عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 04-24-2016, 12:28 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
افتراضي

مجالس المراجعة رقم 19
61- احْذَر اللَّحْنَ :
ابْتَعِدْ عن اللحْنِ في اللفظِ والكُتُبِ؛ فإنَّ عَدَمَ اللحْنِ جَلالةٌ وصفاءُ ذوقٍ ووُقوفٌ على مِلاحِ المعاني لسلامةِ الْمَبانِي ؛ فعن عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : " تَعَلَّمُوا العربيَّةَ ؛ فإنها تَزيدُ في الْمُروءةِ " .
وقد وَرَدَ عن جَماعةٍ من السلَفِ أنهم كانوا يَضْرِبُونَ أولادَهم على اللَّحْنِ .
وأَسْنَدَ الخطيبُ عن الرَّحْبيِّ قالَ : " سَمِعْتُ بعضَ أصحابنِا يَقولُ : إذا كَتَبَ لَحَّانٌ ، فكَتَبَ عن اللَّحَّانِ لَحَّانٌ آخَرُ ؛ صارَ الحديثُ بالفارِسِيَّةِ " !. وأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ :

النحوُ يَبْسُطُ من لسانِ الأَلْكَنِ = والمرءُ تُكْرِمُه إذا لم يَلْحَنِ
فإذا أرَدْتَ من العلومِ أَجَلَّها = فأَجَلُّها منها مُقيمُ الأَلْسُنِ

وعليه ، فلا تَحْفَلْ بقولِ القاسمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى : " تَعَلُّمُ النَّحْوِ : أوَّلُه شُغْلٌ وآخِرُه بَغْيٌ " .
ولا بقولِ بِشْرٍ الحافِي رَحِمَه اللهُ تعالى : " لَمَّا قيلَ له : تَعَلَّم النحْوَ قالَ : أَضِلُّ ، قالَ : قلُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا . قالَ بِشْرٌ : يا أخي ! لِمَ ضَرْبُه ؟ قالَ : يا أبا نَصْرٍ ! ما ضَرَبَه، وإنما هذا أصْلٌ وُضِعَ . فقالَ بِشْرٌ : هذا أَوَّلُه كَذِبٌ ، لا حاجةَ لي فيه .رواهما الخطيبُ في " اقتضاءِ العِلْمِ العَمَلَ
الشرح

اللحن معناه: الميل.فعليك بأن تعدل لسانك وأن تعدل بنانك، وأن لا تكتب إلا بعربية، ولا تنطق إلا بعربية، فإن عدم اللحن جلالة وصفاء لون ووقوف على ملامح المعاني لسلامة المباني. كلما سلم المبنى اتضح المعنى.

قال السلفُ:" تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُنْبِتُ الْعَقْلَ وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ " .
قال
شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله قال :" اعلم أنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ، وأيضاً فإنّ نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللغة العربية، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ". هنا أهلُ الحديثِ
لكن مع الأسف أننا في هذا الزمن- الذي ليس لنا شخصية وصرنا أذيالا وأتباعا لغيرنا- صار منا من يرى أن من تكلم بالإنجليزية أو بالفرنسية هو ذو مروءة، ويفخر إذا كان الإنجليزية أو الفرنسية، بل إن بعضنا يعلم أولاده اللغة غير العربية.
بعض الصبيان يأتي يقول مع السلامة، فيقول : باي باي.
في الهاتف يقول: آلو. لماذا لم تقل: السلام عليكم، لأنك الآن تستأذن.
62-الإجهاضُ الفكريُّ :
احْذَر " الإجهاضَ الفِكْرِيَّ " ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .
الشرحُ
لا تتعجل من حين ما يتبين لك شيئا تخرجه، لا سيما إذا كان هذا الشيء الذي أنت تريد أن تخرجه مخالفا لقول أكثر العلماء أو مخالفا لما تقتضيه الأدلة الأخرى الصحيحة، لأن بعض الناس يمشي مع بُنَيَّاتالطريق1، فتجده إذا مر بحديث -ولو كان ضعيفا شاذا- أخذ به، ثم قام يتكلم به في الناس، فيظن الناس لهذا أنه أدرك من العلم ما لم يدركه غيره.
1بُنَيَّات الطَّرِيق هي الطُّرُق الصغار
أي: اقصد الأمر العظيم الشأن واترك صغار الأمور ... وبنيات الطريق : الطرق الصغار المتشعبة عن الطريق الكبيرة وكأنها بنات لها من حيث إنها تنشأت عنها وخرجت منها. ثم أطلقوا بنيات الطريق على الأباطيل، فضرب المثل عند أمر الرجل أن يقصد معظم الشأن ويدع سفساف الأمور.
هنا
هذا سماه الشيخ بكر: "الإجهاض الفكري" يعني كأن امرأة وضعت حملها قبل أن يتم.
لا ينبغي بك أن تتكلم بكلمة إلا إذا تفكّرت فيها ، وعرفت أدلتها وأقوال أهل العلم فيها ، و وازنت فيها ، و نظرت إلى عواقبها ومآلاتها ، أما إذا جاءت في ذهنك كلمة ، مباشرة قلتها ، وأنت لا تعلم هل هي من وساوس الشياطين ، أو هي من الشبهات ؟ هذا لا ينبغي بطالب العلم ، لأنه قد يتكلّم الإنسان بكلمة ويأتي جوابها بعد قليل ، وقد تتكلّم بالشبهة والجواب عنها في ثنايا الدرس.

