الموضوع: مقت النفس
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-30-2012, 01:57 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,042
افتراضي

شرح الحديث
من
صحيح مسلم بشرح النووي


فَأَمَّا حَدِيث عَمْرو فَنَتَكَلَّم فِي إِسْنَاده وَمَتْنه ثُمَّ نَعُود إِلَى حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا . ‏
‏أَمَّا إِسْنَاده فَفِيهِ
‏( مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى الْعَنَزِيّ ) ‏
‏بِفَتْحِ الْعَيْن وَالنُّون , ‏
‏وَ ( أَبُو مَعْن الرَّقَاشِيّ ) ‏
‏بِفَتْحِ الرَّاء وَتَخْفِيف الْقَاف اِسْمه زَيْد بْن يَزِيد , ‏
‏وَ ( أَبُو عَاصِم ) ‏
‏هُوَ النَّبِيل وَاسْمه الضَّحَّاك بْن مُخَلَّد , و ‏
‏( اِبْن شَمَاسَة الْمَهْرِيّ ) ‏
‏وَشَمَاسَة بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة فِي أَوَّله بِفَتْحِهَا وَضَمّهَا ذَكَرهمَا صَاحِب الْمَطَالِع وَالْمِيم مُخَفَّفَة وَآخِره سِين مُهْمَلَة ثُمَّ هَاء وَاسْمه عَبْد الرَّحْمَن بْن شَمَاسَة بْن ذِئْب أَبُو عَمْرو , وَقِيلَ : عَبْد اللَّه وَ ( الْمَهْرِيّ ) بِفَتْحِ الْمِيم وَإِسْكَان الْهَاء وَبِالرَّاءِ . ‏

*‏وَأَمَّا أَلْفَاظ مَتْنه فَقَوْله : ‏

‏( فِي سِيَاقَة الْمَوْت ) ‏

‏هُوَ بِكَسْرِ السِّين أَيْ حَال حُضُور الْمَوْت . ‏


‏قَوْله : ( أَفْضَل مَا نُعِدُّ ) ‏

‏هُوَ بِضَمِّ النُّون . ‏


‏قَوْله : ( كُنْت عَلَى أَطْبَاق ثَلَاث ) ‏

‏أَيْ عَلَى أَحْوَال . قَالَ اللَّه تَعَالَى :

{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ }

فَلِهَذَا أَنَّثَ ثَلَاثًا إِرَادَة لِمَعْنَى أَطْبَاق . ‏


‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( تَشْتَرِط بِمَاذَا ) ‏

‏هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ بِمَا بِإِثْبَاتِ الْبَاء فَيَجُوز أَنْ تَكُون زَائِدَة لِلتَّوْكِيدِ كَمَا فِي نَظَائِرهَا , وَيَجُوز أَنْ تَكُون دَخَلَتْ عَلَى مَعْنَى تَشْتَرِط وَهُوَ تَحْتَاط أَيْ تَحْتَاط بِمَاذَا . ‏


‏وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( الْإِسْلَام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله ) ‏

‏أَيْ يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره . ‏


‏قَوْله : ( وَمَا كُنْت أُطِيق أَنْ أَمْلَأ عَيْنَيَّ ) ‏

‏هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاء مِنْ عَيْنَيَّ عَلَى التَّثْنِيَة . ‏

‏وَفِي قَوْله : ‏

‏( فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَة وَلَا نَار ) ‏

‏اِمْتِثَال لِنَهْيِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ . وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاء ذَلِكَ . فَأَمَّا النِّيَاحَة فَحَرَام . وَأَمَّا اِتِّبَاع الْمَيِّت بِالنَّارِ فَمَكْرُوهٌ لِلْحَدِيثِ . ثُمَّ قِيلَ : سَبَب الْكَرَاهَة كَوْنه مِنْ شِعَار الْجَاهِلِيَّة . وَقَالَ اِبْن حَبِيب الْمَالِكِيّ : كَرِهَ تَفَاؤُلًا بِالنَّارِ . ‏


‏قَوْله : ( فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَسُنُّوا

عَلَيَّ التُّرَاب سَنًّا ) ‏

‏ضَبَطْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَبِالْمُعْجَمَةِ , وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي : إِنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَة . قَالَ : وَهُوَ الصَّبّ , وَقِيلَ : بِالْمُهْمَلَةِ الصَّبّ فِي سُهُولَة , وَبِالْمُعْجَمَةِ التَّفْرِيق . وَفِي قَوْله

( فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَاب ) اِسْتِحْبَاب صَبّ التُّرَاب فِي الْقَبْر , وَأَنَّهُ لَا يُقْعَد عَلَى الْقَبْر بِخِلَافِ مَا يُعْمَل فِي بَعْض الْبِلَاد . ‏


‏وَقَوْله : ( قَدْر مَا يُنْحَر جَزُور ) ‏

‏هِيَ بِفَتْحِ الْجِيم وَهِيَ مِنْ الْإِبِل . ‏


‏أَمَّا أَحْكَامه فَفِيهِ عِظَمُ مَوْقِع الْإِسْلَام


وَالْهِجْرَة وَالْحَجّ ,


وَأَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهَا يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله مِنْ الْمَعَاصِي , وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب تَنْبِيه الْمُحْتَضَر عَلَى إِحْسَان ظَنّه بِاَللَّهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَذِكْر آيَات الرَّجَاء وَأَحَادِيث الْعَفْو عِنْده , وَتَبْشِيره بِمَا أَعَدَّهُ اللَّه تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ وَذِكْر حُسْن أَعْمَاله عِنْده لِيَحْسُنَ ظَنُّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَمُوت عَلَيْهِ .

وَهَذَا الْأَدَب مُسْتَحَبّ بِالِاتِّفَاقِ . وَمَوْضِع الدَّلَالَة لَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيث قَوْل اِبْن عَمْرو لِأَبِيهِ :

أَمَا بَشَّرَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا ؟

وَفِيهِ مَا كَانَتْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَيْهِ مِنْ

تَوْقِير رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْلَاله . ‏


‏وَقَوْله : ( ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْل قَبْرِي قَدْر مَا

يُنْحَر جَزُور وَيُقْسَم لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِس

بِكُمْ وَأَنْظُر مَاذَا أُرَاجِع بِهِ رُسُل رَبِّي ) ‏


فِيهِ فَوَائِد


*مِنْهَا إِثْبَات فِتْنَة الْقَبْر وَسُؤَال الْمَلَكَيْنِ

وَهُوَ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ ,


*وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب الْمُكْث عِنْد الْقَبْر

بَعْد الدَّفْن لَحْظَة نَحْو مَا ذَكَر لِمَا ذَكَر .


*وَفِيهِ أَنَّ الْمَيِّت يَسْمَع حِينَئِذٍ مَنْ حَوْلَ الْقَبْر , وَقَدْ يُسْتَدَلّ بِهِ لِجَوَازِ قِسْمَة اللَّحْم الْمُشْتَرَك وَنَحْوه مِنْ الْأَشْيَاء الرَّطْبَة كَالْعِنَبِ .

وَفِي هَذَا خِلَاف لِأَصْحَابِنَا مَعْرُوف .


قَالُوا : إِنْ قُلْنَا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْقِسْمَة تَمْيِيز حَقٍّ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ جَازَ ,


وَإِنْ قُلْنَا : بَيْعٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا

لَا يَجُوز لِلْجَهْلِ بِتَمَاثُلِهِ فِي حَال الْكَمَال

فَيُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا ,

وَالثَّانِي يَجُوز لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَال , فَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوز فَطَرِيقهَا أَنْ يُجْعَل اللَّحْم وَشِبْهه قِسْمَيْنِ ثُمَّ يَبِيع أَحَدهمَا صَاحِبه نَصِيبه مِنْ أَحَد الْقِسْمَيْنِ بِدِرْهَمٍ مِثْلًا , ثُمَّ يَبِيع الْآخَر نَصِيبه مِنْ الْقِسْم الْآخَر لِصَاحِبِهِ بِذَلِكَ الدِّرْهَم الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَيَحْصُل لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْمٌ بِكَمَالِهِ . وَلَهَا طُرُق غَيْر هَذَا لَا حَاجَة إِلَى الْإِطَالَة بِهَا هُنَا . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏

تعقيب
عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذلك كان حالهم وخوفهم من
الآخرة رغم ما قدموه وبذلوه من تضحيات وجهاد في
سبيل الله وإيثار للآخرة الباقية وزهدهم في الدنيا
الفانية عندما انفتحت لهم فلم تدخل قلوبهم بل كانت
تحت أقدامهم ومع ذلك كانوا أشد خوفنا من الحساب
والقبر ولقاء الملكين ... بينما نحن الآن رغم قلة أعمالنا الصالحة وحرصنا على الدنيا وزهدنا في الآخرة أكثر اطمئنانا منهم رضي الله عنهم
ولا حول ولا قوة إلا بالله نسأل الله ان يرحمنا برحمته ويرعانا برعايته ويحفظنا بحفظه ويثبتنا على القول الثابت في الدنيا والآخرة



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 11-30-2012 الساعة 03:37 AM
رد مع اقتباس