ الشَّيْءِ وَيَحْتَمِلُ الْجِنْسَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ مَضَرَّةَ الْفَقْرِ دُونَ مَضَرَّةِ الْغِنَى ; لِأَنَّ مَضَرَّةَ الْفَقْرِ دُنْيَوِيَّةٌ غَالِبًا وَمَضَرَّةَ الْغِنَى دِينِيَّةٌ غَالِبًا.

قَوْلُهُ (فَتَنَافَسُوهَا ) وَالتَّنَافُسُ مِنَ الْمُنَافَسَةِ وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ وَمَحَبَّةُ الِانْفِرَادِ بِهِ وَالْمُغَالَبَةُ عَلَيْهِ وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ فِي نَوْعِهِ يُقَالُ نَافَسْتُ فِي الشَّيْءِ مُنَافَسَةً وَنَفَاسَةً وَنِفَاسًا .

قَوْلُهُ ( فَتُهْلِككُمْ ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَتَرْتَاحُ النَّفْسُ لِطَلَبِهِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ فَتَقَعُ الْعَدَاوَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْمُقَاتَلَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْهَلَاكِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : فِيهِ أَنَّ زَهْرَةَ الدُّنْيَا يَنْبَغِي لِمَنْ فُتِحَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا وَشَرِّ فِتْنَتِهَا فَلَا يَطْمَئِنُّ إِلَى زُخْرُفِهَا وَلَا يُنَافِسُ غَيْرَهُ فِيهَا وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَقْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغِنَى لِأَنَّ فِتْنَةَ الدُّنْيَا [ ص: 250 ] مَقْرُونَةٌ بِالْغِنَى وَالْغِنَى مَظِنَّةُ الْوُقُوعِ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي قَدْ تَجُرُّ إِلَى هَلَاكِ النَّفْسِ غَالِبًا وَالْفَقِيرُ آمِنٌ مِنْ ذَلِكَ .

المصدر



المجلس الرابع عشر
26 جماد الأول 1437هـ
تابع بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهَرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا
والمجلس العاشر
6 ربيع الأول 1436ه
تابع بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا


وفي رواية أخرى لحديث الباب

عن عمرو بن عوفِ الأنصاري رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصارُ بقُدوم أبي عُبيدةَ ، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا لهُ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال:" أظنكم سمعتُم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟" فقالوا: أجل يا رسول الله ، فقال: "أبشرُوا وأملُوا ما يسركم، فو الله ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكنى أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم"

قال الشيخ البراك حفظه الله في شرح الحديث
عن عمرو بن عوف -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا عبيدة بن الجراح أحد العشرة المبشرين بالجنة إلى البحرين ليأخذ منهم الجزية، أو ليقبض جزيتهم، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أمَّر على البحرين العلاء بن الحضرمي، فجاء أبو عبيدة بما جاء به من المال من جزية آل البحرين ، فسمع بذلك من سمع من الأنصار، فوافوا صلاة الفجر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، حضروا صلاة الفجر، يصلون، يرجون أن ينالوا نصيبا من هذا المال الذي جاء به أبو عبيدة، فلما صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وانصرف تعرضوا له، وقفوا في الطريق -صلى الله عليه وسلم-، وقفوا في طريقه، أو جاءوا قريبا منه، تعرضوا له، فقال: « لعلكم سمعتم أن أبا عبيدة جاء بشيء من البحرين؟ فقالوا: أجل » صراحة، ما قالوا جئنا نسلم ويكتفون، لا، قالوا أجل نعم بجد وصدق، أجل جئنا لأجل هذا -صلى الله عليه وسلم-، فقال -عليه الصلاة والسلام- « أبشروا وأملوا » هذه الكلمة هذه أثلجت صدورهم، قابلهم بالبشرى ولم يكفهر في وجهوهم، يقول أنتم طلاب دنيا، أنتم جئتم من أجل الدنيا، الإنسان مجبول على محبة الدنيا، حب الدنيا جبلة، جبلة في الإنسان أنه يحب المال، يحب مصالحه، وليس العيب في كون الإنسان يحب منافع الدنيا وشهوات الدنيا، العيب والذنب فيمن ينحرف في هذا الحب ويحمله حبه للدنيا على ما حرم الله، منعا لواجب أو أخذا لحرام.
أما طلب المال من حله فليس هذا بعيب، أبشروا وأملوا ما يسركم، ثم وجههم التوجيه الصالح الذي يجب أن يستقر في نفوسهم، وهو توجيه لهم وللأمة كلها، ثم قال: « فوالله ما الفقر أخشى عليكم » الفقر مفعول به منصوب مقدم « فوالله ما أخشى الفقر عليكم » « فوالله ما الفقر أخشى عليكم » لا أخاف عليكم من الفقر الذي هو قلة ذات اليد، فهذا أمره أسهل، إنما الخطر في الغنى، في المال،
في البسط، وإنما أخشى أن تبسط عليكم الدنيا، تُبْسَط، وتعطون من متعها، من الأموال، من الذهب والفضة وأنواع المال « وإنما أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها أو فتنافسوا فيها كما تنافس فيها من كان قبلكم » تنافسوا.
التنافس يعني التغالب على الشيء، والتسابق إلى الشيء، فتنافسوا فيها، تتسابقون إلى نيلها، وإلى الظفر بأكبر قدر، تنافسوا فيها كما تنافس فيها من كان قبلكم، والتنافس على الدنيا التسابق عليها مذموم، إنما التنافس المحمود هو ما قال الله فيه ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) سورة المطففين آية رقم:26 ( لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ) سورة الصافات آية رقم:61 أما الدنيا فلا ينبغي أن تكون موضع تنافس وتسابق.
ومن التنافس على الدنيا التكاثر، أن كل واحد يريد أن يكون أكثر من الآخر في الدنيا، التطاول في البنيان، يتطاولون، كل واحد يريد أن يكون قصره أطول وحظوظه من هذه الدنيا أعظم وأكثر « وإنما أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم، أو فتلهيكم كما ألهتهم » والإلهاء يؤدي إلى الهلاك.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )سورة المنافقون آية رقم:9 (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) فحظوظ الدنيا إذا ألهت عن ذكر الله، وعن القيام بما أوجب الله، كانت وبالا، وكانت سببا للهلكة، كانت سببا للهلاك.
فتهلككم بسبب التنافس، التنافس يتضمن الإيثار، إيثار الدنيا على الآخرة يؤدي إلى إيثار الدنيا على الآخرة، وهذا يتضمن طلب المال أو غيره من حظوظ الدنيا من غير حله، ويؤدي إلى الشح وإلى البخل بما أوجب الله، ولهذا أثنى الله على
أولئك الرجال( رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ )سورة النور آية رقم:37 مدحهم بأنها لا تلهيهم، إذن هم يتجرون أم لا يتجرون؟ يتجرون؟ نعم، يتجرون ويكتسبون ويسعون ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) سورة الجمعة (سورة رقم: 62)، آية رقم:10 فتجد -يعني- في نفس هذه الآيات من سورة الجمعة نهاهم عما يلهيهم ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) نهاهم أن يلهوا بالبيع عن الصلاة، وبعد الصلاة أذن لهم بطلب الفضل ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وهذا إذن بعد الحظر يقتضي الإباحة كقوله تعالى: ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) .

ويشهد لهذا الحديث قوله تعالى: ( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ ) أي: بنصيبهم ( فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) سورة التوبة آية رقم:69
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بشرهم، وحذرهم من خطر الدنيا وبسط الدنيا، فلا ينبغي للإنسان أن يفرح بها، اللهم إلا الفرح الطبيعي، فهذا أمر جبلي في الإنسان، فإذا كان الإنسان مجبولا على حب المال فلا بد أن يفرح بما يحصل له، لكن فرحا طبيعيا محدودا لا يخرجه إلى الأشر والبطر والاغترار، كفرح قارون المغرور بما أوتي من الثراء ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ) سورة القصص آية رقم:79 هذا من المنافسة، نفسوا عليه وغبطوه على هذا الحظ العظيم ( قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ): سورة القصص آية رقم:79 - 80.
المقصود أن بسط الدنيا هو من الفتن، هذا هو الشاهد، بسط الدنيا هو من الفتن التي يُبتلَى بها الناس، والفقر أيضا هو ابتلاء، لكن فتنة البسط أخطر من فتنة القَدْر والتضييق في المعيشة في الفقر، الابتلاء بالثراء والغنى والبسط في حظوظ الدنيا هو الخطر.
قال بعض السلف: ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
واقرءوا التاريخ تجدون الأمر عيانا، واقرءوا الواقع تجدونه كذلك، فبسط الدنيا هو ابتلاء وفتنة عظمى، ويفضي كذلك إلى الفتن التي أشار إليها الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث المتقدم « كيف بكم إذا فتحت عليكم فارس والروم » البخاري : الجزية (3158) , ومسلم : الزهد والرقائق (2961) , والترمذي : صفة القيامة والرقائق والورع (2462) , وابن ماجه : الفتن (3997) , وأحمد (4/137). هذا ما ذكره الرسول -عليه الصلاة والسلام- أثرا بفتح فارس والروم، ففتح فارس والروم أدى إلى البسط، إلى بسط الدنيا، وبسط الدنيا أدى إلى التنافس، والتنافس أدى إلى التدابر والتقاطع والتباغض والتقاتل هكذا، يعني الحديث المتقدم يفسر لنا هذا الحديث، ويعطينا صورة مما أشار إليه الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: « وإنما أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ».
شرح أحاديث في الفتن والحوادث (الجزء الأول) لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك

قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف رحمه الله في باب الزهد في الدنيا والترغيب فيه، وقد ذكر قبل ذلك آيات متعددة كلها تدل على أن هذه الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة، وأنها ممر ومزرعة للآخرة، فإن قال قائل: يقال ورع، ويُقال زهد، فأيهما أعلى؟ وما الفرق بينهما؟

فالجواب أن الزهد أعلى من الورع، والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر، والزهد ترك ما لا ينفع، فالأشياء ثلاثة أقسام: منها ما يضر في الآخرة، ومنها ما ينفع، ومنها ما لا يضر ولا ينفع.

فالورع: أن يدع الإنسان ما يضره في الآخرة، يعني أن يترك الحرام.

والزهد: أن يدع ما لا ينفعه في الآخرة، فالذي لا ينفعه لا يأخذ به، والذي ينفعه يأخذ به، والذي يضره لا يأخذ به من باب أولى، فكان الزهد أعلى حالاً من الورع، فكل زاهد ورع، وليس كل ورع زاهداً.

ولكن حذر النبي عليه الصلاة والسلام من أن تفتح الدنيا
علينا كما فتحت على من كان قبلنا فنهلك كما هلكوا.



لما قدم أبو عبيدة بمال من البحرين، وسمع الأنصار بذلك، جاءووا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافوه في صلاة الفجر ، فلما انصرف من الصلاة تعرضوا له فتبسم عليه الصلاة والسلام، يعني ضحك، لكن بدون صوت، تبسم لأنهم جاءوا متشوفين للمال.

فقال لهم :" لعلكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة من البحرين؟"

قالوا: أجل يا رسول الله . سمعنا بذلك يعني وجئنا لننال نصيبنا.

فقال عليه الصلاة والسلام: "ما الفقر أخشى عليكم" الفقر لا أخشاه .

والفقر قد يكون خيراً للإنسان، كما جاء في الحديث القدسي الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال:" إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى"، يعني : أطغاه وأضله وصده عن الآخرة والعياذ بالله ففسد،" وإن من عبادي من لو أفقرته لأفسده الفقر".(1)


فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما الفقر أخشى عليكم" يعني: لا أخشى عليكم من الفقر؛ لأن الفقير في الغالب أقرب إلى الحق من الغني.

وانظروا إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ من الذي يكذبهم؟ يكذبهم الملأ الأشرار الأغنياء، وأكثر من يتبعهم الفقراء، حتى النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من يتبعه الفقراء.

فالفقر لا يخشى منه ، بل الذي يخشى منه أن تبسط الدنيا عليهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:" أخشى أن تبسط عليكم - يعني كما بسطت على من كانوا قبلنا، فتهلككم كما أهلكتهم".

وهذا هو الواقع، لما كان الناس إلى الفقر أقرب، كانوا لله أتقى وأخشع وأخشى، ولما كَثُر المال؛ كثُر الإعراض عن سبيل الله ، وحصل الطغيان، وصار الإنسان الآن يتشوف لزهرة الدنيا وزينتها... سيارة ، بيت، فرش، لباس، يباهي الناس بهذا كله، ويعرض عما ينفعه في الآخرة.

وصارت الجرائد والصحف وما أشبهها لا تتكلم إلا

بالرفاهية وما يتعلق بالدنيا، وأعرضوا عن الآخرة، وفسد الناس إلا من شاء الله.

فالحاصل أن الدنيا إذا فتحت- نسأل الله أن يقنا وإياكم شرها - أنها تجلب شرًّاً وتطغي الإنسان (كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى) (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:7،6).

وقد قال فرعون لقومه : (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) (الزخرف:51) ، افتخر بالدنيا ، فالدنيا خطيرة جداً.


وفي هذه الأحاديث أيضاً قال النبي عليه الصلاة والسلام:" إن الدنيا حلوة خضرة" حلوة المذاق، خضرة المنظر، تجذب وتفتن، فالشيء إذا كان حلواً ومنظره طيباً فإنه يفتن الإنسان، فالدنيا هكذا حلوة خضرة حلوة في المذاق، خضرة في المنظر.



ولكن: " وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون" يعني جعلكم خلائف فيها؛ يخلف بعضكم بعضاً، ويرث بعضكم بعضاً." فينظر كيف تعملون" هل تقدمون الدنيا أو الآخرة؟، ولهذا قال: " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء".

