عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 03-11-2017, 01:48 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
y


المجلس الحادي والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
شيخ الإسلام ابن تيمية
هو الإمام الربَّاني، الفقيه المجتهد، المجدِّد، بحْر العلوم العقلية والنقلية، شيخ الإسلام، تقي الدين، أبو العباس، أحمد بن الشيخ الإمام شهاب الدِّين أبي المحاسن عبدالحليم بن الشيخ الإمام مجد الدين أبي البركات عبدالسلام بن أبي محمَّد عبدالله بن أبي القاسم الخَضر بن محمَّد بن تيميَّة بن الخضر بن علي بن عبدالله النميري.
لقبه: لُقِّب بشيخ الإسلام، وبابن تيمية.
إنَّ لقب تيمية: إنما هو لجَدِّه محمد بن الخضر، وسببه قولان: "فقيل: إنَّ جَده محمد بن الخضر حجَّ على درْب تيماء -بلدة بين الشام ووادي القُرى في طريق حجاج الشام-، فرأى هناك طفلةً فلما رجع وجد امرأته قد ولدتْ له بنتًا فقال: يا تيميَّة - يا تيمية، وقيل: إنَّ جده محمدًا كانت أمُّه تسمَّى تيمية، وكانت واعظةً، فنُسب إليها، وعرف بها"؛ الإمام مرعي الكرمي، الكواكب الدرية، (ص: 52) بتصرف.
، وغالبًا ما يُجمع بينهما فيقال: شيخ الإسلام ابن تيمية.
كنيته: كني بأبي العباس، مع أنه لم يتزوَّج؛ ذلك أنَّه من السُّنة أن يكنى المسلِم، ولو لم يُولد له، أو كان صغيرًا؛ لحديث عائشة أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -: أنها قالت للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، كل نسائك لها كُنية غيري، فقال لها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -"اكتني بابنِك عبدالله -يعني: ابنَ الزبير- أنت أمُّ عبدالله" صحيح: رواه الإمام أحمد في مسنده (6/151)، 186)، وصحَّحه الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، (1 ص 45)، رقم (132).
، ولقول أنس - رضي الله عنه -: إنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل فرأى ابنًا لأبي طلحةَ، يُقال له: أبو عُمَير، وكان له نُغَير يلعب به، فقال"يا أبا عُمير، ما فعَل النُّغَير؟".رواه البخاري، (16/479 - 480 فتح) رقم (6203)، وبوَّب عليه الإمام البخاري في كتاب الأدب بابًا بعنوان: الكُنية للصبي وقبل أن يُولَد للرجل، ورواه مسلم (4/1692 - 1694) رقم (2150).
*الاسم: أحمد تقي الدين بن شهاب الدين عبدالحليم بن أبي البركات مجد الدين بن تيمية، الحرَّاني، الدمشقي -أبو العباس- .
*ولادته: ولد بحرَّان يوم الإثنين 10 من شهر ربيع الأول سنة 661 هـ.
* انتقل مع والده من حرَّان إلى دمشق، وكان عمره سبع سنوات، وذلك بعد إغارة التتر على حرَّان.
-كانت أولى أعمال ابن تيمية في تعليم القرآن الكريم، فقد كان يعلم الناس كيفية قراءة القرآن وحفظه، كما أنه أتم حفظ القرآن الكريم منذ سن صغيرة، واهتم بعد ذلك في تعلم علوم الفقه والتفسير، وبدأ في البحث في مثل هذه الأمور، وبعد أن بلغ من العمر سبعة عشر عامًا بدأ في جمع وتأليف ملاحظاته في بعض الكتب-
* تُوفِّي والدُه وعمره 22 سنة، سنة 682هـ.
قام مقام والدِهِ في مشيخة التدريس في هذه السن المبكرة، بدار الحديث السكرية في 2 المحرم 683هـ، وحضر درسَه كبار علماء دمشق.
هنا ..
من تلاميذه :

الإمام ابن قيِّم الجوزية، والإمام الذهبي، والإمام ابن كثير، والحافظ البزار، والإمام ابن عبدالهادي ، والشيخ الواسطي ، والشيخ ابن الوردي ، والشيخ ابن رشيق ، والإمام ابن مُفلِح ، وغيرهم الكثير والكثير، والذين قد حملوا عِلمَه، وسلَكوا منهاجَه في تبليغ الشريعة.
وبالنظر إلى تلاميذ هذا الإمام العملاق، تظهر منزلتُه، ويبين قدرُه، فإذا كان تلاميذه أئمة، ولهم من العلم ما لهم مِن تآليف، وتولٍّ لقضاء أو إصلاح، فكيف يكون قدرُ أستاذهم وشأنه؟!
إنَّه بحر لا ساحلَ له، وموسوعةٌ عِلمية ومكتبية متنقِّلة، مع العلم والعمل، والزهد وترْك المناصب، واللهج بذِكْر الله - عز وجل - والدعوة إلى نُصْرة شرْعه بنفسه ورُوحه وماله كله، وهذا معروفٌ وواضح من أحواله، بما ترجم له مَن رآه، أو رأى مَن رآه، وبما تواترتْ أخباره بيْن ناقليها مِن جميع فئات شعبي دمشق ومصر، وبما ترَك خلفَه من آثار: سواء في تلاميذ، أو كتب، أو إصلاح.

عقيدته ومذهبه:
عقيدته: عقيدة الإمام ابن تيمية التي يعتقِدها هي عقيدة السلف الصالح: أهل السنة والجماعة، المتمثِّلة في القرون الثلاثة الأولى، على ما كان عليه النبيُّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله"خير أمَّتي قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".رواه البخاري (10/517 - 518 فتح)، رقم (3650)، ومسلم (4/1962- 1964) رقم (2533-2535).
، فلا علاقة لمعتقده بشخصٍ معيَّن، ولا بمذهب معيَّن، لا حنبلي ولا غيره؛ بل بما جاء في كتاب الله - عز جل - وبما ثبَت في صحيح السنة النبوية المطهَّرة، وتفسير لما فيها بما ثبت عن الصحابة الكِرام، وعن تابعيهم بإحسانٍ من تلك القُرون الثلاثة الفاضلة، ومع أنَّ إمامه في الفقه هو الإمام أحمد بن حنبل، فإنَّ الإمام ابن تيمية لم يَدْعُ أحدًا قط إلى الْتزام العقيدة على منهج الحنابلة؛ بل كان يدعو إلى الْتزام معتقد السلف الصالح، وقد أبان ذلك هو بنفسه إذ قال "أما الاعتقاد، فإنَّه لا يُؤخذ عني ولا عمَّن هو أكبرُ مني؛ بل يؤخذ عن الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وما أجمع عليه سلفُ الأمَّة، فما كان في القرآن وجَب اعتقادُه، وكذلك ما ثبَت في الأحاديث الصحيحة، مثل صحيحي البخاري ومسلم... وكان يَرِدُ عليَّ مِن مصر وغيرها مَن يسألني عن مسائلَ في الاعتقاد أو غيره، فأُجيبه بالكتاب والسُّنة، وما كان عليه سَلفُ الأمة" الإمام ابن عبدالهادي، العقود الدرية، (ص: 170) بتصرف، الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، (3/161).
، وقد كتَب الإمام ابن تيمية هذه العقيدةَ التي يَدين اللهَ بها حينما طُلِب منه أن يَكتبها، فكتبَها فيما بيْن الظُّهر والعصرالإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، (3/194)، وهذه العقيدة هي:
الإيمانُ بالله وملائكته، وكُتبه ورسله، والبعْث بعد الموت، والإيمان بالقَدر خيره وشرِّه، وإثبات معيَّة الله لخلْقه، وأنها لا تُنافي علوَّه فوقَ عرْشه، ورؤية المؤمنين لربِّهم يومَ القيامة.
ومِن الإيمان بالله تعالى: الإيمانُ بكلِّ الأسماء والصفات الواردة في الكتاب وصحيح السنة، ثم الإيمان بالقُرآن الكريم، وأنَّه كلام الله، منزَّل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنَّ الله تكلَّم به حقيقة، وأنَّ هذا القرآن الذي أنزله على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو كلام الله حقيقة، لا كلام غيره.
ثم الإيمان باليوم الآخِر، وما يكون فيه من أمورٍ بعد هذه الفِتنة، إمَّا نعيم وإمَّا عذاب، إلى أن تقومَ القيامة الكبرى، فتُعاد الأرواح إلى الأجساد، ثم تقوم القيامة، فيقوم الناس مِن قبورهم لربِّ العالمين حفاةً عراةً غرلاً، وتدنو منهم الشمس، ويُلجمهم العرق، وتُنصب الموازين، فتوزَن بها أعمالُ العباد، وتنشَر الدواوين، ثم الإيمان بالحِساب.
والإيمان بحوْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي من شرِب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا، والإيمان بالصِّراط، وهو منصوبٌ على متْن جهنم: وهو الجِسر الذي بين الجَنَّة والنار، يمرُّ الناس على قدْر أعمالهم، فمَن مرَّ على الصِّراط، دخَل الجنة، فإذا عبَرُوا عليه وقفوا على قنطرة بيْن الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم مِن بعض، فإذا هُذِّبوا ونُقُّوا، أُذِن لهم في دخول الجَنَّة، وأوَّل مَن يَستفتح بابَ الجنة محمَّدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأوَّل مَن يدخل الجنة مِن الأمم أمَّتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في القيامة ثلاثُ شفاعات:
الأولى: يشفع في أهْل الموقف حتى يُقضى بينهم، بعد أن يتراجع الأنبياءُ عنها؛ آدم فمَن بعده، حتى تنتهي إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
الثانية: يشفع في أهل الجَنَّة أن يدخلوها.
الثالثة: يشفع فيمَن استحقَّ النار، وهذه الشفاعة لـه ولسائرِ النبيِّين والصِّدِّيقين وغيرهم، فيشفع فيمَن استحق النار ألاَّ يدخلها، ويشفع فيمَن دخلها أن يخرج منها.
كما يعتقد أنَّ الإيمان قولٌ وعمل، يَزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو متَّبع لمعتقد أهل السُّنة والجماعة؛ الفرْقة الناجية، في عدم تكفير أهْل القِبلة بمُطلق المعاصي والكبائر؛ بل الأُخوَّة الإيمانية ثابتةٌ مع المعاصي.

ومما يعتقده: وجوب سلامة القلْب واللِّسان لأصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويتولَّى آل بيت رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويحبُّهم، كما يتولَّى أزواج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمهات المؤمنين، وأنهنَّ أزواجه في الدنيا وفي الآخرة، كما أنَّه يُمسك عما شجَر بين الصحابة - رضي الله عنهم - لأنَّ الآثار المروية في مساويهم: منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيدَ فيه ونقص وغُيِّر عن وجهه.
والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مُصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، مع الاعتقاد بأنَّ كل واحد من الصحابة ليس بمعصومٍ عن كبائر الإثم وصغائره، لكن لهم من السوابق والفضائل ما يُوجِب مغفرةَ ما يصدر منهم إنْ صدر، حتى إنهم يُغفر لهم من السيئات ما ليس لمَنْ بعدَهم، أو بتوبة أو شفاعة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي هم أحقُّ الناس بشفاعته، أو ابتُلي ببلاء في الدنيا كفِّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحقَّقة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين؟!
وأنَّهم خيرُ البشر بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمَّة التي هي خيرُ الأمم، وأكرمُها على الله.
وهو تابع لأهل السُّنة بأنهم يَدينون بالنصيحة للأمَّة، والصبر عند البلاء، والشُّكر عند الرخاء، والرضا بمرِّ القضاء، ويدْعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والعفو عمَّن ظلم، ويدْعون إلى برِّ الوالدين، وصِلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين، والبُعد عن الأخلاق السيِّئة؛ كل ذلك اتباعًا للكتاب والسنة، وتطبيقًا للشريعة التي بُعِث بها محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وله عبارات رقراقة ومن هذه العبارات:


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 04-04-2017 الساعة 04:40 AM
رد مع اقتباس