ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب > ملتقى الدورات العلمية الخاصة بأم أبي التراب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 05-10-2015, 01:10 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
شوال عام 1436
مجلس 71
39- حُسْنُ السؤالِ :
الْتَزِمْ أَدَبَ الْمُباحَثَةِ ، من حُسْنِ السؤالِ ، فالاستماعِ ، فصِحَّةِ الفَهْمِ للجَوابِ ، وإيَّاكَ إذا حَصَلَ الجوابُ أن تَقولَ : لكنَّ الشيخَ فلانًا قالَ لي كذا ، أو قالَ كذا ، فإنَّ هذا وَهَنٌ في الأَدَبِ ، وضَرْبٌ لأَهْلِ العِلْمِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ هذا .

وإن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ، فكنْ واضحًا في السؤالِ ، وقل ما رأيُك في الفَتْوَى بكذا ، ولا تُسَمِّ أَحَدًا .

من آداب طالب العلم:
أولا- أن يكون عنده حسن سؤال، حسن إلقاء مثل أن يقول: أحسن الله إليك ما تقول في كذا، وإن لم يقل هذه العبارة فليكن قوله رقيقا بأدب.
الثاني- حسن الاستماع، أما أن تقول: يا شيخ أحسن الله إليك ماذا تقول في كذا وكذا.. وانتظر.
الثالث- صحة الفهم للجواب.. وهذا أيضا يفوت بعض الطلبة، تجده إذا سأل وأجيب. يستحيي أن يقول ما فهمت.
بعد هذا يأتي بعض الناس بعدما يستمع للجواب يقول: لكن قال الشيخ الفلاني كذا وكذا.. في وسط الحلقة. هذا من سوء الأدب، معنى هذا إنك لم تقتنع بجوابه، ومعنى هذا إثارة البلبلة بين العلماء.
وإن كان لا بد فيقول: قال قائل... ثم يورد ما قاله الشيخ فلان لأن أحدا لا يفهم إذا قال إن قال قائل أنه أراد بذلك جواب شيخ آخر. لهذا يقول: «لكن إذا كنت لا بد فاعلا فقل ما رأيك في الفتوى بكذا» وهذا أيضا ما هو بحسن.
أحسن منه أن تقول (فإن قال قائل)، لأنك إذا قلت: ما رأيك في الفتوى بكذا- وهي خلاف ما أفتاك به- فيعني إنك تريد أن تعارض فتواه بفتوى آخر، لكن هي أحسن من قولك: قال الشيخ الفلاني كذا.

قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( وقيلَ : إذا جَلَسْتَ إلى عالِمٍ ؛ فسَلْ تَفَقُّهًا لا تَعَنُّتًا ) اهـ .
وقالَ أيضًا : ( وللعلْمِ سِتَّةُ مَراتِبَ ) .
أوَّلُها : حسْنُ السؤالِ .
الثانيةُ : حسْنُ الإنصاتِ والاستماعِ .
الثالثةُ : حسْنُ الْفَهْمِ .
الرابعةُ : الْحِفْظُ .
الخامسةُ : التعليمُ .
السادسةُ : وهي ثَمَرَتُه ؛ العمَلُ به ومُراعاةُ حُدودِه اهـ .
ثم أَخَذَ في بيانِها ببَحْثٍ مُهِمٍّ .
ترتيبها على هذا الوجه لا شك أنه مناسب.
حسن السؤال: إذا دعَت الحاجة إلى حسن السؤال أما إذا لم تدعُ إلى السؤال فلا تلق السؤال، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل إلا إذا احتاج هو إلى السؤال، أو ظن أن غيره يحتاج إلى السؤال قد يكون مثلا هو فاهم الدرس، ولكن فيه مسائل صعبة يحتاج إلى بيانها إلى بقية الطلبة، بل من أجل حاجة غيره.
والسائل من أجل حاجة غيره كالمعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها. قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم».1
فإذا كان الباعث على السؤال حاجة السائل. فسؤاله واضح أنه وجيه أو حاجة غيره إن سئأل ليعلم غيرَه فهذا أيضا طيب، أما إذا سأل ليقول الناس: ما شاء الله فلان عنده حرص على العلم كثير السؤال، وابن عباس رضي الله عنه يقول: لما سئل بما أدركت العلم؟ قال :«بلسان سؤول وقلب عقول وبدن غير ملول»، فهذا غلط، وعلى عكس من ذلك من يقول: لا أسأل حياء. فالثاني مفرط.
والأول- مفرط، وخير الأمور الوسط.
الثاني- حسن الاتصال الانصات للاستماع.
الثالث- حسن الفهم.
الرابع- الحفظ، وهذا الحفظ ينقسم إلى قسمين: قسم غريزي يهبه الله لمن يشاء، فتجد الإنسان يمر عليه المسألة والبحث فيحفظه ولا ينساه، وقسم آخر كسبي.
بمعنى أن يمرن الإنسان نفسه على الحفظ ويتذكر ما حفظ، فإذا عود نفسه تذكر ما حفظ، سهل عليه الحفظ.
الخامسة- التعليم، والذي أرى أن تكون هي السادسة وأن العمل بالعلم قبل السادسة، فيعمل بالعلم ليصلح نفسه قبل أن يبدأ بإصلاح غيره ثم بعد ذلك يعلم الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم :«ابدأ بنفسك ثم بمن تعول».2 فالعمل به قبل تعليمه. بلى قد تقول أن تعليمه من العمل به، لأن من جملة العمل بالعلم أن تفعل ما أوجب الله عليك فيه من بثه ونشره.

شرح الشيخ العثمين
آفاق التيسير
1-.....ثم قال لي : " يا عمر ! أتدري من السائل ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 8- خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
2-"ابدأْبنَفسِكَ ثمَّ بمَنْ تعولَ"

الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 1448 - خلاصة حكم المحدث : صحيح مركب من حديثين الدرر السنية

وقد أبدع أبو الأسود الدؤلي في بيان تلك الحقيقة حين قال: يا أيها الرجل المعلم غيره، هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ، تصف الدواء لذي السّقام وذي الضّنى، كيما يصح به وأنت سقيمُ، إلى أن قال: ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها، فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ، فهناك يُقبل ما وعظت ويقتدى، بالعلم منك وينفع التعليمُ.
فهذا نبينا وقدوتنا عليه الصلاة والسلام نجده دائماً في أحاديثه وكلامه يبدأ بنفسه، ففي حديث النساء :

"خيرُكُم خيرُكم لِأهْلِهِ ، وَأَنَا خيرُكم لِأَهْلِي"الراوي : عائشة و ابن عباس و معاوية بن أبي سفيان - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3314 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري :
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
39- حُسْنُ السؤالِ:
الْتَزِمْ أَدَبَ الْمُباحَثَةِ ، من حُسْنِ السؤالِ ، فالاستماعِ ، فصِحَّةِ الفَهْمِ للجَوابِ ، وإيَّاكَ إذا حَصَلَ الجوابُ أن تَقولَ : لكنَّ الشيخَ فلانًا قالَ لي كذا ، أو قالَ كذا ، فإنَّ هذا وَهَنٌ في الأَدَبِ ، وضَرْبٌ لأَهْلِ العِلْمِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ هذا .
وإن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ، فكنْ واضحًا في السؤالِ ، وقلما رأيُك في الفَتْوَى بكذا ، ولا تُسَمِّ أَحَدًا .
قال َابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( وقيلَ : إذاجَلَسْتَ إلى عالِمٍ ؛ فسَلْ تَفَقُّهًا لا تَعَنُّتًا ) اهـ .
وقال َأيضًا : ( وللعلْمِ سِتُ مَراتِبَ ) .
أوَّلُها : حسْنُ السؤالِ .
الثانيةُ : حسْنُ الإنصاتِ والاستماعِ .
الثالثةُ : حسْنُ الْفَهْمِ .
الرابعةُ : الْحِفْظُ .
الخامسةُ : التعليمُ .
السادسةُ : وهي ثَمَرَتُه ؛ العمَلُ به ومُراعاةُ حُدودِه اهـ .
ثم أَخَذَ في بيانِها ببَحْثٍ مُهِمٍّ .

الشيخ :
من آداب طالب العلم حسن السؤال ، السؤال من الأمور التي يرغب فيها ، فإذا استشكل عليك فاسأل حتى تتقن العلم ، ولذلك أثنى عمر على ابن مسعود أو ابن عباس فقال : نالا العلم بلسان سؤول وقلب عقول.
وإذا تقرر هذا فإنّ السؤال لابد أن يكون على السند ، بحيث يلتزم فيه الطالب بالأدب ، فلا يسأل في غير الفن الذي يتدارسونه.
درسنا هذا في آداب طالب العلم فلا تنقلنا إلى مسائل الفتوى ، ندرس في باب الصيام ، فلا يحق لك أن تنقلنا إلى باب القصاص ، أو باب ، أبواب الأنكحة.
الثاني : حسن انتقاء الألفاظ ، حسن انتقاء الألفاظ ، لا تأتي بلفظ نابي ، ولا لفظ غريب ، ولا لفظ غير مرغوب فيه.
الثالث : أن لا تسأل في شيء قد تكلم فيه الشيخ ، فمسألة طرحها الشيخ وهي واضحة وجلية وحكم قد قرره الشيخ لا يصح أن تقول بعد ذلك ، ما الحكم في كذا ، والشيخ قد قرره.
الأمر الرابع : لابد أن يكون سؤالك سؤالا صحيحا ، فبعض الناس يسأل سؤال مركب بصياغة غير صحيحة.
الأمر الخامس : أن يكون سؤالك سؤالا واقعيا.
والأمر السادس : أن لا يكون من التعنت ، تريد أن تختبر الشيخ ، وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات في العلم.*
والأمر السابع : أن لا يكون سؤالك على جهة إبطال قول الشيخ ، قد تستفهم لكن لا تحاول الإبطال ، إبطال قول الشيخ ، فإنّ هذا سوء أدب ، وقد يكون سوء فهم منك ، وبالتالي لا يكون كلامك صحيحا ، قد تعترض وتقول : كيف الجمع بين كذا وكذا ، هذا لا بأس فيه ، لكن أن تقول : كلامك فيه ما فيه لأنّ الله يقول : كذا ، هذا سوء أدب ، وليس من حسن السؤال في شيء.
قال المؤلف : (التزم أدب المباحثة من حسن السؤال) وكذلك التزم الاستماع ، والتزم صحة الفهم للجواب ، مرات يأخذ بعض الناس جزءا من الجملة ، ولا يلتفت إلى بقيتها فيفهم فهما خاطئا ، وهذا يحصل خصوصا من عوام الناس يمسك ربع جملة ثم يبدأ ينسب إلى الشيخ ما لم يقله ، ولذلك لا يجوز أن ينسب إلى عالم أي مقالة ، إلا إذا كان الإنسان قد سمع المقالة كاملة ، مرّات يأتي العالم ويتكلم بنقل كلام باطل ، ثم يجيب عنه ويرد عليه ، فيأتيك بعض الناس ما سمع إلا المقالة الباطلة ، فيقول الشيخ الفلاني يقول كذا ، فيكون قد كذب عليه ، لأنّ الشيخ نقل هذه الجملة ليردّ عليها ويبطلها.
وبعض الناس يجئ بشريط وينقل هذه الجملة ، الجزء ، ويقول اسمعوا الشيخ يقول كذا ، وبالتالي يكون قد كذب عليه وصدّ الناس عن سبيل الله ، لأنّ إبعاد الناس عن علماء الشريعة والكلام في أعراضهم ، وتشويه سمعتهم وإنزال مكانتهم يؤدّي إلى جعل الناس ينصرفون عن العلم الذي يحملونه.
كذلك من سوء الأدب معارضة الأقوال بعضها ببعض ، قال المؤلف : (هذا وهن في الأدب) تكلّم وقال : طيب الشيخ االفلاني يقول كذا ، هذا اجتهاده وهذا اجتهادي ، ما يصح لك أن تضرب قولي بقوله.
(قال ابن القيم : سل تفقها) يعني من أجل تحصيل الفقه.
(لا تعنتا) من أجل إنزال المشقة على العالم.
ثم ذكر للعلم ست مراتب : حسن السؤال ، وحسن الإنصات ، وحسن الفهم ، ثم الحفظ والتعليم ثم العمل.

آفاق التيسير
*-" أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عنِ الأُغلوطاتِ" الراوي : معاوية بن أبي سفيان - المحدث : ابن حجر العسقلاني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح -الصفحة أو الرقم: 1/161 - خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] الدرر السنية

*قال ابن حجر _ رحمه الله _ في الفتح :
وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات - قال الأوزاعي أحد رواته : هي صعاب المسائل - فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه ، أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول أو تعجيزه.
وقال في موضع آخر : وقد ثبت النهي عن الأغلوطات أخرجه أبو داود من حديث معاوية ، وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدا ، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن ، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ .

*وفيه كراهة التعمق والتكلف مما لا حاجة للإنسان إليه من المسألة ،ووجوب التوقف عما لا علم للمسئول به.
وقد رُوِينا عن أبي بن كعب :أن رجلاً سأله عن مسألة فيها غموض ،فقال : هل كان هذا ؟ قال: لا. فقال:أمهلني إلى أن يكون .
وسأل رجلٌ مالك بن أنس ؛عن رجلٍ شرب في الصلاة ناسيًا ؟ .فقال : ولم لم يأكل؟! ،ثم قال : حدثنا الزهري عن علي بن حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه

-" من حسنِ إسلامِ المَرءِ تركُه ما لا يَعنيه"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2317 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 03-13-2016 الساعة 03:34 AM
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 07-20-2015, 10:58 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
24- شوال عام 1436
مجلس 72
40-
الْمُناظَرَةُ بلا مُمَارَاةٍ
إيَّاكَ والْمُمَارَاةَ ؛ فإنها نِقْمَةٌ ، أمَّا المناظَرَةُ في الْحَقِّ ؛ فإنها نِعْمَةٌ إذ الْمُناظَرَةُ الْحَقَّةُ فيها إظهارُ الحقِّ على الباطلِ ، والراجِحِ على المرجوحِ ، فهي مَبْنِيَّةٌ على الْمُناصَحَةِ والْحِلْمِ ، ونَشْرِ العلْمِ ، أمَّا الْمُماراةُ في المحاوَرَاتِ والمناظَرَاتِ ؛ فإنها تَحَجُّجٌ ورِياءٌ ، ولَغَطٌ وكِبرياءُ ومُغالَبَةٌ ومِراءٌ ، واختيالٌ وشَحْنَاءُ ، ومُجاراةٌ للسفهاءِ ، فاحْذَرْها واحْذَرْ فاعِلَها ؛ تَسْلَمْ من المآثِمِ وهَتْكِ الْمَحارِمِ ، وأَعْرِضْ تَسْلَمْ وتَكْبُت الْمَأْثَمَ والْمَغْرَمَ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
المناظرة والمناقشة تشحذ الفهم وتعطي الإنسان قدرة على المجادلة. والمجادلة في الحق مأمور بها كما قال الله تعالى: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
فإذا تمرن الإنسان على المناظرة والمجادلة حصل على خير كثير، وكم من إنسان جادل بالباطل فغلب صاحب الحق لعدم قدرته على المجادلة.
لكن المجادلة نوعان: مجادلة المماراة، يماري بذلك السفهاء ويجادل الفقهاء ويريد أن ينتصر لقوله،فهذه مذمومة.
والثاني لإثبات الحق وإن كان عليه، فهذه محمودة مأمور بها. وعلامة ذلك- المجادلة الحقة - أن الإنسان إذا بلغه الحق اقتنع وأعلن الرجوع، أما المجادل الذي يريد الانتصار لنفسه فتجده لو بان الحق، وكان ظاهر الحق مع خصمه يورد إيرادات: لو قال قائل. ثم إذا أجيب. ولو قال قائل. ثم إذا أجيب، قال ولو قال قائل. ثم تكون سلسلة لا منتهي لها، ومثل هذا عليه خطر أن لا يقبل قلبُه الحقَ، لا بالنسبة للمجادلة مع الآخر، لكن حتى في خلوته، ربما يورد الشيطان عليه هذه الإيرادات.
قال الله تعالى:" وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ "الأنعام110. وقال الله تعالى: "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ "المائدة49
فعليك يا أخي ابتغاء الحق سواء كان بمجادلة غيرك أو بمجادلة نفسك متى تبين قل: سمعنا وأطعنا. لهذا تجد الصحابة يقبلون ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم وما أخبر به دون أن يوردوا عليه الاعتراضات أو قول: أرأيت . . . أرأيت.
ولهذا جادل رجل عبد الله بن عمر فقال له: أرأيت؟! قال له :«اجعل أرأيت في اليمن». لأنه من أهل اليمن.
عندما سأل أهل العراق عن دم البعوضة. وهل يجوز قتل البعوضة؟! قال: سبحان الله !! أهل العراق يقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتون يسألون عن دم البعوضة!! هذه مجادلة ولا شك.
آفاق التيسير

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ):

الشيخ:
المماراة هي المناقشات العقيمة ، والمناقشات التي تكون لإظهار النفس ، لا لتعرف الحق ، قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا ضمين ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا".1
أما المناظرة والمناقشة والمجادلة ، هذه مطلوبة لأنّ الإنسان يقصد بها الوصول إلى الحق ، ولأنّ الكلام فيها يُبنى على دليل صحيح ، ولأنّ المرء في المناظرة والمناقشة إذا وصل إلى الدليل سمع وله أذعن ، أما في المماراة فهو يريد إبطال دليل خصمِه ولو كان دليلا صحيحا في نظره.
وقد قال الله تعالى : {
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...}النحل125 ، وقال سبحانه : "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46
ومن هنا فإنّ المناقشة محمودة وهي نوع من أنواع النصح ، ونوع من أنواع التعلم ، وقد ذكر الله في كتابه عددا من المناقشات والمناظرات بين الأنبياء وأقوامهم ، انظر لمناقشة موسى عليه السلام لفرعون ، ومناقشة إبراهيم عليه السلام لقومه ، وبعض مناقشات النبي صلى الله عليه وسلم لبعض مَنْ في زمانه ،" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64، "هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }آل عمران66
(قرأها الشيخ : جادلتم في الموضعين ) ، "وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "البقرة111

وبالتالي فإنّ المراء مذموم لأن المقصود فيه الغلبة ، وليس المقصود الحق ، وبالتالي تجده يرفع الصوت ليغلب من أمامه ، وتجده يموّه في الكلام ليغلب من أمامه ، وتجده يحاول أن يوجد تناقضات في كلام مقابله ولو لم تكن صحيحة من أجل أن يغلبه ويتمكّن منه ، وبالتالي فالمراء مؤثّر على صحة النيّة ، غير موصل إلى حق.
من هنا فإنه يُنهى عنه ، لأنه سبب من أسباب الإثم ، فإذا وجدت هذه المناقشات تحوّلت إلى مراء ، مناقشات عقيمة والمقصود الغلبة والانتصار ، حينئذ أعرض عنها ، وأوْصل الحق فقط ، ولا تُجادل ولا تُناقش ، إذا كان المقصود كذلك.

آفاق التيسير
1
-" أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خلقُه". الراوي : أبو أمامة الباهلي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4800- خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر السنية

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-09-2015 الساعة 02:55 AM
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 07-20-2015, 11:03 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
- مُذاكَرَةُ العِلْمِ
الأمر الحادي والأربعون: مُذاكَرَةُ العِلْمِ :
تَمَتَّعْ مع البُصَرَاءِ بالْمُذاكَرَةِ والْمُطارَحَةِ ؛ فإنها في مَواطِنَ تَفوقُ الْمُطالَعَةَ وتَشْحَذُ الذهْنَ وتُقَوِّي الذاكرةَ ؛ مُلْتَزِمًا الإنصافَ والملاطَفَةَ مُبْتَعِدًا عن الْحَيْفِ والشَّغَبِ والمجازَفَةِ .
وكُنْ على حَذَرٍ ؛ فإنها تَكْشِفُ عُوارَ مَن لا يَصْدُقُ .
فإن كانت مع قاصرٍ في العِلْمِ ، باردِ الذهْنِ ؛ فهي داءٌ ومُنافَرَةٌ ، وأمَّا مُذاكرَتُك مع نفسِك في تقليبِك لمسائِلِ العلْمِ ؛ فهذا ما لا يَسوغُ أن تَنْفَكَّ عنه .
وقد قيلَ : إحياءُ العِلْمِ مُذاكرَتُه .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

الشيخ:
هذا أيضا من الذي ينبغي لطالب العلم أن يقوم به، وهو المذاكرة. والمذاكرة نوعان: مذاكرة مع النفس. ومذاكرة مع الغير.
المذاكرة مع النفس: تجلس مثلا جلسة واحدة، ثم تفرض مسألة من المسائل أو تكون مسألة مرت عليك، ثم تأخذ في محاولة ترجيح ما قيل في هذه المسألة بعضه على بعض. يعني ترجيح بعض الأقوال على بعض في هذه المسألة. وهذه سهلة على (...) هي أيضا تساعد على مسألة المناظرة السابقة.
أما المذاكرة مع الغير: فهي أيضا واضحة يختار الإنسان من إخوانه الطلبة من يكون عونا له على طلب العلم، مفيدا له فيجلس معه ويتذاكرا،
يَقْرَآنِ مثلا ما حفظاه كل واحد يقرأ على الآخر قليلا أو يتذاكران في مسألة من المسائل بالمراجعة أو بالمفاهمة إن قدرا على ذلك، فإن هذا مما ينمي العلم ويزيده.
لكن إياك والشغب والصلف-
صلِف الشَّخصُ :
• ادَّعى ما فوق قَدْره عُجْبًا وتكبُّرًا -هنا
، لأن هذا لا يفيد. أنت الآن تحاج في مقام الإقناع أم في مقام التأديب؟ في مقام الإقناع. واعلم أنه لن يقتنع كلما اشتد غضبك عليه، بل ربما إذا اشتد غضبك عليه، اشتد غضبه عليك ثم ضاع الحق بينكما، لكن بالهدوء.

أما لو علمت منه الإعنات، مثل أن تكون أنت أعلم منه وتفهم من العلم ما لا يفهم، ولكن عرفت أن هذا الرجل يريد العنت-.
الْخَطَأ -والمكابرة عنادا هنا -فحينئذ لك أن تشتد عليه وأن تقول: لن أفهمك لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }المائدة42. ولهذا قال المؤلف : «فإن كانت مع قاصرٍ في العِلْمِ ، باردِ الذهْنِ ؛ فهي داءٌ ومُنافَرَةٌ ».
(...) بعض الناس أكثر علما من الآخر لكن الثاني أفهم منه في معرفة النصوص والثالث أعقل منهم أيضا في معرفة مصادر الشريعة ومواردها لأنه قد يفهم الإنسان النص فهما كاملا لكن ليس عنده ذاك العقل الذي يجمع بين أدلة الشريعة وبين مقاصدها وأسرارها فتجده يأخذ بظاهر اللفظ ولو كان بعيدا عن مقاصد الشرع وهذا خلل عظيم، أرأيت قول ابن حزم في الشاة الثنية *لا تجزئ وفي الجذعة، تجزئ، هذا بعيد جدا عن مقاصد الشريعة ، إذا كانت الجذعة تجزئ فالثنية من باب أولى ولا شك، أو يقول بعض الظاهرية: إذا استأذن الرجل ابنته البكر في أن يزوجها رجلا فقالت: يا أبت لا أريد إلا هذا الرجل وأمثاله وأنا موافقة يقول: هذا ليس بإذن ، لا يزوجها ، والبنت الثانية لما شاورها سكتت ولم تقل شيء هذه تزوج والأخرى لا تزوج مع أنها صرحت بالرضا والثانية سكوتها دليل الرضا وليس هو الرضا فالمهم أنه لا بد من عقل، فقد يكون بعض الناس أكثر علما لكنه لا يفهم، وقد حدثتكم مرة عن حمار الفروع تذكرون، رجل حفظ كتاب الفروع لابن مفلح (ثلاثة مجلدات) ولكنه لا يفهم منه ولا معنى واحد فكان أصحابه يجعلونه كمكتبة إذا أشكل عليهم شيء قالوا: ماذا قال صاحب الفروع في الفصل الفلاني أو الباب الفلاني أوالكتاب الفلاني؟ (...) وهو ما يعرف معناه أبدا ، فهذا ليس عنده فهم، فلا بد من فهم.

آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
هذا هو الأدب الحادي والأربعون من آداب طالب العلم : مذاكرة العلم ؛ يعني مراجعته والمناقشة فيه ، الباب الفلاني ماذا يشتمل عليه من المسائل؟
يشتمل على المسألة الأولى كذا ، والمسألة الثانية كذا ، والمسألة الثالثة كذا.
الباب الفلاني من أبواب العلم ما هي الأحاديث التي تكون فيه؟
أورد حديثا ، ثم أنت تورد حديثا.
باب الاعتكاف ماذا وجد فيه من الآيات القرآنية والأحاديث؟
أورد الآيات ثم نورد الأحاديث ، واحدا واحدا ، أنت تورد حديثا ، وأنا أورد حديثا آخر ، هذا يُسمّى مذاكرة العلم.
ومذاكرة العلم من أكبر الوسائل المؤدّية إلى حفظ العلم ، وقد كان الصحابة والتابعون والأئمّة يتذاكرون العلم ، إذا جلسوا بدؤوا يتذاكرون ، وكل يوم يتذاكرون في باب أو نحوه ، وبالتالي يحفظون العلم.
قال المؤلف : وهذا شاهده ودليله : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في رمضان يأتيه جبريل فيقرأ عليه القرآن في كل عام مرة ، هذا من مذاكرة العلم ، وكان الصحابة يُذاكرون العلم ، أبوهريرة كان في الليل يُراجع الأحاديث التي حفظها لتبقى في ذهنه ، وهكذا الأئمة لا زالوا على طلب العلم بواسطة المُذاكرة.
والمذاكرة فوق المُطالعة ، إذا جيت كتاب وقرأت فيه باب الاعتكاف في كتب الحديث ، هذه مطالعة ، فإذا جلست مع طالب علم وبدأت تذاكر ، ماذا ورد في الباب الفلاني في باب الاعتكاف من الأحاديث هذا أقوى في رسوخ المعلومة من الأول ، وفي نفس الوقت تعوّد ، أو تجعل الذهن متوقّدا حاضرا لهذا الباب ، وتقوّي ذاكرة الإنسان ، وتجعله منصفا في كلامه مع غيره ، يعني مرة يُعطي معلومة ، ومرة يأخذ المعلومة من غيره ، وبالتالي يكون لطيفا بخلاف المناظرات فإنه قد يكون فيها ما يكون فيها من القوة ، وما ينافي الملاطفة بخلاف المذاكرة.
لكن ينبغي أن تبتعد عن ذلك المتعالِم أو ذلك الكاذب ، أو من ليس عنده أمانة علميّة ، لأنّ قد يوهمك أنّ في هذا الباب الحديث الفلاني ، ويوهمك أنّ هذه المسألة توجد في باب كذا ، ويوهمك أنّ هذه المعلومة عند هؤلاء الفقهاء على هذا النحو ، ولا يكون الأمر كذلك.
أما مراجعة الإنسان لمسائل العلم في نفسه فهذا عظيم الفائدة كبير الثمرة ، نعم.
آفاق التيسير
* فالجذع من الضأن : ما أتم ستة أشهر عند الحنفية والحنابلة ، وعند المالكية والشافعية ما أتم سنة . والمسنة (الثني) من المعز : ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية والحنابلة ، وعند الشافعية ما أتم سنتين .
والمسنة من البقر : ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، وعند المالكية ما أتم ثلاث سنوات .
والمسنة من الإبل : ما أتم خمس سنوات عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/70) :
" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ;
هنا




التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-09-2015 الساعة 04:10 PM
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 07-20-2015, 11:08 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:

الأمر الثاني والأربعون: طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها :

فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ .

الشيخ:
صحيح .. هذا أيضا من آداب طالب العلم. وبقي شيء آخر (طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة)، فهما كالجناجين للطائر والطائر لا يطير إلا بجناحين إذا انكسر أحدهما لم يطر، إذا لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن، أو القرآن وتغفل عن السنة، كثير من طلبة العلم يعتني بالسنة وشروحها ورجالها، ومصطلحاتها اعتناء كاملا، لكن لو سألته عن آية من كتاب الله. ما قدم الإجابة، ولا عرف شيئا.
هذا غلط، لكن لا بد أن يكون الكتاب والسنة كلاهما جناحان لك، والجناح الأصل هو: القرآن.
وثم أيضا شيء ثالث- لكن هو داخل في قول المؤلف و(علومها): كلام العلماء، أيضا لا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه، لأن العلماء أشد منك رسوخا في العلم، وعندهم من قواعد الشريعة وضوابط الشريعة وأسرارها ما ليس عندك فلا تغفله.
ولذلك كان العلماء الأجلاء المحققون إذا ترجح عندهم قول يقولون: «إن كان أحد قال به وإلا فلا نقول به».
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على علمه وسعة إطلاعه، إذا قال قولا لا يعلم به قائلا. قال : «أنا أقول به إن كان قد قيل به». ولا يأخذ برأيه، ويقول: خلاص أنا فهمت من القرآن كذا ولا علي من الناس.
هذا غلط. أنت إذا رأيت أكثر العلماء على قول، فلا تعدل عن قول أكثر العلماء إلا بعد التمحيص والتحقق، لأنه من المستبعد أن يكون الأقل هم أهل العلم. بمعنى: إذا رأيت مسألة من المسائل اختلف فيها العلماء وأكثرهم يقول بكذا، والآخرون يقولون بكذا، وترجح عندك قول الأقل ، لا تأخذ به مباشرة ، فكر، ما أدلة الآخرين؟ لأن الأكثر في الغالب يكون معهم الحق ، ففكر أولا ، ثم إذا تبين لك أن الحق مع الأقل فاتبع الحق ، لكن كونك تأخذ مباشرة بما ترجح عندك والجمهور على خلافه هذا لا ينبغي أبدا .
كذلك أيضا تأتي مثلا أدلة شواذ تخالف الأدلة التي هي كالجبال في الشريعة والدلالة فيأخذ الإنسان بهذا الدليل الشاذ، ولعله لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ثبت وهو منسوخ ، أو ثبت وهو مخصوص، فنقول ارفق ما دام هذا يخالف الأدلة التي هي كالجبال للشريعة فلا تتعجل في الأخذ به انتظر وتمهل ، فهذان أمران أنبه عليهما لأهميتهما :
- مخالفة الجمهور.
- ومخالفة القواعد في الشريعة الإسلامية.
القواعد التي تعتبر كالجبال للأرض ، رواسخ.


آفاق التيسير

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها :
فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ .

الشيخ:
الأصل في العلم الشرعي هو الكتاب والسنة ، وحينئذ لابد أن يكون هما الذي يعوّل عليه طالب العلم في علمه ، ومن ثَمّ فقراءة أقوال العلماء والبحث في كتب الفقه ، إنما هي وسائل يستعين بها الإنسان على ضبط العلم وعلى القدرة على مراجعة النصوص الشرعية كتابا وسنة ، فهذه وسائل ، وإلا فإنّ الأصل هو الكتاب والسنة ، ولذلك طالب العلم تجده يعيش بين هذين الأصلين :
أولا : يراجع حفظه للقرآن ، ويتأمل في فهم القرآن.
وثانيا : يسرد كتب السنة ويحاول ضبط ما يستطيع ضبطه منها.
والله جل وعلا قد أمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} آيات الله يعني القرآن ، والحكمة يعني السنة.
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} يعني الكتاب والسنة ، نعم .
آفاق التيسير
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 07-20-2015, 11:12 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
43-استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ :
لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ .
قالَ اللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

الشيخ:
استكمال أدوات كل فن. يريد بذلك: أنك إذا أردت أن تكون طالب علم في فن معين، وهو ما يعرف عندنا بالتخصص، فلا بد أن تكون مستكملا أدوات ذلك الفن، يعني عندك علما به، فمثلا في الفقه إذا كنت تريد أن تكون عالما بالفقه، فلا بد أن تقرأ الفقه وأصول الفقه لتكون متبحرا فيه، وإلا فيمكن أن تعرف الفقه بدون علم الأصول، ولكن لا يمكن أن تعرف أصول الفقه بدون الفقه.
يعني: يمكن أن يستغني الفقيه عن أصول الفقه، لكن لا يمكن أن يستغني الأصولي عن الفقه، إذا كان يريد الفقه.
ولهذا اختلف العلماء، علماء الأصول: هل الأولى لطالب العلم أن يبدأ بأصول الفقه لابتناء الفقه عليه أو بالفقه لدعاء الحاجة إليه، حيث أن الإنسان يحتاجه في عمله، حاجاته، ومعاملاته قبل أن يفطن إلى أصول الفقه.
والثاني- هو الأولى وهو المتبع غالبا. وهنا استدل بقول الله تعالى :(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) (سورة البقرة: 121). والمراد بالتلاوة هنا: التلاوة اللفظية، والتلاوة المعنوية، والتلاوة العملية، مأخوذة من تلاه إذا اتبعه، فالذين آتاهم الكتاب لا يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل الكتاب حتى يتلوه حق تلاوته.
قوله :«وفي الحديث بين علمي الرواية والدراية» يعني بذلك الرواية في أسانيد الحديث ورجال الحديث. والدراية في فهم معناه.
آفاق التيسير


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
43- استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ :
لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ .
قال َاللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .
الشيخ :
هذا الأدب اشتمل على أمرين :
الأمر الأول : معرفة أدوات العلم قبل الدخول فيه ، لو جاءنا إنسان وبدأ يدرس النحو ، وأصبح أخذ المرفوعات والمنصوبات ، لكنه أصلا لا يعلم ولا يعرف أنّ النحو يتعلّق بأواخر الكلمات ، ليس لديه فهم المصطلحات لهذا العلم ، ولا يعرف المنشأ الذي نشأ منه هذا العلم ، فلن يتقن هذا العلم ، وهكذا في بقيّة الفنون ، عندما يريد الإنسان فهم الكتاب والسنة ، واستخراج الأحكام منها ، إذا لم يعرف القواعد الأصولية لن يتمكن من هذا ، وحينئذ إذا أراد أن يحكم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا ، لابد أن يعرف قواعد المصطلح ويكون عنده قدرة على معرفة أحوال الرواة ، فإذا لم يكن محيطا بالوسيلة لن يتمكن من الوصول إلى الغاية ، وبالتالي لابد من معرفة الأدوات قبل الولوج في تعلّم العلم.
الأمر الثاني : مما ذكره المؤلف هنا ؛ ألا يترك العلم حتى يتقنه ، إذا ابتدأ الطالب بعلم ثم ملّ وانتقل إلى غيره ، وأهمل العلم الأوّل فحينئذ قد أضاع وقته ، من أخذ كتابا وقرأ ربعه ، نصفه ثم انتقل إلى غيره ، ما يتمكّن أن يقول : قرأت الكتاب ، ولا يتمكّن أن يقول : هذه المعلومة ليست في الكتاب ، لأنه لم يحط بالكتاب ، نعم.

آفاق التيسير

عِلم الحديث" روايــة " و " درايــة"

*أولاً : علـم الحديــث روايــة :
علـم الحديـث روايـة هـو : نقـل السـنة مـن أقـوال النبــي ـ

صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وأفعالـه ، وتقريراتـه ،وخَلْقِـهِ ، وخُلقِـهِ ، وغيـر ذلـك ، وحفظهـا في الصـدور ، وإثباتهـا بالسـطور ، وضبطهـا ، وتحريـرألفاظهـا ، وإسـناد ذلـك إلـى مـن عـزي إليـه بتحديـث وإخبـار وغيـر ذلـك.
120 سؤال وجواب ... / الحكمي / ص : 15 .
فعلـم الحديـث روايـة يبحـث عمـا يُنقَـل عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن أقوالـه وأفعالـه وأحوالـه .
مثالـه : إذا جاءنـا حديـث عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فإننـا نبحـث فيـه هـل هـو قـول أو فعـل أو حـال ؟ .
وهـل يـدل علـى كـذا أو لا يـدل ؟ فهـذا هـو علـم الحديـث روايـة ، وموضوعـه
البحـث فـي ذات النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،ومـا يصـدر عـن هـذه الـذات مـن أقـوال وأفعـال وأحـوال .

ومـن الأفعـال الإقـرار ، فإنـه يعتبـر فعـلاً .
وأمـا الأحـوال فهـي صفاتـه ، كالطـول ، والقِصَـر واللـون والغضـب والفـرح ومـا أشـبه ذلـك .
شرح البيقونية ... / للشيخ العثيمين / ص : 8 / بتصرف .
حكمـــه :
ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة .
ـ الوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بـه .
جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 17 .

*ثانيـًا : علـم الحديــث درايــة :

علـم الحديـث درايـة يُعْـرَف " بمصطلـح الحديـث " أو " بأصـول الحديـث " .
وموضوعـه :
بيـان قواعـد البحـث فـي آحـاد السـنة عـن أحـوال السـند والمتـن وما يتعلـق بهمـا مـن حيـث القبـول والـرد .

120 سؤال وجواب في ... / ص 20 / بتصرف .
أي هـو علـم يُعْـرَف بـه حـال الـراوي والمـروي مـن حيـث القبـول والـرد .
جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 13 .
حكمـــه :
ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة فـي مجموعهـا لتوقـف معرفـة المقبـول والمـردود عليـه .
ـ والوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بمعرفتـه فيجـب عليـه أن يعمـل بمقتضـى العلـم بـه تدريسـًا وتصنيفـًا وتطبيقـًا فـي قبـول مـا يُقْبَـل ورد مـا يُـرد .
جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 15 .
فـعلم الحديث رواية : المقصود به هو نقل السنة وضبطها كما فعل العلماء في كتب الحديث والسنن.
أما علم الحديث دراية فالمراد به هو: علم مصطلح الحديث.
فهوعلم يعرف به حال الراوي والمروي من جهة القبول والرد .

- علم الحديث روايةً: وهو العلم الذي يبحث في نقل الحديث من جيل إلى جيل بشكل منضبط، حفظاً في الصدور وكتابة في السطور.هنا
- علم الحديث درايةً: وهو العلم الذي يبحث في القواعد التي يعرف بها الحديث المقبول من الحديث المردود، فقد وضع العلماء مجموعة من الأسس والقواعد المتعلقة بسند الحديث ومتنه، والتي تساعد في الحكم على الحديث من حيث صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أو عدم صحتها، ويسمى علم الحديث درايةً علم مصطلح الحديث أو علم أصول الحديث.
هنا
أهداف علم الحديث:
لعلم الحديث روايةً ودرايةً أهداف في غاية الأهمية منها:
1- حفظ الحديث النبوي من الضياع والاندثار، وذلك بروايته مشافهةً وكتابته جيلاً عن جيل، حتى وصل إلينا.
2- التمييز بين الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة، وقد منع هذا من دخول الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الدين.
3- بناء العقلية الإسلامية الناقدة الممحصة، التي لا تأخذ كلَّ ما تسمع وإنما تبحث وتتحرى وتنقب حتى تصل إلى الحقيقة، فإن صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلناه وإن لم يصح رددناه.
4- ابتغاء الأجر العظيم على بذل الجهد للمحافظة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

5- تسهيل مهمة المفسر والفقيه لاستنباط الأحكام.هنا


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-16-2015 الساعة 04:10 PM
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 07-20-2015, 11:23 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
الفصل السادس
التَحَلِّي بالعَمَلِ
44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ :
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
هذه من علامات العلم النافع:
أولا- العمل به: وهذا بعد الإيمان، أن تؤمن بما علمت ثم تعمل إذ لا يمكن العمل إلا بإيمان، فإن لم يوفق الإنسان لذلك، بأن كان يعلم الأشياء ولكن لا يعمل بها فعلمه غير نافع، لكن هل هو ضار أم لا نافع ولا ضار؟ هو ضار... لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن حجة لك أو عليك»* ولم يقل: لا لك ولا عليك فالعلم إما نافع أو ضار.
ثانيا- كراهية التزكية، والمدح، والتكبر على الخلق: وهذه ابتلي به بعض الناس، فيزكي نفسه ويرى أن ما قاله هو الصواب وأن غيره إذا خالفه فهو مخطئ وما أشبه ذلك، كذلك يحب المدح. تجده يسأل ماذا قالوا لما تحدثوا عنه؟ وإذا قالوا: إنهم مدحوك، انتفخ وزاد انتفاخه حتى يعجز جلده عن تحمل بدنه، كذلك التكبر على الخلق، بعض الناس- والعياذ بالله – إذا آتاه الله علما تكبر. الغني بالمال ربما يتكبر، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم : العائل المستكبر من الذين لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.1
لأنه ليس عنده مال يوجب الكبرياء، ولكن العالم لا ينبغي أن يكون كالغني كلما ازداد علما ازداد تكبرا، بل ينبغي العكس كلما ازداد علما ازداد تواضعا، لأن من العلوم التي يقرؤها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخلاقه كلها تواضع للحق، وتواضع للخلق، لكن على كل حال إذا تعارض التواضع للخلق أو الحق. أيهما يقدم؟ التواضع للحق.-
على كل حال إذا تعارض التواضع للحق مع التواضع للخلق أيهما يقدم؟ يقدم التواضع للحق، فمثلا لو كان هناك إنسان يسبّ الحق ويفرح بمعاداة من يعمل به، فإنا لا نتواضع له، تواضع للحق، وجادل هذا الرجل حتى وإن أهانك أو تكلم فيك فلا تهتم به، فلا بد من نصرة الحق.-هنا
ثالثا- تكاثر تواضعك كلما ازددت علما: وهذا في الحقيقة فرع من الثاني، يعني تتكبر على الخلق، وينبغي كلما ازددت علما تزداد تواضعا.
رابعا- الهرب من حرب الترؤس والشهرة والدنيا: هذه أيضا قد تكون متفرعة عن كراهية التزكية والمدح، يعني لا تحاول أن تكون رئيسا لأجل علمك، لا تحاول أن تجعل علمك مطية إلى نيل الدنيا، فإن هذا يعني أنك جعلت الوسيلة غاية، والغاية وسيلة، ولكن هل معنى ذلك لو أنك كنت تجادل شخصا لإثبات الحق هل ينبغي أن تجعل نفسك فوقه أو دونه؟ فوقه لأنك لو شعرت بأنك دونه ما استطعت أن تجادله، أما لو أنك شعرت أنك فوقه من أجل أن الحق معك، فإنك حينئذ تستطيع أن تسيطر عليه.
خامسا- هجر دعوى العلم: معناها: لا تدَّعِي العلمَ. لا تقول أنا العالم.
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا = متى أضع العمامة تعرفوني
ومتى كان في المجلس تصدر المجلس، وإذا أراد أحد أن يتكلم يقول: اسكت أنا أعلم منك.
سادسا- إساءة الظن بالنفس، وإحسانه بالناس، تنزها عن الوقوع بهم: أن يسيء الظن بنفسه لأنها ربما تغره وتأمره بالسوء فلا يحسن الظن بالنفس، وكلما أملت عليه أخذ بها.
أما قوله «إحسانه بالناس» فهذا يحتاج إلى تفصيل. الأصل إحسان الظن بالناس وإنك متى وجدت محملا حسنا لكلام غيرك فأحمله عليه ولا تسيء الظن، لكن إذا عُلم عن شخصٍ من الناس أنه محل لإساءة الظن، فهنا لا حرج أن تسيء الظن من أجل أن تحترس منه لأنك لو أحسنت الظن به لأفضيت إليه كل ما في صدرك، ولكن ليس الأمر كذلك.

وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ.
آفاق التيسير

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصلُ السادسُ : التَحَلِّي بالعَمَلِ
44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ :
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَـعْـرِضَـنَّ بـذِكْـرِنــا مــــع ذِكْــرِهــمْ ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ

الشيخ :
الأدب الرابع والأربعون من آداب طالب العلم : العمل بالعلم ، ويترتب على هذا أن تكون عارفا لمقدار نفسك ، فإنه كلما ازداد الإنسان من العلم كلما احتقر نفسه وتواضع لغيره ، وكلما نقص علم الإنسان ظنّ أنه قد حصّل العلم ، فتكبّر فيه ، ولذلك يحرص طالب العلم على العمل بما علمه.

آفاق التيسير
*

- إسباغُ الوضوءِ شطرُ الإيمانِ و الحمدُ للهِ تملأ الميزانَ ، و سبحان اللهِ و الحمدُ للهِ تملآنِ أو تملأ ما بين السماءِ و الأرضِ ، و الصلاةُ نورٌ ، و الصدقةُ برهانٌ ، و الصبرُ ضياءٌ ، و القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك ، كلُّ الناسِ يَغدو ، فبائعٌ نفسَه ، فمُعتِقُها أو موبِقُها

الراوي : أبو مالك الأشعري- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 189 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
1- ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 107 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-23-2015 الساعة 02:21 AM
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 07-20-2015, 11:28 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
45- زكاةُ العِلْمِ :
أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءً عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .
وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :
(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ )) ، رواه مسلِمٌ وغيرُه .
قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ .
ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ، وآفَتُه الكِتْمَانُ .
ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِ الرَّذيلةِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

هذا زكاة العلم. تكون بأمور:
منها: نشر العلم. كما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه، وصدقة العلم أبقى دواما وأقل كلفة ومؤنة.
أبقى دواما لأنه ربما كلمة من عالم تسمع ينتفع بها فئام من الناس وما زلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده.
وكذلك العلماء تنتفع بكتبهم وعلومهم، فهذه زكاة. وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده.
يزيد بكثرة الإنفاق منه = وينقص إن به كفا شددت
ومن زكاة العلم أيضا: العمل به لأن العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم وبأعماله، أكثر مما يتأسون بأقواله وهذا بلا شك زكاة أيما زكاة، لأن الناس يشربون منها وينتفعون.
ومنها أيضا: ما قاله المؤلف أن يكون صداعا للحق. وهذا من جملة النشر، ولكن النشر قد يكون في حال السلامة والأمن على النفس، وقد يكون في حالة الخطر، فيكون صداعا بالحق.
ومنها: أي من تزكية العلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا شك أنه من زكاة العلم، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو عارف بالمعروف وعارف بالمنكر، ثم قائم بواجبه نحو هذه المعرفة.
والمعروف: كل ما أمر به الله ورسوله. والمنكر: كل ما نهى الله عنه ورسوله. موازنا بين المصالح والمضار. لأنه قد يكون من الحكمة ألا تنهى حسب ما تقتضيه المصلحة، فالإنسان ينظر إلى المصالح والمضار.**
وقوله : «ناشرا للعلم وحب النفع» يعني تنشر العلم بكل وسيلة للنشر من قول باللسان وكتابة بالبنان. وبكل طريق، وفي عصرنا هذا سخر الله لنا الطرق لنشر العلم، فعليك أن تنتهز هذه الفرصة من أجل أن تنشر العلم الذي أعطاك الله إياه، فإن الله تعالى أخذ على أهل العلم ميثاق أن يبينوه للناس ولا يكتموه، ثم ساق المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه والشاهد في قوله «أو علم ينتفع به» .
أما قوله :«قال بعض أهل العلم. فبدله صدقة ينتفع بها والمتلقي لها ابن للعالم في تعلمه عليه».
هذا قصور. والصواب خلاف ذلك. أن المراد بالصدقة الجارية، صدقة المال.
وأما صدقة العلم فذكرها بعده بقوله «أو علم ينتفع به أو ولد صالح»* المراد به الولد بالنسب، لا الولد بالتعليم.
فحمل الحديث على أن المراد بالعالم يعلم فيكون صدقة ويبقى علمه بعد موته ينتفع به ويكون طلابه أبناء له، فهذا لا شك تقصير في تفسير الحديث.
والصواب: أن الحديث دل على ثلاثة أجناس مما ينتفع به الإنسان بعد موته.
الصدقة الجارية، والصدقة إما جارية وإما مؤقتة. فإذا أعطبت فقيرا يشتري طعاما فهذه صدقة لكنها مؤقتة، وإذا حفرت بئرا ينتفع به المسلمون بالشرب، فهذه صدقة جارية.
والأولى أن يقال «ولبركة العلم» فهذا أمثل، لكونه يزيد بكثرة الإنفاق. ووجه زيادته أن الإنسان إذا علم الناس مكث علمه في قلبه واستقر، وإذا غفل نسي.
ثانيا- أنه إذا علم الناس فلا يخلو هذا التعليم من الفوائد الكثيرة، بمناقشة أو سؤال، فينمي علمه ويزداد، وكم من أستاذ تعلم من تلاميذه. قد يذكر التلميذ مسألة ما جرت على بال الأستاذ وينتفع بها الأستاذ فلهذا كان بذل العلم سببا في كثرته وزيادته.
ثم لا تيأس ولا تقل: إن الناس غلب عليهم الفسق والمجون والغفلة، لا! أبذل النصيحة ما استطعت ولا تيأس لأنك إذا تقاعست واستحسرت فمن يفرح بذلك ؟ الفساق والفجار. كما قيل:
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
فلا تيأس، فكم من إنسان يأست من صلاحه، ففتح الله عليه وصلح. لكن يئست.

آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :

45- زكاةُ العِلْمِ :
أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءًا عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .
وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ)) رواه مسلِمٌ وغيرُه .
قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ .
ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ ، وآفَتُه الكِتْمَانُ .
ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِالرَّذيلةِ .
الشيخ :

الأدب الخامس والأربعون : الحرص على الدعوة ونشر العلم وبثّه في الأمّة ، سواءًا إذا وجدت شخصا تاركا لما تعلمه من الخير والصدق أو بواسطة مجالس العلم ، أو بالتأليف أو نحو ذلك.
وهكذا أيضا الحرص على نفع الآخرين بالشفاعة الحسنة لهم ، والعلم يزيد بالنفقة منه ، كلما دعوت إليه وعلّمت الناس بقي العلم في نفسك ، وأعطاك الله علما لم تكن عالما به ، وبارك الله بعلمك ، وكلما تكاسل الإنسان في نشر العلم فإنه سينساه عن قرب ، ولن يُبارك له في علمه ، بعض الناس يقول : الناس قد فسدوا ، وتجاهلوا العلم.
فنقول : هذه تجعلك تحرص على كثرة التعليم ، وتبذل الأسباب ، فإذا فسد الناس وكثر الجهل فيهم ، فلابد أن يقوم العلماء وطلبة العلم بالتعليم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بال أقوام لا يعلّمون جيرانهم ، وما بال أقوام لا يتعلّمون من جيرانهم"x
ضعيف
والفسّاق يريدون من العلماء أن يسكتوا ولا ينشروا علما ولا يوجّهوا الناس وينصحوهم ليتمكّنوا من مرادهم في فسقهم ، لكن ينبغي ألا نحقق مطلوبهم ، وأن نحتسب للأجر في بث العلم ، نعم.
آفاق التيسير

.**قال سفيان الثوري رحمه الله: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى».
ينبغي أن نعلم أنه إذا غلب على ظن من ينهى عن المنكر أنه إذا قام بتغيير هذا المنكر، فإنه يتعدى الضرر والأذى الكبير إلى أحد من أقاربه، أو أصحابه، أو جيرانه، أو يُعتدى على محارمه، أو غيرهم من الناس وهم غير راضين عن ذلك، فلم يجز له تغيير هذا المنكر، ويصبح ترك النهي عن المنكر في هذه الحالة واجباً، لأن التغيير لا يتحقق إلا بمنكر أعظم منه
قال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في الحديث عن الحسبة:

«فإذا كان يؤدي ذلك إلى أذى فوقه ليتركه، وذلك كالزاهد الذي له أقارب أغنياء، فإنه لا يخاف على ماله إن احتسب على السلطان، ولكنه - أي السلطان - يقصد أقاربه انتقاماً منه بواسطته، فإذا كان يتعدى الأذى من حسبته إلى أقاربه، وجيرانه فليتركها فإن إيذاء المسلمين محظور، كما أن السكوت على المنكر محظور»

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام وولاة الأمور:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام، وولاة الأمور، من المسائل الهامة، والتي إذا أساء الناس فهمها، لترتب على ذلك فتن عظيمة، ومفاسد كبيرة في البلاد والعباد، ويجب أن نعلم أن الله قد أرسل رسولين كريمين، وهما موسى وهارون إلى حاكم كافر، ادعى أنه رب لهذا الكون وأنه إله للناس، وهو فرعون والله تعالى يعلم أن فرعون سوف يموت على كفره وعلى الرغم من ذلك طلب منهما أن ينهياه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فقال سبحانه وتعالى: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى *قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى *قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى *فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى *إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى"
فانظر أخي الكريم:إذا كانت هذه هي كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحاكم الكافر، فكيف تكون إذاً مع الحاكم المسلم؟ إنها لا شك يجب أن تكون أكث ليناً في الكلام مع استخدام حسن الأدب في الحوار.
نصيحة ولاة الأمور تكون سراً:
ينبغي أن تكون النصيحة للحكام، وولاة الأمور سراً، ودون التشهير بهم أمام عامة الناس، وذلك بدليل ما يلي:
روى أحمد في مسنده من حديث عياض بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يُبْدِ لَهُ علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا قد أدى الذي عليه له هنا
"مَن أرادَ أن ينصحَ لذي سلطانٍ في أمرٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً ولَكِن ليأخذْ بيدِهِ فيَخلوَ بهِ فإن قبِلَ منهُ فذاكَ وإلَّا كانَ قد أدَّى الَّذي علَيهِ لَهُ"
الراوي : عياض بن غنم - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج كتاب السنة
-الصفحة أو الرقم: 1097 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
*ولد صالح يدعو له.
سواء أكان من أولاده الحسيين أو مـــن أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه ، وهدايته وإرشاده ،السعدي .هنا
ولد صالح يدعو له. ولد يشمل ذكر وأنثى يعني ابن أو بنت يشمل ابنك لصلبك وابنتك لصلبك وأبناء أبنائك وأبناء بناتك وبنات أبنائك وبنات بناتك إلى آخره ولد صالح يدعو للإنسان بعد موته هذا أيضا يثاب عليه الإنسان وانظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم ولد صالح يدعو له ولم يقل: ولد صالح يصلي له أو يقرأ له القرآن أو يتصدق عنه أو يصم عنه لا ما قال هذا مع أن هذه كلها أعمال صالحة بل قال: ولد صالح يدعو له وفي هذا دليل على أن الدعاء لأبيه وأمه وجده وجدته أفضل من الصدقة عنهم وأفضل من الصلاة لهم وأفضل من الصيام لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يدل أمته إلا على خير ما يعلمه لهم ما من نبي بعثه الله إلا & دل أمته على خير ما يعلمه لهم فلو علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن كونك تتصدق عن أبيك وأمك أفضل من الدعاء لقال في الصدقة ما قال الدعاء فلما عدل عن الصدقات والصيام والصلاة وقراءة القرآن والمقام مقام تحدث عن الأعمال لما عدل عن هذه الأعمال إلى الدعاء علمنا يقينا لا إشكال فيه أن الدعاء أفضل من ذلك فلو سألنا سائل: أيهما أفضل أتصدق لأبي أو ادعو له قلنا الدعاء أفضل لأن رسول الله . شرح رياض الصالحين للعثيمين هنا
x
ما بالُ أقوامٍ لا يُفقِّهون جيرانَهم ، ولا يُعلِّمونهم ، ولا يَعِظونَهم ، ولا يأمرونهم ، ولا ينهونهم ؟ ! وما بالُ أقوامٍ لا يتعلَّمون من جيرانِهم ، ولا يتفقَّهون ! ولا يتَّعِظون ؟ ! واللهِ لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم ، ويُفقِّهونهم ، ويعِظونهم ، ويأمرونهم ، وينهونهم ، ولَيَتَعَلَّمنَّ قومٌ من جيرانهم ، ويتفقَّهون ، ويتَّعِظون ، أو لأُعاجِلنَّهم العقوبةَ . ثم نزل . فقال قومٌ : مَن ترونَه عَنِيَ بهؤلاءِ ؟ قال : الأشعريِّينَ ، هم قومٌ فقهاءُ ، ولهم جيرانٌ جفاةٌ من أهلِ المياهِ والأعرابِ فبلغ ذلك الأشعريِّينَ ، فأتوا رسولَ اللهِ فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! ذكرتَ قومًا بخيرٍ ، وذكرتَنا بشرٍّ ، فما بالُنا ؟ فقال : لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم وليَعِظُنَّهم ، وليأمرُنَّهم ، ولينهونَّهم ، وليتعلمَنَّ قومٌ من جيرانِهم ويتَّعظون ويتفقّهون ، أو لأعاجلنَّهم العقوبةَ في الدنيا . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! أَنُفَطِّنُ غيرَنا ؟ فأعاد قولَه عليهم ، فأعادوا قولَهم : أَنُفطِّنُ غيرَنا ؟ فقال ذلك أيضًا . فقالوا : أَمهِلْنا سنةً ، فأمهلَهم سنةً ، ليُفقِّهونهم ، ويُعلِّمونهم ، ويعِظونهم . ثم قرأ رسولُ اللهِ هذه الآيةَ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الآية .
الراوي : عبدالرحمن بن أبزى - المحدث : الألباني - المصدر : ضعيف الترغيب-الصفحة أو الرقم: 97 - خلاصة حكم المحدث : ضعيف
هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-24-2015 الساعة 01:53 AM
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 07-20-2015, 11:39 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
46- عزة العلماء
التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .
يقولونَ لي فيك انقباضٌ وإنما = رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا
أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ = ومَن أَكرَمَتْهُ عِزَّةُ النفْسِ أُكْرِمَا
ولو أنَّ أهلَ العلْمِ صانُوه صانَهُمْ = ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لعَظَّمَا

( لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشالَةِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ** بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
هذا فيه شيء صواب، وشيء فيه نظر، صيانة العلم وتعظيمه وحماية جنابه، لا شك أنه عز وشرف. فإن الإنسان إذا صان علمه عن الدناءة وعن التطلع إلى ما في أيدي الناس، وعن بذل نفسه فهو أشرف له وأعز، ولكن كون الإنسان لا يسعى به إلى أهل الدنيا ولا يقف على أعتابهم ولا يبلغه إلى غير أهله وإن عظم قدره فيه تفصيل.
فيقال إذا سعيت به إلى أهل الدنيا وكانوا ينتفعون بذلك فهذا خير، وهو داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما إن كانوا يقفون من هذا العالم الذي دخل عليهم وأخذ يحدثهم، موقف الساخر المتململ، فهنا لا ينبغي أن يهدي العلم إلى هؤلاء، لأنه إهانة له وإهانة لعلمه. ولنفرض أن رجلا دخل على أناس من هؤلاء النفر، وجلس، وجعل يتحدث إليهم بأمور شرعية، ولكنه يشاهدهم تتمعر وجوههم، ويتململون ويتغامزون، فهؤلاء لا ينبغي أن يحوم حولهم لأن هذا ذل له ولعلمه.
أما إذا دخل على هؤلاء وجلس وتحدث، ووجد وجوها تهش، وأفئدة تطمئن، ووجد منهم إقبالا، فها هنا يجب أن يفعل، ولكل مقام مقال.
لو كان دخل طالب علم صغير على هؤلاء المترفين، فلربما يقفون منه موقف الاستهزاء والسخرية، لكن لو دخل عليهم من له وزن عندهم وعند غيرهم لكان الأمر بالعكس، فلكل مقام مقال.
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .

ومن أحسن ما رأيت في هذا كتاب «روضة العقلاء» للبسني، كتاب عظيم على اختصاره، فيه فوائد عظيمة ومآثر كريمة للعلماء المحدثين وغيرهم، وكان مقررا في المعاهد أيام كنا ندرس في المعهد، مقررا كتاب مطالعة للطلاب وانتفع به الكثير.
أما ما ذكره الشيخ بكر، يعضها اطلعنا عليه، وبعضها لم نطلع عليه، لكن بعضها مختصر جدا، لا يستفيد الإنسان منه كثير فائدة. لكن سير أعلام النبلاء مفيد أيضا فائدة كبيرة، فمراجعته عظيمة. أما كتاب «عزة العلماء» فهو من كتابات المؤلف، وهو يدعو إلى الله تعالى أن ييسر إتمامه وطبعه.

يقولون لي فيك انقباض وإنما = رأوا رجلا عن موضع الذل احجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم = ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم = لو عظموه في النفوس لعظما

(لعظما)، بفتح الظاء المعجمة المشالة.
هذا الضبط فيه نظر، والظاهر: ولو عظموه في النفوس لعظما. يعني لكان عند الناس عظيما، لكنهم لم يعظموه في النفوس، بل أهانوه وبذلوه لكل غال ورخيص.
وهذه مرت علي في البداية والنهاية لابن كثير في ترجمة الناظم الذي نظمها.

آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
46- عِزَّةُ العُلماءِ :
التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولاقُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولاتَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَى فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ(مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .
يـقـولـونَ لـــي فـيــك انـقـبـاضٌ وإنـمــا رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا
أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ ومَـــن أَكـرَمَـتْـهُ عِـــزَّةُ الـنـفْـسِ أُكْـرِمَــا
ولـو أنَّ أهـلَ العلْـمِ صانُـوه صانَهُـمْ ولــو عَظَّـمُـوه فـــي الـنـفـوسِ لعَـظَّـمَـا
(لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشددةِ .
الشيخ :
قال المؤلف في الأدب السادس والأربعين : عزة العلماء ، بحيث لا يبذل العلماء علمهم فيما لا يناسبه من المواطن والمحال ، و بحيث لا يكون العلماء ممن يبذل علمه في تحقيق أهواء الناس وأغراضهم المخالفة للشريعة.
قال المؤلف : (التحلّي بـ "عزة العلماء") وفسّره : بصيانة العلم وتعظيمه وحماية جناب عزه.
قال : (و عليه فاحذر أن يتمندل بك الكبراء) يعني يجعلونك منديلا يمسحون به أيديهم ، لماذا؟ لأنك تذل لهم ، ومن ثَمّ يتوصلون بك إلى تحقيق أغراضهم.
(أو يمتطيك السفهاء) يعني يركبوك ويجعلوك مطيّة لهم ، ومن ثَمّ : (تلاين لهم في فتوى أو في قضاء أو في بحث أو في خطاب) ومما يترتب على هذا أن يعزّ طالب العلم نفسه ، فلا يذهب إلى مجالس أهل الدنيا إلا إذا دعوه ليبلّغ حقّه ، وأما أن يذهب إليهم ابتداء فليس هذا من طالب العلم.
(ولا تقف به على أعتابهم) وكثير من الأئمة يقول بأنّ مجالس العلم يُؤتى إليها ، ولا يصح أن تُنقل مجالس العلم إلى مواطن أهل الدنيا ، فيقال : إذا أردت التعلّم فتعال.
والإمام أحمد وغيره من الأئمة طلبهم السلاطين في وقتهم إلى أن ينقلوا حديثهم لمواطن السلطان فأبوا ، وقال الواثق –في ظني-: أريد أن تعلم فلانا وفلانا من أبنائي ، قال : فليحضروا إلينا وليتعلموا كما يتعلم غيرهم.
وجاء هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت وجاءت له مسألة ، فجاء إلى عطاء وكان يصلي ، فما نقص من صلاته شيئا ، ثم بعد ذلك أجاب الناس حتى جاء الدور إلى هشام بن عبد الملك فأجابه عن مسألته.
ولازال العلماء في الزمان الأول يأتيهم الولاة ويأتيهم الأمراء ويسألونهم في مسائلهم في بيوت العلماء ، فالعلم يُؤتى إليه.
وذكر المؤلف نماذج من كتب أهل العلم التي ذكرت تراجم وسير لأئمة مضوا ، حموا أنفسهم من إذلال علمهم لمثل هؤلاء ، إلا أنّ بعض أهل العلم خصّ من هذا مجلس الإمام الأعظم ، فالعلماء ينبغي بهم أن يحرصوا على سوق ما لديهم من علم إليه ، ومثل هذا يختلف باختلاف اجتهاد المجتهدين.
وذكر المؤلف قصيدة الجرجاني وفيها شيء من هذا المعنى ، وقد جاء في سنن أبي داود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من بدا جفا ، ومن تتبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن" وهذا له أسانيد متعددة يُقوّي بعضها بعضا.
آفاق التيسير

**قال سفيان الثوري: إنما اتجرت لئلا يتمندل بنا هؤلاء أي طلبت التجارة. لئلا يتسلط علي أهل الملك والجاه فأكون في أيديهم كالمنديل التجارة عز نفس

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-30-2015 الساعة 04:06 AM
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 07-21-2015, 01:06 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
47 – صِيانةُ العِلْمِ
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... )1 .
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ
( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .
فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... )


