ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-11-2013, 03:25 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
شرح أحاديث الأربعين النووية



للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسين النووي المتوفي سنة (676هـ) - رحمه الله تعالى -.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبدأ بترسيخ المعتقد ، نبدأ بالتخلية قبل التحلية
لماذا الأربعون النووية ؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدولد آدم محمد بن عبد الله
مما عمت به البلوى اعتقاد البعض أن من حفظ أربعين حديثًا نبويًا حصل من الأجر الوفير، ولم يرد حديث مقبول في هذا ،نعم حفظ الأحاديث عمومًا من الأعمال الفاضلةلكن تخصيص هذا العدد وقرنه بفضائل معينة هذا مانقدم قرينة على عدم ثبوته ، ونورد الأحاديث التي يعتقد البعض صحتها للتحذير منها
- منْ حفظ على أمتي أربعينَ حديثًا منَ السنةِ، كنتُ له شفيعًا يومَ القيامةِ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 4589-خلاصة حكم المحدث: موضوع
من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة ، كنت له شفيعًا و شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 5560- خلاصة حكم المحدث: موضوع
من حفظ على أمتي أربعين حديثا من سنتي ، أدخلته يوم القيامة في شفاعتي
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 5561- خلاصة حكم المحدث: ضعيف
من حمل من أمتي أربعين حديثا ، بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: ضعيف الجامع -
الصفحة أو الرقم: 5568
- خلاصة حكم المحدث: موضوع
هنا
* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة حتى
يؤديها إليهم كنت له شفيعا أو شهيدًا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن السكن - المصدر: التذكار -
الصفحة أو الرقم: 6
-خلاصة حكم المحدث: ليس يروى من وجه ثابت


* من تعلم من أمتي أربعين حديثا يفقه بهافي دينه كان
فقيهًا عالمًا

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن السكن - المصدر: جامع بيان العلم -
لصفحة أو الرقم: 1/198
-خلاصة حكم المحدث: ليس يروى
هذا الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ثابت

* من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينهابعثه
الله عز وجل يوم القيامة فقيهًا عالمًا

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن حبان - المصدر: المجروحين -
لصفحة أو الرقم: 1/144
-خلاصة حكم المحدث: [فيه]
إسحاق بن نجيح الملطي
دجال من الدجاجلة كان يضع الحديث


* من حمل عن أمتي أربعين حديثاً بعثه الله يوم
القيامة فقيهاً عالماً

الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 6/114-خلاصة حكم المحدث: غير محفوظ


* من حفظ على أمتي أربعين حديثاً بما ينفعها الله
به بعثه
يوم القيامة فقيهاً عالماً

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 8/337-خلاصة حكم المحدث: [فيه] أبو البختري كذاب يضع الحديث 
* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة كنتله شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: ابن عدي - المصدر:الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 3/436خلاصة حكم المحدث: [فيه] خالد بن
يزيد العمري عامة أحاديثه مناكير [وفيه] إسحاق بن نجيح أشر منه



*من تعلم على أمتي أربعين حديثا ينفعها الله بهافي دينه كان فقيها عالما
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 3/477- خلاصة حكم المحدث: موضوع


* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنةكنت
له شفيعا يوم القيامة

الراوي: - المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 1/537-خلاصة حكم المحدث: موضوع

* من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله عز وجلبها ، قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - لصفحة أو الرقم: 4/210-خلاصة حكم المحدث: غريب من حديث
أبي بكر عن عاصم



* سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حد العلم إذا حفظه الرجل كان فقيها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله فقيها ، وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا

الراوي: أبو الدرداء المحدث: البيهقي - المصدر: شعب الإيمان -
لصفحة أو الرقم: 2/742
-خلاصة حكم المحدث: متنه مشهور
وليس له إسناد صحيح



* من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة حتى
يؤديها إليهم كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن عبدالبر - المصدر:
التذكار - لصفحة أو الرقم: 6
-خلاصة حكم المحدث: غير محفوظ

اقتباس
قد يستهين البعض بالأربعين النوويةاعتمادًا على ضعف الأحاديث الواردة في فضل حفظ أربعين حديثًا
فقد كان مقصد الإمام النووي رحمه الله
جمع أحاديث تكون أصولا و قواعد في ديننا ،

لذا اعتنى
العلماء بشرحها لاشتمالها لعدة مهمات و تنبيهات، فمن حازها بفهم فقد حاز خيرًا كثيرًا،و الله
نسأل أن يجعلنا ممن قال فيهم حبيبنا صلى الله عليه
و سلم
: " نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى
يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ،
ورب حامل فقه ليس بفقيه"
الراوي: زيد بن ثابت المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 5/327-خلاصة حكم المحدث: صحيح
*و في رواية :"نضر الله امرأ سمع منا حديثا فأداه كما سمعه

