عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 08-20-2020, 11:34 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي


🍂🍃1⃣4⃣🍃🍂

وقوله: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} [سورة الأنعام: ١٥٦] ، أي: كراهة أن تقولوا.
وتارة يأتي بفاء السببية كقوله: {فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} [سورة الشمس: ١٤] .
وقوله: {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} [سورة الحاقة: ١٠] .
وقوله: {فكذبوهما فكانوا من المهلكين} المؤمنون: ٤٨] .
وتارة يأتي بأداة [لما] الدالة على الجزاء، كقوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [سورة الزخرف: ٥٥] .
ونظائره.
وتارة يأتي بإن وما عملت فيه، كقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} [سورة الأنبياء: ٩٠] .
وقوله في ضوء هؤلاء: {إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين} [الأنبياء: ٧٧] .
وتارة يأتي بأداة " لولا "، الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: {فلولا أنه كان من المسبحين - للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [سورة الصافات: ١٤٣ - ١٤٤] .
وتارة يأتي " بلو " الدالة على الشرط كقوله: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم} [سورة النساء: ٦٦] .
وبالجملة فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بل ترتيب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال.
ومن تفقه في هذه المسألة وتأملها حق التأمل انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلا منه، وعجزا وتفريطا وإضاعة، فيكون توكله عجزا، وعجزه توكلا،


🍂🍃1⃣5⃣🍃🍂

بل الفقيه كل الفقه الذي يرد القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر، بل لا يمكن لإنسان أن يعيش إلا بذلك، فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر.
والخلق كلهم ساهون في دفع هذا القدر بالقدر، وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وزان القدر المخوف في الدنيا وما يضاده سواء، فرب الدارين واحد وحكمته واحدة لا يناقض بعضها بعضا، ولا يبطل بعضها بعضا، فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها، ورعاها حق رعايتها، والله المستعان.
لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه.
أحدهما: أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم، وما جربه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديما وحديثا.
التاريخ تفصيل لما جاء عن الله
ومن أنفع ما في ذلك تدبر القرآن فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة، ثم السنة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني، ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا، وبعد ذلك إذا تأملت أخبار الأمم، وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته، طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة، ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به، ووعد به، وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة، فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃
رد مع اقتباس