الموضوع: دروس من السيرة
عرض مشاركة واحدة
  #119  
قديم 01-19-2019, 11:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


📌(118) موقف الأنصار من اجتماع النبي مع غطفان

🌱 بعد اجتماع الرسول صلى الله عليه وسلم مع زعماء غطفان عقد اجتماعاً آخر مباشرة مع السعدين: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما، وعرض عليهما الاتفاق الذي وصل إليه مع زعماء غطفان

💡لكن انظر إلى ردهما والحكمة فيه، أول شيء قاله سعد بن معاذ رضي الله عنه: (يا رسول الله! هل هذا أمر تحبه فنصنعه، أم شيء أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيء تصنعه لنا؟).

💡وانظر إلى مدى الفهم والحكمة، لو كان أمراً من الله، أو شيئاً يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم عندها لا بد أن نطيع وننفذ، وإن كان رأياً بشرياً ترى أن فيه المصلحة للمدينة نعرض فيه رأينا

🌱 فقال صلى الله عليه وسلم: (بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم

🌱 فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله! قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها - أي: من المدينة المنورة - ثمرة واحدة إلا قرىً أو بيعاً -أي: ضيافة أو بيعاً-، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا به وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم)

🌱 وأعجب الرسول عليه الصلاة والسلام برأيه مع أن رأيه كان مخالفاً وقال: (أنت وذاك)

🌱 فلما سمع سعد بن معاذ ذلك أمسك الصحيفة ومحا ما فيها من الكتاب، ثم قال: ليجهدوا علينا، وأرسل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى زعماء غطفان يعلمهم برأي المجلس الاستشاري وهو رفض المساومة.

💡الحقيقة كان رأي السعدين في منتهى العمق والحكمة .
فليست المشكلة في صرف ثلث ثمار المدينة، لكن المشكلة أن غطفان ستحقق انتصاراً غير مقبول على الدولة الإسلامية، وسوف تهتز صورة الدولة الإسلامية أمام غطفان، بل ستهتز أمام الجزيرة العربية بكاملها، وهؤلاء ليسوا من الزعماء النبلاء الشرفاء، بل هم مرتزقة مأجورون، وسيفتح باب الابتزاز المستمر للمدينة المنورة، كلما أرادوا المال جاءوا وحاصروا المدينة المنورة

💡فهذه الوقفة الصلبة الجريئة لا شك أنها ستهز غطفان من الأعماق، خاصة أنهم لا يفكرون في أي شيء غير المال والدنيا، وطالب الدنيا ضعيف أمام طالب الآخرة.
ولا ننسى أن ديار غطفان قريبة من المدينة المنورة، وقريش آجلاً أو عاجلاً سترجع إلى مكة وديارها، أما غطفان فباقية؛ ولهذا لا بد أن نحافظ تماماً على صورتنا أمام غطفان

💡 فكان قرار السعدين في منتهى الحكمة، والرسول عليه الصلاة والسلام أقره دون تردد، وليعلم الجميع أن الشورى أصل من أصول الحكم في الإسلام، وكان من الممكن أن يوحي الله سبحانه وتعالى بهذا الرأي مباشرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن حدوث القصة بهذه الصورة يفتح للمسلمين أبواب الفكر والإبداع، وإبداء الرأي لمصلحة الأمة الإسلامية.

〰🌸🍃〰🌸🍃〰


🌷همسات الأوابين🌷
رد مع اقتباس