عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 08-09-2010, 07:05 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
قلوب المحبين

إن قلوب المحبين لها عيون ترى ما لا

يراه الناظرون،


فكل حركة وسكنة في هذا الكون تذكرهم بالله


والدار الآخرة،فتعلوا هممهم إلى مزيد من


القرب من مولاهم رب الأرض والسماوات،


وتزيد رغبتهم فيما عند ربهم الكريم الذي

يجازي على الإحسان إحسانًا،

هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ . فَبِأَيِّ
آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)


الرحمن:60-61



لا تغفل قلوبهم عن يوم التلاقي


فهم متى لامست وجوههم نسمات السحر وذاقوا
برده ؛تذكُّروا الجنة ونسيمها فصبروا على ألم
العبادة واحتسبوه


وأعين المحبين ترى من الحرِّ ما لا تراه أعين الغافلين

فالغافلون لا يرون من الحرإلا الألم والعطش، والتأفف،



والتطلع إلى انتهاء النهار،



فحيث يشتد العطش بالصائمين، ويزداد

نصبهم بطول النهار،


وإن كانت قلوب كثير من الناس معلَّقة بوقت

الإفطار والتفكير في ألم العطش؛

فإن المحبين لهم شأن آخر؛

ففضلاً عن تذكرهم أحوال الآخرة والموقف
بين يدي الله، والموقف يوم تدنو الشمس من الرؤوس،

ويشتد الظمأ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛

فإنهم يعلمون علم اليقين أن الجزاء من جنس العمل

" هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ "

فمن ذاق حلاوة الطاعة هان عليه الألم

ومن زاد شوقه تلذذ بظمإ الهواجر وجوع النهار الطويل، فالفرق كبيرٌ والبون شاسعٌ بين من صام في حرِّ الصيف ولم يعرف من صومه إلا الجوع والعطش،

ومن صام وذاق لذة ظمإ الهواجر


فهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه,كما قال تعالى في المجاهدين :


"مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "


التوبة ()




فلنعزم على الفوز ، والفرار من النار،وإذا لم


نفز في هذا الشهر المبارك فأنى لنا الفوز ،


فلا تغتر بحلاوتها الزائفة
منقول بتصرف

كيف نحقق هذا وما معيار الفوز

نعيش مع سلفنا الصالح لحظات نسترشد بسلوكهم للفوز في الدارين


حيـن خَلُصَـت نفـوس المؤمنيـن بـ
" لا إله إلا الله " مـن ألـوان الشـرك المختلفـة ، فقـد حـدث فـي نفوسـهم تحـول هائـل
كأنـه ميـلاد جديـد


لـم يكـن مجـرد التصديـق ، ولا مجـرد الإقـرار . لقـد كـان كأنـه إعـادة ترتيـب ذرات نفوسـهم علـى وضـع جديـد ، كمـا يعـاد ترتيـب الـذرات فـي قطعـة الحديـد ، فتتحـول إلـى طاقـة مغناطيسـية كهربائيـة ، كـان الاهتـداء إلـى " الحـق " هائـل الأثـر فـي كـل جوانـب حياتهـم .


لقـد صـارت " لا إله إلا الله " هـي مفتـاح التجمـع والافتـراق ، هـي الربـاط الـذي
يربـط القلـوب التـي آمنـت بهـا ،
ويفصـل بينهـا وبيـن غيرهـا مـن القلـوب .


ـ ولـم ينحصـر مفهـوم " لا إله إلا الله " فـي حسـهم فـي نطـاق الشـعائر التعبديـة وحدهـا ، كمـا انحصـر فـي حـس الأجيـال المتأخـرة التـي جـاءت بفهـم للإسـلام غريـب عن الإسـلام .


إن شـعائـر التعبـد لا يمكـن بداهـةً أن تكـون هـي كـل " العبـادة " المطلـوبـة مـن الإنســان .


فمـا دامـت غايـة الوجـود الإنسـاني كمـا تنـص الآيـة الكريمـة ، محصـورة فـي عبـادة الله .


{ وَمَـا خَلَقْـتُ الْجِـنَّ وَالإِنـسَ إِلاَّ لِيَعْبُـدُونِ } . سورة الذاريات / آية : 56 .



فأنـى يستطيـع الإنسـان أن يوفـي العبـادة المطلوبـة بالشعـائر التعبديـة فحسـب ؟


كـم تستغـرق الشعـائر مـن اليـوم والليلـة ؟ وكـم تستغـرق مـن عمـرالإنسـان ؟


وبقيـة العمـر؟ وبقيـة الطاقـة ؟ وبقيـة الوقــت ؟ أيـن تُنفَـق ، وأيـن تذهــب ؟


ـ كـان فـي حسـهم أن حياتهـم كلهـا عبــادة ، وأن الشعـائر إنمـا هـي لحظـات مركـزة ، يتــزود الإنسـان فيهـا بالطاقـة الروحيـة
التـي تعينـه علـى أداء بقيـة العبــادة
المطلوبـة منـه .


كانـوا يقومـون بالعبـادة وهـم يمارسـون الحيـاة فـي شتَّـى مجالاتهـا ، كانـوا يذكـرون الله فيسـألون أنفسهـم : هـل هـم فـي الموضـع الـذي يُرضـي الله ، أم فيمـا يُسـخط الله ؟ !


فإن كانـوا فـي موضـع الرضـى حمـدوا الله ، وإن كانـوا علـى غيـر ذلـك اسـتغفروا الله وتابـوا إليـه .


ـ وكانـوا يذكـرون اللـه ، فيسـألون أنفسـهم : مـاذا يريـد الله منـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !


أي : مـا التكليـف المفـروض علينـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !


§ إذا كـان التكليـف : { ... وَعَاشِـرُوهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... } . سورة النساء / آية : 19 .


كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بهـذا الواجـب الـذي أمـر بـه الله تجـاه الزوجـات .


وإذا كـان التكليـف : { ... قُـوا أَنفُسَـكُمْ وَأَهْلِيكُـمْ نَـاراً ... } . سورة التحريم / آية : 6 .


كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بتربيـة الأهـل والأولاد علـى النهـج الربانـي الـذي يضبـط سـلوكهم بالضوابـط الشـرعية .


وإذا كـان التكليـف : { ... فَامْشُـوا فِـي مَنَاكِبِهَـا وَكُلُـوا مِـن رِّزْقِـهِ وَإِلَيْـهِ النُّشُـورُ } .


سورة الملك / آية : 15 .


كـان مقتضـى ذكـر الله ، هـو المشـي في مناكـب الأرض وابتغـاء رزق الله في حـدود الحـلال الـذي أحلَّـهُ الله ، لأنـه إليـه النشـور فيحاسـب النـاس علـى مـا اجترحـوا في الحيـاة الدنيـا .



وهكـذا ؛ فقـد فهمـوا أن الصـلاةَ والنُّسُـك ( أى : الشـعائر ) إنمـا هـي المنطلـق
الـذي ينطلـق منـه الإنسـان ليقـوم ببقيـة العبـادة التـي تشـمل

الحيـاة كلهـا ، بـل المـوت كذلـك .


فالشـعائر مجـرد محطـات شـحن للانطـلاق



إلـى بقيـة العبـادة ، ويشمـل ذلـك المـوت


المـوت فـي حـد ذاتـه لا يمكـن أن يكـون عبـادة بطبيعـة الحـال ، لأنـه لا خيـار للإنسـان فيـه ... ولكـن المقصـود فـي قولـه تعالـى :



{ ... وَمَحْيَـايَ وَمَمَاتِـي للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ *


لاَ شَـرِيكَ لَـهُ ... } .


سورة الأنعام / آية : 162 ، 163


هـو أن يمـوت الإنسـان غيـر مشـرك بالله ، وذلـك هـو الحـد الأدنـى الـذي يكـون بـه الإنسـان ( فـي موتـه ) عابـدًا لله ، أمـا الحـد الأعلـى فهـو أن يكـون موتُـه فـي سـبيل الله


هذا حالهم في حياتهم كلها


فما بالنا في رمضان


لقد كان السلف الصالح يهتمون برمضان اهتماماً بالغاً،


ويحرصون على استغلاله في الطاعات والقربات، كانوا سباقين


إلى الخير، تائبين إلى الله من الخطايا في كل حين، فما من مجال من مجالات البر إلا ولهم فيه اليد الطولى، وخاصة في مواسم الخيرات،


عن السائب بن يزيد قال أمر عمر أبي بن كعب وتميمًا الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر .
رواه مالك وصححه الشيخ الألباني في : مشكاة المصابيح /ج1 / كتاب الصلاة /الفصل الثالث /
حديث رقم :1302



وأما المِئُون، فهي السور التي يقترب عدد آياتها من المائة أو تزيد.

المِئِين

وقد كان للسلف في كل باب من أبواب القربات أوفر الحظ، وكانوا يحفظون صيامهم من الضياع في القيل والقال وكثرة السؤال . لذا تجد ;كثيراً منهم قد لازم المسجد ليحفظ صيامه وينقطع عن الناس ويتفرغ للعبادة


وكانوا حريصين على استثمار أوقاتهم ، واغتنام ساعات الليل والنهار. وكان أحدهم أشح على وقته من صاحب المال على ماله . قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.


وقال ابن القيم رحمه الله :إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها


وخلاصة حال السلف في رمضان:


الإمساك عن تعاطي جميع المفطرات الحسية والمعنوية، وفعل ما يرضي الله، يحتسبون نومتهم كما يحتسبون قومتهم، يتنافسون في الطاعات والقربات، ويفرون من مقاربة المعاصي والسيئات، يحفظون صيامهم من جميع المفطرات، يعملون بكتاب الله وسنة رسوله، ويوصي بعضهم بعضاً بألا يكون يوم صوم أحدهم كيوم فطره، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".فلا بد أن نذكر أنفسنا بشيء من حياتهم، حتى يزداد إيماننا، وتقوى صلتنا بخالقنا، وحتى تقوى عزائمنا، وتشحذ هممنا، فنقتدي بهم -نرجو من الله ذلك-.

نسأل الله أن يجعلنا متأسين بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مهتدين بهديه ، نسير على ما سار عليه صالحوا سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان . وأن يستعملنا في طاعته، ويجنبنا معصيته، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقنا لقيام رمضان وصيامه إيماناً واحتساباً ويتقبله منا، ويجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، وأن يعلي هممنا، ويقينا شرور أنفسنا. آمين اللهم آمين.


منقول من عدة مصادر بتصرف




التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-24-2016 الساعة 05:34 AM
رد مع اقتباس