عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-19-2019, 12:36 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,018
Haedphone الأشهر الحرم وتعظيم حرمات الله

الأشهر الحرم وتعظيم حرمات الله

قال تعالى
"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَظ°لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" سورة التوبة : 36.
الأشهر الحرم، ثلاثة متوالية وواحد فرد، ثلاث متوالية: تبدأ بذي القعدة، ذي الحجة، شهر الله المُحَرَّم، هذه الشهور الثلاثة متوالية كلها مُحَرَّمَة وكلها أشهر حُرم. وشهر واحد بمفرده وهو شهر رجب، شهر رجب الذي هو الشهر السابع في السنة الهجرية أي وسط السنة الهجرية، شهر رجب مُضر، نُسِبَ إلى قبيلة مضر؛ لأن قبيلة مُضر كانت تعظم هذا الشهر ولا تنسئه ولا تغيره، ورجب مُضر هو الذي في وقته الحقيقي بين جمادَى وشعبان، فكان أهل الجاهلية لحرصهم على تعظيم هذه الأشهر الحُرم لا يريدون أن يرتكبوا سفك الدم فيها، ولا يريدون إيقاع القتال فيها. فماذا يفعلون؟! استحلوا محارم الله بحيلة لا تنطلي على عقل عاقل!! سيدخل عليهم شهر حرام كشهر ذي القعدة مثلًا، ولكنهم يعدون العدة لحرب الله أعلم بسببها، ربما بسبب أن ناقة فلان شربت قبل ناقة فلان، فتداعى القوم للحرب!! تداعوا لتلك الحرب وهم مقبلون على شهر حرام ، فماذا يفعلون؟!مقدم شهر ذي القعدة شهر حرام، بعده ذي الحجة شهر حرام ، بعده شهر الله المحرم شهر حرام، بعده شهر صفر ليس من الأشهر الحُرم، فينسئوا هذه الأشهر -النسيء هو التأجيل والتأخير- فيؤجلوها ويقدموا صفر مثلًا، فبعد يومين نستقبل ذي القعدة فيقولون: لا، بعد يومين نستقبل صفر!! كيف جاء صفر؟! نسأوا الأشهر الحرم، وأتوا بشهر صفر حتى يوقعوا القتال وبظنهم أنهم لا يتعدون على حرمات الله.
فلما كانت الأشهر يقع فيها هذا وتبدل، فوقف -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بعد أن تم الدين وكمل، وبيّن -صلوات ربي وسلامه عليه- أن الزمان كله قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وأن هذه الأشهر هي في مواعيدها الحقيقة هي ثابتة غير نسيئة ولا مؤجلة، بل في مواعيدها ومواقيتها، فرجب هو رجب، ورمضان هو رمضان، والأشهر الحرم كما هي.
قال صلى الله عليه وسلم "الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ."الراوي : نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم- 3197 : خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =
قال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"سورة المائدة :2.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ" أي: لا تحلوا محرماته التي أمركم بتعظيمها، وعدم فعلها، والنهي يشمل النهي عن فِعلها، والنهي عن اعتقاد حِلها؛ فهو يشمل النهي، عن فعل القبيح، وعن اعتقاده. ويدخل في ذلك النهي عن محرمات الإحرام،ومحرمات الحرم. ويدخل في ذلك ما نص عليه بقوله " وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ" لا تنتهكوه بالقتال فيه وغيره من أنواع الظلم كما قال تعالى"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" سورة التوبة : 36.
فإن للأشهر الحُرُم مكانةً عظيمة . فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها اللهُ به من المنزلةِ، والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرًا لما لها من حرمةٍ، ولذلك حذرنا الله في الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه أي ظلم النفس ويشمل المعاصي يحرم في جميع الشهور.
"فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ"ظلم النفس بالتعدي على حق الكبير المتعالي ظلم وأي ظلم، ظلم النفس بالتعدي على حقوق عباد الله ظلم وأي ظلم. فعلى المرء المسلم أن يتقي الله –عز وجل-، وأن يراقب الله -تبارك وتعالى- في نفسه في هذه الأشهر، فهو أمام حرمة من حرمات الله"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ"الحج: 32، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ"الحج: 30، وهو أمام حرمة من حرمات الله وشعيرة من شعائر الله، فينظر الله –عز وجل- كيف نعمل في هذه الأيام وفي هذه الأشهر، التي هي حقيقة وجودنا على هذه الدار، ثم إلى ربنا مرجعنا ومحاسبنا على ما فعلنا.
والتعظيم:هو العلم بوجوبها والإقرار بها والقيام بحقوقها. وإيمان الإنسان بربه ورضاه بما شرعه واختاره له، هو من تعظيم الله وتعظيم حرمات الله.
المؤمن الصادق هو الذي يعظم ما عظمه الله فيعظم شعائر الله ويمتثل الأوامر ويجتنب النواهي ويبتعد عن كل ما يضره ويؤذيه من قول أو فعل يسارع إلى الخيرات ويفعل الصالحات.
والمسلم مطالب بتعظيم حرمات الله على الدوام لكنها في هذه الأشهر الحرم تتأكد أكثر، يقول القرطبي رحمه الله" خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفًا لها وإن كان منهياً عنه في كل زمان".
وتعظيم حرمات الله من التقوى كما أخبر الله جل وعلا "وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ".

ظلم النفس حرام، ظلم عباد الله، اجتناب الظلم أيًّا كان نوعه واجب في سائر العام، وهو في الأيام القادمة أشد وجوبًا.
ورغم ذلك فإن المسلم المعتدل لا يخص شهر رجب بتعظيم مبالغ فيه أو بدع أو غير ذلك بما لم يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يشرع فيه ما اعتاده من الصيام كما يشرع في غيره من الشهور، من صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم، وصيام سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضًا أنه آخر الشهر.
*حُسن استغلال الأوقات والشهور:
فقيمة الوقت عظيمة ومن دلائل عظمتها قول رسولنا الكريم « لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ»الراوي : أبو برزة الأسلمي-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم- 2417 :خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر=

قال تعالى " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"لقمان : 34.
فلنُعِد العُدَّة لمثلِ هذا بحسن استغلال الأوقات والأنفاس ، فاليوم الذي يمر لا يعود .،فلنعظم حرمات الله.
ومعنى تعظيم حرمات الله: أي اجتناب ما حرمه الله تعالى تعظيمًا لحدود الله. فالمؤمن الحق هو الذي يعظم حرمات الله، ويستشعر هيبته وخشيته، ويذعن لجلاله، ويخاف غيرته تعالى على حرماته، ويخاف من معصيته وغضبه ويخشى عذابه ويرجو رحمته.
ولا يتهاون بالمعصية ولا يسارع إلى الخطيئة، فمن يعظم الله تعالى؛ يعظم حرماته، ويستشعر عظمة الذنب، يقول ابن مسعود رضي الله عنه"إنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ, وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا" رواه البخاري.
ويقول بلال بن سعد: "لَا تَنْظُرْ إلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ إلَى مَنْ عَصَيْتَ" أخرجه الذهبي في تلخيص العلل المتناهية.
ومن تعظيم حرمات الله تعالى: تعظيم كتابه الكريم، وتعظيم حرمة المؤمن، وحفظ دمه، وماله وعرضه، واحترام حقوقه، وعدم النيل من كرامته والتعدي عليه. قَالَ صلى الله عليه وسلم"إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا".صحيح البخاري =
وقد نظر عبدُاللهِ بنُ عمرَ يومًا ما إلى الكعبةِ فقال " ما أعظمَكِ وأعظمَ حرمتِك ! والمؤمنُ أعظمُحرمةًمنك"الراوي : نافع مولى ابن عمر-المحدث : الألباني-المصدر : غاية المرام-الصفحة أو الرقم-435:خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر=

فلا نغتاب ولا نوقع بالنميمة ولا نخون والتجسس وغيره من انتهاك الحرمات ، وإذا أخطأ المسلم ووقع فيما حرم الله فليسارع بالتوبة والاستغفار ، فإن الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها.
قال تعالى" وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ"هود :114.

والتوبة أعظم حسنة تمحو السيئات.
"جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنِّي عالَجتُ امرأةً مِن أقصَى المدينةِ، فأصبتُ منها ما دونَ أن أمسَّها فأَنا هذا فأقِم عليَّ ما شئتَ فقالَ عمرُ قد سترَ اللَّهُ عليكَ لو سترتَ على نفسِكَ فلم يردَّ عليهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ شيئًا فانطلقَ الرَّجلُ فأتبعَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا فدعاهُ فتلا عليهِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إلى آخرِ الآيةِ فقالَ رجلٌ منَ القومِ يا رسولَ اللَّهِ ألَهُخاصَّةً أم للنَّاسِ كافَّةً فقالَ" للنَّاسِ كافَّةً"الراوي : عبدالله بن مسعود-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم:4468- خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح = الدرر =

" أنَّ رَجُلًا أصابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَهُ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ"أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ"هود: 114. فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ ألِي هذا؟ قالَ: لِجَمِيعِ أُمَّتي كُلِّهِمْ."الراوي : عبد الله بن مسعود - المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:526-خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر=

مِنَ الوَسائلِ الَّتي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ: أنْ يَحرِصَ على مُضاعفَةِ الأعمالِ الصَّالحَةِ وتَكثيرِها حتَّى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن هذه الوَسائلِ الَّتي تُكفِّرُ السَّيِّئاتِ :الصَّلاةُ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ مَسعودٍ رَضي اللهُ عنه: إنَّ رَجلًا، قيلَ: هوَ أبو اليُسرِ كَعبُ بنُ عَمرٍو الأنصاريُّ رَضي اللهُ عنه، أصابَ مِنِ امْرأةٍ قُبلةً، أيْ: قَبَّلَ امرأةً، فأتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبرَه بما جَرى، فأنزلَ اللهُ هذه الآيَةَ"وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ" هود: 114، أي: صَلِّ الصَّلواتِ الَّتي تَكونُ في طَرَفَيِ النَّهارِ، وهُما الصُّبحُ والظُّهرُ، "وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ"، أي: ساعاتٍ مِن أوَّلِه، وَالمَعنى: صَلِّ الصَّلاتَينِ اللَّتَينِ تَكونانِ في أوَّل اللَّيلِ وهُما المَغرِبُ والعِشاءُ"إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" يُكفِّرنَ السَّيِّئاتِ، وهيَ صَغائِرُ الذُّنوبِ، فسألَ الرَّجلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، ألي هَذا؟ يَعني: بِسُؤالِه هذا أنَّ هذا الحُكمَ خاصٌّ بي وَحدي؟ فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم: لِجميعِ أُمَّتي كُلِّهم، وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم بَعدَ تَأكيدٍ; لِيَشملَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لَهُم وأنتَ مِنهُم .= الدرر =

قال صلى الله عليه وسلم"اتَّقِ اللَّهِ حيثُ ما كنتَ ، وأتبعِ السَّيِّئةَالحسنةَتمحُها ، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ"الراوي : أبو ذر الغفاري-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم:1987:-خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر =

في الحديث الوصية بالتقوى وهي وصية عظيمة جامعة لحقوق الله وحقوق الخلق.
فتَقوَى اللهِ سبحانَه وتعالى، ودَوامُ المراقبةِ، ومُعامَلةُ النَّاسِ بأخلاقٍ حسَنةٍ مِن عَلاماتِ الصَّلاحِ الَّتي يَنبَغي تَوافُرُها في المسلِمِ حتَّى يُحسِّنَ عمَلَه، ويكونَ أقرَبَ إلى الجنَّةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "اتَّقِ اللهَ"، والتَّقوى هي الخوفُ مِن اللهِ ومُراقبتُه وأنْ تَجعَلَ بينَك وبينَ عَذابِ اللهِ وِقايةً، وتَكونُ بالإتيانِ بالواجباتِ، والامتِناعِ عَن المُحرَّماتِ "حيث ما كُنتَ"، أي: في كلِّ مكانٍ وجِهَةٍ، وفي سِرِّك وعَلانِيَتِك، وفي بَلائِك ورَخائِك، وفي كلِّ أحوالِك، "وأَتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمحُها"، أي: إن وقَعتَ في سيِّئةٍ، فافعَلْ وَراءَها حسَنةً مِن صلاةٍ وصَدقةٍ، وسائرِ ما يُوصَفُ بالحسَنةِ؛ فإنَّ ذلك يَرفَعُ، ويَمْحو تلك السَّيِّئةَ، "وخالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسَنٍ"، أي: خالِطِ النَّاسَ بأخلاقٍ حسَنةٍ، فأحسِنْ مُعامَلاتِهم، مِن تَبسُّمٍ في وُجوهِهم، ورِفقٍ ولينٍ في التَّعامُلِ معَهم؛ فمَن فعَل ذلك حاز الدُّنيا والآخِرةَ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بتَقْوى اللهِ على كلِّ حالٍ.
وفيه: أنَّ مُخالطةَ النَّاسِ لا تَعْني فِعْلَ المنهيَّاتِ معَهم.


فلنفز بدعاء الملائكة: الملائكة تدعو الله جل وعلا للمؤمنين التائبين فتقول " رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " 7: 9:غافر.تدعو أن يقيهم الله جل وعلا عذاب الجحيم وأن يقيهم الله جل وعلا السيئات ، أى شرور السيئات ، والذى ينجو من شرور السيئات يكون فى رحمة الله جل وعلا والتى هى قريبة من المحسنين .

واعلم أنَّ مِن المعاصي التي يرتكبها العبدُ في حق اللهِ تعالى أنْ يَحتقرَ نعمة ربه عليه ، وذلك نلاحِظُهُ عندما يرى الإنسان مَن هوَ أعلى منه في نِعمةٍ معينة ، مثل من يركبُ دراجة مثلًا ويمر بجانبه شخصًا يركبُ سيارة فارِهة، فقد يقولُ حينئذٍ في قلبه: هؤلاء هم الذين يتمتعون بالدنيا، ياليتني كنت مثلهم ، وهو لا يعلم أنه بذلك يُغضبُ ربَّه ، ولكنه لو تذكر في هذه اللحظة أنَّ هناك مَن يمشى بين الناس بساق واحدة ، وأن هناك مَن يركب كُرسِي بـ عَجَل ، وأن هناك مَن يمشى بـ عُكَّاز ، فإنه ساعتَها يقول: الحمد لله... إنني في نِعمَةٍ عظيمة، فيَرضَى بقضاءِ الله ولا يَسْخَط.
ولذلك يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نَرضَى فيقول "انظروا إلى مَن هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى مَن هو فَوْقِكُم فهوَ أجْدَرُ ألا تزدَرُوا -يعني تحتقروا- نعمةَ الله عليكم"صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1507.


القَناعَةُ من أجلِّ أَخلاقِ المُؤْمِنينَ، وهي علامةٌ على الرِّضا بقَدَرِ اللهِ، كما أنَّها تُهوِّنُ صُعوبَةَ الحَياةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "انْظُرُوا إلى مَنْ هو أَسْفَلَ منكم"، أي: مَنْ هو أَقَلُّ منكم في أُمور الدَّنْيا وتَقْسيمِها، "ولا تَنْظُروا إلى مَنْ هو فَوْقَكُم" فيها؛ فإنَّ هذا النَّظَرَ "أَجْدَرُ"، أي: أَحَقُّ "أنْ لا تَزْدَروا"، أي: لا تَحْتَقِروا "نِعْمَةَ اللهِ عليكم"؛ وذلك أنَّ نَظَرَ الإنْسانِ إلى مَنْ هو أعْلى منه؛ يُؤَدِّي إلى اسْتِحْقارِ ما عِندَ نَفْسِهِ من النِّعَمِ، فيَسْتَقِلَّ النِّعْمَةَ ويُعرِضَ عن الشُّكرِ؛ لأنَّ كثيرًا من الناسِ يَصبِرُ على المقدورِ فلا يَسْخَطُ، وهو غيرُ راضٍ به؛ فالرِّضا أمرٌ آخَرُ، وقد يُؤَدِّيهِ ذلك إلى كُفْرانِ النِّعْمَةِ، وأنَّه ليس عليه شيْءٌ من النِّعْمِ؛ فيَكْفُرَ نِعْمَةَ اللهِ عليه، ولذلك قالَ اللهُ تعالى"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى"طه: 131، وإذا أَعْرَضَ عن التأمُّلِ في أحْوالِ أهْلِ الدُّنْيا وما وُسِّعَ عليهم، هانَ عليه ما هَمَّهُ واسْتَكْثَرَ ما أُوتِيَ، وإذا نَظَرَ بعَيْنِ الحَقيقةِ، فالمُكْثِرُ ليس معه إلَّا هَمُّ الإكْثارِ وحِفْظِ المالِ، والدُّنْيا سَريعةُ الزَّوالِ، وإذا تحوَّلَ المالُ وضاعَ، فإنَّهم لا يُغْبَطونَ على ذلك، بل إنَّهم يُرْحَمونَ ويُرْثَى لهم.
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان مُداوِيًا للقُلوبِ، فعَلَّمَها كيف تَصْنَعُ، ووَصَفَ لها الدواءَ.
وفيه: إرْشادٌ إلى الاعْتِبارِ بأَحْوالِ الدُّنْيا، وأنَّ السَّعادَةَ ليستْ مالًا فقطْ.
وفيه: أنَّ مِن أعظمِ ما يُعينُ على استشعارِ النِّعمِ كثرةَ التأمُّلِ فيها والنظرَ في حالِ مَن هُم أقلُّ حالًا منكالدرر =

فعَلى سبيل المثال: قد رأيتُ بعَيْنِي أحدَ الأشخاص قد كُسِرَتْ ساقَه ، فكان يتمنى أن يَتقلّب على فِراشِه إلى الجِهَة الأخرى ، فإذا كنتَ في عافيةٍ من ذلك فَقُلْ الآن من قلبك: الحمدُ لله.
وهناك مَن يتمنى أن يذهب إلى دَوْرَةِ المِياه على قَدَمَيْهِ، وأنْ يُطَهِّرَ نفسَه بِيَدِه حتى لا يَتَأذى منه مَن يُطََهّرُهُ، فإذا كنتَ في عافيةٍ من ذلك فَقُلْ الآن من قلبك: الحمدُ لله.


*للخطايا مكفرات دلت النصوص الشرعية على كثرتها وتنوعها ومن ذلك:
*الوضوء:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره". رواه مسلم.


*عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال : أسندتُّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى صدري فقال صلى الله عليه وسلم"من قال : لا إلهَ إلا اللهُ خُتِمَ له بِها دخل الجنةَ ، و من صامَ يومًا ابْتغاءَ وجْه اللهِ خُتِمَ له به دخلَ الجنةَ ، ومَن تصدَّقَ بصدقةٍ ابْتغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ له بِها دخل الجنةَ"الراوي : حذيفة بن اليمان - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 985 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر=

*الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ،يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا "متفق عليه.

*المشي إلى الصلاة وانتظارها:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ. وليسَ في حَديثِ شُعْبَةَ ذِكْرُ الرِّباطِ. وفي حَديثِ مالِكٍ ثِنْتَيْنِ فَذَلِكُمُ الرِّباطُ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 251 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =


*الصوم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَله ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ."الراوي : أبو هريرة -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم2014 -خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =


وقد ثبت أن صوم يوم عاشوراء وعرفة يكفران الذنوب في الماضي والحاضر.
*
القيام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من قام رمضان إيمانا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.
*
العمرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". رواه مسلم.
*
الحج: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدنه أمه". متفق عليه.
*الصدقة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"يا كعبُ بنَ عُجرةَ الصَّلاةُ برهانٌ والصَّومُ جنَّةٌ حصينةٌ والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَكمايُطفئُ الماءُ النَّارَ"صحيح الترمذي.

*الذكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطاياهُ، وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ."الراوي : أبو هريرة-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:6405 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر=


رد مع اقتباس