ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 08-12-2011, 11:07 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
بسم الله الرحمن الرحيم


"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ
فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا
وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا
قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ
اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)
أي: واذكروا, إذ قلتم لموسى
على وجه التملل لنعم الله والاحتقار لها
( لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ )
أي: جنس من الطعام, وإن كان كما تقدم أنواعا, لكنها لا تتغير
( فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِهَا )
أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه
( وَقِثَّائِهَا ) وهو الخيار
( وَفُومِهَا ) أي: ثومها، والعدس والبصل معروف
قال لهم موسى ( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى )
وهو الأطعمة المذكورة
( بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) وهو المن والسلوى
فهذا غير لائق بكم، فإن هذه الأطعمة التي طلبتم
أي مصر هبطتموه وجدتموها، وأما طعامكم الذي من الله به عليكم
فهو خير الأطعمة وأشرفها, فكيف تطلبون به بدلا؟

ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم
واحتقارهم لأوامر الله ونعمه, جازاهم من جنس عملهم
فقال: ( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ )
التي تشاهد على ظاهر أبدانهم ( وَالْمَسْكَنَةُ ) بقلوبهم
فلم تكن أنفسهم عزيزة, ولا لهم همم عالية
بل أنفسهم أنفس مهينة, وهممهم أردأ الهمم
( وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ )
أي: لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا
إلا أن رجعوا بسخطه عليهم, فبئست الغنيمة غنيمتهم
وبئست الحالة حالتهم
( ذَلِكَ ) الذي استحقوا به غضبه
( بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ )
الدالات على الحق الموضحة لهم, فلما كفروا بها عاقبهم بغضبه عليهم
وبما كانوا ( يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ )
وقوله: ( بِغَيْرِ الْحَقِّ ) زيادة شناعة
وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق
لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم.
( ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ) بأن ارتكبوا معاصي الله
( وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) على عباد الله
فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير
ثم ينشأ عنه الذنب الكبير
ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك
فنسأل الله العافية من كل بلاء

واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل
الذين كانوا موجودين وقت نزول القرآن
وهذه الأفعال < 1-54 >
المذكورة خوطبوا بها وهي فعل أسلافهم
ونسبت إليهم لفوائد عديدة
منها: أنهم كانوا يتمدحون ويزكون أنفسهم
, ويزعمون فضلهم على محمد ومن آمن به
، فبين الله من أحوال سلفهم التي قد تقررت عندهم
ما يبين به لكل أحد [منهم] أنهم ليسوا من أهل الصبر
ومكارم الأخلاق, ومعالي الأعمال
فإذا كانت هذه حالة سلفهم
مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة ممن بعدهم
فكيف الظن بالمخاطبين؟"
ومنها: أن نعمة الله على المتقدمين منهم, نعمة واصلة إلى المتأخرين
والنعمة على الآباء, نعمة على الأبناء، فخوطبوا بها
لأنها نعم تشملهم وتعمهم.
ومنها: أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم
مما يدل على أن الأمة المجتمعة
على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها
حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد
وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع

لأن ما يعمله بعضهم من الخير يعود بمصلحة الجميع
وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع
ومنها: أن أفعالهم أكثرها لم ينكروها
والراضي بالمعصية شريك للعاصي
إلى غير ذلك من الحِكَم التي لا يعلمها إلا الله.

" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ "

يتــ إن شاء الله ـبع
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08-15-2011, 07:53 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة, لأن الصابئين
الصحيح أنهم من جملة فرق النصارى
فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة, واليهود والنصارى
والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر, وصدقوا رسلهم
فإن لهم الأجر العظيم والأمن, ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر
فهو بضد هذه الحال, فعليه الخوف والحزن.

والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف
من حيث هم لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد
فإن هذا إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم
وأن هذا مضمون أحوالهم
وهذه طريقة القرآن إذا وقع في بعض النفوس
عند سياق الآيات بعض الأوهام
فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم
لأنه تنزيل مَنْ يعلم الأشياء قبل وجودها
ومَنْ رحمته وسعت كل شيء
وذلك والله أعلم - أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمهم
, وذكر معاصيهم وقبائحهم
ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم
فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه
ولما كان أيضا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم.
ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها
ليتضح الحق, ويزول التوهم والإشكال
فسبحان من أودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين
ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني إسرائيل بما فعل سلفهم
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ
وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64)

أي: واذكروا ( إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ )
وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم, برفع الطور فوقهم
وقيل لهم: ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ) من التوراة
( بِقُوَّةٍ ) أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله
( وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ) أي: ما في كتابكم بأن تتلوه وتتعلموه
( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) عذاب الله وسخطه
أو لتكونوا من أهل التقوى
فبعد هذا التأكيد البليغ ( تَوَلَّيْتُمْ ) وأعرضتم
وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات
ولكن ( لَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ )

"وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ"

يتـ إن شاء الله ــبع
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12-26-2014, 04:55 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493



وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ
فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا
وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)


أي: ولقد تقرر عندكم حالة
( الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ )
وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف
في قوله: " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ
إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ " الآيات
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم
أن غضب الله عليهم وجعلهم ( قِرَدَةً خَاسِئِينَ )
حقيرين ذليلين.
وجعل الله هذه العقوبة ( نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا )
أي: لمن حضرها من الأمم, وبلغه خبرها
ممن هو في وقتهم. ( وَمَا خَلْفَهَا )
أي: من بعدهم, فتقوم على العباد حجة الله
وليرتدعوا عن معاصيه, ولكنها لا تكون موعظة نافعة
إلا للمتقين، وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات.

< 1-55 >
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً
قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا
قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ
عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ
فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)
أي: واذكروا ما جرى لكم مع موسى
حين قتلتم قتيلا وادارأتم فيه
أي: تدافعتم واختلفتم في قاتله
حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد - لولا تبيين الله لكم
يحدث بينكم شر كبير
فقال لكم موسى في تبيين القاتل: اذبحوا بقرة
وكان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره
وعدم الاعتراض عليه، ولكنهم أبوا إلا الاعتراض
فقالوا: ( أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا )
فقال نبي الله: ( أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه
وهو الذي يستهزئ بالناس
وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب
المزرية بالدين والعقل
استهزاءه بمن هو آدمي مثله، وإن كان قد فضل عليه
فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده
فلما قال لهم موسى ذلك
علموا أن ذلك صدق
فقالوا: ( ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ )
أي: ما سنها؟ ( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ )
أي: كبيرة ( وَلا بِكْرٌ )
أي: صغيرة ( عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ )
واتركوا التشديد والتعنت

( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا )
أي: شديد ( تَسُرُّ النَّاظِرِينَ )
من حسنها

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ
يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12-28-2014, 03:38 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

جزاكِ الله خيراَ
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 01-04-2015, 06:07 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
آميين وإياكِ
حبيــــــــــبتي
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 01-11-2015, 06:52 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493


"قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ
إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70)
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ
مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ
فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72)
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى
وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً
وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)

( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا )
فلم نهتد إلى ما تريد ( وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ )
( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ )
أي: مذللة بالعمل
( تُثِيرُ الأرْضَ ) بالحراثة
( وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ )
أي: ليست بساقية
( مُسَلَّمَةٌ ) من العيوب أو من العمل
( لا شِيَةَ فِيهَا )
أي: لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم.
( قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ )
أي: بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم
وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة
فلو أنهم اعترضوا أي بقرة لحصل المقصود
ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم
ولو لم يقولوا " إن شاء الله "لم يهتدوا أيضا إليها
( فَذَبَحُوهَا )
أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات
( وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ )
بسبب التعنت الذي جرى منهم
فلما ذبحوها, قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها
أي: بعضو منها, إما معين, أو أي عضو منها
فليس في تعيينه فائدة, فضربوه ببعضها فأحياه الله
وأخرج ما كانوا يكتمون, فأخبر بقاتله
وكان في إحيائه وهم يشاهدون
ما يدل على إحياء الله الموتى
( لعلكم تعقلون ) فتنزجرون عن ما يضركم
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ )
أي: اشتدت وغلظت, فلم تؤثر فيها الموعظة
( مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ )
أي: من بعد ما أنعم عليكم بالنعم العظيمة وأراكم الآيات
ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم, لأن ما شاهدتم
مما يوجب رقة القلب وانقياده، ثم وصف قسوتها بأنها ( كَالْحِجَارَةِ ) التي هي أشد قسوة من الحديد
لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار
ذاب بخلاف الأحجار
وقوله: ( أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )
أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار
وليست " أو "بمعنى " بل "
ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم
فقال: ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ )
فبهذه الأمور فضلت قلوبكم
ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد
فقال: ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها
وسيجازيكم على ذلك أتم الجزاء وأوفاه
واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله
قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل
ونزلوا عليها الآيات القرآنية, وجعلوها تفسيرا لكتاب الله
محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم
" حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج "
والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه
تكون مفردة غير مقرونة, ولا منزلة على كتاب الله
فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا
إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم
" لا تصدقوا أهل الكتاب < 1-56 > ولا تكذبوهم "
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها
وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام
أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة
بالروايات المجهولة
التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها
معاني لكتاب الله, مقطوعا بها ولا يستريب بهذا أحد
ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل
والله الموفق

" أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ
يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا
وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ
بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ
عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) "

هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب
أي: فلا تطمعوا في إيمانهم وحالتهم
لا تقتضي الطمع فيهم
فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه
فيضعون له معاني ما أرادها الله
ليوهموا الناس أنها من عند الله
وما هي من عند الله
فإذا كانت هذه حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم
ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله
فكيف يرجى منهم إيمان لكم؟!
فهذا من أبعد الأشياء
ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب
فقال: ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا )
فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم
ما ليس في قلوبهم
( وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ )
فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم
قال بعضهم لبعض: ( أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )
أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم
فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟
يقولون: إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق
وما هم عليه باطل, فيحتجون عليكم بذلك عند ربكم
( أَفَلا تَعْقِلُونَ )
أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟
هذا يقوله بعضهم لبعض

أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ

يتــ إن شاء الله بع
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 02-23-2015, 04:06 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
" أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ
وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78) "
( أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )
فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم
وزعموا أنهم بإسرارهم لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين
فإن هذا غلط منهم وجهل كبير
فإن الله يعلم سرهم وعلنهم, فيظهر لعباده ما أنتم عليه
( وَمِنْهُمْ ) أي: من أهل الكتاب ( أُمِّيُّونَ )
أي: عوام, ليسوا من أهل العلم
( لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ )
أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط
وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون
حق المعرفة حالهم
وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم
فذكر في هذه الآيات علماءهم
وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم
فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال
والعوام مقلدون لهم
لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين

"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ
ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ
ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) "
توعد تعالى المحرفين للكتاب
الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون
( هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )
وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق
وإنما فعلوا ذلك مع علمهم
( لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا )
والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل
، فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس
فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم
ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق
بل بأبطل الباطل
وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين
فقال: ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ )
أي: من التحريف والباطل
( وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )
من الأموال
والويل: شدة العذاب والحسرة
وفي ضمنها الوعيد الشديد
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات
من قوله: أَفَتَطْمَعُونَ إلى ( يَكْسِبُونَ )
فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه
وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة
على ما أصله من البدع الباطلة
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني
وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن
ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه
ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله
لينال به دنيا
وقال: إنه من عند الله
مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين
وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة
وهذا هو أصول الدين
الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة
لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله
< 1-57 >
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة
كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير
من المنتسبين إلى الفقهاء
"وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً
قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ
مَا لا تَعْلَمُونَ (80)
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ
فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)"
ذكر أفعالهم القبيحة, ثم ذكر مع هذا أنهم يزكون أنفسهم
ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله
والفوز بثوابه, وأنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة
أي: قليلة تعد بالأصابع, فجمعوا بين الإساءة والأمن
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم
فقال: ( قُلْ )
لهم يا أيها الرسول ( أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا )
أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته
فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل
( أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ؟
فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة
على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا
فتكون دعواهم صحيحة
وإما أن يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة
فيكون أبلغ لخزيهم وعذابهم
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا
لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء
حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم
ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق، فتعين بذلك
أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون
والقول عليه بلا علم, من أعظم المحرمات
وأشنع القبيحات
ثم ذكر تعالى حكما عاما لكل أحد
يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره
لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين
فقال: ( بَلَى ) أي: ليس الأمر كما ذكرتم
فإنه قول لا حقيقة له، ولكن ( مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً )
وهو نكرة في سياق الشرط
فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك
بدليل قوله: ( وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ )
أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا
وهذا لا يكون إلا الشرك
فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
( فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية
وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك
وهكذا كل مبطل يحتج بآية
أو حديث صحيح على قوله الباطل
فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه
( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) بالله وملائكته, وكتبه, ورسله
واليوم الآخر، ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
ولا تكون الأعمال صالحة
إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله
متبعا بها سنة رسوله
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز
أهل الإيمان والعمل الصالح
والهالكون أهل النار المشركون بالله, الكافرون به


التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 03-01-2015 الساعة 12:51 PM
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 12-24-2017, 12:10 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
[‏84 ـ 86‏]‏ ‏
{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏

وهذا الفعل المذكور في هذه الآية‏
‏ فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج
ـ وهم الأنصار ـ
كانوا قبل مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم
مشركين‏,‏ وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود
‏,‏ بنو قريظة‏,‏ وبنو النضير‏,‏ وبنو قينقاع
فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة‏
فكانوا إذا اقتتلوا
أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى
من اليهود‏,‏ فيقتل اليهودي اليهودي‏
‏ ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها‏,
‏ وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضًا‏.‏
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض‏
‏ ولا يخرج بعضهم بعضًا
وإذا وجدوا أسيرا منهم‏,‏ وجب عليهم فداؤه
فعملوا بالأخير وتركوا الأولين‏,‏ فأنكر الله عليهم ذلك
فقال‏:‏ ‏{‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ‏}‏
وهو فداء الأسير ‏{‏وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏}
‏ وهو القتل والإخراج‏.‏
وفيها أكبر دليل
على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي
وأن المأمورات من الإيمان
قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ
مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏
وقد وقع ذلك فأخزاهم الله‏,‏ وسلط رسوله عليهم‏
‏ فقتل من قتل‏,‏ وسبى من سبى منهم‏,
وأجلى من أجلى‏.‏
‏{‏وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ‏}‏
أي‏:‏ أعظمه ‏{‏وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب‏
والإيمان ببعضه
فقال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ‏}‏
توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار
يتــ إنشاء الله ــــــــــــــــــبع
‏‏ فاختاروا النار على العار
فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ‏}‏
بل هو باق على شدته‏,‏ ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات
‏{‏وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏ أي‏:‏ يدفع عنهم مكروه‏
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 12-24-2017, 12:12 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي

[‏84 ـ 86‏]‏ ‏
{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ *
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ
مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ *
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ
فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏

وهذا الفعل المذكور في هذه الآية‏
‏ فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج
ـ وهم الأنصار ـ
كانوا قبل مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم
مشركين‏,‏ وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود
‏,‏ بنو قريظة‏,‏ وبنو النضير‏,‏ وبنو قينقاع
فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة‏
فكانوا إذا اقتتلوا
أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى
من اليهود‏,‏ فيقتل اليهودي اليهودي‏
‏ ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها‏,
‏ وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضًا‏.‏
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض‏
‏ ولا يخرج بعضهم بعضًا
وإذا وجدوا أسيرا منهم‏,‏ وجب عليهم فداؤه
فعملوا بالأخير وتركوا الأولين‏,‏ فأنكر الله عليهم ذلك
فقال‏:‏ ‏{‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ‏}‏
وهو فداء الأسير ‏{‏وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏}
‏ وهو القتل والإخراج‏.‏
وفيها أكبر دليل
على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي
وأن المأمورات من الإيمان
قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ
مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏
وقد وقع ذلك فأخزاهم الله‏,‏ وسلط رسوله عليهم‏
‏ فقتل من قتل‏,‏ وسبى من سبى منهم‏,
وأجلى من أجلى‏.‏
‏{‏وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ‏}‏
أي‏:‏ أعظمه ‏{‏وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب‏
والإيمان ببعضه
فقال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ‏}‏
توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار
يتــ إنشاء الله ــــــــــــــــــبع
‏‏ فاختاروا النار على العار
فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ‏}‏
بل هو باق على شدته‏,‏ ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات
‏{‏وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏ أي‏:‏ يدفع عنهم مكروه‏
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-24-2017, 12:13 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي

[‏84 ـ 86‏]‏ ‏
{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ *
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ
مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ *
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ
فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏

وهذا الفعل المذكور في هذه الآية‏
‏ فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج
ـ وهم الأنصار ـ
كانوا قبل مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم
مشركين‏,‏ وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود
‏,‏ بنو قريظة‏,‏ وبنو النضير‏,‏ وبنو قينقاع
فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة‏
فكانوا إذا اقتتلوا
أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى
من اليهود‏,‏ فيقتل اليهودي اليهودي‏
‏ ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها‏,
‏ وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضًا‏.‏
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض‏
‏ ولا يخرج بعضهم بعضًا
وإذا وجدوا أسيرا منهم‏,‏ وجب عليهم فداؤه
فعملوا بالأخير وتركوا الأولين‏,‏ فأنكر الله عليهم ذلك
فقال‏:‏ ‏{‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ‏}‏
وهو فداء الأسير ‏{‏وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏}
‏ وهو القتل والإخراج‏.‏
وفيها أكبر دليل
على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي
وأن المأمورات من الإيمان
قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ
مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏
وقد وقع ذلك فأخزاهم الله‏,‏ وسلط رسوله عليهم‏
‏ فقتل من قتل‏,‏ وسبى من سبى منهم‏,
وأجلى من أجلى‏.‏
‏{‏وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ‏}‏
أي‏:‏ أعظمه ‏{‏وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب‏
والإيمان ببعضه
فقال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ‏}‏
توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار
‏‏ فاختاروا النار على العار
فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ‏}‏
بل هو باق على شدته‏,‏ ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات
‏{‏وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ‏}‏ أي‏:‏ يدفع عنهم مكروه‏
يتــ إنشاء الله ــــــــــــــــــبع
__________________
[CENTER][IMG]http://store1.up-00.com/2014-12/1418387439583.jpg[/IMG]

[URL="http://katarat1.com/forum/showthread.php?t=757"]موسوعه صور بسمله وفواصل واكسسوار للمواضيع [/URL][/CENTER]
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 01:26 PM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology