عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 12-27-2016, 01:59 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
المجلس الحادي عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
تابع لا عيش إلا عيش الآخرة
- نجا أوَّلُ هذِهِ الأمَّةِ باليقينِ والزهدِ ، ويَهْلِكُ آخرُها بالبخلِ والأمَلِ.الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 6746 - خلاصة حكم المحدث : حسن .الدرر السنية .

زهد وورع عمر بن الخطاب
كنيته :
أبو حفص ، وهي كُنية ، وليس له ولد بهذا الاسم .

  • الحَفْصُ : الشِّبْلُ
  • أبو حَفْصٍ : كُنْيَةُ الأسَد . هنا .
  • "إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ "وقالَ ابنُ عمرَ: ما نزلَ بالنَّاسِ أمرٌ قطُّ فقالوا فيهِ وقالَ فيهِ عمرُ أو قالَ ابنُ الخطَّابِ فيهِ - شَكَّ خارجةُ - إلَّا نزلَ فيهِ القرآنُ على نحوِ ما قالَ عمرُ".
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3682 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية .
وحقيقة زهد عمر بن الخطاب إيجابية، فقد ترك كل شيء لا ينفع في الدار الآخرة، فلم يكن الزهد عنده يعني الانقطاع عن الدنيا بترك الأهل، والمال، والأولاد، فليس كل ذلك من الزهد في شيء، والإسلام منه براء.
بل زَهَدَ عمرُ في الدّعَةِ1 والراحةِ، فاجتهد في جهاد الفرس والروم، حتى صار أهل الإسلام سادة الدنيا كلها، وانتشر الإسلام في ربوع المعمورة.
1يَعِيشُ فِي دَعَةٍ : فِي رَغْدِ عَيْشٍ ، رَاحَةٍ ، سَكِينَةٍ.هنا.
يقول طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأولنا إسلامًا، ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.

لماذا زهدَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه في الدنيا
لقد فهم عمر رضي الله عنه من خلال معايشته للقرآن الكريم، ومصاحبته للنبي الأمين صلى الله عليه وسلم ومن تفكره في هذه الحياة بأن الدنيا دار اختبار وابتلاء، وعليه فإنها مزرعة للآخرة، ولذلك تحرر من سيطرة الدنيا بزخارفها، وزينتها، وبريقها، وخضع وانقاد وأسلم نفسه لربه ظاهرًا وباطنًا.

إسلام عمربن الخطاب رضي الله عنه وزهده في الشرك وأهله
3652 - قال البخاري في صحيحه :حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ "

صحيح البخاري - كِتَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ - زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت قال لا سبيل إليك بعد أن قالها أمنت . هنا .
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3865 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
الدرر السنية .
*وعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قال : بينما هو في الدَّارِ خائفًا، إذ جاءه العاصِ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ أبو عَمْرٍو، عليه حُلَّةُ حِبَرَةٍ وقَميصٌ مَكْفُوفٌ بحَرِيرٍ، وهو من بني سَهْمٍ، وهم حُلَفاؤُنا في الجاهليةِ، فقال له: ما بالُكَ؟ قال: زعَم قومُكَ أنهم سيقتُلوني إن أسلَمْتُ، قال: لا سبيلَ إليكَ، بعدَ أن قالها أمِنْتُ، فخرَج العاصِ فلَقيَ الناسَ قد سال بهمُ الوادي، فقال: أينَ تُريدون؟ فقالوا: نُريدُ هذا ابْنَ الخَطَّابِ الذي صَبَا، قال: لا سبيلَ إليه فكَرَّ الناسُ.
الراوي : زيد بن عبدالله - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3864 - خلاصة حكم المحدث صحيح.الدرر السنية .

* وهُم حُلفاء في الجاهِليَّةِ: مِن الحِلفِ وهو المُعاقَدةُ والمُعاهَدة على التَّعاضُدِ والتَّساعُد،
العاصِ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ كان مُطاعًا في قومِه، فخَرَجَ العاصُ فلَقِيَ النَّاسَ قد سَالَ، أي: امتلَأَ بهِم الوادي، أي: وادي مَكَّةَ، فقالَ العاصُ: أين تُريدون؟ فقالوا: نُريد هذا ابنَ الخَطَّابِ عُمَرَ الَّذي صَبَأَ، أي: خَرَجَ عن دِينِ آبائِه، قالَ العاصُ: لا سَبيلَ لكُم إلَيه فكَرَّ النَّاسُ، أي: رَجَعوا.
وفي هذا الحديثِ:
أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى يَمنَعُ عَبدَه المُسلمَ بما شاءَ، ويَجعَل صونَه بيدِ عدوِّه، ويَرُدُّ عنه الأذى بمكانِ خَصمِه.
*ومما يدل على زهده رضي الله عنه قبل الخلافة ما رواه البخاري في صحيحه

أن عبدَاللهِ بنَ السَّعْديِّ أنه قَدِمَ على عمرَ في خلافتِه ، فقال له عمرُ: ألم أُحدَّثْ أنك تَلي من أعمالِ الناسِ أعمالا,ً فإذا أُعطيتَ العُمالَةَ كرِهتَها ؟ فقلتُ: بلى ، فقال عمرُ: ما تريدُ إلى ذلك ؟ فقلتُ: إن لي أفْراسًا وأعْبُدًا, وأنا بخيرٍ ، وأريدُ أن تكونَ عُمالتي صدقةً على المسلمين . قال عمرُ: لا تفعلْ ، فإني كنتُ أردتُ الذي أردتَ ، فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعطيني العطاءَ ، فأقولُ: أعطِه أفقرَ إليه مني ، حتى أعطاني مرةً مالاً ، فقلتُ: أعطِه أفقرَ إليه مني، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: خُذْه ، فتموَّلَه ، وتصدَّقَ به ، فما جاءكَ من هذا المالِ وأنت غيرُ مُشْرِفٍ ولا سائلٍ فَخُذْه ، وإلا فلا تُتْبِعْه نفسكِ .الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7163 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية .
الشرح
قَدِمَ عبدُ اللهِ بنُ السَّعديِّ على عَمرَ بنِ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه، وقد كان ابنُ السَّعدِيِّ تولَّى لِلنَّاسِ أعمالًا، يعني: كالقضاءِ والوِلايةِ وغيرِها، وكان لا يَأخذُ على ذلك أجرًا، فقال له عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: ما قَصدُك مِن عدَمِ أخْذِك الأجرَ على ما تقومُ به مِن أعمالٍ لِلنَّاسِ تَستحقُّ عليها الأجرَ؟ فقال ابنُ السَّعديِّ: «إنَّ لي أفراسًا وأعبُدًا, وأنا بخيرٍ، وأريدُ أن تكونَ عِمالتي صَدقةً على المسلِمين»، يعني: أنَّه له مِنَ المالِ ما يَكفيه مِنَ الأفراسِ، وهو جمْعُ فرَسٍ، والأعبُدُ، وهو جمع عَبْدٍ، فلمَّا كان له مِنَ المالِ ما يَكفيه أرادَ أنْ تكونُ عِمالتُه وما يقومُ به صدقةً على المسلمينَ، فقال له عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: لا تَفعلْ؛ فإنِّي كنتُ أردْتُ الَّذي أردتَ، فكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعطيني العَطاءَ، فأقولُ: أعْطِه أفقرَ إليه مِنِّي، حتَّى أعطاني مرَّةً مالا، فقلتُ: أعطِهْ أفقرَ إليه مِنِّي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «خُذْهُ، فتمولَّهْ، وتصدَّقْ به»، يعني: تملَّكْ هذا المالَ الَّذي هو حقُّك ثُمَّ تصدَّقْ به على مَن شِئتَ إنْ أردتَ ذلك؛ لأنَّه إذا ملَكَ المالَ وتصدَّقَ به طيِّبةً به نفسُه كان أفضلَ مِنَ التَّصدُّقِ به قَبْلَ قبضِه؛ لأنَّ الَّذي يحصُلُ بيدِه هو أحرصُ عليه مِمَّا لم يَدخُلْ في يدِه، «فما جاءَك مِن هذا المالِ وأنتَ غيرُ مشُرفٍ ولا سائلٍ فخُذْه، وإلَّا فلا تتُبِعْه نفسَك»، يعني: إذا جاءَك المالُ وأنتَ غيرُ طامعٍ ولا سائلٍ له، فخُذْه ولا تردَّهُ، وإنْ لم يجئِ إليكَ فلا تطلبْه بَلِ اتركْه.
وفي الحديث: فَضلُ عُمرَ رضِي اللهُ عنه وزُهدُه وإيثارُه وكذا ابن السَّعديِّ؛ فقدْ طابَقَ فِعلُه فِعْلَ عُمرَ.
وفيه: ذمُّ التَّطلُّعِ إلى ما في أَيدي الأَغنياءِ والتشوُّفِ إلى فُضولِه وأخْذِه منهم، وأنَّها حالةٌ مذمومةٌ تدلُّ على شِدَّة الرَّغبةِ في الدُّنيا والرُّكونِ إلى التوسُّعِ فيها.

الدرر السنية .
وقد واسى عمر رضي الله عنه الناس بنفسه، فحرمها من الطعام الذي لا يجده الناس. قال أنس بن مالك رضي الله عنه "تقرقر بطن عمر وكان يأكل الزيت عام الرمادة، وكان حرم عليه السمن، فنقر بطنه بأصبعه. وقال: تقرقر تقرقرك إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس"
رواه ابن سعد: الطبقات 3/313-315، عبد الرّزّاق: المصنف 11/223. صحيح من طريق ابن سعد. قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن ثابت البناني عن أنس بن مالك ... هنا
- أُتِيَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ يومًا بطعامِهِ ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وكان خيرًا مِنِّي ، فلم يوجدْ لهُ ما يُكَفَّنُ فيهِ إلا بُرْدَةً ، وقُتِلَ حمزةُ ، أو رجلٌ آخرَ ، خيرٌ مِنِّي ، فلم يوجد لهُ ما يُكَفَّنُ فيهِ إلَّا بُرْدَةً ، لقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلَتْ لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ، ثم جعل يبكي .الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1274 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 6860 . الدرر السنية .

كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بِدايةِ الأمرِ في ضِيقٍ مِنَ العيشِ، فكانوا أبعَدَ ما يكونونَ عَن زينةِ الحياةِ الدُّنْيا، وفي هذا الحديث يذكُرُ عبْدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضِي اللهُ عنه ما كان عليه أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ضِيقِ الحالِ والتَّقلُّلِ مِنَ الدُّنيا، وكان قد أُوتِيَ بِطعامٍ وهو صائمٌ، فقال: قُتلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيرٍ وهو خيرٌ مِنِّي؛ كُفِّنَ في بُردَةٍ إنْ غُطِّيَ رأسُه بدَتْ رِجلاه، وإنْ غُطِّيَ رِجلاه بدَا رأسُه، يعني: كُفِّنَ في ثوبٍ لم يكنْ يَكفِيه، فكانوا إذا وضَعوه على رأسِه ظهرَتْ رِجلاه، وإنْ وضَعوه على رِجلَيْه ظهرَتْ رأسُه، ثُمَّ قال: وقُتِلَ حمزةُ وهو خيرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لنا مِنَ الدُّنيا ما بُسِطَ، يعني: فُتِحتْ علينا البُلْدانُ وزادَ المالُ، وقد خشِينا أنْ تكونَ حسناتُنا عُجِّلتْ لنا، أي: أَخَذْنا بما عَمِلْنا مِنَ الحسناتِ في الدُّنيا، فعُجِّلتْ إليهم ولم يَدَّخِروها إلى الآخرةِ، ثُمَّ جَعلَ يَبكي حتَّى تركَ الطَّعامَ.
وفي الحديثِ: فضلُ عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضِي اللهُ عنه، وفِطنتِه؛ فإنَّ الفَطِنَ مَن حاسَبَ نفسَهُ قبْلَ أنْ يقِفَ لِلحسابِ أمامَ الْمَولى سبحانه وتعالى.
وفيه: فَضلُ حمزةَ ومُصعبٍ رضي الله عنهما.
الدرر السنية .
أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أُتِيَ بطعامٍ ، وكان صائمًا ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ : إن غُطِّيَ رأسُهُ بدتْ رجلاهُ ، وإن غُطِّيَ رجلاهُ بدا رأسُهُ . وأُرَاهُ قال : وقُتِلَ حمزةُ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ ، أو قال : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينَا ، وقد خشينا أن تكونَ حسناتنا عُجِّلَتْ لنا ، ثم جعل يبكي حتى تركَ الطعامَ .
الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1275 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية .


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-10-2017 الساعة 03:14 AM
رد مع اقتباس