عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-23-2018, 06:22 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
Haedphone

*المتن*
وبهذا عُلم ضلال من سَلَبوا أسماءَ اللهِ تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا..وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها .
* الشرح *
هؤلاء المعطلة يقولون : نحن نثبت أسماء الله ، فالله سميع عليم بصير ... لكن بدون إثبات المعنى ، فنقول : " سميع بلا سمع " و" بصير بلا بصر" وهكذا ، فإذا سألناهم عن سبب ذلك قالوا : لأنك إذا قلت إن لله سمعًا وبصرًا وقدرة وقوة وقلت ؛ أن هذه الصفات قديمة؛ لزم تعدد القدماء! وأنت تُنكر على النصارى قولهم:بأن الله ثالث ثلاثة .
وأنت تريد الله أكثر مئات المئات؟
ونحن نقول: هذا القول باطلٌ؛ لأنه لايلزم من تعدد الصفة تعدد الموصوف. وإلا لكُنَّا نحن أيضًا الواحد منا كم يكون؟
كثير بحسب صفاته
-السمع :هو القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيرًا فانتبه له.-
*المتن*
أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" وقال تعالى: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى". ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء3.
وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة4 من الموصوف، حتى يلزمَ من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجودٍ فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود5، أو ممكن الوجود6، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره.
_____________
حاشية لتوضيح معاني الفردات غير موجودة بكتاب الشيخ العثيمين:
1 على الذات : أي على ذات الله
2 متباينة: أي مختلفة عن بعضها
3 - تعدد القدماء : أي تعدد الذات ولعياذ بالله
4 - بائنة : منفصلة
5 - واجب الوجود : أي لم يسبقة عدم ولا يلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق الله جل في علاه ، فهو سبحانه الأول والآخر
6 - ممكن الوجود : أي يسبقة عدم ويلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق المخلوق الفاني الضعيف
* الشرح *

نحن نقول بأن الموجود تتعدد صفاتُه ، ونقول لمن خالفنا : هل تُثبتون أنَّ اللهَ موجودٌ؟ سيقولون: نعم ، نثبت ذلك ، نقول لهم :وكل موجود لابد أن تتعدد صفاتُه ضروري، فمثلا الموجود: فيه صفة الوجود؛ وفيه أيضًا أن وجودَهُ إما ممكن وإما واجب الوجود، وهذه صفة ثانية، ونحن نقول بأن وجودنا نحن من باب الممكن ، وبأن وجود الله-عزوجل- من باب الواجب. ونقول كذلك : الموجود إما أن يكون وجوده عينًا قائمة بنفسها ،أو يكون صفةً في غيره ؛ فالإنسان مثلا : عينٌ قائمٌ بنفسه، وسمع الإنسان وبصره وصفٌ قائمٌ بغيره.
إذًا كل موجود، لابد أن يتصف بهذه الصفات الثلاثة: الوجودية، وكون وجوده واجبًا أوممكنًا ، وكونه عينًا قائمة بنفسها أو وصفًا في غيره. وهذا أمرٌ لايمكن إنكاره.

*المتن*
وبهذا أيضًا علم أن: "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْر"سورة الجاثية، الآية: 24.يريدون مرور الليالي والأيام.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله - عز وجل -: يؤذيني ابنُ آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"رواه البخاري، كتاب التفسير "4826"، ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب "2246".. فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمرُ أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِب "بكسر اللام" هو المقلَب "بفتحها" وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهرُ في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى.
* الشرح *
وهذا خلافًا لابن حزم وبعض العلماء الذين قالوا بأن من أسماء الله"الدهر"!!
ونحن نقول بأن "الدهر" ليس من أسماء الله؛ لماذا؟. لأن "الدهر" اسمٌ جامدٌ بمعنى الوقت والزمن، واللهُ تعالى يقول"وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى" والاسم الجامد: هو الذي لايدل على وصف،ولذلك فليس "الدهر" من الأسماء الحُسنى.
و من تأمل هذا الحديث عَلِمَ أنه ليس مراد النبي-عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن الله عز وجل أن يبين أن "الدهر" من أسماء الله تعالى ، لأن الله بيَّنَ ذلك فقال: "وأنا الدهر بيدي الأمرُ أقلبُ الليلَ والنهار"هذا يعني أن الذين يسبون الدهر فيقولون: هذه سنة جائرة، أو يسبون مايقع فيه مثل قول بعض السفهاء :"هذه عاصفة هوجاء "، أو ما أشبه ذلك مما يُطلقونه على مايخلقه الله-عزوجل- من العواصف والقواصف والنوازل ، فكل أنواع السب هذه محرمة وقد تصل إلى حد الكفر بالله تعالى .
هذا؛ والذين يسبون الدهر لايقع في نفوسهم أنهم يُسبون الله أبدًا،بل إنما يسبون الزمن أوالمكان ،والدليل على ذلك أن الله تعالى قال:"أقلِّبُ الليلَ والنهار"، فالليل والنهار مُقَلبان ، وهما الدهر ،ومعلومٌ أنَّ المُقَلِّب غير المُقَلَّب.
وعلى هذا لو قال قائلٌ:" يادهرُ ارحمني" ؛يجوز؟ لايجوز لأنه إن نوى الدهر ذاته فهو كافرٌ مُشرك ، وإن نوى الله ذاتَه فقد دعا الله بغير اسم من أسمائه الحُسنى، فليس الدهر من أسماء الله الحسنى.
رد مع اقتباس