عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-10-2019, 07:00 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

¤شرح الحديث

¤أُوتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم جَوامِعَ الكَلِمِ، فكان صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَجمَعُ المواعِظَ الجمَّةَ والوصايا الجامِعةَ، والحِكَمَ البالِغةَ في الكلامِ القليلِ، وكان مِن هَدْيِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ تَربيةُ الصِّغارِ وتَعليمُهم أمورَ دِينِهم؛ مِن العقيدةِ الصَّحيحةِ وحُسْنِ التَّوكُّلِ على اللهِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِعَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ: "يا غلامُ والغُلامُ هو الصَّبيُّ الصَّغيرُ الَّذي لم يَبلُغِ الحُلُمَ بَعدُ، "إنِّي أُعلِّمُك كَلِماتٍ أي: أُعلِّمُك أُمورًا وأشياءَ يَنفَعُك اللهُ بها، "احفَظِ اللهَ أي: احْفَظْ حُدودَه وحُقوقَه وأوامَرَه ونواهيَه، فاتَّقِ اللهَ في أوامِرِه ونَواهيه بحيثُ يَجِدُك في الطَّاعاتِ والقُرباتِ، ولا يَجِدُك في المعاصي والآثامِ.
*
فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الْحَافِظِينَ لِحُدُودِ اللَّهِ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ"هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ"ق: 32 - 33.وَفُسِّرَ الْحَفِيظُ هَاهُنَا بِالْحَافِظِ لِأَوَامِرِ اللَّهِ، وَبِالْحَافِظِ لِذُنُوبِهِ لِيَتُوبَ مِنْهَا.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط .

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ الصَّلَاةُ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ"حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى"البقرة: 238. ، وَمَدَحَ الْمُحَافِظِينَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ"وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ"المعارج: 34 .

لِما فيها مِن الإقبالِ على اللهِ والخُشوعِ والتَّذلُّلِ له بالوجهِ والأعضاءِ والجَوارِحِ خاشِعةً للهِ، وهي مِن أفضَلِ الأعمالِ، وأتَمِّها دَلالةً عَلَى الاسْتِقامَةِ، والانقِطاعِ إليه عَمَّا سِواه، والإقبالِ عَلَيه، والانصِرافِ عمَّا سِواه، والاشتِغالِ بِه عمَّن دونَه.= الدرر =


وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» .
قال صلى الله عليه وسلم"اسْتقيموا و لن تُحصوا ، و اعلموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصلاةُ ، و لا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ"الراوي : ثوبان و عبدالله بن عمرو بن العاص سلمة بن الأكوع - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم: 952 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

وَمِمَّا يُؤْمَرُ بِحِفْظِهِ الْأَيْمَانُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ"الْمَائِدَةِ: 89 ، فَإِنَّ الْأَيْمَانَ يَقَعُ النَّاسُ فِيهَا كَثِيرًا، وَيُهْمِلُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا يَجِبُ بِهَا، فَلَا يَحْفَظُهُ، وَلَا يَلْتَزِمُهُ.


وَحِفْظُ الرَّأْسِ وَمَا وَعَى يَدْخُلُ فِيهِ حِفْظُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَحِفْظُ الْبَطْنِ وَمَا حَوَى يَتَضَمَّنُ حِفْظَ الْقَلْبِ عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَى مُحَرَّمٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْفَاحْذَرُوهُ"البقرة: 235.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط .
وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي قَوْلِهِ"إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"الإسراء: 36 .
وَيَتَضَمَّنُ أَيْضًا حِفْظَ الْبَطْنِ مِنْ إِدْخَالِ الْحَرَامِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ نَوَاهِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اللِّسَانُ وَالْفَرْجُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «
اثنتانِ تُدخِلانِ الجنَّةَ : من حفِظ ما بين لَحْيَيْه و رِجلَيْه دخل الجنَّةَ»الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 140 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحِفْظِ الْفُرُوجِ، وَمَدَحَ الْحَافِظِينَ لَهَا، فَقَالَ"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ"النور: 30.
جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط = هنا =


*قال صلى الله عليه وسلم " استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله ، قالَ : ليسَ ذاكَ ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ ، وما وَعى ، وتحفَظَ البَطنَ ، وما حوَى ، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى ، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا ، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني : منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ "الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2458 - خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر =



"يَحْفَظْك أي: إذا اتَّقيتَه وحَفِظتَه كان جَزاؤُك أن يَصونَك مِن الشُّرورِ والموبِقاتِ ويَحفَظَك في نَفسِك وأهلِك ومالِك ودِينِك ودُنياك، ويَحفظَك مِن مكارِهِ الدُّنيا والآخِرَة؛ فحِفظُ اللهِ لعَبدِه نوعان؛ أحَدُهما: حِفظُه له في مَصالِحِ دُنياه، كحِفْظِه في بدَنِه وولَدِه، وأهلِه ومالِه؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ"لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ اللَّهِ"الرعد: 11. مُعَقِّبَاتٌ :ملائكةٌ مُعَقِّبَاتٌ.
قال الشوكاني «والمُعَقِّبَاتٌ المتناوبات التي يخلف كل واحد منها صاحبه ويكون بدلا منه.
وهم الحفظة من الملائكة في قول عامة المفسرين.تفسير الوسيط.

فمَن حَفِظ اللهَ في صِباه وقوَّتِه، حَفِظه اللهُ في حالِ كِبَرِه وضَعْفِ قوَّتِه، ومتَّعه بسَمعِه وبصَرِه وحَوْلِه وقوَّتِه وعقلِه
.
النَّوعُ الثَّاني: حِفظُ اللهِ للعبدِ في دِينِه وإيمانِه، فيَحفَظُه في حَياتِه مِن الشُّبهاتِ المضلَّةِ، ومِن الشَّهَواتِ المحرَّمةِ، ويَحفَظُ عليه دِينَه عندَ موتِه، فيتوفَّاه على الإيمانِ، وعلى العكسِ من هذا؛ فمَن ضيَّع اللهَ ضيَّعه اللهُ، فضاع بينَ خلقِه، حتَّى يَدخُلَ عليه الضَّررُ والأذى ممَّن كان يَرْجو نفْعَه مِن أهلِه وغيرِهم.
"
احفَظِ اللهَأي: اتَّقِ اللهَ في الأوامِرِ والنَّواهي، والْزَمِ الطَّاعاتِ، ولا تَقرَبِ المعاصيَ، "تَجِدْه تُجاهَك"، والمعنى: أنَّك تَجِدُه حينَئذٍ كأنّه حاضرٌ تِلقاءَك وقُدَّامَك في مقام إحسانك وإيقانك وكمال إيمانك، كأنَّك تراه بحيثُ تُغْنَى بالكُلِّيَّةِ عن نظَرِك ما سِواه، وقيل: المعنى: إذا حَفِظْتَ طاعةَ اللهِ وجَدتَه يَحفَظُك ويَنصُرُك في مُهِمَّاتِك أينَما توجَّهتَ، ويُسهِّلُ لك الأمورَ الَّتي قصَدتَ، وقيل المعنى: تجِدُ عِنايتَه ورَأفتَه قَريبًا منك؛ يُراعيك في جَميعِ الحالاتِ، ويُنقِذُك مِن جميعِ المضَرَّاتِ.
"
إذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ"، أي: إذا أرَدتَ أن تَطلُبَ شيئًا، فلا تَطلُبْ إلَّا مِن اللهِ، "وإذا استَعنتَ فاستَعِنْ باللهِ"، أي: وإذا أردتَ العونَ فلا تَطلُبِ العونَ إلَّا مِن اللهِ ولا تَستَعِنْ إلَّا باللهِ، "واعْلَمْ"، كرَّرَ فِعلَ الأمْرِ زِيَادَةً في الحَثِّ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تعالى "أنَّ الأُمَّةَ لو اجتَمَعَت"، أَيِ: اتَّفَقَتْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا "على أن يَنفَعوك بشيءٍ لم يَنفَعوك" أَيْ: لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ، "إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ لك"، والمعنى: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ ويقينٌ أنَّه لن يَكونَ إلَّا ما قدَّره اللهُ لك؛ فلن تُحصِّلَ مَنفَعةً إلَّا ما كتَبه الله لك، ولو اجتَمَع على مَنفَعتِك أهلُ الأرضِ جَميعًا، "وإنِ اجتَمَعوا على أن يَضُرُّوك بشيءٍ لم يَضُرُّوك إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ عليك"، أي: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ أيضًا أنَّك لن تَرى إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، فلَن يَبلُغَك ضُرٌّ إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، ولو اجتَمَع على ضُرِّك أهلُ الأرضِ جميعًا، وهذا مُتَّفِقٌ مع الحُكمِ المقرَّرِ في الاعتقادِ أنَّ اجتِماعَهم على إيصالِ النِّفعِ والضُّرِّ بدونِ مَشيئةِ اللهِ مِن المُحالِ.
وخُلاصةُ المعنى: أنَّ المطلوبَ مِنك أن تُوحِّدَ اللهَ في المطلَبِ والمهرَبِ، فهو الضَّارُّ النَّافعُ، والمعطي المانعُ.
"
رُفِعَت الأقلامُ"، أي: كُتِبَت مَقاديرُ الخلائقِ جميعًا، ورُفِع القلمُ، فلا زِيادةَ ولا نُقْصانَ في كِتابَةِ الأحْكامِ، "وجَفَّتِ الصُّحفُ"، أي: جفَّت الصُّحفُ بما كتَبَته الأقلامُ فيها مِن مَقاديرِ الخلائقِ، فلا تَبْديلَ ولا تَغْييرَ، فكلُّ شيءٍ قد كُتِبَ في اللَّوحِ المحفوظِ؛ فعبَّر عن سبْقِ القضاءِ والقدَرِ برَفْعِ القلَمِ، وجَفافِ الصَّحيفةِ؛ تَشبيهًا بفراغِ الكاتبِ في الشَّاهدِ مِن كتابتِه، وهذا كلُّه مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ للأُمَّةِ على أن تتَعامَلَ بصِدقٍ مَع اللهِ، وأنْ تُراقِبَه في كلِّ أعمالِها، وألَّا تَخافَ غيرَه سُبحانه؛ فمِنْه النَّفعُ والضَّرُّ، وأن تُربِّيَ أطفالَها على هذه المفاهيمِ الطَّيِّبةِ فيَنشَؤوا ويَشِبُّوا عليها.
وهذا الحَديثُ أصلٌ عظيمٌ في مُراقبةِ اللهِ، ومُراعاةِ حقوقِه، وتَفويضِ الأُمورِ إليه، والتَّوكُّلِ عليه، وشُهودِ تَوحيدِه وتفرُّدِه، وعجْزِ الخلائقِ كلِّهم وافتقارِهم إليه وحدَه، وفيه أبلغُ ردٍّ على مَن اعتقَدَ النَّفعَ والضرَّ في غَيرِ الله مِن الأولياءِ والصَّالِحين وأهلِ القبورِ، أو سألَهم واستعانَ بِهم مِن دُونِ اللهِ تعالى.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على حِفظِ اللهِ عزَّ وجلَّ في أوامِرِه ونَواهيه.
وفيه: الحثُّ على طلَبِ العونِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ وحْدَه. الدرر =

فوائد مستنبطة من الحديث
:
1- ملاطفة النبي - صلى الله عليه وسلم - للغلمان ونصحههم وتوجيهه لهم ووصيتهم.

2- إن من حفظ حدود الله والتزمها نال الخير كله وأعظمها معية الله تعالى.

3- طلب الإعانة أكملها يكون من الله جل وعلا فهو القوي الذي لا يغلب والنفع والضر لا يكون إلا بشيء قد كتبه الله تعالى.

4- الإيمان بالقضاء والقدر"واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى..... " فلذلك يكون فيه تسلية له عند المصائب.
.الألوكة =

5- من علامات المؤمن المتعلق بربه أنه شديد الصلة بالله في الرخاء ومن نتائج ذلك سيجد النصرة في الشدة.
رد مع اقتباس