الراوي: ثابت المحدث: السخاوي - المصدر: فتح المغيث - الصفحة أو الرقم: 2/244-خلاصة حكم المحدث: ثابت
اقتباس فليصحح معتقده كل من أراد دراسة وحفظ الأربعين النووية
ونستأنس بهذه الفتوى
السؤال
هل حديث " أن من حفظ 40 حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فسيضمن دخول الجنة أو يُبعث مع العلماء " صحيح ؟
الجواب
الحمد لله1. هذا الحديث ضعيف ، وهو على كثرة طرقه لا تصلح لأن تقوِّي بعضها بعضاً ، وله روايات كثيرة وبألفاظ مختلفة ، ومنها " .. بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء " ، وفي رواية " بعثه الله عالماً فقيهاً " ، وفي رواية " وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً " ، وغيرها .
أ. قال الحافظ ابن حجر :
[ رواه ] الحسن بن سفيان في " مسنده " وفي " أربعينه " من حديث ابن عباس ، وروي من رواية ثلاثة عشر من الصحابة ، أخرجها ابن الجوزي في " العلل المتناهية " وبيَّن ضعفها كلَّها وأفرد ابن المنذر الكلام عليه في جزء مفرد ، وقد لخَّصت القول فيه في " المجلس السادس عشر " من الإملاء ، ثم جمعتُ طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة .
" التلخيص الحبير " ( 3 / 93 ، 94 ) .
ب. وقال ابن الملقِّن :
حديث " من حفظ على أمتي أربعين حديثاً كُتب فقيهاً " : يُروى من نحو عشرين طريقاً وكلها ضعيفة ، قال الدارقطني : كل طرقه ضعاف لا يثبت منها شيء ، وقال البيهقي : أسانيده ضعيفة.
" خلاصة البدر المنير " ( 2 / 145 ) .
وقال البيهقي :
هذا متن مشهور فيما بين الناس وليس له إسناد صحيح .
" شعب الإيمان " ( 2 / 270 ) .
وقال النووي :
واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه .
" مقدمة الأربعين النووية " .
2. ومما ينبغي أن يقال هنا أنه قد جاء في السنة ما يبيِّن فضل من سمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغه ، ولو كان حديثاً واحداً .
عن زيد بن ثابت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " نضَّر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره فرُبَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه ، ورب حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ ".
رواه الترمذي ( 2656 ) وحسَّنه ، وأبو داود ( 3660 ) ، وابن ماجه ( 230 ) .
قال المباركفوري :
والمعنى : خصه الله بالبهجة والسرور لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا ونعمه في الاخرة حتى يرى عليه رونق الرخاء والنعمة ثم قيل إنه إخبار يعني جعله ذا نضرة وقيل دعاء له بالنضرة وهي البهجة والبهاء في الوجه من أثر النعمة .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 347 ، 348 ) .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-11-2013, 03:27 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
ذكر النووي رحمه الله في مقدمة الأربعين :
ثم منَ العُلماء من جَمَع الأربعين في أصول الدِّينِ، وبعضُهم في الفروع، وبعضُهم في الجهاد، وبعضُهم في الزُّهْد، وبعضُهم في الخُطَب، وكُلُّها مقاصِدُ صالِحةٌ*، رضي اللهُ عن قاصِدِيها. وقد رأيتُ جَمْعَ أربعينَ أهمَّ من هذا كلِّهِ، وهي أربعون حديثاً مشتملة على جميع ذلك ، وكلُّ حديث منها قاعِدةُ عظيمةُ من قواعد الدِّينِ، وقد وصَفَهُ العُلماءً بأنَّ مَدَارَ الإسلام عليه، أو نِصْفَ الإسلام، أو ثُلُثَهُ، أو نحو ذلك....
... وينبغي لكلِّ راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث لِمَا اشتملت عليه من المهمَّات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهر لِمَن تدبَّره )).ا.هـ
والأحاديث التي جمعها النووي ـ رحمه الله ـ اثنان وأربعون حديثاً، قد أطلق عليها أربعين تغليباً مع حذف الكسر الزائد، وقد رُزق هذا الكتاب للنووي مع كتابه (( رياض الصالحين )) القبول عند الناس، وحصل اشتهارهما والعناية بهما، وأوَّلُ كتاب ينقدح في الأذهان يُرشَد المبتدئون في الحديث إليه هذه الأربعون للإمام النووي رحمه الله، وقد زاد ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ عليها ثمانية أحاديث من جوامع الكلم، فأكمل بها العدَّة خمسين، وشرحها بكتاب سَمَّاه: (( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ))، وقد كثرت شروح الأربعين للإمام النووي، وفيها المختصر والمطوَّل، وأوسع شروحها شرح ابن رجب الحنبلي رحمه الله،
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
تأليف :عبد المحسن بن حمد العباد البدر

فوائد
*لو نظرنا إلى عمدة الأحكام لوجدناها منتخبة؛ لكنها في باب واحد وهو باب الفقه، أما الأربعون النووية فهي في أبواب متفرقة متنوعة،
مشتملة على جميع ذلك ، وكلُّ حديث منها قاعِدةُ عظيمةُ من قواعد الدِّينِ، وقد وصَفَهُ العُلماءً بأنَّ مَدَارَ الإسلام عليه، أو نِصْفَ الإسلام، أو ثُلُثَهُ، أو نحو ذلك....
♥ومن هذه الأحاديثِ الجوامِع: التي وَصفَها العلماءُ بأنَّ مدار الإسلام عليها، أو أنها أصولُ الأحاديثِ أو أصولُ الدين أو أصولُ السُّنن: حديثُ (الأعمال بالنيات)، و(الحلال بّيِّنٌ والحرام بَيِّنٌ)، و(مَنْ أحْدثَ في أمْرِنا هذا ما ليس منه؛ فهو رَدٌّ)...
♥فرغ المؤلف من تأليفها ليلة الخميس التاسع والعشرين من جمادي الأولى سنة (668هـ).
مستخلص مما سبق
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-11-2013, 03:28 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
اقتباس:
ترجمة الإمام النووي
مولده ونشأته
الإمام النووي ولد في عام (631هـ ) أي: في أوائل القرن السابع الهجري، وتولى والده الصالح رعايته وتأديبه، ونشأه تنشئة طيبة، فحضه منذ الصغر على طلب العلم حين لاحظ فيه من مخايل النجابة والذكاء والاستعداد الفطري.
الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي وهو من بلاد المغرب مر بنوى مصادفة ذات مرة فقال: رأيت الشيخ وهو ابن عشر سنين -يقصد الإمام النووي - بنوى والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، أي: يجري أمامهم وهو طفل عمره (10) سنوات، ويبكي حين يكرهونه على اللعب معهم، وهو يقرأ القرآن على تلك الحال.
قال: فوقع في قلبي محبته، وكان قد جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن.
قال: فأتيت معلمه فوصّيته به وقلت له: إنه يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجّم أنت؟ قلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذُكر ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الحلم.


رحلته في طلب العلم

وحينما كانت بيئة الإمام النووي بيئة صلاح ولكنها لا تُشبع نهمه في طلب العلم قدم به والده إلى دمشق سنة (649هـ) وكان عمره (19) سنة، وكانت دمشق موئل العلماء، ومنهل الفضلاء، ومهوى أفئدة طلاب العلم، وكان فيها من المدارس التي يُدرّس فيها مختلف أنواع العلوم ما يزيد على (300 ) مدرسة، ومنذ أن حط رحله فيها التقى بالشيخ عبد الكافي بن عبد الملك الربعي المتوفى سنة (689هـ ) وأطلعه على دخيلة نفسه، وما ينويه من طلب العلم، فأخذه وتوجه به إلى حلقة العالم الجليل الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن الفركاح المتوفى سنة (690هـ) فقرأ عليه دروساً، وبقي يلازمه مدة، ثم التمس من شيخه هذا مكاناً يأوي إليه ويسكن فيه، فدله على شيخ المدرسة الرواحية، وهذه المدرسة بناها أحد التجار المعروف بـابن رواحة في دمشق أيضاً.
قال: فدله على شيخ المدرسة الرواحية الإمام الفقيه كمال الدين إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي ، فتوجه إليه ولازمه وأخذ عنه وسكن المدرسة الرواحية، وقد ذكر النووي رحمه الله أنه بقي نحو سنتين لا يضع جنباً على الأرض.
أي: أنه بقي سنتين لا ينام وإنما يغفو إغفاءة ثم يستيقظ وهو جالس، وهذا فيه همة عالية في طلب العلم، إذا كان هذا الإمام أو غيره ممن كتب الله تعالى لذكرهم البقاء.
فقال: ويتبلغ بشيء من القوت اليسير، وحفظ التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف، وهو متن عظيم في الفقه، ثم حفظ ربع العبادات من المهذب في باقي السنة وهو يشرح ويصحح على شيخه كمال المغربي ، وقد أُعجب به شيخه أيما إعجاب؛ لما رأى من دأبه وحرصه وانصرافه إلى طلب العلم، فأحبه محبة شديدة وجعله معيد الدرس في حلقته -أي: أن الشيخ إذا فرغ من درسه جعل الإمام النووي يعيده في المدرسة الرواحية- حتى أقبل على طلب العلم بنهم وشغف وجد واستعداد وهمة لا تعرف الكلل والملل، فكان يقرأ كل يوم (11) درساً وقيل: (12) درساً على العلماء شرحاً وتصحيحاً: درسين في الوسيط للغزالي ، وثالثاً في المهذّب للشيرازي ، ودرساً في الجمع بين الصحيحين للحميدي ، وخامساً في صحيح مسلم ، ودرساً في إصلاح المنطق لـابن السكيت ، ودرساً في اللمع لـابن جني ، ودرساً في أصول الفقه في اللمع للشيرازي أيضاً، والمنتخب للفخر الرازي ، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين -أي: في العقيدة- وكان يُعلّق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، وإيضاح عبارة، وضبط لغة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-11-2013, 03:29 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
Mice2

صفاته التي أهلته للطلب ووصاياه لطلاب العلم

هذا الذي نعده إنما يدلنا على أن الإمام قد حرص على أن يأخذ من كل فن بنصيب، ومن كل علم بحظ وافر، وما كان ينام من الليل إلا أقله: "كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " [الذاريات:17-18]، وإذا غلبه النوم استند إلى الكتب لحظة ثم يفيق وينتبه، وضُرب به المثل في إكبابه على طلب العلم ليلاً ونهاراً، وهجره النوم إلا عن غلبة، وضبط أوقاته بلزوم الدرس أو الكتابة أو المطالعة أو التربي على الشيوخ، حتى إنه إذا مشى في الطريق كان يشتغل في تكرار ما يحفظ -أي: أنه في أثناء سيره لم يكن يضيع الوقت، ولكنه كان يراجع محفوظاته- فإذا وصل إلى الدرس التحم ذكره في الشوارع وقراءته ومراجعته لهذه الدروس بدرسه الذي يُسمعه الطلاب، فما كان يضيع من وقته لحظة واحدة، وهذا شأن الحريص على طلب العلم.
وكان قوي المدرك حاضر البديهة تنثال عليه المعاني انثيالاً في وقت الحاجة إليها -كان إذا أراد أن يستشهد بشيء أو يأتي بأدلة لمسألة كانت تنثال انثيالاً وكأنه يقرأ من كتاب- وهذا يدل على قوة القريحة لديه رحمه الله تعالى.
وكان يتعمق في المسائل العلمية ولا يكتفي بدراسة ظواهرها ولا يتقلد قول الغير فيها إلا بعد التحقق من صحة دليله وجودة مخرجه.
وكان رحمه الله تعالى يتمتع بحافظة قوية مستوعبة أتاحت له السيطرة الفكرية على ما يقرأ بحيث يربط أقصاه بأدناه، وأوله بآخره، وأجزاءه بعضها ببعض.
وكان رحمه الله تعالى تتمثل فيه الآداب التي ذكرها في كتابه المجموع في الجزء الأول من المقدمة، ذكر مقدمة في غاية الروعة والمتانة ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، فكان من بين هذه العناصر والنصائح أنه قال: ينبغي للمتعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى، فلا يقصد به رياسة، ولا سمعة، ولا رياء، ولا إشارة بالبنان إليه، ولا عرضاً من أعراض الدنيا من جاه وسلطان ومال وغير ذلك، إنما يقصد به وجه الله تعالى، فمن كان طالباً للعلم فليعلم أن مطلوبه هو أعز وأشرف مطلوب، فليعد أعز العدة له، وأعزها وأفضلها إنما هو تقوى الله عز وجل والإخلاص في طلبه لله دون سواه، فهذا الإمام إنما نبّه وأكد على الإخلاص في طلب العلم في مقدمة تنبيهاته وتوجيهاته من المجموع.
ثم ثنى بعد ذلك بقوله: وأن يتحقق بالمحاسن التي ورد الشرع بها وحث عليها، والخلال الحميدة والسير المرضية التي أرسل إليها من التزهد في الدنيا والتقلل منها، وعدم المبالاة بفواتها، والسخاء، والجود، ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه والبشاشة، وغير ذلك من مكارم الأخلاق.
ثم ثلث بقوله: وأن يحذر من الحسد والرياء والإعجاب واحتقار الناس وإن كانوا دونه درجات، وهذا ما نفتقده نحن الآن، فالواحد منا إذا طالع كتاباً واحداً لا يمكن التفاهم معه؛ لأنه يظن أنه قد حاز العلم بحذافيره، لمجرد أنه يقرأ الجزء الأول من فقه السنة يظهر عليه الكبر والعجب والتيه والخيلاء في مشيه وكلامه وجلوسه وقعوده ومعاملته مع الخلق، بل ومعاملته مع الله عز وجل، وذلك لأنه طلب على غير شيخ، ثم لم يعد العدة ولم يتهيأ ولم يتأدب بالآداب التي ينبغي أن يتعلمها أولاً قبل أن يتعلم العلم؛ ولذلك الحسن البصري يقول: نحن في حاجة إلى قليل من الأدب أكثر من حاجتنا إلى كثير من العلم.
وقيل للشافعي : كيف شهوتك للأدب؟ قال: والله إني لأسمع بالحرف الواحد منه فأتمنى لو تكون كل جوارحي آذناً حتى تنعم بهذا الحرف.
قيل له: كيف طلبك إياه؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره.
وانظر عندما تكون هناك امرأة ليس لها إلا ولد واحد، وهذا الولد ضل وتاه عنها، تبحث عنه بحث المجنونة عليه، فكذلك كان يفعل الإمام الشافعي ، فينبغي قبل أن يطلب الطالب العلم أن يطلب الأدب؛ لأنه إن طلب الأدب أولاً انتفع بالعلم، وإن لم يطلب الأدب أولاً لم ينتفع لا بالعلم ولا بالأدب.
ثم يقول: وعليه أن يداوم مراقبة الله تعالى في علانيته وسره، محافظاً على قراءة القرآن والأذكار والدعوات ونوافل الصلوات والصوم وغيرها، معولاً على الله في كل أمره، معتمداً عليه مفوضاً في كل الأحوال أمره إليه.
ثم قال: وعليه أن يستمر مجتهداً في الاشتغال بالعلم قراءة وإقراءً، ومطالعة وتعليقاً، ومباحثة ومذاكرة، ولا يستنكف من التعلم ممن هو دونه في سن أو نسب أو دين أو في علم آخر أو غير ذلك.
وعليه أن يعتني بالتصنيف إذا تأهل له، أما إذا لم يتأهل له فلا شك أنه يحرم عليه أن يتصدى للتصنيف، وينبغي له أن يحرّض طلابه على الاشتغال في كل وقت، ويطالبهم بحفظ ما يلزم حفظه، وينير أذهانهم بطرح الأسئلة المهمة عليهم.
ومن أهم ما يؤمر به ألا يتأذى ممن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره؛ لأنك إذا منعت طلابك من أن يسمعوا لغيرك فلا شك أنهم سيتعلمون الجمود؛ لأنه ربما لا تلقي عليهم أنت إلا رأياً واحداً هو الذي تعتنقه وتعتقده، فيخرج الطالب أفقه ضيّق جداً لا يعرف في كل مسألة إلا قولاً واحداً، فلو صدم بالرأي الثاني أو الثالث أو العاشر أو المائة فيستنكر كل هذه الآراء؛ لأنه تربى على رأي واحد وعلى شيخ واحد، وقديماً قالوا: الذي له شيخ واحد كالذي له امرأة واحدة إن حاضت حاض معها، وإن نفست نفس معها، وإن طهرت طهر معها، فينبغي أن يكون لطالب العلم علماء ومشايخ كثر حتى يتعلم من الجميع.
تلك هي أهم خصائصه العلمية.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-11-2013, 03:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
اقتباس:
الجانب الخلقي للإمام النووي رحمه الله


وأما الجانب الخلقي من شخصيته عليه رحمة الله: فقد كان على جانب عظيم من التقوى والإنابة، فهو كما أشرنا منذ نعومة أظفاره كان يستشعر خشية الله فينفر عن اللهو وينصرف عن اللغو، ويملأ فراغه بقراءة القرآن والأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله تعالى، وكان رأساً في الزهد قدوة في الورع، يتقلل من الدنيا ويعرض عن مفاتنها ومتعها، ولا يتناول منها إلا ما يقيم أوده، ويعينه على القيام بما هو آخذ بسبيله.
قال الإمام
الذهبي : ولي الإمام النووي دار الحديث، وكان لا يتناول من معلومها شيئاً، يعني: الجعل الذي كانت تنفقه المدرسة على أبنائها وطلابها وعلمائها لم يكن يتناول منه شيئاً، بل يتقنع بالقليل مما يبعث به إليه أبوه، كان أبوه يبعث إليه بالجرايات -أي: الطعام والشراب الذي يأكله- وكانت أمه ترسل إليه كل عام قميصاً أو قميصين يلبسهما، فما كان يلبس من أحد، ولا يأكل من أحد، وما كان يقبل هدية طالب من الطلاب.
وهذه سيرة كثير من أهل العلم السالكين، أنهم ما كانوا يقبلون هدايا تلاميذهم الذين ليس بينهم وبين بعض تبادل هدايا، أي: لو أن طالباً يتبادل مع شيخه الهدايا فلا بأس أن يأخذ منه الشيخ، وأما إذا كانت الهدية مقدمة من التلميذ، وهذا الشيخ لا يعرف التلميذ إلا أنه تلميذه في الحلقة، وليس بينهم من الود ما يسمح له بقبول الهدية فإن الشيخ كان يمتنع عن قبول الهدية التي بهذا الوصف.
قال: وكان لا يأخذ من أحد شيئاً، ولا يقبل إلا ممن تحقق دينه ومعرفته، ولا له به علاقة من إقراء وانتفاع به.
ويقول أيضاً الإمام الذهبي عنه: كان عديم الميرة -أي: الطعام والشراب- والرفاهية والتنعم، مع التقوى والقناعة والورع الثخين، والمراقبة لله تعالى في السر والعلانية، وترك رعونات النفس من ثياب حسنة، وأكل طيب، وتجمل في هيئة، بل طعامه جلف الخبز بأيسر إدام، ولباسه ثوب خام وشيخنانية لطيفة.
هذا ما كان يأخذه لنفسه، ولكنه عند الفتوى وعند شرح الأحاديث يكون له موقف آخر، فإن هذا جانب الورع، والورع لا يُجبر عليه العبد، وإنما يُنصح به مجرد نصيحة، وله بعد ذلك أن يأخذ به أو لا يأخذ كالإحسان تماماً، فإنك لا تستطيع أن تحمل عبداً على الإحسان، ولكنك تستطيع أن تحمله على الإيمان وعلى الإسلام، وإلا فله حكم آخر في الشرع، أما الإحسان فهو المراقبة بينك وبين الله عز وجل، ولا يستطيع أحد أن يحملك عليه إلا الله عز وجل يرزقك إياه، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإحسان والورع! وأما الورع فكان ديدن الإمام النووي عليه رحمة الله تبارك وتعالى، أما عند شرحه للأحاديث فهذا شيء آخر يتعلق بجميع المسلمين، فإنه عند الفتوى والتحقق والإفتاء لا يجوز لي أن أحمل الناس على ما أنا عليه، فكذلك كان الإمام يفعل.
ولكنه في باب الفتيا كان ينهج منهج القصد والاعتدال، فقد علّق على حديث عائشة رضي الله عنها المخرّج عند مسلم : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل)، يقول: فيه جواز أكل لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق، وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل اتفاقاً.
أي: إذا لم يحرص عليه العبد، ولكنه قُدّم إليه دون طلب.
قال: وكان رحمه الله تعالى يسدي النصح للعظماء والكبار بأسلوب تلمح فيه عزة المؤمن ونزاهة القصد وكمال الشفقة للمنصوح، وله في ذلك مواقف رائعة مدونة في الكتب التي أُلفت في مناقبه تستوجب الإكبار والاعتداد، وتصلح أن تكون مثلاً أعلى للاحتذاء.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-11-2013, 03:31 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
Mice2

اقتباس:
اسمه ونسبه
هو شيخ الإسلام الإمام الحافظ يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن حزام أبو زكريا محيي الدين النووي الدمشقي الشافعي المذهب، ولكنه كان مجتهداً في المذهب ورأساً فيه، فلم يكن مقلداً لشيخه الإمام الشافعي ، بل خالفه في مواطن كثيرة، وهذا شأن المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم ولهديه ولسيرته؛ أنه لا يقلد ولا يجوز له أن يقلد ما دام قد بلغ درجة التمييز بين الآراء والتمحيص بينها، ثم يختار لنفسه ولأمته ما يترجّح به الدليل، أما التقليد فإنه لا يجوز إلا في حق العامة فقط، وإذا كان العامي يجوز له هذا فإنه لا يأخذ من تقليده ما يوافق هواه، ولكن عليه أن يسأل أكثر من عالم ثم يأخذ بما تطمئن إليه نفسه إن خلا ذلك عن الهوى وعن المصلحة الشخصية.
وقرية (نوى) هي مسقط رأس الإمام النووي ، وهي قرية من أعمال دمشق، وكان جده الأعلى -وهو حزام - نزل بها على عادة العرب أنهم كانوا يرحلون ويحطون رحالهم في أماكن ويستقرون بها، فكذلك فعل جده الأعلى حزام ، فأقام بها ورزقه الله تعالى ذرية كثيرة.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-11-2013, 03:42 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
افتراضي

اقتباس:
رسالة النووي إلى السلطان في شأن الفقهاء حين منعهم من التنقل بين المدارس والمساجد
ومما كتبه: رسالة تتعلق بالمكوس والحوادث الباطلة، وكتب كذلك رسالة بالأمراء والخيل، وأبطل الله تعالى ذلك على يد من يشاء من عباده في دولة السعيد بن الظاهر رحمهم الله تعالى.
وكتب رسائله إلى السلطان في شأن الفقهاء، حينما رُسم بأن الفقيه لا يكون منزّلاً في أكثر من مدرسة واحدة، وكانت المدارس في دمشق (300) مدرسة، فكان العالم الواحد يتنقل في عدة مدارس وتُجرى عليه الجرايات من كل مدرسة ينزل فيها، فحسد أحد الفقهاء هذا الوضع فوشى بهم إلى السلطان أنه لا ينبغي على الفقيه أن يبرح مدرسة واحدة، كل واحد يظل في مسجده ولا يخرج، فقال السلطان: لا ينتقل أحد من أهل العلم في مدرسة إلى مدرسة غيرها، ومن كان لديه شيء فلينقلها في مسجده أو مدرسته، إنما كونه ينتقل إلى مسجد آخر فهذا من الأمور المحرمة رسمياً وليس شرعاً، فلما رأى ذلك الإمام النووي كتب كتاباً.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
خدمة الشرع ينهون أن الله تعالى أمرنا بالتعاون على البر والتقوى، ونصيحة ولاة الأمور وعامة المسلمين، وأخذ على العلماء العهد بتبليغ أحكام الدين ومناصحة المسلمين، وحث على تعظيم حرماته وإعظام شعائر الدين وإكرام العلماء وطلابهم، وقد بلغ الفقهاء بأنه رُسم في حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم، ويقطعوا عن بعض مدارسهم، فتنكست بذلك أحوالهم، وتضرروا بهذا التضييق عليهم، وهم محتاجون ولهم عيال وفيهم الصالحون والمشتغلون بالعلوم، وإن كان فيهم أفراد لا يلتحقون بمراتب غيرهم، فهم منتسبون إلى العلم ومشاركون فيه، ولا يخفى مراتب أهل العلم وفضلهم وثناء الله تعالى عليهم، وبيان مزيتهم على غيرهم، وأنهم ورثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وأن الملائكة عليهم السلام تضع أجنحتها لهم، ويستغفر لهم كل شيء حتى الحيتان.
واللائق بالجناب العالي -أي بالسلطان- إكرام هذه الطائفة من العلماء وطلاب العلم، والإحسان إليهم ومعاضدتهم، ودفع المكروهات عنهم، والنظر في أحوالهم بما فيه الرفق بهم، فقد ثبت في صحيح مسلم : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به).
وروى أبو عيسى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه كان يقول لطلبة العلم: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن رجالاً يأتونكم يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).
والمسئول ألا يُغير على هذه الطائفة شيء، وتستجلب دعوتهم لهذه الدولة القاهرة، وقد ثبت في صحيح البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟).
وقد أحاطت العلوم بما أجاب به الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان ترك الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، فقال: أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار؛ فاستصوب فعله وساعده عليه.
والله الكريم يوفق الجنابة دائماً لمرضاته، والمسارعة إلى طاعته.
والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-11-2013, 03:48 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
اقتباس:
رسالة النووي إلى ابن النجار في سعيه لدى السلطان بما يضر بعامة المسلمين
وله كذلك رسائل كثيرة في كليات تتعلق بالمسلمين وجزئيات، وفي إحياء سنن نيرات، وفي إماتة البدع المظلمات، وله كلام طويل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مواجهاً به أهل المراتب العاليات.
وقد كتب رسالة إلى من كان يسعى في إحداث أمور باطلة على المسلمين، جديرة بأن يتأملها كل داعية إلى الله؛ ليعلم حرص العلماء على العامة، وغضبتهم عندما تنتهك حرمات الله تعالى.
ابن العطار وهو تلميذه يقول: كنت يوماً بين يديه لتصحيح درس عليه في مختصر علوم الحديث الأصغر، فلما فرغت منه قال لي: رأيت الليلة في المنام كأني كنت سابحاً في بحر، وكأني خرجت منه إلى شاطئه، وإذا أنا بشخص قد غرق فيه، وقد تعلق بخشبة على وجهه لحظة ثم غرق، قلت: يا سيدي! أأنت علمت الشخص من هو؟ قال: نعم.
قلت: من هو؟ قال: ابن النجار .
قلت: فما أوّلته؟ -أي: ما تأويل هذه الرؤيا؟- قال: يظهر قليلاً ثم يخفى خفاء لا ظهور بعده، أي: يظهر ببدعته وبنكده قليلاً فيعكّر صفو البلاد، ثم يكتب الله تعالى له الإزالة والخفاء فلا يظهر بعدها مع نفاق في قلبه.
هذه هي الرؤيا.
يقول: وكان من قصة المذكور ابن النجار أنه سعى في إحداث أمور على المسلمين باطلة، فقام الشيخ قدّس الله روحه مع جماعة من العلماء فأزالوها بإذن الله تعالى، ونصر الله الحق وأهله، فغضب لذلك ابن النجار لكراهيته لمصلحة المسلمين ونصيحة الدين، وبعث إلى النووي يهدده ويقول: أنت الذي تحزّب العلماء عليّ، فكتب إليه النووي قدّس الله روحه كتاباً هذا صورته.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
من يحيى النووي .
اعلم أيها المقصر في التأهب لمعاده! التارك مصلحة نفسه في تهيئة جهاده له وزاده، أني كنت لا أعلم كراهتك لنصرة الدين، ونصيحة السلطان والمسلمين؛ حملاً مني لك على ما هو شأن المؤمنين من إحسان الظن بجميع الموحدين، وربما كنت أسمع في بعض الأحيان من يذكرك بغش المسلمين؛ فأُنكر عليه بلساني وبقلبي؛ لأنها غيبة لا أعلم صحتها، ولم أزل على هذا الحال إلى هذه الأيام، فجرى ما جرى من قول قائل للسلطان وفّقه الله لكريم الخيرات: إن هذه البساتين يحل انتزاعها من أهلها عند بعض العلماء.
إذاً: علمنا أن سبب فعل السلطان أنه لم يفعل ذلك بهواه، وإنما حينما أفتاه علماء السلطة بأن هذه البساتين يحل له ردها في مذهب بعض العلماء من السلف، فحينما رأى ذلك السلطان وأن بعض العلماء السالكين قالوا بجواز ذلك وبحله؛ فعله، وهو في هذه الحال لا يقدم على حرام ولا على مكروه، وإنما أخذ بفتوى بعض من أهل العلم.
قال: إن هذه البساتين يحل انتزاعها من أهلها عند بعض العلماء.
فالإمام النووي رد عليه بقوله: وهذا من الافتراء الصريح والكذب القبيح، فوجب عليّ وعلى جميع من علم هذا من العلماء أن يبيّن بطلان هذه المقالة ودحض هذه الشناعة، وأنها خلاف إجماع المسلمين.
إذاً: المسألة فيها إجماع بالمنع، فلا يجوز للسلطان أن ينتزع أرضاً من أحد رعيته إلا أن يشتريها منه أو يكافئه عليها، حتى يرضى صاحبها.
قال: وأنه لا يقول بها أحد من أئمة الدين.
أي: هذه الفتوى التي قلتها والتي أبلغتها للسلطان لم يقل بها أحد من أئمة الدين.
قال: وأن ينهوا ذلك إلى سلطان المسلمين، وأنا أكلفكم أن تبلغوا هذا إلى السلطان، فإنه يجب على الناس نصيحته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).
وإمام المسلمين في هذا العصر هو السلطان وفقه الله تعالى لطاعته وتولاه بكرامته، وقد شاع بين الخواص والعوام أن السلطان كثير الاعتناء بالشرع، ومحافظ على العمل به، وأنه بنى المدرسة لطوائف العلماء، ورتّب القضاة من المذاهب الأربعة، وأمر بالجلوس في دار العدل لإقامة الشرع، وغير ذلك مما هو معروف من اعتناء السلطان أعز الله أنصاره بالشرع، وأنه إذا طلب طالب منه العمل بالشرع أمر بذلك ولم يخالفه، فلما افترى هذا القائل في أمر البساتين ما افتراه ودلّس على السلطان، وأظهر أن انتزاعها من يد مُلّاكها جائز عند بعض العلماء، وغش السلطان في ذلك، وبلغ ذلك علماء البلد؛ وجب عليهم نصيحة السلطان، وتبيين الأمر له على وجهه الصحيح، وأن هذا خلاف إجماع المسلمين، فإنه يجب عليهم نصيحة الدين والسلطان وعامة المسلمين.
فوفقهم الله تعالى للاتفاق على كتب كتاب يتضمن ما ذكرته على جهة النصيحة للدين والسلطان والمسلمين، ولم يذكروا فيه أحداً بعينه بل قالوا: من زعم جواز انتزاعها فقد كذب.
أي أنه لم يقل له: يا ابن النجار! أنت كذاب، وأنت مفتر! إنما قال: من زعم لك أن انتزاعها جائز من يد مُلّاكها فقد كذب.
قال: وكتب علماء المذاهب الأربعة خطوطهم بذلك؛ لِما يجب عليهم من النصيحة المذكورة، واتفقوا على تبليغها ولي الأمر، أدام الله نعمه عليه لتنصحوه وتبينوا حكم الشرع له.
ثم بلّغني جماعات متكاثرات في أوقات مختلفات حصل لي العلم بقولهم: أنك كرهت سعيهم في ذلك، وسارعت في ذم فاعل ذلك، وأسندت معظم ذلك كله إلي، ويا حبذا ذلك من صنيع! أي: الكلام الذي قلته وكراهيتك لما كتبناه وأبلغناه السلطان قد بلغنا كله.
وبلغني كذلك أنك تتهمني فقط بهذا، فإذا كان الأمر كذلك فيا حبذا ويا مرحباً بهذا الاتهام.
قال: وبلّغني عنك هؤلاء الجماعات أنك قلت: قولوا لـيحيى هو الذي سعى في هذا، فينكف عنه وإلا أخذت منه دار الحديث.
دار الحديث: هي المدرسة التي كان يدرس فيها الإمام النووي .
قال: وبلّغني عنك هؤلاء الجماعات أنك حلفت مرات بالطلاق الثلاث أنك ما تكلمت في انتزاع هذه البساتين، وأنك تشتهي إطلاقها.
قال: فيا ظالم نفسه! أما تستحي من هذا الكلام المتناقض؟ وكيف يصح الجمع بين شهوتك في إطلاقها، وأنك لم تتكلم فيها، وبين كراهتك السعي في إطلاقها ونصيحة السلطان والمسلمين؟ كيف يمكن الجمع بين هذا وذاك؟ ويا ظالم نفسه! هل تعرّض لك أحد بمكروه أو تكلم فيك بعينك؟ وإنما قال العلماء: من قال هذا للسلطان فقد كذب، ودلّس عليه وغشه ولم ينصحه، فإن السلطان ما يفعل هذا إلا لاعتقاده أنه حلال عند بعض العلماء، فبينوا أنه حرام عند جميعهم، وأنت قد قلت: إنك لم تتكلم فيها، وحلفت على هذا بالطلاق الثلاث، فأي ضرر عليك في إبطال قول كاذب على الشرع غاش مدلّس على السلطان، وقد قلت: إنه غيرك، وكيف تكره السعي على شيء قد أجمع الناس على استحسانه، بل هو واجب على من قدر عليه، وأنا بحمد الله من القادرين عليه بالطريق الذي سلكته، وأما نجاحه وتحقيقه فهو إلى الله تعالى مقلب القلوب والأبصار.
قال: ثم إني أتعجّب غاية العجب من اتخاذك إياي خصماً.
أي: إذا لم يكن بيننا شيء فلماذا تعاديني؟ قال: ويا حبذا ذلك من اتخاذ! فإني بحمد الله تعالى أحب في الله تعالى وأُبغض فيه.
وهذا أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله.
قال: فأُحب من أطاعه وأُبغض من خالفه، وإذا أُخبرت عن نفسك بكراهتك السعي في مصلحة المسلمين ونصيحة السلطان، فقد دخلت في جملة المخالفين، وصرت ممن نبغضه في الله رب العالمين، فإن ذلك من الإيمان كما جاءت به الآثار الصحيحة المنقولة بأسانيد الأئمة الأخيار.
قال: ارض لمن غاب عنك غيبته، فذاك ذنب عقابه فيه، ويا ظالم نفسه! أنا ما خاصمتك أو كلمتك أو ذكرتك أو بيني وبينك مخاصمة أو منازعة أو معاملة في شيء، فما بالك تكره فعل خير يسّرني الله الكريم له؟ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8]، بل أنت لسوء نظرك لنفسك تتأذى على نفسك، وتشهد الشهود بكراهة هذه النصيحة التي هي مصرّحة بأنك أنت الذي تكلمت في هذه البساتين، وأن الطلاق واقع عليك، وهذه بلية أخرى، وما أبعد أن تكون شبيهاً بمن قال الله تعالى فيهم: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ [محمد:30].
ويا عدو نفسه! أتراني أكره معاداة من سلك طريقتك هذه؟ بل والله أحبها وأوثرها، وأفعلها بحمد الله تعالى، فإن الحب في الله والبغض فيه واجب عليّ وعليك وعلى جميع المكلّفين، ولست أدري أي غرض لك في حرصك في الإنكار على الساعين في إعظام حرمات الدين ونصيحة السلطان والمسلمين؟ فيا ظالم نفسه! انته عن هذا وارجع عن طريقة المباهتين والمعاندين.
وأعجب من هذا تكريرك الإرسال إلي بزعمك الفاسد كالمتوعد: إن لم ينكف أخذت منه دار الحديث.
أي: إن لم يسكت الإمام النووي أخذ منه دار الحديث، يهدده، فهو يظن أنه يأخذ راتباً، ونحن قلنا قبل هذا أنه لا يأخذ راتباً من أحد، فقد ملك قوته، ومن ملك قوته ملك قراره، فلا يتأثر بتهديد لا من الخارج ولا من الداخل؛ ولذلك الأنبياء جميعاً كانوا أصحاب أعمال وحرف، وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بعث الله من نبي إلا رعى الغنم) وكان منهم النجار، ومنهم الحداد، ومنهم غير ذلك، فهم يملكون قرارهم.
قال: فيا ظالم نفسه! وجاهل الخير وتاركه! أطّلعت على قلبي أني متهافت عليها؟ يعني: هل تتصور أنني حريص على دار الحديث؟ أو علمت أني منحصر فيها؟ أو تحققت أني معتمد عليها مستند إليها؟ أو عرفت أني أعتقد انحصار رزقي فيها؟ قال: أو ما علمت لو أنصفت كيف كان ابتداء أمرها؟ أي: أنك لم تعرف عن هذه المدرسة ونشأتها، وحينما قبلت أنا إنما قبلت على كره مني؛ لأنها فُرضت عليّ فرضاً ولم أسع إليها.
قال: أوما كنت حاضراً مشاهداً أخذي لها؟ ولو فُرض تهافتي عليها أكنت أوثرها على مصلحة عامة للمسلمين؟ أي: افرض أنني أيضاً متمسك بها أكنت أوثرها على مصلحة عامة للمسلمين؟ فهذه مدرسة، والأمر الذي أتكلم فيه وانتزاع الأملاك أمر متعلق بعامة المسلمين، فهل أنت متصور أني أقدّم المصلحة الشخصية أو المصلحة الفردية على مصلحة المسلمين العامة؟ قال: ولو فُرض تهافتي عليها أكنت أوثرها على مصلحة عامة المسلمين، مشتملة على نصيحة الله ورسوله والسلطان، وعامة المسلمين؟ هذا ما لم أفعله ولن أفعله إن شاء الله تعالى.
وكيف تتوهم أني أترك نصيحة الله ورسوله، وسلطان المسلمين، وعامتهم؛ مخافة من خيالاتك؟! إن هذه لغباوة منك عظيمة.
ويا عجباً منك كيف تقول هذا؟! أأنت رب العالمين؟! بيدك خزائن السماوات والأرض؟! وعليك رزقي ورزق الخلائق أجمعين؟! أم أنت سلطان الوقت تحكم الرعية بما تريد؟ فلو كنت عاقلاً ما تهجمت على التفوه بهذا الذي لا ينبغي أن يقوله إلا رب العالمين، أو سلطان الوقت، مع أن سلطان الوقت منزه عن قولك الباطل مرتفع المحل عن فعل ما ذكرت يا ظالم نفسه.
فإن كنت تقول هذا استقلالاً منك -أي: من عند نفسك- فقد أفتأت عليه، واجترأت على أمر عظيم، ونسبته إلى الظلم عدواناً، وإن كنت تقوله عنه، فقد كذبت عليه، فإنه بحمد الله حسن الاعتقاد في الشرع، وذلك من نعم الله تعالى عليه، والسلطان بحمد الله وفضله أكثر اعتقاداً في الشرع من غيره ومعظم حرماته، وليس هو ممن يقابل ناصحه بهذيانات الجاهلين وترّهات المخالفين، بل يقبل نصائحهم كما أمره الله تعالى.
واعلم أيها الظالم نفسه! أني والله الذي لا إله إلا هو لا أترك شيئاً أقدر عليه من السعي في مناصحة الدين والسلطان والمسلمين في هذه القضية، وإن رغمت أنوف الكارهين، وإن كره ذلك أعداء المسلمين، وفرق حزب المخذّلين، وسترى مما أتكلم به إن شاء الله تعالى عند هذا السلطان -وفّقه الله تعالى لطاعته، وتولاه بكرامته- في هذه القضية غيرة على الشرع، وإعظاماً لحرمات الله تعالى وإقامة للدين، ونصيحة للسلطان وعامة المسلمين.
ويا ظالم نفسه! اجلب بخيلك ورجلك إن قدرت، واستعن بأهل المشرقين وما بين الخافقين، فإني بحمد الله فيَّ كفاية تامة.
وأرجو من فضل الله تعالى أنك لا تقوى لمنابذة أقل الناس مرتبة، وأنا بحمد الله تعالى ممن يود القتل في طاعة الله تعالى.
أتقوى يا ضعيف الحيل لمنابذتي؟! أبلغك يا هذا ! أني لا أؤمن بالقدر؟ أو بلغك أني أعتقد أن الآجال تنقص، وأن الأرزاق تتغيّر؟ أما تفكر في نفسك في قبيح ما أتيته من الفعال، وسوء ما نطقت به من المقال؟ أيا ظالم نفسه! من طلب رضا الله تعالى تردّه خيالاتك وتمويهاتك وأباطيلك وترهاتك؟ وبعد هذا كله.
.
أنا أرجو من فضل الله تعالى أن الله يوفّق السلطان -أدام الله نعمه عليه- لإطلاق هذه البساتين، وأن يفعل فيها ما تُقرُّ به أعين المؤمنين، ويُرغم به أنف المخالفين، فإن الله تعالى يقول: وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف:128].
والسلطان بحمد الله تعالى يفعل الخيرات، فما يترك هذه القضية تفوته.
واعلم أنك عندي بحمد الله تعالى أقل ممن أهتم بشأنك أو ألتفت إلى خيالاتك وبطلانك، ولكني أردت أن أُعرِّفك بعض أمري؛ لتدخل نفسك في منابذة المسلمين بأسرهم، ومنابذة سلطانهم -وفقه الله تعالى على بصيرة منه- وترتفع عنك جهالة بعض الأمر؛ ليكون دخولك بعد ذلك معاندة لا عذر لك فيه.
ويا ظالم نفسه! أتتوهم أنه يخفى عليّ وعلى من سلك طريق نصائح المسلمين وولاة الأمور وحماة الدين أنّا لا نعتقد صدق قول الله تعالى: "وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "[الأعراف:128]، وقوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43]، وقوله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا "[العنكبوت:69]، وقوله تعالى: "إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "[محمد:7]، وقوله تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "[الروم:47]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم خذلان من خذلهم)؟ والمراد بهذه الطائفة كما قال الإمام أحمد : أهل العلم، وأولي النهي والفهم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه الراوي: أبو هريرة المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 10/464-خلاصة حكم المحدث: ثابت- الدرر

