عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 04-01-2020, 04:10 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


7⃣

✍إِن تَصْدِقِ اللهَ يصدُقُكَ!

لم يكن أحد من الصحابة يعرفه، مجرد أعرابي جاء من الصحراء وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة والجهاد. ثم كانت غزوة، وخرج الأعرابي مدافعاً عن هذا الدين في جملة من خرج، ثم منَّ الله على المسلمين بالنصر، وقسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم بين أصحابه، وترك للأعرابي نصيبه، فلما جاء وقيل له ترك لك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، أخذ الغنيمة وتوجه إليه، وقال له: يا رسول الله ما هذا؟

فقال له: قسمته لكَ
فقال: ولكن ما على هذا اتبعتكَ يا رسول الله، ولكني اتبعتكَ على أن أُرمى بسهم هاهنا -وأشار إلى رقبته- فأموت فأدخل الجنة!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إِنْ تصدق اللهَ يصدقك!
فلما كانت جولة أُخرى من القتال، أُتِيَ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم محمولاً، والسهم مغروز في رقبته حيث أشار سابقاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهو هو؟
فقالوا: نعم يا رسول الله
فقال: صدقَ اللهَ فصدقه الله!
ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته، وصلى عليه، وكان مما سمعوا من دعائه يومها أنه قال: اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتِلَ شهيداً وأنا شهيد على ذلك!

إِنْ تصدِقِ الله يصدقُك!
يُمكنك أن تتحدث طويلاً عن رغبتك في الجهاد، وعن نيتك في الالتزام بصلاة الفجر، وعن أُمنيتك في حفظ القرآن الكريم، وعن عزمك على الصدقة كثيراً لو كنت غنياً، ونحن لا يمكن أن نحكم عليكَ إلا بظاهركَ، ولكن الله سبحانه يراك من الداخل، ينظر إلى قلبك عارياً من فنون الخطابة، وحسن البلاغة، وضجة الإعلام والبيانات، وعلى ما في قلبك سيعطيك!
إنَّ الله يعطي على نية العمل أجر عمل كامل لم يعمل حين يعلم في قلب عبده صدقاً أنه لو استطاع لعمل، ولا يقبل الطاعة على حسن ظاهرها إن علم أن وراءها رياء وحب شهرة ونفاقاً، وقد كان عبد الله بن سلول يصلي الفجر جماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الدرك الأسفل من النار، لقد عمل بجوارحه عمل الصالحين وعمل بقلبه عمل المنافقين، وإنما المرء بقلبه!
وقد جاء في الأثر أنه قد أصاب بني إسرائيل زمن موسى عليه السلام فاقة ومجاعة، وأنَّ راعياً بسيطاً نظر إلى الجبال حيث يرعى غنم الناس، وقال: اللهم إنك تعلم أنه لو كان لي مثل هذه الجبال ذهباً لتصدقت بها على عبادك!
فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن يا موسى قُل لعبدي أني قبلت منه صدقته!
تذكروا دوماً أن الله لا ينظر إلينا من أعلى فحسب، ولكنه ينظر إلينا من الداخل أيضاً، وعلى قدر النوايا تكون العطايا!

~
رد مع اقتباس