إذا أراد بهذا الحديث، فليس هذا لفظ الحديث، والجملة الثانية «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» هذا نص الحديث.
يريد بهذه الآداب: أن الإنسان يصون علمه، فلا يجعله مبتذلا، بل يجعله محترما، معظما، فلا يلين في جانب من لا يريد الحق، بل يبقى طورا شامخا، ثابتا، وأما أن يجعله الإنسان سبيلا إلى المداهنة وإلى المشي فوق بساط الملوك وما أشبه ذلك، فهذا أمر لا ينبغي، ولم يكن الإنسان صائنا لعلمه إذا سلك الإنسان هذا المسلك.
والواجب قول الحق، لكن قول الحق قد يكون في مكان دون مكان، والإنسان ينتهز الفرصة فلا يفوتها، ويحذر الذلة فلا يقع فيها.
قد يكون من المستحسن أن لا أتكلم في هذا المكان بشيء، وأن أتكلم في مكان آخر، لأني أعرف أن كلامي في الموضع الآخر أقرب إلى القبول والاستجابة. فلكل مقام مقال، ولهذا يقال : «
بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ» فلا بد أن الإنسان يكون عنده علم ومعرفة وسياسة، بحيث يتكلم إذا كان للكلام محل، ويسكت إذا كان ليس للكلام محل.
وقوله :«وفي الحديث «احفظ الله يحفظك» يعني: احفظ حدود الله كما قال الله تعالى في سورة التوبة : ( والحافظون لحدود الله) (سورة التوبة: 112). فلا ينتهكونها بفعل محرم، ولا يضيعونها بترك واجب.
وقوله «يحفظك» يعني في دينك ودنياك وفي أهلك ومالك. فإن قال قائل: إننا نرى بعض الحافظين لحدود الله يصيبهم ما يصيبهم. فنقول: هذا زيادة في تكفير سيئاتهم ورفعة درجاتهم، ولا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» قوله «يعرفك» لا تظن أن الله تعالى لا يعرف الإنسان إذا لم يتعرف إليه، لكن هذه معرفة خاصة، فهي كالنظر الخاص المنفي عمن نفي عنه كما في قوله تعالى : (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم) (سورة آل عمران: 77). مع أن الله لا يغيب عن نظره شيء، لكن النظر، نظران:
نظر خاص، ونظر عام. كذلك المعرفة: معرفة خاصة، ومعرفة عامة. والمراد هنا المعرفة الخاصة.
بقي أن يقال: إن المشهور عند أهل العلم أن الله تعالى لا يوصف بأنه عارف.
يقال: عالم، ولا يقال عارف.
وفرقوا بين العلم والمعرفة. بأن المعرفة تكون للعلم اليقيني والظني وأنها- أي معرفة- انكشاف بعد خفاء. وأما العلم فليس كذلك.
فنقول ليس المراد بالمعرفة هنا ما أراده الفقهاء أو أراده الأصوليون إنما المراد بالمعرفة هنا: أن الله تعالى يزداد عناية لك ورحمة بك، مع علمه بأحوالك- عز وجل.
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
هذه قاعدة مهمة: وهي أن الإنسان إذا أصبح عاطلا عن قلادة الولاية، - وهذا سبيلك ولو بعد حين- يعني سوف تترك الولاية ولو بقيت في الولاية حتى الموت فإنك ستتركها لا بد.
وقوله : «
فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .». هذا أيضا ليس على عمومه، لأن من الناس من يعزل عزل محمدة وعزة لكونه يقوم بالواجب عليه من الملاحظة والنزاهة، لكن يضيق على من تحته فيحفرون له حتى يقع، وهذا كثير مع الأسف. ومن الناس من يعزل لأنه قد تبين أنه ليس أهلا للولاية، فهل هذا العزل عزل محمدة أم عزل مذمة؟ عزل مذمة لا شك.
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ ( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .
من العجب أن بعض الناس إذا عزل عن الولاية وترك المسؤولية ازداد إنابة إلى الله عز وجل، لأنه إن عزل في حالة يحمد عليها لجأ إلى الله وعرف أنه لا يغنيه أحد عن الله عز وجل، وعرف افتقاره إلى الله تبارك وتعالى، فصلحت حاله. وإن كان انفصاله إلى غير ذلك فلربما يمن الله عليه بالتوبة لتفرغه وعدم تحمله المسئولية، فيعود إلى الله تبارك وتعالى.
وأما قوله : «و
أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ».
هذا موجود بلا شك، لكنه ليس كثيرا في الناس، والحمد لله. لكن من الناس من يكون متهاونا في أداء وظيفته، فإذا تركها رجع إلى الله عز وجل.


آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
47- صِيانةُ العِلْمِ :
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْل ِإليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قول ِالحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... ) .
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ (التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .
الشيخ :
هذا أدب آخر من آداب طالب العلم وهو أنّ المرء إذا كان في منصب أو ولاية فلا ينبغي أن ينقطع عن طلب العلم ، أو إقرائه وتدريسه ليبقى العلم عنده ، وذلك أنه بالتعليم والتدريس يبقى هذا العلم الذي وصل به الإنسان إلى هذه الولاية ، وبذلك يُرضي ربه جل وعلا ، ويتواصل الناس بالعلم وتعليمه و إقرائه ، ويأخذ الخلف عن السلف، ويبقى العلم ويستمر في الأمة.
وأما إذا انقطع الإنسان عن التعلم والتعليم بسبب انشغاله بالولاية ، فإنّ هذا يؤدّي إلى جعله من أهل الجهالة لأنه سينسى ذلك العلم الذي تعلّمه.
وكذلك ليُعلم أنّ ترك المنصب لا يعني منقصة في صاحبه ، وبالتالي ينبغي أن يعوّد أصحابُ المناصب أنفسهم أنهم سيتركون مناصبهم عما قريب ، ولذلك عليهم أن يحرصوا على تقوى الله حال ولايتهم ، وأن يبذلوا ما يستطيعونه من إقراء للعلم ومن أمر بمعروف ونهي عن المنكر تقرّبا لله جل وعلا ، وكذلك إذا عُزل الإنسان من منصبه لا ينبغي لطلبة العلم أن يقاطعوه بحيث إذا كان في المنصب وصلوه ودرسوا على يديه ، وإذا انقطع عن المنصب قاطعوه ، هذا ليس من شأن أهل العلم ، بل إذا ترك منصبه فإن هذا عزل محمدة ، ومن ثَمّ ينبغي لطلبة العلم أن يطلبوا على يديه العلم ، لأنه تفرّغ للإقراء حينئذ ، ولا يُنقص ابتعاده عن قلادة الولاية ، لا يُنقص ذلك من منزلته العلمية ، نعم.
آفاق التيسير
1- تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرفُك في الشدَّةِالراوي : أبو سعيد الخدري و أبو هريرة و ابن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 2961 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 08-30-2015 الساعة 04:28 PM
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 07-21-2015, 01:27 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
48الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ القارئ:
الأمر الثامن والأربعون: الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .
الشيخ:
لا بد أن نعرف ما الفرق بين المداهنة والمداراة؟.
المداهنة: أن يرضى الإنسان بما عليه قبيله، كأنه يقول: لكم دينكم ولي دين، ويتركه.
وأما المداراة: فهو أن يعزم بقلبه على الإنكار عليه، لكنه يداريه فيتألفه تارة، ويؤجل الكلام معه تارة أخرى، وهكذا حتى تتحقق المصلحة.
فالفرق بين المداهنة والمداراة ، أن المداراة يراد بها الإصلاح لكن على وجه الحكمة والتدرج في الأمور.
وأما المداهنة، فإنها الموافقة ولهذا جاءت بلفظ الدهن، لأن الدهن يسهل الأمور، والعامة يقولون في أمثالهم: ادهن السيل يسير يعني: أعطي الرشوة إذا أردت أن تمشي أمورك. على كل حال المداهنة أن الإنسان يترك خصمه وما هو عليه ولا يحاول إصلاحه يقول ما دام أنت ساكت عني فأنا أسكت عنك، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 والمداراة: أنه يريد الإصلاح ويحاول إصلاح خصمه لكن على وجه الحكمة فيشتد أحيانا ويلين أحيانا وينطق أحيانا ويسكت أحيانا ، وما المطلوب من طالب العلم المداراة أم المداهنة؟ المداراة.
آفاق التيسير
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
48- الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .
الشيخ :
المداهنة : ترك بعض الأحكام الشرعية من أجل صاحبك ، ومنه قوله تعالى : {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 كأن تترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، هذا مداهنة.
وأما المداراة : فهي المجاراة ، بحيث قد لا أعرف للمسألة التي تكون سببا لإحراج أو مشكل ، لكن المداهنة أن أوافقك وأنا لا أرى رأيك.
ومن أمثلة هذا : أن أعلم أن فلانا يعصي الله بالمعصية الفلانية ، لكنه لا يعصي الله عندي ، فلا أتعرض لهذا خشية من هروبه من الحق وابتعاده عما أقوله من الخير ، فأرشده إلى ما يصلح قلبه ، وإن لم أتعرض لمعصيته ، كأن يكون على معصية سماع الأغاني ، لكنه لا يسمعها لديّ ، فأقوم بالحديث معه في الصلاة وأهميتها ، كيف يستحضر قلبه في الصلاة ، هو يصلي ، لأنه إذا استحضر القلب في الصلاة أثّر ذلك على بقيّة أمره.
لكن المداهنة ؛ أن أقول له : لا بأس ، أو أن أحضر المسجّل فأجعله يستمع للأغاني بحضرتي ، أو أحضر ذلك المجلس ، هذا مداهنة.
آفاق التيسير

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 09-06-2015 الساعة 02:58 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 06:22 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology