عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05-08-2011, 07:56 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,646
افتراضي

صفحة رقم -71-

( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب
فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد )
البخاري ومسلم
فهذا الحديث يرد ذلك المعنى ويبين بوضوح لا غموض فيه أن قول القائل :

( أخطأ فلان ) معناه في الشرع :
( أثيب فلان أجرا واحدا ) فإذا كان مأجورا في رأي من خطأه

فكيف يتوهم من تخطئته إياه الطعن فيه ؟
لا شك أن هذا التوهم أمر باطل يجب على كل من قام به أن

يرجع عنه وإلا فهو الذي يطعن في المسلمين وليس في فرد عادي منهم بل في كبار أئمتهم

من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين
وغيرهم

فإننا نعلم يقينا أن هؤلاء الأجلة كان يخطئ بعضهم بعضا ويرد بعضهم على بعض ( 1 ) أفيقول عاقل : إن بعضهم كان يطعن

في بعض بل لقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ أبا بكر رضي الله عنه في تأويله رؤيا كان رآها رجل فقال صلى الله

عليه وسلم له : ( أصبت بعضا وأخطأت بعضا ) البخاري ومسلم فهل طعن صلى الله عليه وسلم في أبي بكر بهذه الكلمة ؟

ومن عجيب تأثير هذا الوهم على أصحابه أنه يصدهم عن اتباع السنة المخالفة لمذهبه لأن اتباعهم إياها معناه عندهم الطعن في

الإمام وأما اتباعهم إياه - ولو في خلاف السنة - فمعناه احترامه وتعظيمه ولذلك فهم يصرون على تقليده فرارا من الطعن الموهوم .
ولقد نسي هؤلاء - ولا أقول : تناسوا - أنهم بسبب هذا الوهم وقعوا فيما هو شر مما منه فروا فإنه لو قال لهم قائل : إذا كان الاتباع يدل على احترام

صفحة رقم -72-

المتبوع ومخالفته تدل على الطعن فيه فكيف أجزتم
لأنفسكم مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وترك اتباعها إلى اتباع

إمام المذاهب في خلاف السنة وهو معصوم والطعن فيه ليس كفرا ؟

فلئن كان عندكم مخالفة الإمام تعتبر طعنا فيه فمخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم أظهر في كونها طعنا فيه بل ذلك هو الكفر بعينه
- والعياذ بالله منه - لو قال لهم ذلك قائل لم يستطيعوا عليه جوابا اللهم إلا كلمة واحدة - طالما سمعناها من بعضهم -

وهي قولهم : إنما تركنا السنة ثقة بإمام المذهب
وأنه أعلم بالسنة منا .

وجوابنا على هذه الكلمة من وجوه يطول الكلام عليها
في هذه المقدمة ولذلك فإني أقتصر
على وجه واحد منها وهو جواب فاصل بإذن الله فأقول :
ليس إمام مذهبكم فقط هو أعلم منكم بالسنة

بل هناك عشرات - بل مئات - الأئمة هم أعلم أيضا
منكم بالسنة فإذا جاءت السنة الصحيحة على خلاف مذهبكم -

وكان قد أخذ بها أحد من أولئك الأئمة - فالأخذ بها - والحالة هذه - حتم لازم عندكم لأن كلمتكم المذكورة لا تنفق هنا فإن

مخالفكم سيقول لكم معارضا : إنما أخذنا بهذه السنة ثقة منا بالإمام الذي أخذ بها فاتباعه أولى من اتباع الإمام الذي خالفها .

وهذا بين لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى .
ولذلك فإني أستطيع أن أقول :

إن كتابنا هذا لما جمع السنن الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في صفة صلاته فلا عذر لأحد في ترك العمل بها لأنه ليس فيه ما

اتفق العلماء على تركه - حاشاهم من ذلك - بل ما من مسألة وردت فيه إلا وقد قال بها طائفة منهم ومن لم يقل

صفحة رقم -73-

بها فهو معذور ومأجور أجرا واحدا لأنه لم يرد إليه النص بها إطلاقا أو ورد لكن بطريق لا تقوم عنده به الحجة أو لغير ذلك من

الأعذار المعروفة لدى العلماء وأما من ثبت النص عنده من بعده فلا عذر له في تقليده بل الواجب اتباع النص المعصوم وذلك هو

المقصود من هذه المقدمة والله عز وجل يقول : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله

يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون [ الأنفال 24 ] .
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وهو نعم المولى ونعم النصير .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
دمشق 20/5/1381 ه
محمد ناصر الدين الألباني


صفحة رقم -75-


استقبال الكعبة


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة
استقبل الكعبة في الفرض والنفل وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك فقال ل ( المسيء صلاته ) :

( البخاري ومسلم ) ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ) .
( البخاري ومسلم ) و( كان صلى الله عليه وسلم في السفر يصلي النوافل على راحلته ويوتر عليه حيث توجهت به [ شرقا وغربا ] ) .

( مسلم ) وفي ذلك نزل قوله تعالى : فأينما تولوا فثم وجه الله [ البقرة 115 ] .
( أبو داود وابن حبان ) و( كان - أحيانا - إذا أراد أن يتطوع على ناقته استقبل بها القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه ) .

( أحمد والترمذي وصححه ) و( كان يركع ويسجد على راحلته إيماء برأسه ويجعل السجود أخفض من الركوع ) .

( البخاري وأحمد ) و( كان إذا أراد أن يصلي الفريضة نزل فاستقبل القبلة ) .

صفحة رقم -76-

( البخاري ومسلم ) وأما في صلاة الخوف الشديد فقد سن صلى الله عليه وسلم لأمته أن يصلوا ( رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها ) .

وقال صلى الله عليه وسلم :
( البيهقي بسند صحيح ) ( إذا اختلطوا فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس ) .
( الترمذي والحاكم ) وكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) .

( الدارقطني والحاكم والبيهقي ) وقال جابر رضي الله عنه : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة أو سرية

فأصابنا غيم فتحرينا واختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة فجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا فلما أصبحنا نظرناه

فإذا نحن صلينا على غير القبلة فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم [ فلم يأمرنا بالإعادة ] وقال : ( قد أجزأت صلاتكم ) .

( البخاري ومسلم وأحمد ) وكان صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس - [ والكعبة بين يديه ] - قبل أن تنزل هذه

الآية : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام [ سورة البقرة ( 296 ) ]

فلما نزلت استقبل الكعبة فبينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه

صفحة رقم -77-
الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة [ ألا ] فاستقبلوها .
وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا
[ واستدار إمامهم حتى استقبل بهم القبلة ] ) .

القيام
وكان صلى الله عليه وسلم يقف فيها قائما في الفرض والتطوع ائتمارا بقوله تعالى : وقوموا لله قانتين [ البقرة 238 ] .

وأما في السفر فكان يصلي على راحلته النافلة .
وسن لأمته أن يصلوا في الخوف الشديد على أقدامهم أو ركبانا

كما تقدم وذلك قوله تعالى : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين . فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم

فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون [ البقرة 238 ] .
( الترمذي وصححه وأحمد ) و( صلى صلى الله عليه وسلم في مرض موته جالسا ) .

( البخاري ومسلم ) وصلاها كذلك مرة أخرى قبل هذه حين ( اشتكى وصلى الناس وراءه قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا

فلما انصرف قال : ( إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا إنما جعل الإمام ليؤتم

به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا [ أجمعون ] ) .


التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 05-10-2011 الساعة 04:48 PM
رد مع اقتباس