ولكن إذا أغنى الله الإنسان ، وصار غناه عوناً له على
طاعة الله ، ينفق ماله في الحق؟، وفي سبيل الله؛ صارت الدنيا خيراً.(2)

ولهذا كان رجل الدنيا الذي ينفق ماله في سبيل الله، وفي مرضاة الله عز وجلّ، صار ثاني اثنين بالنسبة للعالم الذي آتاه الله الحكمة والعلم وصار يعلم الناس.فهناك فرق بي الذين ينهمك في الدنيا ويعرض عن الآخرة، وبين الذي يغنيه الله، ويكون غناه سبباً للسعادة والإنفاق في سبيل الله ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: 201)

المصدر

شرح رياض الصالحين للشيخ بن عثيمين رحمه الله


قال الإمام البخاري رحمه الله
6062 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا.


والمقصود بصلاته عليهم صلاة الميت : أي دعاؤه لهم بالدعاء الذي يقال في صلاة الجنازة ، وقد كان هذا بعد سبع سنين من استشهادهم رضي الله عنهم .


وليس في الحديث نفي وقوع الشرك في هذه الأمة ، بل فيه أنه لا يخاف على جميع الأمة ، بدليل أنه وقع من بعضهم ، كما دلت نصوص أخرى على علمه وإخباره صلى الله عليه وسلم بأن بعض أمته يقع في الشرك .


قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه سلم ؛ فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك ، وأنها لا ترتد جملة وقد عصمها الله تعالى من ذلك ، وأنها تتنافس في الدنيا وقد وقع كل ذلك " انتهى .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله : " قوله : ( ما أخاف عليكم أن تشركوا ) أي على مجموعكم لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى ، وفي هذا الحديث معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك أورده المصنف في علامات النبوة " انتهى من "فتح الباري" (3/ 211).

ثانيا :قد دلت السنة الصحيحة على أن من هذه الأمة من يشرك بالله تعالى :

1- روى البخاري (7116) ومسلم (2906) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ ) وَذُو الْخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .


2- وروى مسلم (2907) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا ؟ قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ).


فتبين بهذا أن بعض المسلمين سوف يقع في الشرك والردة ، من دون أن يعم ذلك جميع الأمة ؛ فإنها معصومة من أن تجتمع على ضلالة .
وكيف يشك مسلم في أن دعاء الأموات ، والتضرع إليهم في الملمات ، وسؤالهم تفريج الكربات ، من الشرك ؟! بل هذا عين ما كان يفعله المشركون الأوائل طلبا للقربى أو الشفاعة عند الله ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) الزمر/3 .


المصدر






(1) لم نجد له تحقيق
( 2) إنما الدنيا لأربعةِ نفرٍ ؛ عبدٌ رزقَه اللهُ مالًا و علمًا فهو يتَّقي فيه ربَّه ، و يصِلُ فيه رَحِمَه ، و يعلمُ للهِ فيه حقًّا ، فهذا بأفضلِ المنازلِ ، و عبدٌ رزقَه اللهُ علمًا ، و لم يرزقْه مالًا ، فهو صادقُ النَّيَّةِ ، يقولُ : لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلانٍ ، فهو بنِيَّتِه ، فأجرُهما سواءٌ و عبدٌ رزقَه اللهُ مالًا ، و لم يرزقْه عِلمًا يخبِطُ في مالِه بغيرِ علمٍ ، و لا يتَّقي فيه ربَّه ، و لا يصِلُ فيه رَحِمَه ، و لا يعلمُ للهِ فيه حقًّا ، فهذا بأخبثِ المنازلِ ، و عبدٌ لم يرزقْه اللهُ مالًا و لا علمًا فهو يقولُ : لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيه بعملِ فلانٍ ، فهو بنيَّتِه ، فوزرُهما سواءٌ ) مثلَ هذه الأمةِ كمثلِ أربعةِ نفرٍ : رجلٌ آتاه اللهُ مالًا و علمًا فهو يعملُ بعلمِه في مالِه ؛ ينفقُه في حقِّه ، و رجلٌ آتاه اللهُ علمًا و لم يُؤْتِه مالًا و هو يقول : لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه بمثلِ الذي يعملُ فهما في الأجر سواءٌ ، و رجلٌ آتاه اللهُ مالًا و لم يُؤتِه علمًا فهو يخبطُ في مالِه ينفقُه في غيرِ حقِّه ، و رجلٌ لم يؤْتِه اللهُ مالًا و لا علمًا ، و هو يقولُ : لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعمل قال رسولُ اللهِ : فهما في الوزرِ سواءٌ



الراوي: أبو كبشة الأنماري المحدث: الألباني - المصدر:

صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 16
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره


__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم





التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 07-23-2016 الساعة 10:20 PM
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 04:39 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology