ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 03-11-2013, 03:48 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
اقتباس:
رسالة النووي إلى ابن النجار في سعيه لدى السلطان بما يضر بعامة المسلمين
وله كذلك رسائل كثيرة في كليات تتعلق بالمسلمين وجزئيات، وفي إحياء سنن نيرات، وفي إماتة البدع المظلمات، وله كلام طويل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مواجهاً به أهل المراتب العاليات.
وقد كتب رسالة إلى من كان يسعى في إحداث أمور باطلة على المسلمين، جديرة بأن يتأملها كل داعية إلى الله؛ ليعلم حرص العلماء على العامة، وغضبتهم عندما تنتهك حرمات الله تعالى.
ابن العطار وهو تلميذه يقول: كنت يوماً بين يديه لتصحيح درس عليه في مختصر علوم الحديث الأصغر، فلما فرغت منه قال لي: رأيت الليلة في المنام كأني كنت سابحاً في بحر، وكأني خرجت منه إلى شاطئه، وإذا أنا بشخص قد غرق فيه، وقد تعلق بخشبة على وجهه لحظة ثم غرق، قلت: يا سيدي! أأنت علمت الشخص من هو؟ قال: نعم.
قلت: من هو؟ قال: ابن النجار .
قلت: فما أوّلته؟ -أي: ما تأويل هذه الرؤيا؟- قال: يظهر قليلاً ثم يخفى خفاء لا ظهور بعده، أي: يظهر ببدعته وبنكده قليلاً فيعكّر صفو البلاد، ثم يكتب الله تعالى له الإزالة والخفاء فلا يظهر بعدها مع نفاق في قلبه.
هذه هي الرؤيا.
يقول: وكان من قصة المذكور ابن النجار أنه سعى في إحداث أمور على المسلمين باطلة، فقام الشيخ قدّس الله روحه مع جماعة من العلماء فأزالوها بإذن الله تعالى، ونصر الله الحق وأهله، فغضب لذلك ابن النجار لكراهيته لمصلحة المسلمين ونصيحة الدين، وبعث إلى النووي يهدده ويقول: أنت الذي تحزّب العلماء عليّ، فكتب إليه النووي قدّس الله روحه كتاباً هذا صورته.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
من يحيى النووي .
اعلم أيها المقصر في التأهب لمعاده! التارك مصلحة نفسه في تهيئة جهاده له وزاده، أني كنت لا أعلم كراهتك لنصرة الدين، ونصيحة السلطان والمسلمين؛ حملاً مني لك على ما هو شأن المؤمنين من إحسان الظن بجميع الموحدين، وربما كنت أسمع في بعض الأحيان من يذكرك بغش المسلمين؛ فأُنكر عليه بلساني وبقلبي؛ لأنها غيبة لا أعلم صحتها، ولم أزل على هذا الحال إلى هذه الأيام، فجرى ما جرى من قول قائل للسلطان وفّقه الله لكريم الخيرات: إن هذه البساتين يحل انتزاعها من أهلها عند بعض العلماء.
إذاً: علمنا أن سبب فعل السلطان أنه لم يفعل ذلك بهواه، وإنما حينما أفتاه علماء السلطة بأن هذه البساتين يحل له ردها في مذهب بعض العلماء من السلف، فحينما رأى ذلك السلطان وأن بعض العلماء السالكين قالوا بجواز ذلك وبحله؛ فعله، وهو في هذه الحال لا يقدم على حرام ولا على مكروه، وإنما أخذ بفتوى بعض من أهل العلم.
قال: إن هذه البساتين يحل انتزاعها من أهلها عند بعض العلماء.
فالإمام النووي رد عليه بقوله: وهذا من الافتراء الصريح والكذب القبيح، فوجب عليّ وعلى جميع من علم هذا من العلماء أن يبيّن بطلان هذه المقالة ودحض هذه الشناعة، وأنها خلاف إجماع المسلمين.
