عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 02-28-2017, 02:39 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Mice2

المجلس التاسع عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
تابع :فريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السعيرِ
النجاشي ملك الحبشة رضي الله عنه
فأول من أسلم من ملوك العجم هو أصحمة بن أبحر النجاشي أسلم رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في "الإصابة في تمييز الصحابة": أصحمة بن أبحر النجاشي ملك الحبشة، واسمه بالعربية عطية ، والنجاشي لقب له، أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه، وكان ردءا للمسلمين، نافعا، وقصته مشهورة في المغازي، في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام، وأخرج أصحاب الصحيح قصة صلاته صلى الله عليه وسلم (عليه) صلاة الغائب من طرق. (1/205).
هنا .
النجاشي وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ مَلِكُ الْحَبَشَةِ . مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَانَ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَلَمْ يُهَاجِرْ ، وَلَا لَهُ رُؤْيَةٌ ، فَهُوَ تَابِعِيٌّ مِنْ وَجْهٍ ، صَاحِبٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَائِبِ [ ص: 429 ] وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَائِبٍ سِوَاهُ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ قَوْمٍ نَصَارَى ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ كَانُوا مُهَاجِرِينَ عِنْدَهُ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ مُهَاجِرِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَامَ خَيْبَرَ . سير أعلام النبلاء

لما تولى النجاشي الملك.. وبعد سنوات من حكمه، انتشر عدله، وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان، وسمع بذلك المسلمون في مكة، فهاجروا إليه فرارًا بدينهم من أذى المشركين واضطهادهم.. لكن الكفار لم يتركوهم يهنئون في دار العدل والأمان، فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص، وهو داهية العرب، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا العظيمة حتى يسلمهما المسلمين الذين جاءوا يحتمون به، ودخل عمرو، وعبد الله، وقدَّما الهدايا إلى النجاشي، وطلبا منه أن يسلمهما المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.

ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَدَعَاهُمْ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ ، اجْتَمَعُوا ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا ، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ . فَلَمَّا جَاءُوهُ ، وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ ، فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ ، سَأَلَهُمْ فَقَالَ : مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ ؟ قَالَتْ : وَكَانَ الَّذِي يُكَلِّمُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّا كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ; نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ . فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ .
فَعَدَّدَ لَهُ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا [ ص: 433 ] نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ .
فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ : إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ . انْطَلِقَا ، فَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ .
سير أعلام النبلاء
ثم رد عليهما الهدايا. وعاش المؤمنون في أمان على أرض الحبشة وحفظ لهم النجاشي حقهم. وأسلم النجاشي وشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فعن أبي موسى الأشعري:
"أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ أن ننطلقَ معَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ إلى أرضِ النَّجاشيِّ ، قالَ فبلغَ ذلِكَ قومَنا فبعثوا عَمرَو بنَ العاصِ وعمارةَ بنَ الوليدِ وجمَعوا للنَّجاشيِّ هديةً ، فقَدِمنا وقَدِما علَى النَّجاشيِّ ، فأتَوهُ بِهَديَّتِهِ فقبِلَها وسجدوا ثمَّ قالَ لَهُ عَمرُو بنُ العاصِ : إنَّ قومًا منَّا رغِبوا عن دينِنا وَهُم في أرضِكَ . فقالَ لَهُمُ النَّجاشيُّ : في أرضي ؟ قالوا : نعم . فبعثَ إلينا فقالَ لَنا جعفرٌ : لا يتَكَلَّمُ منكُم أحدٌ أَنا خطيبُكُمُ اليومَ . قال فانتَهَينا إلى النَّجاشيِّ وَهوَ جالسٌ في مَجلسِهِ وعَمرُو بنُ العاصِ عن يمينِهِ وعمارةُ عن يسارِه ، والقسِّيسونَ والرُّهبانُ جلوسٌ سماطينِ ، وقد قال لهُ عمرو بنُ العاصِ وعمارةُ : إنَّهم لا يسجدونَ لَكَ . قال فلمَّا انتَهَينا زَبَرَنا قالَ مَن عندَهُ منَ القسِّيسينَ والرُّهبانُ : اسجدوا للملِكِ . فقالَ جعفرٌ : لا نسجدُ إلَّا للَّهِ فلمَّا انتَهَينا إلى النَّجاشيِّ قالَ : ما يمنعُكَ أن تسجُدَ ؟ قالَ : لا نسجُدَ إلَّا للَّهِ قالَ لَهُ النَّجاشيُّ : وما ذاكَ ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ بعثَ فينا رسولَهُ ، وَهوَ الرسولُ الَّذي بَشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فأمرَنا أن نعبدَ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا ، ونقيمَ الصَّلاةَ ، ونُؤْتيَ الزَّكاةَ ، وأمرَنا بالمعروفِ ، ونَهانا عنِ المنكرِ . قالَ : فأعجبَ النَّجاشيَّ قولُهُ ، فلمَّا رأى ذلِكَ عَمرو بنُ العاصِ قال : أصلحَ اللَّهُ الملِكَ ، إنَّهم يخالفونَ في ابنِ مريمَ . فقالَ النَّجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُكَ في ابنِ مريمَ ؟ قالَ : يقولُ فيهِ قَولَ اللَّهِ هوَ روحُ اللَّهِ وَكَلمتُهُ أخرجَهُ منَ البتولِ العذراءِ الَّتي لم يَقربَها بشرٌ قالَ : فتَناولَ النَّجاشيُّ عودًا منَ الأرضِ ، فقالَ : يا معشرَ القسِّيسينَ والرُّهبانَ ، ما يزيدُ ما يقولُ هؤلاءُ علَى ما تقولونَ في ابنِ مريمَ ما يزنُ هذِهِ ، مرحبًا بِكُم وبمَن جئتُمْ من عندِهِ ، فأَنا أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ والَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ ، لَولا ما أَنا فيهِ منَ المُلكِ لأتَيتُهُ حتَّى أحملَ نعلَيهِ ، امكثوا في أرضي ما شئتُمْ وأمرَ لَنا بطعامٍ وَكِسوةٍ ، وقالَ : ردُّوا علَى هذَينِ هديَّتَهما . ....."
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة-الصفحة أو الرقم: 104 | خلاصة حكم المحدث : صحيح . ورجاله رجال الشيخين
الدرر السنية .


"لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين ، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم ، فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم . قالت : فخرج فقدم على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ، ثم قالا لكل بطريق منهم : إنه قد صبأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردهم إليه فإذا كلمنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فقالوا لهما : نعم ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له : أيها الملك إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه . قالت : ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم . فقالت بطارقته حوله : صدقوا أيها الملك ، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليه فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم . قال : فغضب النجاشي ثم قال : لا ها الله ايم الله إذا لا أسلمهم إليهما ، ولا أكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم . فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، ورددتهم إلى قومهم . وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني . قالت : ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول له والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟ قالت : فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له : أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، و أمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . قال : فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله . وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم . فقال له النجاشي : فاقرأ علي . فقرأ عليه صدرا من كهيعص . قالت : فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم . ثم قال النجاشي : إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد . قالت أم سلمة : فلما خرجنا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأنبئنهم غدا عيبهم عندهم ثم أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا : لا تفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا . قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد . قالت : ثم غدا عليه الغد . فقال له : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه . قالت : فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت : ولم ينزل بنا مثله ، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول والله فيه ما قال الله ، وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن . فلما دخلوا عليه قال لهم : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ فقال جعفر بن أبي طالب : نقول فيه الذي جاء به نبينا . هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول . قالت : فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال : ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود . فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ! اذهبوا فأنتم سيوم بأرض –والسيوم الآمنون - من سبكم غرم ، ثم من سبكم غرم . فما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت رجلا منكم – والدبر بلسان الحبشة الجعل – ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه . قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار . قالت : فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه . قالت : فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه . قالت وسار النجاشي وبينهما عرض النيل . قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر . قالت فقال الزبير بن العوام أنا . قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم . قالت ودعونا الله – للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده . واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو بمكة"الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة-الصفحة أو الرقم: 96 | خلاصة حكم المحدث : حسن - الدرر السنية .
* - بلغَنَا مخْرَجُ النبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ ونحنُ باليمنِ ، فخرجنا إليهِ أنا وأَخَوانِ لي أنا أصغَرُهُم ، أحدُهُما أبو بُرْدَةَ والآخرُ أبو رُهْمٍ ، إما قال : في بضعِ ، وإما قال : في ثلاثةِ وخمسينَ ، أو : اثْنَينِ وخمسينَ رجلاً في قومي ، فركِبْنا سفينةً ، فألْقَتنا سفينَتُنا إلى النجاشيِّ بالحبَشةِ ، فوافَقنا جعفرَ بنَ أبي طالبٍ ، فأقَمنا معه حتى قدِمنا جميعًا ، فوافَقنا النبيَّ _صلى الله عليه وسلم_ حين افتَتَحَ خيبرَ ، وكان أناسٌ مِنَ الناسِ يقولون لنا يعني لأهلِ السفينةِ : سبَقناكم بالهِجرةِ . ودَخلت أسماءُ بنتُ عُميسٍ ، وهي مِمن قدِم معنا ، على حفصةَ زوجِ النبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ زائرةً ، وقد كانت هاجرت إلى النجاشيِّ فِيمَن هاجرَ ، فدخل عمرُ على حفصةَ وأسماءُ عِندَها ، فقال عمرُ حين رأى أسماءَ : مَن هذه ؟ قالت : أسماء ُبنتُ عُمَيسٍ ، قال عمرُ : آلحبشيةُ هذه ، آلبحريةُ هذه ؟ قالت أسماء ُ: نعم ، قال : سبَقناكم بالهجرةِ ، فنحن أحقُّ برسولِ اللهِ منكم ، فغضبتْ وقالت : كلاَّ واللهِ ، كنتم مع رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ يُطعمُ جائِعكُم ، ويَعظُ جاهِلَكُم ، وكنا في دارِ - أو في أرضِ - البُعَداءِ البُغَضاءِ بالحبشةِ ، وذلك في اللهِ ورسولهِ _صلى الله عليه وسلم_ ، وايمُ اللهِ لا أطْعَمُ طعامًا ولا أشربُ شرابًا ، حتى أذكرَ ما قلتُ لرسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ ونحن كنا نُؤذى ونخافُ ، وسأذكرُ ذلك للنبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ وأسألُه واللهِ ولا أكذبُ ولا أزيغُ ولا أزيدُ عليه . فلما جاء النبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ قالت : يا نبيَّ اللهِ إن عمرَ قال كذا وكذا ؟ قال : ( فما قُلتِ له ) . قالت : قلتُ له كذا وكذا ، قال : ( ليس بأحقَّ بي منكم ، وله ولأصحابهِ هجرةٌ واحدةُ ، ولكم أنتم - أهلَ السفينةِ - هجرتان ) . قالت : فلقد رأيتُ أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا ، يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم . قال أبو بردة : قالت أسماء : رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني .
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4230 - خلاصة حكم المحدث :صحيح- الدرر.
قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال: مرحباً بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئاً؟
قال: قلت : نعم أيها الملك ، قد أهديت لك أُدُماً كثيراً.
قال: ثم قدمته إليه ، فأعجبه واشتهاه .
ثم قلت: أيها الملك ، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وأعزتنا .
قال: فغضب ، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها خوفا منه
ثم قلت له: أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه.
فقال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله ؟!
قال: قلت: أيها الملك ، أكذاك هو ؟
قال: ويحك يا عمرو ، أطعني واتبعه ، فإنه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده .
قال: قلت: أتبايعني له على الإسلام ؟ قال: نعم . فبسط يده ، فبايعته على الإسلام.
ثم خرجت على أصحابي ، وقد حال رأيي عما كان عليه ، فكتمت أصحابي إسلامي.
ثم خرجت عامدًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامي ، فلقيت خالد بن الوليد ، وذلك قبيل الفتح ، وهو مقبل من مكة ، فقلت: أين يا أبا سليمان؟
قال: والله لقد استقام المنسم ، وان الرجل لنبي ، أذهب والله أُسْلِمُ فحتى متى؟
قال: قلت: فأنا والله ما جئت إلا للإسلام .

قال: فقدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبابع ، ثم دنوت ، فقلت: يا رسول الله ، إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولا أذكر ما تأخر .

قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عمرو ، بايع ، فان الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)). قال: فبايعت ، ثم انصرفت.

ملتقى أهل الحديث

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-28-2017 الساعة 04:33 PM
رد مع اقتباس