عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-02-2012, 12:11 AM
الصورة الرمزية أم سليمان
أم سليمان أم سليمان غير متواجد حالياً
مشرفة ملتقى البراعم والأسرة المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 458
افتراضي ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى



الله عليه وسلم " ومن يستعفف يُعفّه الله ومن يستغن



يُغنه الله ومــن يَتَصَبَّر يُصّبِّره الله ومـــا أعطِيَ أحد



عطاء خيراً وأوسع من الصبر" رواه البخاري




هـذا الحديث اشتمل عــلى أربع جمل جامعــة نافعة :



إحداها : قوله " ومن يستعفف يعفه الله "



والثانية : قوله " ومن يستغن يغنه الله "




وهاتان الجملتان متلازمتان ، فــــإن كمال العبـد فـي



إخلاصه لله رغبة ورهبة وتعلقاً به دون المخلوقين ،



فعلـيه أن يسعى لتحقيق هذا الكمال ويعمل كـل سبب



يوصله إلى ذلك حتى يكون عبداً لله حقاً حُرّاً من رق



المخلوقين . وذلك بـــأن يجاهد نفسـه على أمرين :



انصرافها عــن التعلق بالمخلوقين بالاستعفاف عما



في أيديهم . فـــلا يطلبـــه بمقاله ولا بلسان حاله .




ولهـــذا قال صلّى الله عليه وسلم لعمر " مـــا جاءك



من هـذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه .



ومالا فلا تتبعه نفسَك " رواه مسلم ،




فقطع الإشراف فـــي القلب والسؤال باللسان ، تعففاً



وترفعاً عـن مِنن الخلق وعـــن تعلق القلب بهـــم ،



سبب قوي لحصول العفة .




وتمام ذلك : أن يجاهـد نفسه على الأمر .




الثــاني : وهو الاستغناء بالله والثقة بكفايته ، فإنــه



من يتوكل على الله فهو حسبه .وهذا هو المقصود .



والأول وسيلة إلى هذا.




فـإن مـن استعف عما في أيدي الناس وعمـــا ينالــه



منهم : أوجب لـــه ذلك أن يقوى تعلقه بالله ورجاؤه



وطمعه في فضل الله وإحسانه ، ويحسن ظنه وثقته



بربه . والله تعالى عنـد حسن ظـن عبده بـه إن ظن



خيـراً فلـه ، وإن ظـن غيـره فله . وكــل واحد مــن



الأمريـن يمــد الآخـر فيقـويه . فكلمـــا قوي تعلقه



بالله ضعف تعلقـه بالمخلوقين وبالعكس .




ومــن دعــاء النبي صلّى الله عليه وسلم " اللهم إني



أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى " رواه مســلـم



فجمـع الخير كله في هذا الدعاء . فالهدى : هو العلم



النافع . والتقى : العمل الصالح ، وتـــرك المحرمات



كلها . هـذا صلاح الديــن . وتمام ذلك بصلاح القلب



وطمأنينته بالعفاف عـن الخلق والغنى بالله . ومن



كان غنياً بالله فهو الغني حقاً ،وإن قلت حواصله .




فليس الغنى عن كثرة العَرَض إنما الغنى غنى القلب.



وبالعفاف والغنى يتم للعبد الحياة الطيبة والنعيــم



الدنيوي والقناعة بما آتاه الله .




والثالثة قوله "ومن يتصبر يصبـــره الله " .




ثــم ذكـر في الجملة الرابعة : أن الصبر إذا أعطاه الله



العبـــد فهــو أفضل العطاء وأوسعـه وأعظمه ، إعانة



عــلى الأمــور . قـــال تعـــالـــى ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ



وَالصَّلاَةِ ) البقــرة , أي: على أموركم كلها . والصبر



كسائر الأخلاق يحتاج إلى مجاهدة للنفس وتمرينها .



فلهــذا قـال " ومن يتصبر " أي : يجاهد نفسه عـلى



الصبر " يصبره الله " ويعينه وإنمـــــا كــان الصبر



أعظــــم العطايا ، لأنـه يتعلق بجميـع أمـور العبــــد



وكمالاته وكـــل حالة مـن أحواله تحتاج إلى صبر .



فـإنـه يحتاج إلى الصبر على طاعة الله ، حتى يقوم



بهـــا ويؤديها . وإلـى صبر عــن معصية الله حتـى



يتركها لله وإلــى صبر على أقدار الله المؤلمة ، فـلا



يتسخطها . بــل إلى صبـر على نعم الله ومحبوبات



النفس ، فـــلا يدع النـفـــس تمرح وتفرح الفـــرح



المذموم، بل يشتغل بشكر الله فهو في كل أحواله



يحتاج إلى الصبر .





وبالصبر ينال الفلاح . ولهذا ذكر الله أهل الجنة فـقال



( وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ، سَلاَمٌ عَلَيْكُم



بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) وكـذلك قـولـه ( أُوْلَئِكَ



يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا) فهم نالوا الجنة بنعيمها



وأدركوا المنازل العالية بالصبر .




ولكـــن العـبــد يسأل الله العافية مـــن الابتلاء الـــذي



لا يدري ما عاقبته ،ثم إذا ورد عليه فوظيفته الصبر.



فالعافية هـي المطلوبة بالأصالة فــي أمــــور الابتلاء



و الامتحان . و الصبر يؤمر به عنــد وجـــود أسبابه



ومتعلقاته والله هو المعين وقــد وعــد الله الصابرين



فــي كتابه وعلى لسان رسوله أمـــور عالية جليلة .



وعدهــم بالإعانة فـي كل أمورهم وأنه معهم بالعناية



والتوفيق و التسديد و أنـه يحبهــم ويثبـت قــلـوبـهم



وأقدامهم ويلقي عليهم السكينة والطمأنينة ، ويسهل



لهم الطاعات ، ويحفظهم من المخالفات ، ويتـفـضل



عليهم بالصلوات والرحمة والهداية عند المصيبات .



والله يرفعهم إلى أعلى المقامات في الدنيا والآخرة .



وعدهم النـــصــر ، و أن ييسرهم لليسرى ويجنبهم



العسرى ووعدهم بالسعادة والفلاح والنجـاح ، وأن



يوفيهـم أجرهم بغيـر حساب ،وأن يخلف عليهم في



الدنيا أكثر مما أخذ منهم من محبوباتهم و أحسن ،



يعوضهم عـــن وقـــوع المكروهات عوضا عــاجلا



يقابل أضعاف أضعاف مـا وقــع عليهم مــن كريهة



ومصيبة وهــو فـــي ابتدائه صعـب شديد . وفي



انتهائه سهل حميد العواقـب .




" بهجــة قلـوب الأبـرار وقرة عيون الأخيار في شرح


جوامع الأخبار"للشيخ عبد الرحمن السعدي(بتصرف)




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منقول






__________________
رد مع اقتباس