عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 07-05-2018, 04:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

37 ـ ومَنْ أَتى بِما عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ ** قَدِ استَحَقَّ مَالَهُ عَلى العَمَلْ
استَحَقَّ: أي استوجب ، وصار أحق من غيره .
والمعنى : أن الشخص إذا أدَّى العمل الواجب عليه ، وأتمه وذلك باجتماع كل شروطه وانتفاء كل موانعه ، فإنه يستحق الأجر الذي جُعل له . والعكس بالعكس .
شرح منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
ـ ومعنى هذا البيت هو الذي أراده الفقهاء بقولهم :
إذا أدى ما عليه وَجَبَ له ما جُعل له . وهذا شامل الأعمال والأعواض - أي الأجور . مثل أجور الموظفين مقابل أعمال معينة -
والمراد أن الإنسانَ إذا طُلب منه عمل معين ، وَرُتب على هذا العمل جزاءً معينًا ، فإنه إذا أتى بهذا العمل ـ تامًّا ـ وجب له ما رُتب على هذا العمل .
منظومة القواعد ... / شرح : د . خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 93 .
وهذه القاعدة كما تنطبق على المعاملات تنطبق أيضًا على العبادات في الدنيا والآخرة . ولذلك عند التمعن والتأمل في كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ نجد أن الثواب المطلق للعمل الصالح صورتان :

الصورة الأولى : ما للعبد في الدنيا .
الصورة الثانية : ما يكون للعبد في الآخرة .
فالجزاء قد يدركه الإنسان في دنياه بما يحصل للإنسان من انشراح الصدر وسعة الرزق ونحو ذلك . بل لا يقتصر الأمر على الدنيا فإن الإثابة في الدنيا هي عاجل بشرى المؤمن ، وإلا فالأجر الحقيقي والكسب العظيم هو ما يحصل للإنسان في الآخرة .
وأجر الدنيا كما في قوله تعالى :
" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً " .سورة النحل / آية : 97 . وقوله تعالى :
" الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ " .سورة الأنعام / آية : 82 .
وكما أن الله تعالى وعد بالمثوبة لمن أتى بالعمل الصالح ، كذلك رتب على الْمُحَرَّم عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة
قال تعالى :
"وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ".سورة طه / آية : 124 . وقوله تعالى :
" فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ " . سورة الماعون / آية : 4 ، 5 .
فمن تطبيقات هذه القاعدة :
أن رواتب الموظفين لا يستحقها الموظف كاملة إلا إذا أدى العمل كاملاً ، فإن أخلَّ بشيء منه ، فإنه لا يستحق مقابل ما حَصَل من الخلل . ومع الأسف ـ الآن ـ كثير من الموظفين لا يقومون بما يجب عليهم إما في الزمن وإما في العمل .
إما في " الزمن " بأن لا يحضروا إلا بعد بدء الدوام بما لا يُتسامح فيه . أو يخرجوا قبل انتهاء الدوام ـ أي قبل انتهاء وقت العمل ـ .
وإما في " العمل " : بأن تجد الإنسان على كرسيه ، لكن لا يعطي المراجعين ـ الجمهور من الناس الذين يتعاملون ولهم مصالح ... ـ اهتمامًا ، ولا يعتني بهم . معه جريدة يقرأها أو له صاحب يخاطبه في الهاتف أو عنده ولا يبالي ، هؤلاء لا يستحقون الراتب كاملاً ، ولا يستحقون من الراتب إلا بمقدار ما أدوا من العمل ، وعلى هذا فيكون ما يأكلونه ويشربونه من هذا الراتب الذي لا يستحقونه يكون ـ والعياذ بالله ـ حرامًا يحاسبون عليه يوم القيامة . وقد اشتهر عند بعض الناس أن مال الحكومة مباح ، قالوا : لأنه ما له مالك معين . فيُقال : إن مال الحكومة هو بيت المال الذي يستحقه جميع الناس ، فأنت إذ بخسته فقد بخست كلَّ الناس الذين يستحقون من بيت المال .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / ص : 175 / بتصرف .
هذا فيما يتعلق بباب العبادات .
أمـا فيما يتعلق بالمعاملات : فإن الإنسان إذا عقد عقدًا على عملٍ من الأعمال ، فإذا وَفَّى بما تعاقدا عليه ، فإنه يكون مستحقًا لما ينبني عليه من آثار هذا العقد . فالأجير (1) مثلاً إذا استؤجر لعمل معين ، إن أتم عمله استحق العِوَضَ الذي اتفقا عليه ، وإن لم يوف بما تعاقدا عليه فإنه لا يستحق شيئًا .
شرح منظومة القواعد الفقهية / د . خالد بن إبراهيم الصقعبي .
( 1 ) الفرق بين الإجارة والْجَعالة ؟ !
الجعالة : عقد جائز لا يختص بشخص معين بل هي عامة ، مثل أن يقول : مَنْ بنى لي هذا الجدار ، فله كذا أو من ردَّ لُقطتي فله كذا هذه الجَعالة .
والإجارة عكسها كما هو معروف ، وموضح أعلاه . القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 175 .
ـ وهذه القاعدة عليها جمهور الفقهاء ، قاله الموفق في : " المغني " ، والنووي في " المجموع " ، وفي بعض فروعها تفصيل عندهم ـ أي ـ عند الفقهاء ـ .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 110 .
* ويُلْحَقُ بهذه القاعدة ، قواعد أخرى منها :
1 ـ " المؤتمنُ غيرُ ضامنٍ ما لم يُفرِّط " .
المؤتمنُ : هو من اشتُهِرَ بالأمانة بين الناس ، فاستودعوه ما يخشون عليه من الضياع أو التلف .
وهو غيرُ ضامنٍ ـ أي ليس عليه عِوَض ـ لِمَا أؤتُمِنَ عليه إذا ضاع منه أو تلف عنده ، أونقص شيء منه إلا إذا ثبت تفريطه في حفظه ، أو تعدى عليه باستعماله ، ... ، وإن أودعه عند غيره من الأُمناء لخوفه عليه ، أو لضعفه عن حفظه ، أو لسفره ، ثم تَلَف عند هذا الأمين ، فلا يضمنه هو ولا من أودعه عنده ، على الصحيح من أقوال الفقهاء، واستدلال الجمهور على صحة هذه القاعدة بما رواه الدارقطني ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " لا ضمان على مؤتمن " .
وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 7518 / ص : 1250 .
ـ وَفِعْل السلف دال على ذلك :
فقد استودع عروة بن الزبير أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مالاً من مال مصعب ، قال : فأصيب المال عند أبي بكر ، أو بعضه ، فأرسل إليه عروة : أن لا ضمان عليك إنما أنت مؤتمن ، فقال أبو بكر : قد علمتُ أن لا ضمان علي ، ولكن لم تكن لتحدث قريشًا أن أمانتي قد خربت ، ثم باع مالاً له فقضاه .
هذا الأثر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى :5 / 208 . ... ونصه "عن ابن سعد قال : أخبرنا عبد الملك بن عمر أبو عامر العقدي قال : حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد أن عروة استودع أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مالاً من مال بني مصعب ، قال : فأصيب ذلك المال عند أبي بكر أو بعضه ، قال : فأرسل إليه عروة أن لا ضمان عليك إنما أنت مؤتمن ، فقال أبو بكر: قد علمت أنه لا ضمان عليّ ولكن لم تكن لتحدث قريشًا أن أمانتي خربت . قال : فباع مالاً له فقضاه .
فهذا الأثر لم أقف على شيء يدل على أنه أثر صحيح أم لا ، ولكن راويه وهو : ابن سعد ،قال عنه الخطيب البغدادي - محمد بن سعد عندنا من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه ، فإنه يتحرى في كثير من رواياته، وقال عنه ابن خلكان : كان صدوقًا ثقة ، وقال ابن حجر- أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين.وقد وصفوه بالفضل والفهم والنبل . والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .قاله : الشيخ أ . د / عبد الله محمد أحمد الطيار .
قال ابن رشد في بداية المجتهد : ج : 2 / ص : 311 ـ بعد أن أورد طرفًا من مسائل الوديعة ـ :
" وبالجملة فالفقهاء يرون بأجمعهم أن لا ضمان على صاحب الوديعة إلا أن يتعدى " .
ـ والأُمناء لو ضَمَّنَهم الشرع ما ضاع أو تَلَف منهم من غير تفريط لوقع الظلم عليهم ، ولكان لهم الحق في رفض كل وديعة يريد أن يستودعها عندهم مُودِع .
ـ مناظرة :
استدل من قال إنهم يضمون على كل حال ، سواء بتفريط أم من غير تفريط ، بعموم قوله تعالى :
"فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ"سورة البقرة / آية : 283 .
وقوله تعالى :
" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" . سورة النساء / آية : 58 .
ولكن يُرَدّ على هذا :
بأن العموم في الآيتين مخصوص ـ أي يخصص ـ بما قد ذكرنا . " والعام يُخصص : بأدنى قرينة " كما يقول الأصوليون .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 218 .
oتعقيب :
ــــــــ
من كان المال بيده بغير حق فإنه ضامن لما في يده ، سواء تَلَفَ بتعدٍّ أو تفريط ، أو لا ، لأن يد الظالم يدٌ متعديةٌ .
ويدخل في هذا : الغاصب والخائن في أمانته ، ومَن عنده عينٌ لغيره فَطُلِبَ منه الرد لمالكها ، أو لوكيله ، فامتنع لغير عُذر ، ـ فإن تَلَفَتْ عنده ـ فإنه ضامن مطلقًا .
وكذلك مَن عنده لُقَطةٌ فسكت عليها ، ولم يعرفْها بغير عُذر
ومن حصلَ في دارِه أو يده مالُ غيره بغير إذنه فلم يردَّه ولم يُخبِرْ به صاحبَه لغير عذر ، وما أشبه هؤلاء فكلهم ضامنون ، إذا تَلَفَ ما عندهم .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / ص : 98 .
2 ـ ومما يُلحق بهذه القاعدة أيضًا :
" ما ترتب على المأذون فيه فهو غير مضمون والعكس بالعكس " .
ومن أمثلة هذه القاعدة :
إذا قطع مكلفٌ يد معصوم النفس فأدى ذلك القطع إلى إتلاف نفسه ـ أي موته ـ أو بعض أعضائه مثل الشلل ، فهل تضمن تلك السراية أم لا ؟
الجواب :
إن كان القطع قصاصًا أو حدًّا ، فإن سرايته هدْرٌ ـ أي لا ضمان فيها ـ ، وإن كان القطع جناية ـ أي قطع اليد نتيجة مشاجرة أو ... وكان قصده قطع اليد فقط ـ ضُمِنَت السراية تبعًا للجناية .
ومن ذلك لو وَضَع حجرًا في الطريق ، أو حفر بئرًا فيه ، ثم تلف به إنسان أو حيوان ، فإن كان الحفر ونحوه مأذونًا له فيه ، بأن كان لنفع المسلمين وحفره في مكان آمن وليس في طريق الناس ، ... . لم يضمن ما تلف به .
* فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنه قال " العَجْماءُ جَرْحُها جُبارٌ ، والبئرُ جُبارٌ ، والمعدَنُ جُبارٌ ، وفي الرِّكاز الخُمُسُ " .
صحيح مسلم / ( 29 ) ـ كتاب : الحدود / 11 ـ باب : جرح العجماء والمعدن والبئر جبار / حديث رقم : 45 ـ ( 1710 ) / ص : 445 .
العجماء ---> البهيمة . جرحها : أي جناية البهيمة نهارًا سواء كانت على النفوس أم الأموال فيما فعلته من تلقاء نفسها هدر لا ضمان فيه ، إلا إذا كان معها الراكب أو السائق أو القائد ، وداست شيئًا للغير ، أو جرحت إنسانًا ، ففي هذه الحالة يعتبر ضامنًا ، وكذلك لو أطلقها بقرب ما تتلفه عادة فهو ضامن .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 216 / بتصرف .
جُبار ---> أي هدر لا ضمان فيه .
وإن كان متعديًا فيه ـ أي حفره للتخريب أو ... ، ضَمن .
رد مع اقتباس