ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى البراعم والأسرة المسلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-11-2016, 03:24 AM
الصورة الرمزية أم سليمان
أم سليمان أم سليمان غير متواجد حالياً
مشرفة ملتقى البراعم والأسرة المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 458
قصة الرجل المثري مع صاحبه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان رجل مثرٍ قد أعطاه الله من أصناف المال المتنوع من : عقار ،
ونقود ، وعروض ، أموالاً كثيرة .
وكان له صاحب يعرف منه النصح والعلم .
فقال لصاحبه ، شاكيا له الحال :
ألم تر ما أنا فيه من الغنى الواسع ، والأموال الكثيرة ؟
والناس كالمتفقين على أن من كان كذلك ، فقد حصلت لـــه السعادة
الدنيوية ، والعيش الهين ، والحياة السعيدة . وأنا - فيمــا أنا فيه -
لم أدرك ما ذكروا ، ولم أزل أتنقل من هم إلى كدر ، ولم تحصل لي
اللذة الصحيحة في حياتي . فأحب أن ترشدني - يا صاحبي - إلى
الحياة السعيدة ، وإلى الراحة في حياتي .
فقــال لـه صاحبه : يا أخي ! اعلم أن من أتى الأمور من غير أبوابها
وطرقها ، وسلك للمنافع غيــر مسالكها لم يدرك المطلوب ، ولم ينج
من المرهوب . وأنت جعلت الدنيا أكبر همك ، ومبلغ علمك، وحبيبك
الوحيد الذي ملك عليك ظاهرك وباطنك ، ومشاعرك وحواسك كلها .
ومـن كان كذلك فهو طبعا لا يستريح في دنياه ، فإنه إن حصل عليه
كساد ، أو خسارة في بيع وشراء ، أو نقص فـي ثمار ، أو تشوشت
عليه الأسباب في جهة من جهات دنياه ، فإنه في كدر ، فضلا عـــن
الأكدار التي تنتابه من جهة الأهل والعائلة والمعاملين والمعاشرين،
واختلاف الإرادات، وتعذر الاتفاق، والانسجام بينهم من كل وجه ،
أو تعسر ذلك .
فقال له المثري : صدقت ، من هذه الجهات كلها ومن غيرها، يأتيني
الكدر ، والهم ملازم لي في كل أحوالي ، فهل من سبيل إلى تخفيف
ذلك ، أو زواله بالكلية ؟ فقد ضاقت علي الحيل والمحاولات ،
وأنا حريص على راحة نفسي بأي سبيل .
فقال له صاحبه : يأخي ! السبيل واضح ، ولكن ما دامت خطتك على
هذا المنوال ، فغير ممكن لك العيشة الهنيئة ، فإن غيرت خطتك ،
وفهمت ما أقول لك ، وعملت عليه ، رجوت لك الخير ، والحياة
الطيبة السعيدة .
فأول ذلك : أن تعلــم علــم اليقين أن الدنيا والأموال المتنوعة ليست
هي المقصود لذاتها، وإنما هي مقصودة لغيرها، ووسيلة يتوسل بها
العبد إلى منافعه الحقيقية ، ومطالبه الأبدية ، وسعادته الأخروية .
فــاجـعل - يا أخي - هـــذا المعنى الذي لا يستريب فيه العقلاء نصب
عينيك ، وقبلة قلبك ، ثــم اسع فــي تحصيل الدنيا وفــي تصريفها ،
وفي تدبيرها - من كل جهة - على هذا الأساس ، واستصحب النية
الصادقة في جميع نواحي حياتك ، سعيا وتدخيلا وتصريفا .
فـإذا عاملت الناس ببيع وشراء وتأجير ومشاركات وغيرها ، فاقصد
بذلك القيام بالواجبات والمستحبات، والاستغناء عن الخلق، واقتصر
على المعاملات الطيبة الحلال . واجتهد في أن تكون مكاسبك كلهـــا
حلالاً، وأن تصرفها في الواجبات من الزكاة والنفقات، والمستحبات
وتوابعها . تقرب بذلك إلى الله ، واحتسب عنـــده الأجــر والثواب ،
واحمد ربك الذي أقدرك علـى المال ، ثم وفقك في صرفه في الوجوه
النافعة التي تبرئ بها ذمتك ، وتكتسب بهـا الأجر العظيم عند الله ،
وتكــــون لك مغنما لا مغرما . فإنك إن فعـلــت ذلك ، هانت عليـــك
النفقات ، وبذلتها بسماحة ورغبة ، وعلـم بأنها تكسب لك أمثالها
أضعافا مضاعفة . ومــع ذلك ، فـإذا حصل فيها ما تحب من زيادة
ونمو وكمال، فأكثر من حمد الله وشكره، وإذا حصل فيها ما تكره،
فاحتسب ذلك عند الله ، واعتبرها من المصائب التي يعوض الله
الصابرين عليها من الأجر أضعاف أضعاف ما فاتهم .
فإنك إن وفقت لذلك ، حصلت لك الحياة الطيبة ، وهـــي راحة القلب
وطمأنينته ، وطمعه في فضل الله وثوابه في كل حالة ، وفــي كـــل
وقت .ومع ذلك، فإنه لا يفوتك من نصيبك من الدنيا، ولا من لذاتها
شيء ، بل تستوفيها كاملة هنيئة ، تفوق فيها لذة المترفين
ونعيمهم ، ويجمع الله لك بين خيري الدنيا والأخرة .
واعلم أن هذا ليس بعسير ، بل هو يسير على من يسره الله عليه .
ومن ذاق طعم هذه الحياة، علم أن هذه الحياة التي يسعى لها الخلق
وأرباب الدنيا وجمهورهم ، لم يدركها الساعي بل مات بغمه
ولم يذق لها طعما .
ولكنك - يا أخــي - تحتـاج إلى تمرين كثير ، وتغيير لطبيعتك الأولى
حيث ملكت الدنيا عليك مشاعرك وأمورك كلها ، وتستعين الله على
ذلك ، فمن توكل عليه أعانه وكفاه .
فوا أسفا لمن أعطوا نصيبا من الدنيا فخسروها ، وأعطوا الأسباب
التي تدرك بها الخيرات فلم يستعملوها ، ووهبت لهم المواهب
المتنوعة فلم ينتفعوا بها ، ويستغلوها !
وما أحسن ما قاله الحكيم في شعره :
ولم أر في عيوب الناس عيبا ... كنقص القادرين على التمام !
كتاب الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة فـي العقائد والفنون
المتنوعة الفاخرة ( ص 193 ) للشيخ عبدالرحمن السعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة أم سليمان ; 08-11-2016 الساعة 03:26 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 08:52 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology