عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 06-25-2013, 06:46 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023

القواعد الفقهية
مجلس رقم 10
16 شعبان 1434 هـ


5 ـ اعلَـم ـ هُدِيـتَ ـ أَنَّ أفضـلَ المِنَـنْ

عِلـمٌ يُزيـلُ الشَّــكَ عَنْـكَ والــدَّرنْ


6 ـ وَيكْشِـفُ الحــقَّ لـذي القلـــوبِ وَيُوصِــلُ العَبْـــدَ إلـى المَطْلــوبِ
إن الله عـز وجـل امتـن علـى عبـاده بنعـم كثيـرة ، ومـن أفضـل وأعظـم مـا مَـنَّ الله تعالـى بـهعلـى عبـده هـو العلـم النافـع . لـذا قـال الناظـم :
( اعلَـم هُدِيـتَ) :
هـذه الجملـة مشـتملة علـى : " التحريـض " وهـو قولـه " اعلـم " ، ومشـتملة أيضًـا علـى : " الدعـاء " وهـو قولـه " هُديـتَ " ، أي اعلـم هـداك الله .
( هُدِيـتَ ) : دعـاء لـه بالهدايـة ، وهـي التوفيـق .
فـإذا اجتمـع هـذان الأمـران فـي خطـاب ، فهـو مبالغـة فـي الحـث والتحريـض .
والدعـاء لطالـب العلـم بالتوفيـق والخيـر فيـه تأليـفٌ لقلــوب الطُّـلاب علـى مشـقة العلــم والصبـر
علـى تحصيلـه ، وهـو مـن أخـلاق العلمـاء ، ودعـاء العالـم الصالـح مـن مظـان الإجابـة . والأصـل فيـه قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ :
* ..... عـن سـعيد بـن جبيـر عـن ابـن عبـاس : أنـه سـكب للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وَضـوءًا عنـد خالتـه ميمونـة فلمـا خـرج قـال : " مـن وضـع لـي وَضوئـي ؟ " .
قالـت : ابـن أختـي يـا رسـول الله ، قـال : " اللهـم فقهـه فـي الديـن وعلمـه التأويـل " .
أخرجه الطبراني ، وصححه الشيخ الألباني في : سلسلة الأحاديث

الصحيحة / ج : 6 / حديث رقم : 2589 / ص : 173 .
( أَنَّ أفضـلَ المِنَـنْ ) : أي : أحسـن النعـم التـي وهبهـا الله للعبـد بعـد نعمـة الإيمـان .
و " المنـن " جمع مِنَّـة وهـي النعمـة ، مَـنَّ الله علـيَّ بكـذا ، أي أنعـم علـيَّ بكـذا .
قـال تعالـى : { لَقَـدْ مَـنَّ اللهُ عَلَـى الْمُؤمِنِيـنَ إِذْ بَعَـثَ فِيهِـمْ رَسُـولاً مِّـنْ أَنفُسِـهِمْ ... } .
سورة آل عمران / آية : 164 .
أي : أنعـم . وإذا قلـتَ " مـنَّ " عنـي بكـذا معنـاه : قطـع .
( عِلـمٌ يُزيـلُ الشَّــكَ عَنْـكَ والــدَّرنْ) :
قـام الناظـم هنـا ببيـان منزلـة العلـم ، وأن العلـم نعمـة مـن النعـم التـي ينعـم الله بهـا علـى عبـاده ، وقـد جـاءت النصـوص متواتـرة فـي بيـان فضـل العلـم ، ومكانتـه ، ومنزلتـه ، منهـا قولـه سـبحانه :
{ ... هَـلْ يَسْـتَوِي الَّذِيـنَ يَعْلَمُـونَ وَالَّذِيـنَ لاَ يَعْلَمُـونَ ... } . سورة الزمر / آية : 9 .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
وضابـط العلـم النافـع هـو : إنـه يزيـل عـن القلـب شـيئين :
الشـك والـدرن .
العلـم هـو : إدراك الشـيء علـى مـا هـو عليـه فـي الواقـع .
الشـك هـو : التـردد ، وضـده اليقيـن ، والمـراد بـه مـرض الشـبهات .
والـدرن هـو : القّـذَرُ وزنًـا ومعنـى ، والمـراد بـه هنـا مـرض الشـهوات .
والمـرض قسـمان :
حســـي ـ ومعنـــوي .
أمـا الحسـي : فهـو اعتـلال البـدن بالأمـراض
والمعنـوي نوعـان :
1ـ مـرض الشـبهات: وهـي الأباطيـل التـي تُشـبه الحـق ، سُـميت بذلك لشـبهها بالحـق ، ومنـه قولـه تعالـى :
{ هُـوَ الّـَذِيَ أَنـزَلَ عَلَيْـكَ الْكِتَـابَ مِنْـهُ آيَـاتٌ مُّحْكَمَـاتٌ هُـنَّ أُمُّ الْكِتَـابِ وَأُخَـرُ مُتَشَـابِهَاتٌ فَأَمَّـا الَّذِيـنَ فـي قُلُوبِهِـمْ زَيْـغٌ فَيَتَّبِعُـونَ مَـا تَشَـابَهَ مِنْـهُ ابْتِغَـاء الْفِتْنَـةِ وَابْتِغَـاء تَأْوِيلِـهِ وَمَـا يَعْلَـمُ تَأْوِيلَـهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِـخُونَ فِـي الْعِلْـمِ يَقُولُـونَ آمَنَّـا بِـهِ كُـلٌّ مِّـنْ عِنـدِ رَبِّنَـا وَمَـا يَذَّكَّـرُ إِلاَّ أُوْلُـواْ الألْبَـابِ } .

سورة آل عمران / آية : 7 .
2 ـ مـرض الشـهوات (1) : وهـي الغرائـز المحرمـة كالزنـا .
( 1 ) الشهوة : المقصود بها هنا : حب المعاصي .
ومنـه قولـه تعالـى :
{ ... فَيَطْمَـعَ الَّـذِي فِـي قَلْبِـهِ مَـرَضٌ ... } . سورة الأحزاب / آية : 32 .
وقـد يجتمعـان فـي العبـد ، وقـد ينفـرد أحدهمـا
فضابـط العلـم النافـع هـو ما أزال عـن القلـب : الشـبهة ، والشـهوة . لأن الشـبهات تـورث الشـك ،وأمـا الشـهوات فتـورث درن القلـب وقسـوة القلـب ، وتثبيـط البـدن عـن الطاعـات
فـإذا أزال العلـم النافـع الشـبهة والشـهوة حـل محـل الأول اليقيـن الـذي هـو ضـد الشـك ، وحـل محـل الثانـي الإيمـان التـام الـذي يوصـل العبـد إلـى المطلـوب مـن رضـا الله ـ عـز وجـل ـ ، وكلمـا ازدادالإنسـان علمًـا حصـل لـه كمـال اليقيـن وكمـال الإرادة وكمـال الخشـية ، قـال تعالـى :
{.. إِنَّمَـا يَخْشَـى اللهَ مِـنْ عِبَـادِهِ الْعُلَمَـاءُ} سورة فاطر / آية : 28 .
وإذا كـان العلـم بهـذه المنزلـة وبهـذه المثابـة فإنـه ينبغـي للإنسـان أن يحـرص علـى طلبـه وأن يسـتزيد مـن طلـب العلـم ، وكذلـك لـم يسـأل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ المزيـد مـن شـيء إلا مـن العلـم قـال تعالـى :
{ ... وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمًـا }

سورة طه / آية : 114 .
القواعد الفقهية ... / خالد الصقعبي / بتصرف .
فمـا العــــلاج ؟ !
مـرض الشـبهات : يعالـج باليقيـن (1) .

( 1 ) باليقين : أي بالعلم ليتضح الحق الذي يؤدي إلى اليقين .
ومـرض الشـهوات : يعالـج بالصبـر (2) .

( 2 ) بالصبر : أي بالصبر عن المعصية ، والصبر
على الطاعة .
وبهمـا تُنـالُ الإمامـةُ فـي الديـن ؛ قـال تعالـى :
{ وَجَعَلْنَـا مِنْهُـمْ أَئِمَّـةً يَهْـدُونَ بِأَمْرِنَـا لَمَّا صَبَـرُوا وَكَانُـوا بِآيَاتِنَـا يُوقِنُـونَ } .
سورة السجدة / آية : 24 .
وجمـع الله بينهمـا فـي قولـه : { إِلاَّ الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ وَتَوَاصَـوْا بِالْحَـقِّ وَتَوَاصَـوْا بِالصَّبْـرِ } .سورةالعصر / آية : 3 .

فالحـق يدفـع الشـبهات ، والصبــر يكــف عـن الشـهوات . فضابـط العلــم النافـع : هـو العلـم الـذي يزيـل عـن صاحبـه الشـبهات والشـهوات .

ودرجـات اليقيـن ثلاثـة : كل واحـدة أعلـى من الأخـرى : علـم اليقيـن ، وعيـن اليقيـن ، وحـق اليقيـن .
فعلـم اليقيـن : كعلمنـا الآن الجنـة والنـار .
وعيـن اليقيـن : إذا ورد النـاس القيامـة . قـال تعالـى : { وَأُزْلِفَـتِ الْجَنَّـةُ لِلْمُتَّقِيـنَ
* وَبُـرِّزَتِ الْجَحِيـمُ لِلْغَاوِيـنَ } .سورة الشعراء / آية : 90 ، 91 .

فرأَوهمـا قبـل الدخـول .
وحـق اليقيـن : إذا دخلوهمـا .
الدرة المرضية شرح منظومة ... / ص : 32 .
وثمـرة العلـم النافـع : أن يكشـف الحـق لـذي القلـوب ويوصـل العبـد إلى المطلـوب ، من رضـا الله .
لـذا قـال الناظـم :
6 ـ وَيكْشِـفُ الحــقَّ لـذي القلـــوبِ وَيُوصِــلُ العَبْـــدَ إلـى المَطْلــوبِ

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2013 الساعة 06:57 PM
رد مع اقتباس