عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 09-30-2013, 08:21 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
مجلس 27
24 ذو القعدة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها

المثال الخامس، والسادس: قوله - تعالى - في سورة الحديد (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم)(143). وقوله في سورة المجادلة: (وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا)(144).
شرح الشيخ العثيمين:
يقول الله تعالى:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَايَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ".
الآية 4 من سورة الحديد (وهي السورة رقم 57 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 538 والجزء 27 والربع الثالث من الحزب 54 .


فقال أهلُ التأويل
:إن ظاهر الآية أنَّ اللهَ معنا بذاته وأنتم تقولون:إنَّ اللهَ معنا بعلمه فأخرجتم الآية عن ظاهرها وأوَّلتموها وهذا حُجة ٌعليكم لنا في تأويلنا لأنكم قلتم إنه معنا بعلمه لأن معنا بذاته لايمكن نكم ان يكون معنا بذاته حالاً في الأرض وفي كل مكان نقعُ فيه.كذلك في قوله في سورة المجادلة"
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ".
الآية 7 من سورة المجادلة (وهي السورة رقم 58 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 543 والجزء 28 والربع الأول من الحزب 55

قالوا:فقوله"
إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا"ظاهره أنه معهم في أمكنتهم وأنتم ياأهل السُنة تقولون أنه معهم بعلمه وليس بذاته فأخرجتم الآية عن ظاهرها.فكيف تُخرجون ماشِئتم من النصوص عن ظاهرها ثم تُنكرون علينا ما أخرجناهُ من النصوص عن ظاهره؟وهل هذا إلاصيدٌ منكم.فإما أن توافقونا على ما أوَّلناه وإما أن تسكتوا عنا على الأقل. طيب إذن وجه كون ذلك مما لبَّسَ به أهلُ التعطيل أنهم يقولون إن ظاهرَ الآيتين أنه معنا بذاته في نفس المكان وأنتم أخرجتموهما عن هذا الظاهر إلى أنه معنا بعلمه وأن الذي معنا علمُهُ لانَفْسُهُ فهذا إخراجٌ للآية عن ظاهرها واضح الآن؟
المتن:
والجواب: أن الكلام في هاتين الآيتين حق على حقيقته وظاهره. ولكن ما حقيقته وظاهره؟
الشرح
نقول لهم:نحنُ لم نُخْرجْ الآيتين عن ظاهرهما ولا أخرجناهما عن حقيقتهما ونقول إن الله-سبحانه وتعالى-معنا على مايقتضيه ظاهرُاللفظِ ولكن نختلف معكم في ظاهراللفظ.فأنتم تقولون:إن ظاهره أنه مع خلقه معية ً تقتضي أنه مختلط ٌبهم وحالٌ في أمكنتهم.هذه دعوى مَنْ؟ دعوى أهلِ التعطيل يقولون إن ظاهر الآيتين أنَّ اللهَ-سبحانه وتعالى-معنا مختلط ٌبنا حالٌ في أمكنتنا كما تقول فلان مع فلان أين يكون فلان؟ في نفس المكان.إذن فظاهر الآيتين الكريمتين أنَّ اللهَ معنا في نفس المكان.يقولون هذا هوالظاهر.نحنُ نقولُ لهم:ليس هذاهو الظاهرليس هذا هو ظاهرُ الآيتين أبداً.ولهذا نقول
المتن:
هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله - تعالى - مع خلقه معية تقتضي أن يكون مختلطاً بهم، أو حالاً في أمكنتهم؟
أو يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله - تعالى - مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم: علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وتدبيراً، وسلطاناً، وغير ذلك من معاني ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه؟
الشرح

أيُّ القولينِ يُقال في الآية؟الثاني قطعاً لأن الله-سبحانه وتعالى-في نفس الآية في سورة الحديد:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ..." وأين العرش؟ في العلو فوق كل المخلوقات"يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَايَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
"(لوقلنا معنا في مكاننا لكان الآية ُيُناقض آخرها أولها لأن أولها يقول"
ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ.."وآخرها يقول "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ"فلوقلنا إنه معنا بذاته في الأرض تناقضت الآية وصار آخرها مُناقضاً لأولها. لكننا نقول الآية تدلُ على أن اللهَ معنا وإن كان في السماء مستوياً على العرش ولامانع من أن يكون معنا وهو مستوٍ على العرش لأن معية الله-سبحانه وتعالى-ليست كمعية المخلوق للمخلوق بل هي معية ٌتليقُ بجلاله-سبحانه وتعالى -لاتشبه أو لاتُماثل معية المخلوق للمخلوق.كما أن علمَه ليس كعلم المخلوق وقدرَتَه ليست كقدرةِ المخلوق فكذلك معيته ليست كمعيةِ المخلوق فجائز أن يكون معنا حقيقة هو نفسه وهوفي السماء ولامانع من ذلك لأن اللهَ مُحيط ٌبكل شيءٍولايُمكن أبداً أن تصفَ اللهَ تعالى أو تظن أن صفات الله كصفات المخلوق.ألم تعلم أن الله يقول لكلِ مُصلٍ إذا قال"الحمدُ للهِ ربِ العالمين"قال:حمدني عبدي وإذا قال"الرحمن الرحيم"قال:أثنى علي عبدي وإذا قال "مالكِ يوم الدين"قال:مجدني عبدي وإذا قال"إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعين"قال:هذا بيني وبين عبدي نصفين..إلى آخر الحديث.كم مِن مُصلٍ في العالم يقول هذه الكلمة وصاحبه يقولها في نفس اللحظة؟ نعم كثير ولنفرض أننا في الحرم المكي كم يُقدر الذين في الحرم ؟يصلون خمسة عشرة الف س في الحج أو العمرة؟المهم إذا امتلأ الحرم والأرواق اللي فيه يمكن تبلغ خمسة عشرة ألف كلهم يقولون"الحمدُ للهِ ربِ العالمين"وكلهم يُقالُ لهم:حمدني عبدي.هل يمكن أن يُتصور أن يقع هذا من مخلوق؟لو كان كل واحد يتكلم كل اللي يُخاطبونا؟يقدر يكلم اللي يُخاطبونا كلهم في لحظة واحدة؟ مايقدر.فصفات الله-سبحانه وتعالى-لايمكن أن تُقاس بصفات المخلوقين أبداً.فإذا قلنا:إن اللهَ معنا هونفسه وهوفي السماء فلامانع بل هذا هو الواجب وذلك لدلالة الكتاب والسُنة عليه.هذه المعية ماتقتضي أن يكون معنا مُختلطاً فينا أو حالاً في أمكنتنا كما يقوله حلولية الجهمية. حلولية الجهمية أخطئوا في فهم الآية حيث ظنوا أنه معنا مختلطاً بنا حتى أنهم يقولون:إنه مختلط ٌفي الإنسان وفي .... وحالٌّ في أمكنتنا وهذا ولاشكٌ إنه كفرٌ
على كل حال نقول ليس معنى الآية كما زعم هؤلاء أنه مختلط ٌبالخلق وأنه حالٌ بأمكنتهم بل إنه-سبحانه وتعالى-معهم معية حقيقية تقتضي الإحاطة بهم علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وغير ذلك. فعلى هذا هل نحنُ أخرجنا الآية عن ظاهرها؟ أبداً لم نُخرج الآية عن ظاهرها ولم نتأوَّلها حتى لو قال قائلٌ:إنَّ من السلف من فَسَرَ المعية َ بالعلم وقال"وهومعهم"أي وهوعالمٌ بهم.وهذا ولاشك إخراجٌ لها عن ظاهرها لأن هناك فرقٌ بين قوله: "وهو معهم"وبين قوله:"وهوعالمٌ بهم"فرق كبير لأن المعية أشملُ دلالة من العلم فهي تقتضي العلم والسمع والبصروالقدرة والسلطان والتدبير والتصرف إلى مالانهاية َله من معاني الربوبية والعلمُ معنىً خاصٌ.
نقول:إذا كان بعضُ السلف فسرها بهذا فقد فسرها ببعض لوازمها.والتفسير باللازم أوبعض اللازم لايمنع من التفسير بدلالة المطابقة لأن أنواع الدلالات كم؟ثلاثة: مطابقة وتضمن والتزام.فهب أنهم فسروها بالعلم فإن ذلك لايقتضي أن يكون إخراجاً لها عن ظاهرها لأن العلم من بعض لوازمها والتفسيرُ باللازم تفسيرٌ بمدلول اللفظ لأن مدلول اللفظ إما أن يكون داخلاً في دلالة التضمن أودلالة المطابقة أودلالة الالتزام.ثم إنهم هم يُخاطبون قوماً يقولون إن اللهَ معنا بذاته مختلطاً بنا وحالاً في أمكنتنا فيريدون أن يُبيِّنوا للناس أن هذا المعنى باطلٌ.وقدأشارإلى ذلك عبدالله ابن المبارك-رحمه الله-حيثُ قال:لانقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض.فبيَّنَ أن المرادَ بذلك نفيُ ماادعوه من كونه معنا في نفس المكان فإن هذا باطلٌ ولايمكن أن يُقره عقلٌ فضلاً عن شرع.فصار احتجاج هؤلاء المعطلة علينا أو أهل التأويل بما فسره بعضُ السلف من"العلم" احتجاجٌ أيضاً باطلٌ حتى لو فسرناها بالعلم وجهُ ذلك أن العلمَ بعضُ اللوازم والتفسيرُ باللازم تفسيرٌ صحيحٌ ولكنه لاينفي التفسير بدلالة المطابقة.وقد صرحَ شيخُ الإسلام ابن تيمية كما سيأتي أظن هنا في العقيدة الواسطية:أنَّ اللهَ-سبحانه وتعالى-معنا حقٌ على حقيقته وأنه لايحتاجُ إلى تحريفٍ ولكن يُصان عن الظنون الكاذبة

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-07-2013 الساعة 08:43 PM