إذاً: المسألة فيها إجماع بالمنع، فلا يجوز للسلطان أن ينتزع أرضاً من أحد رعيته إلا أن يشتريها منه أو يكافئه عليها، حتى يرضى صاحبها.
قال: وأنه لا يقول بها أحد من أئمة الدين.
أي: هذه الفتوى التي قلتها والتي أبلغتها للسلطان لم يقل بها أحد من أئمة الدين.
قال: وأن ينهوا ذلك إلى سلطان المسلمين، وأنا أكلفكم أن تبلغوا هذا إلى السلطان، فإنه يجب على الناس نصيحته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).
وإمام المسلمين في هذا العصر هو السلطان وفقه الله تعالى لطاعته وتولاه بكرامته، وقد شاع بين الخواص والعوام أن السلطان كثير الاعتناء بالشرع، ومحافظ على العمل به، وأنه بنى المدرسة لطوائف العلماء، ورتّب القضاة من المذاهب الأربعة، وأمر بالجلوس في دار العدل لإقامة الشرع، وغير ذلك مما هو معروف من اعتناء السلطان أعز الله أنصاره بالشرع، وأنه إذا طلب طالب منه العمل بالشرع أمر بذلك ولم يخالفه، فلما افترى هذا القائل في أمر البساتين ما افتراه ودلّس على السلطان، وأظهر أن انتزاعها من يد مُلّاكها جائز عند بعض العلماء، وغش السلطان في ذلك، وبلغ ذلك علماء البلد؛ وجب عليهم نصيحة السلطان، وتبيين الأمر له على وجهه الصحيح، وأن هذا خلاف إجماع المسلمين، فإنه يجب عليهم نصيحة الدين والسلطان وعامة المسلمين.
فوفقهم الله تعالى للاتفاق على كتب كتاب يتضمن ما ذكرته على جهة النصيحة للدين والسلطان والمسلمين، ولم يذكروا فيه أحداً بعينه بل قالوا: من زعم جواز انتزاعها فقد كذب.
أي أنه لم يقل له: يا ابن النجار! أنت كذاب، وأنت مفتر! إنما قال: من زعم لك أن انتزاعها جائز من يد مُلّاكها فقد كذب.
قال: وكتب علماء المذاهب الأربعة خطوطهم بذلك؛ لِما يجب عليهم من النصيحة المذكورة، واتفقوا على تبليغها ولي الأمر، أدام الله نعمه عليه لتنصحوه وتبينوا حكم الشرع له.
ثم بلّغني جماعات متكاثرات في أوقات مختلفات حصل لي العلم بقولهم: أنك كرهت سعيهم في ذلك، وسارعت في ذم فاعل ذلك، وأسندت معظم ذلك كله إلي، ويا حبذا ذلك من صنيع! أي: الكلام الذي قلته وكراهيتك لما كتبناه وأبلغناه السلطان قد بلغنا كله.
وبلغني كذلك أنك تتهمني فقط بهذا، فإذا كان الأمر كذلك فيا حبذا ويا مرحباً بهذا الاتهام.
قال: وبلّغني عنك هؤلاء الجماعات أنك قلت: قولوا لـيحيى هو الذي سعى في هذا، فينكف عنه وإلا أخذت منه دار الحديث.
دار الحديث: هي المدرسة التي كان يدرس فيها الإمام النووي .
قال: وبلّغني عنك هؤلاء الجماعات أنك حلفت مرات بالطلاق الثلاث أنك ما تكلمت في انتزاع هذه البساتين، وأنك تشتهي إطلاقها.
قال: فيا ظالم نفسه! أما تستحي من هذا الكلام المتناقض؟ وكيف يصح الجمع بين شهوتك في إطلاقها، وأنك لم تتكلم فيها، وبين كراهتك السعي في إطلاقها ونصيحة السلطان والمسلمين؟ كيف يمكن الجمع بين هذا وذاك؟ ويا ظالم نفسه! هل تعرّض لك أحد بمكروه أو تكلم فيك بعينك؟ وإنما قال العلماء: من قال هذا للسلطان فقد كذب، ودلّس عليه وغشه ولم ينصحه، فإن السلطان ما يفعل هذا إلا لاعتقاده أنه حلال عند بعض العلماء، فبينوا أنه حرام عند جميعهم، وأنت قد قلت: إنك لم تتكلم فيها، وحلفت على هذا بالطلاق الثلاث، فأي ضرر عليك في إبطال قول كاذب على الشرع غاش مدلّس على السلطان، وقد قلت: إنه غيرك، وكيف تكره السعي على شيء قد أجمع الناس على استحسانه، بل هو واجب على من قدر عليه، وأنا بحمد الله من القادرين عليه بالطريق الذي سلكته، وأما نجاحه وتحقيقه فهو إلى الله تعالى مقلب القلوب والأبصار.
قال: ثم إني أتعجّب غاية العجب من اتخاذك إياي خصماً.
أي: إذا لم يكن بيننا شيء فلماذا تعاديني؟ قال: ويا حبذا ذلك من اتخاذ! فإني بحمد الله تعالى أحب في الله تعالى وأُبغض فيه.
وهذا أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله.
قال: فأُحب من أطاعه وأُبغض من خالفه، وإذا أُخبرت عن نفسك بكراهتك السعي في مصلحة المسلمين ونصيحة السلطان، فقد دخلت في جملة المخالفين، وصرت ممن نبغضه في الله رب العالمين، فإن ذلك من الإيمان كما جاءت به الآثار الصحيحة المنقولة بأسانيد الأئمة الأخيار.
قال: ارض لمن غاب عنك غيبته، فذاك ذنب عقابه فيه، ويا ظالم نفسه! أنا ما خاصمتك أو كلمتك أو ذكرتك أو بيني وبينك مخاصمة أو منازعة أو معاملة في شيء، فما بالك تكره فعل خير يسّرني الله الكريم له؟ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8]، بل أنت لسوء نظرك لنفسك تتأذى على نفسك، وتشهد الشهود بكراهة هذه النصيحة التي هي مصرّحة بأنك أنت الذي تكلمت في هذه البساتين، وأن الطلاق واقع عليك، وهذه بلية أخرى، وما أبعد أن تكون شبيهاً بمن قال الله تعالى فيهم: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ [محمد:30].
ويا عدو نفسه! أتراني أكره معاداة من سلك طريقتك هذه؟ بل والله أحبها وأوثرها، وأفعلها بحمد الله تعالى، فإن الحب في الله والبغض فيه واجب عليّ وعليك وعلى جميع المكلّفين، ولست أدري أي غرض لك في حرصك في الإنكار على الساعين في إعظام حرمات الدين ونصيحة السلطان والمسلمين؟ فيا ظالم نفسه! انته عن هذا وارجع عن طريقة المباهتين والمعاندين.
وأعجب من هذا تكريرك الإرسال إلي بزعمك الفاسد كالمتوعد: إن لم ينكف أخذت منه دار الحديث.
أي: إن لم يسكت الإمام النووي أخذ منه دار الحديث، يهدده، فهو يظن أنه يأخذ راتباً، ونحن قلنا قبل هذا أنه لا يأخذ راتباً من أحد، فقد ملك قوته، ومن ملك قوته ملك قراره، فلا يتأثر بتهديد لا من الخارج ولا من الداخل؛ ولذلك الأنبياء جميعاً كانوا أصحاب أعمال وحرف، وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بعث الله من نبي إلا رعى الغنم) وكان منهم النجار، ومنهم الحداد، ومنهم غير ذلك، فهم يملكون قرارهم.
قال: فيا ظالم نفسه! وجاهل الخير وتاركه! أطّلعت على قلبي أني متهافت عليها؟ يعني: هل تتصور أنني حريص على دار الحديث؟ أو علمت أني منحصر فيها؟ أو تحققت أني معتمد عليها مستند إليها؟ أو عرفت أني أعتقد انحصار رزقي فيها؟ قال: أو ما علمت لو أنصفت كيف كان ابتداء أمرها؟ أي: أنك لم تعرف عن هذه المدرسة ونشأتها، وحينما قبلت أنا إنما قبلت على كره مني؛ لأنها فُرضت عليّ فرضاً ولم أسع إليها.
قال: أوما كنت حاضراً مشاهداً أخذي لها؟ ولو فُرض تهافتي عليها أكنت أوثرها على مصلحة عامة للمسلمين؟ أي: افرض أنني أيضاً متمسك بها أكنت أوثرها على مصلحة عامة للمسلمين؟ فهذه مدرسة، والأمر الذي أتكلم فيه وانتزاع الأملاك أمر متعلق بعامة المسلمين، فهل أنت متصور أني أقدّم المصلحة الشخصية أو المصلحة الفردية على مصلحة المسلمين العامة؟ قال: ولو فُرض تهافتي عليها أكنت أوثرها على مصلحة عامة المسلمين، مشتملة على نصيحة الله ورسوله والسلطان، وعامة المسلمين؟ هذا ما لم أفعله ولن أفعله إن شاء الله تعالى.
وكيف تتوهم أني أترك نصيحة الله ورسوله، وسلطان المسلمين، وعامتهم؛ مخافة من خيالاتك؟! إن هذه لغباوة منك عظيمة.
ويا عجباً منك كيف تقول هذا؟! أأنت رب العالمين؟! بيدك خزائن السماوات والأرض؟! وعليك رزقي ورزق الخلائق أجمعين؟! أم أنت سلطان الوقت تحكم الرعية بما تريد؟ فلو كنت عاقلاً ما تهجمت على التفوه بهذا الذي لا ينبغي أن يقوله إلا رب العالمين، أو سلطان الوقت، مع أن سلطان الوقت منزه عن قولك الباطل مرتفع المحل عن فعل ما ذكرت يا ظالم نفسه.
فإن كنت تقول هذا استقلالاً منك -أي: من عند نفسك- فقد أفتأت عليه، واجترأت على أمر عظيم، ونسبته إلى الظلم عدواناً، وإن كنت تقوله عنه، فقد كذبت عليه، فإنه بحمد الله حسن الاعتقاد في الشرع، وذلك من نعم الله تعالى عليه، والسلطان بحمد الله وفضله أكثر اعتقاداً في الشرع من غيره ومعظم حرماته، وليس هو ممن يقابل ناصحه بهذيانات الجاهلين وترّهات المخالفين، بل يقبل نصائحهم كما أمره الله تعالى.
واعلم أيها الظالم نفسه! أني والله الذي لا إله إلا هو لا أترك شيئاً أقدر عليه من السعي في مناصحة الدين والسلطان والمسلمين في هذه القضية، وإن رغمت أنوف الكارهين، وإن كره ذلك أعداء المسلمين، وفرق حزب المخذّلين، وسترى مما أتكلم به إن شاء الله تعالى عند هذا السلطان -وفّقه الله تعالى لطاعته، وتولاه بكرامته- في هذه القضية غيرة على الشرع، وإعظاماً لحرمات الله تعالى وإقامة للدين، ونصيحة للسلطان وعامة المسلمين.
ويا ظالم نفسه! اجلب بخيلك ورجلك إن قدرت، واستعن بأهل المشرقين وما بين الخافقين، فإني بحمد الله فيَّ كفاية تامة.
وأرجو من فضل الله تعالى أنك لا تقوى لمنابذة أقل الناس مرتبة، وأنا بحمد الله تعالى ممن يود القتل في طاعة الله تعالى.
أتقوى يا ضعيف الحيل لمنابذتي؟! أبلغك يا هذا ! أني لا أؤمن بالقدر؟ أو بلغك أني أعتقد أن الآجال تنقص، وأن الأرزاق تتغيّر؟ أما تفكر في نفسك في قبيح ما أتيته من الفعال، وسوء ما نطقت به من المقال؟ أيا ظالم نفسه! من طلب رضا الله تعالى تردّه خيالاتك وتمويهاتك وأباطيلك وترهاتك؟ وبعد هذا كله.
.
أنا أرجو من فضل الله تعالى أن الله يوفّق السلطان -أدام الله نعمه عليه- لإطلاق هذه البساتين، وأن يفعل فيها ما تُقرُّ به أعين المؤمنين، ويُرغم به أنف المخالفين، فإن الله تعالى يقول: وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف:128].
والسلطان بحمد الله تعالى يفعل الخيرات، فما يترك هذه القضية تفوته.
واعلم أنك عندي بحمد الله تعالى أقل ممن أهتم بشأنك أو ألتفت إلى خيالاتك وبطلانك، ولكني أردت أن أُعرِّفك بعض أمري؛ لتدخل نفسك في منابذة المسلمين بأسرهم، ومنابذة سلطانهم -وفقه الله تعالى على بصيرة منه- وترتفع عنك جهالة بعض الأمر؛ ليكون دخولك بعد ذلك معاندة لا عذر لك فيه.
ويا ظالم نفسه! أتتوهم أنه يخفى عليّ وعلى من سلك طريق نصائح المسلمين وولاة الأمور وحماة الدين أنّا لا نعتقد صدق قول الله تعالى: "وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "[الأعراف:128]، وقوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43]، وقوله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا "[العنكبوت:69]، وقوله تعالى: "إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "[محمد:7]، وقوله تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "[الروم:47]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم خذلان من خذلهم)؟ والمراد بهذه الطائفة كما قال الإمام أحمد : أهل العلم، وأولي النهي والفهم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه الراوي: أبو هريرة المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 10/464-خلاصة حكم المحدث: ثابت- الدرر

) هذا فيمن كان في واحد من الناس، فكيف الظن بمن هو في عون المسلمين أجمعين، مع إعظام حرمات الشرع ونصيحة السلطان وموالاته، وبذل النفس في ذلك؟ واعلم أني والله لا أتعرض لك بمكروه، سوى أني أبغضك في الله تعالى، وما امتناعي عن التعرض لك بمكروه عن عجز مني، بل أخاف الله رب العالمين من إيذاء من هو من جملة الموحدين على جهة العموم، وقد أخبرني من أثق بخيره وصلاحه وكراماته وفلاحه.
أنك إن لم تبادر في التوبة حلّ بك عقوبة عاجلة، تكون بها آية لمن بعدك لا يأثم بها أحد من الناس، بل هو عدل الله يوقعه بك عبرة لمن بعدك، فإن كنت ناظراً لنفسك فبادر بالرجوع عن سوء فعالك، وتدارك ما أسلفته من قبيح مقالك، قبل أن يحل بك ما لا تقال به عثرتك، ولا تغتر بسلامتك وثروتك ووصيلتك، وفكر في قول القائل: قد نادت الدنيا على نفسها لو كان في العالم من يسمع كم واثق بالعمر واريته وجامع بددتُ ما يجمع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال ابن العطار رحمه الله: قال لي المحدث أبو العباس الإشبيلي رحمه الله، وكان له ميعاد على الشيخ قدّس الله روحه في الثلاثاء والسبت.
قال: وكان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منه لو كانت لشخص شُدّت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض.
أما المرتبة الأولى: العلم والقيام بوظائفه.
والمرتبة الثانية: الزهد في الدنيا بجميع أنواعها.
وأما المرتبة الثالثة: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلِّ اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه.
وسلم تسليماً كثيراً.
( شرح صحيح مسلم - المقدمة - ترجمة الإمام النووي [1] )
للشيخ : ( حسن أبو الأشبال الزهيري )
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 04:48 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology