عرض مشاركة واحدة
  #89  
قديم 09-29-2018, 03:50 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
المتن
وقد ثبتَ في الصحاح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-حديث ُالذي قال لأهله :إذا أنا متُ فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذرُّوني في اليم فواللهِ لئن قَدَرَ اللهُ عليَ ليُعذبني عذابًا ماعذبَهُ أحدًا من العالمين فأمَرَ اللهُ البرَ بردِ ما أخذ منه والبحرَ بردِ ما أخذَ منه وقال:ماحَمَلَكَ على ماصنعتَ؟ قال:خشيتُكَ يارب فغَفَرَ الله له. فهذا شكٌ في قدرةِ اللهِ وفي المِعادِ بل ظنَّ أنه لايعود وأنه لايقدرُ اللهُ عليهِ إذا فَعَلَ ذلكَ وغَفَرَ اللهُ له.وهذه المسائلُ مبسوطة ٌفي غيرِ هذا الموضع. ولكن المقصود هنا أن مذاهبَ الأئمةِ مبينة على هذا التفصيل بين النوع والعين.ولهذا حكى طائفة ٌ عنهم الخلافَ في ذلكَ ولم يفهموا غَوْرَ قولهم.فطائفة ٌ تحكي عن أحمدٍ في تكفيرِ أهلِ البدعِ روايتين مطلقًا حتى تجعل الخلافَ في تكفيرالمرجئةِ والشيعةِ المُفضِّلةِ لعلي وربما رجحت التكفير والخلودِ في النار.وليس هذا مذهبُ أحمد ولاغيرِهِ من أئمةِ الإسلامِ.بل لايختلِفُ قولُهُ إنه لايُكفرُ المرجئة َالذين يقولون:الإيمانٌ قولٌ بلا عمل.ولايُكفِّرُ من يُفضِلُ عليا على عثمان.بل نصوصُهُ صريحة ٌبالامتناع عن تكفيرالخوارج والقدرية وغيرهم وإنما كان يُكفِّرُ الجَهمية َالمنكرين لأسماءِ الله وصفاته لأن مناقضة أقوالِهِم لماجاء به الرسول-صلى الله عليه وسلم-ظاهِرة ٌبيِّنة ٌولأنَّ حقيقة َقولِهم تعطيلُ الخالِقِ. وكان قد اُبتلِيَ بهم حتى عرفَ حقيقة أمرهِم وأنه يدورُ على التعطيلِ.وتكفيرُ الجهمية مشهورٌعن السلفِ والأئمةِ لكن ماكان يُكفِّرُ أعيانهم.فإن الذي يدعوإلى القول أعظمُ من الذي يقولُ بهَ.والذي يُعاقبُ مُخَالِفَهُ أعظمُ من الذي يدعو فقط. والذي يُكفِّرً مُخالِفه أعظمُ من الذي يُعاقبه.ومع هذا فالذين كانوا من ولاة َالأمورِ يقولون بقولِ الجهمية:إنَّ القرآنَ مخلوق وأنَّ اللهَ لايُرى في الآخرة ؛وغير ذلك ويدعونَ الناسَ إلى ذلكَ ويمتحنونهم ويُعاقبونهم إذا لم يُجيبوهم ؛ ويُكفِّرون مَن لم يُجِبْهم حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لايُطلقونه حتى يُقرَّ بقول الجهمية أن القرآن مخلوقٌ وغير ذلك ولا يُوَّلون مُتوليًا ولايُعطون رزقًا من بيتِ المال إلا لمَنْ يقولُ ذلكَ.ومع هذا فالإمامُ أحمدُ-رحمه الله تعالى-ترحمَ عليهم واستغفر لهم لعلمِهِ بأنهم لم يُبيَّنَ لهم أنهم مُكذِبون للرسول- صلى الله عليه وسلم-ولا جاحدون لما جاء به؛ ولكن تأوَّلوا فأخطئوا وقلدوا مَنْ قال لهم ذلك. وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال:القرآنُ مخلوقٌ:كفرتَ باللهِ العظيم.بيَّنَ له أن هذا القولَ كفرٌ ولم يحكم بردَةِ حفصٍ لمجردِ ذلك لأنه لم يتبين له الحُجة ُالتي يكفر بها؛ ولواعتقدَ أنه مُرتدٌ لسعى في قتلهِ. وقد صرحَ في كُتبِهِ بقبول شهادةِ أهل الأهواءِ والصلاةِ خلفهم. وكذلك قال مالكٌ-رحمه الله- والشافعيُ وأحمدُ في القدريّ:إنَّ جَحْدَ عِلمَ اللهِ كفرٌ.ولفظ ُبعضِهم.ناظِروا القدرية َبالعلم فإن أقروا بها خُصِموا وإن جحدوه كفروا وسُئلَ أحمدُ عن القدري هل يكفر؟ فقال:إنَّ جَحدَ العلمِ كفرٌ.وحينئذٍ فجاحِدُ العلم هو من جنس الجهمية ؛وأما قتلُ الداعيةِ إلى البدع ؛فقد يُقتلُ لكفِ ضررهُ عن الناس كما يقتلُ المحاربُ وإن لم يكن في نفس الأمر كافرًا. فليس كل مَنْ أُمِرَ بقتله يكونُ قتلهُ لردته ؛وعلى هذا فقتلُ عليان القدري وغيرَهُ قد يكونُ على هذا الوجه وهذه المسائلُ مبسوطة ٌفي غير هذا الموضوع وإنما نبهنا عليها تنبيهًا.
الشرح
على كل حال الكلام جيدٌ جدًا ومفيدٌ.
تم بحمد الله

انتهى الشريط التاسع والأخير
رد مع اقتباس