عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-16-2015, 12:19 AM
الصورة الرمزية أم سليمان
أم سليمان أم سليمان غير متواجد حالياً
مشرفة ملتقى البراعم والأسرة المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 458
افتراضي

البابُ الثَّاني: بابُ الآنِيَـةِ:


والآنِيَةُ- يقولُ العُلَماءُ- هِيَ الوِعاءُ، وهِيَ مَعروفةٌ.

والفُقهاءُ بَعضُهم يَذكُرُ هذا البابَ في باب الطَّهارة؛
وذلك لأنَّ الأواني منها ما هو مُحرَّمٌ، ومنها ما هو نَجِسٌ،
والأصلُ فيها الإباحةُ والطَّهارةُ. لكنْ منها ما هو مُحرَّمٌ ونَجِسٌ،
فما حُكمُ استعمال هذه الأواني في الطَّهارة؟
فلهذا يَذكُرُ العُلَماءُ الأواني في هذا الباب.

وكذلك الأواني: هِيَ الظَّرْفُ الذي تُوضَعُ فيه المِياه.
ولهذا يذكرون الأواني في باب الطَّهارة.

وبَعضُ الفُقهاءِ يَذكُرُ بابَ الأواني في باب الأطعِمة؛ لالتصاقِهِ وتعلُّقِهِ بذلك الباب.

والمُؤلِّفُ- رَحِمَه الله- جَرَى على الأمر الأوَّل،
فذَكَرَ أحكامَ باب الآنيةِ في باب الطَّهارة.

أعطانا المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- قاعِدةً في هذا الباب،
فقال: [ وجَميعُ الأواني مُباحةٌ ].

فالأصلُ في جميع الأواني الإباحةُ والطَّهارةُ. ودليلُ هذا الأصل قولُ اللهِ تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ البقرة/29،
فهذه الآيةُ دَلَّت على أنَّ اللهَ سُبحانه أباحَ جميعَ ما في الأرض للناس.

إذًا يُباحُ اتِّخاذ واستعمال كُلِّ إناءٍ، سواءٌ كان مِن خَشَبٍ أو مِن جِلْدٍ
أو مِن صُفْرٍ (يعني نُحاس) أو مِن حَديدٍ، حتى لو كان الإناءُ ثمينًا- كالياقوتِ
والعقيق وغير ذلك من الأواني المصنوعةِ مِن الأشياءِ الثمينةِ- فإنَّه يُباحُ
اتِّخاذُها واستعمالُها، بِناءً على هذا الأصل، ولِعَدَمِ الدليل النَّاقِل عن هذا الأصل.
وهذا هو مَذهبُ جماهير العلَماءِ، ومنهم الأئمةُ الأربعةُ،
ولا يُستثنَى مِن هذا

الأصل إلَّا أواني الذَّهَبِ والفِضَّةِ.

ويَدخُلُ في الأواني المُباحة: أواني الكُفَّار؛ فتُباحُ آنيةُ الكُفَّار كُلِّهم،
ولو كانوا مِمَّن لا تَحِلُّ لنا ذبائِحُهم؛ يعني سواءٌ كانوا مِن أهل الكتاب،
أو لم يكونوا مِن أهل الكتاب. وكذلك يُباحُ لنا ثِيابُهم إذا جهلنا حالَها،
فهِيَ على الأصل جائِزةٌ حتى تُعلَمَ نَجاستُها,

ودليلُ إباحةِ أواني الكُفَّار أيضًا: الأحاديثُ الكثيرةُ التي جاء فيها
أنَّ النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابَه كانوا يَستعملون آنيةَ الكُفَّار،
ويَستعملون أمتِعَتَهم، ومِن ذلك: قِصَّةُ أكْلِهِ- صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن طعام
اليَهودِيَّةِ في غزوة خَيْبَر؛ فإنَّ اليَهودِيَّةَ لَمَّا دَعته إلى أكل الطعام، قَبِلَ منها
عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وذَهَبَ معه بَعضُ أصحابِهِ، فأكلوا مِن طعامها.
ولا شَكَّ أنَّ الطعامَ يكونُ موضوعًا في بَعض الأواني.
فالنبيُّ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- أكل مِن ذلك. وهذا دليلُ على إباحةِ طعامِهم،
على التَّفصيل المعروفِ عند أهل العِلمِ باختصاص المذبوح لأهل الكتاب،
وإباحةِ أوانيهم. وجاء في سُنَن أبي داود عن جابرٍ- رَضِيَ الله عنه- قال:
(( كُنَّا نغزو مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فنُصيبُ مِن آنيةِ المُشركين
وأسقيتِهم، فنستمتِعُ بها، فلا يعيبُ ذلك علينا ))
صحَّحه الألبانيُّ.(1)
كنَّا نغزو معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فنُصيبُ من آنيةِ
المشرِكينَ وأسقيتِهِم ، فنَستمتِعُ بِها فلا يعيبُ ذلِكَ عليهِم

الراوي : جابر بن عبدالله المحدث : الألباني
المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 3838
خلاصة حكم المحدث : صحيح
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة أم سليمان ; 05-16-2015 الساعة 12:27 AM