63- الإسرائيلياتُ الجديدةُ :
احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا .
الشيخ:

وُجد من يحاول أن يبثّ أفكارا خاطئة ، ويبثّ قصصا كاذبة ، ويبثّ قناعات باطلة ، فينبغي للإنسان أن لا يستثيره ذلك ، فيجعله يتقبّل بها بدون أن يفكّر في حقيقتها ، لأنّ مثل هذه المقالات ليس لها إسناد صحيح ، وإنما هي شبهات وبالتالي لا يستعجل الإنسان بتصديقها ويراجع أهل الشأن فيها.
يريد بهذا الأفكار الدخيلة التي دخلت على المسلمين بواسطة اليهود والنصارى، فهي ليست إسرائيليات إخبارية، بل إسرائيليات فكرية دخل على كثير من الكتاب الأدبيين، وغير الأدبيين، أفكار دخيلة في الواقع، منها ما يتعلق بالمعاملات، ومنها ما يتعلق بالعبادات، ومنها ما يتعلق بالأنكحة - التعدد وغيره-،
فيجب على الإنسان الحذر منها وأن يرجع إلى الأصول في هذه الأمور فإنها خير.

64- احْذَرْ الْجَدَلَ البِيزَنْطيَّ :
أي الجدَلَ العقيمَ أو الضئيلَ ، فقد كان البيزنطِيُّونَ يَتَحَاوَرُونَ في جِنْسِ الملائكةِ والْعَدُوُّ على أبوابِ بَلْدَتِهم حتى دَاهَمَهم .
وهكذا الْجَدَلُ الضئيلُ يصُدُّ عن السبيلِ .
وهَدْيُ السلَفِ كان الكَفَّ عن كَثرةِ الخِصامِ والْجِدالِ ، وأنَّ التوَسُّعَ فيه من قِلَّةِ الوَرَعِ ؛ كما قالَ الحسَنُ إذ سَمِعَ قَوْمًا يَتجادلونَ : " هؤلاءِ مَلُّوا العِبادةَ وخَفَّ عليهم القولُ ، وقَلَّ وَرَعُهم فتَكَلَّموا " . رواه أحمدُ في " الزهْدِ" وأبو نُعَيْمٍ في " الْحِلْيَةِ ".
الشرح
الحذر من الجدل البيزنطي، وهو الجدال العقيم، الذي لا فائدة منه، أو الجدل الذي يؤدي إلى التنطع في المسائل والتعمق فيها بدون أن يكلفنا الله ذلك، فدع هذا الجدل واتركه، لأنه لا يزيدك إلا قسوة في القلب وكراهة للحق، إذا كان مع خصمك وغلبك فيه، فلهذا دع هذا النوع من الجدل.
أما الجدل الحقيقي الذي يقصد به الوصول إلى الحق، ويكون جدل مبني على السماحة، وعدم التنطع. فهذا أمر مأمور به " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "النحل 125
ذكر المؤلف – وفقه الله- مثالا للجدل العقيم: جنس الملائكة ما هم؟ يجادل هؤلاء المتكلمون: جنسهم من كذا، وجنسهم من كذا.
ونحن نعلم أنهم خلقوا من نور وأنهم أجسام وأنهم لهم أجنحة وأنهم يصعدون وينزلون إلى آخر ما ذكره الله في الكتاب أو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة من أوصافهم، ولا نتعد في أمور الغيب غير ما بلغنا، ولا نسأل: كيف ولم؟ لأن هذا أمر فوق العقل، وأيضا سمعنا قصة مماثلة، كان العدو على أبواب المدينة، وكان الناس يتجادلون: أيما خلق أولا: الدجاجة أم البيضة؟.
ومما يتعلق بهذا أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها ، وهنا قاعدة : وهي أنّ المسائل التي لا يترتب عليها عمل ، لا تحرص على الترجيح فيها ، اعرف الأقوال وشيئا من الأدلة وانطلق منها ، ولا تتعب نفسك فيها ، هل جنّة آدم هي الجنّة المعتادة أو جنّة على الأرض؟ ما الثمرة وما الفائدة ؟ ، أيهما أرجح وأفضل الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا من هذا ، ونحو هذا من المسائل.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-01-2016 الساعة 04:28 PM
رد مع اقتباس