) هذا فيمن كان في واحد من الناس، فكيف الظن بمن هو في عون المسلمين أجمعين، مع إعظام حرمات الشرع ونصيحة السلطان وموالاته، وبذل النفس في ذلك؟ واعلم أني والله لا أتعرض لك بمكروه، سوى أني أبغضك في الله تعالى، وما امتناعي عن التعرض لك بمكروه عن عجز مني، بل أخاف الله رب العالمين من إيذاء من هو من جملة الموحدين على جهة العموم، وقد أخبرني من أثق بخيره وصلاحه وكراماته وفلاحه.
أنك إن لم تبادر في التوبة حلّ بك عقوبة عاجلة، تكون بها آية لمن بعدك لا يأثم بها أحد من الناس، بل هو عدل الله يوقعه بك عبرة لمن بعدك، فإن كنت ناظراً لنفسك فبادر بالرجوع عن سوء فعالك، وتدارك ما أسلفته من قبيح مقالك، قبل أن يحل بك ما لا تقال به عثرتك، ولا تغتر بسلامتك وثروتك ووصيلتك، وفكر في قول القائل: قد نادت الدنيا على نفسها لو كان في العالم من يسمع كم واثق بالعمر واريته وجامع بددتُ ما يجمع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال ابن العطار رحمه الله: قال لي المحدث أبو العباس الإشبيلي رحمه الله، وكان له ميعاد على الشيخ قدّس الله روحه في الثلاثاء والسبت.
قال: وكان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منه لو كانت لشخص شُدّت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض.
أما المرتبة الأولى: العلم والقيام بوظائفه.
والمرتبة الثانية: الزهد في الدنيا بجميع أنواعها.
وأما المرتبة الثالثة: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلِّ اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه.
وسلم تسليماً كثيراً.
( شرح صحيح مسلم - المقدمة - ترجمة الإمام النووي [1] )
للشيخ : ( حسن أبو الأشبال الزهيري )
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 10:37 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology