عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 01-15-2017, 01:32 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
المجلس الرابع عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
تابع لا عيش إلا عيش الآخرة
زهد وورع البخاري
التعريف به
وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَردِزبَة الجعفي البخاري ، كان جدُّهُ المغيرة مولى لليمان الجعفي والي بخارى ، فانتسب إليه بعد إسلامه . ولد ببخارى سنة 194 هـ ونشأ يتيمًا و أخذ يحفظ الحديث وهو دون العاشرة ولما شب قام برحلة فقصد مكة وأدى فريضة الحج وبقي في مكة زمنًا يتلقى العلم على أئمة الفقه والأصول والحديث, ومن ثَم بدأ يرحل ويتنقل من صقع إسلامي إلى آخر على مدى ستة عشرة سنة كاملة , طاف فيها بكثير من حواضر العلم يجمع فيها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع ما يزيد على 600.000 حديث ورجع إلى ألف محدث وناقشهم فيها وكانوا ممن عُرفوا بالصدق والتقوى وصحة العقيدة , ومن هذه الجملة الكبيرة من الأحاديث انتقى كتابه الصحيح متبعًا في بحثه عن صحتها أدق الأساليب العلمية , في البحث والتنقيب وتمييز الصحيح من السقيم ، وانتقاء الرواة حتى أودع كتابه أصح الصحيح ، ولم يستوعب كل الصحيح . واسماه " الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " .
وأراد أمير بخارى أن يأتي البخاري إلى بيته ليعلّم أولادَه ويُسمعهم الحديث , فامتنع البخاري وأرسل إليه " في بيته يؤتى العلم" أي أن العلم يؤتى ولا يأتي ومن أراد العلماء فليذهب إليهم في المسجد والبيوت ، فحقد عليه وأمر بإخراجه من بخارى , فنزح إلى قرية "خرتنك" القريبة من "سمرقند) وفيها له أقارب , فأقام فيها إلى أن مات سنة 256 هـ عن 62 عاما. رحمه الله رحمة واسعة .الإسلام سؤال وجواب .

كبيرُ الحفَّاظ وإمام الأئمَّة, أمير المؤمنين في الحديث, الحافظ الحفيظ الشَّهير, المميز الناقد البصير, فخر الأمة, الإمام الهمام الذي شهدت بحفظه العلماء الأثبات, واعترف بضبطه المشايخ الثّقات, حجة الإسلام وعلمه المقدم, العالم العامل الكامل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريِّ.
وُلِدَ الإمام البخاريُّ يومَ الجمعة بعدَ الصلاة لثلاث عشرة ليلةٍ خلت من شوال سنة 194هـ بمدينة بخارى, وكان أسمرَ نحيف الجسد ليس بالطويل ولا بالقصير.
بيئته العلمية وأثرها عليه
البخاريُّ كما قال عنه القسطلانيُّ أحدُ شراح صحيحه: "قد ربا في حجر العلم، حتى ربا, وارتضع ثدي الفضل, فكان على هذا اللبا".
فلا شكَّ أنَّ طيب أصل البخاريِّ وبيئته العلميَّة الخالصة كان له أثرٌ كبير وخطير في توجه البخاري في حياته, فأبوه إسماعيل بن إبراهيم كان من الثِّقات، سمع من مالك وحمَّاد بن زيد وابن المبارك, وأمُّه كانت من العابدات الصالحات, صاحبةَ كرامات عظيمة, فقد كفَّ بصرُ البخاريِّ وهو طفل صغير، فقامت تدعو وتُصلِّي وتبكي وتبتهل, حتى رد الله -عزَّ وجلَّ- بصر ولدها، وذلك من كمال حكمته -عزَّ وجلَّ- لما كان ينتظر هذا الصبيَّ من مستقبلٍ مبهر في سماء العلوم والمعارف.
وقد مات أبوه وهو في ريعان شبابه, فنشأ البخاريُّ يتيمًا في حجر أمه, وكانت أمه عاقلة صالحة فدفعت به إلى طريق العلم والحديث منذ نعومة أظافره, وقد لاحظت أمُّه أنه يمتلك حافظة فريدة, فدفعت به إلي حِلَق السَّماع وهو في سن السابعة, وقيل وهو في سن العاشرة, فكان يجلسُ إلى المعلم في الكُتَّاب حتى العصر، بعدها ينطلقُ إلي مجلس الإمام الداخليِّ من كبار محدثي بخارى، ليسمع منه الحديث ويكتبه.
ظهرت أولى علامات نبوغه ونجابته المبكرة، وهو في سن الحادية عشرة عندما أصلح رواية حديثٍ لشيخه الدَّاخلي, ورجع الداخليُّ لقوله, ولما بلغ السادسة عشر كان قد حفظ كتبَ ابن المبارك ووكيع

أخلاقه وعبادته
من الأمور الثَّابتة في سجل علماء الأمة الربَّانيِّين, أن لن تجد أحدًا منهم مسرفًا على نفسه, أو مفرطاً في حق ربِّه, أو سيئ الأخلاق مع الناس, فعلماءُ الأمة الكبار وأئمَّتها الأعلام قد كمُل حالهم علمًا وعملاً وخلقًا وديانة, والبخاريُّ على نفس الدرب يسير, فلقد كان زاهدًا عابدًا كريمًا سمحًا متواضعًا شديد الورع.
قال ابنُ مجاهد: "ما رأيتُ بعينيَّ منذ ستين سنةً أفقهَ, ولا أورعَ ولا أزهدَ في الدنيا من محمد بن إسماعيل", فقد كان البخاريُّ يأتي عليه النهار, فلا يأكل فيه شيئًا سوى لوزتين أو ثلاثة, كان ذات مرةٍ بالبصرة فنفدت أمواله، فمكث في بيته عدة أيام لم يخرج، لأنه لم يجد ما يسترُ به بدنه, ورغم زهده ورقَّة حاله، إلا أنه كان جوادًا سمحًا كثير الصَّدقة, واسعَ الصَّدر, عظيم الاحتمال, سهل الجناب, يُقابل الإساءة بالإحسان, يترك كثيرًا من الحلال خشية الشُّبهة والوقوع في الحرام, والأمثلة على ذلك كثيرةٌ، ومنها:
أنَّه كان في بيته ذاتَ مرَّة, فجاءت جاريتُه، وأرادت دخولَ المنزل, فعثرت على محبرة بين يديه, فقال لها كيف تمشين؟ قالت: إذا لم يكن طريق, كيف أمشي؟ فبسط يديه, وقال: اذهبي, فقد أعتقتك, فقيل له: يا أبا عبد الله, أغضبتك الجارية؟ فقال: إن كانت أغضبتني, فقد أرضيتُ نفسي بما فعلت.
قال البخاريُّ يومًا لأبي معشر الضَّرير: اجعلني في حِلٍّ يا أبا معشر, فقال: من أيِّ شيءٍ؟ فقال: رويتُ حديثًا, فنظرتُ إليك وقد أعجبتَ به وأنت تُحرِّك رأسك ويديك، فتبسَّمتُ من ذلك, قال: أنتَ في حِلٍّ, يرحمُك اللهُ يا أبا عبد الله.
قام يُصلِّي يومًا فلدغه زنبور سبعةَ عشر مرة, فلم يَقطع صلاته ولمَّا عوتب في ذلك، قال: كنت في سورةٍ, فأحببتُ أن أُتِمَّها, وكان يُصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة, أما في رمضان فكان له نهجُه التعبديُّ الخاص به, فقد كان يجتمع إليه أصحابه, فيُصلي بهم, ويقرأُ في كل ركعة عشرين آية, وكذلك إلى أن يختم القرآن, وكان يقرأ في السَّحر, ما بين النِّصف إلى الثُّلث من القرآن, فيختم عند السَّحر, في كلِّ ثلاث ليال, وكذلك يختمُ بالنَّهار في كل يومٍ ختمة, ويكون ختمُه عند الإفطار كلَّ ليلة، ويقول: عند كلِّ ختمةٍ دعوةٌ مستجابة.
كان البخاريُّ رغم مكانته العلمية السامقة، وانشغاله الدائم بالدرس والعلم والرحلة، إلا أنه كان يشترك في أمور المسلمين العامَّة وشئونهم الهامَّة, فلقد كان يُرابط بالثُّغور وينتظم في حلقات الرِّماية, ويحملُ فوق رأسه الآجُرَّ في بناء الربط.هنا.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-24-2017 الساعة 04:30 PM
رد مع اقتباس